الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٤

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٤

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-48-6
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٧٢

وإلّا قُتل) : ولا يُقسَّم مالُه حتّى يُقتل أو يموت ، وسيأتي بقيّة حكمه في باب الحدود إن شاء اللّٰه تعالى.

(والمرأة لا تُقتل بالارتداد) لقصور عقلها (ولكن تُحبس وتُضرب أوقات الصلوات (١) حتّى تتوب أو تموت ، وكذلك الخنثى) (٢) للشكّ في ذكوريّته المسلِّطة على قتله.

ويُحتمل (٣) أن يلحقه حكم الرجل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (من بدّل دينه فاقتلوه) (٤) خرج منه المرأة فيبقى الباقي داخلاً في العموم؛ إذ لا نصّ على الخنثى بخصوصه. وهذا متّجه لولا أنّ الحدود تُدرأ بالشبهات (٥).

(و) ثانيها : (القتل) أي قتلُ الوارثِ لولاه (٦) المورِّثَ (٧) وهو (مانع) من الإرث (إذا كان عمداً ظلماً) إجماعاً ، مقابلةً له بنقيض مقصوده ، ولقوله صلى الله عليه وآله : (لا ميراث للقاتل) (٨) واحترزنا بالظلم عمّا لو قتله حدّاً أو قصاصاً ونحوهما من القتل بحقّ ، فإنّه لا يمنع.

(ولو كان) قتله (خطأً) محضاً (مُنع من الدية خاصّة) على أظهر

__________________

(١) في (س) : الصلاة ، وكذا في (ف) و (ش) من الشرح.

(٢) في (ر) زيادة : المشكل خ ل.

(٣) في (ف) : يمكن.

(٤) المستدرك ١٨ : ١٦٣ ، الباب الأوّل من أبواب حدّ المرتدّ ، الحديث ٢.

(٥) المستدرك ١٨ : ٢٦ ، الباب ٢١ من أبواب مقدّمات الحدود ، الحديث ٣ و ٤.

(٦) قيد للوارث ، يعني لولا القتل كان وارثاً.

(٧) في (ع) : الموروث.

(٨) الوسائل ١٧ : ٣٨٨ ، الباب ٧ من أبواب موانع الإرث ، الحديث الأوّل.

١٦١

الأقوال (١) لأنّه جامع بين النصّين (٢) ولأنّ الدية يجب عليه دفعها إلى الوارث؛ للآية (٣) ولا شيء من الموروث (٤) للقاتل يُدفع إليه ، والدفع إلى نفسه لا يعقل (٥) وبه صريحاً رواية عامّيّة (٦).

وقيل : يُمنَع مطلقاً (٧) لرواية الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام : «لا يرث الرجلُ الرجلَ إذا قتله ، وإن كان خطأً» (٨).

وقيل : يرث مطلقاً (٩) لصحيحة عبد اللّٰه بن سنان عنه عليه السلام «في رجل قتل اُمّه أيرثها؟ قال : إن كان خطأ وَرِثها ، وإن كان عمداً لم يرثها» (١٠) وترك الاستفصال دليل العموم فيما تركته مطلقاً ، ومنه الدية. ورواية الفضيل مرسلة فلا تعارض الصحيح.

__________________

(١) اختاره السيّد في الانتصار : ٥٩٥ ، المسألة ٣٢٧؛ والشيخ في المبسوط ٤ : ٨٠؛ والكيدري في إصباح الشيعة : ٣٧١؛ والصيمري في غاية المرام ٤ : ١٦٨.

(٢) انظر النصّين في الوسائل ١٧ : ٣٩١ ، الباب ٩ من أبواب موانع الإرث.

(٣) النساء : ٩٢.

(٤) في (ر) : المورث.

(٥) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ف) ، وورد في هامش (ع) وهامش (ش) مشطوباً عليه في الأخير. وعلى أيّ حال لم نتحقّق معنى عبارة : «ولا شيء من الموروث للقاتل يدفع إليه».

(٦) اُنظر سنن ابن ماجة ٢ : ٩١٤ ، الحديث ٢٧٣٦؛ والسنن الكبرى ٦ : ٢٢١.

(٧) وهو المنسوب إلى ابن أبي عقيل ، اُنظر المختلف ٩ : ٦٥ و ٦٧؛ والتنقيح الرائع ٤ : ١٣٩.

(٨) الوسائل ١٧ : ٣٩٢ ، الباب ٩ من أبواب موانع الإرث ، الحديث ٣.

(٩) المقنعة : ٧٠٣ ، والمراسم : ٢٢٠ ، والجامع للشرائع : ٥٠٤ ، والمختصر النافع : ٢٦٤ ، والشرائع ٤ : ١٤.

(١٠) الوسائل ١٧ : ٣٩٢ ، الباب ٩ من أبواب موانع الإرث ، الحديث ٢.

١٦٢

وفي إلحاق شبيه العمد به أو بالخطأ قولان (١) أجودهما الأوّل؛ لأنّه عامد في الجملة.

ووجه العدم : كونه خاطئاً كذلك؛ ولأنّ التعليل بمقابلته بنقيض مقصوده لا يجري فيه.

ولا فرق بين الصبيّ والمجنون وغيرهما ، لكن في إلحاقهما بالخاطئ أو العامد نظر. ولعلّ الأوّل أوجَه. ولا بين المباشر والسبب في ظاهر المذهب؛ للعموم (٢).

