في رحاب الزيارة الجامعة

السيد علي الحسيني الصدر

في رحاب الزيارة الجامعة

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الغدير
المطبعة: سرور
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7165-40-4
الصفحات: ٧٠٤

وَالْمُقَصِّرُ فى حَقِّكُمْ زاهِقٌ (١)

____________________________________

(١) ـ التقصير في الشيء هو : التواني فيه.

والحقّ هو : كلّ شيء ثابت محقّق ذو حقيقة ، ضدّ الباطل الذي لا حقيقة له ولا ثبات فيه.

قال تعالى : (ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (١).

والزهوق هو : الهلاك والتلف ، من قولهم زَهَقَت نفسه أي خرجت روحه ، وزهق الباطل.

أي اضمحلّ ، أي إنّ من قصّر في إمامتكم وولايتكم وحبّكم وطاعتكم ومتابعتكم ورتبتكم العالية وحقوقكم الراقية يكون من الهالكين المعذّبين.

فإنّ لأهل البيت عليهم السلام علينا حقوقاً شرعية ووظائف دينية يلزم علينا أداؤها والوفاء بها مثل : معرفتهم ، والإقرار بإمامتهم ، والتسليم لهم ، وموالاتهم ، والتبرّي من أعدائهم ، وإطاعتهم ، والرجوع إليهم ، والاستغاثة بهم ، وحبّهم ، ونصرتهم.

ذكرناها بأدلّتها تفصيلاً في العقائد فلاحظ (٢).

وقد دلّت الأحاديث الشريفة أنّ المقصّر في حقّهم يكون من الهالكين ، من ذلك :

١ ـ حديث ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم من ادّعى إمامة من الله ليست له ، ومن جحد إماماً من الله ، ومن زعم أنّ لهما في الإسلام نصيباً» (٣).

٢ ـ حديث الحلاّل قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : أخبرني عمّن عاندك ولم يعرف حقّك من ولد فاطمة هو وسائر الناس سواء في العقاب؟

فقال : «كان علي بن الحسين عليه السلام يقول : عليهم ضعفا العقاب» (٤).

وفي نسخة الكفعمي : «والمقصّر عنكم زاهق».

__________________

(١) سورة الحج : الآية ٦٢.

(٢) العقائد الحقّة الطبعة الاُولى : ص ٣٤.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٣٧٤ ح ١٢.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٣٧٧ ح ٢.

٣٦١

وَالْحَقُّ مَعَكُمْ وَفيكُمْ وَمِنْكُمْ وَاِلَيْكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ أي أنّ الحقّ والحقيقة منتسبة إليكم من جميع الجهات ، فهي دائماً معكم وفيكم ومنكم وإليكم.

فمعكم الحقّ ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في علي وأهل بيته : أنّ الحقّ معهم حيث كانوا ن وأنّ علياً مع الحقّ والحقّ معه ، يدور حيثما دار.

كما تلاحظه في أحاديث الفريقين المتواترة من الخاصّة في عشرة أحاديث ، ومن العامّة في خمسة عشر حديثاً (١).

وفيكم الحقّ ، أي في متابعتكم وإطاعتكم.

حيث قد أمرنا الله تعالى بذلك في مثل قوله عزّ إسمه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (٢) المفسّرة بأهل البيت عليهم السلام في أحاديث الخاصّة والعامّة (٣).

ومنكم الحقّ ، فكلّ ما صدر منكم هو الحقّ ، وما لم يخرج منكم وخالفتموه هو باطل فإنّكم المتّصلون بوحي السماء والحقيقة العلياء.

كما تلاحظه في الأحاديث المتظافرة (٤).

وإليكم مرجع الحقّ ، فكل حقّ يكون في أيدي الناس يرجع إليكم ، ويؤخذ منكم ، أو مستنبط من كلامكم ، أو مستفاد من حكمتكم ، أو واصل إلى الخلق ببركتكم ، حتّى أنّ أعداءهم أخذوا ما حقّ في كلماتهم منهم عليهم السلام كما تلاحظه في أحوال البصري وغيره (٥). ويدلّ عليه معيّة الحقّ لهم ، ومعرفة الحقّ بهم.

