نهاية الأفكار - ج ٣

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي

نهاية الأفكار - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٩٦

تقرير أبحاث آية الله الشيخ آغا ضياء العراقي قدس سره

الخطاب عنوانا للمكلف ، بل الاشكال يتأتى حتى في صورة اخذ عنوانه قيدا للتكليف أو للمكلف به ولو كان الخطاب بعنوان عام شامل للمتذكر والناسي كعنوان المكلفين أو المؤمنين كقوله يا أيها الذين امنوا يجب عليكم الصلاة بدون السورة ان نسيتم السورة فيها ، أو ان الصلاة المنسى فيها السورة واجبة بدونها * فإنه * بعد أن كان الالتفات مر والتكليف مما لابد منه في الانبعاث عن التكليف لا يكاد يفرق في امتناع توجيه البعث والتكليف الفعلي إلى الناسي بما عدى الجزء المنسى بين اخذ النسيان عنوانا للمكلف في موضوع الخطاب ، وبين اخذه قيدا للتكليف أو للمكلف به * فلا وجه * حينئذ لتخصيص الاشكال بصورة اخذه عنوانا للمكلف كما هو ظاهر هذا * ولكن * يمكن التفصي عن الاشكال بأنه من الممكن ان يكون المكلف به في حق كل من الذاكر والناسي هي الطبيعة الجامعة بين الزائد والناقص التي يتصورها القائل بالصحيح في مقام اخذ الجامع بين المصاديق المختلفة ، وان دخل النسيان انما هو في خصوصية الفرد المتقوم بها فردية صلاة الناسي للطبيعة المأمور بها على نحو يكون الاختلاف بين الذاكر والناسي من جهة المصداق محضا من حيث إن المتمشي من كل طائفة حسب طرو الحالات المختلفة مصداق خاص غير ما يتمشى من الاخر ، لا في أصل المأمور به فإنه على هذا البيان لا محذور ثبوتا في تكليف الناسي بما عدى الجزء المنسى ضرورة امكان التفات الناسي حينئذ إلى الطبيعة المأمور بها وانبعاثه كالذاكر عن الامر المتعلق بالطبيعة المأمور بها غايته انه من جهة غفلته عن نسيانه يعتقد بان المصداق المتمشي من قبله هو المصداق المتمشى من الذاكر ولكنه بعد خروج المصاديق عن حيز الامر والتكليف لا يضر مثل هذه الغفلة والخطأ في التطبيق في عالم المصداق بمقام انبعاثه عن الامر والتكليف ، فتمام الاشكال حينئذ مبنى على اختصاص الناسي حال نسيانه بتكليف خاص مغاير لتكليفه في حال ذكره ( والا فعلى ) ما بيناه لا وقع أصلا للاشكال المزبور ( مع أنه على فرض ) تعلق التكليف بالمصداق واختلافه بحسب الحالتين نقول انه بعد أن كانت المغايرة المتصورة بين التكليفين من جهة الحدود محضا لا بحسب ذات التكليف بان كان التكليف المتوجه إلى الناسي حال نسيانه بعينه هو التكليف المتوجه إليه حال ذكره غير أنه في حال النسيان يكون بحد لا يشمل الجزء

٤٢١

المنسي ، فلا قصور في داعوية ذات التكليف المحفوظة بين الحدين ( إذ لا غفلة ) حينئذ بالنسبة إلى ذات التكليف التي عليها مدار الدعوة والإطاعة عقلا ، وانما الغفلة تكون بالنسبة إلى حيث حده من حيث تخليه لنسيانه كونه إلى حد يشمل الجزء المنسى ، مع عدم كونه في الواقع كذلك وبعد عدم دخل داعوية خصوصية الحد بنظر العقل في غرض الامر لا يكاد يضر مثل هذه الغفلة بمقام انبعاثه عن ذات التكليف كما هو ظاهر ( نعم ) لو فرض انه كان لخصوصية الحد أيضا دخل في الداعوية في غرض الآمر أو المأمور ، أو كانت المغايرة المتصورة بين التكليفين في حالتي الذكر والنسيان بحسب ذات التكليف وحيث وجوده بحيث يكون هناك وجودان من التكليف أحدهما أوسع بحسب المتعلق من الاخر ( يتجه الاشكال ) المزبور من جهة الغفلة المانعة عن الدعوة والانبعاث ( ولا يندفع ) ذلك حينئذ بما توهم من امكان داعوية الامر الشخصي حينئذ من باب الخطأ في التطبيق بدعوى ان الناسي للجزء يكون قاصدا لامتثال شخص الامر المتوجه إليه بالعنوان الذي يعتقد كونه واجدا له ، حيث إنه لغفلته عن نسيانه يرى نفسه ذاكرا ، فيتخيل بذلك ان امره الباعث له على الاتيان بما عدى المنسي هو امر الذاكر وفى الواقع يكون غيره ( إذ يرد عليه ) ان ذلك انما يثمر في دفع الاشكال إذا كان الانبعاث والدعوة من لوازم الامر والتكليف بوجوده الواقعي ( والا ) فعلى ما هو الواضح من كونه من لوازم وجوده العلمي بحيث يكون العلم به تمام الموضوع لذلك فلا يثمر حيث الخطأ في التطبيق المزبور في دفع الاشكال ( فإنه ) مع الغفلة عن نسيانه وعدم التفاته إلى ما يخصه من الامر ولو اجمالا ، لا يكون الداعي والباعث له على الاتيان بما عدى المنسي الا ما تخيله من الامر الزعمي دون الامر الواقعي لاستحالة باعثية امره حينئذ مع الغفلة عن نسيانه ( فيبقى الاشكال ) المزبور في صحة توجيه الامر إلى الناسي بالحالي عن الجزء المنسي من جهة محذور اللغوية والاستهجان على حاله ( اللهم الا ان يدفع ذلك ) بامكان توجيه الامر إلى الناسي حينئذ ولو بتوسيط عنوان عام أو خاص ملازم لعنوان الناسي للجزء أو الملائم له مما يمكن الالتفات إليه حال نسيان الجزء كعنوان المتذكر لمقدار من الاجزاء الجامع بين البعض والتمام ( فان ) الناسي وان لم يلتفت إلى نسيانه ، لكنه بعد التفاته إلى العنوان المزبور ،

