في رحاب الزيارة الجامعة

السيد علي الحسيني الصدر

في رحاب الزيارة الجامعة

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الغدير
المطبعة: سرور
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7165-40-4
الصفحات: ٧٠٤

.........................................

____________________________________

الدار ساعة ، ثمّ دخلت البيت وهو يلتقط شيئاً وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت. فقلت : جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقطه أيّ شيء هو؟

فقال : «فضلة من زَغَب (١) الملائكة نجمعه إذا خلونا ، نجعله سيحاً (٢) لأولادنا».

فقلت : جعلت فداك وإنّهم ليأتونكم؟

فقال : «يا أبا حمزة إنّهم ليزاحمونا على تكأتنا» (٣).

٤ ـ علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : سمعته يقول : «ما من ملك يهبطه الله في أمر ، ما يهبطه إلاّ بدأ بالإمام فعرض ذلك عليه ، وإنّ مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر» (٤).

٥ ـ حبيب بن مظاهر الأسدي أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام : أيّ شيء كنتم قبل أن يخلق الله آدم عليه السلام؟ قال : «كنّا اشباح نور ندور حول عرش الرحمن ، فنعلّم الملائكة ، التسبيح والتهليل والتحميد» (٥).

٦ ـ عبد الله بن عجلان السكوني قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله صلوات الله عليهم ، وسقف بيتهم عرش ربّ العالمين وفي قعر بيوتهم فُرجة مكشوطة إلى العرش ، معراج الوحي والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساءً ، وفي كلّ ساعة وطرفة عين ، والملائكة لا ينقطع فوجهم ، فوج ينزل وفوج يصعد.

وإنّ الله تبارك وتعالى كشط لإبراهيم عليه السلام عن السماوات حتّى أبصر العرش وزاد

__________________

(١) الزغب بفتحتين : صغار الريش وليّنه أوّل ما ينبت.

(٢) جاء في هامش الكافي إنّه بالياء ضرب من البرود ، أو بالباء بمعنى السبحة.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٣٩٤ ح ٣.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٣٩٤ ح ٤.

(٥) بحار الأنوار : ج ٦٠ ص ٣١١ ب ٤٠ الحديث.

٤١

.........................................

____________________________________

الله في قوّة ناظره.

وإنّ الله زاد في قوّة ناظرة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم وكانوا يبصرون العرش (١) ولايجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش ، فبيوتهم مسقّفة بعرش الرحمن ، ومعارج معراج الملائكة والروح فوج بعد فوج لا إنقطاع لهم ، وما من بيت من بيوت الأئمّة منّا إلاّ وفيه معراج الملائكة لقول الله : (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٢).

قال : قلت : من كلّ أمر؟

قال : بكلّ أمر.

قلت : هذا التنزيل؟

قال : نعم (٣).

__________________

(١) أي يبصرون ملكوت السماوات والأرض ، أو يدركون علوم الله تعالى ومعارفه وآياته كما أفاده في حاشية البحار.

(٢) سورة القدر : الآية ٤ و ٥.

(٣) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٩٧ ب ح ٧١.

٤٢

وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ (١)

____________________________________

(١) ـ المهبِط بكسر الباء على وزن مسجد بمعنى محلّ الهبوط والنزول ، أي محلّ نزول الوحي وهبوطه.

وفسّر الوحي في اللغة بأنّه هو كلّ ما ألقيته إلى غيرك بإشارة أو كتابة أو رسالة أو إلهام أو خفيّ كلام (١).

وذكر في المرآة (٢) : مجيء الوحي بمعنى الإلهام في مثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ ...) (٣) واستقصى في المفردات (٤) معاني الوحي أنّه قد يكون بالإلهام كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ ...) (٥) أو بمنام كما في قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ) (٦) أو بتسخير كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ...) (٧) أو برسول كما في تبليغ جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله ، أو سماع كلام من معاينة كسماع موسى كلام الله تعالى.

والذي يفضي إليه التحقيق ويناسب آي الكتاب الكريم هو ما جاء في السفينة (٨) ما حاصله : أنّ وحيه تعالى منحصر في الإلهام والإلقاء في المنام ، وخلق الصوت ، وإرسال الملك.

فينتج «إنّ ما جاء من الله تعالى بالإلهام أو المنام أو الصوت أو الملك لأي شخص خصوصاً إذا كان رسولاً يكون وحياً».

وأهل البيت عليهم السلام مهبط هذا الوحي الإلهي.

