الاعجاز العددي في القرآن الكريم

سعيد صلاح الفيومي

الاعجاز العددي في القرآن الكريم

المؤلف:

سعيد صلاح الفيومي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة القدسي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٦

وهذا الربط فى بيان صلة الإنسان فى موضوع النحل وموضوع العقيدة والخطاب التكريم للأمة عن طريق رسولها الأمين سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى المجال البلاغى القرآنى فى قوله تعالى : (وأوحى ربك إلى النحل).

ولم يقل سبحانه وتعالى : (وأوحى الله إلى النحل) أو (وأوحينا إلى النحل) هو شيىء جميل وصحيح ولكن تجب الإشارة إلى الجانب العددى لأحرف هذه العبادات فإن ما جاء فى القرآن فى قوله تعالى : (وأوحى ربك إلى النحل) وكما ذكرنا يتألف من ١٦ حرفا أما لو جاء بالصيغتين المذكورتين فإن عدد الأحرف فيها ١٧ ، ١٥ حرفا على التوالى ولاختل الميزان فى هذه الحالة.

والخطاب بقوله عزوجل : (وأوحى ربك إلى النحل) فيه إعجاز رقمى متناسق ودقيق فضلا عن الإعجاز النظمى والبلاغى المذكورين.

فتأمل روعة كتاب الله ودقته فى وضع كل كلمة بل كل حرف فى مكانه المناسب وهكذا يتحقق الإعجاز الكامل والشامل فى القرآن الكريم وأنه وحى من الله سبحانه وتعالى ولو كان غير ذلك لوقع فيه الإختلاف والتناقض الشديد.

قال الله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٨٢)

(النساء)

٦١

النحل فى العلم

١ ـ إن عدد الكروموسومات فى النحل هو ١٦ زوجا.

٢ ـ إن الكروموسومات فى ذكر النحل وخلافا لبقية النحل (الملكة والشغالات) هو ١٦ فردا أى نصف العدد والسبب فى ذلك أن ذكر النحل ينتج عن بيوض غير ملقحة بعملية تسمى التكاثر العذرى وذلك بإحدى هاتين الطريقتين : ـ

أولا : إن الملكة الواحدة (فى كل خلية نحل توجد ملكة واحدة فقط كما هو معلوم تضع حوالى ٢٠٠ ـ ٢٥٠ ألف بويضة فى الموسم الواحد أو ما يقارب ١٥٠٠ بويضة فى اليوم معظمها ملقح تنتج النحلات الشغالات المنتجة للعمل وغيره وعدد قليل منها غير ملقح والتى من المفروض كما فى بقية المخلوقات أن لا تنتج شيئا ولكن فى حالتها الخاصة فإنها بقدرة الله تعالى عزوجل تعطى ذكور النحل.

ويلاحظ أنه بعد أربع سنوات من حياة الملكة تميل إلى وضع بيوض غير ملقحة وذلك لقرب مخزونها من النطف المنوية بالنفاذ وهذا الأمر يضعف خلية النحل علما بأنها تلقح مرة واحدة من قبل ذكر واحد فى الجو (الهواء الطلق تحديدا) فى رحلة التلقيح (التزاوج) والتى تستغرق عادة عشرين دقيقة.

ثانيا : عن طريق الملكة الكاذبة أو (الأم الكاذبة) حيث أنه فى حالة موت أو فقدان الملكة لأى سبب كان تقوم الشغالات الفتية بتغذية إحداهن بالغذاء الملكى فتنمو مبايضها الضامرة والمتوقفة عن العمل أصلا وغير قابلة للتلقيح ولا تنتج بيوضا.

وبعد نمو مبيض هذه الشغالة تبدأ بوضع بيوضا غير ملقحة تعطى ذكورا فقط تحمل بالطبع ١٦ كروموسوما فرديا فى تكاثر عذرى غير جنسى فريد من نوعه بقدرته وأمره سبحانه وتعالى.

