نهاية الأفكار - ج ١ و ٢

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي

نهاية الأفكار - ج ١ و ٢

المؤلف:

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
ISBN: 964-470-272-7
الصفحات: ٥٩٦

تقرير أبحاث آية الله الشيخ آغا ضياء العراقي قدس سره
الجزء ١ و ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ - ١

القائم أو القاعد ، فإنه في أمثال ذلك لايكاد مجال للتقريب المزبور لاستفادة المفهوم ، كما هو واضح.

مفهوم الاستثناء

ومن المفاهيم مفهوم الاستثناء فيما لو استثنى بالا ونحوها ، كقوله : أكرم القول الا زيدا وجائني القوم الا زيدا ، ولاينبغي الاشكال في دلالته على انحصار سنخ الحكم الثابت في القضية بالمستثنى منه وخروج المستثنى من ذلك ، ومن ذلك اشتهر بينهم بان الاستثناء من النفي اثبات ومن الاثبات نفى ، حتى أنه من شدة وضوحه اشتبه على بعض فتوهم ان الدلالة المزبورة كانت من جهة المنطوق ، ولكنه فاسد قطعا ، من جهة ان القدر الذي يتكفله القضية المنطوقية انما هو مجرد اثبات الحكم سلبا أو ايجابا للمستثنى منه ، واما اثبات نقيض ذلك الحكم الثابت للمستثنى فهو انما يكون بالمفهوم ، من جهة كونه من لوازم انحصار سنخ الحكم بالمستثنى منه. وعلى كل حال فلا اشكال في دلالة القضية على خروج المستثنى عن حكم المستثنى منه. ومن ذلك لو ورد دليل في القبال على اثبات الحكم للمستثنى يقع بينهما التعارض ، كما في قوله : أكرم القوم الا زيدا مع قوله : أكرم زيدا. وحينئذ فلا يصغى لما حكى عن أبي حنيفة من منع الدلالة محتجا بمثل قوله : لا صلاة الا بطهور ، من دعوى لزوم صدق الصلاة على الواجد للطهور ولو كان فاقدا لبقية شرائطها من الستر والقبلة ونحوهما ، مع أنه يمكن ان يقال : بان الملحوظ في هذا التركيب انما هو الصلاة الواجدة لجميع ما اعتبر فيها من الاجزاء والشرائط عدا الطهور ، وقضية ذلك في طرف المفهوم هو تحقق حقيقة الصلاة الواجدة لجميع ما اعتبر فيها في مورد تحقق الطهور ، فلا اشكال حينئذ في البين.

بقى شيء تعرض له في الكفاية (١) وغيرها ، وهو الاشكال المعروف في كلمة التوحيد ، وحاصله ان خبر ( لا ) في قول ( لا إله إلا الله ) اما ان يقدر ممكن واما ان يقدر موجود ، وعلى أي تقدير لا دلالة لها على التوحيد ، فإنها على الأول لاتدل على وجوده سبحانه من

__________________

١ ـ ج ١ ص ٣٢٧.

٥٠١

جهة أعمية الامكان ، وعلى الثاني لا تنفى امكان غيره سبحانه ، ولكنه مندفع بان المراد من ( اله ) في قول ( لا إله إلا الله ) بعد أن كان الواجب الذي يجب وجوده بذاته فلا جرم يتم دلالتها على المطلوب وهو التوحيد على كل تقدير ، اما في فرض تقدير ممكن فظاهر نظراً إلى الملازمة العقلية بين امكانه ووجوده سبحانه ، واما في فرض تقدير موجود فكك أيضا من جهة دلالتها أيضا بالملازمة العقلية على نفى غيره ولو امكانا ، لان امكان غير مساوق لوجوب وجوده ، فعدم وجود غيره سبحانه دليل عدم امكانه ، كما هو واضح.

مفهوم الحصر

ومن المفاهيم مفهوم الحصر فيما جئ بأنما ونحوه من أداة الحصر ، كقوله : انما زيد قائم وانما يجب اكرام زيد ، ولا اشكال في دلالتها على المفهوم من جهة اقتضائها حصر سنخ الحكم المحمول في القضية بالموضوع.

ومثل ذلك في الدلالة على المفهوم كلمة بل الاضرابية فيما جئ للاعراض عن حكم ما سبق لا غلطا أو سهوا ، إذ يستفاد منها اختصاص سنخ الحكم بما يتلوها.

واما تعريف المسند كقوله : زيد الصديق ، وتقديم ما حقه التأخير كقوله : الصديق زيد والعالم زيد ، فقد يقال بدلالته أيضا على المفهوم كما عن جماعة نظراً إلى دعوى ظهوره في الحصر ، ولكن الظاهر هو اختلافه بحسب الموارد من حيث الدلالة على الحصر في مورد وعدم دلالته في الآخر ، خصوصا الأول من جهة امكان ان يكون التعريف للعهد ، فلابد حينئذ في استفادة الحصر من ملاحظة الموارد والمقامات الخاصة ، فان كان هناك قرينة على ذلك من حال أو مقال أو غيرهما فهو ، والا فلا.

مفهوم اللقب

ومن المفاهيم مفهوم اللقب ، والحق فيه عدم المفهوم ، لما تقدم وجهه سابقا بان غاية ما يقتضيه تلك القضايا انما هو مجرد اثبات المحمول بنحو الطبيعة المهملة للموضوع ، فيحتاج حينئذ في استفادة المفهوم إلى قيام قرينة على كون المتكلم في مقام التحديد والحصر في قوله : أكرم زيداً.

٥٠٢

مفهوم العدد

ومن المفاهيم مفهوم العدد ، والحق فيه أيضا عدم الدلالة على المفهوم ، الا إذا أحرز من الخارج ان المتكلم كان في مقام التحديد ، وحيث انه لم يكن في البين قرينة نوعية عامة على ذلك فلا جرم يحتاج في استفادة المفهوم إلى القرائن الخاصة ، فلابد حينئذ من لحاظ الموارد الخاصة والمقامات المخصوصة المقتضية لذلك ، هذا تمام الكلام في المفهوم والمنطوق.

٥٠٣

المقصد الرابع في العموم والخصوص

وفيه جهات من البحث :