إمّا باعتبار نزول الوحي على سيّدهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله كما تلاحظه في

__________________

(١) مجمع البحرين : ص ٩١.

(٢) مرآة الأنوار : ص ٢٢٢.

(٣) سورة المائدة : الآية ١١١.

(٤) مفردات الراغب : ص ٥١٥.

(٥) سورة القصص : الآية ٧.

(٦) سورة الأنبياء : الآية ٢٥.

(٧) سورة النحل : الآية ٦٨.

(٨) سفينة البحار : ج ٨ ص ٤٢٠.

٤٣

.........................................

____________________________________

حديث الحكم بن عتيبة قال : لقي رجل الحسين بن علي عليهما السلام بالثعلبية وهو يريد كربلاء ، فدخل عليه فسلّم عليه.

فقال له الحسين عليه السلام : من أي البلاد أنت؟

قال : من أهل الكوفة.

قال : أما والله يا أخا أهل الكوفة ، لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل عليه السلام من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي ، يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا ، فعلموا وجهلنا؟! هذا ما لا يكون (١).

أو باعتبار نزول الوحي عليهم أيضاً بالمعنى الأعمّ في ليلة القدر كما تلاحظه في حديث الحسن بن العبّاس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الله عزّوجلّ في ليلة القدر : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (٢). يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنّما هو شيء واحد فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّ وجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت.

إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الاُمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا.

وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّ وجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ، ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٣٩٨ ح ٢.

(٢) سورة الدخان : الآية ٤.

٤٤

.........................................

____________________________________

اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١) ـ (٢).

ويضاف إلى ذلك أحاديث تفسير سورة القدر (٣) وأحاديث تفسير (٤) آية (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) (٥). وحديث عبد الله بن عجلان السكوني المتقدّم (٦).

__________________

(١) سورة لقمان : الآية ٢٧.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٤٨ ح ٣.

(٣) تفسير الكنز : ج ١٤ ص ٣٥٩.

(٤) تفسير الكنز : ج ١٢ ص ٤٦٩.

(٥) سورة النجم : الآية ٣ ـ ٤.

(٦) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٩٧ ب ٣ ح ٧١.

٤٥

وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ (١)

____________________________________

(١) ـ المعدِن بكسر الدال في الأصل بمعنى محلّ إستقرار الجواهر وإفاضتها ... كما في اللغة.

والرحمة هي الإحسان والإنعام والإفضال على الغير (١).

ومعدنية أهل البيت عليهم السلام للرحمة الإلهية تكون لوجوه :

(الف) : لأجل أنّهم مظاهر رحمة الله على الخلق ، والشفقة على الرعيّة ، وقد بلغت رحمتهم الغاية والنهاية ، فكانوا معادن الرحمة. وقد بعث جدّهم رحمةً للعالمين وهم ورثته واُرومته ، قال عزّ إسمه : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (٢) وقد وصفه الله تعالى بقوله : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (٣).

وقد بُعث لإسعاد الخلق وصلاح معاشهم ومعادهم هو وأهل بيته عليهم السلام كما تلاحظه في تفسير قوله تعالى (رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (٤).

وتلاحظ رحمتهم وشفقتهم بوضوح في سيرتهم الشريفة.

(ب) : لأجل إنّ الرحمة الربّانية الخاصّة والعامّة في هذا الكون حتّى الأمطار والأرزاق إنّما تنزل بسببهم وواسطتهم وبركتهم ويمنهم وفيض وجودهم كما يدلّ عليه حديث الكساء الشريف (٥) الذي ورد فيه : «فقال الله عزّ وجلّ : يا ملائكتي

__________________

(١) المفردات : ص ١٩١.

(٢) سورة الأنبياء : الآية ١٠٧.

(٣) سورة التوبة : الآية ١٢٨.

(٤) تفسير الكنز : ج ٨ ص ٤٨٤.

(٥) بسنده التامّ ومتنه الشريف الوارد في العوالم : ج ١١ قسم ٢ ص ٩٣٣.

علماً بأنّ السند مشتمل على أعاظم علماءنا وأكابر فقهاءنا فهو هكذا :

قال الشيخ عبد الله البحراني صاحب العوالم : رأيت بخطّ الشيخ الجليل البحراني عن شيخه الجليل السيّد ماجد البحراني ، عن الشيخ الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، عن شيخه المقدّس الأردبيلي ، عن شيخه علي بن عبد العالي الكركي ، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري ، عن الشيخ أحمد بن فهد

٤٦

.........................................

