نهاية الأفكار - ج ٣

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي

نهاية الأفكار - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٩٦

تقرير أبحاث آية الله الشيخ آغا ضياء العراقي قدس سره

القطعية الدالة على المنع عن العمل به ( ونحوه ) دعوى عدم حصول الظن من القياس بعد الالتفات إلى نهى الشارع عنه ( إذ من الواضح ) جدا انه كثيرا يحصل الظن من القياس ما لا يحصل من غيره من الامارات الاخر ( كوضوح ) ان عمدة المناط في نظر العقل في حكمه بلزوم الاخذ بالظن انما هو حيث قربه إلى الواقع لا جهة عقلائيته وانه ربما يكون الظن الحاصل من القياس أقرب من غيره إلى الواقع في نظر العقل الحاكم بالأخذ بالأقرب ( نعم ) ربما يكون الالتفات إلى كثرة خطائه منشأ لعدم حصول الظن بالواقع ، ولكنه غير مرتبط بمحل البحث الذي هو فرض حصول الظن بالواقع من القياس ( وعليه ) لا محيص في التفصي عن الاشكال من دعوى تعليقية حكم العقل في فرض الانسداد على عدم ردع شرعي على خلافه والا فعلى فرض تنجيزية حكمه لابد من الالتزام بعموم النتيجة وعدم خروج القياس ( واما ) الاشكال في أصل صحة نهى الشارع ومنعه عن العمل بالقياس ولو على القول بتعليقية حكم العقل نظرا إلى أنه قد يصيب الواقع ( فمدفوع ) بامكان اشتمال سلوكه لمفسدة غالبة على مصلحة الواقع بعكس مصلحة السلوكية في الطرق والامارات المجعولة كما ذكرناه سابقا فراجع.

( الامر الرابع ) في الظن المانع والممنوع كما لو قام ظن من افراد الظن المطلق على عدم حجية ظن بالخصوص ، وفي وجوب العمل بالظن المانع أو الممنوع أو تساقطهما خلاف مشهور بين الاعلام ، والذي يقتضيه التحقيق هو الأول ( وهذا ) على مسلك الحكومة بالتقريب المختار واضح ، لعدم احراز الاهتمام حينئذ في مورد ظن الممنوع ( وكذلك ) الامر على مسلك الكشف باقسامه والحكومة بالتقريب الاخر ، لما تقدم من تعليقية حكم العقل في باب الانسداد بالأخذ بالأقرب على عدم قيام دليل أو حجة على المنع عنه ( إذ حينئذ ) لابد من تقديم المانع ( فإنه ) من جهة تنجيزية اقتضائه للحجية يصلح للمانعية عن الظن الممنوع ، حيث لا مانع عنه بالفرض من دخوله تحت دليل الانسداد وحكم العقل فيه بالحجية الا الظن الممنوع الذي يكون أصل اقتضائه للحجية في ظرف عدم تأثير المقتضى التنجيزي في طرف المانع ( ومن المعلوم ) انه من المستحيل صلاحية مثله للمانعية عنه لكونه ، دوريا ، لتوقف مانعيته على حجيته المتوقفة على عدم تأثير المقتضى التنجيزي

١٨١

في طرف المانع ، وتوقف ذلك على حجيته ومانعيته ( وحينئذ ) فلابد من تقديم المانع عليه بالتقريب المزبور كما في مقتضيين يكون أحدهما تنجيزيا والآخر تعليقيا ( من دون ) احتياج إلى اثبات الترجيح بقاعدة التخصيص والتخصص ، كي يناقش فيه بان مرجع هذه القاعدة انما هو إلى التمسك بأصالة العموم عند الشك في ورد التخصيص عليه ، باثبات لازمه وهو التخصص بالنسبة إلى خروج الفرد الاخر ، ومثلها أجنبية عن المقام لاختصاصها بالأدلة اللفظية الجارية فيها الأصول المعهودة ( نعم ) بناء على تنجيزية حكم العقل في باب الانسداد ( يتوجه ) الاشكال في تقديم المانع بلحاظ تنجيزية الاقتضاء في كل من المانع والممنوع وصلاحية كل منهما للمانعية عن الاخر ( بل ) قد يقوى حينئذ لزوم الاخذ بالممنوع بلحاظ انه مع استقلال العقل بلزوم الاخذ بالأقرب إلى الواقع لا يحتمل المنع ( ولكنه ) مشكل حيث إن ذلك فرع تطبيق دليل الانسداد أولاً على الظن الممنوع ، ولا ترجيح في ذلك بعد تساوى الظنين في نظر العقل وتنجيزية الاقتضاء في كل منهما ( نعم ) ذلك يتجه بناء على مسلك التبعيض في الاحتياط بمناط منجزية العلم الاجمالي حيث إنه بعد تنجيزية حكم العقل بالأخذ بالأقرب في مقام تحصيل الفراغ وآبائه عن مجيء الترخيص على الخلاف ( لا محيص ) عن الاخذ بالممنوع وطرح المانع ، ولذا كان عمدة اشكال خروج القياس أيضا على هذا المسلك ( مضافا ) إلى عدم اقتضاء المانع حينئذ لالغاء الظن الممنوع رأسا لان غاية ما يقتضيه هو عدم حجية الظن الممنوع ومنجزيته فأمكن الجمع بين الاخذ بالممنوع عملا بمناط التبعيض في الاحتياط وبين عدم اعتباره ، حيث لا يترتب اثر عملي عليه كي يقتضى العلم الاجمالي تنجزه ( مع ) انك عرفت في التفصي عن اشكال خروج القياس تعليقية حكم العقل في باب الانسداد حتى على هذا المسلك أيضا ( وعليه ) لابد من تقديم الظن المانع ( ثم انه ) بما ذكرنا يندفع ما أورده الشيخ قده في المقام من دعوى ان حصول الظن من المانع بعدم حجية الممنوع انما هو مع قطع النظر عن دخول الممنوع تحت دليل الانسداد ( والا ) فعلى فرض دخوله يقطع لا محالة بحجيته ومعه يستحيل بقاء المانع على إفادته للظن بعدم الحجية وحينئذ فعند الدوران لابد من تقديم الممنوع ، لأنه بدخوله تحت دليل الانسداد موجب لارتفاع الموضوع في طرف

