الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٣

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٣

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5662-47-8
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٠

من مُراح (١) واصطبل يليق بحالها وإن كانت غير منتفع بها أو مشرفةً على التلف ـ ومنها دود القزّ ـ فيأثم بالتقصير في إيصاله قدر كفايته ووضعه في مكان يقصر عن صلاحيّته له بحسب الزمان. ومثله ما تحتاج إليه البهيمة مطلقاً من الآلات حيثُ يستعملها ، أو الجلّ لدفع البرد وغيره حيث يحتاج إليه.

(ولو كان للرقيق كسب جاز للمولى أن يَكله إليه فإن كفاه) الكسبُ بجميع ما يحتاج إليه من النفقة اقتصر عليه (وإلّا) يكفه (أتمّ له) قدرَ كفايته وجوباً (ويُرجع في جنس ذلك إلى عادة مماليك أمثال السيّد من) أهل (بلده) بحسب شرفه وضعته وإعساره ويساره. ولا يكفي ساتر العورة في اللباس ببلادنا وإن اكتفي به في بلاد الرقيق. ولا فرق بين كون نفقة السيّد على نفسه دونَ الغالب في نفقة الرقيق عادةً ـ تقتيراً أو (٢) بخلاً أو رياضة ـ وفوقَه ، فليس له الاقتصار به على نفسه في الأوّل (٣) ولا عبرة في الكمّيّة بالغالب بل تجب الكفاية لو كان الغالبُ أقلّ منها ، كما لا يجب الزائد لو كان فوقها وإنّما تعتبر فيه الكيفيّة.

(ويُجبر) السيّد (على الإنفاق أو البيع) مع إمكانهما ، وإلّا اُجبر على الممكن منهما خاصّة. وفي حكم البيع : الإجارة مع شرط النفقة على المستأجر والعتق ، فإن لم يفعل باعه الحاكم أو آجره. وهل يبيعه شيئاً فشيئاً أو يستدين عليه إلى أن يجتمع شيء فيبيع ما يفي به؟ الوجهان.

(ولا فرق) في الرقيق (بين القِنّ) وأصله : الذي مُلك هو وأبواه ، والمراد هنا : المملوك الخالص غير المتشبّث بالحرّيّة بتدبير ولا كتابة ولا استيلاد

__________________

(١) مأوى الإبل والبقر والغنم.

(٢) في (ع) و (ف) : و.

(٣) أي ما دون الغالب.

٣٤١

(والمدبَّر ، واُمِّ الولد) لاشتراك الجميع في المملوكيّة وإن تشبّث الأخيران بالحرّيّة. وأمّا المكاتب فنفقته في كسبه وإن كان مشروطاً أو لم يؤدِّ شيئاً.

(وكذا يجبر على الإنفاق على البهيمة المملوكة ، إلّاأن تجتزي بالرعي) وترد الماء بنفسها ، فيجتزى به ويسقطان عنه ما دام ذلك ممكناً (فإن امتنع اُجبر على الإنفاق) عليها (أو البيع أو الذبح إن كانت) البهيمة (مقصودة بالذبح) وإلّا اُجبر على البيع أو الإنفاق صوناً لها عن التلف. فإن لم يفعل ناب الحاكم عنه في ذلك على ما يراه وتقتضيه الحال ، وإنّما يتخيّر مع إمكان الأفراد (١) وإلّا تعيّن الممكن منها (وإن كان لها ولد وفّر عليه من لبنها ما يكفيه) وجوباً وحلب ما يفضل عنه خاصّة (إلّاأن يقوم بكفايته) من غير اللبن حيث يكتفي به.

وبقي من المملوك ما لا روح فيه كالزرع والشجر ممّا يتلف بترك العمل ، وقد اختُلف في وجوب عمله ، ففي التحرير : قرّب الوجوب من حيث إنّه تضييع للمال فلا يُقَرّ عليه (٢) وفي القواعد : قطع بعدمه؛ لأنّه تنمية للمال فلا تجب كما لا يجب تملّكه (٣) ويشكل بأنّ ترك التملّك لا يقتضي الإضاعة ، بخلاف التنمية التي يوجب تركها فواته رأساً. أمّا عمارة العقار فلا تجب ، لكن يُكره تركه إذا أدّى إلى الخراب.

* * *

__________________

(١) من البيع والإنفاق والذبح.

(٢) التحرير ٤ : ٤٦ ، الرقم ٥٣٧٣.

(٣) القواعد ٣ : ١١٨.

