الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٣

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٣

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5662-47-8
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٠

وذهب جماعة ـ منهم العلّامة في المختلف والتحرير (١) ـ إلى أنّ له الردّ ما لم يقبل؛ لما ذكر (٢) ولاستلزامه الحرج العظيم والضرر في أكثر مواردها ، وهما منفيّان بالآية (٣) والخبر (٤) والأخبار ليست صريحة الدلالة على المطلوب. ويمكن حملها على شدّة الاستحباب ، وأمّا حملها على سبق قبول الوصيّة فهو منافٍ لظاهرها.

والمشهور بين الأصحاب هو الوجوب مطلقاً.

وينبغي أن يستثنى من ذلك ما يستلزم الضرر والحرج ، دون غيره. وأمّا استثناء المعجوز عنه فواضح.

* * *

__________________

(١) المختلف ٦ : ٣٣٧ ، والتحرير ٣ : ٣٨٠.

(٢) من أنّ الحكم بوجوب القبول على الموصى إليه وتسليط الموصي على إثبات وصيّته على من شاء مخالف للأصل.

(٣) وهي قوله تعالى : (وَمٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، الحجّ : ٧٨.

(٤) وهو قوله صلى الله عليه وآله : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام. اُنظر الوسائل ١٧ : ٣٧٦ ، الباب الأوّل من موانع الإرث ، الحديث ١٠.

١٤١
١٤٢

كتاب النكاح

١٤٣
١٤٤

(كتاب النكاح)

(وفيه فصول) :

(الأوّل)

(في المقدّمات)

(النكاح مستحبّ مؤكَّد) لمن يمكنه فعله ولا يخاف بتركه الوقوع في محرَّم ، وإلّا وجب. قال اللّٰه تعالى : (فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّسٰاءِ) (١). (وَأَنْكِحُوا اَلْأَيٰامىٰ مِنْكُمْ وَاَلصّٰالِحِينَ مِنْ عِبٰادِكُمْ وَإِمٰائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاَللّٰهُ وٰاسِعٌ عَلِيمٌ) (٢) وأقلّ مراتب الأمر الاستحباب. وقال صلى الله عليه وآله : «من رغب عن سنّتي فليس منّي» (٣) و«إنّ من سنّتي النكاح» (٤).

(وفضله مشهور) بين المسلمين (محقَّق) في شرعهم (حتّى أنّ المتزوّج يُحرِز نصفَ دينه) رواه في الكافي بإسناده إلى النبيّ صلى الله عليه وآله قال : «من

__________________

(١) النساء : ٣.

(٢) النور : ٣٢.

(٣) الوسائل ١٤ : ٩ ، الباب ٢ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٩.

(٤) المستدرك ١٤ : ١٤٩ ـ ١٥٠ ، الباب الأوّل من مقدّمات النكاح ، الحديث ١ و ٦.

١٤٥

تزوّج أحرز نصف دينه ، فليتّقِ اللّٰه في النصف الآخر» أو «الباقي» (١) (ورُوي «ثلثا دينه» (٢) وهو من أعظم الفوائد في (٣) الإسلام) فقد رُويَ عن النبيّ صلى الله عليه وآله بطريق أهل البيت عليهم السلام أنّه قال : «ما استفاد امرئ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله» (٤) وقال صلى الله عليه وآله : «قال اللّٰه عزّ وجلّ : إذا أردت أن أجمع للمسلم خير الدنيا وخير الآخرة جعلت له قلباً خاشعاً ، ولساناً ذاكراً ، وجسداً على البلاء صابراً ، وزوجة مؤمنة تسرّه إذا نظر إليها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله» (٥).

(وليتخيّر البكر) قال النبيّ صلى الله عليه وآله : (تزوّجوا الأبكار ، فإنّهنّ أطيب شيءٍ أفواهاً ، وأنشفه أرحاماً ، وأدرّ شيءٍ أخلافاً ، وأفتح شيءٍ أرحاماً) (٦) (العفيفةَ) عن الزنا (الولودَ) أي ما من شأنها ذلك ، بأن لا تكون يائسة ولا صغيرة ولا عقيماً ، قال صلى الله عليه وآله : «تزوّجوا بكراً وَلوداً ، ولا تزوّجوا حسناء جميلة عاقراً ، فإنّي اُباهي بكم الاُمم يوم القيامة (٧) حتّى بالسقط ، يظلّ محبنطئاً (٨) على

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٢٨ ـ ٣٢٩ ، الحديث ٢ ، والوسائل ١٤ : ٥ ، الباب الأوّل من مقدّمات النكاح ، الحديث ١١ و ١٢.

(٢) المستدرك ١٤ : ١٤٩ ـ ١٥٠ ، الباب الأوّل من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢ و ٧.

(٣) في (ف) بدل (في) : بعد.

(٤) الوسائل ١٤ : ٢٣ ، الباب ٩ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٩.

(٥) المصدر السابق : الحديث ٨.

(٦) الوسائل ١٤ : ٣٤ ، الباب ١٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ١ و ٢.

(٧) المصدر السابق : ٣٣ ، الباب ١٦ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

(٨) المتنضّب المستبطئ للشيء. وقيل : هو الممتنع امتناع طلبة لا امتناع إباء. راجع النهاية لابن الأثير (حبنط).

١٤٦

باب الجنّة ، فيقول اللّٰه عزّ وجلّ : ادخل الجنّة ، فيقول : لا حتّى يدخل أبواي قبلي! فيقول اللّٰه تبارك وتعالى لملك من الملائكة : ائتني بأبويه فيأمر بهما إلى الجنّة ، فيقول : هذا بفضل رحمتي لك) (١).

(الكريمةَ الأصل) بأن يكون أبواها صالحين مؤمنين ، قال صلى الله عليه وآله : «أنكحوا الأكفاء وانكحوا فيهم واختاروا لنطفكم» (٢).

(ولا يقتصر على الجمال أو الثروة) من دون مراعاة الأصل والعفّة. قال صلى الله عليه وآله : «إيّاكم وخضراء الدِمَن! قيل : يا رسول اللّٰه وما خضراء الدِمَن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء» (٣) وعن أبي عبد اللّٰه عليه السلام «إذا تزوّج الرجل المرأة لجمالها ، أو لمالها وُكِل إلى ذلك ، وإذا تزوّجها لدينها رزقه اللّٰه الجمال والمال» (٤).

(ويستحبّ) لمن أراد التزويج قبلَ تعيين المرأة (صلاةُ ركعتين والاستخارة) وهو أن يطلب من اللّٰه تعالى الخيرة له في ذلك (والدعاء بعدهما بالخيرة) بقوله : «اللّهمّ إنّي اُريدُ أن أتزوّج فقدّر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً ، وأحفظهنّ لي في نفسها ومالي ، وأوسعهنّ رزقاً ، وأعظمهنّ بركة ، وقدّر لي ولداً طيّباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي» (٥) أو غيره من الدعاء (وركعتي الحاجة) لأنّها من مهامّ الحوائج (والدعاء) بعدهما بالمأثور أو بما سَنَح (والإشهاد) على العقد (والإعلان) إذا كان دائماً (والخُطبة) بضمّ الخاء (أمامَ العقد) للتأسّي ، وأقلّها «الحمد للّٰه» (وإيقاعه ليلاً) قال الرضا عليه السلام :

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٣٤ ـ ٣٥ ، الباب ١٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢.

(٢) و (٣) الوسائل ١٤ : ٢٩ ، الباب ١٣ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٣ و ٤.

(٤) المصدر السابق : ٣٠ ، الباب ١٤ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

(٥) المصدر السابق : ٧٩ ، الباب ٥٣ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

١٤٧

من السنّة التزويج بالليل ، لأنّ اللّٰه جعل الليل سكناً ، والنساء إنّما هنّ سكن (١).

(وليجتنب إيقاعه والقمر في) برج (العقرب) لقول الصادق عليه السلام : (من تزوّج والقمر في العقرب لم يرَ الحسنى) (٢) والتزويج حقيقة في العقد (فإذا أراد الدخول) بالزوجة (صلّى ركعتين) قبله (ودعا) بعدهما بعد أن يمجّد (٣) اللّٰه ويصلّي على النبيّ صلى الله عليه وآله بقوله : «اللهمّ ارزقني إلفَها ووُدَّها ورضاها ، وأرضني بها ، واجمع بيننا بأحسن اجتماع وآنس ائتلاف ، فإنّك تحبّ الحلال وتكره الحرام» (٤) أو (٥) غيره من الدعاء (و) تفعل (المرأة كذلك) فتصلّي ركعتين بعد الطهارة وتدعو اللّٰه تعالى بمعنى ما دعا (٦).

(وليكن) الدخول (ليلاً) كالعقد ، قال الصادق عليه السلام : (زُفّوا نساءكم ليلاً ، وأطعموا ضُحىً) (٧) (ويضع يده على ناصيتها) وهي ما بين نزعتيها من مقدَّم رأسها عند دخولها عليه ، وليقل : «اللهمّ على كتابك تزوّجتها ، وفي أمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللت فرجَها ، فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سويّاً ، ولا تجعله شرك شيطان» (٨) (ويسمّي) اللّٰه تعالى (عند الجماع

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٦٢ ، الباب ٣٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٣.

(٢) المصدر السابق : ٨٠ ، الباب ٥٤ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

(٣) في (ر) : يحمد.