١٨٢

المانع حيث يرتفع الظن بعدم الحجية وجدانا ( بخلاف ) العكس فإنه لا يلزم من دخول المانع ارتفاع الظن الممنوع وجدانا ، وانما غايته اقتضائه لالغاء حكمه ومنعه عن دخوله تحت الانسداد ( إذ نقول ) ان ما أفيد من لزوم ارتفاع الظن المانع في فرض تطبيق دليل الانسداد على الممنوع وان كان متينا ( الا ان ) الكلام في أصل تطبيق دليل الانسداد حينئذ على الممنوع مع وجود المانع التنجيزي وصلاحيته للمانعية عنه دونه ( فان ) الظن المانع حينئذ من جهة تنجيزية اقتضائه يقدم قهرا على الظن الممنوع فإنه لا مانع عنه في هذه الرتبة بالفرض عدى الممنوع الذي عرفت استحالة صلاحيته للمانعية عنه وبدخوله تحت الانسداد وحكم العقل فيه بالحجية يرتفع الموضوع في طرف الممنوع ( وان شئت ) قلت إن اقتضاء الممنوع للحجية من جهة تعليقته انما هو في الرتبة المتأخرة عن سقوط المانع عن الحجية ( ففي الرتبة ) السابقة يندرج المانع قهرا تحت دليل الانسداد بلا وجود مزاحم له في هذه المرتبة وبعد حكم العقل فيه بالحجية في هذه المرتبة لا يبقى مجال لحكمه بحجية الممنوع ( هذا ) وقد أورد على الشيخ قدس‌سره بمخالفة ما افاده من عدم امكان حصول الظن بعدم الحجية للوجدان ( وفيه ) ما لا يخفى فإنه ناشئ عن عدم التأمل في كلام الشيخ قدس‌سره ( ثم إن هذا ) كله في فرض عدم تخصيص دليل الانسداد بخصوص الظن بالواقع ، والا فعلى التخصيص به يتعين الاخذ بالممنوع محضا كما أنه في فرض تخصيصه بالظن بالطريق يتعين الاخذ بالظن المانع مع كون مفاد الممنوع هو الحكم الفرعي ( نعم ) في فرض كون مفاده حينئذ هو الحجية يأتي فيه الخلاف المتقدم كما لو قام امارة على عدم حجية امارة قامت على حجية امارة كذائية ومقتضى المختار فيه أيضا لزوم الاخذ بالامارة المانعة دون الممنوعة فتدبر.

( الامر الخامس ) لا يخفى ان ما ذكرنا في نتيجة دليل الانسداد على الحكومة والكشف في مرجعية الظن في مقام اثبات التكليف أو اسقاطه انما هو في مقام الخروج عن عهدة الاحكام الكلية المنسد فيها باب العلم والعلمي ( والظن ) انما كان مرجعا في مقام تعيين الحكم الكلي ، لا في مقام تطبيق المأمور به على المأتي به وموضوع الحكم الكلي المعلوم على الموضوع الخارجي فإذا شك في الصلاة المفروضة يوم الجمعة وقد ظن بكونها هي الجمعة فيتبع حينئذ ظنه ذلك واما لو ظن باتيان صلاة

١٨٣

الجمعة بعد ثبوت وجوبها فلا اعتماد على هذا الظن ( بل لابد ) بمقتضى قاعدة الاشتغال من الاتيان بها على نحو يقطع بانطباق المأمور به عليها ( وكذا الكلام ) في الشك في الموضوعات الخارجية كالشك في كون الشيء ترابا خالصا ، والشك في أن الجهة المعينة هي القبلة ونحو ذلك من الموارد الراجعة إلى الشك في تطبيق المفاهيم الكلية عليها ( فإنه ) لا يجدى مجرد الظن بالتطبيق والظن بالامتثال وبرائة الذمة عن الواقع في نحو هذه الأمور ( فالظن ) بالامتثال انما يجدي ويجوز الاعتماد عليه في أصل تعيين كون قبلة العراق مثلا ما بين المشرق والمغرب وتعيين كون الوظيفة يوم الجمعة هي صلاة الجمعة ، لا في تطبيق موضوع الحكم الكلي المعين على المأتي به ( الا ) إذا فرض رجوعه إلى الظن في تعيين الحكم الكلي كالظن ببعض المسائل الأصولية واللغوية ونحوهما ( نعم ) قد يجرى دليل الانسداد في بعض الموضوعات الخارجية كما في موضوع الضرر الذي أنيط به احكام كثيرة من نحو جواز التيمم والافطار ونحو ذلك فان باب العلم به لما كان منسدا في الغالب بحيث لا يعلم به الا بعد تحققه وكان اجراء أصالة العدم فيه أيضا موجبا للوقوع فيه غالبا أمكن دعوى جريان الانسداد فيه والاكتفاء بمجرد الظن بالضرر في ترتب الاحكام المزبورة ( ولكن ) ذلك أيضا لو لم نقل بإناطة تلك الأحكام حقيقة على مجرد الظن بالضرر وخوفه لا على الضرر الواقعي والا فلا يحتاج إلى اجراء الانسداد فتدبر.

( الامر السادس ) في جابرية مطلق الظن وموهنيته للرواية سندا ودلالة والمقصود بالكلام هو الظن الذي لم يقم دليل على اعتباره ولا على عدم اعتباره ( واما ) ما قام الدليل على عدم اعتباره كالظن القياسي فيظهر حكم مما سنذكره ( ومحل الكلام ) في ذلك يقع ، تارة في جابرية الظن أو موهنيته للسند ( وأخرى ) للدلالة فنقول اما جابرية الظن وموهنيته للرواية سندا فاجمال القول فيه هو انه يختلف ذلك باختلاف الوجوه المذكورة في مناط حجية الرواية من « كونه » مطلق الوثوق الشخصي بصدور الرواية عن الامام (ع) ولو من الخارج « أو كونه » الوثوق الحاصل من نفس الرواية باعتبار المزايا الداخلية لا مطلق الوثوق ولو من الخارج « أو كونه الوثوق » النوعي الناشئ من الأمور الداخلية كالظنون الرجالية المعمولة في تميز المشتركات وتحصيل عدالة الراوي

١٨٤

ووثاقته « أو مطلق » الوثوق النوعي ولو من الخارج اما مطلقا أو بشرط عدم قيام ظن فعلى على الخلاف « فعلى الأول » يلزمه المصير إلى جابرية الظن المزبور فإذا أفاد امارة غير معتبره كالشهرة الظن بصدور رواية عن الامام (ع) وكان الخبر ضعيفا في نفسه انجبر قصور سنده بها « كما أنه » يلزمه في الفرض المزبور الالتزام بالموهنية أيضا لأنه بقيام الظن الفعلي على الخلاف يرتفع الوثوق الشخصي بالصدور قهرا « ولو » مع كون الظن المزبور من الظنون القياسية المنهى عنها « وذلك » لا من جهة الاعتماد على الظن المزبور بل من جهة ملازمته لارتفاع الوثوق بالصدور الذي هو مناط الحجية « واما » على الثاني فلا عبرة بالظن المزبور لا جبرا ولا وهنا الا من جهة ملازمته لارتفاع الوثوق الفعلي بالصدور « وكذلك الامر » على الثالث بل الامر فيه أوضح إذ لا يكاد يؤثر قيام الظن الفعلي من الخارج في الجبر ولا في الوهن فإذا كان الخبر في نفسه باعتبار المزايا الداخلية مفيدا للوثوق النوعي لابد من الاخذ به ولو مع قيام الظن الفعلي على الخلاف نعم على القول بإناطة حجية الخبر بعدم قيام الظن الفعلي من الخارج على الخلاف اتجه قادحية الظن المزبور ولكن الكلام في أصل المبنى « واما » على الرابع وهو إناطة الحجية بمطلق الوثوق النوعي بالصدور ولو من الخارج فلا باس بجابرية الظن المزبور واما موهنيته له مع إفادته الوثوق النوعي في نفسه فلا « الا » إذا فرض كشفه عن خلل في سنده بنحو يرتفع معه الوثوق النوعي بالصدور « والا » فلا يقدح فيه مجرد قيام الظن المزبور على الخلاف نعم على فرض إناطة الحجية فيه بعدم قيام ظن شخصي على خلافه اتجه قادحيته ولكن الفرض ضعيف جدا « وحيث » ان التحقيق هو الاحتمال الرابع وهو كون مدار الحجية على مجرد الوثوق النوعي بالصدور ولو من الخارج من دون إناطة بعدم قيام الظن الفعلي على الخلاف كما تقدم في مبحث حجية خبر الواحد فلا يقدح في حجيته قيام الظن الفعلي على الخلاف « الا إذا » فرض كشفه عن خلل فيه يوجب ارتفاع الوثوق النوعي « ومن هذا البيان » ظهر عدم الاحتياج إلى القواعد الرجالية المعمولة في تصحيح الاخبار ، فان الاحتياج إليها انما هو على القول بتخصيص الوثوق الفعلي أو النوعي بالوثوق الناشئ