٣٤٢

كتاب الطلاق

٣٤٣
٣٤٤

(كتاب الطلاق)

وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة «طالق» (وفيه فصول) :

(الأوّل)

(في أركانه)

(وهي) أربعة (الصيغة والمطلِّق والمطلَّقة والإشهاد) على الصيغة. (و) اللفظ (الصريح) من الصيغة (أنتِ أو هذه أو فلانة) ويذكر اسمها أو ما يفيد التعيين (أو زوجتي مثلاً : طالق) وينحصر عندنا في هذه اللفظة (فلا يكفي) أنتِ (طلاق) وإن صحّ إطلاق المصدر على اسم الفاعل وقصده فصار بمعنى «طالق» وقوفاً على موضع النصّ (١) والإجماع ، واستصحاباً للزوجيّة ، ولأنّ المصادر إنّما تُستعمل في غير موضوعها (٢) مجازاً وإن كان في اسم الفاعل شهيراً ، وهو غير كافٍ في استعمالها في مثل الطلاق.

__________________

(١) اُنظر الوسائل ١٥ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، الباب ١٦ من أبواب مقدّمات الطلاق.

(٢) في (ع) : موضعها.

٣٤٥

(ولا من المطلَّقات ، ولا مطلَّقة ، ولا طلّقت فلانة على قولٍ) مشهور (١) لأ نّه ليس بصريح فيه ، ولأ نّه إخبار ونقله إلى الإنشاء على خلاف الأصل ، فيقتصر فيه على موضع الوفاق وهو صيغ العقود ، فاطّراده في الطلاق قياس ، والنصّ (٢) دلَّ فيه على (طالق) ولم يدلّ على غيره ، فيقتصر عليه. ومنه يظهر جواب ما احتجّ به القائل بالوقوع ، وهو الشيخ في أحد قوليه استناداً إلى كون صيغة الماضي في غيره منقولة إلى الإنشاء (٣) ونسبة المصنّف البطلان إلى القول مشعر بميله إلى الصحّة.

(ولا عبرة) عندنا (بالسراح والفراق) وإن عبّر عن الطلاق بهما في القرآن الكريم بقوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ) (٤) (فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (٥) لأنّهما عند الإطلاق لا ينطلقان عليه فكانا كناية عنه لا صراحة فيهما ، والتعبير بهما لا يدلّ على جواز إيقاعه بهما.

__________________

(١) أمّا (أنت من المطلّقات) فلم نعثر على القائل بكفايتها. نعم نسب ذلك في التنقيح ٣ : ٣٠٣ والمهذّب البارع ٣ : ٤٥٢ إلى الشيخ في المبسوط ، ولكن لم نعثر عليه فيه. وأمّا (أنت مطلَّقة) فالمشهور عدم كفايتها أيضاً ، ونسب في الشرائع ٣ : ١٧ والتحرير ٤ : ٦٠ وغيرهما القول بكفايتها إلى الشيخ إذا نوى الطلاق. اُنظر المبسوط ٥ : ٢٥. أمّا صيغة (طلّقت فلانة) فقد قال في المهذّب البارع ٣ : ٤٥٣ قوله : طلّقت فلانة مُنشأً ، قال المصنّف : يقع؛ لوقوعه بما يتضمّنه في قوله : هل طلّقت؟ فيقول نعم ، فمع صريحه أولى ونقل منعه عن الشيخ.

(٢) اُنظر الصفحة المتقدّمة ، الهامش رقم ١.

(٣) لم نعثر على الاستدلال في النهاية ولا في غيرها. نعم ، ذكره في الإيضاح ٣ : ٣٠٧ وفي غيره. اُنظر التخريج المتقدّم آنفاً.

(٤) البقرة : ٢٢٩.

(٥) الطلاق : ٢.

٣٤٦

(و) كذا (الخليّة والبريّة) وغيرهما من الكنايات كالبتّة ، والبتلة (١) وحرام ، وبائن ، واعتدّي (وإن قُصد الطلاق) لأصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت شرعاً ما يزيله.

(وطلاق الأخرس بالإشارة) المفهمة له (وإلقاء القناع) على رأسها ليكون قرينة على وجوب سترها منه. والموجود في كلام الأصحاب الإشارة خاصّة (٢) وفي الرواية إلقاء القناع (٣) فجمع المصنّف رحمه الله بينهما. وهو أقوى دلالةً.

والظاهر أنّ إلقاء القناع من جملة الإشارات ، ويكفي منها ما دلّ على قصده الطلاق كما يقع غيره من العقود والإيقاعات والدعاوي والأقارير.

(ولا يقع) الطلاق (بالكَتب) ـ بفتح الكاف مصدر كتب كالكتابة ـ من دون تلفّظه (٤) ممّن يحسنه (حاضراً كان) الكاتب (أو غائباً) على أشهر القولين (٥) لأصالة بقاء النكاح ، ولحسنة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السلام : «إنّما الطلاق أن يقول : أنتِ طالق) ... الخبر (٦) وحسنة زرارة عنه عليه السلام «في رجل كتب

__________________

(١) البتّ والبتل : القطع.