(٤) الوسائل ١٤ : ٨١ ، الباب ٥٥ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

(٥) في (ش) : و.

(٦) في (ش) : بما دعاه ، وفي نسخة بدله : بمعنى ما دعاه.

(٧) الوسائل ١٤ : ٦٢ ، الباب ٣٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢. وفيه بدل : نساءكم : عرائسكم.

(٨) الوسائل ١٤ : ٧٩ ، الباب ٥٣ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

١٤٨

دائماً) عند الدخول بها وبعده ليتباعد عنه الشيطان ويسلم من شركه (١).

(ويسأل اللّٰه الولد الذكر السويّ الصالح) قال عبد الرحمن بن كثير : كنت عند أبي عبد اللّٰه عليه السلام فذكر شرك الشيطان فعظَّمه حتّى أفزعني ، فقلت : جعلت فداك! فما المخرج من ذلك؟ فقال : «إذا أردت الجماع فقل : بسم اللّٰه الرحمن الرحيم الذي لا إله إلّاهو بديع السماوات والأرض ، اللهمّ إن قضيت منّي في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ولا حظّاً ، واجعله مؤمناً مخلصاً صفيّاً من الشيطان ورجزه ، جلّ ثناؤك» (٢).

(وليُولم) عند الزفاف (يوماً أو يومين) تأسّياً بالنبيّ صلى الله عليه وآله فقد أولم على جملة من نسائه ، وقال صلى الله عليه وآله : «إنّ من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج» (٣) وقال صلى الله عليه وآله : «الوليمة أوّل يوم حقّ ، والثاني معروف ، وما زاد رياءٌ وسُمعة» (٤).

(ويدعو المؤمنين) إليها ، وأفضلهم الفقراء ، ويُكره أن يكونوا كلّهم أغنياء ولا بأس بالشركة. (ويستحبّ) لهم (الإجابة) استحباباً مؤكّداً ، ومن كان صائماً ندباً فالأفضل له الإفطار ، خصوصاً إذا شقّ بصاحب الدعوة صيامه.

(ويجوز أكل نثار العرس وأخذه بشاهد الحال) أي مع شهادة الحال بالإذن في أخذه؛ لأنّ الحال يشهد بأخذه دائماً. وعلى تقدير أخذه به فهل يملك بالأخذ ، أم هو مجرّد إباحة؟ قولان (٥) أجودهما الثاني. وتظهر الفائدة في جواز

__________________

(١) المصدر السابق : ٩٦ ، الباب ٦٨ من أبواب مقدّمات النكاح.

(٢) نفس المصدر : الحديث ٤.

(٣) و (٤) الوسائل ١٤ : ٦٥ ، الباب ٤٠ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ١ و ٤.

(٥) القول بالملك للشيخ في المبسوط ٤ : ٣٢٣ ، والمحقّق في الشرائع ٢ : ٢٦٨ ، والعلّامة في التذكرة (الحجريّة) ٢ : ٥٨١. والقول بعدم الملك للعلّامة في المختلف ٧ : ٩١ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٢١ ، وهو الظاهر من الصيمري في غاية المرام ٣ : ٦.

١٤٩

الرجوع فيه ما دامت عينه باقية.

(ويكره الجماع) مطلقاً (عند الزوال) إلّايوم الخميس ، فقد روي : «أنّ الشيطان لا يقرب الولد الذي يتولّد حينئذٍ حتّى يشيب» (١) (و) بعد (الغروب حتّى يذهب الشفق) الأحمر ، ومثله ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؛ لوروده معه في الخبر (٢) (وعارياً) للنهي عنه رواه الصدوق عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام (٣) (وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء) قال صلى الله عليه وآله : «يكره أن يغشى الرجلُ المرأةَ وقد احتلم حتّى يغتسل من احتلامه الذي رأى ، فإن فعل ذلك وخرج الولد مجنوناً فلا يلومنّ إلّانفسه» (٤) ولا تكره معاودة الجماع بغير غسل؛ للأصل.

(والجماع عند ناظر إليه) بحيث لا يرى العورة ، قال النبيّ صلى الله عليه وآله : «والذي نفسي بيده! لو أنّ رجلاً غشي امرأته وفي البيت مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونَفَسَهما ما أفلح أبداً ، إن كان غلاماً كان زانياً ، وإن كانت جارية كانت زانية» (٥) وعن الصادق عليه السلام قال : «لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبيّ ، فإنّ ذلك ممّا يورث الزنا» (٦).

وهل يعتبر كونه مميّزاً؟ وجه يشعر به الخبر الأوّل ، وأمّا الثاني فمطلق.

(والنظر إلى الفرج حال الجماع) وغيره ، وحال الجماع أشدّ كراهةً ،

__________________

(١) البحار ١٠٣ : ٢٨٣ ، ذيل الحديث الأوّل.