الجهة الأولى

لايخفى عليك ان العموم والخصوص كالاطلاق والتقييد انما كان من صفات المعنى ومن العوارض الطارية عليه وان اتصاف اللفظ بهما انما كان بتبع المعنى ، من جهة ما كان بينهما من العلاقة والارتباط الخاص. ثم إن حقيقة العموم عبارة عن الإحاطة والاستيعاب للافراد بنحو العرضية أو البدلية ، لكن لا مفهوم الإحاطة بل ما هو واقع الإحاطة ومصداقها الذي هو منشأ انتزاع هذا المفهوم الذي هو في الحقيقة معنى حرفي. واما الاشكال عليه حينئذ بلزوم عدم جواز اجراء احكام الاسم على الألفاظ الموضوعة للعموم كلفظ كل وجميع ومجموع ونحوها ، من الاخبار عنها وبها ونحوهما من الاحكام المختصة بالأسماء ، مع أنه لايكون الامر كك قطعا ، حيث نرى صحة اجراء الاحكام المزبورة عليها بالاخبار عنها وبها وجعلها فاعلا ومفعولا ونحو ذلك فمدفوع ، فإنه انما يتجه الاشكال المزبور فيما لو كان المدلول المطابقي للفظ كل وتمام وجميع هو نفس الإحاطة والاستيعاب ، ولكنه ليس كك ، بل نقول بان مدلولها المطابقي عبارة عن معنى اسمى يلزمها الإحاطة والاستيعاب والشمول ، وهو مقدار كم المدخول وتحدده بأعلى المراتب الذي لازمه الاستيعاب. فالمدلول في لفظ كل وتمام وجميع من قبيل مداليل الأسامي الموضوعة للكميات والمقادير ، نظير باقي الكسور كالنصف والربع والثلث ، فكان لفظ الكل مثلا يبين مقدار كم المدخول بكونه أعلى المراتب في قبال البعض المحدد لدائرته بالبعض ، ولازم ذلك ، كما عرفت ، عقلا هو الإحاطة والاستيعاب لجميع الافراد المندرجة

٥٠٤

تحته. وحينئذ فصحة اجراء احكام الأسماء عليها انما هو من جهة ما ذكرنا ، لا من جهة ان المدلول فيها هو مفهوم الإحاطة والشمول أو مصداقها ، كي يتوجه عليه على الأول بلزوم الترادف بين لفظ الكل ولفظ الإحاطة ، وعلى الثاني بلزوم عدم جواز اجراء احكام الأسماء عليها ، كما هو واضح.

وعلى كل حال فلاينبغي الارتياب في أن حقيقة العموم ـ وهو الإحاطة والاستيعاب للافراد بنفسها من المعاني الواقعية التي لا تحتاج في تصورها إلى تحقق شيء آخر من الجهات الخارجة عن هذا المعنى من حكم أو مصلحة أو غير ذلك ، بل لو لم تكن تلك الجهات الخارجية أيضا كان المجال لتصور هذا المعنى وهو الإحاطة والشمول للافراد ، ومن هذه الجهة نقول أيضا بعدم اقتضاء مجرد الاستيعاب للافراد والإحاطة والشمول لشيء من الاستغراقية والمجموعية ، وان مثل هذين الامرين انما هو من الاعتباريات الطارية على العموم بنحو العرضية المقابل للبدلية بملاحظة امر خارجي في البين من مثل الحكم والمصلحة ، وان الاستغراقية انما هي بملاحظة كون الملحوظ بنحو الاستيعاب متعلقا لاحكام متعددة ومصالح كك حسب تعدد الافراد ، في قبال المجموعية التي هي أيضا بملاحظة كون الملحوظ بنحو الاستيعاب متعلقا لحكم واحد شخصي غير قابل للانحلال ومصلحة كك ، ففي الحقيقة اعتبار المجموعية والاستغراقية انما هو بلحاظ كيفية تعلق الحكم بالعموم ، والا فمع قطع النظر عن ذلك لايكاد يكون الفرق بينهما في عالم المفهوم ومقام تصوره أصلا ولقد أجاد في الكفاية (١) حيث فرق بين نحوي العموم من جهة كيفية تعلق الحكم بالعموم ، وجعل التقسيم بالاستغراقي والمجموعي بلحاظ كيفية تعلق الحكم بالعموم من كونه تارة بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم ، وأخرى بنحو يكون الجميع موضوعا لحكم واحد مع كون العموم فيهما بمعنى واحد وهو إحاطة المفهوم بجميع ما يصلح لان ينطبق عليه.

نعم ما افاده قدس‌سره من الحاق العام البدلي أيضا بهما في كونه أيضا من جهة كيفية تعلق الحكم بالعموم ، غير وجيه ، فان الظاهر هو ان الفرق بين البدلي وبين الاستغراقي والمجموعي من جهة كيفية العموم ولحاظه تارة بنحو الاستيعاب للافراد

__________________

١ ـ ج ١ ص ٢٣٢.

٥٠٥

بنحو العرضية وأخرى بنحو البدلية ، لا من جهة كيفية الحكم كما في الاستغراقي والمجموعي ، كما أفيد ، حيث إنه فيهما انما يلاحظ سير الطبيعي وشموله للافراد بنحو العرضية في مقام التطبيق ، بحيث لو عبر عنها تفصيلا لكان يعطف بعضها على بعض بقوله هذا وذاك وذاك الآخر. بخلافه في العام البدلي ، فإنه فيه أيضا وان كان يرى في مقام اللحاظ سريان الطبيعي وشموله للافراد ، الا انه لا بنحو العرضية بل على نحو البدلية ، كقولك : رجل أي رجل ، في قبال قولك : كل الرجال وجميع الرجال ، ومن ذلك لو عبر عنه تفصيلا لكان ذلك بمثل قوله : هذا أو ذاك ، وعلى ذلك فنفس العام البدلي أيضا قبال الاستيعاب بنحو العرضية من المعاني الواقعية الغير المحتاجة إلى تحقق امر خارجي من حكم أو مصلحة ، بل لو لم يكن حكم أيضا كان له الواقعية. وعليه فتقابل العموم البدلي مع ذين العمومين وهما الاستغراقي والمجموعي انما هو بلحاظ تقابل مقسمها معه ، لا بلحاظ تقابل كل واحد منهما ، حتى يكون ما به الامتياز فيه أيضا من سنخ ما به الامتياز فيهما ، كما لايخفى.

ومما ذكرنا انقدح أيضا فساد ما أفيد كما عن بعض الاعلام فيما حكى عنه من أن اطلاق العموم على العام البدلي انما هو باب المسامحة ، والا فلايكون ذلك بعام حقيقة ، حيث لايكون متعلق الحكم فيه الا واحدا وان العمومية فيه انما هي في البدلية ، وتوضيح الفساد هو ان البدلية في مثل هذا العام انما كان في مقام التطبيق ، والا ففي عالم العموم والشمول كانت الافراد بأجمعها تحت اللحاظ في عرض واحد ، كما هو مفاد قولك : جئني برجل أي رجل ، حيث إن لفظة أي تدل على استيعاب جميع الافراد عرضا ، غايته على نحو يكون التطبيق فيه تبادليا لا عرضيا ، كما في العام الاستغراقي والمجموعي ، ومن المعلوم ان مجرد كون التطبيق فيه تبادليا لا عرضيا لايقتضي خروجه عن العمومية والاستيعاب لجميع الافراد. كما لايخفى.

وعلى كل حال فلا ريب في عدم ارتباط أسامي العدد من مثل العشرة ونحوها بالعموم والشمول ، بل مثل هذه المعاني انما هي من الاعتباريات الطارية على مداليل الاعداد وان أسامي العدد من هذه الجهة نظير الطبايع الصرفة في كونها مركز طرو هذه الاعتبارات ومورد هذه الأطوار ، غير أن الفرق بينها وبين الطبايع هو ان نسبة الطبايع إلى الآحاد المعروضة للعموم في دائرتها في نحو قوله : أكرم كل عالم من قبيل نسبة الكلي إلى الفرد ، بخلافه في أسامي الاعداد فإنها لكونها عبارة عن مراتب الكم المنفصل للشيء يكون

٥٠٦

نسبتها إلى الآحاد المندرجة فيها المعروضة لهذه الطواري في مثل قولك : كل العشرة ، من قبيل نسبة الكل إلى الجزء دون الكلي والفرد نعم انما يكون فيما لو كان نظر العموم فيها إلى مصاديق العشرة الراجع إلى إفادة كل عشرة عشرة ، حيث إن نسبتها حينئذ إلى المصاديق كانت من قبيل نسبة الكلي إلى الفرد ، من جهة انها بهذا الاعتبار كأحد الطبايع الصادقة على القليل والكثير ، فكان طروا لعموم عليها حينئذ بعين طروه على الطبايع.