(٢) مثل الشيخ في النهاية : ٥١١ ، والطوسي في الوسيلة : ٣٢٤ ، والكيدري في الإصباح : ٤٤٩ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ١٨ ، وغيرهم.

(٣) اُنظر الوسائل ١٥ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، الباب ١٩ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٢ و ٣ و ٥.

(٤) في (ف) و (ر) : تلفّظ.

(٥) قال الشارح في المسالك ٩ : ٧٠ ـ ٧١ : اتّفق الأصحاب على عدم وقوع الطلاق بالكتابة للحاضر القادر على التلفّظ ، واختلفوا في وقوعه من الغائب فذهب الأكثر ـ ومنهم الشيخ في المبسوط والخلاف مدّعياً فيه الإجماع ـ إلى العدم أيضاً. وانظر المبسوط ٥ : ٢٨ ، والخلاف ٤ : ٤٦٩ ، المسألة ٢٩ من كتاب الطلاق.

(٦) الوسائل ١٥ : ٢٩٥ ، الباب ١٦ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٣.

٣٤٧

بطلاق امرأته ، قال : ليس ذلك بطلاق) (١).

وللشيخ رحمه الله قول بوقوعه به للغائب دون الحاضر (٢) لصحيحة أبي حمزة الثمالي عن الصادق عليه السلام في الغائب «لا يكون طلاق حتّى ينطق به بلسانه ، أو يخطّه بيده وهو يريد به الطلاق» (٣) وحُمل على حالة الاضطرار (٤) جمعاً.

ثمّ على تقدير وقوعه للضرورة أو مطلقاً على وجهٍ ، يعتبر رؤية الشاهدين لكتابته حالتها؛ لأنّ ذلك بمنزلة النطق بالطلاق فلا يتمّ إلّابالشاهدين ، وكذا يُعتبر رؤيتهما إشارةَ العاجز.

(ولا بالتخيير) للزوجة بين الطلاق والبقاء بقصد الطلاق (وإن اختارت نفسها في الحال) على أصحّ القولين (٥) لما مرّ (٦) وقول الصادق عليه السلام : «ما للناس والخيار! إنّما هذا شيء خصّ اللّٰه به رسوله صلى الله عليه وآله» (٧) وذهب ابن الجنيد إلى وقوعه به (٨) لصحيحة حمران عن الباقر عليه السلام : «المخيَّرة تبين من ساعتها من غير

__________________

(١) الوسائل ١٥ : ٢٩١ ، الباب ١٤ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٢.

(٢) اختاره في النهاية : ٥١١.

(٣) الوسائل ١٥ : ٢٩١ ، الباب ١٤ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٣.

(٤) كما في المختلف ٧ : ٣٥٠ ، والإيضاح ٣ : ٣١٠.

(٥) وهو للأكثر كما في السرائر ٢ : ٦٧٦ ، والشرائع ٣ : ١٨. والقائل بالوقوع القديمان ، اُنظر عبارتيهما في المختلف ٧ : ٣٣٩ ، وهو المنسوب إلى السيّد المرتضى وظاهر ابني بابويه في المسالك ٩ : ٨٠ ، وانظر رسائل الشريف المرتضى المجموعة الاُولى : ٢٤١ ، والمقنع : ٣٤٧ ، والفقيه ٣ : ٥١٧.

(٦) من أصالة بقاء النكاح وغيرها.

(٧) الوسائل ١٥ : ٣٣٦ ، الباب ٤١ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٣.

(٨) تقدّم عنه في الهامش رقم ٥.

٣٤٨

طلاق) (١) وحُملت على تخييرها (٢) بسببٍ غير الطلاق (٣) ـ كتدليس وعيب ـ جمعاً.

(ولا معلّقاً على شرط) وهو ما أمكن وقوعه وعدمه ، كقدوم المسافر ودخولها الدار (أو صفة) وهو ما قطع بحصوله عادةً ، كطلوع الشمس وزوالها. وهو موضع وفاق منّا ، إلّاأن يكون الشرط معلوم الوقوع له حال الصيغة ، كما لو قال : (أنتِ طالق إن كان الطلاق يقع بك) وهو يعلم وقوعه على الأقوى؛ لأ نّه حينئذٍ غير معلّق ، ومن الشرط تعليقه على مشيئة اللّٰه تعالى.

(ولو فسّر الطلقة بأزيد من الواحدة *) كقوله : أنتِ طالق ثلاثاً (لغا التفسير) ووقع واحدة؛ لوجود المقتضي وهو قوله : «أنتِ طالق» وانتفاء المانع؛ إذ ليس إلّاالضميمة وهي مؤكّدة (٤) لا تنافيه ، ولصحيحة جميل (٥) وغيرها (٦) في الذي يُطلّق في مجلس ثلاثاً ، قال : «هي واحدة).

