في رحاب الزيارة الجامعة

السيد علي الحسيني الصدر

في رحاب الزيارة الجامعة

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الغدير
المطبعة: سرور
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7165-40-4
الصفحات: ٧٠٤

.........................................

____________________________________

فقلت : أصلحك الله ، كيف كان يكون شريكه فيه؟

قال : لم يعلّم الله محمّداً صلى الله عليه وآله علماً إلاّ وأمره أن يعلّمه عليّاً» (١).

٢ ـ حديث الإحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين علي عليه السلام وفيه : «وألزمهم الحجّة ، بأن خاطبهم خطاباً يدلّ على انفراده وتوحيده ، وبأنّ له أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ... وعرّف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ) (الآية). قال السائل : مَن هؤلاء الحجج؟

قال : هم رسول الله صلى الله عليه وآله ومن حلّ محلّه من أصفياء الله ... الذين قال : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) الذين قرنهم الله بنفسه ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه» (٢).

٣ ـ حديث الخرائج والجرائح المتقدّم : روى محمّد بن الفضل الهاشمي ، عن الرضا عليه السلام أنّه نظر إلى ابن هذّاب فقال : ن أنا أخبرتك أنّك مبتلى في هذه الأيّام بدم ذي رحم لك أكنت مصدّقاً لي؟

قال : لا ، فإنّ الغيب لا يعلمه إلاّ الله.

قال : أو ليس يقول : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ)؟! فرسول الله صلى الله عليه وآله عند الله مرتضى ، ونحن ورثة ذل الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة» (الحديث) (٣).

٤ ـ حديث كتاب الخصال في مناقب علي عليه السلام وتعدادها : قال أمير المؤمنين عليه السلام : «وأمّا الثالثة والثلاثون ، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله التقم اُذني فعلّمني ما كان وما يكون إلى

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٦٣ ح ١.

(٢) الاحتجاج : ج ١ ص ٢٥٢.

(٣) الخرائج والجرائح : ج ١ ص ٢٤٣ ح ١.

٢٦١

.........................................

____________________________________

يوم القيامة ، فساق الله ذلك إليّ على لسان نبيّه صلى الله عليه وآله» (١).

ولا يخفى أنّ علمهم بالغيب لا ينافي قوله تعالى : (لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) (٢).

وذلك لأنّ علمهم بالغيب ليس ذاتياً كعلم الله بالغيب ، بل هو بإذن الله وإعلامه وتعليمه ، ورضاه ومشيئته كما عرفت ذلك من بعض الأحاديث المتقدّمة ، وبالوراثة من رسول الله صلى الله عليه وآله ، والإستفادة من كتاب الله كما في مثل :

أـ حديث سيف التمّار الذي ورد فيه : «وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة» (٣).

ب ـ حديث الخثعمي الذي ورد فيه : «علمت ذلك من كتاب الله عزّ وجلّ» (٤).

ج ـ حديث ابن هذّاب الذي ورد فيه : «نحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة» (٥).

فيكون علمهم بالغيب باعلام الله ، ومن كتاب الله ، وعن رسول الله ، ومن المعلوم أنّ هذا لا ينافي كون الغيب لا يعلمه إلاّ الله.

ثمّ لا يقال : إنّهم بعد علمهم بالغيب كيف يصحّ لهم الإقدام على أسباب الشهادة التي يعلمونها؟

لأنّه يجاب : بعدم المحذور في ذلك لأجل ما يلي :

أوّلاً : من أجل أنّهم يخيّرهم الله تعالى في الشهادة ، ويأذن لهم في نيل الكرامة والسعادة ، ويرضى لهم الوصول إلى الدرجات العالية بالتضحية كما يستفاد من

__________________

(١) كنز الدقائق : ج ١٣ ص ٤٨٩.

(٢) سورة النمل : الآية ٦٥.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٦١ ح ١.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٦١ ح ٢.

(٥) كنز الدقائق : ج ١٣ ص ٤٩٣ ، الخرائج والجرائح : ج ١ ص ٣٤١ ح ٦ ، بحار الأنوار : ج ٤٩ ص ٧٣ ب ٤ ح ١.

٢٦٢

.........................................

____________________________________

أحاديثها (١).