٤٢٢

بل وامكان التفاته إلى أن المرئي بهذا العنوان كان هو الناسي أيضا ( أمكن ) ثبوتا تخصيص الناسي بخطاب يخصه بمثل العنوان المزبور بجعله مرآة للناسي ويقصد الناسي أيضا بالتفاته إلى العنوان المزبور الذي هو واجد له الامر المتوجه إليه ( والى ذلك ) يكون نظر المحقق الخراساني « قده » فيما أفاد في كفايته في الجواب الثاني عن الاشكال ( فلا يرد عليه ) حينئذ بان ذلك مجرد فرض لا واقع له ( لأنه ) ليس في البين عنوان يلازم نسيان جزء من الصلاة دائما خصوصا مع تبدل النسيان في الاجزاء بحسب الموارد والأوقات من كون المنسي تارة هي السورة وأخرى التشهد وثالثة الفاتحة ، وهكذا بقية الاجزاء ( ثم لا يخفى ) ان ما ذكرنا من الجواب أولى مما افاده بعض الاعلام قده في الذب عن الاشكال من أن المكلف به أولاً في حق كل من الذاكر والناسي هو خصوص بقية الاجزاء ما عدى الجزء المنسي وان الذاكر يختص بتكليف يخصه بالنسبة إلى ما كان ذاكرا له فيكون المكلف به في حقه هو العمل المشتمل على الجزء الزائد المتذكر له ، ولا محذور في تخصيص الذاكر بخطاب يخصه وانما المحذور في تخصيص الناسي بخطاب يخصه ( إذ يرد عليه ) انه مع تبدل النسيان في الاجزاء بحسب الموارد والأوقات لا يكون في البين امر مضبوط ، فان كان المأمور به المشترك في حق للذاكر والناسي حينئذ هو عنوان بقية الاجزاء مما عدى الجزء المنسي ، فالناسي غير ملتفت إلى هذا العنوان ، لان بالالتفات إليه ينقلب إلى كونه ذاكرا وان كان المأمور به هي الاجزاء المعينة بمقدار خاص يلزم ان يكون المأمور به هو المنسي في بعض الأوقات ( نعم لا يرد ) ذلك على المحقق الخراساني قده ، فإنه لم يجعل عنوان المأمور به المشترك بين الذاكر والناسي عنوان بقية الاجزاء ما عدى الجزء المنسى بل جعل ذلك عبارة عن الاجزاء التي يكون لدليلها اطلاق يشتمل حال النسيان ، حيث جعل الامر متعلقا بالخالي عما شك بحسب دليله في دخله في المركب مطلقا ( ومن الواضح ) ان الالتفات إلى مثل هذا العنوان لا يلازم الالتفات إلى نسيان نفسه ، بخلاف عنوان بقية الاجزاء ما عدى المنسى ، فإنه يستلزم الالتفات إليه الالتفات إلى نسيان نفسه أيضا « وكيف كان » فقد ظهر من ذلك كله ان أسلم ما يمكن ان يقال في تصوير تكليف الناسي ثبوتا بما عدى الجزء المنسي هو ما

٤٢٣

ذكرناه أولاً وانه هو الذي ينبغي المصير إليه في تصويره « هذا كله » في الجهة الأولى.

الجهة الثانية في قيام الدليل على تكليف الناسي حال نسيان الجزء بالخالي عن الجزء المنسى وعدمه ، ونخبة الكلام فيها انه لا شبهة في أن مقتضى الأصل الأولى هو بطلان العبادة بنقص الجزء سهوا فيما لو كان لدليل المثبت لجزئية المنسى اطلاق يشمل حال الذكر والنسيان « فان » مقتضى اطلاقه حينئذ بعد سقوط التكليف عن المنسى هو عدم التكليف بما عداه من سائر الأجزاء « لأنه » ليس في البين الا تكليف واحد متعلق بمجموع الاجزاء الذي منه الجزء المنسى ، وبنسيان بعض الاجراء وسقوط التكليف عنه يسقط التكليف عن البقية لا محالة « ولازمه » هو بطلان الماتى به ولزوم الإعادة عليه بعد زوال النسيان الا إذا كان هناك دليل من الخارج يقتضى التكليف بالبقية في هذا الحال « وأما إذا لم يكن » لدليل المثبت لجزئية المنسى اطلاق يعم حال الذكر والنسيان « فان كان » لدليل المركب وهو قوله أقيموا الصلاة اطلاق يؤخذ باطلاقه ويحكم بعدم كون المنسى جزء في حال النسيان اقتصارا في تقييد اطلاقه بخصوص حال الذكر « وان لم يكن » لدليل المركب أيضا اطلاق اما من جهة اتصاله بما يصلح للقرينية عليه ، أو من جهة عدم كونه مسوقا في مقام البيان من هذه الجهة بل في مقام أصل تشريع المركب « فالمرجع » عند الشك في الجزئية وعدمها في حال النسيان هي أصالة البراءة لاندراجه في الشك بين الأقل والأكثر « ولكن دعوى » ثبوت الاطلاق لدليل المركب ساقطة عن الاعتبار ، لوضوح ان مثل هذه الخطابات انما كانت مسوقة لبيان مجرد تشريع المركب بنحو الاجمال ، لا لبيان ما يعتبر فيه حتى يكون مرجعا عند الشك في جزئية شيء أو شرطيته للمركب « واما دليل المثبت للجزئية » فلا يبعد دعوى اقتضائه للركنية لقوة ظهوره في الاطلاق والشمول لحال النسيان ، من غير فرق بين ان يكون بلسان الوضع كقوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ولا صلاة الا بطهور ، وبين ان يكون بلسان الامر والتكليف كقوله اركع في الصلاة واسجد فيها ونحو ذلك من الأوامر المتعلقة باجزاء المركب ( نعم ) في مورد يكون دليل اعتبار الجزء هو الاجماع يمكن تخصيص الجزئية المستفادة منه بحال

٤٢٤

الذكر لكونه هو المتيقن من الاجماع على ثبوت الجزئية ، بخلاف ما لو كان دليل الجزء غير الاجماع ، فان اطلاقه مثبت لعموم جزئية الجزء لحال النسيان أيضا ( لا يقال ) ان ذلك يستقيم إذا كان دليل اعتبار الجزء بلسان الوضع ، كقوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ( وأما إذا كان ) بلسان الامر والتكليف ، كقوله اركع في الصلاة فلا يتم ذلك ، لان الجزئية حينئذ تتبع الحكم التكليفي ، فإذا كان الحكم التكليفي مختصا بحكم العقل بحال التذكر ولا يمكن شموله لحال الغفلة والنسيان فالجزئية المستفادة منه تتبعة وتختص بحال الذكر أيضا ( فإنه يقال ) انه لو تم ذلك فإنما هو في فرض ظهور تلك الأوامر المتكفلة لبيان الاجزاء والشرائط في المولوية النفسية أو الغيرية ( والا ) فعل ما هو التحقيق من ظهورها في الارشاد إلى جزئية متعلقاتها للمركب ودخلها في الملاكات والمصالح الكائنة فيه فلا يستقيم ذلك ( إذ لا يكون ) حينئذ محذور عقلي أو غيره في عموم الجزئية لحال النسيان ( مع أنه ) على فرض ظهورها في المولوية ولو بدعوى كونها بحسب اللب عبارة عن قطعات ذلك الامر النفسي المتعلق بالمركب غير أنها صارت مستقلة في مقام البيان ، ( نقول ) ان المنع المزبور عن عموم الجزئية لحال النسيان انما يتجه إذا كان الحكم العقلي بقبح تكليف الناسي والغافل في الارتكاز بمثابة يكون كالقرينة المحتفة بالكلام بحيث يمنع عن انعقاد ظهوره في الاطلاق ، وهو في محل المنع ( فان الظاهر ) هو عدم كونه من العقليات الضرورية المرتكزة في أذهان العرف والعقلاء ( وانه ) من العقليات غير الارتكازية التي لا ينتقل الذهن إليها الا بعد الالتفات والتأمل في المبادي التي أوجبت حكم العقل ( فيدخل ) حينئذ في القرائن المنفصلة المانعة عن مجرد حجية ظهور الكلام لا عن أصل ظهوره ( وعليه ) يمكن ان يقال ان غاية ما يقتضيه الحكم العقلي المزبور انما هو المنع عن حجية ظهور تلك الأوامر في الاطلاق بالنسبة إلى الحكم التكليفي ( واما بالنسبة ) إلى ظهورها في الحكم الوضعي وهو الجزئية واطلاقها لحال النسيان ، فحيث لا قرينة على الخلاف من هذه الجهة يؤخذ بظهورها في ذلك ( وعلى فرض الاغماض ) عن ذلك أيضا يمكن التمسك باطلاق المادة لدخل الجزء في الملاك والمصلحة حتى في حال النسيان ، فلا فرق حينئذ في صحة التمسك باطلاق دليل الجزء لعموم الجزئية لحال النسيان بين كونه بلسان الحكم التكليفي

