في رحاب الزيارة الجامعة

السيد علي الحسيني الصدر

في رحاب الزيارة الجامعة

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الغدير
المطبعة: سرور
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7165-40-4
الصفحات: ٧٠٤

__________________

(اللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ بُقْعَةٌ طَهَّرْتَهَا وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَهَا وَمَعَالِمُ زَكَّيْتَهَا حَيْثُ أَظْهَرْتَ فِيهَا أَدِلَّةَ التَّوْحِيدِ وَأَشْبَاحَ الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مُلُوكاً لِحِفْظِ النِّظَامِ‏ وَاخْتَرْتَهُمْ رُؤَسَاءَ لِجَمِيعِ الْأَنَامِ وَبَعَثْتَهُمْ لِقِيَامِ الْقِسْطِ فِي ابْتِدَاءِ الْوُجُودِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنَابَةِ أَنْبِيَائِكَ لِحِفْظِ شَرَائِعِكَ وَأَحْكَامِكَ‏ فَأَكْمَلْتَ بِاسْتِخْلاَفِهِمْ رِسَالَةَ الْمُنْذِرِينَ كَمَا أَوْجَبْتَ رِئَاسَتَهُمْ فِي فِطَرِ الْمُكَلَّفِينَ‏ فَسُبْحَانَكَ مِنْ إِلَهٍ مَا أَرْأَفَكَ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ مِنْ مَلِكٍ مَا أَعْدَلَكَ‏ حَيْثُ طَابَقَ صُنْعُكَ مَا فَطَرْتَ عَلَيْهِ الْعُقُولَ وَوَافَقَ حُكْمُكَ مَا قَرَّرْتَهُ فِي الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ‏ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى تَقْدِيرِكَ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَلَكَ الشُّكْرُ عَلَى قَضَائِكَ الْمُعَلَّلِ بِأَكْمَلِ التَّعْلِيلِ‏ فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ يُسْأَلُ عَنْ فَعْلِهِ وَلاَ يُنَازَعُ فِي أَمْرِهِ‏ وَسُبْحَانَ مَنْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قَبْلَ ابْتِدَاءِ خَلْقِهِ‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِحُكَّامٍ يَقُومُونَ مَقَامَهُ لَوْ كَانَ حَاضِراً فِي الْمَكَانِ‏ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الَّذِي شَرَّفَنَا بِأَوْصِيَاءَ يَحْفَظُونَ الشَّرَائِعَ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ‏ وَاللَّهُ أَكْبَرُ الَّذِي أَظْهَرَهُمْ لَنَا بِمُعْجِزَاتٍ يَعْجِزُ عَنْهَا الثَّقَلاَنِ‏ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الَّذِي أَجْرَانَا عَلَى عَوَائِدِهِ الْجَمِيلَةِ فِي الْأُمَمِ السَّالِفِينَ‏ اللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ الْعَلِيُّ كَمَا وَجَبَ لِوَجْهِكَ الْبَقَاءُ السَّرْمَدِيُ‏ وَكَمَا جَعَلْتَ نَبِيَّنَا خَيْرَ النَّبِيِّينَ وَمُلُوكَنَا أَفْضَلَ الْمَخْلُوقِينَ وَاخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ‏ وَفِّقْنَا لِلسَّعْيِ إِلَى أَبْوَابِهِمُ الْعَامِرَةِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَاجْعَلْ أَرْوَاحَنَا تَحِنُّ إِلَى مَوْطِئِ أَقْدَامِهِمْ‏ وَنُفُوسَنَا تَهْوِي النَّظَرَ إِلَى مَجَالِسِهِمْ وَعَرَصَاتِهِمْ حَتَّى كَأَنَّنَا نُخَاطِبُهُمْ فِي حُضُورِ أَشْخَاصِهِمْ‏ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سَادَةٍ غَائِبِينَ وَمِنْ سُلاَلَةٍ طَاهِرِينِ وَمِنْ أَئِمَّةٍ مَعْصُومِينَ‏ اللَّهُمَّ فَأْذَنْ لَنَا بِدُخُولِ هَذِهِ الْعَرَصَاتِ الَّتِي اسْتَعْبَدْتَ بِزِيَارَتِهَا أَهْلَ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَاوَاتِ‏ وَأَرْسِلْ دُمُوعَنَا بِخُشُوعِ الْمَهَابَةِ وَذَلِّلْ جَوَارِحَنَا بِذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ وَفَرْضِ الطَّاعَةِ حَتَّى نُقِرَّ بِمَا يَجِبُ لَهُمْ مِنَ الْأَوْصَافِ‏ وَنَعْتَرِفَ بِأَنَّهُمْ شُفَعَاءُ الْخَلاَئِقِ إِذَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ فِي يَوْمِ الْأَعْرَافِ‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ‏).