وكما يتّضح ذلك من خطبة الإمام الحسين عليه السلام عند المسير إلى كربلاء المتقدّسة جاء فيها : «وخيّر لي مصرع أنا لاقيه» (٢).

فإذا أذن الله تعالى في الشهادة لم تحرم ، حتّى يكون إقدامهم عليها إقداماً على الحرام.

ثانياً : أنّ التكاليف منوطة بالعلم العادي البَشَري الظاهري ، لا بعلم الغيب حتّى يكون وجود العلم الغيبي بالشهادة موجباً لتكليف حرمة الإقدام عليها.

فليس الأئمّة عليهم السلام مكلّفون بترتيب الآثار على علم الغيب حتّى لا يصحّ إقدامهم على الشهادة التي أذن الله لهم فيها.

فلا محذور في إقدامهم على الشهادة المعلومة غيباً ، المأذون فيها شرعاً ، كعدم المحذور لمن عَلِم وجداناً بوصوله قطعاًَ إلى درجة الشادة ، عند الجهاد بإذن المعصوم عليه السلام ، وأقدم عليها تحصيلاً لكرامتها ، فهل في ذلك بأس؟!

ثمّ إنّه لا يقال : إنّ علم الغيب غير مختصّ بهم حتّى يكون فضيلة لهم لأنّه يمكن معرفة المرتاضين للغيب أيضاً.

فإنّه يجاب : بأنّ ذلك إن صحّ كونه غيباً فهو غيب شيطاني تدليسي ، يقع فيه التخلّف كثيراً ، ولا يكون في نفسه جامعاً ولا في جميعه صادقاً.

بخلاف غيبهم عليهم السلام الذي هو غيب رحماني مأخوذ من الله تعالى كما ترى في نسبته إليه في قوله : «وارتضاكم لغيبه» ولم يقل للغيب.

والغيب الرحماني علم يقيني صادق ، جامع لكلّ الأشياء ، ليس فيه خلف أو تخلّف مأخوذ من مصدر وحي الرحمن لا إيحاء الشيطان ، وكم بينهما من فرق.

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٥٩ ح ٤ و ٥ و ٨ ، وص ٢٦١ ح ٤.

(٢) إبصار العين : ص ٦ ، كشف الغمّة : ج ٢ ص ٢٠١.

٢٦٣

وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ (١)

____________________________________

(١) ـ السرّ في اللغة بمعنى ما يُكتم ، ومنه (هذا من سرّ آل محمّد) أي من مكتومهم ، الذي لا يظهر لكلّ أحد (١).

وسرُّ الله تعالى هي العلوم والمكاشفات والحقائق التي لا يجوز إظهارها إلاّ لمن هو أهل لها من الكُمّلين ، فإنّه لا يتحمّلها إلاّ ملك مُقرّب ، أو نبي مرسل ، أو عبد إمتحن الله تعالى قلبه للإيمان.

وقد مرّ بيانه في الفقرة الشريفة المتقدّمة «وحفظة سرّ الله».

وأهل البيت عليهم السلام إختارهم الله لسرّه ، وائتمنهم على مكتوم علمه ، كما تلاحظه في حديث أبي الجارود ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال :

«إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عليّاً عليه السلام في المرض الذي توفّي فيه فقال : يا علي اُدنُ منّي حتّى أسرّ إليك ما أسرّ الله إليّ ، وائتمنك على ما ائتمنني الله عليه ، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله بعلي ، وفعله علي بالحسن ، وفعله الحسن بالحسين ، وفعله الحسين عليه السلام بأبي ، وفعله أبي بي ، صلوات الله عليهم أجمعين» (٢).

__________________

(١) مجمع البحرين : مادّة سَرَرَ ص ٢٦٦.

(٢) بصائر الدرجات : ص ٣٧٧ ب ٣ ح ١.

٢٦٤

وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ الاجتباء : هو الاختيار والاصطفاء ، وفي الأخبار الكثيرة : «إنّ الله اجتبى محمّداً بالرسالة ، وعليّاً والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين عليهم السلام بالوصاية والإمامة» أي إختارهم وإصطفاهم لذلك (١).