٤٢٥

أو بلسان الوضع ( نعم ) لو اغمض عما ذكرنا لا يستقيم الجواب عنه بما عن بعض الأعاظم قده من أن منشأ انتزاع الجزئية والشرطية ليس هو الحكم التكليفي النفسي كي يلزم اختصاصهما تبعا للحكم التكليفي بالذاكر ، بل منشأ انتزاعهما انما هو التكليف الغيري المتعلق باجزاء العبادة ، ولا موجب لتوهم اختصاص الأوامر الغيرية بالمتمكن من الجزء والذكر له ، بل نعم العاجز والناسي وتثبت الجزئية والشرطية في حقهما إذا كان لدليل الجزء في نفسه اطلاق يشمل حال العجز والنسيان ( إذ فيه ) ان المراد من الامر الغيري ان كان هو الامر المقدمي ، فلا شبهة في أنه غير صالح لان يكون منشأ لانتزاع الجزئية والشرطية ( بداهة ) ان الامر الغيري يتعلق بما هو فارغ الجزئية والشرطية فيستحيل كونه منشأ لانتزاعهما ( بل منشأ ) انتزاع الجزئية والشرطية لابد وأن يكون هو الامر النفسي المتعلق بالمجموع أو المقيد مع تقيده ، غاية ما يكون انه قد يستقل في مقام البيان قائما بموضوعه ( ولكنه ) بذلك لا يكون أمرا غيريا مقدميا ، بل هو اما قطعة من الامر النفسي المتعلق بالمجموع كما أشرنا إليه ، أو هو امر ارشادي إلى الجزئية والشرطية وكاشف عن وجود منشأ الانتزاع لهما ( وعلى فرض ) مقدمية تلك الأوامر المتعلقة باجزاء العبادة ، لا وجه لمنع اختصاصها بحال الذكر ، فإنه يكفي في التخصيص المزبور حينئذ استقلال العقل بقبح توجيه التكليف الفعلي ولو غيريا إلى ما لا يطاق ( نعم ) لو كان المراد من الامر الغيري هو الامر الارشادي لا بأس بدعوى شمول اطلاق خطابه للناسي والذاكر كما بيناه ( هذا كله ) مقتضى الأصل الأولى المستفاد من الأدلة الاجتهادية.

( واما الأصل الثانوي ) فقد يقال ان مقتضى اطلاق أدلة الاجزاء والشرائط وان كان هو ثبوت الجزئية في حال النسيان « الا ان » مقتضى حديث الرفع الحاكم على الأدلة الأولية هو عدم الجزئية في حال النسيان واختصاصها بحال الذكر ، ولازمه هو كون المأتى به في حال النسيان الفاقد للجزء المنسى هو تمام المأمور به ( أقول ) لا يخفى ان التمسك بهذا الحديث الشريف لرفع جزئية المنسى في حال النسيان ، تارة يكون من جهة تطبيق عنوان ، ما لا يعلم ، وأخرى من جهة عنوان النسيان « وتنقيح الكلام » فيه يحتاج إلى تمهيد أمور « الأول » لا شبهة في أن مورد

٤٢٦

تطبيق عنوان ما لا يعلم انما يكون في فرص عدم تحقق اطلاق في البين لأدلة الاجزاء أو لدليل المركب ، لأنه مع وجود الاطلاق لدليل المركب أو لأدلة الاجزاء يكون المتبع هو الاطلاق ويخرج به الجزء المنسي عن عنوان ما لا يعلم فلا يبقى له موضوع حتى يجرى دليل الرفع ( بخلاف ) عنوان النسيان ، فإنه لابد في تطبيقه في المقام من أن يكون في فرض يكون لأدلة الاجزاء اطلاق يقتضي ثبوت الجزئية في حال النسيان أيضا ( والا ) فمع عدم اطلاقها كذلك لا موقع لجريان رفع النسيان ( إذ لا يكون ) حينئذ امر ثابت في حال النسيان حتى يرفع لأجل النسيان ( الامر الثاني ) لا شبهة في أنه لابد وأن يكون ظرف التطبيق في كل واحد من العنوانين المزبورين هو ظرف التذكر والالتفات لا ظرف الغفلة والنسيان ( لان ) في ظرف النسيان لا يكاد التفات الناسي إلى العنوان المزبور فلا يعقل ان يتوجه إليه خطاب رفع الجزئية عن المنسي ( الامر الثالث ) ان الحديث المبارك بملاحظة وروده في مقام الامتنان على الأمة انما يرفع الآثار التي في وضعها خلاف المنة ( فما لا يكون ) كذلك كان خارجا عن مصب الرفع ، ولا مجال للتمسك به في رفعه وان فرض كونه مما في رفعه التوسعة على المكلف ، ولأجل ذلك قلنا في مبحث البراءة عند التعرض لمفاد الحديث انه لا يجوز التمسك به فيما لا يعلمون لرفع الحكم الواقعي الثابت في المرتبة السابقة على الشك لعدم كونه بوجوده الواقعي مما فيه الضيق على المكلف حي يقتضي الامتنان رفعة ( الامر الرابع ) انه يعتبر ان يكون المرفوع من الآثار التي تنالها يد الوضع والرفع التشريعي اما بنفسه أو بتوسط منشئه ، فلا يرفع ما لا يكون كذلك كالآثار العقلية والعادية ( الامر الخامس ) الظاهر اختصاص الرفع في الحديث برفع ما لولاه يكون قابلا للثبوت تكليفا كان أو وضعا فما لا يكون كذلك لا يشمله الحديث وبذلك يختص المرفوع في عنوان النسيان بمثل ايجاب التحفظ دون التكليف المتعلقة بنفس المنسي فإنها مرتفعة بقبح التكليف بما لا يطاق ( إذا عرفت ذلك ) فاعلم أن التمسك بهذا الحديث في المقام لرفع جزئية المنسي واثبات عدم وجوب الإعادة بعد التذكر ، تارة يكون من جهة عنوان ما لا يعلم ، وأخرى من جهة عنوان النسيان ( اما الأول ) فالظاهر أنه لا قصور في التمسك بالحديث لرفع جزئية المنسي للطبيعة المأمور بها في حال النسيان ، حيث إنه