__________________

(١) غاية المرام : ص ٢٣٩ ـ ٥٤٢ ب ٤٥ و ٤٦ الأحاديث ، وفهرس إحقاق الحقّ : ص ١٧٨ ن ومنها حديث شدّاد بن أوس ، فلاحظ.

(٢) سورة النساء : الآية ٥٩.

(٣) غاية المرام : ص ٢٦٣ ـ ٢٦٥ ب ٥٨ و ٥٩.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٣٩٩ ح ٢ و ٣ و ٥.

(٥) سفينة البحار : ج ٢ ص ٢٠٧.

٣٦٢

وَاَنْتُمْ اَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ (١)

____________________________________

(١) ـ أهل الرجل بمعنى أتباعه وأشياعه.

ومعدن الجوهر بمعنى محلّ استقرار الجوهر وإفاضته.

فمعنى هذه الفقرة الشريفة هو أنّكم أهل البيت سلام الله عليكم أهل الحقّ يعني أتباع الحقّ وأشياعه ، ومحلّ استقرار الحقّ وإفاضته.

حيث إنتهت إليكم العلوم الحقّة ، والمعالم الصادقة ، وصدر منكم كلّ حقّ وصدق ، وكنتم النموذج الكامل للحقائق ظاهراً وباطناً ، قولاً وعملاً.

فهم عليهم السلام المحور المركزي للحقّ ، يدور معهم الحقّ حيثما دار ، وهم المحك لمعرفة الحقّ عن الباطل.

وقد تواترت الأحاديث في ذلك من الفريقين (١).

ونموذج ذلك قوله صلى الله عليه وآله : «فإنّهم مع الحقّ والحقّ معهم ، لا يفارقهم ولا يفارقونه» (٢).

وفي الحديث الجامع الذي رواه الحمويني في فرائد السمطين :

فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وسلمان وابو ذرّ والمقداد بن عمّار فقالوا : نشهد لقد حفظنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قائم على المنبر وعلي عليه السلام إلى جنبه وهو يقول : «أيّها الناس إنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن انصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي ، والذي فرض الله عزّ وجلّ على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي ، آمركم بولايته ، وإنّي راجعت ربّي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لتبلغنّها أو ليعذّبني.

أيّها الناس إنّ الله أمركم في كتابه بالصلاة فقد بيّنتها لكم ، والزكاة والصوم والحجّ

__________________

(١) غاية المرام : ص ٥٣٩ ، فهرس إحقاق الحقّ : ١٧٨.

(٢) إحقاق الحقّ : ج ٩ ص ٤٧٩ ح ٧٧.

٣٦٣

.........................................

____________________________________

فبيّنتها لكم وفسّرتها ، وأمركم بالولاية وإنّي اُشهدم أنّها لهذا خاصّة ووضع يده على علي بن أبي طالب عليه السلام ثمّ قال : لإبنيه بعده ثمّ للأوصياء من بعدهم من ولدهم ، لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتّى يردوا علىّ حوضي.

أيّها الناس : قد بيّنت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم ودليلكم وهاديكم وهو أخي علي بن أبي طالب ، وهو فيكم بمنزلتي فيكم ، فقلّدوه دينكم وأطيعوه في جميع اُموركم ، فإنّ عنده جميع ما علّمني الله من علمه وحكمته ، فسلوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه بعده ، ولا تعلّموهم ، ولا تتقدّموهم ، ولا تخلّفوا عنهم ، فإنّهم مع الحقّ والحقّ معهم لا يزايلوه ولا يزايلهم» (١).

__________________

(١) إحقاق الحقّ : ج ٥ ص ٣٦ ح ٦٣.

٣٦٤

وَميراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ الميراث : مفعالٌ من الإرث ، بمعنى ما يورث.

وفسّر بالقُنية التي تنتقل إليك عن غيرك من غير عقدٍ ولا ما يجري مجرى العقد ، وسمّي بذلك المنتقل عن الميّت ، فيقال للقُنية الموروثة : ميراث وإرث (١).

وميراث النبوّة : هو الذي كان عند الأنبياء ووصل إلى خاتمهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.

وقد وصل مع مواريثه صلوات الله عليه وآله إلى أهل بيته الطاهرين عليهم السلام خلفاً بعد سلف.