____________________________________

ويا سكّان سماواتي إنّي ما خلقت سماءً مبنيّة ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلاّ في محبّة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء ...».

ويُرشد إليه أيضاً الحديث الشريف المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن كلام ربّ العزّة مخاطباً رسوله الكريم : «وعزّتي وجلالي لولاك ما خلقت الأفلاك ...» (١).

__________________

الحلّي ، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري ، عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشهيد الأول ، عن أبيه ، عن فخر المحقّقين ، عن شيخه ووالده العلاّمة الحلّي ، عن شيخه المحقّق ، عن شيخه ابن نما الحلّي ، عن شيخه محمّد بن إدريس الحلّي، عن ابن حمزة الطوسي صاحب ثاقب المناقب ، عن الشيخ الجليل محمّد ابن شهر آشوب ، عن الطبرسي صاحب الاحتجاج ، عن شيخه الجليل الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه شيخ الطائفة الحقّة ، عن شيخه المفيد ، عن شيخه ابن قولويه القمّي ، عن شيخه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن قاسم بن يحيى الجلاء الكوفي ، عن أبي بصير ، عن أبان بن تغلب ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر ابن عبد الله الأنصاري رحمة الله عليهم أجمعين أنّه قال : سمعت فاطمة الزهراء عليها سلام الله ... إلخ.

هذا وقد جاء هذا السند والمتن للحديث الشريف في هامش إحقاق الحقّ أيضاً : ج ٢ ص ٥٥٤ ثمّ أفاد أنّ ممّن نقل المتن العلاّمة الجليل الثقة الثبت الشيخ الطريحي في المنتخب ، وكذا العلاّمة الجليل الديلمي صاحب الإرشاد في الغرر والدرر.

(١) بحار الأنوار : ج ١٥ ص ٢٨ ب ١ ح ٤٨ وقد حكى الحديث الشريف عن كتابه الجنّة العاصمة في تاريخ فاطمة عليها السلام : ص ١٤٨ للسيّد مير جهاني ، نقلاً عن مخطوطة (كشف اللئالي) لابن العرندس الحلّي الذي هو من علماء وشعراء القرن التاسع الهجري كما تلاحظ ترجمته في كتاب الغدير : ج ٧ ص ١٣.

٤٧

.........................................

____________________________________

ويدلّ على هذا المعنى أيضاً حديث مروان بن صباح قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدلّ عليه وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء وينبت عُشب الأرض ، وبعبادتنا عُبد الله ولو لا نحن ما عبد الله» (١).

وفي الزيارة الحسينية الشريفة المروية عن الإمام الصادق عليه السلام بسند صحيح : «بكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأرض ثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزّل الله الغيث ، وبكم تسبّح الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقرّ جبالها عن [على] مراسيها» (٢).

(ج) : لأجل أنّهم لو لم يكونوا على الأرض لساخت وإنخسفت الأرض بأهلها ، وماجت كما تموج البحار كما ورد في حديث أبي حمزة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :

__________________

وجاء الحديث الشريف في العوالم : ج ٧ قسم ١ ص ٣٥٠ ، وعلل الشرائع : ج ١ ص ١٧٣.

واعلم أنّه لا إشكال في دخول لو لا في هذا الحديث على الضمير كما توهّمه بعض المغرضين ، بل هو صحيح لغةً كما نصّ عليه في المعجم الوسيط : ج ٢ ص ١٤٧ بل يدلّ على فصاحته مضافاً إلى صحّته الإستعمال القرآني في قوله عزّ إسمه في سورة سبأ : الآية ٣١ (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ).

وفي الجنّة العاصمة بسند آخر «يا أحمد لو لاك لما خلقت الأفلاك ، ولو لا علي لما خلقتك ، ولو لا فاطمة لما خلقتكما ...».

(١) الكافي : ج ١ ص ١٤٤ ح ٥.

(٢) الكافي : ج ٤ ص ٥٧٥ ح ٢ ، والفقيه : ج ٢ ص ٥٩٦ ب ٢ ح ٣١٩٩ ، والتهذيب : ج ٦ ص ٥٥ ب ١٦ ح ١.

٤٨

.........................................

____________________________________

أتبقي الأرض بغير إمام؟

قال : «لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت» (١).

وحديث محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت له : أتبقى الأرض بغير إمام؟

قال : لا.