٤٢٧

بعد ما لم يكن للأدلة اطلاق يقتضي الجزئية حتى في حال النسيان ، يشك في أن الثابت في حق الناسي للجزء هي الطبيعة الواجدة للجزء أو الفاقدة له ، فيكون من صغريات الأقل والأكثر الارتباطي ، فيجري فيه حديث الرفع ويترتب على جريانه كون المأتى به حال النسيان مصداقا ظاهريا للطبيعة المأمور بها ، فيترتب عليه عدم وجوب الإعادة بعد التذكر وزوال الغفلة ، كجريانه في غير المقام مما كان الشك في أصل جزئية شيء أو شرطيته للمأمور به ( من غير فرق ) بين تطبيق الرفع على الأكثر المشتمل على الجزء المنسى أو تطبيقه على الجزء المنسى المشكوك دخله حال النسيان في المأمور به ( وتوهم ) ان الجزئية انما هي من الأمور الانتزاعية الصرفة ولا معنى لتعلق الرفع بها في المقام ( لأنه ) بالنسبة إلى مقام الدخل في المصلحة يكون الدخل المزبور تكوينيا لا تناله يد الوضع والرفع التشريعي ، وبالنسبة إلى التكليف الفعلي الذي هو منشأ انتزاع الجزئية الفعلية لا يكون التكليف بنفسه قابلا للثبوت لولا الرفع للقطع بانتفائه في حال النسيان لمكان استحالة التكليف بما لا يطاق ( مدفوع ) بأنه يكفي في صحة الرفع وجود المقتضى لثبوت التكليف والجزئية في حال النسيان الموجب لبقاء الامر المستلزم لوجوب الإعادة بعد زوال النسيان « نعم هنا اشكال آخر » لبعض الأعاظم قده ، وحاصله ان أقصى ما يقتضيه الحديث انما هو رفع الجزئية ما دام النسيان ولا يقتضى رفعها على الاطلاق في تمام الوقت الا مع استيعاب النسيان تمام الوقت ، فلو فرض انه ارتفع النسيان في الوقت بمقدار يمكن ايجاد الطبيعة المأمور بها بتمام مالها من الاجزاء والشرائط فلا تقتضي البراءة عن الجزء المنسى في حال النسيان عدم وجوب الفرد التام عليه في ظرف تذكره ، بل مقتضى اطلاق الأدلة هو وجوبه عليه ، ولا ملازمة بين رفع الجزئية بأدلة البراءة في حال النسيان لرفعها في ظرف التذكر ، لأن الشك في الأول يرجع إلى ثبوت الجزئية في حال النسيان ، والثاني يرجع إلى سقوط التكليف بالجزء في حال الذكر ، والأول مجرى البراءة ، والثاني مجرى الاشتغال ( وفيه ما لا يخفى ) من الخلط بين رفع الجزئية بعنوان ما لا يعلم ، وبين رفعها بعنوان النسيان ( فان الذي ) يقتضيه رفع الجزئية بعنوان المشكوكية انما هو بقاء الرفع ما دام بقاء موضوعه وهو الشك في الجزئية لا ما دام بقاء النسيان ( فإذا كان ) المفروض في المقام الشك في جزئية المنسى

٤٢٨

للطبيعة المأمور بها حال النسيان لفرض عدم اطلاق الأدلة وكان المفروض أيضا هو وجود هذا الشك في ظرف التذكر وزوال الغفلة ، فلا محالة يلزمه بقاء الرفع ببقاء موضوعه وهو الشك في الجزئية ولازم رفعها حينئذ هو كون المأتى به في حال النسيان مصداقا ظاهريا للطبيعة المأمور بها ، ولازمه عدم وجوب الإعادة عليه في ظرف تذكره لسقوط الامر بالطبيعة المأمور بها بالمأتي به في حال النسيان ( ومعه ) لا مجال لدعوى رجوع الشك في حال التذكر إلى الشك في سقوط التكليف بالجزء كما لا مجال لدعوى اقتضاء اطلاق الأدلة عند التذكر وجوب الاتيان بالطبيعة الواجدة للجزء المنسي ( فان فرض الكلام ) في الرجوع إلى أدلة البراءة انما هو في صورة عدم اطلاق الأدلة ، وفي هذا الفرض أين اطلاق حتى يقال ان مقتضاه وجوب الاتيان بالطبيعة الواجدة للجزء المنسي ( نعم ) يتم هذا الكلام في رفع الجزئية بعنوان النسيان لا بعنوان المتكوكية ، فإنه مع العلم بالجزئية بمقتضى اطلاق أدلة الاجزاء يشك في سقوط التكليف عن الجزء المنسي في حال التذكر باتيان ما عداه في حال النسيان ( ولكنه ) خارج عن فرض المسألة كما هو ظاهر ( هذا كله ) في رفع الجزئية بعنوان ما لا يعلم ، وقد عرفت انه مع الشك في جزئية المنسي للطبيعة المأمور بها في حال النسيان وعدم اطلاق الأدلة لا قصور في التمسك بحديث الرفع لرفع الجزئية في حال النسيان وعدم وجوب الإعادة عند التذكر وزوال الغفلة ( واما رفعها ) بعنوان النسيان ، فقد يقال ان مقتضى رفع النسيان هو عدم الجزئية في حال النسيان واختصاصها بحال الذكر ولازمه الاجتزاء بالمأتى به بدون المنسى وعدم لزوم الإعادة عند التذكر * ولكن فيه اشكال * فان المرفوع ، اما ان يجعل كونه نفس النسيان بجعله في إضافة الرفع إليه عنوانا مستقلا لامرأتا إلى امر آخر غايته لا على نحو الحقيقة كي يلزم الكذب بل على نحو من العناية والادعاء فيكون رفعه بلحاظ اثره وما يترتب عليه من ترك الجزء الموجب لترك الكل وهو أيضا بلحاظ ما يترتب عليه من الفساد ووجوب الإعادة ، أو يجعل كونه هو المنسي اما بجعل النسيان بمعنى المنسي أو بجعله عنوانا مشيرا إلى ما هو المرفوع وهو المنسي ( وعلى التقديرين ) لا مجال للتمسك بالحديث لاثبات الاجتزاء بالمأتى به في حال النسيان وعدم وجوب الإعادة في ظرف التذكر وزوال الغفلة ، وذلك على الأول ظاهر ، لعدم كون

٤٢٩

وجوب الإعادة في المقام من الآثار الشرعية الثابتة للنسيان ، وانما ترتبه عليه يكون بتوسيط ترك الجزء الذي يكون ترتبه على النسيان عقليا ، والرفع في الحديث كما تقدم في مقدمات المقصد يختص بالآثار الشرعية ، فلا يشمل الآثار غير الشرعية ولا الآثار الشرعية المترتبة بتوسيط امر عقلي أو عادي ( واما على الثاني ) فمع ان أثر وجود الجزء لا يكون الا الصحة لا الجزئية لأنها من اثار طبيعة الجزء لا من اثار وجود الجزء المنسي ورفع الصحة يقتضى البطلان ووجوب الإعادة ( انه ان أريد ) برفع الجزئية رفع الجزئية أو الشرطية عن الجزء والشرط المنسيين في مقام الدخل في الملاك والمصلحة ، فلا شبهة في أن هذا الدخل امر تكويني غير قابل لان يتعلق به الرفع التشريعي ، وان أريد رفعهما بلحاظ انتزاعهما عن التكليف الضمني المتعلق بالجزء والتقيد بالشرط ( ففيه ) مضافا إلى ما تقدم من اختصاص الرفع في الحديث برفع ما لولاه يكون قابلا للثبوت تكليفا أو وضعا وعدم شموله للتكاليف المتعلقة بالمنسي في حال النسيان لارتفاعها بمحض تحقق النسيان بملاك استحالة التكليف بما لا يطاق ( ان غاية ) ما تقتضيه الحديث حينئذ انما هو رفع ابقاء الامر الفعلي والجزئية الفعلية عن الجزء المنسي في حال النسيان الملازم بمقتضى ارتباطية التكليف لسقوط الامر الفعلي عن البقية أيضا ما دام النسيان ( واما اقتضائه ) لسقوط المنسى عن الجزئية والشرطية في حال النسيان لطبيعة الصلاة المأمور بها رأسا على نحو يستتبع تحديد دائرة الطبيعة في حال النسيان بالبقية ويقتضي الامر باتيانها فلا ( بداهة ) خروج ذلك عن عهدة حديث الرفع ، وذلك لا من جهة ان الامر بالبقية موجب للكلفة والضيق الذي هو خلاف الارفاق على الأمة كما توهم ، لامكان دفعه بان كلفة الاتيان بالبقية حينئذ انما يكون بالزام عقلي لا بالزام شرعي ، فلا يلزم حينئذ ضيق على المكلف من ناحية امر الشارع بالبقية ( بل ذلك ) من جهة عدم تكفل الحديث لاثبات الوضع والتكليف لان شأنه انما هو التكفل للرفع محضا ( وحينئذ ) بعد عدم اقتضاء الحديث للامر بالبقية واثبات ان المأتى به في حال النسيان تمام المأمور به ، فعند زوال النسيان تكون المصلحة الداعية إلى الامر بالمركب أولاً ابقائها غير مستوفاة مقتضية لاحداث التكليف الفعلي باتيانه إعادة في الوقت وقضاء في خارجه ( وبالجملة ) ان صحة التمسك بحديث الرفع في المقام للاجتزاء بالمأتي به في حال النسيان