إن إنتاج ذكور النحل من بيوض غير ملقحة (سواء من الملكة الحقيقية أو الكاذبة) وذلك من أنثى دون تلقيح من ذكر دلالة عظيمة على قدرته عزوجل كما ذكرنا وهو أيضا مثال علمى واقعى جعله الله لنا نموذجا واضحا مقربا لمعجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم عليه‌السلام من أم عذراء دون أب (أى من بيضة غير ملقحة).

٦٢

قال الله تعالى على لسان السيدة مريم العذراء :

(قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٧)

(آل عمران)

(قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) (٢١)

(مريم)

الوحى للأنبياء والنحل الطاهرين

إن عيسى ابن مريم ولد طاهرا من طهارة (من أم بدون أب) كما يحصل فى أمة النحل. والنحل أيضا طاهر يأكل طاهرا ويعطى العسل وغيره من المنتجات الطاهرة وعمله المنظم والدقيق من وحى الله إليه كما أوحى إلى الأنبياء والمرسلين الأطهار ومنهم عيسى ابن مريم.

فالعسل شفاء ويطهر الناس من الأمراض والأسقام.

والوحى تطهير لهم من الشرك والأوهام.

٦٣

عيسى ابن مريم والرقم ١٦

ذكر عبارة عيسى ابن مريم ١٦ مرة فى القرآن الكريم.

وهى حسب ورودها فى المصحف الشريف :

١ ـ

سورة البقرة

الآية ٨٧

٢ ـ

سورة البقرة

الآية ٢٥٣

٣ ـ

سورة آل عمران

الآية ٤٥

٤ ـ

سورة النساء

الآية ١٥٧

٥ ـ

سورة النساء

الآية ١٧١

٦ ـ

سورة المائدة

الآية ٤٦

٧ ـ

سورة المائدة

الآية ٧٨

٨ ـ

سورة المائدة

الآية ١١٠

٩ ـ

سورة المائدة

الآية ١١٢

١٠ ـ

سورة المائدة

الآية ١١٤

١١ ـ

سورة المائدة

الآية ١١٦

١٢ ـ

سورة مريم

الآية ٣٤

١٣ ـ

سورة الأحزاب

الآية ٧

١٤ ـ

سورة الحديد

الآية ٢٧

١٥ ـ

سورة الصف

الآية ٦

١٦ ـ

سورة الصف

الآية ١٤

ملاحظ أن مجموع أرقام الآيات الست المذكورة فى سورة المائدة هو ٥٧٦ وهذا الناتج من مضاعفات الرقم ١٦ (٣٦ مرة) وهذه العبارة (عيسى ابن مريم) متكررة فى سورة المائدة ٦ مرات (أكثر من أى سورة أخرى).

٦٤

ولنتأمل هذه الإشارة المباشرة والربط الدقيق فى ذكر اسم عيسى ابن مريم ١٦ مرة مع عدد الكروموسومات الفردية ١٦ فى ذكر النحل والذى يتكون من بويضة غير ملقحة.

وهذا مثال تقريبى على معجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم عليه‌السلام.

قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (٤٣)

(العنكبوت)

٦٥

الرحمن فى القرآن

لقد تكررت كلمة الرحمن فى القرآن الكريم ٥٧ مرة وفى سورة مريم تكررت ١٦ مرة وبعدد أكثر من أى سورة أخرى فى القرآن. حتى أن سورة الرحمن فى القرآن الكريم قد جاءت كلمة الرحمن فيها مرة واحدة فقط وذلك فى قوله تعالى :

(الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ) (٢)

(الرحمن)

تكرار كلمة الرحمن فى سورة مريم

١ ـ (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) (١٨)

(مريم)

٢ ـ (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (٢٦)

(مريم)

٣ ـ (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) (٤٤)

(مريم)

٤ ـ (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) (٤٥)

(مريم)

٥ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) (٥٨)

(مريم)

٦ ـ (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) (٦١)

(مريم)

٧ ـ (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (٦٩)

(مريم)

٨ ـ (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) (٧٥)