ثمّ قبّل وادخل وأنت خاشعٌ باكٍ ، فذلك إذن منهم (صلوات الله عليهم أجمعين في الدخول).

٢١

فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : الله أكبر ثلاثين مرّة ، ثمّ إمشِ قليلاً وعليك السكينة والوقار (١) ، وقارب بين خطاك (٢) ، ثمّ قف وكبّر الله عزّ وجلّ ثلاثين ، ثمّ اُذنُ من القبر وكبّر الله أربعين مرّة تمام مائة تكبيرة (٣) ، ثمّ قل (٤) :

__________________

(١) السكينة عبارة عن إطمئنان القلب بذكر عظمة الله وعظمة أوليائه ، والوقار عبارة عن اطمئنان البدن.

(٢) المقاربة بين الخطوات في المشي أمّا لحصول حالة الوقار ، أو هي مع تحصيل كثرة الثواب الذي يعطى لكلّ خطوة في زيارتهم.

(٣) اُقيد أنّ التكبير للدلالة على أنّ العظمة والكبرياء لله تعالى ، ولتزول الوحشة عن الداخل إلى محلّ كبريائهم.

وقيل : لعلّها للإحتراز عمّا قد تورثه هذه المضامين من الغلوّ أو الغفلة عن عظمة الله سبحانه.

لكن لا يمكن المساعدة على هذا الوجه الأخير ، لأنّ المضامين الواردة في الزيارة حقّ محض لا توجب الغلو أصلاً ، بل توجب المعرفة قطعاً ، ومعرفتهم لا توجب الغفلة عن عئمة الله تعالى ، بل تزيد في معرفة الله والقرب إليه.

فلعلّ الصحيح أن يقال : إنّها تكبيرات التعظيم ، لأجل عظمة هذه الزيارة ، فإنّه وإن كانت الزيارات جميعها مهمّة إلاّ إنّ بعضها ذات أهميّة خاصّة ، ولأجلها ورد التكبير في أوّله ، نظير زيارة عاشوراء النازلة من العرش ، المخصوصة بأعظم المصائب ، كما ذكر التكبير لها السيّد الفقيه اليزدي قدس سره ، ونظير زيارة الإمام الحسين عليه السلام المخصوصة في أوّل رجب المشتملة على تلبية الزائر لاستنصار الإمام الحسين عليه السلام عند قوله : «لبّيك داعي الله إن كان لم يُحبك بدني عند إستغاثتك ، ولساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري». وهذه الزيارة الجامعة من هذا القبيل حائزة لأهميّةٍ فائقة باشتمالها على أشرف المضامين المنتقاة ، وأعلى منازل الهداة ، فناسبها تكبير التعظيم.

(٤) اعلم أنّ هذه الزيارة الشريفة مشتملة على خمس تسليمات فتكون فصولها خمسة ، ثمّ تليها ثلاث شهادات بيّناها باُصولها الحقّة ، ثمّ تتّصل بذكر الفضائل العلياء والمناقب الشمّاء المتمثّلة في أهل البيت عليهم السلام.

٢٢

نصّ الزيارة الجامعة

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ ، وَمَهْبِطَ الْوَحْىِ ، وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ ، وَخُزّانَ الْعِلْمِ ، وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ ، وَاُصُولَ الْكَرَمِ ، وَقادَةَ الاْمَمِ ، وَاَوْلِياءَ النِّعَمِ ، وَعَناصِرَ الاْبْرارِ ، وَدَعائِمَ الاْخْيارِ ، وَساسَةَ الْعِبادِ ، وَاَرْكانَ الْبِلادِ ، وَاَبْوابَ الاْيمانِ ، وَاُمَناءَ الرَّحْمنِ ، وَسُلالَةَ النَّبِيّينَ ، وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلينَ ، وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلى اَئِمَّةِ الْهُدى ، وَمَصابيحِ الدُّجى ، وَاَعْلامِ التُّقى ، وَذَوِى النُّهى ، وَاُولِى الْحِجى ، وَكَهْفِ الْوَرى ، وَوَرَثَةِ الاْنْبِياءِ ، وَالْمَثَلِ الاْعْلى ، وَالدَّعْوَةِ الْحُسْنى ، وَحُجَجِ اللهِ عَلى اَهْلِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَالاْولى (١) وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلى مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَساكِنِ بَرَكَةِ اللهِ، وَمَعادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ ، وَاَوْصِياءِ نَبِىِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ اِلَى اللهِ ، وَالأَدِلاّءِ عَلى مَرْضات اللهِ ،

__________________

(١) في العيون : (على أهلِ الآخرة ِ والاُولى).