(ويرث الديةَ) ديةَ المقتول سواءٌ وجبت أصالة كالخطأ وشبهه ، أم صلحاً كالعمد (كلُّ مناسبٍ) للمقتول (ومساببٍ) له كغيرها من أمواله؛ لعموم آية أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ (٣) فإنّهم جمع مضاف.

(وفي) إرث (المتقرّب بالاُمّ) لها (قولان) (٤) مأخذهما : ما سلف ، ودلالة رواية محمّد بن قيس (٥) وعبد اللّٰه بن سنان (٦)) وعبيد بن زرارة (٧) عن الباقر والصادق عليهما السلام بحرمان الإخوة من الاُمّ ، واُلحِق غيرُهم من المتقرّب بها

__________________

(١) الإلحاق بالعمد للعلّامة في القواعد ٣ : ٣٤٧ ، وولده في الإيضاح ٤ : ١٨٢ ، ونسبه فيه إلى جدّه أيضاً ، وحكاه في المختلف ٩ : ٦٧ ، عن الإسكافي. والإلحاق بالخطأ لسلّار في المراسم : ٢٢٠ ، والعلّامة في المختلف ٩ : ٦٨ ، والتحرير ٥ : ٦١.

(٢) اُنظر الوسائل ١٧ : ٣٨٨ ، الباب ٧ من أبواب موانع الإرث.

(٣) الأنفال : ٧٥ ، والأحزاب : ٦.

(٤) قول بالإرث للشيخ في المبسوط ٧ : ٥٣ ـ ٥٤ ، والخلاف ٤ : ١١٤ ، المسألة ١٢٧ ، وابن‌إدريس في أحد قوليه ، اُنظر السرائر ٣ : ٣٢٨. وقول بالعدم للمفيد في المقنعة : ٧٠٢ ، والشيخ في النهاية : ٦٧٣ ، والحلبي في الكافي : ٣٧٦.

(٥) و (٧) الوسائل ١٧ : ٣٩٣ ـ ٣٩٤ ، الباب ١٠ من أبواب موانع الإرث ، الحديث ٤ و ٢ و ٥.

١٦٣

بهم؛ لمفهوم الموافقة ، واستقربه المصنّف في الدروس (١) بعد حكمه بقصر المنع على موضع النصّ.

(ويرثها الزوجُ والزوجةُ) في الأشهر. ورواية السكوني بمنعهما (٢) ضعيفة ، أو محمولة على التقيّة (ولا يرثان القصاص) اتّفاقاً (و) لكن (لو صُولح على الدية) في العمد (ورثا منها) كغيرها من الأموال وغيرهما من الورّاث؛ للعموم.

(و) ثالثها : (الرقّ) وهو (مانع) من الإرث (في الوارث) وإن كان الموروثُ مثلَه ، بل يرثه الحرّ وإن كان ضامنَ جريرة دون الرقّ وإن كان ولداً (و) في (الموروث) فلا يرث الرقَّ قريبُه الحرّ وإن قلنا بملكه ، بل ماله لمولاه بحقّ الملك لا بالإرث ، مطلقاً (٣).

(ولو كان للرقيق) ولدِ الميّت (ولدٌ) حرّ (ورث جدَّه ، دون الأب) لوجود المانع فيه دونه ، ولا يُمنع برقّ أبيه (وكذا الكافر والقاتل لا يَمنعان) من الإرث (من يتقرّب بهما) لانتفاء المانع منه دونهما.

(والمبعَّض) أي من تحرّر بعضُه وبقي بعضُه رقّاً (يرث بقَدَر ما فيه من الحرّيّة ، ويُمنع) من الإرث (بقدر الرقّيّة) فلو كان للميّت ولدٌ نصفه حرّ وأخٌ حرٌّ فالمال بينهما نصفان ، ولو كان نصف الآخر حرّاً أيضاً فللابن النصف ، وللأخ الربع. والباقي للعمّ الحرّ إن كان ، فلو كان نصفه حرّاً فله الثمن والباقي

__________________

(١) الدروس ٢ : ٣٤٨.

(٢) الوسائل ١٧ : ٣٩٦ ، الباب ١١ من أبواب موانع الإرث ، الحديث ٤. وراجع المسالك ١ : ٩٩.

(٣) أي لا يرث الرقّ بأقسامه.

١٦٤

لغيره من المراتب المتأخّرة عنه. وهكذا (ويُورَث) المبعَّض (كذلك) فإذا كان نصفه حرّاً فلمولاه نصف تركته ، ولوارثه الحرّ النصف ، وهكذا ...

(وإذا اُعتق) الرقّ (على ميراث قبل قسمته فكالإسلام) قبل القسمة يرث إن كان الوارث متعدّداً ولم يقتسموا التركة ، ويُمنع مع اتّحاده أو سبق القسمة على عتقه ، إلى آخر ما ذكر (١).

(وإذا لم يكن للميّت وارث سوى المملوك اشتري من التركة) ولو قهراً على مولاه ، والمتولّي له الحاكم الشرعي ، فإن تعذّر تولّاه غيره كفاية (واُعتق وورث) باقي التركة (أباً كان) الرقّ للميّت (أو ولداً أو غيرهما) من الأنساب على الأشهر. أمّا الأبوان والأولاد فموضع وفاق ، وبه نصوص كثيرة (٢).

وربما قيل بعدم فكّ الأولاد (٣) والأوّل هو المذهب.

وأمّا غيرهما من الأرحام فببعضه نصوص غير نقيّة السند (٤) ولم يفرّق أحد بينهم. فحكم الأكثر بفكّ الجميع ، وتوقّف العلّامة في المختلف (٥) لذلك. وله وجه.