فصار عندهم ميراث النبوّة ، لأنّهم كانوا الورثة المحقّين للأنبياء ، وقد أوحي إلى الرسول الأكرم بجعلها عند أهل بيته الكرام عليهم السلام.

دلّ عليه حديث الثمالي ، عن الإمام السجّاد عليه السلام قال : قلت له : أسألك جعلت فداك عن ثلاث خصال أنفي عنّي فيه التقيّة؟

قال : فقال : ذلك لك.

قلت : أسألك عن فلان وفلان؟

قال : «فعليهما لعنة الله بلعناته كلّها ، ماتا والله هما كافران مشركان بالله العظيم.

ثمّ قلت : الأئمّة يحيون الموتى ويبرؤون الأكمه والأبرص ويمشون على الماء؟

قال : ما أعطى الله نبيّاً شيئاً قطّ إلاّ وقد أعطاه محمّداً صلى الله عليه وآله ، وأعطاه ما لم يكن عندهم قلت : وكلّ ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقد أعطاه أمير المؤمنين عليه السلام؟

قال : نعم ، ثمّ الحسن والحسين عليهما السلام ثمّ من بعد كلّ إمام إماماً إلى يوم القيامة ، مع الزيادة التي تحدث في كلّ سنة وفي كلّ شهر ، ثمّ قال : إي والله في كلّ ساعة» (٢).

وقد تقدّم بيانه ودليله في فقرة : «ورثة الأنبياء».

__________________

(١) المفردات : ص ٥١٨.

(٢) بصائر الدرجات : ص ٢٧٠ ب ٣ ح ٢ ، بحار الأنوار : ج ٢٧ ص ٢٩ ب ١٣ ح ١.

٣٦٥

.........................................

____________________________________

وذكرنا هناك مفصّلاً المواريث التي وصلت إليهم ، وهي موجودة الأن عند خاتمهم الإمام المهدي أرواحنا فداه ممّا نصّت عليها الأخبار الشريفة التي أشرنا إليها وإلى مؤدّاها فيما سبق فراجع.

٣٦٦

وَاِيابُ الْخَلْقِ اِلَيْكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ الإياب بكسر الهمزة : بمعنى الرجوع.

أي إنّ رجوع الخلق للحساب والشفاعة إليكم أهل البيت في الآخرة ، كما كان رجوعهم في اُمور دينهم وأحكام شرائعهم إليكم في الدنيا.

فهم المرجع والميزان في حساب الإنسان في يوم المعاد وبعث العباد ، كما يدلّ عليه النقل والعقل ممّا يأتي بيانه في الفقرة التالية.

وهم الشهداء على الخلق والعارفون بأعمال العباد كما ثبت بقوله تعالى : (لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (١) ، حيث فسّر الشهداء بأهل البيت عليهم السلام عند الخاصّة والعامّة (٢).

فيكون رجوع الخلق إلى من هم الشهداء على أعمالهم بشهادة الصدق ، ويدلّ على إياب الخلق إليهم عليهم السلام أخبار الباب ، ومنها :

حديث جابر ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : «إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأوّلين والآخرين لفصل الخطاب دعا رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا أمير المؤمنين عليه السلام فيُكسى رسول الله صلى الله عليه وآله حلّة خضراء تضيء ما بين المشرق والمغرب ، ويُكسى علي عليه السلام مثلها ، ويكسى رسول الله صلى الله عليه وآله حلّة وردية تضيء ما بين المشرق والمغرب ، ويكسى علي عليه السلام مثلها.

ثمّ يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس ، فنحن والله ندخل أهل الجنّة الجنّة ، وندخل أهل النار النار.

__________________

(١) سورة البقرة : الآية ١٤٣.

(٢) الكافي : ج ١ ص ١٩٠ ، شواهد التنزيل ، للحاكم الحسكاني : ج ١ ص ٩٢ ، كما نقله في إحقاق الحقّ : ج ١ ص ٥٥٣.

٣٦٧

.........................................

____________________________________

ثمّ يدعى بالنبيين عليهم السلام فيقامون صفّين عند عرش الله عزّ وجلّ حتّى نفرغ من حساب الناس.

فإذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار بعث الله تبارك وتعالى عليّاً فأنزلهم منازلهم في الجنّة وزوجهم ، فعليٌّ والله الذي يزوّج أهل الجنّة في الجنّة ، وما ذلك إلى أحد غيره ، كرامة من الله عزّ ذكره له ، وفضلاً فضّله به ، ومنّ به عليه.