وقيل : يبطل الجميع؛ لأنّه بدعة (٧) لقول الصادق عليه السلام : «من طلّق ثلاثاً في

__________________

(١) الوسائل ١٥ : ٣٣٨ ، الباب ٤١ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ١١.

(٢) في (ف) و (ش) : تخيّرها.

(٣) اُنظر الإيضاح ٣ : ٣٠٩.

(*) في (س) : واحدة ، وهكذا في نسخة (ر) من الشرح.

(٤) فيما سوى (ع) : توكّده.

(٥) الوسائل ١٥ : ٣١١ ـ ٣١٢ ، الباب ٢٩ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٢ و ٣.

(٦) مثل رواية زرارة في الوسائل ١٥ : ٣١٤ ، الباب ٢٩ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ١١ وغيرها.

(٧) ذهب إليه السيّد المرتضى في أحد قوليه ، والعماني وابن حمزة والديلمي ، اُنظر الانتصار : ٣٠٨ ، المسألة ١٧٢ ، والمختلف ٧ : ٣٥٣ ، والوسيلة : ٣٢٢ ، والمراسم : ١٦٣.

٣٤٩

مجلس فليس بشيء ، من خالف كتاب اللّٰه رُدّ إلى كتاب اللّٰه) (١) وحُمل على إرادة عدم وقوع الثلاث التي أرادها (٢).

(ويُعتبر في المطلِّق : البلوغُ) فلا يصحّ طلاق الصبيّ وإن أذن له الوليّ ، أو بلغ عشراً على أصحّ القولين (٣) (والعقلُ) فلا يصحّ طلاق المجنون المطبق مطلقاً ولا غيره حالَ جنونه (ويطلّق الوليّ) وهو الأب والجدّ له مع اتّصال جنونه بصغره ، والحاكمُ عند عدمهما ، أو مع عدمه (عن المجنون) المطبق مع المصلحة (لا عن الصبيّ) لأنّ له أمداً يُرتقب ويزول نقصه فيه ، وكذا المجنون ذو الأدوار.

ولو بلغ الصبيّ فاسدَ العقل طلّق عنه الوليّ حينئذٍ.

وأطلق جماعة من الأصحاب جواز طلاق الوليّ عن المجنون من غير فرق بين المطبق وغيره (٤) وفي بعض الأخبار (٥) دلالة عليه. والتفصيل متوجّه ،

__________________

(١) الوسائل ١٥ : ٣١٣ ، الباب ٢٩ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٨.

(٢) كما في المختلف ٧ : ٣٥٤ ، والإيضاح ٣ : ٣١٢ ، وغاية المراد ٣ : ٢٢٦.

(٣) وهو مذهب ابن إدريس والمتأخّرين كما في المسالك ٩ : ١١ ، وانظر السرائر ٢ : ٦٦٤ و ٦٩٣ ، والقواعد ٣ : ١٢١ ، والإرشاد ٢ : ٤٢ ، والتحرير ٤ : ٤٩ ـ ٥٠ ، والإيضاح ٣ : ٢٩١ ونسبه فيه إلى أبي الصلاح ، وانظر الكافي : ٣٠٥ ، وغيرها.

والقول بالصحّة للشيخ في النهاية : ٥١٨ ، والقاضي في المهذّب ٢ : ٢٨٨ ، والطوسي في الوسيلة : ٣٢٣ ، وهو المنسوب إلى الإسكافي وابن بابويه ، اُنظر المختلف ٧ : ٣٦٦ ، والتنقيح الرائع ٣ : ٢٩٢.

(٤) مثل الشيخ في النهاية : ٥٠٩ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ١٢ ، والعلّامة في الإرشاد ٢ : ٤٢ ، والمصنّف هنا.

(٥) اُنظر الوسائل ١٥ : ٣٢٩ ، الباب ٣٥ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث الأوّل.

٣٥٠

وبه قطع في القواعد (١).

واعلم أنّ الأخبار غير صريحة في جوازه من وليّه. ولكن فخر المحقّقين ادّعى الإجماع على جوازه (٢) فكان أقوى في حجّيّته (٣) منها. والعجب أنّ الشيخ في الخلاف ادّعى الإجماع على عدمه (٤).

(و) كذا (لا) يطلِّق الوليّ عن (السكران) وكذا المغمى عليه ، وشارب المُرقد كالنائم؛ لأنّ عذرهم متوقّع الزوال.

(والاختيارُ ، فلا يقع طلاق المكرَه) كما لا يقع شيء من تصرّفاته عدا ما استثني (٥).

ويتحقّق الإكراه بتوعّده بما يكون مضرّاً به في نفسه ، أو من يجري مجراه بحسب حاله مع قدرة المتوعِّد على فعل ما تَوعّد به ، والعلم أو الظنّ أنّه يفعله به لو لم يفعل.