ومن ذلك البيان ظهر الكلام في التثنية والجمع أيضا ، حيث إن مدلوليهما عبارة عن مرتبة خاصة من الكم القائم بالطبيعي اما بتحديد حديها كما في التثنية وجمع القلة ، أو بتحديد حدها الأقل كما في جمع الكثرة ، فكانت كأسامي الاعداد في نسبتها إلى الآحاد المندرجة فيها المعروضة للعموم والخصوص ، وفي مركزيتها لطرو هذه الطواري ، حيث كانت قابلة لطرو الخصوص والعموم عليها بنحو المجموعية والاستغراقية والبدلية ، من غير فرق في ذلك بين التثنية والجمع.

نعم الفرق بينهما انما هو من جهة أخرى وهي ان التثنية لما كان لا ابهام فيها في مرتبة كمها ففي طرو العموم عليها في مثل أكرم كلا من الرجلين أو جميع الرجلين لايحتاج إلى تعين آخر في مدلولهما. بخلافه في طروه على الجمع فإنه بملاحظة ما فيه من الابهام بين مراتب الجمع المختلفة آحادها لابد من اعتبار تعين بين هذه المراتب حتى يقتضي العموم الاستيعاب في الآحاد المندرجة تحتها ، ومن ذلك نحتاج في فرض كون نظر العموم إلى الآحاد المندرجة تحت مصاديق الجمع لا إلى نفس مصاديق الجمع إلى الحمل ولو بقرينة الحكمة على الفرد الاعلى من افراد الجمع والمرتبة القصوى من مراتبه ، من جهة ان هذه المرتبة مما لها نحو تعين بالذات بخلاف بقية المراتب الاخر ، ولازم ذلك اقتضاء العموم الاستيعاب في الآحاد المندرجة تحت أقصى الافراد وأعلى المراتب لا الآحاد المندرجة تحت بقية المراتب ، من جهة ان قرينة الحكمة انما تقتضي الحمل على ما لاحد فيها من مراتب الكم ، ولايكون ذلك الا على المصاديق وأقصى المراتب ، من دون ان يكون ذلك أيضا من باب انسلاخ الجمع عن مدلوله ومعناه ، بل من باب إرادة العموم بالنسبة إلى الآحاد المندرجة تحت الفرد الاعلى من افراد الجمع وأقصى مراتبه ، هذا كله إذا كان العموم ناظرا إلى الآحاد المندرجة تحت مصاديق الجمع ، واما لو كان العموم ناظرا إلى نفس مصاديق الجمع لا إلى الآحاد المندرجة تحتها ، كما في قوله : أكرم كل جماعة ، الناظر

٥٠٧

إلى كل جماعة جماعة ، فان أريد من المصاديق ما هو القابل للتكرر بنحو لا يلزم التداخل في الحكم يؤخذ بأقل الافراد القابل للتكرر في جميع الدوائر ، فيحمل قوله : أكرم كل جماعة ، على كل ثلاثة ثلاثة منها من جهة ان هذا المعنى مما له نحو تعين بالذات ، بخلاف بقية المصاديق كالأربعة والخمسة والستة وما فوقها ، فإنها أيضا وان كانت قابلة للتكرر الا انه لا تعين في واحد منها حتى يحمل عليها ، بخلاف أقل الافراد من الجمع وهو الثلاثة فان له نحو تعين بالذات ، واما ان أريد من المصاديق ما هو القابل للتداخل في الحكم أيضا ففي مثله يؤخذ بجميع المراتب من الثلاثة والأربعة والخمسة وما فوقها ، ويحكم بالتداخل في الحكم.

ومن هذه الجهة ظهر جهة فرق آخر بين التثنية والجمع ، حيث إنه في التثنية لايتصور العموم باعتبار الوجه الأخير ، بل العموم المتصور فيها كما في أسامي الاعداد يتصور بأحد الوجهين الأولين من الوجوه الثلاثة المتصورة في الجمع ، بخلاف الجمع ، فان العموم فيه باعتبار كون مفهومه معنى تشكيكيا محفوظا بين جميع المراتب من الأقل والأكثر يتصور على وجوه ثلاثة : من حيث كون العموم تارة ناظرا إلى الآحاد المندرجة تحت مصاديق الجمع ، وأخرى إلى نفس مصاديق الجمع ، مع كونه على الثاني تارة بإرادته من المصداق ما هو القابل للتكرر كي لا يلزم التداخل ، وأخرى بإرادته من المصداق ما هو القابل للتداخل والتأكد في الحكم ، وان كان مثل هذا الفرض بعيدا في نفسه بل غير واقع من جهة بعده عن أذهان العرف وأهل اللسان.

ثم إن هذا كله فيما لو أحرز كون نظر العموم إلى الآحاد المندرجة تحت المصاديق ، أو إلى نفس مصاديق الجمع ، واما ان لم يحرز كون العموم بلحاظ المصاديق ، فيحمل على إرادة العموم بلحاظ الآحاد المندرجة تحتها ، ويدفع احتمال كونه بلحاظ نفس المصاديق ، بشمول اطلاق الجمع لصورة انحصار افراده بأقلها وهو الثلاثة ، من جهة ان شمول اطلاقه لصورة انحصار الافراد والآحاد بالثلاثة ينافي لا محالة مع احتمال كون العموم بلحاظ نفس المصاديق ، حيث إنه لايبقى مجال للعموم الا بلحاظ المندرجة تحت المصاديق ، غاية الامر بما ذكرنا يحمل على أقصى الافراد وأعلى المراتب أقل كانت أم أكثر من جهة تعينه بالذات ، كما هو واضح.

٥٠٨

الجهة الثانية

لا شبهة في أن للعام صيغة تخصه ، كلفظ كل وتمام وجميع وأي وما يرادفها في أي لغة ك‍ ( همه ) و ( هر ) بالفارسية. وذلك للتبادر حيث إن من الواضح تبادر العموم والاستيعاب منها. وكون التخصيص شايعا حتى قيل بأنه ما من عام الا وقد خص لا يستلزم الوضع للخصوص أو القدر المشترك بينهما كما لايخفى. بل ولئن تأملت ترى بان نفس الاحتياج إلى التخصيص في قولك : كل عالم ، قرينة وضعها للعموم وانها بحيث يستفاد منها الاستيعاب والشمول لولا التخصيص ، وعليه فلا يصغى إلى ما قيل من الوضع للخصوص في الألفاظ المدعى كونها موضوعة للعموم ، حيث إن في وضوح المسألة غنى وكفاية عن إقامة البرهان على العموم وابطال ما أقيم على كونها للخصوص ، وحينئذ فلا اشكال من هذه الجهة ولا كلام.