وهو والله يدخل أهل النار النار ، وهو الذي يغلق على أهل الجنّة إذا دخلوا فيها أبوابها ، ويغلق على أهل النار إذا دخلوا فيها أبوابها ، لأنّ أبواب الجنّة إليه وأبواب النار إليه» (١).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٧ ج ٢٧ ص ٣١٦ ب ٩ ح ١٤.

٣٦٨

وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ أي أنّ حساب الخلق يوم القيامة فيما لهم أو عليهم لإثابتهم أو معاقبتهم يكون عليكم أهل البيت ، وأنتم تتولّون الحساب من قبل الله تعالى الملك الحاكم العدل الرحيم ، وهذا ثابت عقلاً ونقلاً.

أمّا العقل : فلأنّ الله تعالى أعظم وأجلّ من أن يبرز للخلق ليحاسبهم بذاته المقدّسة ، بل لابدّ من نصب خليفة عنه في إيفاء الحساب في الآخرة ، كما كان خليفة منه في إبلاغ الأحكام وشرائع الأديان في الدنيا.

ولا شكّ في أنّ أهل البيت خلفاؤه وحججه على الخلق أجمعين ، فلهم الأولوية بأن يتولّوا حساب العالمين.

وأمّا النقل فقد ورد ذلك كتاباً وسنّة ، بالروايات المتواترة المبيّنة والمفسّرة بالبيان التالي :

أوّلاً : قال الله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم) (١).

وهي مفسّرة بأهل البيت عليهم السلام ويشعر به صيغة الجمع وعدم التعبير بالإفراد ، وتصرّح به أحاديث تفسيره في الكنز (٢).

ثانياً : وردت الأحاديث المتواترة المفيدة للعلم بذلك ، والتي هي حجّة في الإستدلال ، ومنها :

١ ـ حديث جابر الجعفي المتقدّم عن الإمام الباقر عليه السلام الذي ورد فيه : «فيدفع إلينا حساب الناس ، فنحن والله ندخل أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النار النار» (٣).

٢ ـ حديث سماعة ، عن الإمام الكاظم عليه السلام جاء فيه : كنت قاعداً مع أبي الحسن الأوّل عليه السلام والناس في الطواف في جوف الليل.

__________________

(١) سورة الغاشية : الآية ٢٥ و ٢٦.

(٢) كنز الدقائق : ج ١٤ ص ٢٥٨ ـ ٢٦٣.

(٣) الكافي : ج ٨ ص ١٥٩ ح ١٥٤.

٣٦٩

.........................................

____________________________________

فقال : «يا سماعة إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم ، فما كان لهم من ذنب بينهم وبين الله عزّ وجلّ حتّمنا على الله في تركه لنا فأجابنا إلى ذلك ، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه منهم وأجابوا إلى ذلك وعوّضهم الله عزّ وجلّ» (١).

٣ ـ حديث داود بن سليمان ، عن الإمام الرضا عليه السلام ، عن آبائه الكرام عليهم السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : «إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا ، فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ حكمنا فيها فأجابنا ، ومن كانت مظلمته فيما.

بينه وبين الناس استوهبناها فوهبت لنا ، ومن كانت مظلمته بينه وبيننا كنّا أحقّ ممّن عفى وصفح» (٢).

٤ ـ حديث عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إذا كان يوم القيامة وكّلنا الله بحساب شيعتنا ، فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم ، وما كان لنا فهو لهم ، ثمّ قرأ أبو عبد الله عليه السلام : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم)» (٣).

٥ ـ حديث زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي : «يا زيد جدّد التوبة واحدث عبادة.

قال : قلت : نعيت إليّ نفسي؟

قال : فقال لي : يا زيد ما عندنا لك خير وأنت من شيعتنا ، إلينا الصراط وإلينا الميزان وغلينا حساب شيعتنا ، والله لأنّا لكم أرحم من أحدكم بنفسه.

يازيد كأنّي أنظر إليك في درجتك من الجنّة ورفيقك فيها الحارث بن المغيرة النصري» (٤).

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ص ١٦٢ ح ١٦٧.