٢٣

وَالْمُسْتَقِرّينَ (١) فِي اَمْرِ اللهِ (٢) ، وَالتّامّينَ فى مَحَبَّةِ اللهِ ، وَالْمخْلِصينَ في تَوْحيدِ اللهِ ، وَالْمُظْهِرينَ لأَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ ، وَعِبادِهِ الْمُكْرَمينَ الَّذينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِاَمْرِهِ يَعْمَلُونَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الاْئِمَّةِ الدُّعاةِ ، وَالْقادَةِ الْهُداةِ ، وَالسّادَةِ الْوُلاةِ ، وَالذّادَةِ الْحُماةِ ، وَاَهْلِ الذِّكْرِ وَاُولِى الاْمْرِ ، وَبَقِيَّةِ اللهِ وَخِيَرَتِهِ وَحِزْبِهِ وَعَيْبَةِ عِلْمِهِ وَحُجَّتِهِ وَصِراطِهِ وَنُورِهِ وَبُرْهانِهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ كَما شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَتْ لَهُ مَلائِكَتُهُ وَاُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ ، لا اِلهَ اِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكيمُ.

وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُنْتَجَبُ (٣) ، وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضى ، اَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

وَاَشْهَدُ اَنَّكُمُ الاْئِمَّةُ الرّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ الْمُطيعُونَ للهِ ، الْقَوّامُونَ بِاَمْرِهِ ، الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ ، الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ ، اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ ، وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ ، وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ ، وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ ، وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ ، وَخَصَّكُمْ بِبُرْهانِهِ ، وَانْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ (٤) ، وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ ، وَرَضِيَكُمْ خُلَفاء فى اَرْضِهِ ، وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ ، وَاَنْصاراً لِدينِهِ ، وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ ، وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ ، وَمُسْتَوْدَعاً

__________________

(١) في التهذيب : (والمستَوْفرِينَ).

(٢) في العيون إضافة : (ونَهْيه).

(٣) في العيون بدل المنتجب : (المُصطَفى).

(٤) في الفقيه : (بنُورِه).

٢٤

لِحِكْمَتِهِ ، وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ ، وَاَرْكاناً لِتَوْحيدِهِ ، وَشُهَداءَ عَلى خَلْقِهِ ، وَاَعْلاماً لِعِبادِهِ ، وَمَناراً فى بِلادِهِ ، وَاَدِلاّءَ عَلى صِراطِهِ.

عَصَمَكُمُ اللهُ مِنَ الزَّلَلِ ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ ، وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ ، وَاَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ (١) وَطَهَّرَكُمْ تَطْهيراً ، فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ ، وَاَكْبَرْتُمْ (٢) شَأْنَهُ ، وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ ، وَاَدَمْتُمْ (٣) ذِكْرَهُ ، وَوَكَّدْتُمْ (٤) ميثاقَهُ ، وَاَحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ ، وَنَصَحْتُمْ لَهُ فِى السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ ، وَدَعَوْتُمْ اِلى سَبيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فى مَرْضاتِهِ، وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اَصابَكُمْ فى جَنْبِهِ (٥) ، وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ ، وَاَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَجاهَدْتُمْ فِى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى اَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ ، وَبَيَّنْتُمْ فَرائِضَهُ ، وَاَقَمْتُمْ حُدُودَهُ ، وَنَشَرْتُمْ (٦) شَرايِعَ اَحْكامِهِ ، وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ ، وَصِرْتُمْ في ذلِكَ مِنْهُ اِلَى الرِّضا ، وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ ، وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضى ، فَالرّاغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ ، وَاللاّزِمُ لَكُمْ لاحِقٌ ، وَالْمُقَصِّرُ فى حَقِّكُمْ زاهِقٌ ، وَالْحَقُّ مَعَكُمْ وَفيكُمْ وَمِنْكُمْ وَاِلَيْكُمْ وَاَنْتُمْ اَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ ، وَميراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ، وَاِيابُ الْخَلْقِ اِلَيْكُمْ ، وَحِسابُهُمْ (٧) عَلَيْكُمْ ، وَفَصْلُ الْخِطابِ عِنْدَكُمْ ، وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ ، وَعَزائِمُهُ فيكُمْ ، وَنُورُهُ وَبُرْهانُهُ

__________________

(١) في بعض نسخ الفقيه إضافة (اأهلَ البَيت).

(٢) في العيون (وكبّرتم).

(٣) في العيون والفقيه والتهذيب (وأدْمَنْتُم).

(٤) في بعض نسخ الفقيه (وذكّرتُم).

(٥) في بعض نسخ الفقيه (حُبّه).

(٦) في بعض نسخ الفقيه (وفَسَّرتُم).

(٧) في الفقيه (وحسابُهُ).

٢٥

عِنْدَكُمْ ، وَاَمْرُهُ اِلَيْكُمْ ، مَنْ والاكُمْ فَقَدْ والَى اللهَ وَمَنْ عاداكُمْ فَقَدْ عادَ اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ ـ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ ـ وَمَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ.

