رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-276-8
الصفحات: ٥٠٩

فأُعتق ، وورث » (١) والحديث مروي في الفقيه.

وفي الموثق المروي فيه كذلك ، وفي الكافي والتهذيبين بسند فيه جهالة : مات مولى لعليّ عليه‌السلام ، فقال : « انظروا هل تجدون له وارثاً؟ » فقيل له : إنّ له ابنتين باليمامة مملوكتين ، فاشتراهما من مال الميت ، ثم دفع إليهما بقيّة الميراث (٢).

واحتمال التبرّع فيه وإن كان قائماً ، إلاّ أنّه بضميمة ما تقدّم من الأخبار الظاهرة في عدمه وكونه على الوجوب ليس محتملاً ، فتأمّل.

ومنه إن تم ينقدح وجه للاستدلال به على إلحاق مطلق الورثة ؛ لإطلاق قوله عليه‌السلام : « هل تجدون له وارثاً ».

مضافاً إلى دلالة كثير من المعتبرة المشار إليها بقوله : ( وبه رواية ضعيفة ) عليه ، منها المرسل كالموثق بابن بكير المجمع على تصحيح ما يصح عنه : « إذا مات الرجل ، وترك أباه وهو مملوك ، أو امّه وهي مملوكة ، أو أخاه أو أُخته ، وترك مالاً والميت حرّ ، يشترى ممّا ترك أبوه أو قرابته وورث الباقي من المال » (٣) ونحوه مرسل آخر (٤) مثله سنداً ومتناً.

والخبر : عن رجل مات ، وترك مالاً كثيراً ، وترك امّاً مملوكة ، وأُختاً مملوكة؟ قال : « تشتريان من مال الميت ، ثم تعتقان ، وتورثان » قلت‌ :

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٤٦ / ٧٩٥ ، الوسائل ٢٦ : ٥٤ أبواب موانع الإرث ب ٢٠ ح ١٢.

(٢) الكافي ٧ : ١٤٨ / ٨ ، الفقيه ٤ : ٢٤٦ / ٧٩١ ، التهذيب ٩ : ٣٣٣ / ١١٩٧ ، الإستبصار ٤ : ١٧٥ / ٦٥٩ ، الوسائل ٢٦ : ٥٢ أبواب موانع الإرث ب ٢٠ ح ٨.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٣٤ / ١٢٠٣ ، الإستبصار ٤ : ١٧٦ / ٦٦٥ ، الوسائل ٢٦ : ٥٣ أبواب موانع الإرث ب ٢٠ ح ٩.

(٤) الكافي ٧ : ١٤٧ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٣٤ / ١٢٠٢ ، الإستبصار ٤ : ١٧٦ / ٦٦٤ ، الوسائل ٢٦ : ٥٠ أبواب موانع الإرث ب ٢٠ ح ٣.

٢٦١

أرأيت إن أبى أهل الجارية ، كيف يصنع؟ قال : « ليس لهم ذلك ، وتقوّمان قيمة عدل ، ثم تعطى مالهم على قدر القيمة » (١) الحديث.

وضعف سنده بالجهالة ، ومتنه كسابقيه عن الدلالة بالأخصّيّة من المدّعى بالاختصاص ببعض القرابة ، مجبور بعمل أكثر الطائفة ، كما هو الظاهر من الفتاوى الظاهرة والمحكيّة ، وقد عرفته من حكاية الروضة المتقدّمة التي هي أرجح من حكاية الحلي الأكثرية على خلافه ؛ لكونها موهونة بعدم مصير أحد إلى ما ذكره ، عدا نادر من الطائفة (٢) ، مع كون باقي فتاوى القدماء والمتأخّرين على خلافه مطبقة. وبعدم القائل بالفرق بين الأُخت مثلاً وغيرها من القرابة بين الطائفة ، وبه صرّح في الروضة (٣).

وأمّا ما يتوهّم من القدح في الرواية الأخيرة بتضمّنها شراء الأُخت مع الامّ وإيراثها معها ، مع أنّه ممّا لا نقول به فمدفوع بأنّ الواو فيها بمعنى أو ، كما صرّح به جماعة (٤) ، وربما يرشد إليه قول الراوي : فإن أبى أهل الجارية ، فتدبّر ، فإذاً لا محيص عن هذا القول ولا مندوحة.

( وفي ) إلحاق ( الزوج والزوجة ) بمطلق القرابة في الحكم المزبور ( تردّد ) ينشأ : من الأصل المتقدّم إليه الإشارة.

ومن ورود الصحيح بإلحاق الزوجة فالزوج أولى ، مع أنّه لا قائل بالفرق بينهما جدّاً ، وفيه : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا مات الرجل وله امرأة‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٤٧ / ٦ ، التهذيب ٩ : ٣٣٣ / ١١٩٨ ، الإستبصار ٤ : ١٧٥ / ٦٦٠ ، الوسائل ٢٦ : ٥٠ أبواب موانع الإرث ب ٢٠ ح ٥.

(٢) راجع ص : ٢٥٦.

(٣) الروضة ٨ : ٤١.

(٤) المختلف : ٧٤١ ، مرآة العقول ٢٣ : ٢٢٠ ، الوسائل ٢٦ : ٥١ ، الوافي ٢٥ : ٨٤٥.

٢٦٢

مملوكة ، اشتراها من ماله ، فأعتقها ، ثم ورّثها » (١).