وانما الكلام في أن قضية هذه الأداة المدعي دلالتها على العموم وضعا كلفظ كل وتمام وجميع هل هو الاستيعاب والشمول لجميع ما يصلح انطباق المدخول عليه من الافراد ، أم لا ، بل كان قضية عمومها تابعا لما يراد من المدخول فيها من حيث الاطلاق والتقييد ونحوهما؟ قال في الكفاية ما محصله : ان دلالة لفظ كل ونحوه على العموم وان كانت بالوضع لكن دائرة شمول العام بالنسبة إلى قلة الافراد وكثرته تابعة لما يراد من المدخول من حيث الاطلاق والتقييد ، فإذا كان المدخول مأخوذا بنحو الاطلاق والسريان فالشمول والعموم كان بلحاظ افراد المطلق ، كما أنه لو كان المدخول مقيدا ببعض القيود كما لو أراد من العالم في قوله : أكرم كل عالم ، العالم العادل أو العالم النجفي فلا جرم يكون العموم بالنسبة إلى الافراد في دائرة المقيد لا المطلق ، فعلى كل حال ما هو المدلول للفظ كل ونحوه من الألفاظ العموم انما هو الاستيعاب والشمول في دائرة ما يراد من المدخول ، وعلى ذلك ففي مثل قوله : أكرم كل عالم ، فلابد في الحكم بالاستيعاب بالنسبة إلى جميع ما يصلح انطباق المدخول عليه من الافراد بناء على مسلك السلطان من الوضع للطبيعة المهملة القابلة للاطلاق والتقييد من احراز كون المراد من المدخول هو الطبيعة بنحو الاطلاق والارسال ، ولو كان ذلك من جهة قرينة الحكمة ، والا فمع عدم احراز هذه الجهة واحتمال كون المراد من المدخول وهو العالم الطبيعة المقيدة لايبقى مجال

٥٠٩

الحكم بالاستيعاب بالنسبة إلى جميع ما ينطبق عليه المدخول من الافراد ، بل ربما كان اللازم حينئذ الاخذ بالقدر المتيقن وهو الاستيعاب بالنسبة إلى آحاد المقيد لا المطلق ، هذا.

ولكن لايخفى عليك ان المدخول في مثل قوله : كل عالم ، وان لم يدل على مسلك السلطان الا على الطبيعة المهملة ، فيحتاج استفادة الارسال والاطلاق منه إلى قرينة الحكمة ، الا انه بعد دلالة الكل بالوضع حسب الفرض على الإحاطة والاستيعاب في الافراد ربما يستغنى به عن مقدمات الحكمة من جهة قيامه حينئذ مقامها ، حيث إنه بوروده على مفهوم العالم في قوله : أكرم كل عالم ، يثبت به ما يفي به مقدمات الحكمة من الاستيعاب لجميع ما يصلح انطباق المدخول عليه من الافراد ، من دون احتياج معه إلى جهة زائدة من قرينة الحكمة أو غيرها.

نعم ما أفيد من الاحتياج إلى الحكمة انما يتم بالنسبة إلى النكرة الواقعة في حيز النهى أو النفي ، نظراً إلى عدم كون مفاد النفي في مثل قوله : لا رجل في الدار ، الا سلب النسبة ، وعدم كون مفاد المدخول أيضا على مسلك السلطان الا الطبيعة المهملة ، ولا مفاد الهيأة التركيبية الا ايقاع النسبة بين الموضوع والمحمول ، فيحتاج استفادة العموم حينئذ منه إلى قرينة الحكمة في المدخول لاثبات ان المدخول بنحو الارسال والاطلاق كان موردا للنفي.

وهكذا الكلام في الجمع المحلى باللام كقوله : أكرم العلماء ، حيث إن استفادة العموم بالنسبة إلى جميع الافراد في مثله منوطة بقرينة الحكمة ، من جهة ان القدر المستفاد من الهيأة العارضة على المادة ، وهي هيأة الجمع ، انما هو تقييد الطبيعي بما فوق الاثنين ، واما انه أي مرتبة من مراتب الجمع وانه الأربعة أو الخمسة أو العشرة أو العشرون أو غير ذلك من مراتب الجمع فيحتاج تعينها إلى قرينة ، ولو كانت هي مقدمات الحكمة ، فيرفع بها ما فيه من الابهام بالنسبة إلى تلك المراتب المختلفة آحادها ، وتعينه بأعلى المراتب وأقصاها التي لا تكون فوقها مرتبة ، وهذا بخلافه عند ورود لفظ الكل على الجمع كقوله : أكرم كل العلماء أو جميع العلماء ، حيث إنه بلفظ الكل أو الجميع يستغنى عن مقدمات الحكمة من جهة وفائه بما تفي به مقدمات الحكمة.

ومن ذلك البيان ظهر الحال في المفرد المحلي باللام حيث إن استفادة العموم منه لابد وأن تكون بقرينة تقتضي كون المدخول فيه بنحو السريان في ضمن الافراد ، والا فمع قطع النظر عن القرينة الخارجية لايكاد يصح استفادة العموم

٥١٠

والسريان منه ، من جهة ان اللام فيه لاتقتضي حسب وضعها الا الإشارة إلى المدخول ، واما كونه بنحو السريان في ضمن الافراد فلا ، كما هو واضح.

ثم إن الظاهر هو اختلاف الألفاظ الحاكية وعدم كونها على وزان واحد من حيث حكاية بعضها عن نفس العموم والاستيعاب المحفوظ في رتبة الذات السابقة عن الحكم كما في لفظ العام بل ولفظ الكل بشهادة صحة استعمالها في مورد العموم الاستغراقي والمجموعي بلا عناية أصلا ، وحكاية بعضها عن الاستيعاب للافراد بملاحظة تعلق الحكم بها كما ( في الجميع ) الحاكي عن خصوصية الاستغراقية قبال ( المجموع ) الحاكي عن خصوصية المجموعية ، حيث إن مثل هذه الألفاظ كانت حاكية عن خصوصية الموضوعية المتأخرة رتبة عن الحكم وعن كيفية تعلق الحكم بالافراد ، نعم لايبعد دعوى ظهور لفظ الكل أيضا في الحكاية عن خصوصية الاستغراقية مضافا إلى حكايتها عن نفس العموم والاستيعاب المحفوظ في رتبة الذات السابقة عن الحكم ، حيث يستفاد من قوله : أكرم كل عالم ، استقلال كل واحد من الافراد في الموضوعية لحكم مستقل. واما أي فهو كما عرفت في قبال هذه الألفاظ يحكى عن العموم البدلي المحفوظ في مرتبة الذات السابقة عن الحكم.