وفي شراء الزوجة رواية صحيحة (٦) وحُمل عليها الزوج بطريق أولى.

__________________

(١) في الصفحة ١٥٩.

(٢) اُنظر الوسائل ١٧ : ٤٠٤ ، الباب ٢٠ من أبواب موانع الإرث.

(٣) القائل به الديلمي في المراسم : ٢٢١.

(٤) الوسائل ١٧ : ٤٠٤ ، الباب ٢٠ من أبواب موانع الإرث ، الأحاديث ٣ و ٥ و ٩. وراجع المسالك ١٣ : ٥٤.

(٥) المختلف ٩ : ٦٢.

(٦) الوسائل ١٦ : ٥٦ ، الباب ٥٣ من أبواب العتق ، وفيه حديث واحد.

١٦٥

ولو قصر المال عن قيمته ففي فكّه قولان (١) أشهرهما : العدم ، وقوفاً فيما خالف الأصل على موضع الوفاق. وهذا يتّجه في غير من اتّفق على فكّه ، وفيه يتّجه شراء الجزء وإن قَلّ ، عملاً بمقتضى الأمر بحسب الإمكان ، ولحصول الغرض به في الجملة.

وعلى المشهور لو تعدّد الرقيق وقصُر المال عن فكّ الجميع وأمكن أن يُفكّ به البعض ففي فكّه بالقرعة ، أو التخيير ، أو عدمه ، أوجُهٌ.

وكذا الإشكال لو وفت حصّة بعضهم بقيمته وقصر البعض. لكن فكّ الموفي هنا أوجَه.

وظاهر النصوص توقّف عتقه بعد الشراء على الإعتاق كما يظهر من العبارة ، فيتولّاه من يتولّى الشراء.

(ولا فرق بين اُمّ الولد والمدبَّر والمكاتب المشروط والمطلَق الذي لم يؤدّ) شيئاً من مال الكتابة (وبين القنّ) لاشتراك الجميع في أصل الرقّيّة ، وإن تشبَّث بعضهم بالحرّية. والنهي عن بيع اُمّ الولد مخصوص بغير ما فيه تعجيل لعتقها؛ لأنّه زيادة في مصلحتها التي نشأ منها المنع ، فيصحّ بطريق أولى.

ولو كان المُطلَق قد أدّى شيئاً وعُتِق منه بحسابه فُكَّ الباقي وإن كان يرث بجزئه الحرّ؛ لأنّ ما قابل جزءَه الرقّ من الإرث بمنزلة من (٢) لا وارث له.

__________________

(١) اختار القول الأشهر المفيد في المقنعة : ٦٩٥ ، والشيخ في النهاية : ٦٦٨ ، وابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٧٢. والقول الآخر أنّه يفكّ منه بحسبه ، نقله الشيخ في النهاية : ٦٦٨ ، عن بعض الأصحاب ، وقال القاضي في الجواهر : ١٦٧ ، المسألة ٥٩٥ ، فمن عمل بذلك لم يكن بذلك بأس ، وقريب منه العلّامة في المختلف ٩ : ٦٣ ، وإليه جنح ولده في الإيضاح ٤ : ١٨٥.

(٢) في المخطوطات : ما.

١٦٦

(و) رابعها : (اللعان) وهو (مانع من الإرث) بين الزوجين وبين الزوج والولد المنفيّ به من جانب الأب والولد (إلّاأن يكذّب) الأبُ (نفسَه) في نفيه (فيرثه الولد من غير عكس). وهل يرثه حينئذٍ أقاربُ الأب مع اعترافهم به ، أو مطلقاً ، أو عدمه مطلقاً ، أوجُهٌ ، أشهرها : الأخير؛ لحكم الشرع بانقطاع النسب فلا يعود ، وإنّما ورثه الولدُ بالتكذيب بدليل خارج.

ولو اتّفق للولد قَرابة من الأبوين ، واُخرى من الاُمّ كالإخوة اقتسموا بالسويّة؛ لسقوط نسب الأب. ولو كان المنفيّ توأمين توارثا بالاُمومة.

(و) خامسها : (الحمل) وهو (مانع من الإرث ، إلّاأن ينفصل حيّاً) فلو سقط ميّتاً لم يرث؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : (السقط لا يرث ولا يُورث) (١) ولا تشترط حياته عند موت المورث (٢) بل لو كان نطفة ورث إذا انفصل حيّاً ، ولا يشترط استقرار حياته بعد انفصاله ولا استهلاله (٣) لجواز كونه أخرس ، بل مطلق الحياة المعتبرة بالحركة البيّنة ، لا بنحو التقلّص الطبيعي كما لو خرج بعضه حيّاً وبعضه ميتّاً.

وكما يُحَجب الحمل عن الإرث إلى أن ينفصل حيّاً يَحجُب غيرَه ممّن هو دونه ليستبين أمرُه. كما لو كان للميّت امرأة أو أمة حامل وله إخوة فيُترك الإرث حتّى تضع.

__________________

(١) لم نعثر عليه بعينه في المجاميع الحديثيّة ، وفي عوالي اللآلئ ٣ : ٣٩ ، الحديث ١١١ نقلاًعن الترمذي ٣ : ٣٥٠ ، الحديث ١٠٣٢ : الطفل لا يصلّى عليه ولا يورث ولا يرث حتّى يستهلّ.

(٢) في (ر) : الموروث.

(٣) استهلّ الصبيّ : صاح عند الولادة.