اَنْتُمُ السَبِيلُ الأَعْظَمُ والصِّراطُ الاْقْوَمُ (١) وَشُهَداءُ دارِ الْفَناءِ ، وَشُفَعاءُ دارِ الْبَقاءِ ، وَالرَّحْمَةُ الْمَوْصُولَةُ ، وَالآيَةُ الْمخْزُونَةُ ، وَالاْمانَةُ الْمحْفُوظَةُ ، وَالْبابُ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ ، مَنْ اَتاكُمْ نَجا وَمَنْ لَمْ يَأتِكُمْ هَلَكَ اِلَى اللهِ تَدْعُونَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ وَبِهِ تُؤْمِنُونَ وَلَهُ تُسَلِّمُونَ وَبِاَمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَاِلى سَبيلِهِ تُرْشِدُونَ وَبِقَوْلِهِ تَحْكُمُونَ ، سَعَدَ (٢) مَنْ والاكُمْ وَهَلَكَ مَنْ عاداكُمْ ، وَخابَ مَنْ جَحَدَكُمْ وَضَلَّ مَنْ فارَقَكُمْ وَفازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ ، وَاَمِنَ مَنْ لَجَأ اِلَيْكُمْ ، وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ ، وَهُدِىَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ ، مَنِ اتَّبَعَكُمْ فَالْجَنَّةُ مَأواهُ ، وَمَنْ خالَفَكُمْ فَالنّارُ مَثْواهُ ، وَمَنْ جَحَدَكُمْ كافِرٌ ، وَمَنْ حارَبَكُمْ مُشْرِكٌ ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ (٣) في اَسْفَلِ دَرْك مِنَ الْجَحيمِ ، اَشْهَدُ اَنَّ هذا سابِقٌ لَكُمْ فيما مَضى وَجارٍ لَكُمْ فيما بَقِىَ وَاَنَّ اَرْواحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطينَتَكُمْ واحِدَةٌ ، طابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُها مِنْ بَعْض ، خَلَقَكُمُ اللهُ اَنْواراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقينَ حَتّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ ، فَجَعَلَكُمْ في بُيُوت اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ ، وَجَعَلَ صَلاَتَنا (٤) عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طِيباً

__________________

(١) في العيون (أنتُمُ السَّبيلُ والصِّراطُ الأقْوَمُ).

(٢) في العيون (سَعَدَ واللهِ مَن والاكُمْ).

(٣) في العيون إضافة (فهُوَ).

(٤) في العيون والفقيه : (صَلَواتِنا).

٢٦

لِخَلْقِنا، وَطَهارَةً لاِنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً (١) لَنا وَكَفّارَةً لِذُنُوبِنا فَكُنّا عِنْدَهُ مُسَلِّمينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفينَ بِتَصْديقِنا اِيّاكُمْ ، فَبَلَغَ اللهُ بِكُمْ اَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ ، وَاَعْلى مَنازِلِ الْمُقَرَّبينَ ، وَاَرْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلينَ ، حَيْثُ لا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ، وَلا يَفُوقُهُ فائِقٌ وَلا يَسْبِقُهُ سابِقٌ وَلا يَطْمَعُ فى اِدْراكِهِ طامِعٌ ، حَتّى لا يَبْقى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَلا نَبِىٌّ مُرْسَلٌ ، وَلا صِدّيقٌ وَلا شَهيدٌ ، وَلا عالِمٌ وَلا جاهِلٌ ، وَلا دَنِىٌّ وَلا فاضِلٌ ، وَلا مُؤْمِنٌ صالِحٌ ، وَلا فِاجِرٌ طالِحٌ ، وَلاجَبّارٌ عَنيدٌ ، وَلا شَيْطانٌ مَريدٌ ، وَلا خَلْقٌ فيما بَيْنَ ذلِكَ شَهيدٌ اِلاّ عَرَّفَهُمْ جَلالَةَ اَمْرِكُمْ ، وَعِظَمَ خَطَرِكُمْ ، وَكِبَرَ شَأنِكُمْ وَتَمامَ نُورِكُمْ ، وَصِدْقَ مَقاعِدِكُمْ ، وَثَباتَ مَقامِكُمْ ، وَشَرَفَ مَحَلِّكُمْ وَمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ ، وَكَرامَتَكُمْ عَلَيْهِ ، وَخاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ ، وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْهُ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَاَهْلى وَمالى وَاُسْرَتى ، اُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ اَنّى مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَبِما آمَنْتُمْ بِهِ ، كافِرٌ بَعَدُوِّكُمْ وَبِما كَفَرْتُمْ بِهِ ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأنِكُمْ وَبِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكُمْ ، مُوالٍ لَكُمْ وَلاِوْلِيائِكُمْ ، مُبْغِضٌ لاِعْدائِكُمْ وَمُعادٍ لَهُمْ ، سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ ، مُحَقِّقٌ لِما حَقَّقْتُمْ ، مُبْطِلٌ لِما اَبْطَلْتُمْ ، مُطيعٌ لَكُمْ ، عارِفٌ بِحَقِّكُمْ ، مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ ـ مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ ـ مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ ، مُعْتَرِفٌ بِكُمْ ، مُؤْمِنٌ بِاِيابِكُمْ ، مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ ، مُنْتَظِرٌ لاِمْرِكُمْ ، مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ ، آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ ، عامِلٌ بِاَمْرِكُمْ ، مُسْتَجيرٌ بِكُمْ زائِرٌ