(مريم)

٦٦

٩ ـ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (٧٨)

(مريم)

١٠ ـ (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) (٨٥)

(مريم)

١١ ـ (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (٨٧)

(مريم)

١٢ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) (٨٨)

(مريم)

١٣ ـ (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) (٩١)

(مريم)

١٤ ـ (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (٩٢)

(مريم)

١٥ ـ (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (٩٣)

(مريم)

١٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٩٦)

(مريم)

إن تكرار كلمة الرحمن فى سورة مريم هو ١٦ مرة إبتداء من الآية رقم ١٨ وإنتهاء بالآية رقم ٩٦.

كما أن الآية رقم ٩٦ هذا الرقم من مضاعفات الرقم ١٦ (٦ مرات) وإذا ما دققنا فى الحكمة من تكرار اسم الرحمن الذى هو من اسماء الله الحسنى الفريدة فى صفاته (كونه من أسماء الذات) لعرفنا السبب وهو أن فى هذه السورة تتجلى الرحمة الالهية للبشرية بهدايتهم إلى العقيدة الصحيحة والمنهاج القويم فى هذه الحياة وصولا إلى رضوان الله وسعادتهم فى الدنيا والأخرة وذلك عن طريق إرسال الأنبياء والمرسلين وإنزال الكتب السماوية كما ورد فى هذا السياق فى الآيات الأتية فى هذه السورة المباركة :

(ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (٢)

(مريم)

(قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) (٢١) (مريم) والكلام هنا عن سيدنا عيسى عليه‌السلام.

٦٧

(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) (٥٠)

(مريم)

والكلام هنا عن سيدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم‌السلام

(وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) (٥٣)

(مريم)

والكلام هنا عن سيدنا موسى عليه‌السلام.

فتبين من ذلك أن الله عزوجل أعطى جزءا من رحمته إبراهيم وإسحاق ويعقوب ورحم موسى بهارون وأرسل عيسى رحمة للناس.

وميز سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنهم بأن أعطاه الرحمة كلها فأرساه رحمة للعالمين.

قال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧)

(الأنبياء)

وفى شرح اسم الرحمن يقول الإمام أبو حامد الغزالى ما نصه : الرحمن اسم مشتق من الرحمة.

والرحمن أخص من الرحيم ولذلك لا يسمى به غير الله لأنه دال على الذات الجامعة للصفات الإلهية كلها ولا يطلق على غيره لا حقيقة ولا مجاز وإن كان هذا مشتقا من الرحمة قطعا ولذلك جمع الله بينهما فقال :

(قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ....) (١١٠)

(الإسراء)

ومن أجل ذلك تكررت كلمة الرحمن فى سورة مريم أكثر من غيرها لتضفى عليها جوا من الرحمة التى تتمثل بها هذه الصفة والتى جاءت متناسقة معنى وعددا مع تكرار اسم سيدنا عيسى ابن مريم والعدد ١٦ أيضا فى سورة مريم فى إعجاز علمى ورقمى جديد وفريد للقرآن الكريم يقرب لنا مفهوم عودته ونزوله حيا رحمة للأمة وانتصار للحق والإسلام. كما قرب لنا معجزة خلقه فى حالة خلق ذكر النحل من بيضة غير ملقحة وخلق عيسى عليه‌السلام من أم بدون ذكر أى بويضة مريم بدون حيوان منوى يلقحها.

٦٨

(اله واحد) فى القرآن الكريم

لقد إختص الله سبحانه وتعالى نفسه بصفة الربوبية والالوهية والوحدانية وأنه واحد فرد صمد لم يلد ولم يولد وبذلك يرد على الذين يقولون أن رسول الله (عيسى ابن مريم) عليه‌السلام هو الله أو هو ابن الله (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا).

لذلك نجد أن فى القرآن الكريم تناسقا صريحا فى وصفه سبحانه وتعالى لذاته العليا فى عبارة واحدة إنه (اله واحد).