وفي الدلالة نظر ؛ لقيام احتمال التبرّع فيه ، فلا يمكن الاستدلال به على الوجوب.

مع أنّه معارض بصريح الصحيح الناصّ على عدم شراء الزوج من مال الزوجة ، رواه في الفقيه ، وفيه : عن مملوك رجل أبق منه ، فأتى أرضاً فذكر لهم أنّه حرّ من رهط بني فلان ، وأنّه تزوّج امرأة من أهل تلك الأرض فأولدها ، ثم إنّ المرأة ماتت ، وتركت في يده مالاً وضيعة وولدها ، ثم إنّ سيّده أتى تلك الأرض ، فأخذ العبد وجميع ما في يده وأذعن له العبد بالرق؟ فقال : « أمّا العبد فعبده ، وأمّا المال والضيعة فإنّه لولد المرأة الميتة ، ولا يرث عبد حرّا » قلت : جعلت فداك ، فإن لم يكن للمرأة يوم ماتت ولد ولا وارث ، لمن يكون المال والضيعة التي تركتها في يد العبد؟ فقال : « جميع ما تركت لإمام المسلمين خاصّة » (٢).

وهو كما ترى صريح في خروج الزوج من هذا الحكم ، فالزوجة أولى ؛ مضافاً إلى عدم القول بالفرق ، كما مضى.

وحمله في الوافي على أنّ ذلك لخدعته المرأة بدعواه الحرّية (٣).

وفيه : أنّه لا معارض له صريحاً بل ولا ظاهراً يوجب الخروج عن ظاهره ؛ مضافاً إلى عدم دليل على الحمل ، مع خلوّ كلام القائلين بوجوب فكّ الزوجين كالنهاية والكيدري وابن زهرة والفاضل في الإرشاد والمحقق‌

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٨٣ / ٢٩٨ ، التهذيب ٨ : ٢٤٧ / ٨٩٤ ، الإستبصار ٤ : ١٧٨ / ٦٧٤ ، الوسائل ٢٣ : ٨٩ أبواب العتق ب ٥٣ ح ١.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٨٨ / ١٣٧١ ، الوسائل ٢١ : ٢٢٤ أبواب العيوب والتدليس ب ١١ ح ٣.

(٣) الوافي ٢٥ : ٨٥٠.

٢٦٣

الثاني والشهيد الثاني وبعض من تبعه (١) عن التقييد بما ذكره واشتراطه بعدم الخدعة.

اللهم إلاّ أن يكون مراده بها عدم وقوع تزويجه بإذن سيّده ، فيكون باطلاً ، فكأنّ المملوك ليس بزوج لها.

وفيه نظر ؛ لعدم إمكان الحكم بالبطلان إلاّ مع عدم إجازة المولى ، وهو في الرواية غير مشار إليه أصلاً ، بل وقع الحكم فيها بإرث الإمام لتركتها مع عدم الولد مطلقاً ، بل عامّاً ؛ لترك الاستفصال عن إجازة المولى لعقده وعدمها ، فيكون الحكم شاملاً لصورة الإجازة أيضاً.

نعم تخرج الرواية بهذا عن الصراحة جدّاً ، لكنّها ظاهرة ؛ لما ذكرناه ، سيّما وإنّ قوله عليه‌السلام معلّلاً : « ولا يرث عبد حرّا » ظاهر في أنّ المانع عن الإرث في مورد السؤال إنّما هو العبودية خاصّة ، لا عدم الزوجيّة ، وهو ظاهر في ثبوتها ، فتأمّل.

وبالجملة الأقوى عدم وجوب فكّهما ؛ للأصل ، وهذا الصحيح الظاهر (٢) فيه ولو بمعونة ما قدّمناه ، مع خلوّه عن المعارض الصريح ، بل مطلقاً ؛ لما مضى من ضعف دلالة الصحيحة بفكّ الزوجة.

نعم ربما يشير إليه قوله عليه‌السلام في بعض ما تقدّم من الروايات : « هل تجدون له وارثاً » (٣) بناءً على ما قدّمناه من إطلاق الوارث فيه وصدقه على‌

__________________

(١) النهاية : ٦٦٨ ، حكاه عن الكيدري في المختلف : ٧٤١ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨ ، الإرشاد ٢ : ١٢٨ ، حكاه عن المحقق الثاني في مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٤٩٢ ، الشهيد الثاني في الروضة ٨ : ٤٢ ، والمسالك ٢ : ٣١٥ ، وتبعه الفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٣١٣.

(٢) في « ب » : الناصّ.

(٣) راجع ص : ٢٥٧.

٢٦٤

نحو الزوجة ، إلاّ أنّ الاكتفاء بنحو هذه الإشارة في مثل هذه الرواية وإن كانت موثقة في مقابلة الأُصول القطعية المعتضدة في خصوص المسألة بعمل أكثر الطائفة وخصوص الصحيحة الظاهرة لا يخلو عن شبهة ، بل مشكل غايته ، بل لا مسرح عمّا اخترناه ولا مندوحة.