__________________

(١) في التهذيب (وبَرَكَةً).

٢٧

لَكُمْ ، لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ (١) ، مُسْتَشْفِعٌ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ بِكُمْ ، وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ ، وَمُقَدِّمُكُمْ اَمامَ طَلِبَتى وَحَوائِجى وَاِرادَتى فى كُلِّ اَحْوالي وَاُمُورى ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ وَاَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ ، وَمُفَوِّضٌ فى ذلِكَ كُلِّهِ اِلَيْكُمْ وَمُسَلِّمٌ فيهِ مَعَكُمْ ، وَقَلْبى لَكُمْ مُسَلِّمٌ (٢) ، وَرَأيى لَكُمْ تَبَعٌ ، وَنُصْرَتى لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يُحْيِىَ اللهُ ـ تَعالى ـ دينَهُ بِكُمْ ، وَيَرُدَّكُمْ في اَيّامِهِ ، وَيُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ، وَيُمَكِّنَكُمْ في اَرْضِهِ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ غَيْرِكُمْ (٣) آمَنْتُ بِكُمْ وَتَوَلَّيْتُ آخِرَكُمْ بِما تَوَلَّيْتُ بِهِ اَوَّلَكُمْ ، وَبَرِئْتُ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ مِنْ اَعْدائِكُمْ وَمِنَ الْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَالشَّياطينِ وَحِزْبِهِمُ الظّالِمينَ لَكُمُ ، الْجاحِدينَ (٤) لِحَقِّكُمْ وَالْمارِقينَ مِنْ وِلايَتِكُمْ وَالْغاصِبينَ لاِرْثِكُمُ الشّاكّينَ فيكُمُ (٥) الْمُنْحَرِفينَ عَنْكُمْ (٦) وَمِنْ كُلِّ وَليجَةٍ دُونَكُمْ وَكُلِّ مُطاعٍ سِواكُمْ ، وَمِنَ الاْئِمَّةِ الَّذينَ يَدْعُونَ اِلَى النّارِ فَثَبَّتَنِىَ اللهُ اَبَداً ما حَييتُ عَلى مُوالاتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدينِكُمْ ، وَوَفَّقَنى لِطاعَتِكُمْ ، وَرَزَقَنى شَفاعَتَكُمْ ، وَجَعَلَنى مِنْ خِيارِ مَواليكُمْ التّابِعينَ لِما دَعَوْتُمْ اِلَيْهِ ، وَجَعَلَنى مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثارَكُمْ ، وَيَسْلُكُ سَبيلَكُمْ ، وَيَهْتَدي

__________________

(١) هكذا في الفقيه لكن في العيون (عائذٌ بكمُ لائذٌ بقُبورِكُم).

(٢) في بعض نسخ الفقيه (سَلْمٌ) وفي العيون (مؤمنٌ).

(٣) في العيون وبعض نسخ الفقيه (عدوِّكم).

(٤) في العيون (والجاحِدينَ).

(٥) في البحار (والشاكّينَ فيكُم).

(٦) في البحار (والمنحرفينَ عنكُم).

٢٨

بِهُداكُمْ ، وَيُحْشَرُ فى زُمْرَتِكُمْ ، وَيَكِرُّ فى رَجْعَتِكُمْ ، وَيُمَلَّكُ فى دَوْلَتِكُمْ ، وَيُشَرَّفُ فى عافِيَتِكُمْ ، وَيُمَكَّنُ فى اَيّامِكُمْ ، وَتَقِرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفْسي وَاَهْلي وَمالي (١) ، مَنْ اَرادَ اللهَ بَدَأَ بِكُمْ ، وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ ، مَوالِيَّ لا اُحْصي ثَناءَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ ، وَاَنْتُمْ نُورُ الاْخْيارِ وَهُداةُ الاْبْرارِ وَحُجَجُ الْجَبّارِ ، بِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ ـ اللهُ ـ وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الاْرْضِ اِلاّ بِاِذْنِهِ ، وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ ، وَعِنْدَكُمْ ما نَزَلَتْ بِهِ رُسُلُهُ ، وَهَبَطَتْ بِهِ مَلائِكَتُهُ وَاِلى جَدِّكُمْ.

وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فعوض (وَاِلى جَدِّكُمْ) قُل : (وَاِلى اَخيكَ).

بُعِثَ الرُّوحُ الاْمينُ ، آتاكُمُ اللهُ ما لَمْ يُؤْتِ اَحَداً مِنَ الْعالَمينَ طَأطَاَ كُلُّ شَريفٍ لِشَرَفِكُمْ ، وَنَجَعَ (٢) كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ ، وَخَضَعَ كُلُّ جَبّارٍ لِفَضْلِكُمْ ، وَذَلَّ كُلُّ شَىْءٍ لَكُمْ ، وَاَشْرَقَتِ الاْرْضُ بِنُورِكُمْ، وَفازَ الْفائِزُونَ بِوِلايَتِكُمْ ، بِكُمْ يُسْلَكُ اِلَى الرِّضْوانِ ، وَعَلى مَنْ جَحَدَ وِلايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمنِ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفسي وَاَهْلي وَمالي ، ذِكْرُكُمْ فِى الذّاكِرينَ ، وَاَسْماؤُكُمْ فِى الاْسْماءِ ، وَاَجْسادُكُمْ فِى الاْجْسادِ، وَاَرْواحُكُمْ فِى اْلاَرْواحِ ،

__________________

(١) في التهذيب إضافة (واُسّرَتي).

(٢) في العيون والفقيه (نَجَعَ) وفي التهذيب (بَخَعَ).

٢٩

وَاَنْفُسُكُمْ فِى النُّفُوسِ ، وَآثارُكُمْ فِى الاْثارِ ، وَقُبُورُكُمْ فِى الْقُبُورِ ، فَما اَحْلى اَسْمائَكُمْ ، وَاَكْرَمَ اَنْفُسَكُمْ، وَاَعْظَمَ شَأنَكُمْ ، وَاَجَلَّ خَطَرَكُمْ ، وَاَوْفى عَهْدَكُمْ ـ وَاَصْدَقَ وَعْدَكُمْ ـ (١) كَلامُكُمْ نُورٌ ، وَاَمْرُكُمْ رُشْدٌ ، وَوَصِيَّتُكُمُ التَّقْوى ، وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ ، وَعادَتُكُمُ الاْحْسانُ ، وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ ، وَشَأنُكُمُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ ، وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ ، وَرَأيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ ، اِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ اَوَّلَهُ وَاَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأواهُ وَمُنْتَهاهُ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفْسي (٢) كَيْفَ اَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ ، وَاُحْصي (٣) جَميلَ بَلائِكُمْ ، وَبِكُمْ اَخْرَجَنَا اللهُ مِنَ الذُّلِّ وَفَرَّجَ عَنّا غَمَراتِ الْكُرُوبِ ، وَاَنْقَذَنا مِنْ شَفا جُرُفِ الْهَلَكاتِ وَمِنَ النّارِ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفْسي بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا ، وَاَصْلَحَ ماكانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا ، وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ ، وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ ، وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ ، وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ ، وَلَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْواجِبَةُ ، وَالدَّرَجاتُ الرَّفيعَةُ ، وَالْمَقامُ الْمحْمُودُ ، وَالْمَكانُ الْمَعْلُومُ (٤) عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (٥) ، وَالْجاهُ الْعَظيمُ ، وَالشَّأنُ الْكَرِيمُ (٦) وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ.

__________________

(١) هذا موجود في التهذيب.

(٢) في العيون إضافة (وأهلي ومالي).

(٣) في العيون (وكيف اُحصي).

(٤) في العيون (والمقامُ المحْمُود عندَ اللهِ تعالى والمكانُ المعلومُ) وفي التهذيب (والمكانُ المَحمودُ والمقامُ المعلومُ).

(٥) في العيون بدل عزّ وجلّ (تعالى).

(٦) في العيون بدل الكبير (الرَّفيعُ).

٣٠

رَبَّنا آمَنّا بِما اَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ رَبَّنا لا تُزِ غْ قُلُوبَنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الْوَهّابُ، سُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً.

يا وَلِىَّ اللهِ اِنَّ بَيْنى وَبيْنَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ ذُنُوباً لا يَأتى عَلَيْها اِلاّ رِضاكُمْ ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ وَاسْتَرْعاكُمْ اَمْرَ خَلْقِهِ وَقَرَنَ طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ ، لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبى وَكُنْتُمْ شُفَعائى ، فَاِنّي لَكُمْ مُطيعٌ ، مَنْ اَطاعَكُمْ فَقَدْ اَطاعَ اللهَ ، وَمَنْ عَصاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللهَ ، وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ ، وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ.