ولا فرق بين كون المتوعّد به قتلاً أو جرحاً أو أخذ مال وإن قلّ ، وشتماً وضرباً (٦) وحبساً. ويستوي في الثلاثة الاُوَل جميع الناس. أمّا الثلاثة الأخيرة فتختلف باختلاف الناس ، فقد يؤثّر قليلها في الوجيه الذي ينقّصه ذلك ، وقد يحتمل بعض الناس شيئاً منها لا يؤثّر في قدره ، والمرجع في ذلك إلى العرف.

__________________

(١) القواعد ٣ : ١٢١ ـ ١٢٢.

(٢) الإيضاح ٣ : ٢٩٢.

(٣) في (ع) : حجّته.

(٤) الخلاف ٤ : ٤٤٢ ، المسألة ٢٩ من كتاب الخلع.

(٥) منه : ما إذا أجبره الحاكم على بيع شيء من أمواله لأداء دينه.

(٦) في (ش) : أو شتماً أو ضرباً.

٣٥١

ولو خيّره المكره بين الطلاق ودفع مال غير مستحقّ فهو إكراه ، بخلاف ما لو خيّره بينه وبين فعل يستحقّه الآمر من مال وغيره وإن حتَّم أحدهما عليه. كما لا إكراه لو ألزمه بالطلاق ففعله قاصداً إليه ، أو على طلاق معيّنة فطلّق غيرها ، أو على طلقة فطلّق أزيد.

ولو أكرهه على طلاق إحدى الزوجتين فطلّق معيّنة فالأقوى أنّه إكراه؛ إذ لا يتحقّق فعل مقتضى أمره بدون أحد ، وكذا القول في غيره من العقود والإيقاع (١) ولا يُشترط التورية بأن ينوي غيرها وإن أمكنت.

(والقصدُ فلا عبرة بعبارة الساهي والنائم والغالط). والفرق بين الأوّل والأخير : أنّ الأوّل لا قصد له مطلقاً ، والثاني له قصد إلى غير من طلّقها فغلط وتلفّظ بها. ومثله ما لو ظنّ زوجته أجنبيّة بأن كانت في ظلمة ، أو أنكحها له وليّه أو وكيله ولم يعلم. ويُصدَّق في ظنّه ظاهراً وفي عدم القصد لو ادّعاه ما لم تخرج العدّة الرجعيّة. ولا يقبل في غيرها إلّامع اتّصال الدعوى بالصيغة. وأطلق جماعة من الأصحاب (٢) قبول قوله في العدّة من غير تفصيل.

(ويجوز توكيل الزوجة في طلاق نفسها (٣) وغيرها) كما يجوز تولّيها غيره من العقود؛ لأنّها كاملة فلا وجه لسلب عبارتها فيه. ولا يقدح كونها بمنزلة

__________________

(١) كذا في أكثر النسخ ، وفي (ش) : الإيقاعات ، لكن في نسخة بدلها أيضاً : الإيقاع.

(٢) مثل الشيخ في المبسوط ٥ : ٢٥ ، والخلاف ٤ : ٤٥٨ ، المسألة ١٤ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ١٣ ، والقواعد ٣ : ١٢٢ ، والتحرير ٤ : ٥١ ، الرقم ٥٣٧٨.

(٣) خالف الشيخ ، فمنع تولّيها طلاق نفسها [الخلاف ٤ : ٤٧٠ ـ ٤٧٢ ، المسألة ٣١ و ٣٣ ، والتهذيب ٨ : ٨٧ ـ ٨٩ ، الحديث ٢٩٩ و ٣٠٠ ، والاستبصار ٣ : ٣١٢ ، الحديث ١١١١ و ١١١٢] استناداً إلى ما ذكرناه من الوجهين وأجبنا عنه. (منه رحمه الله).

٣٥٢

موجبة قابلة (١) على تقدير طلاق نفسها؛ لأنّ المغايرة الاعتباريّة كافية. وهو ممّا يقبل النيابة فلا خصوصيّة للنائب. وقوله صلى الله عليه وآله : (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (٢) لا ينافيه؛ لأنّ يدها مستفادة من يده ، مع أنّ دلالته على الحصر ضعيفة.

(ويُعتبر في المطلَّقة : الزوجيّةُ) فلا يقع بالأجنبيّة وإن علّقه على النكاح ، ولا بالأمة.

(والدوامُ) فلا يقع بالمتمتّع بها.

(والطهرُ من الحيض والنفاس إذا كانت المطلَّقة مدخولاً بها حائلاً حاضراً زوجها معها) فلو اختلّ أحد الشروط الثلاثة ـ بأن كانت غير مدخول بها ، أو حاملاً إن قلنا بجواز حيضها ، أو زوجها غائب عنها ـ صحّ طلاقها وإن كانت حائضاً أو نفساء.