١٨٥

من المزايا الداخلية ( والا فعلى ) المختار من كفاية مطلق الوثوق النوعي ولو من الخارج كالشهرة الفتوائية الاستنادية لا يحتاج إلى اعمال القواعد الرجالية ( فإذا ) كان الخبر مما يفيد الوثوق النوعي بالصدور ولو من جهة استناد المشهور إليه في فتاويهم يؤخذ به ، وان كان ضعيفا في نفسه بمقتضى القواعد الرجالية ( كما أنه ) باعراض المشهور عنه لابد من طرحه ولو كان في نفسه صحيحا وكان رواته جميعا مزكاة بتزكية العدلين ( لان ) اعراض المشهور عن مثله يكشف لا محالة عن خلل في سنده موجب لارتفاع الوثوق عنه ( ومن ) هذه الجهة اشتهر بينهم بان الخبر كلما ازداد صحة ازداد باعراض المشهور عنه وهنا ( ثم إن هذا ) كله في الظن الذي لم يقم دليل على اعتباره ( واما ) ما قام الدليل على عدم اعتباره كالقياس فلا شبهة في أنه لا يعتنى به جبرا ولا وهنا حتى على القول بتخصيص الحجية بصورة عدم قيام ظن فعلى على خلافه إذ بعد نهى الشارع عن القياس واعماله فلا جرم بمقتضى النهى المزبور لابد من طرحه وفرضه كان لم يكن جبرا ووهنا ( نعم ) قادحية مثل القياس انما هو في صورة اعتبار مطلق الوثوق الفعلي في حجية الخبر إذ حينئذ بقيام الظن القياسي على الخلاف يرتفع الوثوق الفعلي وجدانا وبارتفاعه يخرج عن الحجية ( ثم إن ) هذا كله في جابرية الظن وموهنيته لسند الرواية ( واما مقام ) الترجيح به لاحد المتعارضين على الاخر فعلى القول بالتعدي من المرجحات المنصوصة فلا باس بالترجيح به عند التعارض ما لم يكن من الظنون المنهى عن أعماله والا فلا يعتني به ( واما ) على القول بعدم التعدي من المرجحات المنصوصة فلا عبرة بوجوده في هذا المقام كما سنذكره انشاء الله تعالى في محله ( واما ) الجهة الثانية الراجعة إلى مقام دلالة الرواية ( فتبتني ) على الوجوه المذكورة لحجية الظهورات ( فبناء ) على ما حققناه في تلك المسألة من كون مدار الحجية على ظهور اللفظ في المعنى المراد اما بحافة أو بمعونة القرائن الحافة المكتنفة بالكلام ( فلا ) شبهة في أنه لا تأثير للظنون الخارجية على الوفاق أو الخلاف ، لان الحجية حينئذ تدور وجودا وعدما مدار ظهور الكلام وعدمه ، ولا عبرة بقيام الظن من الخارج على الوفاق أو الخلاف ، الا إذا فرض كشفه عن احتفاف الكلام حين صدوره بقرينة قد خفيت علينا لأجل بعد الزمان وتقطيع الاخبار كما لعله من ذلك الظن

١٨٦

الحاصل من ذهاب المشهور من القدماء إلى الفتوى على خلاف عموم الرواية أو اطلاقها فإنه ربما يكشف ذهابهم إلى الفتوى على الخلاف مع قربهم بزمان صدور الاخبار عن احتفاف الخبر بقرينة قد خفيت علينا من جهة تقطيع الاخبار وبعد الزمان ( فتأمل ) هذا بناء على ما اخترناه في حجية أصالة الظهور ( واما ) على القول بكون مدار الحجية فيها على إفادته للظن الفعلي بالمراد فعليه يقع الاشكال بلحاظ ان قيام الظن الخارجي على الخلاف موجب لارتفاع الظن الفعلي بالمراد وبارتفاعه يخرج عن الحجية والاعتبار ولو كان الظن المزبور من الظنون التي نهى عنها بالخصوص كما هو ظاهر هذا كله في حجية الظن في الفروع العملية.

( تذيل ) في المسائل الاعتقادية المطلوب فيها عمل الجوانح فقد وقع الكلام فيها في وجوب تحصيل الظن فيها وقيامه مقام العلم في وجوب عقد القلب والتدين والانقياد على طبقه وعدمه ( ولكن ) التحقيق الثاني فان الاكتفاء بالظن في الاحكام الفرعية والمسائل العملية عند انسداد باب العلم والعلمي فيها انما هو من جهة عدم التمكن من تحصيل الواقع الا بالاحتياط المفروض عدم وجوبه أو عدم التمكن منه فمن ذلك يتعين بحكم العقل الاخذ بالأقرب إلى الواقع والعمل على طبقه وهذا المعنى لا يجرى في الأصول الاعتقادية فان باب العلم وان فرض انسداده فيها ( الا ) ان باب الاعتقاد الاجمالي بما هو واقع الامر والتدين والانقياد به على ما كان غير منسد على المكلف فلا مجال لجريان دليل الانسداد فيها كي ينتهى الامر إلى وجوب الانقياد بمظنونه وحينئذ فالواجب أولاً هو تحصيل المعرفة بما يجب الاعتقاد به كمعرفة الواجب تعالى وما يرجع إليه من صفات الجلال والجمال ومعرفة أنبيائه ورسله وحججه الذين هم وسائط نعمه مع التدين والانقياد لجميع ذلك ومع عدم التمكن من المعرفة التفصيلية يعتقد وينقاد بما هو الواقع بنحو الاجمال ( واما ) وجوب تحصيل الظن عليه والتدين والانقياد بمظنونه فلا دليل عليه لعدم حكم للعقل حينئذ بوجوبه وعدم ثبوت كون مثله من مراتب شكر المنعم خصوصا مع التمكن من الاعتقاد الاجمالي بما هو واقع الامر إذ حينئذ لا ألجأ في التنزل إلى الظن كما كان في الفروع العملية.