ثم إن الكل يدخل على الفرد والجمع المنكرين والمعرفين كما في قولك : كل رجل وكل الرجل وكل رجال وكل الرجال ، فيفيد الاستغراق بحسب الافراد عند دخوله على المفرد والجمع المنكرين ، والاستغراق بحسب المرتبة في دخوله على المفرد والجمع المعرفين كقوله : كل العالم وكل العلماء ، ففي الأول يتحدد دائرة المدخول وهو الطبيعي من بين المراتب ، ويخرجه عما كان له من الابهام في المراتب ، ويعينه بأعلى المراتب التي لازمها الشمول لجميع الآحاد المندرجة تحتها ، كما كان ذلك أيضا على الثاني ، حيث إنه على ما عرفت يخرجه عما له من الابهام في المراتب ويعينه بأعلى مراتب الجمع وأقصى المصاديق التي لها التعين بالذات وتفيدها قرينة الحكمة ، ولازمه هو الشمول لجميع الآحاد المندرجة تحت المرتبة العليا.

واما الجميع والمجموع والتمام فهي انما تدخل على المفرد والجمع المحلى باللام ولا تدخل على غير المحلي باللام مفردا أو جمعا ، حيث لايقال : جميع رجل وجميع رجال ولا مجموع رجل ومجموع رجال ولا تمام رجل وتمام رجال ، بل وانما يقال ذلك في هذه الألفاظ

٥١١

مع اللام وهو واضح.

الجهة الثالثة

قد اختلف كلماتهم في حجية العام المخصص في الزائد عن المقدار المعلوم من التخصيص وعدم حجيته ، وتوضيح المقال يستدعى بيان اقسام صور التخصيص لكي يعلم ما هو محل الكلام وانه في أي قسم من اقسام فنقول :

اعلم أن صور التخصيص على أنحاء ، من جهة ان المخصص اما ان يكون متصلا أو منفصلا ، وعلى التقديرين تارة يكون مبينا بحسب المفهوم والمصداق كليهما ، وأخرى مجملا بحسب المفهوم ، وثالثة يكون مبينا بحسب المفهوم دون المصداق ، ورابعة بعكس ذلك. ثم انه على تقدير الاجمال تارة يكون اجماله وتردده بين الأقل والأكثر ، وأخرى بين المتبائنين ، ثم المخصص أيضا تارة يكون لفظيا وأخرى لبيا ، فهذه اقسام صور التخصيص وأنحائه. وبعد ذلك نقول :

أما إذا كان المخصص متصلا وكان مبينا بحسب المفهوم والمصداق أيضا كقوله : أكرم جميعا العلماء أو كل عالم الا زيدا ، فلاينبغي الاشكال في حجية العام وجواز التمسك به في البقية ، وذلك اما على القول بوضع هذه الأسامي لاستيعاب افراد ما يراد من المدخول فظاهر ، فإنه عليه لا يلزم المجازية أيضا في العموم بمقتضي التخصيص ، حتى يقال بتردد الامر في المجازين بقية المراتب ولا تعين لمرتبة خاصة منها واما على القول الآخر من وضعها لاستيعاب المدخول لجميع ما يصلح للانطباق عليه من الافراد فكك أيضا ، من جهة ان قضية التخصيص بالمتصل حينئذ وان كان هو الكاسرية لظهوره في الاستيعاب في جميع المراتب ، فلايكون له ظهور معه مع الاستيعاب لجميع ما ينطبق عليه المدخول من الافراد ، ولكن نقول ببقاء ظهوره حينئذ على حاله بالنسبة إلى بقية المراتب الاخر ، من جهة ان الخاص انما يمنع عن ظهور العام حينئذ بمقدار اقتضائه ، وهو لايكون الا المرتبة العالية ، واما غيرها من بقية المراتب فتبقى على حالها من الظهور الذي يقتضيه العام. ولا نعنى بذلك ان هناك ظهورات متعددة بحسب المراتب ، حتى يشكل بأنه كيف ذلك مع أنه لايكون للفظ واحد الا ظهور واحد وإرائة واحدة ،

٥١٢

ومع ارتفاعه بمقتضي احتفافه بالقرينة لايبقى له ظهور آخر في بقية المراتب ، بل وانما المقصود هو ان هذه الدلالة والظهور في استيعاب الافراد له مراتب عديدة وحدود كثيرة حسب التحليل العقلي ومن دون مدخلية لجهة الانضمام فيها ، وان القدر الذي يقتضيه القرينة المتصلة من الكاسرية لظهوره انما هو كسر صولة ظهوره بالنسبة إلى تلك المرتبة العالية لا مطلقا حتى بالنسبة إلى بقية المراتب الاخر المندكة في ضمنها. ومن المعلوم حينئذ انه بعد عدم مدخلية حيثية الانضمام في إرائته عن المراتب الاخر يتعين بقية المراتب الاخر بمقتضي ظهوره الوضعي أو الاطلاقي ، فهو نظير الخط الطويل الذي قطع منه قطعة من حيث بقاء البقية بعد على حالها ، على ما كانت عليها قبل قطع تلك القطعة ، وان كان قد تبدل حده بحد آخر أقصر من الحد الأول ، ونظيره المرآة التي وضعت لإرائة جماعة فوجد حائل في البين يمنع عن ارائتها لبعض منها ، من حيث بقاء ارائتها على حالها بالنسبة إلى البقية ، ففي المقام أيضا كك ، حيث إن لفظ الكل مثلا بمقتضي وضعه كان له الظهور في الاستيعاب بالنسبة إلى كل مرتبة مرتبة ولو في ضمن المرتبة العالية ، وبعد انعدام ظهوره في المرتبة العالية بمقتضي القرينة المتصلة يتحدد ظهوره بمرتبة أخرى دون تلك المرتبة ، لا انه ينعدم ظهوره من رأس حتى بالنسبة إلى بقية المراتب أيضا ، وعليه فبعد بقاء ظهوره في بقية المراتب فلا مانع من التمسك بأصالة العموم في البقية فيما شك فيه في الخروج زائدا عن المقدار المتيقن ، من دون احتياج حينئذ إلى اثبات تعين الباقي من باب أقرب المجازات ، حتى يشكل بان المدار في الأقربية إلى المعنى الحقيقي ليس هو الأقربية بحسب الكم والمقدار وانما هو بحسب زيادة الانس ، والا إلى اثباته أيضا من جهة اقتضاء عقد الاستثناء لذلك كما ادعى من دعوى ان الاستثناء ، كما تكون قرينة صارفة عن إرادة المعنى الحقيقي ، كك تكون قرينة معينة لتعين ما دون المرتبة العالية من بين المراتب ، فان ذلك أيضا مبني على الالتزام بانعدام أصل الظهور بمجرد قيام القرينة المتصلة على العدم بالنسبة إلى المرتبة العالية ، وهو كما ترى مما لا وجه له.

ثم انه بعد ما عرفت من ظهور العام ، بعد التخصيص بالمتصل ، في البقية فلا يهمنا البحث في أن استعمال العام حينئذ هل كان من معناه الحقيقي وهو الشمول لتمام افراد المدخول أم لا؟ وان أمكن أيضا دعوى كونه على نحو الحقيقة ، بالفرق بين الإرادة الجدية والإرادة الاستعمالية ، بتقريب كونه مستعملا أيضا حينئذ في معناه الحقيقي ، وهو الشمول

٥١٣

لتمام افراد المدخول ، ولكنه في مقام الجد أريد منه ما عدا الفرد الخارج ، ولكن الذي يسهل الخطب هو عدم الطريق لاثبات هذه الجهة ، كعدم الطريق أيضا لاثبات المجازية. واما أصالة الحقيقة فهي أيضا غير جارية ، لعدم ترتب اثر عملي عليها بعد العلم بعدم كون المراد الجدي هو المعنى ، كما هو واضح. هذا كله فيما لو كان المخصص متصلا وكان مبينا بحسب المفهوم والمصداق كليهما.