٤٣٠

وعدم وجوب الإعادة بعد زوال الغفلة ، يحتاج إلى الالتزام بأحد الأمور الثلاثة ( اما دعوى ) ان الحديث ناظر إلى رفع دخل الجزء المنسى في ظرف النسيان في مصلحة المركب ( أو دعوى ) اقتضاء الحديث برفع جزئية المنسي تحديد دائرة الطبيعة المأمور بها في حال النسيان بالبقية واثبات التكليف بها ولو بنحو جعل البدل ( أو الالتزام ) باستفادة تعدد المطلوب من الخطاب المتعلق بالصلاة بان تكون الصلاة المشتملة على تمام الاجزاء والشرائط مطلوبا والصلاة المشتملة على ما عدى الجزء المنسى مطلوبا آخر ولو كان ذلك من جهة حديث الرفع بضميمة المطلقات الأولية المثبتة للاجزاء والشرائط ( ولكنه ) لا سبيل إلى اثبات شيء منها « اما الأول » فبما عرفت من أن دخل الجزء والشرط في المصلحة امر تكويني وحديث الرفع لا يكون ناظرا إلى مثله ، كما أنه لا يكون ناظرا إلى تحديد دائرة الطبيعة المأمور بها واقعا بالبقية واثبات التكليف بها ، لخروج مثله عن عهدة حديث الرفع « واما الثالث » فلكونه خلاف ما تقتضيه اطلاقات الأوامر المتعلقة بالمركبات من الظهور في وحدة المطلوب وما تقتضيه اطلاقات الأدلة المثبتة للاجزاء والشرائط من الجزئية والشرطية المطلقتين ، ولذلك ترى بنائهم على سقوط التكليف عن المركب عند تعذر بعض اجزائه الا إذا كان هناك ما يقتضى ثبوت التكليف بالبقية ووجوب الاتيان بها كقاعدة الميسور ونحوها « نعم » لو اغمض عما ذكرناه من الاشكال على التمسك بحديث الرفع لاثبات الاجتزاء بالمأتى به حال النسيان « لا يرد » عليه الاشكال بما عن بعض الأعاظم قده « تارة » بان المنسى ليس هي الجزئية والا يرجع إلى نسيان الحكم وهو من اقسام الجهل فيندرج في قوله (ص) رفع ما لا يعلمون ( وأخرى ) بان محل البحث ليس هو النسيان المستوعب لتمام الوقت في الموقتات أو لتمام العمر في غيرها ، وانما البحث في النسيان غير المستوعب لتمام الوقت ، ومن الواضح ان سقوط الجزئية في خصوص حال النسيان لا يقتضى سقوطها في تمام الوقت حتى في ظرف التذكر وزوال صفة النسيان « وثالثة » انه ليس في المركبات الا طلب واحد متعلق بعدة أمور متباينة يجمعها واحدة اعتبارية وينتزع جزئية كل واحد منها من انبساط ذلك الطلب الوحداني عليه وتعلقه به بتبع تعلقه بالكل ، لا ان جزئية كل واحد منها كانت مستقلة بالجعل ، وحينئذ فالذي يلزم من نسيان

٤٣١

بعض الاجزاء انما هو سقوط الطلب عن الكل لا عن خصوص الجزء المنسى ، فإنه مع كون الطلب واحدا لا معنى لتبعيضه وتقطيعه وجعل الساقط هو خصوص القطعة المختصة منه بالجزء المنسي ، فان ذلك يتوقف على قيام دليل عليه بالخصوص ولا يمكن الاستدلال له بمثل قوله (ص) رفع النسيان « إذ فيه » اما الاشكال الأول فبان المقصود من رفع الجزئية ليس كونها هو المنسي حتى يتوجه عليه الاشكال المزبور ، وانما المقصود من رفعها باعتبار وكونها من اثار ذات الجزء المنسى واقتضاء رفعه رفع الجزئية الثابتة له ، لان لازم جزئية المنسي للمركب حينئذ انما هو بطلان المأتى به في حال النسيان فيكون رفعه عبارة عن سقوطه عن الجزئية في حال النسيان ، ولازمه هو صحة الماتى به في حال النسيان من جهة اقتضائه لكون المأتى به حال النسيان تمام المأمور به في حقه ومثله يستتبع عدم وجوب الإعادة عليه بعد التذكر « وبذلك » يظهر اندفاع الاشكال الثاني أيضا * حيث * ان عدم وجوب الإعادة بعد التذكر انما هو من لوازم سقوط المنسى عن الجزئية في حال النسيان واقتضائه تحديد دائرة الطبيعة المأمور بها بما عدى الجزء المنسي ، فان لازمه كما عرفت انما هو كون الماتى به الفاقد للجزء المنسي تمام المأمور به ومثله يستتبع قهرا سقوط التكليف بالإعادة لمكان اتيانه بما هو مصداق الطبيعي المأمور به الثابت في حقه ( كما أنه ) بهذا البيان يندفع الاشكال الثالث أيضا ، فان سقوط الطلب عن خصوص الجزء المنسى لا عن الكل انما هو من جهة اقتضاء رفع الجزء المنسى تحديد الطبيعة المأمور بها في حال النسيان بالبقية الملازم لتحديد دائرة الطلب والبعث الفعلي أيضا بما لا يشمل الجزء المنسى ، فان لازمه حينئذ هو سقوط الطلب عن الطبيعة بالمأتي به حال النسيان لكونه تمام المأمور به الثابت في حقه ( وحينئذ ) فالعمدة في الاشكال عليه هو ما ذكرناه من منع اقتضاء رفع النسيان تحديد دائرة الطبيعة المأمور بها بالبقية واثبات الامر الفعلي بها ( إذ حينئذ ) يكفي في وجوب الإعادة عند التذكر اطلاق دليل الجزئية الموجب لدخل المنسى في مصلحة المركب وملاكه حتى في حال النسيان هذا ( وقد يقرب ) التمسك بالحديث بوجه آخر لاثبات عدم وجوب الإعادة وهو تطبيق الرفع على نفس ترك الجزء المنسى ( بتقريب ) ان رفع الترك عبارة عن جعله كان لم يكن في عالم تشريع الحكم على معنى عدم جعله