(٢) الوسائل ١٤ : ٨٨ ـ ٨٩ ، الباب ٦٢ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

(٣) المصدر السابق : ٨٤ ، الباب ٥٨ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢ و ٣.

(٤) المصدر السابق : ٩٩ ، الباب ٧٠ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

(٥) و (٦) الوسائل ١٤ : ٩٤ ، الباب ٦٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢ و ١.

١٥٠

وإلى باطن الفرج أقوى شدّة ، وحرّمه بعض الأصحاب (١) وقد روي أنّه يورث العمى في الولد (٢).

(والجماع مستقبلَ القبلة ومستدبرَها) للنهي عنه (٣).

(والكلام) مِن كلّ منهما (عند التقاء الختانين إلّابذكر اللّٰه تعالى) قال الصادق عليه السلام : (اتّقوا الكلام عند ملتقى الختانين فإنّه يورث الخرس) (٤) ومن الرجل آكد ، ففي وصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله : «يا عليّ ، لا تتكلّم عند الجماع كثيراً ، فإنّه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس» (٥).

(وليلةَ الخسوف ويومَ الكسوف وعند هبوب الريح الصفراء أو السوداء ، أو الزلزلة) فعن الباقر عليه السلام أنّه قال : (والذي بعث محمّداً صلى الله عليه وآله بالنبوّة واختصّه بالرسالة واصطفاه بالكرامة ، لا يجامع أحد منكم في وقت من هذه الأوقات فيرزق ذرّية فيرى فيها قرّة عين) (٦).

(وأوّلَ ليلة من كلّ شهر إلّاشهر رمضان ، ونصفَه) عطف على (أوّل) لا على المستثنى ، ففي الوصيّة : «يا عليّ ، لا تجامع امرأتك في أوّل الشهر ووسطه وآخره ، فإنّ الجنون والجذام والخَبَل يُسرع إليها وإلى ولدها» (٧) وعن الصادق عليه السلام : «يكره للرجل أن يجامع في أوّل ليلة من الشهر وفي وسطه وفي آخره ، فإنّه من فعل ذلك خرج الولد مجنوناً ، ألا ترى أنّ المجنون أكثر ما يصرع

__________________

(١) حرّمه ابن حمزة في الوسيلة : ٣١٤.

(٢) الوسائل ١٤ : ٨٥ ، الباب ٥٩ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٥.

(٣) المصدر السابق : ٩٨ ، الباب ٦٩ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ١ و ٣.

(٤) و (٥) المصدر السابق : ٨٦ ، الباب ٦٠ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ١ و ٣.

(٦) المستدرك ١٤ : ٢٢٤ ، الباب ٤٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

(٧) الوسائل ١٤ : ٩١ ، الباب ٦٤ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٥.

١٥١

في أوّل الشهر ووسطه وآخره؟» (١) وروى الصدوق عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «يستحبّ للرجل أن يأتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان؛ لقول اللّٰه عزّ وجلّ : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ اَلصِّيٰامِ اَلرَّفَثُ إِلىٰ نِسٰائِكُمْ)» (٢). (وفي السفر مع عدم الماء) للنهي عنه عن الكاظم عليه السلام (٣) مستثنياً منه خوفه على نفسه.

(ويجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وإن لم يستأذنها ، بل يستحبّ) له النظر ليرتفع عنه الغرر ، فإنّه مستام (٤) يأخذ بأغلى ثمن كما ورد في الخبر (٥).

(ويختصّ الجواز بالوجه والكفّين) : ظاهرِهما وباطِنهما إلى الزندين (وينظرها قائمة وماشية) وكذا يجوز للمرأة نظره كذلك (وروى) عبد اللّٰه ابن الفضل مرسلاً عن الصادق عليه السلام : (جواز النظر إلى شعرها ومحاسنها) وهي مواضع الزينة إذا لم يكن متلذّذاً (٦) وهي مردودة بالإرسال وغيره (٧).

ويشترط العلم بصلاحيّتها للتزويج ، بخلوّها من البعل والعدّة والتحريم ، وتجويز إجابتها. ومباشرة المريد بنفسه ، فلا يجوز الاستنابة فيه وإن كان أعمى.

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٩١ ، الباب ٦٤ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٣ و ٤ ، والآية في سورة البقرة : ١٨٧.

(٢) الوسائل ١٤ : ٩١ ، الباب ٦٤ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٣ و ٤ ، والآية في سورة البقرة : ١٨٧.

(٣) الوسائل ٢ : ٩٩٨ ، الباب ٢٧ من أبواب التيمّم ، الحديث الأوّل ، وانظر الوسائل ١٤ : ٧٦ ، الباب ٥٠ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل وذيله.