(٢) عيون الأخبار : ج ٢ ص ٥٧ ح ٢١٣.

(٣) أمالي الشيخ الطوسي : ص ٤٠٦ ح ٩١١.

(٤) رجال الكشّي : ص ٢٨٦.

٣٧٠

.........................................

____________________________________

٦ ـ حديث القمّي ، عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : «كلّ اُمّة يحاسبها إمام زمانها ، ويعرف الأئمّة أولياءهم وأعداءهم بسيماهم ، وهو قوله : (وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ) (١) وهم الأئمّة يعرفون كلاًّ بسيماهم فيعطون أولياءهم كتابهم بيمينهم ، فيمرّون إلى الجنّة بغير حساب ، ويعطون أعداءهم كتابهم بشمالهم ، فيمرّون إلى النار بغير حساب» (٢).

٧ ـ حديث شرح الآيات الباهرة عن الإمام الباقر عليه السلام ، في قوله : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم).

قال : «إذا كان يوم القيامة ، وكّلنا الله بحساب شيعتنا ، فما كان لله سألناه أن يهبه لنا ، فهو لهم ، وما كان لمخالفيهم فهو لهم ، وما كان لنا فهو لهم. ثمّ قال : هم معنا حيث كنّا» (٣).

٨ ـ حديثه الآخر عن جميل بن درّاج ، عن الإمام الكاظم عليه السلام جاء فيه : قلت لأبي الحسن عليه السلام : اُحدّثهم بتفسير جابر؟

قال : «لا تحدّث به السفلة فيذيعوه ، أما تقرأ : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم)؟

قلت : بلى.

قال : إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأوّلين والآخرين ولاّنا حساب شيعتنا ، فما كان بينهم وبين الله حكمنا على الله فيه فأجاز حكومتنا ، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه منهم فوهبوه لنا ، وما كان بيننا وبينهم ، فنحن أحقّ من عفى وصفح» (٤).

٩ ـ حديث صفوان الجمّال قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت : جعلت

__________________

(١) سورة الأعراف : الآية ٤٥.

(٢) كنز الدقائق : ج ١٤ ص ٢٦٠.

(٣) كنز الدقائق : ج ١٤ ص ٢٦١.

(٤) كنز الدقائق : ج ١٤ ص ٢٦١.

٣٧١

.........................................

____________________________________

فداك سمعتك تقول : «شيعتنا في الجنّة ، وفيهم أقوام مذنبون ، يركبون الفواحش.

ويأكلون أموال الناس ، ويشربون الخمور ويتمتّعون في دنياهم.

فقال عليه السلام : هم في الجنّة ، اعلم أنّ المؤمن من شيعتنا لا يخرج من الدنيا حتّى يبتلي بدَين أو بسقم أو بفقر ، فإن عفي عن هذا كلّه شدّد الله عليه في النزع عند خروج روحه حتّى يخرج من الدنيا ولا ذنب عليه.

قلت : فداك أبي واُمّي فمن يردّ المظالم؟

قال : الله عزّ وجلّ يجعل حساب الخلق إلى محمّد وعلي عليهما السلام فكلّ ما كان على شيعتنا حاسبناهم ممّا كان لنا من الحقّ في أموالهم ، وكلّ ما بينه وبين خالقه استوهبناه منه ، ولم نزل به حتّى ندخله الجنّة برحمة من الله ، وشفاعة من محمّد وعلي عليهما السلام» (١).

١٠ ـ حديث قبيصة ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم).

قال : «فينا ، قلت : إنّما أسألك عن التفسير؟

قال : نعم يا قبيصة إذا كان يوم القيامة جعل الله حساب شيعتنا إلينا ، فما كان بينهم وبين الله استوهبه محمّد صلى الله عليه وآله من الله ، وما كان فيما بينهم وبين الناس من المظالم أدّاه محمّد صلى الله عليه وآله عنهم ، وما كان فيما بيننا وبينهم وهبناه لهم حتّى يدخلوا الجنّة بغير حساب» (٢).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٦٨ ص ١١٤ ب ١٨ ح ٣٣.

(٢) الأنوار اللامعة : ص ١٣٧ ، ويوجد هذا الحديث في البحار : ج ٧ ص ٢٠٣ ب ٨ ح ٨٩ ، وص ٢٧٤ ب ١١ ح ٤٨. ويرويه العلاّمة عن تفسير فرات بن إبراهيم.