فقد وردت هذه العبارة فى ١٦ آية من آيات القرآن الكريم تأكيدا على وحدانيته سبحانه وتعالى وتناسقا رائعا مع تكرار عبارة عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله وغيرها من المؤشرات الكثيرة المذكورة فى البحث ذات العلاقة بالعدد ١٦.

وهذا شاهد عددى آخر من القرآن الكريم يصب فى محور العدد ١٦ للتأكيد على عقيدة التوحيد وقدرة الخالق الإله الواحد فى خلق عيسى ابن مريم من أم بدون أب كما فى خلق ذكر النحل من بيضة غير مخصبة أو من بيوض النحلة الشغالة (العقيمة) من دون تلقيح.

عبارة اله واحد الواردة فى القرآن الكريم حسب ترتيبها فى المصحف

١ ـ (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً ....) (١٣٣)

(البقرة)

٢ ـ (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (١٦٣)

(البقرة)

٣ ـ (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ ...) (١٧١)

(النساء)

٤ ـ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ .....) (٧٣)

(المائدة)

٦٩

٥ ـ (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (١٩)

(الأنعام)

٦ ـ (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١)

(التوبة)

٧ ـ (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢)

(إبراهيم)

٨ ـ (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٢٢)

(النحل)

٩ ـ (* وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٥١)

(النحل)

١٠ ـ (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ....) (١١٠)

(الكهف)

١١ ـ (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٨)

(الأنبياء)

١٢ ـ (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (٣٤)

(الحج)

١٣ ـ (وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٤٦)

(العنكبوت)

١٤ ـ (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) (٤)

(الصافات)

١٥ ـ (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (٥)

(ص)

١٦ ـ (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ....) (٦)

(فصلت)

٧٠

وجميع الآيات المذكورة ذات الصلة بعبارة إله واحد تخاطب الناس بصورة عامة والمشركين بصورة خاصة.

وقد لاحظنا أن هناك ثلاث آيات فقط تخاطب أهل الكتاب (من اليهود ومن النصارى على وجه الخصوص) فى الرد عليهم ونهيهم عن الشرك فى اتخاذ أنبيائهم أو أخبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله خاصة سيدنا عيسى ابن مريم وذلك لنفى صفة الألوهية عنه وأنه رسول كريم وبشر وأن لا تنسحب آياته الثلاث التى تفرد بها عن بقية إخوانه من الأنبياء والمرسلين فى ولادته العذرية ورفعه حيا وعودته رحمة للأمة على كونه إله فيتصورون أنها من صفات الألوهية. لذلك جاءت هذه الآيات الثلاث المذكورة أدناه فى التركيز على عبوديته لله سبحانه وتعالى الذى هو الإله الواحد لتكون متناسقة ومتطابقة فى المعنى مع الثلاثيات الأخرى والآيات الكريمات الثلاثة هى قوله تعالى :

١ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (١٧١)

(النساء)

٢ ـ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣)

(المائدة)

٣ ـ (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١)

(التوبة)

٧١

سبحانه أن يكون له ولد فى القرآن

كذلك فإن فى القرآن الكريم ١٦ آية بالضبط تنفى أن يكون الله سبحانه وتعالى قد إتخذ ولدا.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك بأساليب مختلفة رائعة فى النظام والبيان ومتناسقة فى المعنى والبرهان وهذا الرقم يتناسق مع تكرار عبارة (اله واحد) وعبارة (عيسى ابن مريم) عبد الله ورسوله المذكورتين سابقا.