(٤) سام البائع السلعة سوماً من باب قال أي : عرضها للبيع ، وسامها المشتري واستامها طلب بيعها. راجع المصباح المنير (سوم).

(٥) الوسائل ١٤ : ٦٠ ـ ٦١ ، الباب ٣٦ من أبواب مقدّمات النكاح ، الأحاديث ٨ و ١٢.

(٦) المصدر السابق : الحديث ٥.

(٧) فإنّها ضعيفة بأحمد بن محمّد بن خالد وأبيه الواقعين في سندها. اُنظر المسالك ٧ : ٤٦٧.

١٥٢

وأن لا يكون بريبة ولا تلذّذ.

وشرط بعضهم أن يستفيد بالنظر فائدة ، فلو كان عالماً بحالها قبله لم يصحّ (١) وهو حسن ، لكنّ النصّ مطلق. وأن يكون الباعث على النظر إرادة التزويج ، دون العكس (٢) وليس بجيّد؛ لأنّ المعتبر قصد التزويج قبل النظر كيف كان الباعث.

(ويجوز النظر إلى وجه الأمة) أمة الغير (ويديها و) كذا (الذمّيّة) وغيرها من الكفّار بطريق أولى (لا لشهوة) قيدٌ فيهما.

(و) يجوز (أن ينظر الرجل إلى مثله) ما عدا العورتين (وإن كان) المنظور (شابّاً حسن الصورة ، لا لريبة) وهو خوف الفتنة (ولا تلذّذ) وكذا تنظر المرأة إلى مثلها كذلك (والنظر إلى جسد الزوجة باطناً وظاهراً) وكذا أمته غير المزوّجة والمعتدّة وبالعكس ، ويُكره إلى العورة فيهما.

(وإلى المحارم) وهنّ من يحرم نكاحهنّ مؤبّداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة (خلا العورة) وهي هنا القبل والدبر. وقيل : تختصّ الإباحة بالمحاسن (٣) جمعاً بين قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ) (٤) وقوله تعالى : (وَلاٰ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّٰ لِبُعُولَتِهِنَّ) (٥) إلى آخره.

(ولا ينظر) الرجل (إلى) المرأة (الأجنبيّة) وهي غير المحرم

__________________

(١) لم نعثر على من طرح المسألة قبل الشارح ، ولعلّ ذلك يستظهر من التذكرة ٢ : ٥٧٣ (الحجريّة) ، حيث شرط في جواز النظر الحاجة إلى النظر.

(٢) لم نظفر بمن صرّح بهذا الشرط. نعم ، يظهر ذلك ممّن قيّد جواز النظر بمن يريد النكاح ، مثل المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٦٨ ، والعلّامة في القواعد ٣ : ٦ ، وغيرهما.

(٣) لم نعثر على قائل به من أصحابنا. نعم نسب العلّامة إلى بعض الشافعيّة تحريم النظر إلى ماعدا الوجه والكفّين ، وكذا إلى الثدي في غير حال الرضاع. اُنظر التذكرة ٢ : ٥٧٤ (الحجريّة).

(٤) و (٥) النور : ٣٠ و ٣١.

١٥٣

والزوجة والأمة (إلّامرّة) واحدة (من غير معاودة) في الوقت الواحد عرفاً (إلّالضرورة كالمعاملة والشهادة) عليها إذا دُعي إليها أو لتحقيق الوطء في الزنا وإن لم يُدعَ (والعلاج) من الطبيب وشبهه (وكذا يحرم على المرأة أن تنظر إلى الأجنبيّ أو تسمع صوته إلّالضرورة) كالمعاملة والطبّ (وإن كان) الرجل (أعمى) لتناول النهي (١) له ، ولقول النبيّ صلى الله عليه وآله لاُمّ سلمة وميمونة ـ لمّا أمرهما بالاحتجاب من ابن اُمّ مكتوم ، وقولهما : إنّه أعمى ـ : «أعَمْياوان أنتما؟ ألستما تبصرانِه؟» (٢) (٣).

(وفي جواز نظر المرأة إلى الخصيّ المملوك لها أو بالعكس خلاف) (٤) منشؤه ظاهر قوله تعالى : (أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُنَّ) (٥) المتناول بعمومه لموضع النزاع ، وما قيل (٦) : من اختصاصه بالإماء جمعاً بينه وبين الأمر بغضّ البصر وحفظ الفرج مطلقاً ، ولا يرد دخولهن في (نسائهنَّ) لاختصاصهنّ بالمسلمات ، وعموم ملك اليمين للكافرات ، ولا يخفى أنّ هذا كلّه خلاف ظاهر الآية (٧)

__________________

(١) النور : ٣٠ ، وراجع الوسائل ١٤ : ١٧١ ـ ١٧٢ ، الباب ١٢٩ من أبواب مقدّمات النكاح.