٤٣٢

موضوعا للحكم بالفساد ووجوب الإعادة الراجع إلى البناء على صحة المأتى به الفاقد للجزء المنسى بجعله بدلا عن الواقع في القناعة به عنه في مقام تفريع الذمة ( ولكن فيه ) انه يتم ذلك إذا كان الرفع فيه ناظرا إلى تحديد دائرة الطبيعة المأمور بها في حال النسيان بما عدى المنسى ، والا فلا اثر لمجرد رفع الترك الأعدم بقاء الامر والتكليف بايجاد الجزء في حال النسيان ، ومثله غير مجدي في الحكم بالصحة وعدم وجوب الإعادة كما هو ظاهر ( وقد أورد عليه ) بوجه آخر وحاصله ان استفادة الاجتزاء بالمأتى به حينئذ مبنى على اقتضاء رفع الترك للبناء على وجود الجزء المنسي وتحققه وهو بمعزل عن التحقيق ( لان ) شأن حديث الرفع انما هو تنزيل الموجود منزلة المعدوم لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود ( لان ) تنزيل المعدوم منزلة الموجود يكون وضعا وحديث الرفع لا يتكفل الوضع ، فمن ذلك لا يمكن تطبيق الرفع على ترك الجزء المنسي ( وفيه ) ان مرجع الرفع في الحديث بعد ما كان إلى الرفع بالعناية الراجع إلى خلو صفحة التشريع عن المرفوع على معنى عدم اخذه موضوعا في عالم تشريع الاحكام ، لا يكاد يفرق بين رفع الفعل أو الترك ( فإنه كما أن ) مرجع رفع الوجود لي عالم التشريع إلى رفع الأثر المترتب عليه وخلوه عن الحكم في عالم التشريع ( كذلك ) في رفع العدم ، فرفعه أيضا عبارة عن عدم اخذه موضوعا في عالم تشريع الاحكام ، وحينئذ فإذا كان الأثر المترتب على ترك الجزء هو الفساد ووجوب الإعادة مثلا بلحاظ دخل نقيضة وهو الوجود في الصحة ، فلا جرم يكون مرجع رفع هذا الترك إلى عدم اخذه موضوعا للحكم بالفساد وخلو صفحة التشريع عن حكمه ، لا ان مرجعه إلى قلب العدم بالوجود بالنبأ على وجوده وتحققه حتى يتوجه الاشكال المزبور ( إذ فرق واضح ) بين قلب الوجود بعدم ذاته وتنزيله منزلته وبالعكس ، وبين قلب اخذ كل من الوجود والعدم في مقام كونه موضوعا للحكم بعدم اخذه موضوعا في مرحلة تشريع الحكم ( والاشكال ) انما يرد على الأول دون الثاني وما يقتضيه حديث الرفع هو الثاني دون الأول ( نعم ) لو كان رفع الترك بلحاظ الأثر المترتب على الوجود لا بلحاظ نقيضه المترتب على العدم لاتجه الاشكال المزبور ، إذ يحتاج في الحكم بالصحة إلى تنزيله منزلة الوجود ( ولكنه ) لا داعي إليه بعد كفاية نقيض الأثر المترتب على الوجود في صحة تطبيق الرفع على

٤٣٣

نفس الترك كما هو ظاهر * هذا كله * في الجهة الثانية ، وقد عرفت ان مقتضى القاعدة هو عدم الاجتزاء بالمأتى به في حال النسيان عن الواقع.

* واما الجهة الثانية * فقد ورد اخبار كثيرة في باب الصلاة على عدم لزوم اعادتها بالاخلال السهوي بما عدى الخمسة المعروفة من اجزائها وشرائطها كقوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمس ، الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ( ولا اشكال ) في الحكم بالصحة فيها بمقتضى تلك للأخبار النافية للإعادة ( نعم انما الكلام ) في بيان مفاد هذه الأخبار ومقدار دلالتها من حيث الاختصاص بصورة الاخلال السهوي أو العموم لصورة الجهل بل العمد أيضا * فنقول وعليه التكلان * الذي يظهر من جماعة من الاعلام هو اختصاص مفاد تلك الأخبار بصورة الاخلال السهوي وعدم عمومه لما يشمل الجهل ( بتقريب ) ان الظاهر المستفاد من قوله (ع) لا تعاد انما هو نفي الإعادة في مورد لولا هذا الدليل يكون المكلف مخاطبا بايجاد المأمور به بعنوان الإعادة بمثل قوله أعد الصلاة ، وهذا يختص بموارد السهو والنسيان ( فإنه ) لما لا يمكن بقاء الامر والتكليف بايجاد المأمور به في حال النسيان يكون الامر بايجاده ممحضا بكونه بعنوان الإعادة « بخلاف موارد » الجهل والعمد ، فان التكليف بايجاد المأمور به يكون متحققا في ظرف الجهل ويكون وجوب الإعادة باقتضاء الامر الأول الباقي في ظرف الجهل ، لا انه بخطاب جديد متعلق بعنوان الإعادة كما في مورد السهو والنسيان « وبذلك » يختص لا تعاد بخصوص صورة الاخلال الناشئ عن السهو والنسيان ، ولا يشمل صورة الجهل والعمد ( ولكن فيه ) ان إعادة الشيء في الطبايع الصرفة بعد أن كانت حقيقتها عبارة عن ثاني وجود الشيء على نحو يكون له وجود بعد وجود فلا شبهة في أنه لابد في صدق هذا العنوان وتحققه من أن يكون الشيء مفروض الوجود أو لا اما حقيقة أو ادعاء وتخيلا ليكون الايجاد الثاني تكرارا لوجود ذلك الشيء وإعادة له ( والا فبدونه ) لا يكاد يصدق هذا العنوان ، فمهما فرض انه كان لصرف الطبيعي وجود مسبوقا كونه بوجود آخر له حقيقة أو تخيلا وزعما ينتزع منه عنوان الإعادة باعتبار كونه ثاني الوجود لما اتى أو لا من المصداق الحقيقي أو الزعمي ، كان تعلق الامر بهذا الوجود الثاني بعنوان الايجاد ، أو

٤٣٤

بعنوان الإعادة ( وحينئذ نقول ) انه كما أن في موارد الاخلال السهوي بالجزء يصدق هذا العنوان وينتزع من الايجاد الثاني عنوان الإعادة ، كذلك يصدق العنوان المزبور في موارد الجهل بل العمدة أيضا حيث إنه ينتزع العقل من الايجاد الثاني عنوان الإعادة باعتبار كونه إعادة لما اتى أو لا من الفرد الفاسد « غاية الامر » يكون وجوب هذا العنوان في موارد الجهل والعمد من جهة اقتضاء التكليف الأول الباقي في ظرف الجهل وفى موارد السهو والنسيان بخطاب جديد * ولكن * هذا المقدار لا يوجب فرقا بينهما فيما نحن بصدده كي يوجب اختصاص لا تعاد من جهة اشتماله على لفظ الإعادة بموارد النسيان ، بل ذلك كما يشمل السهو والنسيان ، كذلك يشمل الجهل بل العمد أيضا * ويشهد لما ذكرنا * جملة من الاخبار المشتملة على لفظ الإعادة في مورد الجهل والعمد * منها * قوله (ع) من زاد في صلوته فعليه الإعادة الظاهر في العمد * ومنها * قوله (ع) فيمن اجهر في موضع الاخفات أو أخفي في موضع الجهر ، اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته وعليه الإعادة فان فعل ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلوته * ومنها * قوله (ع) فيمن صلى أربعا في السفر انه ان قرء عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه فان في هذه الأخبار دلالة على ما ذكرنا من عدم اختصاص مورد الامر بعنوان الإعادة بصورة السهو والنسيان ، بل في قوله (ع) فان فعل ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلوته وكذا في قوله (ع) وان لم يكن قرأت عليه الخ شهادة على شمول لا تعاد لصورتي الجهل والنسيان ، نظرا إلى ظهورها في كون الجميع على سياق واحد فتأمل * وحينئذ * لا قصور في اطلاق لا تعاد وشموله لمطلق الاخلال بما عدى الخمسية من الاجزاء والشرائط نسيانا أو جبلا وعمدا * غير أنه * بمقتضى الاجماع والنصوص الخاصة يرفع اليد عن اطلاقه بالنسبة إلى خصوص العمد ويؤخذ به في صورتي النسيان والجهل * اللهم * الا ان يتشبث في تقييد اطلاقه بخصوص الاخلال السهوي بما في صحيح زرارة من قوله (ع) ان الله فرض الركوع والسجود والقرائة سنة فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسى فلا شيء عليه ، وقوله (ع) في خيره الاخر ومن نسى القراءة فقد تمت صلوته بضميمة ما في ذيل لا تعاد في خبره الثالث من قوله (ع) القراءة سنة