٣٧٢

وَفَصْلُ الْخِطابِ عِنْدَكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ الفصل في اللغة : إبانة أحد الشيئين من الآخر حتّى يكون بينهما فُرجة (١).

والخطاب لغةً هو : توجيه الكلام نحو الغير للإفهام ، وقد ينقل إلى الكلام الموجّه (٢).

وفُسّر فصل الخطاب بالخطاب الفاصل بين الحقّ والباطل (٣).

فتكون إضافته من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف أي الخطاب الفصل ، نحو كريم الأب ، وطيّب النفس.

وقد ورد في الأخبار الشريفة أنّ الأئمّة عليهم السلام فصل الخطاب كما في تفسير فرات الكوفي عن الإمامين الباقرين عليهما السلام.

قالا : «نحن فصل الخطاب ودلالة الخير» (٤).

وقد ذكر في معنى فصل الخطاب معانٍ عديدة هي :

١ ـ فصل الخصام والخصومة بتمييز الحقّ عن الباطل.

٢ ـ الكلام المخلَص ـ الواضح ـ الذي ينبّه المخاطب على المقصود ، من غير التباس.

٣ ـ الخطاب القصد يعني الذي ليس فيه اختصار مُخل ولا إشباع مملّ.

٤ ـ معرفة جميع اللغات (٥).

٥ ـ الحكم المخصوص في كلّ واقعة ، والجواب المُسكت للخصم في كلّ مسألة.

٦ ـ القرآن الكريم الذي فيه بيان الحوادث من ابتداء الخلق إلى يوم القيامة (٦).

وجميعها معانٍ مناسبة للموضوع وتناسب أهل البيت عليهم السلام.

فقد اُعطوا معرفة جميع اللغات كما اُعطي النبي سليمان بن داود عليهما السلام بما فسّر

__________________

(١) المفردات : ص ٣٨٠.

(٢) مجمع البحرين : ص ١١٣.

(٣) الأنوار اللامعة : ص ١٣٨.

(٤) مرآة الأنوار : ص ١٧٦.

(٥) كنز الدقائق : ج ١١ ص ٢١٢.

(٦) بحار الأنوار : ج ٢٦ ص ١٤٢.

٣٧٣

.........................................

____________________________________

من قوله تعالى : (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) (١) ، كما يدلّ عليه حديث الهروي ، قال : كان الرضا عليه السلام يكلّم الناس بلغاتهم ، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكلّ لسان ولغة.

فقلت له يوماً : يابن رسول الله إنّي لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها.

فقال : «يا أبا الصلت أنا حجّة الله على خلقه ، وما كان الله ليتّخذ حجّة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم ، أوَ ما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام : «اُوتينا فصل الخطاب» فهل فصل الخطاب إلاّ معرفة اللغات» (٢).

واُعطوا عليهم السلام أيضاً غير ذلك من معاني الكلام الفصل كما يستفاد من إطلاق حديث المفضّل الجعفي عن الإمام الصادق عليه السلام.

قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : «اُعطيت تسعاً لم يُعطها أحد قبلي سوى النبي صلى الله عليه وآله لقد فتحت لي السبل ، وعلمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب» (٣). وقد فسّره العلاّمة المجلسي قدس سره بالخطاب الفاصل بين الحقّ والباطل ، والخطاب الواضح ، والخطاب المسكت.

__________________

(١) سورة ص : الآية ٢٠.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤٩ ص ٨٧ ب ٦ ح ٣.

(٣) بحار الأنوار : ج ٢٦ ص ١٤١ ب ٩ ح ١٤.

٣٧٤

وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ الآيات جمع آية وهي : العلامات والعجائب (١).

أي أنّ آيات الله تعالى عندكم أهل البيت.

وهذه الفقرة الشريفة تحتمل معانٍ ثلاثة اتّصفوا بها عليهم السلام وهي :

١ ـ أنّ معرفة آيات الله تعالى القرآنية كاملة عندكم.

وذل لأنّهم أهل الذكر ومنزل الوحي ، والعارفون ببطون القرآن والإستدلال به في الدين.

٢ ـ إنّ الآيات الإعجازية التي اُعطيت للأنبياء عندكم أيضاً.