١٦٧

نعم ، لو طلبت الزوجة الإرث اُعطيت حصّةَ ذات الولد؛ لأنّه المتيقّن ، بخلاف الإخوة.

ولو كان هناك أبوان اُعطيا السدسين ، أو أولاد اُرجئ سهم ذكرين؛ لندور الزائد ، فإن انكشف الحال بخلافه استُدرك زيادة ونقصاناً.

ويُعلم وجود الحمل حال موت المورث بأن يُوضَع حيّاً لدون ستّة أشهر منذ موته ، أو لأقصى الحمل إن لم توطأ الاُمّ وطأً يصلح استناده إليه ، فلو وطئت ـ ولو بشبهة ـ لم يرث؛ لاحتمال تجدّده مع أصالة عدم تقدّمه.

وسادسها : الغيبة المنقطعة وهي مانعة من نفوذ الإرث ظاهراً حتّى يثبت الموت شرعاً. وقد نبّه عليه بقوله : (والغائب غيبة منقطعة) بحيث لا يُعلم خبره (لا يُورث حتّى تمضي) له من حين ولادته (مدّةً لا يعيش مثلُه إليها عادةً) ولا عبرة بالنادر ، وهي في زماننا مئة وعشرون سنة ، ولا يبعد الآن الاكتفاء بالمئة؛ لندور التعمير إليها في هذه البلاد.

فإذا مضت للغائب المدّةُ المعتبرة حُكم بتوريث من هو موجود حالَ الحكم. ولو مات له قريب في تلك المدّة عُزِل له نصيبه منه وكان بحكم ماله.

والحكم بالتربّص بميراث الغائب المدّةَ المذكورة هو المشهور بين الأصحاب ، وهو مناسب للأصل. لكن ليس به رواية صريحة ، وما ادّعي له من النصوص (١) ليس دالّاً عليه.

وفي المسألة أقوال اُخر مستندة إلى روايات بعضها صحيح.

منها : أن يُطلب أربع سنين في الأرض ، فإن لم يُوجد قُسّم ماله بين ورثته ،

__________________

(١) اُنظر الوسائل ١٧ : ٥٨٢ ، الباب ٦ من أبواب ميراث الخنثى ، الأحاديث ١ و ٢ و ٤ وغيرها.

١٦٨

ذهب إليه المرتضى (١) والصدوق (٢) وقوّاه المصنّف في الدروس (٣) وجنح إليه العلّامة (٤) وهو قويّ مرويّ (٥) ويؤيّده الحكم السابق باعتداد زوجته عدّة الوفاة وجواز تزويجها بعدها (٦) ولو لم يُطلب كذلك فالعمل على القول المشهور.

وقيل : يكفي انتظاره عشرَ سنين من غير طلب (٧) وهو مرويّ أيضاً (٨).

(ويلحق بذلك الحجب ،(وأمّا الحجب عن اصل الإرث) وهو تارةً عن أصل الإرث كما في حَجْب القريب» في كلّ مرتبة (البعيدَ) عنها وإن كان قريباً في الجملة (فالأبوان والأولاد) وهم أهل المرتبة الاُولى (يحجبون الإخوة والأجداد) أهلَ المرتبة الثانية (ثمّ الإخوة) وأولادهم (والأجداد) وإن علوا (يحجبون الأعمام والأخوال ، ثمّ هم) أي الأعمام والأخوال (يحجبون أبناءهم) ثمّ أبناؤهم للصلب يحجبون أبناءهم أيضاً ، وهكذا ... وكذا الأولاد للصلب والإخوة يحجبون أبناءهم. فكان ينبغي التعرّض لهم ، لكن ما ذكره على وجه بيان حكم الحجب لا للحصر.

ولو اُعيد ضمير «هُم» إلى المذكورين في كلّ مرتبة لدخل الأولاد والإخوة ، وتبيّن أنّهم يحجبون أولادهم. لكن يشكل بالأجداد ، فإنّه يستلزم أن يحجبوا الآباء ، والجدّ البعيد يحجب القريبَ ، وهو فاسد ، وإن صحّ حجب الأجداد

__________________

(١) و (٢) الانتصار : ٥٩٥ ، المسألة ٣٢٦ ، من لا يحضره الفقيه ٤ : ٣٣٠ ، ذيل الحديث ٥٧٠٧.

(٣) الدروس ٢ : ٣٥٢.

(٤) المختلف ٩ : ٩٦.

(٥) اُنظر الوسائل ١٧ : ٥٨٣ ـ ٥٨٥ ، الباب ٦ من أبواب ميراث الخنثى ، الحديثين ٥ و ٩.

(٦) تقدّم الحكم السابق في الجزء الثالث : ٣٧٧.

(٧) قاله الإسكافي ، كما نقله عنه في المختلف ٩ : ٩٥ ، وقاله المفيد في المقنعة : ٧٠٦ في شراء العقار.

(٨) الوسائل ١٧ : ٥٨٤ ، الباب ٦ من أبواب ميراث الخنثى ، الحديث ٧.

١٦٩

لأولادهم الذين هم الأعمام والأخوال ، إلّاأ نّه مستغنى عنهم بالتصريح بذكرهم.

والضابط أنّه : متى اجتمع في المرتبة الواحدة طبقات ورث الأقرب إلى الميّت فيها فالأقرب.