وحيث كان المملوك الذي منع عن إرثه وإيراثه في العبائر المتقدّمة مطلقاً ، ويتبادر منه خصوص القنّ ، دون غيره ممّن تشبّث بالحرّية ، واحتمل لذلك توهّم اختصاص الحكم به دونهم ، نبّه على العموم بقوله : ( ولا يرث المدبّر ، ولا أُمّ الولد ، ولا المكاتب المشروط ) ولا المطلق الذي لم يؤدّ شيئاً ، ولا يورثون كالقنّ ، بلا خلاف ظاهر ، ويشهد له ما ورد من المعتبرة المستفيضة في المكاتب ، وقد تقدّم إلى جملة منها الإشارة (١).

وكما لا يرثون على هذه الحالة كذا يفكّون ليرثوا ؛ لتحقق الوصف إذا كانوا ممّن يجب فكّهم ، وقد تقدّمت إليه الإشارة (٢).

( ومن تحرّر بعضه ) وبقي بعضه رقّاً ( يرث ) ويورث ( بـ ) قدر ( ما فيه من الحرّيّة ، ويمنع ) من كلّ منهما ( بـ ) قدر ( ما فيه من الرقّيّة ) بلا خلاف فيه بيننا أجده ، بل ظاهر جماعة أنّ عليه إجماع الإماميّة (٣) ، وأخبارنا به في المكاتب مستفيضة (٤).

ففي الصورة الاولى : لو كان للميت ولد نصفه حرّ وأخ حرّ ، فالمال‌

__________________

(١) في ص : ٢٤٩.

(٢) في ص : ٢٥٢.

(٣) منهم الشيخ في الخلاف ٤ : ٢٧ ، وانظر تلخيص الخلاف ٢ : ٢٤٧ ، والمفاتيح ٣ : ٣١٣.

(٤) الوسائل ٢٣ : ١٦٢ ، ١٦٥ أبواب المكاتبة ب ١٩ ، ٢٠ ، وج ٢٦ : ٤٧ أبواب موانع الإرث ب ١٩.

٢٦٥

بينهما نصفان.

ولو كان نصف الأخ حرّا أيضاً فللابن النصف ، وللأخ الربع ، والباقي للعم الحرّ إن كان ، فلو كان نصفه حرّا ، فله الثمن ، والباقي لغيره من المراتب المتأخّرة عنه ، وهكذا.

ولو لم يكن هناك وارث في جميع الطبقات حتى ضامن الجريرة ، كان باقي التركة في مقابلة الجزء الرقّ بمنزلة ما لو لم يخلف وارثاً ، فيشترى الجزء الرقّ من التركة المخلفة في مقابلته ، وإن قلنا إنّه لا يشترى بعض المملوك ؛ لأنّ شراء هذا الجزء يوجب تمام الحرّيّة ، ولا يحصل به ضرر على المالك بالتبعيض ، بخلاف شراء البعض وإبقاء الباقي رقّاً.

نعم لو لم يف باقي التركة بهذا الجزء جاء فيه الخلاف السابق.

وفي الثانية : لو كان الميت نصفه حرّا فلمولاه نصف تركته ، ولوارثه الحرّ النصف الباقي ، وهكذا ، في أصح الوجهين في كيفية الإرث منه بنسبة الحرّية ، وفاقاً لشيخنا في المسالك والروضة (١) ، قال : لأنّ مالك الباقي قد استوفى نصيبه بحق الملك ، فلا سبيل له على الباقي ، وإنّما تظهر فائدة الإرث بالنسبة ممّا ترك على تقدير أن يكون قد اكتسب بجميعه مالاً ولم يحصل للمالك منه شي‌ء ، فيكون ما كسبه مقسوماً على نسبة الرقّيّة والحرّيّة.

والأجود الاستدلال عليه بظاهر الصحيحين ، في أحدهما : عن رجل كاتب عبداً له على ألف درهم ، ولم يشترط عليه حين كاتبه إن هو عجز عن مكاتبته فهو ردّ في الرقّ ، وإنّ المكاتب أدّى إلى مولاه خمسمائة درهم ، ثم‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣١٤ ، الروضة ٨ : ٤٠.

٢٦٦

مات المكاتب ، وترك مالاً ، وترك ابناً له مدركاً؟ قال : « نصف ما ترك المكاتب من شي‌ء فإنّه لمولاه الذي كاتبه ، والنصف الآخر لابن المكاتب » (١) الخبر.

وفي الثاني : مكاتب توفّي وله مال ، قال : « يقسم ماله على قدر ما أُعتق منه لورثته ، وما لم يعتق يحسب منه لأربابه الذين كاتبوه وهو ماله » (٢).

والوجه الثاني : أنّ ما جمعه ببعضه الحرّ يتقسّط على مالك الباقي والورثة بقدر ما فيه من الرقّ والحرّية ، فإذا كان نصفه حرّا ونصفه رقّاً فنصف ما جمعه بنصفه الحرّ للسيّد ، ونصفه للورثة ؛ لأنّ سبب الإرث الموت ، والموت حلّ بجميع بدنه ، وبدنه ينقسم إلى الرقّيّة والحرّيّة فينقسم ما خلّفه.

وهو ضعيف غايته ، سيّما في مقابلة ما قدّمناه من الحجة الظاهرة.

( المقدّمة الثالثة : في ) بيان ( السهام ) المقدّرة ، وبيان أهلها.

( وهي ) في كتاب الله تعالى ( ستّة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس ).

وقيل في التعبير عنها ما هو أخصر ممّا هنا ، وهو : النصف ، ونصفه ، ونصف نصفه ، والثلثان ، ونصفهما ، ونصف نصفهما (٣). وأخصر منهما‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٨٦ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٥٠ / ١٢٥٩ ، الإستبصار ٤ : ٣٧ / ١٢٣ ، الوسائل ٢٦ : ٥٩ أبواب موانع الإرث ب ٢٣ ح ٥.