كما يدلّ عليه معاجزهم المذكورة في كتب الفريقين.

٣ ـ أنّ مطلق براهين الله وآياته موجودة عندكم.

كما يشهد به إحتجاجاتهم وبياناتهم.

وفي الحديث الرضوي الشريف : «وقال في الأئمّة من أهل بيت نبيّه وعترته وذرّيته صلوات الله عليهم : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) (٢).

وإنّ العبد إذا اختاره الله عزّ وجلّ لاُمور عباده شرح صدره لذلك ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ، وألهمه العلم إلهاماً ، فلم يعي بعده بجواب ، ولا يحير فيه عن الصواب» (٣).

__________________

(١) مجمع البحرين ك ص ٨.

(٢) سورة النساء : الآية ٥٤ ـ ٥٥.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٠٢.

٣٧٥

وَعَزائِمُهُ فيكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ العزائم جمع عزيمة ، وقد جاءت في اللغة بمعنى : إرادة الفعل والقطع عليه والجدّ فيه ، وجعل منه قوله تعالى : (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (١).

وجاءت أيضاً بمعنى المحافظة على ما اُمر ، وجعل منه قوله تعالى : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) (٢).

وبمعنى الفريضة مقابل الرخصة ومنه عزائم السجود أي ما فرض الله السجود فيها وهي السور الأربعة الم تنزيل ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ.

وبمعنى القسم والإقسام بشيء ومنه الدعاء على الأسد : «عزمت عليك بعزيمة الله وعزيمة محمّد وعزيمة سليمان بن داود وعزيمة أمير المؤمنين».

هذا في اللغة ، وأمّا في هذه الفقرة الشريفة فقد فُسّرت عزائمه بما يلي :

١ ـ إنّ الجدّ والاجتهاد ، والاهتمام في التبليغ ، والمحافظة على ما اُمرتم به والصبر على المكاره ، والصدع بالحقّ ، وردت فيكم ، ووجبت عليكم.

٢ ـ إنّ الفرائض اللازمة التي لم يرخص العباد في تركها مثل الاعتقاد بإمامتكم وولايتكم وعصمتكم قد وردت فيكم ، أي في شأنكم.

٣ ـ إنّ معاني العزائم التي أقسم الله تعالى بها في القرآن الكريم كالشمس والقمر والضحى والتين والزيتون والبلد الأمين ونحوها إنّما هي فيكم ، فأنتم المقصودون بها كما جاء في تفسيرها.

٤ ـ إنّ السور العزائم في القرآن الكريم المشتملة على الآيات المادحة نزلت فيكم.

٥ ـ إنّ قبول الفرائض والواجبات يكون بتمابعتكم وبوسيلتكم.

وكلّها معانٍ مناسبة لشأنهم الإلهي ، ومقامهم الربّاني.

__________________

(١) سورة آل عمران : الآية ١٥٩.

(٢) سورة طه : الآية ١١٥.

٣٧٦

.........................................

____________________________________

أمّا المعنى الأول : فلأنّهم الخلفاء الإلهيون وأوصياء الرسول الأمين ، وحجج ربّ العالمين.

وأمّا المعنى الثاني : فهو ثابت لركنية إمامتهم ، وقد مضى بيانه في دليل الإمامة والولاية والعصمة.

وأمّا المعنى الثالث والرابع : فلأنّهما وردا في تفسير تلك الآيات المباركات فلاحظ مثل تفسير البرهان.

وأمّا المعنى الخامس : فلما سيأتي بيانه تفصيلاً واستدلالاً في فقرة : «وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة» فراجع.

٣٧٧

وَنُورُهُ وَبُرْهانُهُ عِنْدَكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ النور في اللغة هو : الضوء المنتشر ، الظاهر في نفسه والمظهر لغيره.

وفسّر هنا بالقرآن الكريم الذي هو نور مبين أنزله الله تعالى.

والبرهان في اللغة هي : الحجّة والبيان والدليل الصادق.

وفسّر بالقرآن الكريم أيضاً الذي هو حجّة على الخلق ، واحتجّ به أئمّة الحقّ ، وفسّر أيضاً بالمعجزات الباهرة.

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) (١).

ومن الواضح أنّ النور القرآني موجود عند أهل البيت عليهم السلام الذي نزل في بيتهم الكتاب.

