في رحاب الزيارة الجامعة

السيد علي الحسيني الصدر

في رحاب الزيارة الجامعة

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الغدير
المطبعة: سرور
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7165-40-4
الصفحات: ٧٠٤

.........................................

____________________________________

عليه الأحاديث الشريفة (١).

٢ ـ العمل بما يلازم الانتظار من إصلاح النفس ، والتمسّك بتكاليف الدين والدعاء للفرج ، والإستعداد لنصرة الإمام عليه السلام كما يستفاد من الأحاديث المباركة (٢).

٣ ـ العلم بأنّ نفس هذا الانتظار والحالة الانتظارية في الإنسان المؤمن مطلوب مرغوب ، مُثاب عليه شرعاً كما يستفاد من الأحاديث المرويّة (٣).

وحبّذوا لو كان الدعاء لتعجيل فرجه ـ مقروناً بأن يجعلنا من أعوانه وأنصاره ـ بالأدعية المأثورة الواردة عنهم صلوات الله عليهم ، مثل دعاء يونس ابن عبد الرحمن عن الإمام الرضا عليه السلام الذي رواه شيخ الطائفة في المصباح (٤).

وهكذا صلاة ودعاء الفرج لتعجيل فرجه الشريف (٥).

ويستحسن في المقام دراسة كتاب مكيال المكارم لإستقصاء معرفة فوائد الدعاء للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف والأدعية الواردة له عليه السلام.

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٣٣٦ ح ١ ، وص ٣٦٨ ح ٢ ـ ٧.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٣٣٥ ح ١ ـ ٥.

(٣) إكمال الدين : ص ٦٤٤ ب ٥٥ الأحاديث.

(٤) مصباح المتهجّد : ص ٤٠٩.

(٥) منتخب الأثر : ص ٥٠١.

٢٤١

الْمَعْصُومُونَ (١)

____________________________________

(١) ـ من العصمة التي هي في اللغة بمعنى الوقاية والمنع والدفع والحفظ والحماية ، وعرّفت بأنّها هي : «الروحية القدسيّة المانعة عن مخالفة التكاليف اللزومية شرعية وعقليّة مع القدرة عليها».

وفُسّر المعصوم في بيان أهل العصمة بأنّه هو : «الممتنع بالله عن جميع محارم الله» كما في حديث الإمام الصادق عليه السلام (١).

وأهل البيت عليهم السلام معصومون من الذنوب الكبائر والصغائر ، ومحفوظون من السهو والخطأ والنسيان ، ومبرّؤون من العيوب والأدناس والأرجاس في مدّة عمرهم الشريف من زمن الطفولية إلى نهاية الحياة الدنيوية.

وهذا البحث من أهمّ مباحث الإمامة والخلافة ، بل من أهمّ مباحث النبوّة ، إذ العصمة من أهمّ مميّزات النبي وخليفته ، وممّا يلزم وجوده فيهما حتّى يكون كفيلاً بعدم الخطأ ، وضميناً لسعادة الاُمّة إلى الأبد.

وقد ذكرنا هذا البحث مفصّلاً في اُصول العقائد ، وبرهَنّا على لزوم عصمة الإمام كبروياً ، ثمّ وجود العصمة في أئمّة الهدى صغروياً.

وبيّنا الأدلة الأربعة على عصمة أهل البيت المعصومين الإثنى عشر سلام الله عليهم أجمعين ولا نكرّر فراجع (٢).

__________________

(١) معاني الأخبار : ص ١٣٢ ح ٢.

(٢) العقائد الحقّة الطبعة الاُولى : ص ٣١٧.

٢٤٢

الْمُكَرَّمُونَ (١)

____________________________________

(١) ـ جمع المكرّم ، مأخوذ من الكَرَم ، والكرم ضدّ اللؤم.

وفُسّر الكرم بالنفع الكثير ، والكريم صفة لكلّ ما يُرضى ويُحمد من الاُمور فيقال : القرآن الكريم ، والإنسان الكريم ، والوجه الكريم ، والجوهر الكريم ، بمعنى المحمود المرضي.

والمكرّمون هم أهل البيت عليهم السلام الذين كرّمهم الله تعالى ذاتاً وصفاتاً ، وأقوالاً وأفعالاً وأحوالاً ، فكانوا عليهم السلام مرضيين محمودين من جميع هذه الجهات.