وهذه الفقرة الشريفة تبيّن أنّ الله تعالى اجتبى أهل البيت عليهم السلام بقدرته ، وفي ذلك معنيان كما أفاده العلاّة المجلسي قدس سره (٢) وهما :

١ / أن تكون بمعنى أنّ نفس إختيار هذه الصفوة الطيّبة للإمامة هي من مظاهر قدرة الله وحسن إنتخابه الواقع في اليق محلّه فتكون إشارة إلى علوّ مرتبة إجتبائهم.

وقد مرّ ذلك مفصّلاً في فقرة «المصطفون» وفقرة «وإصطفاكم بعلمه».

٢ / أن تكون بمعنى أنّ الله اجتباهم واصطفاهم بإعطائهم قدرته العجيبة ، فأظهر منهم فوق طاقة البشر ، وه صاحب القدرة الكاملة ، كما ترى في القُدُرات الفائقة التي ظهرت من أهل البيت عليهم السلام في حياتهم ، وبعد حياتهم ، ممّا اعترف بها الخاصّ والعام والصديق والعدو ، خصوصاً مفاخر ومآثر سيّد الوصيين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الشجاعة العلويّة والقوّة الحيدرية ، التي تجلّت منه في قمّة الاشتهار ، واستبانت كالشمس في رابعة النهار ، في جميع حرويه وغزواته ، وأخصّ بالذكر منها فتح خيبر الذي روى عنه قوله فيه :

«والله ما قلعت باب خيبر ورميت به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوّة جسديّة ولا حركة غذائية ، لكن اُيّدتُ بقوّة ملكوتية ، ونفس بنور ربّها مضيئة ، وأنا من

__________________

(١) مشكاة الأنوار : ص ٨١.

(٢) بحار الأنوار : ج ١٠٢ ص ١٣٧.

٢٦٥

.........................................

____________________________________

أحمد كالضوء من الضوء ، والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت ...» (١).

وتلاحظ مظاهر هذه القدرة الربّانية في أحاديث سيرته (٢).

من ذلك ما حكاه في البحار عن الفائق جاء فيه :

كانت لعلي عليه السلام ضربتان : إذا تطاول قدّ ، وإذا تقاصر قطّ. وقالوا : كانت ضرباته أبكاراً ، إذا اعتلى قدّ وإذا اعترض قطّ ، وإذا أتى حصناً هدّ ، وقالوا : كانت ضرباته مبتكرات لا عوناً يقال : ضربة بكر أي قاطعة لا تثنّى ، والعون التي وقعت مختلسة فأحوجت إلى المعاودة.

ويقال : إنّه عليه السلام كان يوقعها على شدّة في الشدّة لم يسبقه إلى مثلها بطل ، زعمت الفرس أنّ اُصول الضرب ستّة وكلّها مأخوذة عنه وهي علويّة ، وسفليّة ، وغلبة ، وماله ، وحاله ، وجر وهام ...

وله ليلة الهرير ثلاث مائة تكبيرة ، أسقط بكلّ تكبيرة عدوّاً ، وفي رواية : خمسمائة وثلاثة وعشرون ، رواه الأعثم ، وفي رواية سبعمائة.

ولم يكن لدرعه ظهر ، ولا لمركوبه كرّ وفرّ. وحمل على المشركين فما زالوا يبقّطون ـ يعني تعادوا إلى الجبال منهزمين ـ.

وكانت قريش إذا رأوه في الحرب تواصت خوفاً منه.

وقد نظر إليه رجل وقد شقّ العسكر فقال : علمت بأنّ ملك الموت في الجانب الذي فيه علي.

وقد سمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله كرّاراً غير فرّار في حديث خيبر ، وكان النبي صلى الله عليه وآله يهدّد الكفّار به عليه السلام (٣).

__________________

(١) أمالي الصدوق : ص ٤٦١.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤١ ب ١١٣ ص ٢٧٩ ، وج ٤٢ ص ٣٣.

(٣) بحار الأنوار : ج ٤١ ص ٦٧ ـ ٦٨.

٢٦٦

وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ (١)

____________________________________

(١) ـ العِزّ : خلاف الذُلّ ، ويكون في الشيء القيّم الثمين المرغوب ، فيكون عزيزاً. والعزّة في الأصل هي القوّة والغلبة.