٤٣٥

والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة ، فان قوله (ع) القراءة سنة بمنزلة التعليل لما ذكره أولاً من نفى الإعادة * فكأنه قال (ع) * لا تعاد الصلاة بترك السنة وبعد تقييده بما في خبر زرارة من قوله (ع) فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسى فلا شيء عليه يصير المتحصل هو اختصاص نفي الإعادة بصورة الاخلال السهوي بملاحظة اندراج الاخلال الجهلي في الاخلال العمدي لصدق الترك العمدي على الاخلال بالجزء عن جهل منه بالحكم أو الموضوع ، كما لعله يشهد بذلك قضية المقابلة بين الترك العمدي والترك السهوي في رواية زرارة المتقدمة بقوله (ع) فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن ترك ناسيا فلا شيء عليه فإنه يستفاد من التقابل المزبور اندراج صورة الاخلال الجهلي خصوصا الجهل بالحكم بالاخلال العمدي الذي حكم فيه بالبطلان ووجوب الإعادة فتأمل * ثم لا يخفى * ان ما ذكرنا من اندراج الاخلال بالجزء عن جهل بالحكم أو الموضوع في الاخلال العمدي انما هو إذا لم يكن امر شرعي بالمضي في العمل * وأما إذا كان * هناك امر شرعي بوجوب المضي وعدم الاعتناء بالشك في اتيان الجزء فلا محالة يوجب ذلك خروج الاخلال المزبور عن الاخلال العمدي * لان * المكلف حينئذ من جهة كونه مقهورا من طرف الشارع بوجوب المضي يكون مسلوب القدرة على الترك ولو بحكم العقل بوجوب الإطاعة ، وبذلك يخرج الترك عن كونه عمديا فيندرج في عموم قوله (ع) لا تعاد * وعليه * يندفع ما ربما يتخيل من الاشكال في وجه الفرق ، بين صورة الشك في اتيان الجزء بعد الدخول في غيره ، وبين الشك فيه قبله في فرض مضيه في الصورتين وتبين عدم الاتيان به واقعا بعد الصلاة ، من حيث بنائهم في الأول على الصحة والبطلان في الثاني ووجوب إعادة الصلاة ، بدعوى ان ترك الجزء مع الشك المزبور ان صدق عليه الترك العمدي الموجب لاندراجه في قوله ومن ترك السنة متعمدا أعاد الصلاة ، فليكن كذلك في الصورتين ، وان لم يصدق عليه الترك العمدي فليكن كذلك أيضا في الصورتين ولا يجدي في الفرق بينهما مجرد حدوث الشك في إحدى الصورتين بعد مضي محله الشكي وفي الأخرى قبله ( وجه الاندفاع ) ما عرفت من أن الفارق بينهما في الحكم المزبور انما هو امر الشارع بالمضي في الصورة الأولى الموجب لخروج ترك الجزء

٤٣٦

عن الترك العمدي الموجب لوجوب الإعادة ، وعدم امره به في الصورة الثانية ( وكيف كان ) هذا كله فيما يتعلق بالمقام الأول وهي صورة الاخلال بالجزء من طرف النقيصة ، وقد عرفت ان مقتضى القاعدة الأولية فيه هي الركنية والبطلان بالاخلال بالجزء ( الا في ) خصوص باب الصلاة ، فكان مقتضى القاعدة الثانوية المستفادة من قوله لا تعاد فيها هو عدم الركنية فيما عدى الخمسة وعدم وجوب الإعادة بعد التذكر وزوال صفة النسيان.

« المقام الثاني »

في بطلان العمل بزيادة الجزء عمدا وسهوا ( والكلام فيه ) أيضا يقع من جهات ثلاث ( الأولى ) في تصوير وقوع الزيادة الحقيقة في الاجزاء والشرائط ( الثانية ) في بيان حكم كل من الزيادة العمدية والسهوية من حيث الصحة والبطلان بحسب ما تقتضيه القاعدة الأولية ( الثالثة ) فيما تقتضيه القاعدة الثانوية على خلاف ما اقتضته القاعدة الأولية ( اما الكلام في الجهة الأولى ) فتوضيحه يحتاج إلى تمهيد أمور ( الأولى ) لا شبهة في أنه يعتبر في صدق الزيادة الحقيقية في الشيء ان يكون الزائد من سنخ المزيد عليه وبدونه لا يكاد يصدق عنوان الزيادة الحقيقة ، ولذا لا يصدق على الدهن الذي أضيف إليه مقدار من الدبس انه زاد فيه الا على نحو من العناية ( نعم ) الصادق انما هو عنوان الزيادة على ما في الظرف بعنوان كونه مظروفا لا بعنوان كونه دهنا ، فقوام الزيادة الحقيقية حينئذ في اجزاء المركبات وشرائطها انما هو بكون الزائد من سنخ ما اعتبر جزء أو شرطا لها ( فإذا كان ) المركب بنفسه من العناوين القصدية كالصلاة مثلا على ما هو التحقيق من أن حقيقتها عبارة عن الافعال والأذكار الخاصة الناشئة عن قصد الصلوتية ، لا انها عبارة عن مجرد الافعال والأذكار والهيئات الخاصة ولا مجردة عن قصد الصلوتية بشهادة عدم حرمتها كذلك على الحائض إذا أتت بها على الكيفية الخاصة لا بعنوان الصلوتية ، يحتاج في صدق عنوان الزيادة فيها إلى قصد عنوان الصلوتية بالجزء المأتى به أيضا ، والا فمع فرض خلوه عن قصد الصلوتية وعنوان الجزئية لها لا يكون المأتى

٤٣٧

به حقيقة من سنخ الصلاة فلا يرتبط حينئذ بالصلاة حتى يصدق عليه عنوان الزيادة في الصلاة الا على نحو من العناية للمشاكلة الصورية ( الثاني ) يعتبر أيضا في صدق عنوان الزيادة في الشيء ان يكون المزيد فيه مشتملا على حد مخصوص ولو اعتبارا حتى يصدق بالإضافة إليه عنوان الزيادة وعدمها كما في ماء الحب أو النهر مثلا ، فإنه لابد في صدق هذا العنوان من أن يفرض للماء حد مخصوص ككونه بالغا إلى نقطة كذا ومقدار كذا ليكون الزائد موجبا لانقلاب حده الخاص إلى حد آخر فيصدق عليه بهذا الاعتبار عنوان الزيادة فيه ( والا فبدون ) ذلك لا يصدق عليه العنوان المزبور وان بلغ في الكثرة ما بلغ ( وكذلك ) الامر في المركبات ففيها أيضا لابد من اعتبار حد خاص فيما اعتبر جزء لها في مقام اختراع المركب واختراعه ليتحقق بذلك عنوان الزيادة في المكتوبة ( الثالث ) ان اخذ الجزء أو الشرط في المركب في مقام اعتباره واختراعه يتصور على وجوه ثلاثة ( أحدها ) اعتبار كونه جزء أو شرطا على نحو بشرط لا من جهة الزيادة في مقام الوجود والتحقق ( وثانيها ) اعتبار كونه جزء على نحو لا بشرط من طرف الزيادة على معنى انه لو زيد عليه لكان الزائد خارجا عن ماهية المركب باعتبار عدم تعلق اللحاظ بالزائد في مقام اعتباره جزء للمركب كما لو فرض انه اعتبر في جعل ماهية الصلاة الركوع الواحد لا مقيدا كونه بشرط عدم الزيادة ، ولا طبيعة الركوع ، فان في مثله يكون الوجود الثاني من الركوع خارجا عن حقيقة الصلاة لعدم تعلق اللحاظ به في مقام جعل ماهية الصلاة ( الثالثة ) اعتبار كونه جزء على نحو لا بشرط بنحو لو زيد عليه لكان الزائد أيضا من المركب وداخلا فيه لا خارجا عنه ( كما لو اعتبر ) في جعل ماهية الصلاة طبيعة الركوع في كل ركعة منها الجامعة بين الواحد والمتعدد ، لا الركوع الواحد كما في الصورة الثانية ( وبعدما عرفت ذلك ) نقول انه على الاعتبار الأول لا شبهة في أنه لا مجال لتصور تحقق الزيادة ( فإنه ) من جهة اشتراطه بعدم الزيادة في مقام اعتباره جزء للمركب تكون الزيادة فيه موجبة للاخلال بقيده فترجع إلى النقيضة ( وكذلك الامر ) على الاعتبار الثاني فإنه وان لم ترجع الزيادة فيه إلى النقيصة ، الا ان عدم تصور الزيادة الحقيقية انما هو لكان عدم كون الزائد من سنخ المزيد عليه ، فإنه بعد خروج الوجود الثاني عن دائرة اللحاظ في مقام جعل ماهية الصلاة يستحيل اتصاف الوجود الثاني بالصلوتية