واما لو كان مجملا بحسب المفهوم أو المصداق كقوله : أكرم العلماء الا الفساق منهم ، وتردد الفاسق من جهة الشبهة في المفهوم بين المرتكب للكبائر أو عمومه لمرتكب الصغائر أيضا ، أو من جهة الشبهة في المصداق بان تردد مصاديق الفاسق المبين المفهوم مثلا بين الخمسة والعشرة ، فلاينبغي الاشكال فيه أيضا في سقوط العام عن الحجية وعدم جواز التمسك به في المشتبه مفهوما أو مصداقا ، من دون فرق في ذلك بين ان يكون التردد والاجمال بين الأقل والأكثر كما في المثال المزبور ، أو بين المتبائنين كما في قوله : أكرم كل عالم الا زيدا ، مع تردد الخارج من جهة الشبهة في المفهوم بين زيد بن عمرو بين زيد بن بكر ، أو من جهة الشبهة في المصداق بين كونه هذا الشخص أو ذاك الشخص الآخر ولو مع تبين المفهوم فيه ، كما لو علم بان الخارج هو زيد بن عمرو ولكنه تردد بين كونه هذا الشخص أو ذاك الآخر ، حيث إنه في جميع هذه الصور لا مجال للتمسك بالعام في المشتبه. وعمدة الوجه في ذلك انما هو من جهة سراية اجمال المخصص حينئذ إلى عموم العام ، حيث إنه باتصاله به يوجب كسر صولة ظهوره في العموم وتحديد دائرته بمقدار اقتضائه ، وحينئذ فإذا فرض اجماله وتردده بين الأقل والأكثر أو المتبائنين فقهرا يسري اجماله إلى العام أيضا من جهة كونه من قبيل اتصاله بما يصلح للقرينية عليه ، ومعه فلا يبقى له ظهور حتى يتمسك به فيما يشك كونه من افراد المخصص. نعم لا بأس بالتمسك به بالنسبة إلى ما يعلم خروجه عن دائرة الخاص من الافراد الاخر ، فإذا شك في خروجها من جهة مخصص آخر يؤخذ بعموم العام بالنسبة إليها ، هذا كله فيما لو كان الخاص متصلا بالعام.

واما لو كان منفصلا عن العام ففيه أيضا يتأتى الصور المزبورة : فإذا كان الخاص مبينا بحسب المفهوم والمصداق كليهما فالحكم فيه كما في الخاص المتصل المبين بحسب المفهوم والمصداق ، من حجية العام وجواز التمسك به في الباقي ، بل الحكم فيه أوضح من فرض

٥١٤

اتصال المخصص ، وذلك من جهة استقرار الظهور حينئذ للعام وعدم انثلامه بقيام القرينة المنفصلة على الخلاف كما في الخاص المتصل ، حيث إن غاية ما يقتضيه التخصيص بالمنفصل انما هو المانعية عن حجية ظهوره المستقر في العموم لا عن أصل ظهوره ، وذلك بملاك أقوى الحجتين ، ومن ذلك ربما يقدم ظهور العام على ظهوره فيما لو كان العام أقوى ظهورا منه. وعلى ذلك فكان اللازم هو اتباع ظهوره في العموم في غير مورد قيام الحجة على الخلاف ، وهو واضح.

واما لو كان الخاص حينئذ مجملا بحسب المفهوم ، فان كان الاجمال والتردد بين الأقل والأكثر ، كما لو ورد انه يجب اكرام كل عالم ، وورد بدليل منفصل انه لايجب اكرام الفساق من العلماء ويحرم اكرامهم ، وتردد الفاسق من جهة اجمال المفهوم بين المرتكب للكبائر أو الصغاير أيضا ، ففي مثله يقتصر في الخروج عن العموم على المتيقن وهو المرتكب للكبائر ، واما بالنسبة إلى المرتكب للصغاير فيؤخذ بالعموم ، والسر فيه ، واضح ، حيث إنه بعد استقرار ظهور العام وعدم انثلامه بقيام القرينة المنفصلة على الخلاف لابد من الاخذ بظهور العام في المقدار الزائد عن المتيقن من التخصيص ، من جهة رجوع الشك فيه حينئذ إلى الشك في أصل التخصيص ، فان رفع اليد عن أصالة العموم حينئذ مع فرض اجمال المخصص طرح للحجة المعتبرة بلا وجه ، هذا إذا كان الشك في خروج المشكوك وهو المرتكب للصغاير عن حكم العام ممحضا من جهة الشك في اندراجه تحت عنوان المخصص وهو الفاسق واقعا بحيث على تقدير عدم اندراجه تحته وفرض وضعه لخصوص المرتكب للكبائر يقطع بمشموليته لحكم العام.

واما لو لم يكن الشك فيه ممحضا بذلك بل كان مما يشك فيه في مشموليته لحكم العام ولو على تقدير خروجه عن تحت عنوان المخصص واقعا ، بحيث كان الشك في وجوب اكرامه من جهتين : تارة من جهة الشبهة الحكمية وانه على تقدير عدم كون المرتكب للصغاير مندرجا تحت عنوان الفاسق هل يشمله حكم العام أم لا بل كان خارجا أيضا عن حكمه ، وأخرى من جهة الشبهة المصداقية (١) وانه هل المرتكب للصغيرة فاسق أم

__________________

١ ـ مراده قدس‌سره بحسب الظاهر من الشبهة المصداقية هي الشبهة المفهومية في المخصص ـ كما يشهد به تفسيره لها بقوله وانه هل المرتكب للصغيرة فاسق أم آه وحيث كان مرجع هذه الشبهة أن يشك في مصداقية المرتكب للصغيرة لعنوان الفاسق عبر عنه بالشبهة المصداقية وكيف كان فهو على خلاف الاصطلاح الشايع [ المصحح عفى عنه ].

٥١٥

لابل الفاسق بحسب وضعه موضوع لخصوص مرتكب الكبيرة؟ ففي مثله بالنسبة إلى الشبهة الحكمية وهي الشبهة من الجهة الأولى لا اشكال في الاخذ بالعموم ، نعم انما الكلام في جواز الاخذ به بالنسبة إلى الشبهة المصداقية ، وهي الشبهة من الجهة الثانية ، حيث إنه قد يشكل في جواز التمسك بالعام من هذه الجهة ، بتقريب ان الشبهة من تلك الجهة لما كانت في طول الشبهة من الجهة الأولى ، فمع تطبيق أصالة العموم من الجهة الأولى ورفع الشك به من جهة الكبرى لا مجال لتطبيقها ثانيا من الجهة الثانية لرفع الشك به من جهة الصغرى ، نظراً إلى أن الظهور الواحد لا يتحمل لتطبيقين طوليين ، وحينئذ فمع فرض تطبيقه على أصل الكبرى يستحيل تطبيقه ثانيا على الصغرى. وهذا بخلافه في فرض تمحض الشك بالجهة الثانية وفرض العلم باندراجه في العام على تقدير كون الفاسق هو خصوص المرتكب للكبيرة فإنه حينئذ كان لتطبيقه على تلك الجهة كمال مجال لأنه حينئذ لايحتاج إلى تطبيقه في كبرى المسألة حتى يتوجه الاشكال المزبور ، هذا ، ولكن يمكن دفع الاشكال المزبور بما دفعناه به الاشكال المعروف في حجية الاخبار مع الواسطة ، حيث إن الاشكال في المقامين واحد ، والجواب عنه أيضا واحد ، فراجع تلك المسألة وعليه فلا مجال للاشكال فيه من هذه الجهة فكان المتبع حينئذ هو أصالة العموم في غير مورد قيام الحجة الأقوى على الخلاف. هذا كله إذا كان اجمال المفهوم من جهة تردده بين الأقل والأكثر.