( ثم إن ) ملخص المقال في الأصول الاعتقادية يقع في مقامات ( الأول ) فيما يرجع

١٨٧

إلى أصل وجوب المعرفة مع الامكان وبيان ما يجب تحصيل العلم والمعرفة به ( الثاني ) في وجوب التدين والانقياد بما ثبت وجوب المعرفة به ( الثالث ) فيما يقتضيه الأصل عند الشك في وجوب المعرفة والاعتقاد بالنسبة إلى الزائد من المقدار المعلوم ( الرابع ) في حكم غير المتمكن من تحصيل المعرفة من حيث الوضع والتكليف ( فنقول ) ( اما المقام الأول ) فلا ينبغي الاشكال في وجوب تحصيل معرفة الواجب تعالى ومعرفة ما يرجع إليه من صفاته الجمال والجلال ككونه واحدا قادرا عالما مريدا حيا غنيا لم يكن له نظير ولا شبيهه ولم يكن بجسم ولا مرئي ولا له حيز ونحو ذلك كما لا اشكال أيضا في كون الوجوب المزبور نفسيا لان المعرفة بالمبدء سبحانه هي الغاية القصوى والغرض الأصلي من خلق العباد وبعث الرسل كما ينبئ عنه قوله سبحانه ( وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ) حيث إن حقيقة العبودية هي المعرفة ولا ينافي ذلك مقدميتها لواجب اخر عقلي أو شرعي كالتدين والانقياد ونحوه ( ثم إن عمدة ) الدليل على وجوب المعرفة انما هو حكم العقل الفطري واستقلاله بوجوب تحصيل المعرفة بالمبدء تعالى على كل مكلف بمناط شكر المنعم باعتبار كونها من مراتب أداء شكره فيجب بحكم العقل تحصيل المعرفة به سبحانه وبما يرجع إليه من صفات الجمال والجلال بل ويجب أيضا معرفة أنبيائه ورسله وحججه الذين هم وسائط نعمه وفيضه ( والا ) فمع الاغماض عن هذا الحكم العقلي الفطري لا تجدي الأدلة السمعية كتابا وسنة من نحو قوله سبحانه ( ما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون لعدم تمامية مثل هذه الاستدلال للجاهل بهما لا الزاما ولا اقناعا لان دليليتهما فرع الاعتقاد بهما وبكلامهما وحينئذ فالعمدة في الدليل على الوجوب هو حكم العقل الفطري ( نعم ) بعد تحصيل المعرفة بالمبدء ووسائط نعمه بحكم العقل لا باس بالاستدلال بالكتاب والسنة لاثبات وجوب المعرفة لما عداهما في فرض تمامية اطلاق تلك الأدلة من حيث متعلق المعرفة والا فبناء على عدم اطلاقها من هذه الجهة فلا مجال للتمسك بها أيضا ( ثم ) انه مما ذكرنا ظهر الحال في المقام الثاني حيث إنه بعد ما وجب تحصيل المعرفة بالواجب تعالى وبوسائط نعمه يجب بحكم العقل الاعتقاد وعقد القلب والانقياد له سبحانه لكون مثله أيضا

١٨٨

من مراتب أداء شكره الواجب عليه بل الظاهر أن وجوب ذلك أيضا كوجوب أصل المعرفة مطلق غير مشروط بحصول العلم من الخارج فيجب عليه حينئذ تحصيل العلم مقدمة للانقياد الواجب ( هذا كله ) بالنسبة إلى أصل وجوب المعرفة ( واما المقدار ) الواجب منها فإنما هو المعرفة بالمبدء جل شانه وبوحدانيته وبما يرجع إليه من صفاته الجمال والجلال وكذا معرفة أنبيائه ورسله وحججه الذين هم وسائط نعمه وفيضه وكذلك الحشر والنشر ولو بنحو الاجمال « واما » ما عدى ذلك كتفاصيل التوحيد وكيفية علمه وارادته سبحانه وتفاصيل المحشر وخصوصياته وان الميزان والصراط باي كيفية ونحو ذلك فلا يجب تحصيل العلم ولا الاعتقاد بها بتلك الخصوصيات « نعم » في فرض حصول العلم بها من الخارج يجب الاعتقاد وعقد القلب بها فوجوب الاعتقاد بخصوصيات الأمور المزبورة انما كان مشروطا بحصول العلم بها من باب الاتفاق لا ان وجوبها مطلق حتى يجب تحصيل العلم بها من باب المقدمة « نعم » الواجب على المكلف هو الاعتقاد الاجمالي بما هو الواقع ونفس الامر فيعتقد وينقاد بتلك الأمور على ما هي عليها في الواقع ونفس الامر ومن « هذا » البيان ظهر الحال في المقام الثالث أيضا فان مقتضى الأصل فيما عدى المقدار المزبور هو عدم وجوب تحصيل المعرفة زائدا على المقدار الذي يستقل العقل بوجوب تحصيله الا ما ثبت من الخارج وجوب الاعتقاد به من ضرورة ونحوه كالمعاد الجسماني « واما » الاستدلال على وجوب المعرفة بتفاصيل الأمور المزبورة بما ورد من الأدلة النقلية كتابا وسنة كقوله سبحانه : « وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون » وعموم اية النفر وقوله (ع) لا اعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من الصلوات الخمس وقوله (ع) طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة « فيدفعه » مضافا إلى قضاء العادة بامتناع حصول المعرفة بما ذكر الا للأوحدي من الناس « انه » لا اطلاق لها من حيث متعلق المعرفة لأنها بين ما كان في مقام بيان فضيلة الصلاة والحث والترغيب إليها لا في مقام بيان حكم المعرفة وبين ما كان بصدد اثبات أصل وجوب المعرفة بالمبدء ورسله وحججه لا في مقام وجوبها على الاطلاق حتى بالنسبة إلى التفاصيل المزبورة « وعليه » فعند الشك لابد من الرجوع إلى الأصل المقتضى لعدم وجوبها « نعم » حيث قلنا بعدم وجوب