(٢) الكافي ٧ : ١٥١ / ٤ ، الفقيه ٤ : ٢٤٨ / ٨٠١ ، التهذيب ٩ : ٣٤٩ / ١٢٥٤ ، الوسائل ٢٦ : ٤٨ أبواب موانع الإرث ب ١٩ ح ٢ ؛ بتفاوت.

(٣) قاله الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٤ : ١٤٩.

٢٦٧

التعبير عنها بالربع ، والثلث ، وضعف كلّ ، ونصفه.

وأمّا أهل هذه السهام فخمسة عشر :

( فالنصف ) لأربعة ( للزوج مع عدم الولد ) للزوجة ( وإن نزل ) سواء كان منه أم من غيره ، قال سبحانه ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ) (١) وولد الولد كالولد هنا ، إجماعاً ، كما حكاه جماعة (٢).

( وللبنت ) الواحدة ، قال سبحانه ( وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) (٣).

( و ) لـ ( الأُخت للأب والأُمّ ، أو ) الأُخت ( للأب ) خاصّة مع عدمها وعدم الذكران في الموضعين ، قال الله تعالى ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) (٤).

واحترز بالقيد عن الأُخت للأُمّ خاصّة ، فإنّ لها السدس ؛ للآية الأُخرى الواردة في الكلالة (٥) ، مضافاً إلى الرواية (٦) ، والإجماع الظاهر من فتاوى الجماعة.

( والربع ) لاثنين ( للزوج مع الولد ) للزوجة ( وإن ) كان من غيره ،

__________________

(١) النساء : ١٢.

(٢) منهم ابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٣٠ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣١٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٨٨.

(٣) النساء : ١١.

(٤) النساء : ١٧٦.

(٥) النساء : ١٢.

(٦) الكافي ٧ : ١٠١ / ٣ ، الفقيه ٤ : ٢٠٢ / ٦٧٦ ، التهذيب ٩ : ٢٩٠ / ١٠٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٤ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٣ ح ٢.

٢٦٨

و ( نزل ) لما مرّ ، قال سبحانه ( فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ ) (١).

( وللزوجة مع عدمه ) أي الولد للزوج مطلقاً ، ولو كان من غيرها ، ونزل ، كما سبق ، قال تعالى ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ) (٢).

( والثمن ) لقبيل واحد ( للزوجة مع الولد ) لزوجها ( وإن ) كان من غيرها ، و ( نزل ) كما مضى ، قال سبحانه ( فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ ) (٣).

ولا فرق في الزوجة في المقامين بين الواحدة والمتعددة ، حتّى لو كنّ أربعاً اقتسمن الفرض من الربع أو الثمن على عددهنّ أرباعاً ، ولو كنّ ثمانية اقتسمنه أثماناً ، وهكذا.

ويتصوّر ذلك في المريض إذا طلّق أربعاً في مرضه طلاقاً بائناً ، وتزوّج بأربع غيرهنّ من قبل خروجهنّ من عدّتهنّ ، ودخل بمن تزوّجهنّ أخيراً ، ثم مات قبل برئه من مرضه الذي طلّق الأربع فيه قبل سنة من طلاقه لهنّ وقبل تزويجهنّ ، فإنّ الثمان نسوة يرثنه الثمن مع الولد ، والربع مع عدمه ، بالسوية ، ونبّه على ذلك الحلي في السرائر نافياً الخلاف فيه بين الأصحاب (٤).

( والثلثان ) لثلاثة ( للبنتين فصاعداً ) قال عزّ من قائل ( فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ ) (٥).

__________________

(١ و ٣) النساء : ١٢.

(٤) السرائر ٣ : ٢٣٠.

(٥) النساء : ١١.

٢٦٩

وهو وإن جعل فيه النصيب للزائد عن الاثنتين ، إلاّ أنّهما الحقتا به إجماعاً ، كما في كلام جماعة (١) ، ويعضده ثبوته في الأُختين ، ففي البنتين أولى.

وذكر لذلك وجوه أُخر ، لا فائدة مهمّة لنقلها هنا بعد ثبوته بما ذكرناه.

( وللأُختين فصاعداً ) إذا كنّ ( للأب والأمّ ، أو ) الأُختين ( للأب ) خاصّة ، مع عدمهما وعدم الذكران في الموضعين ، قال تعالى ( فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ ) (٢).

( والثلث ) لقبيلتين ( للُامّ مع عدم من يحجبها من الولد ) للميت ( وإن نزل ، أو الإخوة ) قال سبحانه ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ) (٣).

( وللاثنين فصاعداً من ولد الأُمّ ) خاصّة ، ذكوراً كانوا أم إناثاً أم بالتفريق ، قال سبحانه ( فَإِنْ كانُوا ) أي أولاد الأُمّ ( أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٤).

( والسدس ) لثلاثة ( لكلّ واحد من الأبوين مع الولد ) للميت ( وإن نزل ) قال تعالى ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ) (٥).

__________________

(١) منهم السيوري في كنز العرفان ٢ : ٣٢٨ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣١٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٨٨.

(٢) النساء : ١٧٦.

(٣) النساء : ١١.

(٤) النساء : ١٢.