وقد مرّ بيانه ودليله في فقرة : «وحملة كتاب الله».

كما وأنّ الإحتجاج بالكتاب بالنحو الأتمّ عندهم.

وهو مشهود بوضوح في إحتجاجاتهم البهيّة وكلماتهم الدرّية والمعجزات الباهرة والدلائل الحقّة الظاهرة ، بل هم نور الله في السماوات والأرض ونور الزهراء عليها السلام أضاءت السماوات والأرض كما في الحديث (٢).

وهم برهان الله تعالى وآيته الباهرة كما في أحاديثنا الزاهرة (٣).

وفي نسخة الكفعمي : «ونوره معكم ، وبرهانه عندكم».

__________________

(١) سورة النساء : الآية ١٧٤.

(٢) الكافي : ج ١ ص ١٩٤ ح ١ ، وبحار الأنوار : ج ٤٣ ص ١٢ ب ٢ ح ٥.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٠٧ ح ٣.

٣٧٨

وَاَمْرُهُ اِلَيْكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ يقال : الأمر إليك بمعنى أنّ الأمر مفوّض إليك كما بيّنه الشيخ الطبرسي في تفسير قوله تعالى : (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) (١) ـ (٢).

وأهل البيت عليهم السلام قد فُوّض إليهم أمر الله تعالى في الإمامة والولاية وبيان العلوم وإظهار الأحكام ، وهم لا يأمرون إلاّ بما يأمر الله ، ولا ينهون إلاّ عمّا ينهى الله ، ولا يبيّنون إلاّ يريد الله ، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

وقد جعلهم الله تعالى تراجمة وحيه وأوعية مشيئته وحفظة علمه ، فيكون نطقهم عن الله ، وكلامهم من الله ، وسكوتهم بأمر الله.

فلا عجب في أن يُفوّض إليهم دين الله ، ويُجعل إليهم أمر الله.

وقد عقد ثقة الإسلام الكليني أعلى الله مقامه في اُصول الكافي بابين في هذا المعنى (٣).

أحدهما : في التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمّة عليهم السلام في أمر الدين.

ثانيهما : في معرفتهم أولياءَهم والتفويض إليهم.

وذكر قدس سره الأحاديث المتظافرة في ذلك ومنها :

١ ـ حديث موسى بن أشيم قام : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عزّ وجلّ فأخبره بها ، ثمّ دخل عليه داخلٌ فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر به الأوّل ، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتّى كأنّ قلبي يُشرّح بالسكاكين ، فقلت في نفسي : تركت أبا قتادة بالشام لا يخطء في الواو وشبهه وجئت إلى هذا ، يخطي هذا الخطأ كلّه ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي فعلمت أنّ

__________________

(١) سورة النمل : الآية ٣٣.

(٢) مجمع البيان : ج ٧ ص ٢٢٠.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٦٥ ص ٤٣٨.

٣٧٩

.........................................

____________________________________

ذلك منه تقيّة ، قال : ثمّ التفت إلي فقال لي : «يابن أشيم إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى سليمان ب داود فقال : (هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (١).

وفوّض إلى نبيّه صلى الله عليه وآله فقال : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (٢).

فما فوّض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوّضه إلينا» (٣).

٢ ـ حديث الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر : «إنّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه ، فلمّا أكمل له الأدب قال : (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) ثمّ فوّض إليه أمر الدين والاُمّة ليسوس عباده ، فقال عزّ وجلّ : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح القدس ، لا يزلّ ولا يخطىء في شيء ممّا يسوس به الخلق ، فتأدّب بآداب الله ...» (٥).

٣ ـ حديث عبد الله بن سليمان ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الإمام فوّض الله إليه كما فوّض إلى سليمان بن داود؟ فقال : «نعم ...» (٦).

وفي نسخة الكفعمي ك «وأمره نازل إليكم».

__________________

(١) سورة ص : الآية ٣٩.

(٢) سورة الحشر : الآية ٧.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٦٥ ح ٢.

(٤) سورة القلم : الآية ٤.

(٥) الكافي : ج ١ ص ٢٦٦ ح ٤.

(٦) الكافي : ج ١ ص ٤٣٨ ح ٣.

٣٨٠