قلت : فإنّا نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنّها لا تبقى بغير إمام إلاّ أن يسخط الله تعالى على أهل الأرض أو على العباد.

فقال : لا ، لا تبقى ، إذاً لساخت (٢).

وحديث أبي هراشه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «لو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهل» (٣).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ١٧٩ ح ١٠.

(٢) الكافي : ج ١ ص ١٧٩ ح ١١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ١٧٨ ح ١٢.

٤٩

وَخُزّانَ الْعِلْمِ (١)

____________________________________

(١) ـ الخزّان والخزنة : جمع خازن مأخوذ من الخَزن بسكون الزاء ، وهو حفظ الشيء في الخزانة.

وأهل البيت عليهم السلام خزنة العلم وحفظة العلوم الإلهية ، والأسرار الربّانية ، والمعارف الحقيقية ، وما جرى على ألسنة الأنبياء عليهم السلام ، وما إشتملت عليه الكتب المقدّسة ، وما أفاضه الله على جدّهم الأكرم صلى الله عليه وآله من علم ما كان ، وما يكون ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وما ينزل في ليلة القدر ...

جميع ذلك مخزون محفوظ عندهم سلام الله عليهم ، فهم حملة علم الله وعيبة وحيه وهم الراسخون في العلم ، والذين آتاهم الله العلم من لدنه ، فعلمهم حضوري لدُنّي وليس بإكتسابي أو تحصيلي ، وهو موهوب لهم من الله العلاّم وليس بتعلّم من الأنام.

وقد نطق الكتاب العزيز في عدّة آيات شريفة بعلمهم الحضوري كما إستدلّ به الشيخ المظفّر قدس سره (١) منها :

١ ـ قوله تعالى : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٢) المفسّر بهم سلام الله عليهم كما تلاحظه في حديث عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمّة من بعده عليهم السلام» (٣).

والرسوخ في العلم بمعنى الثبوت فيه والتمكّن منه ، والراسخ في العلم هو المتمكّن فيه ، والذي لا تعرض شبهة له.

فيلزم أن يكونوا عارفين به حتّى يرسخوا فيه ، إذ كيف يرسخون فيما لا يعرفون

__________________

(١) علم الإمام : ص ٢٧.

(٢) سورة آل عمران : الآية ٧.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢١٣ باب إنّ الراسخين في العلم هم الأئمّة عليهم السلام ح ٣ وفيه أحاديث ثلاثة.

٥٠

.........................................

____________________________________

أو فيما يلزم عليهم أن يتعلّمونه من تأويل الآيات ، فرسوخهم يقتضي حضور العلم عندهم.

٢ ـ قوله تعالى : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (١) فقد فسّر بهم عليهم السلام في حديث هارون بم حمزة ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : «هم الأئمّة عليهم السلام خاصّة» (٢).

ولو لم يكن علمهم حاضراً لما صدق عليهم أنّهم اُوتوا العلم ، وكيف يكون ثابتاً في صدورهم لو لم يعلموا من لدن حكيم خبير.

٣ ـ قوله تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ) (٣) فقد دلّت هذه الآية المباركة على أنّ النبي صلى الله عليه وآله لا ينطق إلاّ عن الوحي ، وتعليم من الله عزّ وجلّ ، من دون أن يذكر لذلك التعليم حدّاً وللوحي قيداً .. علماً بأنّ حديث أهل البيت عليهم السلام حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وينتهي إلى الله عزّ وجلّ كما صرّحت به الأحاديث العديدة منها :

حديث هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيره قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : «حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن , وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله قول الله عزّ وجلّ» (٤).

هذا كتاباً ، وأمّا سنّةً فقد ثبتت حضورية علمهم بالأدلّة القطعيّة المتظافرة المبيّنة

__________________

(١) سورة العنكبوت : الآية ٤٩.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢١٤ ، باب إنّ الأئمّة قد اُوتوا العلم وأثبت في صدورهم ح ٤ وفيه خمس أحاديث.

(٣) سورة النجم : الآيات ٣ ـ ٥.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٥٣ ح ١٤.

٥١

.........................................

____________________________________

أنّ الأئمّة المعصومين ورثوا علم الكتاب وعلم النبي وعلم جميع الأنبياء وأوصيائهم ، وأنّهم خزّان العلوم وحفظة المعارف ومعادن الحقائق ، فهم كالرسول في مستسقى العلم وبمرتبته في منار الوحي.