٤٣٨

فلا يرتبط حينئذ بالصلاة حتى يصدق عليه عنوان الزيادة ويصدق على الصلاة انها تكون مزيدا فيها ، بل يكون ذلك من قبيل ضم الدبس إلى الدهن ( نعم ) لو قصد الصلوتية بالوجود الثاني تشريعا بان اتى به بعنوان انه من الصلاة يصدق عليه الزيادة بهذا الاعتبار ، ولكنه ادعاء لا حقيقة ( وتوهم ) صدق الزيادة حينئذ على الوجود الثاني عرفا ( ممنوع ) جدا فان المدار في الزيادة المبحوث عنها في المقام ليس على مجرد كون الصلاة ظرفا لوقوع مطلق ما زيد على ما اعتبر فيها ولو لم تكن من سنخها بل المدار على صدق كون الصلاة مزيدا فيها ، وكونها ظرفا للزيادة على ما اعتبر فيها غير كونها مزيدا فيها ، والمستفاد من الأدلة من نحو قوله من زاد في صلوته هو الثاني دون الأول كما هو ظاهر ( واما على الاعتبار الثالث ) فالظاهر أنه لا قصور في تصور الزيادة الحقيقية ( فان المدار ) في زيادة الشيء في الشيء على ما عرفت انما هو بكون الزائد من سنخ المزيد فيه مع كونه موجبا لقلب جده إلى حد آخر ، ولا ريب في صدق ذلك وتحققه على هذا الاعتبار ، من غير فرق بين ان يكون الجزء مأخوذا في مقام الامر والطلب بشرط لا ، أو على نحو لا بشرط بالمعنى الأول الذي لازمه هو خروج الوجود الثاني عن دائرة المطلوبية ، أو اللابشرط بالمعنى الثاني الراجع إلى كون المطلوب هو صرف وجود الطبيعي المتحقق بأول وجوده ( وذلك على الأولين ) ظاهر فان الوجود الثاني من طبيعة الجزء مما يصدق عليه عنوان الزيادة بالنسبة إلى ما اعتبر في المأمور به من تحديد الجزء بالوجود الواحد ، حيث إنه يتعلق الامر بالصلاة المشتملة على ركوع واحد مثلا يتحدد طبيعة الصلاة بالقياس إلى دائرة المأمور به منها بحد يكون الوجود الثاني بالقياس إلى ذلك الحد من الزيادة في الصلاة الموجب لقلب حده إلى حد آخر وان لم يصدق عليه عنوان الزيادة بالنسبة إلى المأمور به بما هو مأمور به ( غاية ) ما هناك انه على الأول تكون الوجود الثاني من الزيادات المضرة بالمأمور به من جهة رجوعه إلى الاخلال به من جهة النقيصة ( بخلافه ) على الثاني فإنه لا تكون من الزيادات المبطلة ، وانما غايته هو كونه لغوا وخارجا عن دائرة المطلوبية ( وكذلك الامر ) على الأخير ، إذ بانطباق صرف الطبيعي على الوجود الأول في الوجودات المتعاقبة يتحدد دائرة المركب والمأمور به قهرا يجد يكون الوجود الثاني بالقياس إليه من الزيادة في المركب والمأمور به فتأمل ( وحينئذ )

٤٣٩

فإذا أمكن ثبوتا تصوير الزيادة الحقيقية في الاجزاء على ما بيناه ، نقول انه لا بأس بحمل ما ورد في الأدلة بعنوان الزيادة على ظاهره في الزيادة الحقيقية ، كقوله (ع) إذا استيقن انه زاد في المكتوبة ، وقوله (ع) من زاد في صلوته فعليه الإعادة ، إذ لا داعي إلى رفع اليد عن ظهور هذه النصوص وحملها على الزيادة التسامحية العرفية ( نعم ) لابد في صدق الزيادة على الوجود الثاني ان يكون الاتيان به بعنوان الصلوتية وعن قصد الجزئية لها ، والا فلا يرتبط بالصلاة كي يصدق انه زاد فيها ، بل يكون ذلك حينئذ من ضم الأجنبي إلى الأجنبي كما أشرنا إليه انفا ولا فرق في ذلك بين ان يكون ما يفرض كونه زائدا من سنخ الأقوال كالقراءة أو من سنخ الافعال كالركوع والسجود ( وتوهم ) صدق الزيادة عرفا على الوجود الثاني مطلقا خصوصا في الافعال ولو لم يقصد به الصلوتية والجزئية لها ( مدفوع ) بمنع صدق الزيادة عرفا مطلقا على الوجود الثاني ، بل لا أقل من الاحتياج إلى تشريع جزئيته ولا يكون ذلك الا إذا اتى به بقصد الجزئية للصلاة كما لا يخفى ( نعم ) قد يظهر من التعليل الوارد في بعض الأخبار الناهية عن قرائة سور العزائم في الصلاة بان السجدة زيادة في المكتوبة عدم اعتبار قصد الصلوتية والجزئية في صدق الزيادة فيما كان من سنخ أفعال الصلاة وانه يكفي في صدقها الاتيان بمطلق ما يكون من سنخ أفعال الصلاة ولو لم يقصد به عنوان الصلوتية والجزئية لها ، بل ومع قصد الخلاف به أيضا ( ولكنك ) بعدما عرفت قصدية عنوان الصلاة وعدم كونها عبارة عن مجرد ذوات تلك الأقوال والافعال والهيئات الخاصة ، لابد من حمل اطلاق الزيادة في تلك النصوص على السجدة العزيمة على ضرب من العناية ، اما من جهة مشاكلتها بحسب الصورة للسجدة الصلوتية ، أو لأجل كونها من توابع السورة المأتى بها بعنوان الجزئية للصلاة ( وعلى كل حال ) فحيث ان الحكم المزبور يكون على خلاف القاعدة يقتصر فيه على مورد النص ولا يتعدى منه إلى غيره كسجدة الشكر ونحوها مما لا يقصد به الجزئية للصلاة ( وربما يؤيد ) ما ذكرنا أيضا النصوص المرخصة لقرائة العزائم في غير المكتوبة من الصلوات المندوبة مع وضوح اشتراك الصلوات المندوبة مع المكتوبة في الشرائط والموانع ولذا لا يجوز فيها أيضا تكرار الركوع أو السجود بقصد الجزئية للصلاة كما لا يخفى.

٤٤٠