لم يتخذ ولدا ومرادفاتها فى القرآن الكريم

١ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (١١٦)

(البقرة)

٢ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (١٧١)

(النساء)

٣ ـ (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٠١)

(الأنعام)

٤ ـ (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٦٨)

(يونس)

٥ ـ (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (١١١)

(الإسراء)

٦ ـ (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) (٤)

(الكهف)

٧٢

٧ ـ (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٥) (مريم)

٨ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) (٨٨)

(مريم)

٩ ـ (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) (٩١)

(مريم)

١٠ ـ (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (٩٢)

(مريم)

١١ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢٦)

(الأنبياء)

١٢ ـ (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٩١)

(المؤمنون)

١٣ ـ (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٢)

(الفرقان)

١٤ ـ (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (٨١)

(الزخرف)

١٥ ـ (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٤)

(الزمر)

١٦ ـ (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) (٣)

(الجن)

الثلاث التى لها علاقة بالعدد ١٦

أولا : عبارة (عيسى ابن مريم)

ثانيا : عبارة (إنما الله إله واحد)

ثالثا : عبارة (سبحانه أن يكون له ولد)

٧٣

كل من هذه العبارات قد ورد فى القرآن الكريم ١٦ مرة فنتأمل هذا التناسق الرائع والإعجازى العددى القرآنى الذى يعطى لنا القرائن الإحصائية فى بيان وتعزيز هذه الأمور العقائدية الغيبية كما هو الحال فى القرائن العلمية.

وإذا علمنا أن (الرحمن) جلّ جلاله قد تكرر اسمه ١٦ مرة فى سورة مريم ليضفى جو الرحمة على هذه السورة وسيرحم الناس أيضا بالمجيىء الثانى لسيدنا (عيسى ابن مريم) وعودته حيا لإنقاذهم وإقامة الإسلام (دين التوحيد الخالص والشريعة القويمة) وبذلك يبطل العقائد الشركية والمحرفة التى ابتدعها بولس ومن تبعه بحقه ومنها أنه إله أو ابن إله (التثليث).

قال تعالى : حيث سيظهر للناس عقيدة التوحيد الخالص وأنه بشر وأن الله جل ثناؤه (إله واحد) لا شريك له وأنه سبحانه (لم يتخذ ولدا) وأن عيسى عليه‌السلام سيموت ويدفن فى المدينة المنورة كما جاء فى الحديث الشريف.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يخرج الدجال فى أمتى فيمكث أربعين لا أدرى أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين سنة فيبعث الله عيسى ابن مريم فيطلبه فهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة.

وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه : مكتوب فى التوراة صفة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصفة عيسى ابن مريم عليه‌السلام ويدفن عيسى مع محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وإقرأوا إن شئتم قوله تعالى :

(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (١٥٩)

(النساء)

أى أن النصارى جميعا وغيرهم من أهل الكتاب سيؤمنون برسالة سيدنا عيسى ابن مريم عليه‌السلام التوحيدية الخالصة بعد نزوله حيا من السماء وقبل موته.

وبذلك يتحقق الربط بين (الرحمن) فى سورة مريم (وإله واحد) (وسبحانه أن يكون له ولد) فى القرآن الكريم كدليل على عودته رحمة للناس

٧٤

ويتحقق الربط بين هذه العبادات التى تكررت فى القرآن الكريم ١٦ مرة بالضبط مع اسمه الكامل (عيسى ابن مريم) الذى جاء ١٦ مرة بالضبط.

إن هذه الآيات تدحض عقيدة التثليث عند المسيحين.

لقد حرفت الديانة المسيحية من قبل شاؤول اليهودى الذى يلقب ببولص الرسول أولا ومن قبل الإمبراطور قسطنطين فيما بعد ثانيا.

حيث أن شريعة بنى إسرائيل التى جاءت فى التوراة والتى إتبعها المسيح عيسى ابن مريم كانت بالأصل تحرم أكل الخنزير ولم يأت المسيح بشريعة جديدة أو أى شيىء يخالف تعاليم التوراة فقد جاء فى الاصحاح ١٤ من تثنية الاشتراع (لا تأكل أية قبيحة فهى نجس لكم وكذلك الخنزير فمع أنه ذو حافر مشقوق لكنه لا يجتر فهو نجس لكم لا تأكلوا شيئا من لحمها ولا تمسوا ميتتها.

وجاء فى إنجيل متى قول المسيح عليه‌السلام (لا تظنوا أنى قد جئت لأنقض الشريعة أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل. الحق الحق أقول لكم لن يزول حرف أو نقطة من الشريعة حتى يتم كل شيىء). (إنجيل متى ٥ / ١٧ : ١٩).