وتلاحظ أبواب علومهم ، ومصادر معارفهم ، ووجوه معالمهم في أحاديثنا المتواترة الشريفة ، وأدلّة بيان أنّهم يعلمون ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وتعليم أبواب العلم لهم حتّى ينفتح من كلّ باب الف الف باب ، وإنّ عندهم كتاب علي عليه السلام ومصحف فاطمة (سلام الله عليها) ، والجفر الأبيض والجفر الأحمر ، والجامعة التي تحتوي على كلّ شيء وما يحتاج إلىه الخلق إلى يوم القيامة ، وعندهم على المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب والمواليد ، وأمامهم عمود النور الذي يرون فيه جميع الأعمال في جميع البلاد.

وعندهم كتب الأنبياء وصحفهم وذخائر علمهم كألواح موسى ، وتابوت بني إسرائيل الذي فيه الحكمة والعلم ؛ وأنّه يُنقر في أسماعهم ، ويُبيّن لهم في آذانهم ، وينكت في قلوبهم ، وأنّهم محدَّثون مفهّمون ويعلمون كلّ ما يشاؤون بإذن الله حتّى العلوم المكنونة المخزونة.

ويضاف إلى ذلك علمهم في ليلة القدر وليلة الجمعة ، وفي كلّ يوم وليلة ويعلمون متى يموتون ولا يخفى عليهم ذلك ولكن يخيّرون من قبل الله تعالى فيختارون لقائه (١).

وعلى الجملة فهم خزّان علم الله ، وخزانة وحيه ، والمرضيين لغيبه.

ونحن نختار من روايات بيان علمهم نبذةً نتبرّك بها ، وهي التي وَسَمناها

__________________

(١) وسيأتي بيان شأنهم في علم الغيب في فقرة : «وارتضاكم لغيبه».

٥٢

.........................................

____________________________________

بالأحاديث الأربعين في علم أهل البيت المعصومين عليهم السلام.

١ ـ حديث عبد الرحمن بن كثير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : «نحن ولاة أمر الله ، وخزنة علم الله ، وعيبة وحي الله» (١).

٢ ـ حديث عبد العزيز بن مسلم في فضل الإمام عن مولانا الرضا عليه السلام جاء فيه : «... وإنّ العبد إذا اختاره الله عزّ وجلّ لاُمور عباده شرح صدره لذلك ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ، وألهمه العلم إلهاماً ، فلم يَعْيَ بعده بجواب ، ولا يحير فيه عن الصواب» (٢).

٣ ـ حديث أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله» (٣).

٤ ـ حديث هارون بن حمزة المتقدّم عن الإمام الصادق عليه السلام قال سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) : «هم الأئمّة عليهم السلام خاصّة» (٤).

٥ ـ حديث علي بن النعمان رفعه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أبو جعفر عليه السلام : «يمصّون الثماد (٥) ويَدَعون النهر العظيم».

قيل له : وما النهر العظيم؟

قال : رسول الله صلى الله عليه وآله والعلم الذي أعطاه الله.

إنّ الله عزّ وجلّ جمع لمحمّد صلى الله عليه وآله سنن النبيّين من آدم وهلمّ جرّاً إلى محمّد صلى الله عليه وآله.

قيل له : وما تلك السنن؟

قال : علم النبيّين بأسره ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله صيّر ذلك كلّه عند أمير المؤمنين عليه السلام.

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ١٩٢ ح ١.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٠٢ ح ١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢١٣ ح ١.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢١٤ ح ٤.

(٥) المصّ هو الشرب بالجذب ، والثمد هو الماء القليل.

٥٣

فقال له رجل : يابن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيّين؟

فقال أبو جعفر عليه السلام : اسمعوا ما يقول! إنّ الله يفتح مسامع من يشاء ، إنّي حدّثته : أنّ الله جمع لمحمّد صلى الله عليه وآله علم النبييّن وأنّه جمع ذلك كلّه عند أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيّين! (١).

٦ ـ حديث المفضّل بن عمر قال : قال ابو عبد الله عليه السلام : «إنّ سليمان ورث داود وإنّ محمدّاً صلى الله عليه وآله ورث سليمان ، وإنّا ورثنا محمّداً ، وإنّ عندنا علم التوارة والإنجيل والزبور ، وتبيان ما في الألواح».

قال : قلت : إنّ هذا لهو العلم؟

قال : «ليس هذا هو العلم ، إنّ العلم الذي يحدث يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة» (٢).