(ثمّ القريب) مطلقاً (١) (يحجب المُعتِقَ ، والمُعتِقُ) ومن قام مقامَه يحجب (ضامِنَ الجريرة ، والضامنُ) يحجب (الإمامَ ، والمتقرّبُ) إلى الميّت (بالأبوين) في كلّ مرتبة من مراتب القرابة (يحجب المتقرّب) إليه (بالأب مع تساوي الدرج) كإخوة من أبويه مع إخوة من أب ، لا مع اختلاف الدرج كأخ لأب مع ابن أخ لأب واُمّ ، فإنّ الأقرب أولى من الأبعد وإن مَتّ (٢) الأبعد بالطرفين ، دونه.

(إلّافي ابن عمّ للأب والاُمّ ، فإنّه يمنع العمّ للأب) خاصّة (وإن كان) العمّ (أقرب منه ، وهي مسألة إجماعيّة) منصوصة (٣) خرجت بذلك عن حكم القاعدة.

ولا يتغيّر الحكم بتعدّد أحدهما أو تعدّدهما ، ولا بالزوج والزوجة المجامعين لهما؛ لصدق الفرض في ذلك كلّه.

وفي تغيّره بالذكورة والاُنوثة قولان ، أجودهما : ذلك (٤) لكونه خلافَ الفرضِ المخالف للأصل ، فيقتصر على محلّه. ووجه العدم : اشتراك الذكر والاُنثى

__________________

(١) في أيّ طبقة كان.

(٢) أي اتّصل.

(٣) الوسائل ١٧ : ٥٠٩ ، الباب ٥ من أبواب ميراث الأعمام ، الحديث ٥.

(٤) اختار ذلك ابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٤١ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥١٨ ، والعلّامة في القواعد ٣ : ٣٧٠ ، وغيرهم.

١٧٠

في الإرث والمرتبة والحجب في الجملة. وهو مذهب الشيخ ، فألحق العمّة بالعمّ (١).

وكذا الخلاف في تغيّره بمجامعة الخال.

فقيل : يتغيّر فيكون المال بين العمّ والخال (٢) ؛ لأنّه أقرب من ابن العمّ ، ولا مانع له من الإرث بنصّ ولا إجماع ، فيسقط ابن العمّ به رأساً ، ويبقى في الطبقة عمّ وخال ، فيشتركان؛ لانتفاء مانع العمّ حينئذٍ. ذهب إلى ذلك عمادُ الدين ابنُ حمزة (٣) ورجّحه المصنّف في الدروس (٤) وقَبِله المحقّق في الشرائع (٥).

وقال قطب الدين الراوندي ومعين الدين المصري : المال للخال وابن العمّ؛ لأنّ الخال لا يمنع العمّ ، فلأن لا يمنع ابن العمّ الذي هو أقرب أولى (٦).

وقال المحقّق الفاضلُ سديدُ الدين محمود الحمصي : المال للخال؛ لأنّ العمّ محجوب بابن العمّ وابن العمّ محجوب بالخال (٧).

ولكلّ واحد من هذه الأقوال وجه وجيه ، وإن كان أقواها الأوّل (٨) وقوفاً فيما خالف الأصل على موضع النصّ والوفاق ، فيبقى عموم آية أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ التي استدلّ بها الجميع على تقديم الأقرب خالياً عن المعارض.

__________________

ا(١) ُنظر الاستبصار ٤ : ١٧٠ ، الحديث ٣ وذيله.

(٢) السرائر ٣ : ٢٤١.

(٣) لم نعثر عليه. والأصل في النقل هو العلّامة في المختلف ٩ : ٢٥ وفيه : وقال العماد القمّي يعرف بالطوسي ، وفي المسالك هكذا : وهذا الوجه ينسب إلى العماد ابن حمزة القمّي المعروف بالطبرسي ، اُنظر المسالك ١٣ : ١٦٠.

(٤) الدروس ٢ : ٣٣٦.

(٥) الشرائع ٤ : ٣٠.

(٦) و (٧) نقل عنهما العلّامة في المختلف ٩ : ٢٥.

(٨) وهو تغيّر الحكم فيما خرج عن المنصوص.

١٧١

وتوقّف العلّامة في المختلف (١) لذلك (٢) وقد صنّف هؤلاء الفضلاء على المسألة رسائل (٣) تشتمل على مباحث طويلة وفوائد جليلة.

(وأمّا الحجب عن بعض الإرث)دون بعض (ففي) موضعين :

أحدهما : (الولد) ذكراً واُنثى فإنّه يحصل به (الحجبُ) للزوجين (عن نصيب الزوجيّة الأعلى) إلى الأدنى (وإن نزل) الولد. (و) كذا (يحجب) الولدُ (الأبوين عمّا زاد عن السدسين) وأحدَهما عمّا زاد عن السدس (إلّا) أن يكونا أو أحدهما (مع البنت) الواحدة (مطلقاً) أي سواء كان معها الأبوان أم أحدهما ، فإنّهما لا يُحجَبان ولا أحدهما عن الزيادة عن السدس ، بل يشاركانها فيما زاد عن نصفها وسدسيهما بالنسبة (أو البنات) أي البنتين فصاعداً (مع أحد الأبوين) فإنّهنّ لا يمنعنه عمّا زاد أيضاً ، بل يُردّ عليهنّ وعليه ما بقي من المفروض بالنسبة كما سيأتي تفصيله (٤) ولو كان معهنّ أبوان استغرقت سهامُهم الفريضةَ ، فلا ردّ فمِن ثَمّ أدخلهما في قسم الحَجب.

وفي المسألة قول نادر بحجب البنتين فصاعداً أحد الأبوين عمّا زاد عن السدس (٥) لرواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام (٦) وهو متروك (٧).

__________________

(١) المختلف ٩ : ٢٧.

(٢) لم يرد «لذلك» في (ع) و (ف).