(٥) النساء : ١١.

٢٧٠

( وللأُمّ مع من يحجبها عن الزائد ) عن السدس ، من الوالد أو الإخوة ، قال تعالى ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) (١).

( وللواحد من كلالة الأُمّ ) أي ولدها ( ذكراً كان أو أُنثى ) قال عز من قائل ( وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) (٢).

قيل (٣) : سمّى الإخوة كلالة من الكلّ وهو الثقل ؛ لكونها ثقلاً على الرجل ؛ لقيامه بمصالحهم مع عدم التولّد الذي يوجب مزيد الإقبال والخفة على النفس ، أو من الإكليل ، وهو ما يزيّن بالجوهر شبه العصابة ؛ لإحاطتهم بالرجل كإحاطته بالرأس.

هذا حكم السهام المقدّرة منفردة.

وأمّا منضمّة بعضها إلى بعض فبعضها يمكن ، وبعضها يمتنع ، وصور اجتماعها الثنائي ممكناً وممتنعاً إحدى وعشرون ، حاصلة من ضرب السهام الستّة في مثلها ، ثم حذف المكرّر منها ، وهو خمسة عشر ، منها ثمان ممتنعة ، وهي :

واحدة من صور اجتماع النصف مع غيره ، وهي : اجتماعه مع الثلثين ؛ لاستلزامه العول (٤) ، وإلاّ فأصله واقع ، كزوج وأُختين فصاعداً لأب ، لكن يدخل النقص عليهما ، فلم يتحقق الاجتماع مطلقاً.

واثنتان من صور اجتماع الربع مع غيره ، وهما : اجتماعه مع مثله ؛

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) النساء : ١٢.

(٣) قاله الشهيد الثاني في الروضة البهية ٨ : ٦٩.

(٤) العول : ارتفاع السهام وزيادتها على التركة وقصور التركة عن سهام ذوي الفروض ، وهو ضدّ التعصيب الذي هو توريث العصبة ما فضل عن ذوي السهام. النهاية لابن الأثير ٣ : ٣٢١ ، مجمع البحرين ٥ : ٤٣١.

٢٧١

لأنّه سهم الزوج مع الولد وسهم الزوجة مع عدمه ، فلا يجتمعان. واجتماعه مع الثمن ؛ لأنّه نصيبها مع الولد والربع نصيبها مع عدمه ، أو نصيب الزوج معه.

واثنتان من صور اجتماع الثمن مع غيره ، وهما : اجتماعه مع مثله ؛ لأنّه نصيب الزوجة وإن تعدّدت خاصّة ، فلا يتعدّد. واجتماعه مع الثلث ؛ لأنّه نصيب الزوجة مع الولد ، والثلث نصيب الامّ لا معه ، أو الاثنين من أولادها لا معهما (١).

وواحدة من صور الثلثين ، وهي : اجتماعهما مع مثلهما ؛ لعدم اجتماع مستحقهما متعدّداً في مرتبة واحدة ؛ مضافاً إلى بطلان العول (٢).

واثنتان من صور اجتماع الثلث ، وهما : اجتماعه مع مثله ، وإن فرض في البنتين والأُختين ، حيث إنّ لكلّ واحدة ثلثاً ، إلاّ أنّ السهم هنا هو جملة الثلثين ، لا بعضهما. واجتماعه مع السدس ؛ لأنّه نصيب الامّ مع عدم الحاجب ، والسدس نصيبها معه أو مع الولد ، فلا يجامعه.

ويبقى من الصور ثلاث عشرة ، فرضها واقع صحيح ، قد أشار الماتن إلى عشرة منها بقوله : ( والنصف يجتمع مع مثله ) كزوج وأُخت لأب وأُمّ ، أو لأب خاصّة مع عدم ذكر. ( ومع الربع ) كزوجة وأُخت كذلك ، وكزوج وبنت واحدة.

( و ) مع ( الثمن ) كزوجة وبنت ، وقد تقدّم أنّه لا يجتمع مع الثلثين.

__________________

(١) أي : من أولاد الأُمّ لا مع الولد والأُمّ.

(٢) لأنّ مع وجود الطبقة الأُولى وهي البنات لا ترث الطبقة الثانية وهي الأخوات ، مضافاً إلى زيادة السهام على التركة بثلث.

٢٧٢

( ومع الثلث ) كزوج وأُمّ مع عدم الحاجب ، وككلالة الامّ المتعدّدة مع أُختٍ لأب وأُمّ ، أو أب خاصّة مع عدم ذكر.

( و ) مع ( السدس ) كزوج وواحد من كلالة الأُمّ ، وكبنت مع أحد الأبوين ، وكأُخت لأب وأُمّ ، أو لأب خاصّة مع واحد من كلالة الأُمّ.

( و ) قد عرفت أنّه ( لا يجتمع الربع ) مع مثله ، ولا ( مع الثمن ).

( ويجتمع الربع مع الثلثين ) كزوج وابنتين ، وكزوجة وأُختين لأب وأُمّ ، أو أب خاصّة.

( و ) مع ( الثلث ) كزوجة وأُمّ مع عدم الحاجب ، وزوجة مع متعدّد من كلالة الأُمّ.