وأهل البيت عليهم السلام جعلهم الله أعزّاء الخلق بواسطة اهتدائهم بالله ، وهدايتهم للناس ؛ فكانوا هم المستضيئون بالهداية الربّانية الخاصّة ، والرعاية الإلهية المخصوصة ، كما تقدّم في الفقرة الشريفة «والقادة الهداة». مع الإستدلال له بقوله عزّ إسمه : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) (١).

وقد جعل الله العزّة الشامخة لآل محمّد عليهم السلام بهاتين المزيّتين.

والعزّة الإلهية لا تزول ولا تُزال كالإعتبارات الدنيوية ، بل هي الدرجة الباقية العليا التي لا تصل إليها عزّة اُخرى.

وفي الحديث العلوي الجامع : «وإليه الإشارة بقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (٢) والمؤمنون علي وعترته.

فالعزّة للنبي والعترة ، والنبي والعترة لا يفترقان في العزّة إلى آخر الدهر ...» (٣).

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٤٦١.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤١ ب ١١٣ ص ٢٧٩ وج ٤٢ ص ٣٣.

(٣) بحار الأنوار : ج ٤١ ص ٦٧ ـ ٦٨.

٢٦٧

وَخَصَّكُمْ بِبُرْهانِهِ (١) وَانْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ (٢)

____________________________________

(١) ـ البُرهان : هي الحجّة والبيان ، والدليل العيان ، وهو ملازم للصدق.

وأهل البيت عليهم السلام خصّهم الله تعالى بين الخلق بأتمّ الأدلّة وأكمل البراهين وهي عبارة عن القرآن الكريم ، والإعجاز العظيم ، والآيات الباهرة ، والدلائل الظاهرة التي أدركها الوجدان ، واعترف بها الفريقان ، ودليل ذلك في حديث صفات الإمام عليه السلام (١).

ففي الخصال بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام قال : «عشر خصال من صفات الإمام : العصمة ، والنصوص ، وأن يكون أعلم الناس ، وأتقاهم لله ، وأعلمهم بكتاب الله ، وأن يكون صاحب الوصيّة الظاهرة ، ويكون له المعجز والدليل ، وتنام عينه ولا ينام قلبه ، ولا يكون له فيء ، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه» (٢).

(٢) ـ الانتجاب : هو الإختيار والاصطفاء.

وأهل البيت عليهم السلام إصطفاهم الله تعالى بنوره ، بأحد معنيين كما أفاده السيّد شبّر أعلى الله درجته (٣) وهما :

١ / أن يكون المعنى أنّ الله إصطفاهم للهداية بنوره المقدّس ، فكانوا هادين للناس بالأنوار الربّانية ، والهداية الإلهية ، والعلوم القرآنية فهم مع القرآن والقرآن معهم ، وهذا واضح.

٢ / أن تكون الباء بمعنى «من» أي إنتجبكم من نوره ، وخلقكم من نور

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ١٤٠ ب ٤ ح ١٢.

(٢) الخصال : ص ٤٢٧ باب العشرة ح ٥.

(٣) الأنوار اللامعة : ص ١١٩.

٢٦٨

.........................................

____________________________________

عظمته ، كما يشهد له حديث محمّد بن مروان ، عن أبي عبد الله عليه السلام : «إنّ الله خلقنا من نور عظمته ...» (١).

وفي نسخة الزيارة المباركة في عيون أخبار الرضا عليه السلام : «وانتجبكم لنوره» ويحتمل فيه أن يكون بمعنى اصطفاكم لنور القرآن أو لنور الولاية ، كما تلاحظ هذين المعنيين في تفسير قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) (٢) ـ (٣).

وقد عقد ثقة الإسلام الكليني باباً في أنّهم عليهم نور الله عزّ وجلّ ، وقد إشتمل على أحاديث عديدة منها حديث أبي خالد الكابلي المتقدّم (٤).

__________________

(١) بصائر الدرجات : ص ٢٠ ب ١٠ ح ٣ ، بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ١٣ ب ١ ح ٢٦.

(٢) سورة النساء : الآية ١٧٤.

(٣) كنز الدقائق : ج ٣ ص ٥٩٨.

(٤) الكافي : ج ١ ص ١٩٤ ح ١.

٢٦٩

وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ الرُوح : بضمّ الراء ، وجمعه أرواح في اصل اللغة هي النفس التي يحيى بها البدن (١).

وفسّره في القاموس بما به حياة النفس ، ثمّ ذكر أنّه يؤنّث (٢).