(٣) لم نعرف عنها شيئاً إلّاما جاء في الذريعة ٢ : ٣٦٤ عن رسالة القطب الراوندي المسمّاة ب‍ (الإنجاز في شرح الإيجاز في الفرائض).

(٤) يأتي في المسألة الثانية من مسائل خمس.

(٥) منسوب إلى الإسكافي كما في المختلف ٩ : ١٠٣.

(٦) الوسائل ١٧ : ٤٦٥ ، الباب ١٧ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، الحديث ٧.

(٧) بضعف سندها؛ لأنّ في طريقها الحسن بن سماعة ، راجع المسالك ١٣ : ٦٥.

١٧٢

(و) ثانيهما : (الإخوة تحجب الاُمّ عن الثلث إلى السدس بشروط (١)) خمسة :

الأوّل : (وجود الأب) ليوفّروا عليه ما حجبوها عنه وإن لم يحصل لهم منه شيء ، فلو كان معدوماً لم يحجبوها عن الثلث.

(و) الثاني : (كونهم رجلين) أي ذكرين (فصاعداً ، أو أربع نساء ، أو رجلاً) أي ذكراً (وامرأتين) أي اُنثيين وإن لم يبلغا ، والخنثى هنا كالاُنثى؛ للشكّ في الذكوريّة الموجب للشكّ في الحَجب. واستقرب المصنّف في الدروس هنا القرعة (٢).

(و) الثالث (كونهم) إخوة (للأب ، والاُمّ ، أو للأب) أو بالتفريق ، فلا تحجب كلالةُ الاُمّ.

(و) الرابع : (انتفاء) موانع الإرث من (القتل والكفر والرقّ عنهم) وكذا اللعان. ويُحجب الغائبُ ما لم يُقضَ بموته شرعاً.

(و) الخامس : (كونهم منفصلين بالولادة ، لا حملاً) فلا يحجب الحمل ولو بكونه متمّماً للعدد المعتبر فيه على المشهور ، إمّا لعدم إطلاق اسم الإخوة عليه حينئذٍ ، أو لكونه لا ينفق عليه الأب وهو علّة التوفير عليه. وفي الثاني منع ظاهر. والعلّة غير متحقّقة. وفي الدروس جعل عدم حجبه قولاً (٣) مؤذناً بتمريضه.

ويشترط سادس : وهو كونهم أحياء عند موت الموروث ، فلو كان بعضهم

__________________

(١) في (ق) و (س) : بشرط.

(٢) الدروس ٢ : ٣٥٧ ، وفيه : «ويحتمل قويّاً القرعة هنا».

(٣) الدروس ٢ : ٣٥٧.

١٧٣

ميّتاً أو كلّهم عنده لم يحجب؛ وكذا لو اقترن موتاهما أو اشتبه التقدّم والتأخّر.

وتوقّف المصنّف في الدروس لو كانوا غرقى من حيث إنّ فرض موت كلّ واحد منهما يستدعي كون الآخر حيّاً فيتحقّق الحجب ، ومن عدم القطع بوجوده والإرث حكم شرعيّ ، فلا يلزم منه اطّراد الحكم بالحياة. قال : ولم أجد في هذا كلاماً لمن سبق (١).

والأقوى عدم الحجب؛ للشكّ ، والوقوف في ما خالف الأصل على مورده.

وسابع : وهو المغايرة بين الحاجب والمحجوب ، فلو كانت الاُمّ اُختاً لأب فلا حَجب كما يتّفق ذلك في المجوس ، أو الشبهة بوطء الرجل ابنته ، فولدها أخوها لأبيها.

__________________

(١) الدروس ٢ : ٣٥٧.

١٧٤

(الفصل الثاني)

(في) بيان (السهام) المقدّرة (و) بيان (أهلها).

(وهي في كتاب اللّٰه تعالى) ستّة :

الأوّل : (النصف) وقد ذُكر في ثلاثة مواضع : قال تعالى : (وَإِنْ كٰانَتْ ـ يعني البنت ـ وٰاحِدَةً فَلَهَا اَلنِّصْفُ) (١) (ولكم نصف ما ترك أزواجكم (٢) وله اُخت فلها نصف ما ترك) (٣)

(و) الثاني : نصف النصف وهو (الربع) وهو مذكور فيه في موضعين : أحدهما : (فَلَكُمُ اَلرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ) (٤) وثانيهما : (وَلَهُنَّ اَلرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ) (٥).

(و) الثالث : نصفه وهو (الثمن) ذكره اللّٰه تعالى مرّة واحدة في قوله تعالى : (فَلَهُنَّ اَلثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ) (٦).

(و) الرابع : (الثلثان) ذكره اللّٰه تعالى في موضعين :

أحدهما في البنات ، قال : (فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اِثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ) (٧)

__________________

(١ ـ ٣) النساء : ١١ ، ١٢ ، ١٧٦.

(٤) النساء : ١٢.

(٥) النساء : ١٢.

(٦) النساء : ١٢.

(٧) النساء : ١١.

١٧٥

وثانيهما : في الأخوات ، قال تعالى : (فَإِنْ كٰانَتَا اِثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا اَلثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ) (١).

(و) الخامس : نصفه وهو (الثلث) وقد ذكره اللّٰه تعالى في موضعين أيضاً ، قال تعالى : (فَلِأُمِّهِ اَلثُّلُثُ) (٢) وقال : (فَإِنْ كٰانُوا ـ أي أولاد الاُمّ ـ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي اَلثُّلُثِ) (٣) (و) السادس : نصف نصفه وهو (السدس) وقد ذكره اللّٰه تعالى في ثلاثة مواضع ، فقال : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا اَلسُّدُسُ) (٤) (فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ اَلسُّدُسُ) (٥) ، وقال في حقّ أولاد الاُمّ : (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا اَلسُّدُسُ) (٦).