واما لو كان اجماله من جهة تردده بين المتبائنين ، ففي مثله يسقط العام عن الحجية بالنسبة إلى كل واحد من الخصوصيتين فلايكون بحجة في واحدة منهما ، وذلك فان العام حينئذ وان كان على ظهوره من دون سراية الاجمال إليه من الخاص المنفصل ، الا انه لما كان يساوى ظهوره بالنسبة إلى كل واحد من زيدين اللذين يعلم بخروج أحدهما عن تحته بمقتضي دليل المخصص ، لايكون بحجة فعلية في واحد منهما ، فيصير بحكم المجمل من حيث السقوط عن الحجية نعم لا بأس بالأخذ بالعموم بالنسبة إلى ما عدا الفرد الخارج ، وهو الفرد الآخر المعين في الواقع ، لكن بشرط ان يكون مما يحتمل دخوله في العام وخروجه عنه من جهة احتمال مخصص آخر لا نعلمه ، والا فمع العلم بدخوله تحت العام وعدم

٥١٦

مخصص آخر لا مجال لأصالة العموم بالنسبة إليه ، من جهة انتفاء الشك الذي به قوام جريان دليل التعبد بالظهور ، واما ثمرة ذلك فإنما هي دخول تلك الفرد الآخر باجراء أصالة العموم فيه في العلم الاجمالي ، فيحكم عليه بقواعده المقررة في محله.

نعم قد يتوهم جواز التمسك بأصالة العموم حينئذ بالنسبة إلى كل واحد من الفردين المعلوم خروج أحدهما بمقتضي الخاص المجمل ، في مورد كان مفاد دليل الخاص هو نفى الالزام ، كما لو كان مفاد العام هو وجوب الاكرام لكل واحد من العلماء وكان مفاد الخاص هو عدم وجوب الاكرام بالنسبة إلى زيد المردد بين زيد بن عمرو وزيد بن بكر ، نظير جريان الأصلين المثبتين في الطرفين في مورد العلم الاجمالي بنفي الالزام في أحدهما ، بتقريب ان مانعية العلم الاجمالي عن جريان الأصول في الطرفين انما هو من جهة استلزامها المخالفة العلمية للتكليف الفعلي المعلوم ، والا فالعلم الاجمالي بنفسه لايكاد يمنع عن جريان الأصول في الأطراف ، من جهة ما تقرر في محله من اختلاف المتعلق فيهما ، وكون المتعلق للعلم الاجمالي هو العنوان الاجمالي المعبر عنه بأحد الفردين واحدي الخصوصيتين ، ومتعلق الشك هو كل واحد من العناوين التفصيلية ، وحينئذ فبعد ان فرض عدم استلزامه لمحذور العلمية في المقام فلا جرم يجري أصالة العموم بالنسبة إلى كل واحد من زيدين وبمقتضاها يحكم بوجوب اكرام كل واحد منهما ، كما كان هو الشأن أيضا في الأصلين المثبتين في مورد العلم الاجمالي بنفي التكليف.

ولكنه توهم فاسد نظراً إلى الفرق الواضح بين المقامين حيث إن الامارات باعتبار حجيتها في مداليلها الالتزامية يمنع عن جريانها في أطراف العلم الاجمالي ، بملاحظة انتهاء الامر فيها بهذه الجهة إلى التعارض كما في الخبرين القائمين أحدهما على وجوب صلاة الجمعة يوم الجمعة والاخر على وجوب صلاة الظهر فيه ، مع العلم بعدم وجوب الصلاتين على المكلف. وهذا بخلافه في الأصول فإنها من جهة عدم حجية مثبتاتها لايكاد انتهاء الامر فيها من نفس جريانها في أطراف العلم الاجمالي إلى التعارض كما في الامارات ، فمن ذلك لا بأس بجريانها والتعبد بها في كل واحد من أطراف العلم الاجمالي عند عدم استلزامه للمخالفة العملية للتكليف المعلوم. هذا مما افاده الأستاذ في ابداء الفرق بين المقامين.

ولكن أقول : بأنه لايحتاج في المنع عن جريان أصالة العموم في الطرفين إلى التشبث

٥١٧

بمسألة المدلول الالتزامي في الامارات ، إذ مع الغض عن ذلك كان المجال أيضا للمنع عن جريان أصالة العموم في الطرفين ، وذلك انما هو بدعوى ان عدم جريان أصالة العموم في الطرفين انما هو من جهة منافاة العلم الاجمالي عقلا مع قضية طريقية الامارات وكاشفيتها عن الواقع ، من جهة انه مع العلم الاجمالي المزبور يقطع بمخالفة أحد الطريقين للواقع ، ومع هذا القطع يستحيل التعبد بهما في الطرفين للاستطراق إلى الواقع.

وهذا بخلافه في الأصول فان حجيتها لما لم تكن من باب الطريقية والكاشفية عن الواقع ، بل من باب التعبد المحض في ظرف الجهل واستتار الواقع ، فأمكن حينئذ التعبد بها في الطرفين في مورد العلم الاجمالي بالخلاف ما لم يلزم من جريانها المخالفة العملية للتكليف المعلوم في البين ، فتدبر. هذا كله فيما لو كان الخاص مجملا بحسب المفهوم

واما لو كان اجماله بحسب المصداق مع تردده بين الأقل والأكثر ففي جواز التمسك بالعام فيما يحتمل كونه من افراد الخاص وعدم جوازه خلاف بين الاعلام ، والأول وهو الجواز هو المنسوب إلى المشهور من قدماء الأصحاب ، وربما فصل بين المخصص اللفظي واللبي بالجواز في الثاني دون الأول ولعله هو المشهور بين المتأخرين. ولكن التحقيق كما ستعرف هو عدم الجواز مطلقا.

ثم إن غاية ما قيل في تقريب القول بالجواز هو دعوى وجود المقتضي وعدم المانع عنه.

اما الأول فمن جهة شمول العام وانطباقه على المشكوك نظراً إلى استقراره ظهوره وعدم انثلامه بالتخصيص بالمنفصل.

واما الثاني فمن جهة ان ما نعيه الخاص ومزاحمته للعام انما كانت بمقدار حجيته ، وحينئذ فإذا فرض عدم حجيته الا بالنسبة إلى ما علم كونه من افراده ومصاديقه دونه بالنسبة إلى ما شك كونه من افراده ، فقهرا فيما اشتبه كونه من افراده يرجع إلى العموم فيحكم عليه بحكمه لعدم قيام حجة فيه على خلافه.