لكن قوله بتأنيثه فقط خطأً ظاهراً لقول ابن منظور في اللسان : إنّ الروح مذكّر ، والنفس مؤنّثه عند العرب ، والروح يذكّر ويؤنّث (٣).

وحقيقه الروح هو جسم رقيق ، وشيء لطيف ، مجانس للريح ، كما يستفاد من أحاديث أهل بيت العصمة عليهم السلام مثل :

حديث الاحتجاج في قوله عليه السلام : «والروح جسم رقيق قد اُلبس قالباً كثيفاً ... الروح بمنزلة الريح في الزق» (٤).

وحديث السفينة في قوله عليه السلام : «إنّ الروح متحرّك كالريح ، وإنّما سمّي روحاً لأنّه اشتقّ إسمه من الريح ، وإنّما أخرجه على لفظة الريح لأنّ الروح مجانس للريح» (٥).

فليس هو مجرّداً غير جسم ، كما قيل (٦). بل هو جسم لطيف كالهواء.

ثمّ إنّ المستفاد من الأحاديث الشريفة أنّ الأرواح خمسة :

روح القُدُس ، وروح الإيمان ، وروح القوّة ، وروح الشهوة ، وروح البدن المعبّر عنه بروح الحياة ...

وبالترتيب الأرواح الخمسة تجتمع في النبي والإمام والأربعة الأخيرة تكون

__________________

(١) ترتيب العين : ج ١ ص ٧٢٥ ، والمحيط : ج ٣ ص ١٩٧.

(٢) القاموس : ج ١ ص ٢٢٤.

(٣) لسان العرب : ج ٢ ص ٤٦٢.

(٤) الاحتجاج : ج ٢ ص ٩٦.

(٥) سفينة البحار : ج ٣ ص ٤١٣.

(٦)مجمع البحرين : مادّة رَوَح ص ١٧٥.

٢٧٠

.........................................

____________________________________

في المؤمن ، والثلاثة الأخيرة تكون في غيرهم كما نقله الطريحي (١).

وروح القُدُس هو الروح النوري الملكوتي المقدّس ، الذي كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثمّ مع الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين ، فهم مؤيّدون به. فاتّضح أنّ معنى «وأيّدكم بروحه» أيّدكم الله تعالى بروح القدس.

وهذا الروح لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو.

وهذا الروح يسدّدهم ، وقد عرفوا به ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ، وقد دلّت عليه الأحاديث المستفيضة (٢) مثل :

١ ـ حديث جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن علم العالم؟ فقال لي : «يا جابر! إنّ في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح : روح القدس ، وروح الإيمان وروح الحياة ، وروح القوّة ، وروح الشهوة.

فبروح القدس يا جابر! عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى.

ثمّ قال : يا جابر! إنّ هذا الأربعة أرواح يصيبها الحدثان إلاّ روح القدس ، فإنّها لا تلهو ولا تلعب» (٣).

٢ ـ حديث أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله الله تبارك وتعالى : (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ) (٤).

قال : «خلقً من خلق الله عزّ وجلّ أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يُخبره ويسدّده ، وهو مع الأئمّة من بعده» (٥).

٣ ـ حديث أبي بصير الآخر قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ :

__________________

(١) مجمع البحرين : مادّة رَوَح ص ١٧٦.

(٢) مشكاة الأنوار : ص ٩٦.

(٣) الكافي ج ١ ص ٢٧٢ ح ٢.

(٤) سورة الشورى : الآية ٥٢.

(٥) الكافي : ج ١ ص ٢٧٣ ح ١.

٢٧١

.........................................

____________________________________

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (١).

قال : «خلقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو مع الأئمّة وهو من الملكوت» (٢).

فأهل البيت عليهم السلام يؤيّدهم الله تعالى منه بهذه الروح العظيمة القدسيّة كما في هذه الفقرة : «وأيّدكم بروحه».

وما أجمل التعبير الأوحدي في الحديث العلوي : «... والإمام يا طارق بشر ملكي ، وجسد سماوي ، وأمر إلهي ، وروح قدسي ...» (٣).

__________________

(١) سورة الإسراء : الآية ٨٥.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٧٣ ح ٣.

(٣) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ١٧٢ ب ٤ ح ٣٨.