اَللّهُمَّ اِنّى لَوْ وَجَدْتُ شُفَعاءَ اَقْرَبَ اِلَيْكَ مِنْ مُحَمِّدٍ وَاَهْلِ بَيْتِهِ الاْخْيارِ الاْئِمَّةِ الاْبْرارِ لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعائي ، فَبِحَقِّهِمُ الَّذى اَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ اَسْاَلُكَ اَنْ تُدْخِلَنى فى جُمْلَةِ الْعارِفينَ بِهِمْ وَبِحَقِّهِمْ ، وَفى زُمْرَةِ الْمَرْحُومينَ بِشَفاعَتِهِمْ ، اِنَّكَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ (١).

__________________

(١) هكذا في الفقيه ، لكن في العيون (وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآلِه حسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل).

٣١
٣٢

شرح الزيارة الجامعة

الفصل الأوّل

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ السلام نوع من التحيّة ، بل هو تحيّة أهل الجنّة ، قال تعالى (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ) : (١).

ومعنى السلام اختلف فيه على وجوه تالية :

فذكر أنّه دعاء بمعنى سَلُمْتَ عن المكاره.

وقيل : أنّ المقصود به معناه ، أي السلامة عليكم ...

وقيل : يُراد من السلام اسم الله تعالى فالمعنى اسم الله عليكم ؛ يعني أنت في حفظه وأمانه ببركة إسمه ، نظير أن يقال : الله معك ، وخاصّية هذا الإسم الشريف الرحمة والسلامة ، فيكون حاصل المعنى : إنّ رحمة الله وسلامته علكم أهل البيت.

ولعلّ الأنسب هو المعنى الأخير يعني تفسيره : «باسم الله تعالى» أي اسم الله عليكم ، ويتمّمه آخر الفصل يعني ورحمة الله وبركاته.

أفاد السيّد شبّر قدس سره (٢) : أنّه اختار الشارع لفظ السلام وجعله تحيّة الإسلام لما

__________________

(١) سورة إبراهيم : الآية ٢٣.

(٢) الأنوار اللامعة : ص ٣٩.

٣٣

.........................................

____________________________________

فيه من المعاني الجامعة ، أو لأنّه مطابق لإسم الله تيمّناً وتبرّكاً ، ويجري هذا المعنى في التسليمات الآتية أيضاً.

واعلم أنّه يجوز الإتيان بالسلام منكّراً ومعرّفاً ، تبعاً للكتاب الكريم في قوله تعالى : (وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ) (١) وقوله سبحانه : (وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ) (٢) ولعلّ المعرّف أزين لفظاً وأبلغ معنىً.

__________________

(١) سورة النمل : الآية ٥٩.

(٢) سورة طه : الآية ٤٧.

٣٤

يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ (١)

____________________________________

(١) ـ أهل بيت النبي هم الأئمّة الطاهرون وفاطمة الزهراء سيّدة النساة عليهم السلام ، كما يستفاد من حديث الإجتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام الوارد في تفسير قوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (١) جاء في هذا الحديث : «فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كساءً خيبريّاً ، فضمّني فيه وفاطمة والحسن والحسين. ثمّ قال : يا ربّ إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» (٢) ـ (٣).

وروى الصدوق قدس سره أنّه سُئل الصادق عليه السلام مَن آل محمّد؟

فقال : ذرّيته.

فقيل : ومَن أهل بيته؟

قال : الأئمّة.

قيل : ومَن عترته؟

قال : أصحاب العباء.

قيل : فمن اُمّته؟

قال : المؤمنون (٤).

والنبوّة في الأصل : أمّا مأخوذة من مادّة (نبا) أي إرتفع ، ويُسمّى النبي نبيّاً لإرتفاعه وشرفه على سائر الخلق.

__________________

(١) سورة الأحزاب : الآية ٣٣.

(٢) تفسير البرهان : ج ٢ ص ٨٤٤.

(٣) وتلاحظ نزول هذه الآية في رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وبنيه التسعة الأئمّة عليهم السلام من طريق الخاصّة في أربعة وثلاثين حديثاً ، ومن طريق العامّة في أحد وأربعين حديثاً جاءت في غاية المرام : ص ٢٨٧ ب ١٩٢.

(٤) معاني الأخبار : ص ٩٤ ح ٣.

٣٥

.........................................

____________________________________

أو مأخوذة من مادّة (النبأ) بالهمزة ، بمعنى الخبر ، فيكون النبي بمعنى المنبئ ، وهو المخبر عن الله تعالى بغير وساطة بشر بينه وبين الله تعالى ، أعمّ من أن يكون له شريعة كنبيّنا صلى الله عليه وآله ، أو ليس له شريعة كيحيى سلام الله عليه (١).

ويمكن إجتماع كلا المعنيين في النبي كما تلاحظه في رسول الله صلى الله عليه وآله.