وقد تكرّم الله تعالى عليهم بنورانية المبدأ والعصمة والطهارة ، والعلم والمعرفة والولاية والإمامة ، وجميع الكرامات والاُمور المحمودة المرضيّة ، مادّية ومعنوية ، دنيويّة واُخروية ، بحيث آتاهم الله ما لم يؤت أحداً من العالمين ، وجعلهم أفضل الخلق أجمعين.

ولقد كرّم الله بني آدم ، وأكرم من بينهم محمّداً وآله الطاهرين بأسمى آيات الكرامة ، وفضّلهم حتّى على أنبيائه المرسلين وملائكته المقرّبين ، حيث كانوا لذلك من اللائقين.

وقد تقدّم دليل كرامتهم في حديث تفسير قوله تعالى : (عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ) بأهل البيت عليهم السلام وأنّه أومأ الإمام الباقر عليه السلام بيده إلى صدره عند تلاوة هذه الآية الشريفة (١).

ولقد عمّت كراماتهم الدنيا والآخرة ، وكانت من العيان المستغنى عن البيان ، وجدانية للأولياء والأعداء.

وتلاحظ نبذة منها في أحاديث معاجزهم في الدنيا ودرجاتهم في الاُخرى (٢).

بل كُرّمت أرواحهم في الخِلقة الاُولى ، كما سيأتي بيانه في فقرة «خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين».

__________________

(١) تفسير البرهان : ج ٢ ص ٦٨٦ ، كنز الدقائق : ج ٨ ص ٤٠٤.

(٢) لاحظ بحار الأنوار : ج ٢٤ ص ٢٥٩ ح ١٠ ، وص ٢٧٢ ح ٥٤ ، وج ٢٧ ص ١٠٧ ح ٨٠.

٢٤٣

الْمُقَرَّبُونَ (١)

____________________________________

(١) ـ المقرّبون من القرب بمعنى الدنوّ ، مقابل البُعد.

وجاء القرب هنا بمعنى قُرب المكانة والقدر والمنزلة.

وأهل البيت عليهم السلام مقرّبون عند الله تعالى قُرباً معنوياً في منزلتهم ومكانتهم وقدرهم ، فإنّ لهم ولجدّهم المحلّ الأعلى ، والدرجة الزلفى ، والمرتبة الأرقى عند الله تعالى ، بحيث لا يدانيهم ملك مقرّب ، ولا نبي مرسل ، ولا مؤمن ممتحن.

فكانوا أقرب إلى الله من كلّ من كان له قرب وجاه وشأن عند الله تعالى.

وفي حديث طارق بن شهاب المتقدّم عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : «إنّ الإمام جسد سماوي ، وأمرٌ إلهي ، وروح قدسي ، ومقام عليّ ...».

وقال أيضاً : «هذا كلّه لآل محمّد لا يشاركهم فيه مشارك ...».

وأنّ الأئمّة عليهم السلام من آل محمّد صلى الله عليه وآله «... أولياء الله المقرّبون ، وأمره بين الكاف والنون» (١).

__________________

(١) مقدّمة مرآة الأنوار : ص ٥٠ ، بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ١٦٩ ب ٤ ح ٣٨.

٢٤٤

الْمُتَّقُونَ (١)

____________________________________

(١) ـ مرّ في الفقرة الشريفة «وأعلام التُّقى» بيان معنى وحقيقة التقوى مفصّلاً ، وذكرنا أنّ التقوى لغةً بمعنى : التحذّر والخشية.

وعرفاً بمعنى صيانة النفس عمّا يضرّها.

ولها مراتب ثلاثة هي :

١ / تصحيح العقائد.

٢ / فعل الواجبات ، وترك المحرّمات.

٣ / التجنّب عن كلّ ما يُشغل القلب عن الحقّ.

وجُمعت معانيها في الحديث الصادقي الشريف : «أن لا يفقدك حيث أمرك ن ولا يراك حيث نهاك» (١).

وأهل البيت سلام الله عليهم أبرز أمثلة التقوى وأعلى سادات المتّقين. وفي حديث المفضّل ، عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى : (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) (٢) قال :

«هي في علي وأولاده وشيعتهم ، هم المتّقون ، وهم أهل الجنّة والمغفرة» (٣).

وهم رمز التُّقى وكلمة التقوى التي ألزمها الله تعالى على المؤمنين في قوله تعالى : (فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ) (٤). كما تلاحظه في أحاديث تفسيره الشريفة.

ففي أمالي الصدوق رحمه الله بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال : «إنّ الله عهد إليّ في علي [بن أبي طالب] عليه السلام عهداً.