١٨٩

تحصيل المعرفة في الزائد عن المقدار المعلوم فليس له انكاره والجحد به ، إذ لا يستلزم عدم وجوب المعرفة بشيء جواز انكاره « بل » ربما يكون انكاره حراما عليه بل موجبا لكفره إذا كان من الضروريات لما يظهر منهم من التسالم على كفر منكر ضروري الدين كالمعراج والمعاد الجسماني ونحوهما فلابد لمثل هذا الشخص حينئذ من الاعتقاد اجمالا بما هو الواقع « وحيث » انجر الكلام إلى هنا ينبغي عطف الكلام إلى بيان ان كفر منكر الضروري هل هو لمحض انكاره ، أو انه من جهة استتباعه لتكذيب النبي (ص) ، وتظهر الثمرة فيما لو كان منشأ الانكار الاعتقاد بعدم صدور ما أنكره عن النبي (ص) أو اشتباه الامر عليه « فإنه » على الأول يحكم عليه بالكفر ويرتب عليه اثاره بمحض انكاره بخلاف الثاني حيث لا يحكم عليه بالكفر في الفرض المزبور « فنقول » ان ظاهر اطلاق كلماتهم في كفر منكر الضروري وان كان يقتضى الوجه الأول « ولكن » النظر الدقيق فيها يقتضى خلافه وذلك لما هو المعلوم من انصراف اطلاق كلماتهم إلى المنكر المنتحل للاسلام المعاشر للمسلمين « ومن » الواضح ظهور انكار مثل هذا الشخص في تكذيبه للنبي (ص) ومع هذا الانصراف لا مجال للاخذ باطلاق كلامهم في الحكم بكفر منكر الضروري حتى مع العلم بعدم رجوع انكاره إلى تكذيب النبي (ص) وبعد عدم دليل في البين على ثبوت الكفر بمحض الانكار أمكن الالتزام بعدم الكفر فيمن يحتمل في حقه الشبهة وخفاء الامر عليه بحسب ظهور حاله كما فيمن هو قريب عهد بالاسلام عاش في البوادي ولم يختلط بالمسلمين حيث إن انكار مثله لا يكون له ظهور في تكذيب النبي (ص) وبذلك يندفع ما قد يتوهم من اقتضاء البيان المزبور عدم الحكم بالكفر حتى في من نشأ في الاسلام وعاشر المسلمين مع احتمال الشبهة في حقه خصوصا مع دعواه عدم اعتقاده بصدور ما أنكره عن النبي (ص) وانه من الموضوعات « إذ نقول » انه كذلك لولا ظهور حال مثله في تكذيب النبي (ص) وعدم خفاء شيء عليه من أساس الدين وضرورياته « حيث » ان العادة قاضية بان من عاشر المسلمين مدة مديدة من عمره لا يخفى عليه شيء من أساس الدين وضرورياته فضلا عمن كان مسلما وكان نشوه من صغره بين المسلمين ،

١٩٠

فانكار مثل هذا الشخص يكشف لا محالة بمقتضي ظهور حاله عن تكذيب النبي بحيث لو ادعى جهله بذلك أو اعتقاده بعدم صدور ما أنكره عن النبي لا يسمع منه بل يحكم بكفره ( وهذا ) بخلاف غيره ممن كان نشوه في البوادي أو البلاد التي لا يوجد فيها المسلم فان ظهور حاله ربما يكون على العكس ، ومن ذلك لا نحكم بكفره بمجرد انكاره لشئ من ضروريات الدين خصوصا مع دعواه عدم علمه بكون ما أنكره صادرا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ( بل ) ولعل في جعل مدار الكفر على انكار الضروري ( دلالة ) على ما ذكرنا من طريقية الانكار للتكذيب بلحاظ بعد خفاء ما هو أساس الدين وضرورياته على المنتحل للاسلام المعاشر مع المسلمين بخلاف غير الضروري حيث لا بعد في خفائه والا فلا فرق في استلزام الانكار للتكذيب بين الضروري وغيره ، وحينئذ فيمكن الجمع بين اطلاق كلامهم في كفر منكر الضروري وبين ما هو الظاهر من طريقية الانكار للتكذيب بحمل الاطلاقات على المنكر المنتحل للاسلام المعاشر مع المسلمين برهة من عمره ( وقد ) يستدل على استتباع مجرد الانكار للكفر بما رواه زرارة عن أبي عبد الله (ع) من قوله (ع) لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا ، ولكن يدفعه ظهور الرواية في الانكار الناشئ عن العناد إذ الجحد ليس الا عبارة عن ذلك ومن المعلوم عدم صلاحية مثله للدلالة على ثبوت الكفر بمحض الانكار ومجرد كون الانكار العنادي موجبا للكفر لا يقتضى تسرية الحكم إلى مطلق الانكار ، ومن ذلك نقول ان الانكار العنادي موجب للكفر مطلقا ولو في غير الضروري ( هذا ) كله في صورة التمكن من تحصيل العلم والاعتقاد الجزمي ولقد عرفت وجوبه عليه فيما يرجع إلى الله جل شأنه وما يرجع إلى أنبيائه ورسله وحججه وانه مع الاخلال به يكون معاقبا لا محالة ( نعم يبقى الكلام ) حينئذ في كفره وترتيب اثاره عليه من النجاسة وغيرها مع الاخلال بتحصيل المعرفة فنقول اما مع عدم اظهاره للشهادتين فلا اشكال في كفره وترتيب اثاره عليه من النجاسة وعدم الإرث والمناكحة ( واما مع ) اظهار الشهادتين « ففيه » اشكال ينشأ من كفاية مجرد اظهار الشهادتين مع عدم الانكار في الحكم بالاسلام ومن عدم كفايته ولزوم الاعتقاد في الباطن أيضا ولكنه لا ينبغي التأمل في عدم كفايته « فان » حقيقة

١٩١

الاسلام عبارة عن الاعتقاد بالواجب تعالى والتصديق بالنبي (ص) بكونه رسولا من عند الله سبحانه وان الاكتفاء باظهار الشهادتين من جهة كونه امارة على الاعتقاد في الباطن كما يظهر ذلك أيضا من النصوص الكثيرة ( ولا ) ينافي ذلك ما يترائى في صدر الاسلام من معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع المنافقين معاملة الاسلام بمجرد اظهارهم الشهادتين مع علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله بعدم كونهم مؤمنين بالله ولا مصدقين برسوله واقعا وان اظهارهم الشهادتين كان لمحض الصورة اما لأجل خوفهم من القتل واما لبعض المصالح المنظورة لهم كالوصول إلى مقام الرياسة والآمال الدنيوية لما سمعوا وعلموا من الكهنة بارتقاء الاسلام وتفوقه على سائر المذاهب والأديان مع أنهم لم يؤمنوا بالله طرفة عين كما نطقت به الاخبار والآثار المروية عن الأئمة الأطهار ( إذ ) نقول ان في معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والوصي مع هؤلاء المنافقين في الصدر الأول معاملة الاسلام بمحض اظهارهم الشهادتين وجوه ومصالح شتى ( منها ) تكثير جمعية المسلمين وازديادهم في قبال الكفار وعبدة الأوثان الموجب لازدياد صولة المسلمين في أنظار المشركين ومنها حفظ من في أصلابهم من المؤمنين الذين يوجدون بعد ذلك ( ومنها ) تعليم الأمة في الاخذ بما يقتضيه ظاهر القول بالشهادتين في الكشف عن الاعتقاد في الباطن ، فإنه لو فتح مثل هذا الباب في الصدر الأول لقتل كل أحد صاحبه لأجل ما كان بينهم من العداوة في الجاهلية بدعوى ان اعتقاده على خلاف ما يظهره باللسان وان اظهار الشهادتين كان لأجل الخوف من القتل أو الطمع في الشركة في اخذ الغنيمة ( مثله ) لا يزيد المسلمين وشوكتهم الا ضعفا ( كما ) يشهد لذلك الآية الشريفة ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ( وقضية ) أسامة بن زيد في ذلك معروفة ( ومنها ) غير ذلك من المصالح التي لاحظها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع علمه بكونهم حقيقة غير مؤمنين على ما نطق به الكتاب المبين في مواضع عديدة في قوله سبحانه يحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم وقوله وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض الخ وغير ذلك من الآيات الكثيرة ، وأين ذلك وزماننا هذا الذي قد كثر فيه المسلمون كثرة عظيمه ، وحينئذ فلا يمكن الالتزام بترتيب اثار الاسلام على مجرد اظهار الشهادتين مع العلم بعدم كون اظهارها الا صوريا محضا خصوصا مع ظهور اعتبار القول في كونه لأجل