(٢) الوسائل ١٤ : ١٧٢ ، الباب ١٢٩ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٤.

(٣) رواها في الكافي [٥ : ٥٣٤] مقطوعة وأنّ المرأتين عائشة وحفصة ، وما نقلناه ذكره جماعة من الفقهاء [مثل العلّامة في التذكرة ٢ : ٥٧٣ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٤٢] والظاهر أنّ طريقه عامي. (منه رحمه الله).

(٤) القول بالجواز للعلّامة في المختلف ٧ : ٩٢ ، وقوّاه في جامع المقاصد ١٢ : ٣٨. والقول بالعدم للشيخ في المبسوط ٤ : ١٦١ ، والخلاف ٤ : ٢٤٩ ، المسألة ٥ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٦٠٩ ، والمحقّق في الشرائع ٢ : ٢٦٩ ، ونسبه في غاية المرام ٣ : ١٣ إلى المشهور.

(٥) و (٧) النور : ٣١.

(٦) قاله الصيمري في غاية المرام ٣ : ١٣.

١٥٤

من غير وجه للتخصيص ظاهرٍ.

(ويجوز استمتاع الزوج بما شاء من الزوجة ، إلّاالقبل في الحيض والنفاس) (١) وكذا (٢) في الأمة.

(والوطء في دبرها مكروه كراهةً مغلَّظة) من غير تحريم على أشهر القولين (٣) والروايتين (٤) وظاهر آية الحرث (٥) (وفي رواية) سدير عن الصادق عليه السلام (يحرم) لأنّه روى عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال : «محاش النساء على اُمّتي حرام» (٦) وهو مع سلامة سنده محمول على شدّة الكراهة ، جمعاً بينه وبين صحيحة ابن أبي يعفور (٧) الدالّة على الجواز صريحاً. و«المحاش» جمع (محشة) وهو الدبر ، ويقال أيضاً بالسين المهملة (٨) كُنِّي بالمحاش عن الأدبار ،

__________________

(١) في هامش (ش) و (ر) زيادة ما يلي : وهو موضع وفاق إلّامن شاذّ من الأصحاب ، حيث حرّم النظر إلى الفرج [الوسيلة : ٣١٤] والأخبار ناطقة بالجواز [الوسائل ١٤ : ٨٤ ـ ٨٥ ، الباب ٥٩ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢ و ٣ و ٥].

(٢) في (ر) زيادة : القول.

(٣) اختاره السيّد في الانتصار : ٢٩٣ ، المسألة ١٦٦ ، والشيخ في الخلاف ٤ : ٣٣٦ ، المسألة ١١٧ ، والمبسوط ٤ : ٢٤٣ ، والحلّي في السرائر ٢ : ٦٠٦ ، ونسبه في المختلف ٧ : ٩٣ إلى أكثر علمائنا بعد أن نسبه إلى المشهور. وأمّا القول بالحرمة فهو منسوب إلى القمّيين وابن حمزة ، اُنظر التنقيح ٣ : ٢٣ ، وجامع المقاصد ١٢ : ٤٩٧ ، والوسيلة : ٣١٣.

(٤) اُنظر الوسائل ١٤ : ١٠٠ ـ ١٠٤ ، الباب ٧٢ و ٧٣ من أبواب مقدّمات النكاح.

(٥) البقرة : ٢٢٣.

(٦) الاستبصار ٣ : ٢٤٤ ، الحديث ٨٧٤.

(٧) الوسائل ١٤ : ١٠٣ ، الباب ٧٢ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٥.

(٨) كما في الصحاح ٣ : ١٠٠١ (حشش).

١٥٥

كما كُنِّي بالحُشوش عن مواضع الغائط ، فإنّ أصلها الحشّ ـ بفتح الحاء المهملة ـ وهو الكنيف ، وأصله البستان؛ لأنّهم كانوا كثيراً ما يتغوّطون في البساتين ، كذا في نهاية ابن الأثير (١).

(ولا يجوز العزل عن الحرّة بغير شرط) ذلك حال العقد؛ لمنافاته لحكمة النكاح وهي الاستيلاد فيكون منافياً لغرض الشارع.

والأشهر الكراهة؛ لصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنّه سأله عن العزل ، فقال : (أمّا الأمة فلا بأس ، وأمّا الحرّة فإنّي أكره ذلك ، إلّاأن يشترط عليها حين يتزوّجها) (٢) والكراهة ظاهرة في المرجوح الذي لا يمنع من النقيض ، بل حقيقة فيه ، فلا تصلح حجّة للمنع من حيث إطلاقها على التحريم في بعض مواردها؛ فإنّ ذلك على وجه المجاز. وعلى تقدير الحقيقة فاشتراكها يمنع من دلالة التحريم ، فيرجع إلى أصل الإباحة.