وقد أورد عليه بان العام وان لم يرتفع ظهوره في العموم بواسطة الخاص المنفصل ، ولا كان الخاص أيضا حجة فيما اشتبه كونه من افراده ، فلايكون خطاب لاتكرم الفساق دليلا على حرمة اكرام من شك في فسقه من العلماء من جهة الشك في أصل تطبيقه على المشكوك الا ان عدم جواز الاخذ بالعام حينئذ انما كان من جهة اقتضاء قضية التخصيص حتى في المنفصل لاحداث عنوان ايجابي أو سلبي في ناحية الافراد الباقية تحت

٥١٨

العام الموجب لانقلاب العنوان المأخوذ في العام وهو العالم مثلا في قوله : أكرم كل عالم ، عن كونه تمام الموضوع لوجوب الاكرام إلى كونه جزء الموضوع ، من جهة صيرورة الموضوع حينئذ بعد ورود الدليل على حرمة اكرام الفساق من العلماء عبارة عن العالم المقيد بكونه عادلا أو غير فاسق ، ومن الواضح على ذلك عدم جواز التمسك بالعموم في المشتبه كونه من افراد الخاص ، لأن الشك في كونه من افراد الفساق يلازم الشك في ذلك العنوان الايجابي أو السلبي المأخوذ في موضوع حكم العام ، ومع هذا الشك فلايكاد يصح التمسك فيه بالعام ، من جهة كونه من التمسك بالعام مع الشك في أصل تطبيق عنوان العام على المورد هذا.

ولكن فيه منع اقتضاء التخصيص كالتقييد لاحداث عنوان سلبي أو ايجابي في ناحية الافراد الباقية تحت العام ، وقياسه بباب التقييد والاشتراط الموجب لتعنون الموضوع بوصف وجودي أم عدمي مع الفارق جدا ، فان شأن التخصيص سواء في المتصل أو المنفصل في قوله : أكرم العلماء الا زيدا أو عمرا ، مثلا انما هو مجرد اخراج بعض الافراد أو الأصناف عن تحت حكم العام وتخصيصه بالافراد الباقية ، من دون اقتضائه لاحداث عنوان ايجابي أو سلبي في ناحية الافراد الباقية في مقام موضوعيتها للحكم ، بل هذه الافراد الباقية بعد التخصيص كانت على ما كانت عليها قبل التخصيص في الموضوعية للحكم العام بخصوصياتها الذاتية ، فهو أي التخصيص في الحقيقة بمنزلة انعدام بعض الافراد أو الأصناف بموت ونحوه ، فكما ان خروج من مات منها لايوجب تعنون الافراد الباقية بعنوان وجودي أو سلبي بل كانت الافراد الباقية على ما هي عليها قبل خروج من خرج بالموت من كونها تمام الموضوع للحكم ، كك أيضا في التخصيص فلايوجب ذلك أيضا احداث عنوان سلبي أو ايجابي في الافراد الباقية ولا تغيرا فيها في موضوعيتها للحكم بالانقلاب عن كونها تمام الموضوع إلى جزئه ، ومجرد اختصاص حكم العام حينئذ في قوله : أكرم العلماء ، بعد التخصيص ، بغير دائرة الخاص من بقية الافراد أو الأصناف لايكون من جهة تعنوان الافراد الباقية بعنوان خاص في مقام موضوعيتها للحكم ، بل وانما ذلك من جهة ما في نفس الحكم من القصور الناشي من جهة تضيق دائرة الغرض والمصلحة عن الشمول ثبوتا لغير الافراد الباقية ، وهذا بخلافه في باب التقييد والاشتراط ، حيث إن قضية التقييد بشيء تعنون موضوع الحكم بوصف وجودي أم عدمي غير حاصل قبل توصيفه به ، كما في قوله : أكرم العالم وقوله أعتق الرقبة ، حيث إنه بورود دليل

٥١٩

التقييد بكونها مؤمنة ينقلب الذات عن كونها تمام الموضوع إلى جزء الموضوع ، فيصير الموضوع عبارة عن الرقبة المقيدة بالايمان ، بنحو خروج القيد ودخول التقيد.

وبالجملة فرق واضح بين باب التخصيص والتقييد حيث إنه في الأول لايكاد يكون قضية التخصيص الا مجرد اخراج بعض الافراد أو الأصناف عن دائرة موضوع العام الموجب لحصر حكم العام ببقية الافراد أو الأصناف من دون اقتضائه لتغيير في ناحية الافراد الباقية في مقام موضوعيتها للحكم ، بخلاف الثاني حيث إن شأن دليل التقييد والاشتراط انما هو توصيف الموضوع بوصف خاص وجودي أم عدمي ، وبذلك يوجب اخراجه عما عليه قبل التقييد من التمامية في الموضوع إلى جزئه ، وعليه فنقول بأنه لا مجال بعد هذا الفرق لمقايسة أحد البابين بالآخر بوجه أصلا.

ثم انه مما يشهد لما ذكرنا من الفرق بين البابين اطباقهم على عدم التمسك بدليل المطلق في موارد الشك في مصداق القيد ، كالشك في طهارة الماء واطلاقه ، حيث لم يتوهم أحد جواز التمسك حينئذ باطلاق ما دل على جواز التوضي بالماء لاثبات جواز الوضوء بما شك في طهارته أو اطلاقه ، بخلاف موارد الشك في مصداق المخصص في العام ، حيث إن فيها خلافا بين الاعلام بل المشهور من القدماء كما قيل على جواز التمسك بالعام. ومن المعلوم انه لايكون الوجه في ذلك الا ما أشرنا إليه من الفرق بين البابين ، والا فلو كان مرجع التخصيص أيضا كالتقييد إلى احداث عنوان سلبي أو ايجابي في ناحية الافراد الباقية تحت العام لما كان وجه لاختلافهم في جواز الرجوع إلى العام في المقام مع اطباقهم على عدم جواز الرجوع إلى دليل المطلق عند الشك في مصداق القيد ، كما لايخفى.

ثم إن هذا كله في بيان الفرق بين كبرى البابين بحسب مقام الثبوت. واما بحسب مقام الاثبات واستظهار انه أي مورد من باب التخصيص وأي مورد من باب التقييد والاشتراط فلابد في استفادة أحد الامرين من المراجعة إلى كيفية السنة الأدلة. وفي مثله نقول : بان ما كان منها بلسان الاستثناء كقوله : أكرم العلماء الا زيدا ، فلا اشكال في أنه من باب التخصيص حيث إنه لا يستفاد من نحو هذا اللسان أزيد من تكفله لاخراج زيد عن العموم المزبور وحصر حكم العام بما عدا زيد من الافراد الاخر ، كما أن ما كان منها بلسان الاشتراط كقوله : يشترط ان يكون كذا وان لايكون كذا ، أو بلسان نفى الحقيقة عند فقدان امر كذائي كقوله : لا صلاة الا بطهور ولا رهن الا مبغوضا ، فلا اشكال أيضا

٥٢٠