وتلاحظ الفرق بين الرسول والنبي في حديث زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ : (وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا) (٢) ما الرسول وما النبي؟

قال : النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك ، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك.

قلت : الإمام ما منزلته؟

قال : يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك (٣).

__________________

(١) مجمع البحرين : ص ٨٦ ، مادّة نبا.

(٢) سورة مريم : الآية ٥١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ١٧٦ ح ١.

٣٦

وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ (١)

____________________________________

(١) ـ أي محلّ أسرار أنبياء الله عزّ إسمه ، ومخزن علوم جميع رسل الله تعالى شأنه ، فإنّهم صلوات الله عليهم حملة علوم الرسل خصوصاً علم رسول الله صلى الله عليه وآله كما تلاحظه في حديث سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين عليه السلام : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أنّ ذلك كلّ باطل اَفَترى الناس يكِّبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟

قال : فأقبل عليَّ فقال : قد سألت فافهم الجواب : إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كُذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتّى قام خطيباً فقال : وحفظاً ووهماً ، وقد كُذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتّى قام خطيباً فقال : «أيّها الناس قد كثرت عليَّ الكذّابة فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار» ، ثمّ كُذب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنّع (١) بالإسلام لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمّداً ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ : (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) (٢).

__________________

(١) متصنّع بالإسلام اي متكلّف له ومتدلّس به.

(٢) سورة المنافقون : الآية ٤.

٣٧

.........................................

____________________________________

ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدُّعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولّوهم الأعمال ، وحمّلوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهِمَ فيه ولم يتعمّد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فلو علم المسلمون أنّه وَهِمَ لم يقبلوه ولو علم هو أنّه وَهِمَ لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئاً أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وآله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فإنّ أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاصّ وعام ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله ة الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاصّ مثل القرآن وقال الله عزّ وجلّ في كتابه : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (١) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وليس كلّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشيء فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى يسمعوا.

__________________

(١) سورة الحشر : الآية ٧.

٣٨

.........................................

____________________________________

وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كلّ يوم دخلةً وكلّ ليلة دخلةً فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نسائه فلا يبقى عنده غيري وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحدٌ من بنيّ ، وكنت إذا سالته أجابني وإذا سكتُّ عنه وفُنِيَت مسائلي ابتدأني ، فما نَزَلت على رسول الله صلى الله عليه وآله آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملأها عليَّ فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملأه عليَّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال وحرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزلٍ على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً فقلت : يانبيّ الله بأبي أنت واُمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفُتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوّف عليَّ النسيان فيما بعد؟

فقال : لا لست أتخوّف عليك النسيان والجهل (١).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٦٢ ح ١.

٣٩

وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ (١)

____________________________________

(١) ـ أي محلّ إختلاف الملائكة ، يعني تردّدهم ونزولهم وعروجهم ... للخدمة ، أو لإكتساب العلوم الإلهية والمعارف الربّانية والأسرار الملكوتية ، أو للتبرّك بهم والتشرّف بصحبتهم والتحظّي بزيارتهم ، أو لكون الملائكة تنزل عليهم وتحدّثهم وتخبرهم من جانب الله ، إذ الأئمّة محدَّثون وهم وسائط معرفة الله تعالى : ومعرفة الملائكة لله تعالى بواسطتهم ، أو نزولهم لمهام ليلة القدر في بيان الاُمور وتنفيذ المقادير كما تلاحظ ذلك في مثل :

١ ـ حديث ابي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : «والله إنّ في السماء لسبعين صفّاً من الملائكة ، لو إجتمع أهل الأرض كلّهم يحصون عدد كلّ صفّ منهم ما أحصوهم وأنّهم ليدينون بولايتنا» (١).

٢ ـ مسمع كردين البصري قال : كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار ، فربما استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام وأجد المائدة قد رفعت لعلّي لا أراها بين يديه (أي أتعمّد الإستئذان عليه بعد رفع المائدة لئلاّ يُلزمني عليه السلام الأكل) ، فإذا دخلت دعا بها فاُصيب معه من الطعام ولا أتأذّى بذلك ، وإذا عقّبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقرّ ولم أنم من النفخة ، فشكوت ذلك إليه ، وأخبرته بأنّي إذا أكلت عنده لم أتأذّ به ، فقال : «يا أبا سيّار! إنّك تأكل طعام قوم صالحين ، تصافحهم الملائكة على فرشهم».

قال : قلت : ويظهرون لكم؟

قال : «فمسح يده على بعض صبيانه ، فقال : هم ألطف بصبياننا منّا بهم» (٢).

٣ ـ أبو حمزة الثمالي قال : دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبست في

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٤٣٧ ح ٥.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٣٩٣ ح ١.

٤٠