__________________

(١) سفينة البحار : ج ٨ ص ٥٥٨.

(٢) سورة محمّد : الآية ١٥.

(٣) تفسير فرات الكوفي : ص ٤١٧.

(٤) سورة الفتح : الآية ٢٦.

٢٤٥

.........................................

____________________________________

قلت : يا ربّ بيّنه لي.

قال : اسمع.

قلت : قد سمعت.

قال : إنّ عليّاً راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتّقين ، من أحبّه أحبّني ، ومن أطاعه أطاعني» (١).

وفي كتاب الخصال : عن عبد الله بن عبّاس قال : قام رسول الله صلى الله عليه وآله فينا خطيباً ، فقال في آخر خطبته : «نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى» (٢).

وفي كتاب التوحيد ، باسناده إلى أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته : «أنا عروة الله الوثقى وكلمة التقوى» (٣).

__________________

(١) أمالي الصدوق : ص ٣٨٦ ح ٢٣ ، بحار الأنوار : ج ٣٨ ص ١٠٤ ب ٦١ ح ٢٩.

(٢) بحار الأنوار : ج ٢٤ ص ١٨٤ ب ٥٠ ح ٢٣ ، الخصال : ص ٤٣٢ ح ١٤.

(٣) بحار الأنوار : ج ٤ ص ٨ ب ١ ح ١٨ ، التوحيد : ص ١٦٤ ح ٢.

٢٤٦

الصّادِقُونَ (١)

____________________________________

(١) ـ جمع الصادق من الصدق ضدّ الكذب ، والصادق هو الذي لا يكذب ، والصادقون هم الذين صدقوا في دين الله نيّة وقولاً وعملاً (١).

وأتمّ مصاديقه أهل بيت العصمة سلام الله عليهم الذين صدقوا في دين الله نيّة وقولاً وفعلاً ، وصدقوا في عهودهم المأخوذة عليهم من الله تعالى ووفوا بها ، ولازموا الصدق حتّى كانوا من الصدّيقين ، وصدّقوا النبي من عالم النور (٢).

وفي حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٣).

قال : «الصادقون هم الأئمّة ، والصدّيقون بطاعتهم» (٤).

وأمير المؤمنين عليه السلام (هو الصدّيق الأكبر) كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله (٥).

وفاطمة الزهراء عليها السلام (هي الصدّيقة الكبرى) كما في حديث الإمام الصادق عليه السلام (٦).

__________________

(١) مجمع البحرين : ص ٤٣٧.

(٢) لاحظ معاني صدقهم في مرآة الأنوار : ص ١٤٤.

(٣) سورة التوبة : الآية ١١٩.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٠٨ ح ٢.

(٥) كتاب سليم بن قيس الهلالي : ج ٢ ص ٨٨١.

(٦) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ١٠٥ ب ٥ ح ١٩.

٢٤٧

الْمُصْطَفَوْنَ (١)

____________________________________

(١) ـ جمع المصطفى ، من الاصطفاء بمعنى الاختيار.

وصفوا الشيء : خالصة ، وخياره ، وجيّده ، وأحسنه ، فالمصطفى هو المختار الخالص الجيّد.

وأهل البيت عليهم السلام هم الذين اصطفاهم الله تعالى واجتباهم واختارهم على العالمين.

وقد تقدّم في «صفوة المرسلين» أنّهم المصطفون من آل إبراهيم في قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (١).

وهم المصطفون من جميع عباد الله كما يستفاد من قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) (٢).

كما تلاحظ أحاديث تفسيره في الكنز (٣).

وورد في حديث أبي حمزة الثمالي ، عن الإمام الباقر عليه السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله : «إنّ الله تعالى قال في الأئمّة الهداة : لقد اصطفيتهم وإنتجبتهم وأخلصتهم ، وإرتضيتهم ، ونجّي من أحبّهم ووالاهم وسَلَّم لفضلهم» (٤).

__________________

(١) سورة آل عمران : الآية ٣٣.

(٢) سورة فاطر : الآية ٣٢.

(٣) كنز الدقائق : ج ١٠ ص ٥٦٤.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٠٨ ح ٤.

٢٤٨

الْمُطيعُونَ للهِ (١)

____________________________________

(١) ـ الطاعة والإطاعة في أصل اللغة بمعنى الإنقياد.

وإطاعة الله هي الإذعان به ، والإنقياد له ، وإمتثال ما أراده.