٧ ـ حديث جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «ما ادّعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما اُنزل إلاّ كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمّة من بعده عليهم السلام» (٣).

٨ ـ ما رواه هشام بن الحكم في حديث بُريه (٤) أنّه لمّا جاء معه إلى ابي عبد الله عليه السلام فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام فحكى له هشام الحكاية ، فلمّا فرغ قال أبو الحسن عليه السلام لبريه : يابريه كيف علمك بكتابك؟

قال : أنا به عالم ، ثمّ قال : كيف ثقتك بتأويله؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه.

قال : فابتدأ أبو الحسن عليه السلام يقرأ الإنجيل.

فقال بريه : إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك (٥).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٢٢ ح ٦.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٢٤ ح ٣.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٢٨ ح ١.

(٤) في بعض النسخ : بريهة.

(٥) وفي حديث البحار إضافة : وما قرأ مثل هذه القراءة إلاّ المسيح.

٥٤

.........................................

____________________________________

قال : فآمن بريه وحسن إيمانه ، وآمنت المرأة التي كانت معه.

فدخل هشام وبريه والمرأة على ابي عبد الله عليه السلام فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى عليه السلام وبين بُريه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١).

فقال بُريه : أنّى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء؟

قال : «هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤها ونقولها كما قالوا ، إنّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري» (٢).

٩ ـ حديث جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إنّ اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وإنّما كان عند آصف منها حر واحد فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السرير بيده ، ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين.

ونحن عندنا من الإسم الأعظم إثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم» (٣).

١٠ ـ حديث أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : جعلت فداك إنّي أسألك عن مسألة ، ها هنا أحدٌ يسمع كلامي؟

قال : فرفع أبو عبد الله عليه السلام ستراً بينه وبين بيت آخر فأطلع فيه ثمّ قال : يا أبا محمّد سل عمّا بدا لك.

قال : قلت : جعلت فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله علّم عليّاً عليه السلام باباً يفتح له منه الف باب؟

__________________

(١) سورة آل عمران : الآية ٣٤.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٢٧ ح ١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٣٠ ح ١.

٥٥

.........................................

____________________________________

قال : فقال : يا أبا محمّد علّم رسول الله صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام الف باب يفتح من كلّ باب الف باب.

قال : قلت : هذا والله العلم.

قال : فنكت ساعة في الأرض ثمّ قال : إنّه لعلم وما هو بذاك.

قال : ثمّ قال : يا أبا محمّد وإنّ عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة؟

قال : قلت : جعلت فداك وما الجامعة؟

قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه ـ اي من شقّ فمه المبارك ـ وخطّ علي بيمينه ، فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج الناس إليه حتّى الأرش في الخدش ، وضرب بيده إليّ فقال : تأذن لي يا أبا محمّد؟

قال : قلت : جعلت فداك إنّما أنا لك فاصنع ما شئت.

قال : فغمزني بيده وقال : حتّى أرش هذا ـ كأنّه مغضب ـ.

قال : قلت : هذا والله العلم قال : إنّه لعلم وليس بذاك ، ثمّ سكت ساعة.

ثمّ قال : وإنّ عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟

قال : قلت : وما الجفر؟

قال : وعاء من أدم فيه علم النبيّين والوصيّين ، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل.

قال : قلت : إنّ هذا هو العلم.

قال : إنّه لعلم وليس بذاك ، ثمّ سكت ساعة.

ثمّ قال : وإنّ عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟

قال : قلت : وما مصحف فاطمة عليها السلام؟

قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحى ، قال : قلت : هذا والله العلم.

٥٦

.........................................

____________________________________

قال : إنّه لعلم وما هو بذاك ، ثمّ سكت ساعة.

ثمّ قال : إنّ عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة.

قال : قلت : جعلت فداك هذا والله هو العلم.

قال : إنّه لعلم وليس بذاك.

قال : قلت : جعلت فداك فأي شيء العلم؟

قال : ما يحدث بالليل والنهار ، الأمر من بعد الأمر ، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة (١).

١١ ـ حديث أبي عبيدة قال : سأل أبا عبد الله عليه السلام بعضُ أصحابنا عن الجفر؟

فقال : هو جلد ثور مملوٌ علماً.

قال له : فالجامعة؟

قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج (٢) ، فيها كلّ ما يحتاج الناس إليه ، وليس من قضية إلاّ وهي فيها ، حتّى أرش الخدش.