٢٧٢

وَرَضِيَكُمْ خُلَفاء فى اَرْضِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ الخلفاء : جمع خليفة ، وهو في اللغة من يقوم مقام الشخص ويسدّ مسدّه ، والتاء فيه للمبالغة (١).

والخليفة : هو المدبّر للاُمور من قِبَلِ غيره بدلاً من تدبيره ، وفلان خليفة الله في أرضه معناه أنّه جعل الله إليه تدبير عباده بأمره (٢).

وفي العرف يراد بالخليفة معنيان : كونه خَلَفاً لمن قبلَه ، أو مدبّراً للاُمور من قِبَل غيره (٣).

وهذه الخلافة والنيابة إن كانت من قِبَل الله تعالى فهي تشريف للخليفة ، كما في مثل : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) (٤) ـ (٥).

وحقيقة الخلافة من الله تعالى هي النيابة عنه عزّ إسمه.

لذلك يلزم أن تكون بجعلٍ من حضرته ، ونصبٍ من جنابه ، ورضىً من مقامه ، فإنّه لا تصحّ نيابة بدون إستنابة ، ولا تُعقل خلافة بدون استخلاف.

وإمامه آل محمّد صلوات الله عليهم هي خلافة الله ، وخلافة الرسول ، ومقام أمير المؤمنين ، وميراث أبنائه المعصومين ، كما في حديث الإمام الرضا عليه السلام (٦).

وأهل البيت سلام الله عليهم رضى بهم الله تعالى خلفاء في أرضه ، ونصبهم مستخلَفين على بريّته ، كما تضمّنته هذه الفقرة الشريفة من الزيارة الجامعة ، فكانت خلافةً إلهية حقّة.

__________________

(١) مشكاة الأنوار : ص ٩٦.

(٢) مجمع البيان : ج ٨ ص ٤٧٣.

(٣) مجمع البحرين : مادّة خَلَف ص ٤٠٥.

(٤) سورة ص : الآية ٢٦.

(٥) مفردات غريب القرآن : ص ١٥٦.

(٦) الكافي : ج ١ ص ١٩٩.

٢٧٣

.........................................

____________________________________

بل تواترت بخلافتهم أحاديث الفريقين من الخاصّة في (٥٢) حديثاً ، ومن العامّة في (٦٦) حديثاً جاءت في بابين خاصّين مفصّلين في تنصيص رسول الله على علي بن أبي طالب وبنيه الأحد عشر عليهم السلام أنّهم الأئمّة من بعده وخلفاؤه وأوصياؤه فراجع (١).

وبهم عليهم السلام فُسّر قوله تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) (٢).

كما تراه في الكافي في بابه الخاصّ ، من ذلك :

حديث عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جلّ جلاله : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)؟

قال : هم الأئمّة عليهم السلام.

وحديث الجعفري ، عن الإمام الرضا عليه السلام : «الأئمّة خلفاء الله عزّ وجلّ في أرضه» (٣).

وقد جاء من العامّة في تفسير أبي عبيدة (٤) ، وكذا عن ابن حيّان في حياة النبي ، والحسكاني في شواهد التنزيل كما في الإحقاق (٥). ومن الخاصّة في أحد عشر حديثاً (٦).

فالمستخلفون من الله تعالى في كتابه الكريم هم الأئمّة المعصومون سلام الله عليهم أجمعين ، ومعلوم أنّ كمال الأمر والتمكّن لهم يكون في زمان الدولة الحقّة للإمام المهدي ارواحنا فداه ، كما تلاحظ بيانه في الأحاديث المبيّنة لخصائص تلك

__________________

(١) غاية المرام : ص ٣٢ ـ ٥٦.

(٢) سورة النور : الآية ٥٥.

(٣) الكافي : ج ١ ص ١٩٣ ح ١.

(٤) غاية المرام : ص ٣٧٦.

(٥) إحقاق الحقّ : ج ١٤ ص ٤٧٣.

(٦) غاية المرام : ص ٣٧٦.

٢٧٤

.........................................

____________________________________

الحكومة المحقّة (١) ، ويأتي ذكرها في فقرة «مرتقب لدولتكم».