١٩٢

الحكاية والطريقية عن الاعتقاد في الباطن بل لابد من ترتيب اثار الكفر عليه في الفرض المزبور ( بقى ) الكلام في المقام الرابع في حكم غير المتمكن من تحصيل العلم ويقع البحث فيه في جهتين ( الأولى ) في وجوب تحصيل الاعتقاد الظني عند عدم التمكن من الاعتقاد الجزمي ( الثانية ) في كونه معاقبا وترتيب اثار الكفر عليه فنقول ( اما الجهة الأولى ) فقد مر الكلام فيها بأنه لا دليل على وجوب تحصيل الظن حينئذ لعدم ثبوت كونه كالعلم والمعرفة من مراتب أداء شكر المنعم ودليل الانسداد أيضا غير جار في المقام بعد تمكنه من الاعتقاد الاجمالي بالواقع وعقد القلب على ما هو عليه في نفس الامر ( نعم ) يبقى الكلام فيما لو تفحص وحصل له الظن في أنه هل يقوم ظنه مقام العلم في ترتيب اثار العلم عليه من وجوب التدين والانقياد بمظنونه أم لا ( والتحقيق هو الثاني ) وهذا إذا كان الظن الحاصل من الظنون المطلقة التي لم يثبت حجيتها لدى العقلاء فظاهر واما لو كان من الظنون الخاصة المتبعة عندهم في أمور معاشهم ومعادهم فعدم قيام مثله مقام القطع في ترتيب اثاره عليه من التدين والتسليم وعقد القلب على طبقه انما هو من جهة كونها من الآثار العقلية المخصوصة بالعلم إذ حينئذ لا يجدي مجرد كونه من الطرق العقلائية في قيام مثله مقام العلم في ترتب الآثار المزبورة خصوصا مع عدم اطلاق لأدلة اعتبار الظن عقلا أو شرعا بالنسبة إلى أمثال هذه الأمور التي يمكن ترتيبها على نفس الواقع من دون احتياج إلى تعينه بالظن ( واما الجهة الثانية ) فيقع الكلام فيها ، تارة في الجاهل المقصر ، وأخرى في الجاهل القاصر ( اما الأول ) فلا شبهة في كفره وترتب اثاره عليه وفى استحقاقه للعقوبة أيضا لمكان تقصيره في اخلاله بتحصيل المعرفة ( واما الثاني ) فكفره وترتيب اثاره من النجاسة وعدم المناكحة والتوارث مما لا اشكال فيه لان ترتيب الآثار المزبورة كما تقدم انما هو على اظهار الشهادتين مع احتمال الاعتقاد في الباطن ومتى انتفى تنتفي تلك الآثار ( واما النسبة ) إلى استحقاق العقوبة والخلود في النار ( فقد ) يقال باستحقاقه للعقوبة لما يقتضيه الآيات والأخبار الكثيرة من خلود الكافر في النار وعدم الواسطة بين المؤمن والكافر وفيه تأمل لاستقلال العقل في الفرض المزبور بقبح العقوبة ( واما ) توهم كشف اطلاق تلك الأدلة الدالة على خلود الكافر في النار وعدم الواسطة بين

١٩٣

المؤمن والكافر عن تقصيره لا محالة في تحصيل المعرفة لتمكنه منها ولو في بعض الأزمنة الموجب لعدم معذوريته أيضا لدى العقل ( فمدفوع ) بأنه مع كونه خلاف مفروض البحث مخالف للوجدان حيث نرى قصور بعض الاشخاص وعدم تمكنه من تحصيل المعرفة ولو في زمان من الأزمنة ( بقى الكلام ) في أنه هل يعتبر في المعرفة بالواجب تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية ومعرفة النبي (ص) من كونها حاصلة عن اجتهاد ونظر واستدلال ( أو انه ) يكفي مطلق المعرفة ولو كانت ناشئة من كثيرة القاء الأبوين وغيرهما ( فيه وجهان ) ظاهر المحكى عن جماعة من أصحابنا الامامية رضوان الله عليهم منهم العلامة قده « الأول » حيث اعتبر لزوم كون المعرفة بالله سبحانه وصفاته الثبوتية والسلبية عن اجتهاد منه ونظر واستدلال لا عن تقليد بل وادعى عليه اجماع العلماء « ولكن » الأقوى وفاقا للمعظم هو الثاني من كفاية مطلق المعرفة وعدم اعتبار كونها عن نظر واستدلال « لان » المقدار الذي دلت عليه الأدلة العقلية والنقلية انما هو مجرد المعرفة والتصديق والاعتقاد ، واما كونها عن اجتهاد ونظر واستدلال فلا ، لقصور الأدلة عن اثباته وحينئذ فلو فرض حصول المعرفة والاعتقاد بالواجب تعالى ورسله من غير جهة النظر والاجتهاد ( فلا ) وجه لوجوب تبديلها عليه بالمعرفة الناشئة عن النظر والاستدلال ( كيف ) وان لازم القول بعدم كفاية مطلق الجزم والمعرفة هو الالتزام بكفر أكثر العوام بل كلهم الا ما شذ وندر مع أنه كما ترى خلاف ما جرت عليه سيرة العلماء قديما وحديثا بل سيرة الأئمة عليهم‌السلام ( إذ ) لم يسمع ان أحدا منهم أنكر على من لم يكن اعتقاده بالواجب تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية عن اجتهاد ونظر وبرهان ولم يسنده لو سئل عنه إلى حجة عقلية أو شرعية ( بل ) المعلوم من حالهم معاملتهم مع مثل هؤلاء معاملة المسلم من غير نكير منهم عليهم ( هذا ) مع أن النظر في البراهين أيضا قد لا يفيد الجزم بالواقع بلحاظ كثرة الشبهات الحادثة في النفس والمدونة في الكتب خصوصا الشيطان يغتنم الفرصة بوسوسوته وتشكيكه في البديهيات وحينئذ فلا ينبغي الاشكال في كفاية مطلق الجزم والمعرفة ولو من التقليد وكثرة القاء الأبوين وغيرهما ( نعم ) لو أريد من التقليد مجرد الاعتماد على قول الغير تعبدا نظير التقليد في الفروع بلا حصول جزم

١٩٤

في البين كان للمنع المزبور كمال مجال ( ولكنه ) خلاف مفروض الكلام لان الكلام انما هو في فرض حصول الجزم والاعتقاد من جهة كثرة القاء الأبوين وغيرهما ولو بضميمة بعض القرائن الدالة على الصدق ( وهذا هو الذي قلنا بكفايته وعدم لزوم كونه عن اجتهاد ونظر واستدلال ( هذا ) تمام الكلام في المقصد الثاني.