لكن ليس مطلق الغيبة كافياً في صحّة طلاقها ، بل الغيبة على وجه مخصوص. وقد اختلف في حدّ الغيبة المجوّزة له على أقوال (٣) أجودها مُضيّ مدّة

__________________

(١) في (ر) : وقابلة.

(٢) المستدرك ١٥ : ٣٠٦ ، الباب ٢٥ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٣.

(٣) القول الأوّل : عدم تقديرها بمدّة ، وهو المنسوب إلى المفيد وابن بابويه والعماني وأبي الصلاح والديلمي ، اُنظر المقنعة : ٥٢٦ ، والمختلف ٧ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، والكافي : ٣٠٦ ، والمراسم : ١٦٣.

الثاني : التقدير بشهر ، اختاره الشيخ في النهاية : ٥١٢ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٢٠.

الثالث : التقدير بثلاثة أشهر ، اختاره الإسكافي ، والعلّامة في المختلف ٧ : ٣٥٧ ـ ٣٥٨.

الرابع : التقدير بمضيّ مدّة يعلم انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى آخر بحسب عادتها ، وهو المنسوب إلى الشيخ في الاستبصار ، وابن إدريس ، وأكثر المتأخّرين. اُنظر الاستبصار ٣ : ٢٩٥ ، ذيل الحديث ١٠٤٣ ، والسرائر ٢ : ٦٨٦ ، والشرائع ٣ : ١٤ ـ ١٥ ، والمختصر :

٣٥٣

يُعلم أو يُظنّ انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى غيره. ويختلف ذلك باختلاف عادتها ، فمن ثمّ اختلف الأخبار (١) في تقديرها ، واختلفت بسببها الأقوال ، فإذا حصل الظنّ بذلك جاز طلاقها وإن اتّفق كونها حائضاً حالَ الطلاق إذا لم يعلم بحيضها حينئذٍ ولو بخبر من يعتمد على خبره شرعاً ، وإلّا بطل. وفي حكم علمه بحيضها علمه بكونها في طهر المواقعة على الأقوى.

وفي المسألة بحث عريض قد حقّقناه في رسالة مفردة (٢) مَن أراد تحقيق الحال فليقف عليها.

وفي حكم الغائب من لا يمكنه معرفة حالها لحبسٍ ونحوه مع حضوره ، كما أنّ الغائب الذي يمكنه معرفة حالها أو قبل انقضاء المدّة المعتبرة في حكم الحاضر.

ويتحقّق ظنّ انقضاء نفاسها بمضيّ زمانٍ تلد فيه عادة وأكثر النفاس بعدها أو عادتها فيه. ولو لم يعلم ذلك كلّه ولم يظنّه تربّص ثلاثة أشهر كالمسترابة.

(والتعيينُ) أي تعيين المطلَّقة لفظاً أو نيّة ، فلو طلّق إحدى زوجتيه لا بعينها بطل (على الأقوى) لأصالة بقاء النكاح ، فلا يزول إلّابسبب محقَّق السببيّة ، ولأنّ الطلاق أمر معيَّن فلا بدّ له من محلّ معيَّن ، وحيث لا محلّ فلا طلاق ، ولأنّ الأحكام من قبيل الأعراض فلا بدّ لها من محلّ تقوم [به] (٣)

__________________

١٩٧ ، والتحرير ٤ : ٥٤ ، والقواعد ٣ : ١٢٦.

الخامس : التقدير بمضيّ ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر ، وهو المنسوب إلى الشيخ في موضع آخر من النهاية ، وابن البرّاج. اُنظر النهاية : ٥١٧ ، والمهذّب ٢ : ٢٨٧. راجع للتفصيل الإيضاح ٣ : ٣٠٤ ، والمهذّب البارع ٣ : ٤٤٤ ، والتنقيح الرائع ٣ : ٢٩٧ ، والمسالك ٣ : ٣٧ ، وغيرها.

(١) اُنظر الوسائل ١٥ : ٣٠٥ ـ ٣٠٨ ، الباب ٢٥ و ٢٦ من أبواب مقدّمات الطلاق.

(٢) طبعت في ضمن رسائل الشهيد الثاني ١ : ٤٠٩ ـ ٤٤١ ، الرسالة رقم ١٥.

(٣) في المخطوطات : بها.

٣٥٤

ولأنّ توابع الطلاق من العدّة وغيرها لا بدّ لها من محلّ معيّن.

وقيل : لا يشترط ، وتستخرج المطلّقة بالقرعة أو يُعيّن من شاء (١) لعموم مشروعيّة الطلاق ، ومحلُّ المبهم جاز أن يكون مبهماً ، ولأنّ إحداهما زوجة وكلّ زوجة يصحّ طلاقها. وقوّاه المصنّف في الشرح (٢).