فخلافة الله تعالى الثابتة بنصّه وتنصيصه ، في أرضه وبريّته ، التي هي الخلافة الشرعية ، إنّما ثبتت بعد الأنبياء لنبي الإسلام وآله الأوصياء ، وتدوم إلى يوم القيامة واللقاء ، لبقاء دينه واستمرار شريعته.

خلافة إلهيّة ثابتة من الله تعالى الذي هو الجاعل في الأرض خليفة ، كما تلاحظ تفصيله في أحاديثنا الشريفة (٢).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٥٢ ص ٣٠٩ ب ٢٧ الأحاديث.

(٢) كنز الدقائق : ج ١ ص ٣٢٩.

٢٧٥

وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ مرّ أنّ حجج جمع حجّة مثل غُرَف جمع غرفة ، وهي في اللغة بمعنى الدليل والبرهان.

وحجج الله ، هم الذين يحتجّ بهم الله على خلقه ، وأتمّ الله حجّته البالغة بما جعل لهم من المعجزات الباهرات ، والدلائل الواضحات.

والبريّة بمعنى الخليفة : من برأ الله الخلق ، أي خلقهم.

وأهل البيت سلام الله عليهم حجج الله البالغة على خلقه أجمعين ، ورضى بهم الله تعالى حججاً على العالمين.

دلّت على ذلك أحاديث باب أنّهم الحجّة على جميع العوالم والمخلوقات (١).

وفي الحديث الرضوي الشريف : «إنّ الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلاّ بإمام حتّى يعرف» (٢).

لذلك ورد في زياراتهم التسليم عليهم بذلك ، ففي زيارة الإمام الصادق عليه السلام : «السلام عليك أيّها الحجّة على الخلق أجمعين ...».

وفي زيارة الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه : «السلام عليك يا حجّة الله على من في الأرض والسماء».

وقد تقدّم مفصّل البيان والدليل في فقرة «وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والاُولى».

وفي نسخة الكفعمي : «وجعلكم حججاً على بريّته».

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٧ ص ٤١ ب ١٥ ح ٧ ، ولاحظ ما سبق من ولايتهم التكوينية وسلطنتهم على جميع الأشياء الثابتة كتاباً وسنّة في فقرة «والسادة الولاة».

(٢) الكافي : ج ١ ص ١٧٧ ح ٣.

٢٧٦

وَاَنْصاراً لِدينِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ الأنصار : جمع ناصر ، مأخوذ من النصرة بمعنى الإعانة وحسن المعونة ، كما وإنّ الانتصار هو الإنتقام.

ودينه : بمعنى دين الله ، وهو دين الإسلام كما صرّح به القرآن الكريم في قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) (١).

علماً بأنّ دين الإسلام يشتمل على التوحيد والرسالة والولاية ، ولاية آل محمّد عليهم السلام.

فإنّ دين الله المقبول لا يتحقّق إلاّ بمعرفتهم ، ومن جهلهم جهل الدين ، ومات ميتةً جاهلية.

والدين مع معرفتهم هو الذي اصطفاه الله تعالى لعباده بقوله عزّ إسمه : (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (٢) كما وردت به الأحاديث الشريفة المفسّرة (٣).

وأهل البيت عليهم السلام هم خير الأنصار وأحسن الأعوان لدين الإسلام الشريف.

إذ هم الذين الذين بذلوا مهجهم وقدّموا نفوسهم لإعلاء كلمة الدين ، ولنصرة شريعة سيّد المرسلين ، كما صبروا على غليظ المِحَن وسجون الضغن ، في سبيل الله العظيم ودينه القويم.

فآل محمّد صلوات الله عليهم في أعلى مراتب نصرة الدين وتأييده ، وفي أعظم مراحل الانتصار للدين والدفاع عنه.

__________________

(١) سورة آل عمران : الآية ١٩.

(٢) سورة البقرة : الآية ١٣٢.

(٣) تفسير البرهان : ج ١ ص ١٠٠.

٢٧٧

.........................................

____________________________________

جرى فيهم هذا من سيّدهم الأمير عليه السلام الذي ما استقام الدين إلاّ بسيفه (١) ، إلى خاتمهم الحجّة المهدي عليه السلام الذي لا يظهر الدين على الأرض كلّه إلاّ بدولته.

قال تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٢) ـ (٣).

وقد تقدّم في الحديث القدسي : «المهدي أنتصر به لديني» (٤).