( و ) مع ( السدس ) كزوجة وواحدة من كلالة الأُمّ ، وكزوج وأحد الأبوين مع ابن ، أو بنت ، بناءً على أنّ زيادة سدسي الأبوين معها بالردّ لا بالفرض ، وإنّما هو السدس خاصّة ، فلا فرق بين الابن والبنت في ذلك ، وإن افترقا بحصول الردّ إلى أحد الأبوين معها دونه ، إلاّ أنّه ليس من جهة الفرض الذي هو محلّ الفرض.

( ويجتمع الثمن مع الثلثين ) كزوجة وابنتين.

( و ) مع ( السدس ) كزوجة وأحد الأبوين مع ابن ، أو بنت.

ويجتمع الثلثان مع الثلث ، كإخوة لأُمّ مع أُختين فصاعداً لأب ، ولا يجتمعان مع مثلهما ؛ لما مضى.

ويجتمعان مع السدس ، كبنتين وأحد الأبوين ، وكأُختين لأب مع واحد من كلالة الأُمّ.

ويجتمع السدس مع السدس ، كأبوين مع الولد مطلقاً ، ولو بنتاً ، إن فرضنا اجتماع السدسين في الجملة وإن اجتمع معهما فرض آخر غيرهما ،

٢٧٣

وإلاّ فليخصّ الولد بالابن ؛ لكون البنت فرضها النصف ، فيجتمع ثلاثة فروض ، وهو خلاف المفروض.

( و ) قد عرفت أنّه ( لا يجتمع ) الثمنُ مع مثله ، ولا ( مع الثلث ، ولا الثلث ) مع مثله ، ولا ( مع السدس تسمية ) (١) احترز بهذا القيد عن اجتماع مقيده ، وهو الثلث مع السدس قرابة ، كزوج وأبوين ، فإنّ للزوج النصف ، وللأُمّ مع عدم الحاجب الثلث ، وللأب السدس ، ومع الحاجب بالعكس ، وعلى التقديرين فسهم الأب هنا بالقرابة لا بالفرض.

ولو لوحظ هذا المعنى لأمكن اجتماع كل ما امتنع سابقاً بغير العول ، فيجتمع الربع مع مثله كما في بنتين وابن ، ومع الثمن ، كما في زوجة وبنت وثلاث بنين ، وهكذا ، لأنّه خارج عن الفرض.

واعلم أنّ الوارث إذا كان واحداً من أيّ الطبقات كان ورث المال كلّه ، بعضه بالفرض ، والباقي بالقرابة إن كان من ذوي الفروض ، وإلاّ فجميعه بالقرابة.

وإن كان أكثر من واحد ولم يحجب بعضهم بعضاً ، فإمّا أن يكون ميراث الجميع بالقرابة ، أو بالفرض ، أو بعض بهذا وبعض بهذا.

فعلى الأوّل : يقسم على ما يأتي من التفصيل في ميراثهم.

وعلى الثالث : يقدم صاحب الفرض فيعطى فرضه ، والباقي للباقين.

وعلى الثاني : فإمّا أن تنطبق السهام على الفريضة ، أو تنقص عنها ، أو تزيد عليها.

فعلى الأوّل لا إشكال.

__________________

(١) ليس في المطبوع من المختصر : ٢٦٦.

٢٧٤

وعلى الثالث : فالزائد عندنا للأنساب ، يردّ عليهم زيادة على سهامهم ؛ إذ الأقرب يحرم الأبعد.

وعلى الثاني : يدخل النقص عندنا على البنت والبنات ، والأُخت والأخوات للأبوين ، أو للأب خاصّة.

وضابطه عندنا : أنّ النقص إنّما يدخل على من له فرض واحد في الكتاب المجيد ؛ لأنّ له الزيادة متى نقصت السهام ، فيكون عليه النقيصة متى زادت ، دون من له فرضان ، فإنّه متى نزل عن الفرض الأعلى كان له الفرض الأدنى.

خلافاً للعامّة في المقامين ، حيث حكموا في الأوّل بالتعصيب ، أي إعطاء الزائد للعَصَبَة ، وهم من يتقرّب بالأب من الإخوة والأعمام ، وفي الثاني بالعول ، فجعلوا النقص موزّعاً على أرباب السهام.

وحيث إنّ هاتين المسألتين من أُمّهات المسائل ، والمعركة العظمى بين الإماميّة ومن خالفهم ، وعليهما يبنى معظم الفرائض ، نبّه الماتن عليهما بقوله :

( مسألتان : )

( الأُولى : التعصيب باطل ) عندنا بضرورة مذهبنا ، والمعتبرة المستفيضة بل المتواترة عن أئمّتنا عليهم‌السلام (١) ، وآية ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ ) (٢) فإنّها نص في ذلك.

وفي الصحيح : إنّ أبا جعفر عليه‌السلام أقرأني صحيفة الفرائض التي هي‌

__________________

(١) الوسائل ٢٦ : ٨٥ أبواب موجبات الإرث ب ٨.

(٢) الأنفال : ٨٥ ، الأحزاب : ٦.

٢٧٥

إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخطّ علي عليه‌السلام بيده ، فوجدت فيها : « رجل ترك ابنته وأُمّه ، لابنته النصف ، وللأُمّ السدس ، يقسم المال على أربعة أسهم ، فما أصاب ثلاثة أسهم فهو للابنة ، وما أصاب سهماً فهو للُامّ » ووجدت فيها : « رجل ترك ابنته وأبويه ، للابنة النصف ثلاثة أسهم ، وللأبوين لكل واحد منهما السدس ، يقسم المال على خمسة أسهم ، فما أصاب ثلاثة فهو للابنة ، وما أصاب سهمين فللأبوين » قال : وقرأت فيها : « رجل ترك ابنته وأباه ، للابنة النصف ، وللأب سهم ، يقسم المال على أربعة أسهم ، فما أصاب ثلاثة فللابنة ، وما أصاب سهماً فللأب » (١) الحديث.