ويتفرّع على ذلك العدّة ، فقيل : ابتداؤها من حين الإيقاع (٣) وقيل : من حين التعيين (٤) ويتفرّع عليه أيضاً فروع كثيرة ليس هذا موضع ذكرها.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٥ : ٧٦ ـ ٧٨ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ١٥ ، والعلّامة في القواعد ٣ : ١٢٣.

(٢) ما نسبه الشارح للمصنّف هنا ـ ومثله في المسالك ٩ : ٤٩ ـ موافق لما في الطبعة الحجريّة لغاية المراد : ٢١٨ حيث ذكر الرأيين في المسألة : الاشتراط وعدمه ثمّ علّق عليه بعبارة : (وهو الأقوى) ، ولكن في الطبعة المحقّقة لغاية المراد ٣ : ٢٢٩ اُضيفت كلمة (الأوّل) قبل (هو) ، فنسب إليه تقوية الرأي الأوّل ، والظاهر أنّه سهو في التحقيق أو في اختيار النسخة.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٥ : ٧٨.

(٤) قاله العلّامة في القواعد ٣ : ١٢٥ ، والتحرير ٤ : ٥٧ ، الرقم ٥٣٨٧.

٣٥٥
٣٥٦

(الفصل الثاني)

(في أقسامه)

وهو ينقسم أربعة أقسام (وهي) : ما عدا المباح ـ وهو متساوي الطرفين ـ من الأحكام الخمسة ، فإنّه لا يكون كذلك ، بل إمّا راجح أو مرجوح مع المنع من النقيض وتعيينه (١) أم لا.

وتفصيلها : أنّه (إمّا حرام ، وهو طلاق الحائض ، لا * مع المصحّح له) وهو أحد الاُمور الثلاثة السابقة ، أعني : عدم الدخول أو الحمل أو الغيبة (وكذا النُفَساء ، وفي طهر جامعها فيه) وهي غير صغيرة ولا يائسة ولا حامل مع علمه بحالها أو مطلقاً؛ نظراً إلى أنّه لا يُستثنى للغائب إلّاكونها حائضاً ، عملاً بظاهر النصّ (٢).

(والثلاث من غير رجعة) والتحريم هنا يرجع إلى المجموع من حيث هو مجموع ، وذلك لا ينافي تحليل بعض أفراده وهو الطلقة الاُولى؛ إذ لا منع منها إذا اجتمعت الشرائط.

__________________

(١) في (ر) : تعيّنه.

(*) في (ق) و (س) ونسخة (ش) من الشرح : إلّا.

(٣) راجع الوسائل ١٥ : ٣٠٨ ، الباب ٢٦ من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٦.

٣٥٧

(وكلّه) أي الطلاق المحرَّم بجميع أقسامه (لا يقع) بل يبطل (لكن يقع في) الطلقات (الثلاث) من غير رجعة (واحدة) وهي الاُولى ، أو الثانية على تقدير وقوع خلل في الاُولى ، أو الثالثة على تقدير فساد الاُوليين.

(وإمّا مكروه ، وهو الطلاق مع التئام الأخلاق) أي أخلاق الزوجين ، فإنّه ما من شيء ممّا أحلّه اللّٰه تعالى أبغض إليه من الطلاق (١) وذلك حيث لا موجب له.

(وإمّا واجب ، وهو طلاق المُولي والمظاهر) فإنّه يجب عليه أحد الأمرين : الفئة أو الطلاق كما سيأتي (٢) فكلّ واحد منهما يوصف بالوجوب التخييري ، وهو واجب بقولٍ مطلق.

(وإمّا سنّة ، وهو الطلاق مع الشقاق) بينهما (وعدم رجاء الاجتماع) والوفاق (والخوف من الوقوع في المعصية) يمكن أن يكون هذا من تتمّة شرائط سُنّيّته على تقدير الشقاق ، ويمكن كونه فرداً برأسه ، وهو الأظهر ، فإنّ خوف الوقوع في المعصية قد يجامع اتّفاقهما ، فيُسنّ تخلّصاً من الخوف المذكور إن لم يجب كما وجب النكاح له.

(ويُطلق الطلاق السنّي) المنسوب إلى السنّة (على كلّ طلاق جائز شرعاً) والمراد به الجائز بالمعنى الأعمّ «وهو ما قابل الحرام» ويقال له : «طلاق السنّة بالمعنى الأعمّ). ويقابله «البدعيّ» وهو الحرام. ويطلق «السنّي» على معنىً أخصّ من الأوّل ، وهو أن يُطلق على الشرائط ثمّ يتركَها حتّى تخرج من العدّة ويعقد عليها ثانياً ، ويقال له : «طلاق السنّة بالمعنى الأخصّ» وسيأتي ما يختلف من حكمهما.

__________________

(١) كما ورد في الوسائل ١٥ : ٢٦٧ ، الباب الأوّل من أبواب مقدّمات الطلاق ، الحديث ٥.