١٩٥

بسم الله الرحمن الرحيم

المقصد الثالث في احكام الشكوك

( وقبل الشروع في المقصود ) ينبغي تقديم أمور الأول انه لا شبهة في أن المراد من الشك المبحوث عنه في المقام ليس خصوص تساوي الطرفين المقابل للظن والوهم كما ربما يوهمه ظاهر العنوان ( بل ) المراد منه هو مطلق خلاف اليقين ومطلق استتار الواقع وعدم انكشافه بعلم أو علمي فان الأحكام المذكورة فيما بعد مترتبة على الجهل بالواقع وعدم انكشافه علما أو علميا كما هو الشأن في الوظائف العرفية عند الجهل بالواقع ( فإنه ) كما أن لهم في ظرف عدم القطع الوجداني بالواقع طرقا عقلائية يعتمدون عليها في أمور معاشهم ونظامهم وامتثال احكام مواليهم في الاستطراق بها إلى الواقع كالخبر الموثق وباب ظواهر الألفاظ ونحوهما كذلك كان لهم أصول تعبدية ووظائف عملية في ظرف الجهل بالواقع وعدم انكشافه لهم بالعلم به وجدانا أو بما هو بمنزلته جعلا وتنزيلا ( بل ) ان تأملت ترى انه ليس للشارع في هذين الجعلين تأسيس جديد وطريقة خاصة وراء ما هو المعهود عند العرف والعقلاء في موارد طرقهم وأصولهم من حيث اعتبارهم مكشوفية الواقع في موارد قيام الطرق ، واعتبارهم مستوريته في موارد الأصول وان الحكم المجعول في مورد الأصل انما كان في ظرف الشك بالحكم الواقعي ( ومن ) هذه الجهة يكون مفاد الأصول دائما في الرتبة المتأخرة عن مفاد الامارات ( إذ ) مفاد الامارات عبارة عن نفس الحكم الواقعي ( بخلاف ) الأصول فان مفادها عبارة عن الحكم الثابت في ظرف الشك بالحكم الواقعي وبهذه الجهة يصير مفادها متأخرا رتبة قهرا عن مفاد الامارة ويكون الدليل رافعا لموضوع الأصل حقيقة ان كان علميا وحكومة ان كان غير علمي لأنه بمقتضى تتميم الكشف والغاء احتمال الخلاف يثبت

١٩٦

العلم التعبدي بالواقع وبه يرتفع الشك المأخوذ في الأصول ولو تعبدا وتنزيلا فلا مجال لجريانها في قبال الامارة كي يقع بينهما التنافي ( وهذا ) هو الذي افاده الشيخ قده سره في فرائده بقوله ان دليل الامارة وان لم يكن رافعا لموضوع الأصل كالدليل العلمي الا انه نزل شرعا منزلة الرافع فهو حاكم على الأصل لا مخصص له الخ ، إذ لا نعنى من الحكومة الا ما يكون رافعا لموضوع الاخر تعبدا وتنزيلا قبال الورود الذي عبارة عن رافعية أحد الدليلين بعناية التعبد به لموضوع الاخر وجدانا ، في قبال التخصص الراجع إلى خروج فرد عن موضوع الاخر تكوينا بلا عناية تعبد في البين نظير خروج الجاهل عن موضوع العالم المحكوم بوجوب اكرامه ( بل ) لا اختصاص للحاكم بان يكون ناظرا إلى رفع موضوع الاخر وتضيق دائرته وانه ربما يكون شأنه التوسعة في دائرة موضوع الاخر كما لو ورد دليل على وجوب اكرام العالم وورد دليل اخر على أن زيدا المشكوك عالميته عالم حيث إن الدليل الثاني بمدلوله اللفظي ناظر إلى توسعة موضوع وجوب الاكرام بما يشمل زيدا « ومن » ذلك باب الامارات بالقياس إلى الأدلة المأخوذة فيها العلم موضوعا للحكم تماما أو جزء أو شرطا كقوله مقطوع الخمرية يحرم شربه أو ان شربه موجب للحد فان قيام الامارة على خمرية مايع مثلا يوجب بدليل اعتبارها المقتضى لتتميم كشفها توسعة في دائرة الموضوع المزبور ويثبت العلم التعبدي غير أن الحكومة في المثال الأول ظاهرية وفي الثاني واقعية « ومن » هذه الجهة قلنا في أول الكتاب بقيام الامارات مقام القطع المأخوذ في الموضوع طريقا بنحو التمامية أو الجزئية أو الشرطية « كما » انه لذلك نلتزم أيضا بكفاية مجرد قيام الامارة على الحكم في جريان الاستصحاب بلا احتياج إلى اليقين الوجداني بالحكم السابق ، فان الامارة بدليل اعتبارها يوسع دائرة اليقين الذي اخذ ركنا في الاستصحاب بما يعم اليقين التعبدي بلحاظ اثر حرمة النقض كما كانت الامارة المخالفة للحالة السابقة موجبة لكون النقض بها نقضا باليقين لا بالشك ( ثم ) ان هذا كله بناء على المختار في مفاد أدلة الامارات من كونها بنحو تتميم الكشف واثبات الاحراز التعبدي « واما » على القول بكونها في مقام تنزيل المؤدى منزلة الواقع بلا نظر إلى حيث تتميم الكشف واثبات الاحراز فيشكل حينئذ تقديمها

١٩٧

على الأصول بمناط الحكومة نظرا إلى بقاء الشك المأخوذ في موضوع الأصل على حاله وعدم ارتفاعه بقيام الامارة لا وجدانا ولا تعبدا وتنزيلا فيلزمه وقوع التنافي بينهما لان كلا منهما يثبت حكما ظاهريا على خلاف الاخر ( ولكن ) يمكن تقريب حكومتها بدعوى ان المعتبر في الحكومة ان يكون أحد الدليلين ناظرا إلى دليل الاخر بوجه ما ولو إلى حكمه ولا يلزم كونه ناظرا إلى موضوعه بتوسعة أو تضيق فيكفي في حكومتها مجرد تكفل دليل اعتبارها لتنزيل المؤدى إذ باثبات كون المؤدى هو الواقع تعبدا وتنزيلا يوجب تضيق دائرة الحكم الذي يتكفله الأصل وتخصيصه بغير مورد ثبوت الواقع ولو تنزيلا ( نعم ) لو اغمض عن ذلك فلا محيص من كون تقديمها بمناط التخصيص لا غير كما قيل بتقريب ان النسبة بين الامارة وبين كل واحد من الأصول وان كانت من وجه الا ان الامارة لما لا يخلو موردها عن وجود أحد الأصول الثلاثة أي البراءة والاستصحاب والتخيير دون العكس وقام الاجماع على عدم الفرق بين الأصول في أنه لو قدم أحدها على الامارة في مورد يقدم الجميع عليها في سائر الموارد وبالعكس فلابد من تقديم الامارة على الأصول لان تقديم الامارة عليها لا يستلزم محذور اللغوية في جعل الأصول لبقاء موارد كثيرة لها غير الجارية فيها الامارة ( بخلاف ) العكس فإنه يلزم من تقديم الأصول عليها بعد قيام الاجماع المزبور على عدم الفصل بينها محذور لغوية جعل الامارة من جهة أعمية موارد الأصول وعدم خلو موارد جريان الامارة عن وجود أحد هذه الأصول هذا ( وقد ) يقرب تقديمها على الأصول حينئذ بمناط الورود بدعوى ان المراد من المعرفة واليقين في نحو دليل الحلية والطهارة وكذا الاستصحاب هو ما يعم المعرفة بالحكم الواقعي الحقيقي أو التنزيلي الظاهري وان بقيام الامارة على الحرمة أو النجاسة وان لم يحصل اليقين الوجداني بالحكم الواقعي ، الا انه يحصل اليقين الوجداني بالحكم الواقعي التعبدي وبحصوله يتحقق الغاية في دليلي الحلية والطهارة وجدانا فيرتفع موضوع الحلية والطهارة في قاعدتهما حقيقة ويصير النقض في الاستصحاب من نقض اليقين باليقين لا بالشك هذا ( ولكنك ) خبير بما فيه فإنه خلاف ما تقتضيه ظواهر تلك الأدلة بداهة ظهور دليل الحلية ونحوها في أن الغاية هي المعرفة بخصوص ما تعلق به الشك وهو الحكم الواقعي