وفي الخبر ، وقد سئل : المال لمن هو؟ للأقرب؟ أو للعَصَبَة؟ فقال عليه‌السلام : « المال للأقرب ، والعَصَبَة في فيه التراب » (٢) إلى غير ذلك من الأخبار التي لا يسعها المضمار.

( و ) من هنا يصح ما سيأتي من أنّ ( فاضل التركة يردّ على ذي السهام ، عدا الزوج ، والزوجة ، والأُمّ مع وجود من يحجبها ، على تفصيل يأتي ) ذكره إن شاء الله تعالى.

( الثانية : لا عول في الفرائض ) بضرورة مذهبنا ، والمعتبرة المستفيضة التي كادت تبلغ التواتر عن أئمّتنا عليهم‌السلام (٣) ، وإنكارهم الشديد في ذلك ، واحتجاجاتهم.

وقد أطنب الأصحاب في الاستدلال على ذلك ، والردّ على مخالفيهم‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٣ / ١ ، الفقيه ٤ : ١٩٢ / ٦٦٨ ، التهذيب ٩ : ٢٧٠ / ٩٨٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٨ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٧ ح ١.

(٢) الكافي ٧ : ٧٥ / ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٧ / ٩٧٢ ، الوسائل ٢٦ : ٦٤ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٣.

(٣) الوسائل ٢٦ : ٧٢ أبواب موجبات الإرث ب ٦.

٢٧٦

بما لا يسع المقام لذكره ، ومن جملته ما أشار إليه الماتن بقوله : ( لاستحالة أن يفرض سبحانه في مال ما لا يفي ) به ، كنصفين وثلث ، أو ثلثين ونصف ، ونحو ذلك ، وإلاّ لكان جاهلاً أو عابثاً ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

والعمدة هو الإجماع ، والنص ، ففي الصحيح : في زوج وأبوين وابنة : « فللزوج الربع ، ثلاثة من اثني عشر ، وللأبوين السدسان ، أربعة من اثني عشر ، وبقي خمسة أسهم ، فهي للابنة ؛ لأنّها لو كانت ذكراً لم يكن لها غير ذلك ، وإن كانتا اثنتين فليس لهما غير ما بقي ، خمسة » (١) الحديث.

وفي المستفيضة : « إنّ الذي أحصى رمل عالج يعلم أنّ السهام لا تعول على ستّة » (٢).

( بل يدخل النقص على البنت أو البنتين ) كما عرفته في أمثلة الصحيح ، أو على الأُخت للأبوين أو الأب ، أو الأُختين كذلك ( أو على الأب ، أو من يتقرّب به ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ).

وفرض دخول النقص على الأب غير موجود إلاّ هنا وفي الشرائع وجملة من كتب الفاضل واللمعة (٣).

وهو غير جيّد ، يظهر وجهه ممّا قدّمناه في ضابطة من يدخل عليه النقص ، فإنّ الأب مع الولد لا ينقص عن السدس ، ومع عدمه ليس من ذوي الفروض ، ومسألة العول مختصّة بهم.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٦ / ١ ، التهذيب ٩ : ٢٨٨ / ١٠٤١ ، الوسائل ٢٦ : ١٣١ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٨ ح ١.

(٢) الوسائل ٢٦ : ٧٢ أبواب موجبات الإرث ب ٦.

(٣) الشرائع ٤ : ٢١ ، الإرشاد ٢ : ١٣١ ، التحرير ٢ : ١٦٣ ، اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ٨٧.

٢٧٧

ومنه يظهر فساد ما قيل في مثاله ، وهو : زوج وأبوان ، الفريضة ستّة ، للزوج النصف ثلاثة ، وللأُمّ الثلث ، والباقي وهو الواحد للأب ، فيدخل النقص عليه ؛ لأنّ المناسب أن يكون له اثنان من الستّة كما للُامّ.

وذلك لأنّ ثبوت الاثنين له ليس بالفريضة ، بل بالمناسبة والقرابة ، وقد عرفت أنّه لا عول إلاّ فيمن يرث بالفرض ، لا بالقرابة.

وإنّما خصّ هؤلاء بالنقص ؛ لأنّ لكلّ من سواهم فريضتين في حالتين ، عليا ودنيا ، بخلافهم ؛ لأنّه لا دنيا لهم بالفرض ، فاخّروا لذلك.

واعلم أنّ العول لا يكون إلاّ بدخول الزوج أو الزوجة ، والمراد به زيادة في السهام عليها على وجه يحصل النقص على الجميع بالنسبة ، سمّي عولاً إمّا من الميل ، ومنه قوله تعالى ( ذلِكَ أَدْنى أَلاّ تَعُولُوا ) (١) وسمّيت الفريضة عائلة على أهلها لميلها بالجور عليهم بنقصان سهامهم.

أو من عال الرجل إذا كثر عياله ؛ لكثرة السهام فيها.

أو من عال إذا غلب ؛ لغلبة أهل السهام بعضهم على بعضٍ بالنقص (٢).