وكلّهم كانوا أنصار دين الله والذابّين عنه ، بل كان السبط الشهيد عليه السلام هو المحيي للدين والمبقي لشريعة سيّد المرسلين.

ففي الصلاة عليه بعد الزيارة : «وقام بين يديك يهدم الجور بالصواب ويحيي السنّة بالكتاب» (٥).

وفي زيارته عليه السلام : «كنت لله طائعاً ... وللإسلام عاصماً ، تنصر الدين وتظهره» (٦) ، وقال فيه جدّه الأمين : «حسين منّي وأنا من حسين» (٧) إذ نصر دين جدّه بنفسه وأولاده ، وأهله وعياله ، وأصحابه وأحبّائه ، فكانت الشريعة الغرّاء حسينيّ البقاء.

والحقيقة سجّلت الانتصار في النتيجة له لا لعدوّه ، وسيكون هو المنتصر عند رجعته ، وقيام دولته (٨).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٣٦ ص ١٨٠ ب ٣٩ ح ١٧٤ ، شجرة طوبى : ج ٢ ص ٢٣٣.

(٢) سورة التوبة : الآية ٣٣.

(٣) تفسير الصافي : ج ٢ ص ٣٣٨.

(٤) مشكاة الأنوار : ص ٢٠٨.

(٥) مصباح الزائر : ص ٢٤٨.

(٦) مصباح الزائر : ص ٢٣١.

(٧) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٢٧١ ح ٣٦.

(٨) بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٣٩ ب ٢٩ الأحاديث.

٢٧٨

وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ (١)

____________________________________

(١) ـ أي ورضيكم حفظه لسرّه ، وقد تقدّم في الفقرة الشريفة : «وحفظة سرّ الله» بيان المعنى والدليل بما حاصله : الحفظة جمع حافظ ، من الحفظ بمعنى الرعاية والمواظبة والإعتناء.

وسرّ الله تعالى هو ما يلزم أن يكتم ، ولا يجوز إطهارها إلاّ لمن يتحمّلها من الكُمّلين كالملك المقرّب ، والنبي المرسل ، والعبد الممتحن.

وأهل البيت عليهم السلام هم الحافظون للأسرار الإلهية المكنونة ، وعلوم الغيب المخزونة ، وحِكَم الكائنات ، وحكمة المخلوقات.

وتضيف هذه الفقرة من الزيارة المباركة أنّ الله تعالى رَضِىَ بهم حفظة لتلك الأسرار ، وحافظين لتلك الآثار.

حيث عَلِمَ تعالى فيهم كمال القابلية ، ومنتهى التحمّل ، ورآهم المثل الأعلى والقمّة العليا لأسرار عالَم المُلك والملكوت ، وعرفهم الصفةة اللائقة لتحمّل غيب السماوات والأرضين.

وتعرف حافظيّتهم وتحمّلهم للأسرار والغيوب الإلهية من خلال دراسة سيرتهم وحياتهم وعشرتهم وكلماتهم ، التي توجب العلم بكونهم خزنة مكنون الأسرار ، والمرضيين ذلك من قبل الله القهّار.

وقد عرفت حديث سيف التمّار ، عن أبي عبد الله عليه السلام : «لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أنّي أعلم منهما ، ولأنبئتهما بما ليس في أيديهما» (١).

وفي حديث زياد بن المنذر ، عن الإمام الباقر عليه السلام : «أنا شجرة النبوّة ... وموضع

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٦٠ ح ١.

٢٧٩

.........................................

____________________________________

سرّ الله ووديعته» (١).

وفي حديث النعمان بن سعد ، عن أمير المؤمنين عليه السلام : «وأنا المؤتمن على سرّ الله» (٢).

وجاء في حديث حمران بن أعين ، عن الإمام الصادق عليه السلام : «لم يُعلّم الله محمّداً صلى الله عليه وآله علماً إلاّ وأمره أن يعلّمه عليّاً عليه السلام» (٣).

وفي نسخة الكفعمي : «وحفظة لحكمته».

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٣ ص ٢٤٥ ب ١٣ ح ١٦.

(٢) بحار الأنوار : ج ٣٩ ص ٣٣٥ ب ٩٠ ح ١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٦٣ ح ١.

٢٨٠