وأمّا أهل هذه السهام فخمسة عشر :

(فالنصف لأربعة : الزوج مع عدم الولد) للزوجة (وإن نزل) سواء كان منه أم من غيره (والبنت) الواحدة (والاُخت للأبوين ، والاُخت للأب) مع فقد اُخت الأبوين إذا لم يكن ذَكَر في الموضعين.

(والربع لاثنين : الزوج مع الولد) للزوجة وإن نزل (والزوجة) وإن تعدّدت (مع عدمه) للزوج.

(والثُمن لقبيل واحد) وهو (الزوجة وإن تعدّدت مع الولد) وإن نزل.(والثلثان لثلاثة : البنتين فصاعداً ، والاُختين للأبوين فصاعداً ، والاُختين للأب) ـ مع فقد المتقرّب بالأبوين ـ فصاعداً (كذلك) إذا لم يكن ذَكرٌ في الموضعين.

__________________

(١) النساء : ١٧٦ ، ١١ ، ١٢.

(٢) النساء : ١٧٦ ، ١١ ، ١٢.

(٣) النساء : ١٧٦ ، ١١ ، ١٢.

(٤) النساء : ١١.

(٥) النساء : ١١.

(٦) النساء : ١٢.

١٧٦

(والثلث لقبيلين : للاُمّ مع عدم من يحجبها) من الولد والإخوة (وللأخوين أو الاُختين ، أو للأخ والاُخت فصاعداً من جهتها) ولو قال : (للاثنين فصاعداً من ولد الاُمّ ذكوراً أم إناثاً أم بالتفريق) كان أجمع.

(والسدس لثلاثة : للأب مع الولد) ذكراً كان أم اُنثى وإن حصل له مع ذلك زيادة بالردّ ، فإنّها بالقرابة لا بالفرض (وللاُمّ معه) أي مع الولد ، وكذا مع الحاجب من الإخوة (وللواحد من كلالة الاُمّ) أي أولادها.

سُمّي الإخوة كلالة من الكَلّ ـ وهو الثقل ـ لكونها ثقلاً على الرجل؛ لقيامه بمصالحهم مع عدم التولّد الذي يوجب مزيد الإقبال والخفّة على النفس. أو من الإكليل ، وهو ما يُزَيَّن بالجوهر (١) شبه العصابة؛ لإحاطتهم بالرَجُل كإحاطته بالرأس.

هذا حكم السهام المقدّرة منفردةً. وأمّا منضمّةً بعضها إلى بعض فبعضها يمكن ، وبعضها يمتنع.

وصور اجتماعها الثنائي مطلقاً (٢) : إحدى وعشرون ، حاصلة من ضرب السهام الستّة في مثلها ثمّ حذف المكرَّر منها (٣) وهو خمسة عشر ، منها ثمان ممتنعة :

__________________

(١) في (ر) : بالجواهر.

(٢) ممكناً وممتنعاً.

(٣) ضابط التكرار : أنّ الأوّل يأتي في جميع الفروض ، فلا تكرار فيه. والثاني وهو الربع يتكرّر مع النصف؛ لدخوله في أقسامه. والثالث وهو الثمن يتكرّر مع السابقين؛ لدخوله في أقسامهما. والرابع يتكرّر مع الثلاثة السابقة. والخامس مع الأربعة. والسادس مع الخمسة ، وذلك خمسة عشر. ثمّ بعض ما تكرّر يمكن فرضه ، بعضها ممتنع ، ويبقى من الممتنع ثمان كما ذكر ، والباقي ممكن ولا تكرار. ولهذا يظهر فساد ما ذكره المقداد في التنقيح ٤ : ١٤٨ ـ ١٥١ في تقسيم هذه السهام وجدوله يخالف ما ذكره في كلامه ، فتأمّل. (منه رحمه الله).

١٧٧

وهي : واحدة من صور اجتماع النصف مع غيره ، وهو : اجتماعه مع الثلثين؛ لاستلزامه العول ، وإلّا فأصله واقع كزوج مع اُختين فصاعداً لأب. لكن يدخل النقص عليهما ، فلم يتحقّق الاجتماع مطلقاً (١).

واثنتان من صور اجتماع الربع مع غيره ، وهما : اجتماعه مع مثله؛ لأنّه سهم الزوج مع الولد والزوجة لا معه فلا يجتمعان. واجتماعه مع الثمن؛ لأنّه نصيبها مع الولد وعدمه (٢) أو نصيب الزوج معه.

واثنتان من صور الثمن مع غيره ، وهما : هو مع مثله؛ لأنّه نصيب الزوجة وإن تعدّدت خاصّة. وهو مع الثلث؛ لأنّه نصيب الزوجة مع الولد ، والثلث نصيب الاُمّ لا معه ، أو الاثنين من أولادها لا معهما.

وواحدة من صور الثُلُثين ، وهي : هما مع مثلهما؛ لعدم اجتماع مستحقّهما متعدّداً في مرتبة واحدة مع بطلان العول.

واثنتان من صور الثلث ، وهما : اجتماعه مع مثله ، وإن فرض في البنتين والاُختين حيث إنّ لكلّ واحدة ثلثاً ، إلّاأنّ السهم هنا هو جملة الثلثين ، لا بعضهما. وهو مع السدس؛ لأنّه نصيب الاُمّ مع عدم الحاجب والسدس نصيبها معه أو مع الولد ، فلا يجامعه.