(٢) في الصفحة ٤١٨ و ٤٢٧.

٣٥٨

(وهو) أي الطلاق السنّي بالمعنى الأعمّ (ثلاثة) أقسام : (بائن) لا يمكن للمطلّق الرجوع فيه ابتداءً (وهو ستّة : طلاق غير المدخول بها) دخولاً يوجب الغسل في قُبُل أو دُ بُر (واليائسة) من المحيض ومثلها لا تحيض (والصغيرة) إذ لا عدّة لهذه الثلاث ولا رجوع إلّافي عدّة (و) طلاق (المختلعة والمباراة ما لم ترجعا في البذل) فإذا رجعتا صار رجعيّاً (والمطلَّقة ثالثة) ثلاثة (١) (بعد رجعتين) كلّ واحدة عقيب طلقة إن كانت حرّة ، وثانية بينها وبين الاُولى رجعة إن كانت أمة.

(ورجعي وهو ما للمطلِّق فيه الرجعة) سواء (رجع أو لا) فإطلاق (الرجعي) عليه بسبب جوازها فيه ، كإطلاق «الكاتب» على مطلق الإنسان من حيث صلاحيّته لها (٢).

(و) الثالث : (طلاق العدّة ، وهو أن يطلّق على الشرائط ، ثمّ يرجع في العدّة ويطأ ، ثمّ يطلّق في طهر آخر) وإطلاق «العدّي» عليه من حيث الرجوع فيه في العدّة. وجعله قسيماً للأوّلين يقتضي مغايرته لهما مع أنّه أخصّ من الثاني ، فإنّه من جملة أفراده ، بل أظهرها حيث رجع في العدّة ، فلو جعله قسمين ثمّ قسّم الرجعي إليه وإلى غيره كان أجود.

(وهذه) أعني المطلّقة للعدّة (تحرم في التاسعة أبداً) إذا كانت حرّة ، وقد تقدّم (٣) أنّها تحرم في كلّ ثالثة حتّى تنكح [زوجاً] (٤) غيره ،

__________________

(١) تفسير لثالثة ، بمعنى أنّ ثلاثة أنسب من الثالثة؛ لتعلّق الحكم بالثلاثة لا بالثالثة فقط. ويمكن فيه الإضافة من قبيل : ثاني اثنين ، وثالث ثلاثة. (هامش ر).

(٢) أي للكتابة.

(٣) تقدّم في الصفحة ٢١٥ وما بعدها.

(٤) لم يرد في المخطوطات.

٣٥٩

وأنّ المعتبر طلاقها للعدّة مرّتين من كلّ ثلاثة؛ لأنّ الثالث لا يكون عدّيّاً حيث لا رجوع فيها فيه.

(وما عداه) من أقسام الطلاق الصحيح ـ وهو ما إذا رجع فيها وتجرّد عن الوطء أو بعدها بعقد جديد وإن وطئ ـ تحرم المطلَّقة (في كلّ ثالثة للحرّة) وفي كلّ ثانية للأمة.

وفي إلحاق طلاق المختلعة إذا رجع في العدّة بعد رجوعها في البذل ، والمعقود عليها في العدّة الرجعيّة به (١) قولان (٢) منشؤهما : من أنّ الأوّل من أقسام البائن ، والعدّي من أقسام الرجعي ، وأنّ شرطه الرجوع في العدّة ، والعقد الجديد لا يُعدّ رجوعاً؛ ومن أنّ رجوعها في البذل صيّره رجعيّاً ، وأنّ العقد في الرجعي بمعنى الرجعة.

والأقوى إلحاق الأوّل به دون الثاني؛ لاختلال الشرط ومنعِ إلحاق المساوي بمثله.

(والأفضل في الطلاق أن يطلّق على الشرائط) المعتبرة في صحّته (ثمّ يتركها حتّى تخرج من العدّة ، ثمّ يتزوّجها إن شاء ، وعلى هذا ...) و (٣) هو طلاق السنّة بالمعنى الأخصّ ، ولا تحرم المطلّقة به مؤبّداً أبداً. وإنّما كان أفضل للأخبار الدالّة عليه (٤) وإنّما يكون أفضل حيث تشترك أفراده في أصل الأفضليّة وجوباً

__________________

(١) بالعدّي.

(٢) القول بإلحاق المختلعة وعدم إلحاق المعقود عليها للعلّامة في التحرير ٤ : ٦٧ ذيل الرقم ٥٤٠٣. وأمّا القول بعدم إلحاقهما أو إلحاق المعقود عليها فلم نعثر على قائله.

(٣) في (ر) زيادة : هذا.

(٤) اُنظر الوسائل ١٥ : ٣٦٢ ، الباب ٥ من أبواب أقسام الطلاق.

٣٦٠