قال : فمصحف فاطمة؟

قال : فسكت طويلاً ثمّ قال : إنّكم لتجثون (٣) عمّا تريدون وعمّا لا تريدون ، إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوماً وكان دخلها حزنٌ شديد على أبيها وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيِّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة عليها السلام» (٤).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٣٨ ح ١.

(٢) الفالج هو الجمل العظيم ذو السنامين.

(٣) في مرآة العقول : لتبحثون ولعلّه الأصل.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٤١ ح ٥.

٥٧

.........................................

____________________________________

١٢ ـ حديث فضيل بن سكرة قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال : يا فضيل أتدري في اي شيء كنت أنظر قُبيل؟

قال : قلت : لا.

قال : كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام ، ليس من ملك يملك [الأرض] إلاّ وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه وما وجدت لولد الحسن عليه السلام فيه شيئاً» (١).

١٣ ـ حديث الحسن بن العبّاس بن الحريش المتقدّم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الله عزّ وجلّ في ليلة القدر : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (٢) يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّ وجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت.

أنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الاُمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنّه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّ وجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون ، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر.

ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٣) ـ (٤).

١٤ ـ حديث المفضّل قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام ذات يوم وكان لا يكنّيني قبل ذلك : يا أبا عبد الله.

قال : قلت : لبّيك.

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٤٢ ح ٨.

(٢) سورة الدخان : الآية ٤.

(٣) سورة لقمان الآية ٢٧.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٤٨ ح ٣.

٥٨

................................

____________________________________

قال : إنّ لنا في كلّ ليلة جمعة سروراً.

قلت : زادك الله وما ذاك؟

قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافي الأئمّة عليهم السلام معه ووافينا معهم ، فلا تردّ أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ، ولو لا ذلك لأنفدنا (١).

١٥ ـ حديث يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «ليس يخرج شيء من عند الله عزّ وجلّ حتّى يبدأ برسول الله صلى الله عليه وآله ثمّ بأمير المؤمنين عليه السلام ثمّ بواحد بعد واحدٍ لكي لا يكون آخرنا أعلم من أوّلنا» (٢).

١٦ ـ حديث سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إنّ لله تبارك وتعالى علمين : علماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله ، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبيائه فقد علّمناه.

وعلماً استأثر به فإذا بدا لله في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمّة الذين كانوا من قبلنا» (٣).

١٧ ـ حديث حمران بن أعين أنّه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (٤).

قال أبو جعفر عليه السلام : إنّ الله عزّ وجلّ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهنّ سماوات ولا أرضون ، أما تسمع لقوله تعالى : (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (٥).

فقال له حمران : أرأيت قوله جلّ ذكره : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٥٤ ح ٢.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٥٥ ح ٤.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٥٥ ح ١.

(٤) سورة البقرة : الآية ١١٧.

(٥) سورة هود : الآية ٧.

٥٩

.........................................

____________________________________

أَحَدًا) (١).

فقال أبو جعفر عليه السلام : (إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ) وكان والله محمدّة صلى الله عليه وآله ممّن إرتضاه. وأمّا قوله : (عَالِمُ الْغَيْبِ) فإنّ الله عزّ وجلّ عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدّر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه ، وقبل أن يُفضيه إلى الملائكة فذلك ياحمران علم موقوف عنده ، إليه في المشيئة فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه ، فأمّا العلم الذي يقدّره الله عزّ وجلّ فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثمّ إلينا (٢).

١٨ ـ حديث أبي عبيدة المدائني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إذا أراد الإمام أن يعلم شيئاً أعلمه الله ذلك» (٣).

١٩ ـ حديث الحسن بن الجهم قال : قلت للرضا عليه السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه ، وقوله لمّا سمع صياح الأوز في الدار : صوائح تتبعها نوائح ، وقول اُمّ كلثوم : لو صلّيت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلّي بالناس ، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام أنّ ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف ، كان هذا ممّا لم يجز تعرّضه.

فقال : ذلك كان ، ولكنّه خُيّر في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عزّ وجلّ (٤).

٢٠ ـ حديث عبد الأعلى وأبي عبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنّي لأعلم ما في السماوات وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة وأعلم ما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون.

__________________

(١) سورة الجنّ : الآية ٢٦.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٥٦ ح ٢.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٥٨ ح ٣.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٥٩ ح ٤.

٦٠