وحيث يحكم بالتحريم (فيجب دية النطفة لها) أي للمرأة خاصّة (عشرة دنانير) ولو كرهناه فهي على الاستحباب. واحترز بالحرّة عن الأمة فلا يحرم العزل عنها إجماعاً وإن كانت زوجة.

ويشترط في الحرّة الدوام فلا تحريم في المتعة ، وعدمُ الإذن فلو أذنت انتفى أيضاً.

وكذا يكره لها العزل بدون إذنه. وهل يحرم لو قلنا به منه؟ مقتضى الدليل الأوّل ذلك ، والأخبار خالية عنه. ومثله القول في دية النطفة له.

(ولا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر) والمعتبر في

__________________

(١) النهاية ١ : ٣٩٠ (حشش).

(٢) الوسائل ١٤ : ١٠٦ ، الباب ٧٦ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث الأوّل.

١٥٦

الوجوب مسمّاه وهو الموجب للغسل ، ولا يشترط الإنزال. ولا يكفي الدبر.

(و) كذا (لا) يجوز (الدخول قبل) إكمالها (تسع) سنين هلاليّة (فتحرم) عليه مؤبّداً (لو أفضاها) بالوطء ، بأن صيّر مسلك البول والحيض واحداً ، أو مسلك الحيض والغائط. وهل تخرج بذلك من [حبالته] (١)؟ قولان (٢) أظهرهما العدم. وعلى القولين يجب الإنفاق عليها حتّى يموت أحدهما. وعلى ما اخترناه يحرم عليه اُختها والخامسة. وهل يحرم عليه وطؤها في الدبر والاستمتاع بغير الوطء؟ وجهان أجودهما ذلك. ويجوز له طلاقها ، ولا تسقط به النفقة وإن كان بائناً. ولو تزوّجت بغيره ففي سقوطها وجهان ، فإن طلّقها الثاني بائناً عادت. وكذا لو تعذّر إنفاقه عليها لغيبة أو فقر. مع احتمال وجوبها على المفضي مطلقاً؛ لإطلاق النصّ (٣) ولا فرق في الحكم بين الدائم والمتمتّع بها.

وهل يثبت الحكم في الأجنبيّة؟ قولان (٤) أقربهما ذلك في التحريم المؤبّد ، دون النفقة. وفي الأمة الوجهان وأولى بالتحريم. ويقوى الإشكال في الإنفاق لو أعتقها.

ولو أفضى الزوجة بعد التسع ففي تحريمها وجهان ، أجودهما العدم. وأولى

__________________

(١) في المخطوطات : حباله.

(٢) القول بالخروج لابن حمزة في الوسيلة : ٢٩٢ ، ونسبه في المختلف ٧ : ٤٤ إلى ظاهر كلام الشيخ ، وانظر النهاية : ٤٥٣ ، وهو اختيار فخر المحقّقين في الإيضاح ٣ : ٧٨. والقول بعدم الخروج لابن إدريس في السرائر ٢ : ٥٣٠ ـ ٥٣١ ، والمحقّق في الشرائع ٢ : ٢٧٠.

(٣) الوسائل ١٤ : ٣٨١ ، الباب ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ٤.

(٤) القول بالتحريم المؤبّد للعلّامة في القواعد ٣ : ٣٣ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٣٣٤ ، وولده في الإيضاح ٣ : ٧٨ ، وهو الظاهر من السيّد عميد الدين في كنز الفوائد ٢ : ٣٦٩. وأمّا القول بعدم ثبوت الحرمة فلم نقف عليه.

١٥٧

بالعدم إفضاء الأجنبيّ كذلك.

وفي تعدّي الحكم إلى الإفضاء بغير الوطء وجهان ، أجودهما العدم وقوفاً فيما خالف الأصل على مورد النصّ ، وإن وجبت الدية في الجميع.

(ويكره للمسافر أن يطرق أهله) أي يدخل إليهم من سفره (ليلاً) وقيّده بعض بعدم إعلامهم بالحال (١) وإلّا لم يكره ، والنصّ مطلق.

روى عبد اللّٰه بن سنان عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «يكره للرجل إذا قدم من سفره أن يطرق أهله ليلاً حتّى يصبح» (٢).

وفي تعلّق الحكم بمجموع الليل أو اختصاصه بما بعد المبيت وغلق الأبواب نظر ، منشؤه دلالة كلام أهل اللغة على الأمرين ، ففي الصحاح : أتانا فلان طروقاً : إذا جاء بليل (٣) وهو شامل لجميعه. وفي نهاية ابن الأثير قيل : أصل الطروق من الطَرْق وهو الدقّ ، وسُمّي الآتي بالليل طارقاً؛ لاحتياجه إلى دقّ الباب (٤) وهو مشعر بالثاني ، ولعلّه أجود.