١٩٨

النفس الأمري لا بما يعم الحكم الظاهري كما هو الشأن في اليقين والشك المأخوذين في حرمة النقض أيضا ، وعليه فلا يفيد مجرد المعرفة بالحكم الظاهري في حصول الغاية في دليلي الحلية والطهارة وفي صدق كون النقض بها من نقض اليقين باليقين لا بالشك وحينئذ فلا محيص في تقديم الامارات عليها على هذا المسلك اما من جهة مناط الحكومة بالتقريب الذي أشرنا إليه أو من جهة التخصيص بنحو ما أسلفناه ( ثم ) انه بما ذكرنا في وجه تقديم الامارات على الأصول يظهر وجه تقديم الأصول بعضها على بعضها الاخر كالأصول التنزيلية بالنسبة إلى غيرها وانه على نحو الحكومة ( فإنه ) من جهة اقتضاء الأصول التنزيلية لثبوت الواقع في مواردها توجب خروجها عن موضوع ما عداها من الأصول المحضة مثل حديث الرفع ودليل الحجب ونحوهما مما ليس له نظر إلى ثبوت الواقع ( نعم ) قد يقع الاشكال في تقديم بعض الأصول التنزيلية على البعض الاخر كالاستصحاب بالنسبة إلى قاعدة الطهارة بل الحلية أيضا في وجه قوى ، فإنها على ما يظهر من الأصحاب تكون من الأصول التنزيلية المثبتة للطهارة الواقعية للمشكوك ولذلك يرتبون عليها اثار الطهارة الواقعية في ظرف الشك من جواز التوضي به وجواز الدخول معه في الصلاة ونحو ذلك ( وعمدة ) الاشكال انما هو على مبنى رجوع التنزيل في لا تنقض إلى بقاء المتيقن لابقاء اليقين والا فعلى الثاني كما هو المختار على ما سيجيء لاشكال في تقديم الاستصحاب على القاعدة المزبورة بمناط الحكومة كالأمارات ( حيث ) انه من جهة تكفله لبقاء اليقين السابق مثبت لحصول ما هو الغاية وهي المعرفة في قاعدتي الحلية والطهارة كما في الامارات ، غير أن الفرق بينهما هو تكفل دليل الامارة لنفي الشك والغاء احتمال الخلاف أيضا بخلاف دليل حرمة النقض حيث إنه ناظر إلى ابقاء اليقين السابق مع حفظ أصل الشك والاحتمال ، ومن هذه الجهة يكون الاستصحاب برزخا بين الأصول وبين الامارات ( فإنه ) من جهة انحفاظ الشك والاحتمال في موضوعه كان شبيها بالأصول ويقدم عليه الامارات بنحو الحكومة ومن جهة اقتضائه لبقاء اليقين السابق كان شبيها بالامارات ويقدم على سائر الأصول الشرعية والعقلية ويقوم أيضا مقام القطع المأخوذ في الموضوع طريقا إلى متعلقه كما في باب الشهادة ومن ( ذلك ) نقول انه يجوز

١٩٩

للشاهد ان يشهد بالملكية الفعلية بمقتضى الاستصحاب وان لم يجز ذلك لنفس الحاكم في حكمه لعدم كون مثله من الموازين المجعولة لفصل الخصومات وانحصار ميزانه عند الشك بالبينات والايمان والاقرار ( فتدبر ).

( الامر الثاني ) لا يخفى ان الخلاف في البراءة والاشتغال في المقام غير مبتنى على الخلاف في أن الأصل في الأشياء الحظر أو الإباحة ، بداهة وضوح الفرق بين المقامين فان النزاع هناك انما هو فيما يستقل به العقل في حكم الأشياء مع قطع النظر عن ورود حكم من الشارع للأشياء ( بخلاف ) المقام فان الخلاف فيه براءة أو احتياطا انما هو بعد ملاحظة ورود حكم الأشياء من قبل الشرع وبين الامرين بون بعيد بل إن تأملت ترى عدم التلازم بين المسئلتين في الحكم أيضا ، حيث إنه أمكن اختيار الاحتياط في فرض اختيار الإباحة في تلك المسألة كامكان العكس ، وحينئذ فتوهم اتحاد المسئلتين وكفاية البحث في إحديهما عن البحث في الأخرى ساقط من أصله لما عرفت من عدم التلازم بين المسئلتين فضلا عن اتحادهما وعليه فلا مجال لتكثير الأدلة في المقام بايراد ما استدل به هناك على البراءة والاشتغال في المقام.

( الامر الثالث ) لا شبهة في أن أصالة البراءة المبحوث عنها في المقام أصل برأسه غير مرتبط بالاستصحاب ولا بمسألة عدم الدليل دليل العدم اما الأول فظاهر ( واما عدم ) ارتباطها بمسألة عدم الدليل دليل العدم ، فلان المهم في تلك المسألة انما هو نفي الحكم الواقعي في نفس الامر ولو مع القطع بعدم كونه فعليا بنحو يستتبع العقوبة على مخالفته ، بخلاف المقام فان المهم فيه لدى القائل بالبرائة انما هو نفي الحكم الفعلي ظاهرا ونفي المؤاخذة على مخالف ما لا طريق للمكلف إلى العلم به لا نفيه بحسب الواقع ونفس الامر كما هو ظاهر.

الامر الرابع لا ريب في أن من القضايا المسلمة بين الأخباريين والأصوليين بل بين قاطبة العدلية هي قاعدة قبح العقاب بلا بيان وانه لا نزاع بينهم في أصل هذا الكبرى ، إذ لا يتوهم انكارها ممن له أدنى مسكة ودراية فضلا عن مثل هؤلاء الاجلاء ( كما أن ) من القضايا المسلمة بين الفريقين قاعدة دفع الضرر المحتمل الأخروي بل هذه القاعدة أيضا كسابقها مما أطبق عليه العقلاء ومن ذلك ترى

٢٠٠