ويبقى من الصور ثلاث عشرة ، فرضها واقع صحيح ، قد أشار المصنّف منها إلى تسع بقوله :

(ويجتمع النصف مع مثله) كزوج واُخت لأب. (ومع الربع) كزوجة واُخت كذلك ، وكزوج وبنت. (و) مع (الثمن) كزوجة وبنت. وقد تقدّم أنّه

__________________

(١) على قول العامّة والخاصّة.

(٢) كذا ، ولا يخفى قصور العبارة عن تأدية المراد.

١٧٨

لا يجتمع مع الثلثين؛ لاستلزامه العول. (و) يجتمع (مع الثلث) كزوج واُمّ ، وككلالة الاُمّ المتعدّدة مع اُختٍ لأب. (و) مع (السدس) كزوج وواحد من كلالة الاُمّ ، وكبنت مع اُمّ ، وكاُخت لأب مع واحد من كلالة الاُمّ.

(ويجتمع الربعُ والثمن مع الثلثين) فالأوّل كزوج وابنتين وكزوجة واُختين لأب والثاني كزوجة وابنتين.

(ويجتمع الربعُ مع الثلث) كزوجة واُمّ. وزوجةٍ مع متعدّد من كلالة الاُمّ. ومع السدس كزوجة وواحد من كلالة الاُمّ ، وكزوج وأحدِ الأبوين مع ابن.

(ويجتمع الثمنُ مع السدس) كزوجة وابن وأحد الأبوين.

ويجتمع الثلثان مع الثلث ، كإخوة لاُمّ مع اُختين فصاعداً لأب. ومع السدس كبنتين وأحد الأبوين ، وكاُختين لأب مع واحد من كلالة الاُمّ.

ويجتمع السدس مع السدس كأبوين مع الولد.

فهذه جملة الصور التي يمكن اجتماعها بالفرض ثنائيّاً ، وهي ثلاث عشرة.

(وأمّا) صور (الاجتماع لا بحسب الفرض) بل بالقرابة اتّفاقاً (فلا حصر له) لاختلافه باختلاف الوارث كثرةً وقلّةً. ويمكن معه فرض ما امتنع لغير العول ، فيجتمع الربع مع مثله في بنتين وابن ، ومع الثمن في زوجة وبنت وثلاث بنين. والثلث مع السدس في زوج وأبوين ، وعلى هذا ...

وإذا خلَّف الميّت ذا فرض أخذ فرضه ، فإن تعدّد في طبقة (١) أخذ كلٌّ فرضه ، فإن فضل من التركة شيء عن فروضهم رُدَّ عليهم على نسبة الفروض مع تساويهم في الوصلة ، عدا الزوج والزوجة والمحجوب عن الزيادة.

(ولا ميراث) عندنا (للعَصبَة) على تقدير زيادة الفريضة عن السهام

__________________

(١) في (ع) و (ف) : طبقته.

١٧٩

(إلّامع عدم القريب) أي الأقرب منهم؛ لعموم آية (أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ) وإجماع أهل البيت عليهم السلام وتواترِ أخبارهم بذلك (١) (فيُردّ) فاضل الفريضة (على البنت والبنات ، والاُخت والأخوات للأب والاُمّ) أو للأب مع فقدهم (وعلى الاُمّ ، وعلى كلالة الاُمّ مع عدم وارث في درجتهم) وإلّا اختصّ غيرهم من الإخوة للأبوين أو للأب بالردّ ، دونهم.

(ولا يُردّ على الزوج والزوجة إلّامع عدم كلّ وارثٍ عدا الإمام) بل الفاضل عن نصيبهما لغيرهما من الورّاث ولو ضامن الجريرة.

ولو فُقد مَن عدا الإمام من الوارث ففي الردّ عليهما مطلقاً (٢) أو عدمه مطلقاً (٣) أو عليه مطلقاً دونها مطلقاً (٤) أو عليهما إلّاحال حضور الإمام عليه السلام فلا يردّ عليها خاصّة (٥) أقوال ، مستندها : ظواهر أخبار (٦) المختلفة ظاهراً و (٧) الجمع بينها.

__________________

(١) راجع الوسائل ١٧ : ٤٣١ ـ ٤٣٤ ، الباب ٨ من أبواب موجبات الإرث.

(٢) المقنعة : ٦٩١.

(٣) وهو الذي قد يظهر من كلام سلّار في المراسم : ٢٢٤ ، واُنظر الإيضاح ٤ : ٢٣٧ ، والمسالك ١٣ : ٧٠.

(٤) ذهب إليه السيّد في الانتصار : ٥٨٤ ، المسألة ٣١٨ ، والشيخ في المبسوط ٤ : ٧٤ ، وابن زهرة في الغنية : ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، وابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٨٤.

(٥) ذهب إليه الصدوق في الفقيه ٤ : ٢٦٢ ، ذيل الحديث ٥٦١٢ ، والشيخ في التهذيب ٩ : ٢٩٥ ، ذيل الحديث ١٠٥٦ ، والاستبصار ٦ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، ذيل الحديث ٥٦٨ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٠٢ ، والعلّامة في التحرير ٥ : ٣٩.

(٦) كذا في (ع) التي قوبلت بالأصل ، وهو الأصحّ. وفي سائر النسخ : الأخبار.

(٧) في (ع) و (ف) : أو.

١٨٠