والظاهر عدم الفرق بين كون الأهل زوجة وغيرها عملاً بإطلاق اللفظ وإن كان الحكم فيها آكد ، وهو بباب النكاح أنسب.

__________________

(١) قيّده يحيى بن سعيد الحلّي في الجامع : ٤٥٣.

(٢) الوسائل ١٤ : ٩٣ ، الباب ٦٥ من أبواب مقدّمات النكاح ، وفيه حديث واحد.

(٣) الصحاح ٤ : ١٥١٥ (طرق).

(٤) النهاية ٣ : ١٢١ (طرق).

١٥٨

(الفصل الثاني)

(في العقد)

ويعتبر اشتماله على الإيجاب والقبول اللفظيّين كغيره من العقود اللازمة

(فالإيجاب : زوّجتك وأنكحتك ومتّعتك ، لا غير) أمّا الأوّلان فموضع وفاق ، وقد ورد بهما القرآن في قوله تعالى : (زَوَّجْنٰاكَهٰا (١) وَلاٰ تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ اَلنِّسٰاءِ) (٢) وأمّا الأخير فاكتفى به المصنّف وجماعة (٣) لأنّه من ألفاظ (٤) النكاح؛ لكونه حقيقة في المنقطع وإن توقّف معه على الأجل ، كما لو عبّر بأحدهما فيه وميّزه به ، فأصل اللفظ صالح للنوعين ، فيكون حقيقة في القدر المشترك بينهما ، ويتميّزان بذكر الأجل وعدمه ، ولحكم الأصحاب ـ تبعاً للرواية (٥) ـ

__________________

(١) الأحزاب : ٣٧.

(٢) النساء : ٢٢.

(٣) مثل المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٧٣ ، والمختصر : ١٦٩ ، والعلّامة في القواعد ٣ : ٩ ، والإرشاد ٢ : ٦ ، وهو الظاهر من الفاضل الآبي في كشف الرموز ٢ : ٩٦ ـ ٩٧.

(٤) في (ع) : لفظ.

(٥) الوسائل ١٤ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ ، الباب ٢٠ من أبواب المتعة ، الحديث ١ ـ ٣.

١٥٩

بأ نّه لو تزوّج متعة ونسي ذكر الأجل انقلب دائماً (١) وذلك فرع صلاحيّة الصيغة له.

وذهب الأكثر إلى المنع منه (٢) لأنّه حقيقة في المنقطع شرعاً فيكون مجازاً في الدائم ، حذراً من الاشتراك. ولا يكفي ما يدلّ بالمجاز ، حذراً من عدم الانحصار. والقول المحكيّ ممنوع ، والرواية مردودة بما سيأتي. وهذا أولى.

(والقبول : قبلت التزويج والنكاح ، أو تزوّجت ، أو قبلت ، مقتصراً) عليه من غير أن يذكر المفعول (كلاهما) أي الإيجاب والقبول (بلفظ المضيّ *) فلا يكفي قوله : (أتزوّجك) بلفظ المستقبل منشئاً على الأقوى ، وقوفاً على موضع اليقين. وما رُوي من جواز مثله في المتعة (٣) ليس صريحاً فيه ، مع مخالفته للقواعد.

(ولا يشترط تقديم الإيجاب) على القبول؛ لأنّ العقد هو الإيجاب والقبول. والترتيب كيف اتّفق غير مخلّ بالمقصود. ويزيد النكاح على غيره من العقود أنّ الإيجاب من المرأة وهي تستحي غالباً من الابتداء به ، فاغتفر هنا وإن

__________________

(١) مثل الشيخ في النهاية : ٤٨٩ ، والقاضي في المهذّب ٢ : ٢٤١ ، والحلبي في الكافي : ٢٩٨ ، وابن زهرة في الغنية : ٣٥٥ ، والكيدري في الإصباح : ٤١٩ ، ونسبه في غاية المراد ٣ : ٨٣ إلى أكثر الأصحاب.

(٢) ذهب إليه السيّد في الناصريّات : ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، المسألة ١٥٢ ، والشيخ في المبسوط ٤ : ٨٧ ، والإسكافي كما نقل عنه في المختلف ٧ : ٨٧ ، والحلبي في الكافي : ٢٩٣ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٥٧٤ ، والعلّامة في المختلف ٧ : ٨٧ ، والتذكرة (الحجريّة) ٢ : ٥٨١ ، وغيرهم.

(*) في (س) و (ف) من الشرح : الماضي.

(٣) الوسائل ٤ : ٤٦٦ ـ ٤٦٧ ، الباب ١٨ من أبواب المتعة ، الحديث ١ و ٣ و ٦.

١٦٠