أما عقيدة الصلب والفداء والتثليث فهى دخيلة ومبتدعة أيضا على الديانة النصرانية كما هو معلوم من قبل بولص لأن سيدنا عيسى ابن مريم عليه‌السلام لم يصلب أصلا بل رفعه الله إليه كما جاء فى القرآن الكريم.

كما أن المسيح لم يدع الألوهية أو أنه ابن الله بل جاء بالتوحيد الخالص وكذلك بالنسبة لوالدته مريم العذراء البتول.

لقد إبتدع بولص نظرياته الخاصة فى التوحيد المركب تلك النظريات الوثنية المعقدة والمتناقضة التى صاغها دون أى دليل أو برهان إلا بنات أفكاره ورغبته فى هدم الدين كعادة اليهود ، فلم يعرف بولص المسيح مطلقا ولم يتعرف على رسله وتلاميذه.

٧٥

لقد إختلق بولص أوهاما بصعوده إلى السماء الثالثة والفردوس حيث تلقى كلمات لا تلفظ ولا يحق لإنسان أن يذكرها وأنه الوحيد الذى يحمل سر المسيح عن طريق مكاشفات الهية خاصة.

وللأسف الشديد إتخذت الكنيسة ما حاكه بولص دون وعى أو إرادة أو تبصر بالعواقب عندما ضمت رسائله للكتاب المقدس فحولت الديانة المسيحية إلى ديانة وثنية محت فيها كل أصولها التوحيدية الثابتة والتى وردت صريحة فى الإنجيل على لسان يسوع المسيح ورسله وكذلك مناقضة لكل الرسائل السماوية.

٧٦

معجزة الرقم ٤٠

نمر كثيرا بالرقم ٤٠ فهل يسعنا هذا المرور مثلا دون إمعان النظر فى هذه المفارقات الكامنة فى أربعين الميت وأربعين الصوم (صوم موسى) وأربعين النفساء بعد الولادة. ويخلق من الشبه أربعين. وأربعين صحراء التيه.

تيه بنى إسرائيل ٤٠ سنة

معلوم أن تيه بنى إسرائيل استمر ٤٠ سنة وقد تعرض القرآن الكريم لهذا الموضوع فرسم سورة القرار الإلهى الذى تلقاه موسى عليه‌السلام بحق أولئك البشر وبأنهم سيتيهون ٤٠ سنة.

قال الله تعالى : (قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) كما أن هذه الآية مكونة من ٤٠ حرفا

(من الآية ٢٦)

وفى التيه أنزل الله عليهم المن والسلوى على مدار ٤٠ سنة.

قال الله تعالى : (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) وهذه الآية مكونة من أربعين حرفا

(البقرة من الآية ٥٧)

وقال الله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) (٨٠)

(طه من الآية ٨٠)

(كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) وأيضا ٤٠ حرفا

(طه من الآية ٨١)

أربعون النفساء وولادة حياة جديدة

إنماء الحياة نعمة تقتصر على الإناث من الكائنات الحية وتحتاج الأم النفساء إلى الراحة والرعاية لمدة أربعين يوما وفى هذه الفترة لا تحيض المرأة.

والآن ما هى العلاقة الكامنة بين أربعين النفساء التى تعقب ولادة حياة جديدة وأربعين الميت؟

إنه الإعتقاد بالعلاقة بين المهد واللحد. هى العلاقة الوطيدة وبها يتصل المسبب بالسبب.

فالموت هو تجديد لحياة جسم تأكل بفعل التراكم والتقادم والتلف النسيجى.

٧٧

عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : بين النفختين أربعون ويبلى كل شيىء من الإنسان إلا عجب ذنبه فيه يركب الخلق ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل (متفق عليه) وفى هذا القول نزوع إلى أربعين الميت حيث تستحيل الجثه إلى هيكل عظمى بعد النهش الجرثومى لها.