أو من عالت الناقة ذنبها إذا رفعته ؛ لارتفاع الفرائض على أهلها (٣) بزيادة السهام ، كما إذا كانت الفريضة ستّة فعالت إلى سبعة ، في مثل زوج وأُختين لأب ، فإنّ له النصف ، ثلاثة من ستّة ، ولهما الثلثان أربعة ، فزادت الفريضة واحداً ، أو إلى ثمانية ، كما إذا كان معهم أُخت لأُمّ ، أو إلى تسعة ، بأن كان معهم أُخت أُخرى لأُمّ ، أو إلى عشرة إذا كان معهم أُمّ محجوبة ، وهكذا.

__________________

(١) النساء : ٣.

(٢) ليس في « ب ».

(٣) في « ب » : أصلها.

٢٧٨

( وأمّا المقاصد فثلاثة : )

( الأوّل : في ) بيان ميراث ( الأنساب ، و ) قد عرفت أنّ ( مراتبهم ثلاث : )

( الاولى : الآباء ) من غير ارتفاع ( والأولاد ) وإن نزلوا ، بشرط الأقرب فالأقرب ( فالأب يرث المال ) كلّه ( إذا انفرد ) عن قريب للميت في مرتبته ( و ) كذلك ( الامّ ) ترثه إذا انفردت عنه ، لكنّها ترث ( الثلث ) بالفرض ( والباقي بالردّ ) بخلاف الأب ، فيرثه أجمع بالقرابة ؛ لما مرّ من أنّه مع عدم الولد لا فرض له.

( ولو اجتمعا ) أي الأبوان خاصّة ، منفردين عمّن هو في مرتبتهما ( فللأُمّ الثلث ) بالفرض مع عدم الحاجب ( وللأب الباقي ) بالقرابة.

( ولو كان له ) أي للميت ( إخوة ) يحجبونها عن الثلث ( كان لها السدس ) بالفرض أيضاً ، والباقي كله للأب بالقرابة.

( ولو ) اجتمعا و ( شاركهما زوج أو زوجة ، فلزوج النصف ، وللزوجة الربع ، وللأُمّ ثلث الأصل ) لا ثلث الباقي عن نصيبهما ( إذا لم يكن ) لها ( حاجب ) عنه ، من الإخوة ( والباقي ) عن نصيبهم ( للأب ) بالقرابة ، بخلافهم ، فإنّما يحوزونه بالفرض.

( ولو كان للأُمّ ) (١) ( حاجب كان لها السدس ) من الأصل كالثلث ، والباقي عن نصيبهم للأب كالسابق.

( ولو انفرد الابن ) عمّن يشاركه في مرتبته ( فالمال ) كلّه ( له ) بالقرابة.

__________________

(١) في المختصر المطبوع (٢٦٧) : لها.

٢٧٩

( ولو كانوا أكثر ) من واحد ( اشتركوا ) فيه ( بالسويّة ) بلا خلاف ؛ لعدم إمكان الترجيح من غير مرجّح ، وكذلك البنت أو البنات لو انفردن ، كان المال كلّه لهنّ بالسوية ، لكن يرثن بعضه وهو النصف ، أو الثلثان بالفرض ، والباقي بالقرابة.

( ولو كانوا ذكراناً وإناثاً ، فللذّكر سهمان ، وللأُنثى سهم ) بالكتاب والنص والإجماع.

( ولو اجتمع معهم ) (١) أي مع الأولاد ( الأبوان ) خاصّة ( فلهما السدسان ) بالسويّة فرضاً ( والباقي ) عن نصيبهما وهو الثلثان ( للأولاد ) مطلقاً ( ذكراناً كانوا ، ( أو إناثاً )) (٢) ( ، أو ذكراناً وإناثاً ) يرثونه بالقرابة خاصّة.

( ولو كانت بنتاً ) في المثال ( فلها النصف ) بالتسمية ( وللأبوين السدسان ) بها ، من أصل التركة ( والباقي ) وهو السدس ( يردّ ) على الأبوين والبنت ( أخماساً ) على نسبة الفريضة ، إجماعاً ؛ لأنّ ذلك هو قضيّة الردّ على السهام ؛ وللصحيح المتقدّم في إبطال العصبة (٣) ، فيكون جميع التركة بينهم أخماساً ، للبنت ثلاثة أخماس ، ولكل منهما خُمس ، والفريضة حينئذٍ من ثلاثين ؛ لأنّ أصلها ستّة مخرج السدس والنصف ، ثم يرتقي بالضرب في مخرج الكسر إلى ذلك (٤).

__________________

(١) في المختصر المطبوع (٢٦٧) : معهما.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ر » و « ب ».

(٣) راجع ص : ٢٧٢.

(٤) لأنّ مخرج السدس والنصف ٦ ، ومخرج الكسر ٥ ، والحاصل من ضرب الأوّل في الثاني ٣٠ ، للبنت ١٥ ، ولكل واحد من الأبوين ٥ ، والمجموع ٢٥ ، يبقى ٥ وهو يردّ عليهم بنسبة سهامهم ، فللبنت ٣ ، ولكلٍّ من الأبوين ١ ، فمجموع حصّة البنت فرضاً وردّاً : ١٥+ ٣ ١٨ ومجموع حصّة كل من الأبوين كذلك : ٥+ ١ ٦.

٢٨٠