أربعون الميت

هذه العادة التقليدية والمألوفة تشمل جميع المؤمنين فى مهد الديانات ومهد الحضارات مهما تنوعت واختلفت ، وخلاصة القول أن الأساس المادى والكيماوى للمادة الحياتية الوراثية تتشكل من الحمض النووى د. ن. أوبانحلال الخلايا الجسدية بواسطة الكائنات الناهشة المفككة كالبكتريات الناهشة للجثث والبقايا الحيوانية والمعروفة باسم النيكروفورا والتى تكمل مهمتها فى مدة أربعين يوما.

قال تعال فى سورة القصص : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٤)

(القصص)

فى تفسير هذه الآية : آتيناه أى موسى.

بلغ أشده : وهو ٣٠ سنة.

واستوى : أى بلغ أربعين سنة.

قال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١٥)

(الأحقاف)

إن مدة حمل المرأة للوليد ٢٨٠ يوما أى ٤٠* ٧ يوما.

مدة الحجر الصحى للمسافرين والماشية ٤٠ يوما.

تقضى الأنظمة الصحية باحتجاز الحيوان العاض المشتبه به ٤٠ يوما فداء الكلب ناتج من عضة كلب مسعور.

٧٨

الصوم والعدد ٤٠

قال الله تعالى : (* وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ ....) (١٤٢)

(الأعراف)

وذلك أن موسى عليه‌السلام نام لياليها وصام نهارها حتى صفت نفسه.

قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من أخلص العبادة لله أربعين يوما فتح الله قلبه وشرح صدره وأطلق لسانه بالحكمة ولو كان أعجميا.

٧٩

مدخل إلى الإعجاز العددى فى الكيمياء

كما أن كل كلمة فى لغتنا العربية عبارة عن تسلسل معين واختيار مسبق لمجموعة من العناصر الكيمائية.

وكما أن ترتيب الحروف فى الكلمات يعطى المعنى النهائى للجمل والعبارات فإن ترتيب ذرات العناصر فى التفاعلات الكيميائية يعطى الناتج النهائى للمركب الذى ترغب فى التوصل إليه. وكما أن للحروف أبجدية بترتيب معين فإن للعناصر أيضا أبجدية بترتيب خاص بها. ففى القرن التاسع عشر انبثقت أول محاولة لتقسيم العناصر الكيميائية من خلال التفرقة بين حالات المادة الثلاثة : صلبة وسائلة وغازية ، وهذا التقسيم لم يفد كثيرا فى دراسة الكيمياء حيث أن معظم العناصر مواد صلبة. ثم لجأ العلماء إلى تقسيم العناصر إلى فلزات ولا فلزات ، وهذا التقسيم لم يضع حد فاصل بين الفلزات والافلزات ، ثم لجأ العلماء لتقسيم العناصر تبعا للتزايد فى كتلتها الذرية (الجدول الدورى لمندليف) وأصبح الجدول مكون من مجموعات رأسية ودورات أفقيية.

وهذا الترتيب حسب تشابه العناصر فى الخواص الكيميائية والفيزيائية وتدرج الخواص بها.

ثم طور العلماء هذا الجدول على أساس التصاعد فى العدد الذرى للعنصر والعدد الذرى هو عدد البروتونات فى نواة العنصر أو عدد الإلكترونات التى تدور حول نواة هذا العنصر.

ويتكون الجدول الدورى الحديث من ١٨ مجموعة رأسية حيث يتشابه عناصر المجموعة فى الخواص ولكن يوجد تدرج فى هذه الخواص.

كما يتكون من ٧ دورات أفقية حيث تتدرج الخواص من فلزية تقل بالتدريج إلى لا فلزية تزداد بالتدريج.

وقد سهل هذا التقسيم أو التصنيف دراسة العناصر.

والعناصر من الأيدروجين رقم ١ إلى الرصاص رقم ٨٢ هى عناصر متواجدة فى الطبيعة.

٨٠