والمطيعون لله تعالى بالإطاعة التامّة الكاملة هم الرسول والعترة صلوات الله عليهم.

والدليل على طاعتهم العليا هي عصمتهم الكبرى.

وقد ورد في زيارة صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه : «أشهد يا مولاي أنّكم المطيعون لله» (١).

وقد أطاعوا الله العزيز في جميع أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم وفي كل ما أراده منهم حتّى بذلوا أنفسهم وأموالهم وأرواحهم وأبدانهم في سبيله ، وصبروا على عظيم البلاة لرضاه ، وقاتلوا حتّى قُتلوا ، واضطهدوا حتّى استشهدوا في سبيل إعلاء كلمة الله وإقامة دينه.

ويدلّ على طاعتهم قوله تعالى : (يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٢) ـ (٣).

وفي دعاء الزيارة الحسينية المباركة : «لم يعصك في ليل ولا نهار» (٤).

كما يدلّ عليه ويشهد به تتبّع أحوالهم ، واستقراء سيرتهم ، والتعرّف على عباداتهم والإطّلاع على مصائبهم ومحنهم في أحاديث الخاصّة والعامّة وكتب التاريخ والسير ، ويكفيك في ذلك ما تحمّله أمير المؤمنين عليه السلام من الألم في سبيل

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٠٢ ص ١٨١.

(٢) سورة الأنبياء : الآية ٢٧.

(٣) كنز الدقائق : ج ٨ ص ٤٠٤.

(٤) بحار الأنوار : ج ١٠١ ص ٢٢٥ ب ١٨ ح ٣٤.

٢٤٩

.........................................

____________________________________

طاعة الله ورسوله الذي تقدّم عن كتاب ابن دأب (١).

وتلاحظ ما شهد به ابن أبي الحديد حيث قال :

(وأمّا العبادة فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاةً وصوماً ، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل ، وملازمة الأوراد وقيام النافلة وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على وِرده أن يبسط له نطع بين الصفّين ليلة الهرير فيصلّي عليه وِرده ، والسهام تقع بين يديه ، وتمرّ على صماخيه يميناً وشمالاً ، فلا يرتاع لذلك ، ولا يقوم حتّى يفرغ من وظيفته! وما ظنّك برجلٍ كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده) (٢).

قال السيّد الهمداني : (حقيقة الطاعة عبارة عن صَرِف العبد جميع ما آتاه في إرادة الله من نفسه ، وملكاته ، وتمام جوارحه وإضافاته.

ولم يتحقّق ذلك ، ولا يتحقّق من عبد بالنسبة إلى مولاه إلاّ من محمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله بالنسبة إلى الله تعالى) (٣).

__________________

(١) الإختصاص : ص ١٥٨.

(٢) شرح نهج البلاغة : ج ١ ص ٢٧.

(٣) الشموس الطالعة : ص ٢٦٣.

٢٥٠

الْقَوّامُونَ بِاَمْرِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ القوّامون : جمع القوّام : مبالغة وتكثير في القائم المتولّي للأمر.

والقَوّام بأمرٍ : هو القائم به مع الثبات والمواظبة ، والجدّ والتجلّد ، والذي أتى به وأدّاه حقّ الأداء ، مُوفياً بحقّه ، كما يستفاد من اللغة.

وفسّر القوّامون في قوله تعالى : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) (١) بمعنى دائمين على القيام بالعدل ، في القول والفعل.

وأهل البيت عليهم السلام قوّامون بأمر الله تعالى الذي هو أمر الإمامة ، أو الأعمّ من ذلك ، كما أفادته الأحاديث الشريفة مثل :

١ ـ حديث عبد العزيز بن مسلم ، عن الإمام الرضا عليه السلام الذي ورد فيه توصيف الإمام بأنّه : «قائم بأمر الله ... جعله الحجّة على عباده ، وقيّمه في بلاده» (٢).

٢ ـ حديث أبي حمزة الثمالي ، عن الإمام الباقر عليه السلام : قال فيه : كنت عند أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام ذات يوم فلمّا تفرّق من كان عنده قال لي : «يا أبا حمزة من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا ، فمن شكّ فيما أقول لقي الله وهو به كافر وله جاحد.

ثمّ قال : بأبي واُمّي المسمّى باسمي ، والمكنّى بكنيتي ، السابع من بعدي ، بأبي من يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

وقال : يا أبا حمزة من أدركه فلم يسلّم له فما سلّم لمحمّد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ، وقد حرّم الله عليه الجنّة ومأواه النار ، وبئس مثوى الظالمين ...

وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين وأزهر لمن هداه الله وأحسن إليه ، قول الله تعالى في محكم كتابه : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ

__________________

(١) سورة النساء : الآية ١٣٥.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٠٢ ح ١.

٢٥١

.........................................

____________________________________

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) (١).

ومعرفة الشهور : المحرّم ـ لا يكون ديناً قيّماً ، لأنّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعاً من المنافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدّونها بأسمائهم. وإنّما هم الأئمّة عليهم السلام القوّامون بدين الله ، والحرم منها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي اشتقّ الله تعالى له إسماً من إسمه العلي ، كما اشتقّ لرسول الله صلى الله عليه وآله إسماً من إسمه المحمود ، وثلاثة من ولده أسماؤهم علي : علي بن الحسين ، وعلي بن موسى ، وعلي بن محمّد ، فصار لهذا الإسم المشتقّ من اسم الله تعالى حرمة به» (٢).

__________________

(١) سورة التوبة : الآية ٣٦.

(٢) بحار الأنوار : ج ٣٦ ص ٣٩٣ ب ٢٥ ح ٩.

٢٥٢

الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ أي أنّ أهل البيت عليهم السلام أعمالهم على وفق إرادة الله ، وعلى طبق مشيئته ، بل هم أوعية مشيئة الله تعالى : ولا يريدون إلاّ ما أراد الله.

وما أحلاها وأجلاها من كلمة تبيّن أنّ أقوالهم وأفعالهم ، وحركاتهم وسكناتهم ، وكلّ ما يصدر منهم اُمور ربّانية ، صادرة بالإدارة الإلهية.

لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلاّ بعهدٍ من الله المتعال وأمرٍ منه ، يطيعونه ولا يتجاوزونه ، وقد عرفت أنّهم لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، فهم ورثة رسول الله صلى الله عليه وآله الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلاّ وحي يوحى.

وقد عقد لذلك ثقة الإسلام الكليني باباً (١) بأحاديث عديدة منها :

حديث ضريس الكنّاسي ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال :

قال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر علي والحسين والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عزّ وجلّ ، وما اُصيبوا من قتل الطواغيت إيّاهم ، والظفر بهم ، حتّى قُتلوا وغُلبوا؟

فقال أبو جعفر عليه السلام : «يا حمران إنّ الله تبارك وتعالى [قد] كان قدّر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتّمه ، ثمّ أجراه ، فبتقدّم علم ذلك إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله قام علي والحسن والحسين ، وبعلم صَمَت منّا» (٢).

وفي الزيارة المطلقة الاُولى للإمام الحسين عليه السلام : «إرادة الربّ في مقادير اُموره تهبط إليكم ، وتصدر من بيوتكم» (٣).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٧٩ الأحاديث.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٨١ ح ٣.

(٣) الكافي : ج ٤ ص ٥٧٥ ح ٢.

٢٥٣

الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ أصل الفوز في اللغة هي النجاة ، وجاء بمعنى الظفر بالخير.

والكرامة : اسم من الإكرام والتكريم ، وهي أنواع الخير والشرف والفضيلة.

وأهل البيت عليهم السلام فازوا بما لم يَفُز به أحدٌ من الخلق أجمعين ، وظفروا بأجزل كرامات ربّ العالمين.

نالوا كلّ فضيلة ، وحازوا كلّ محمدة ، وأنعم الله عليهم بكلّ كرامة ، من الإمامة والعلم والحكمة والشرف ووجوب إطاعة الناس لهم في الدنيا ، مضافاً إلى شفاعتهم ومكانتهم ومقامهم المحمود في الاُخرى.

وقد أفاضوا أجزل الكرامات ووهبوا أجمل الخيرات ، وتقدّموا بمعالي الإحسان لمخلوقات الربّ المنّان بجميع صنوفها وأصنافها ، كما ترى ذلك في كراماتهم الإعجازية الشريفة (١).

وقد اعترف بمكارمهم وجميل خصالهم كلّ عدوٍّ وصديق ، وصار من العيان الذي لا يحتاج إلى البيان.

فازوا عليهم السلام بكرامات الخالق الكريم ، وصاروا مظاهر الفيض ، ووسائط الإفاضة والتكريم.

وكانوا كغيث الرحمة الإلهية العامّة ، الذي يعمّ نفعه الشكور والكفور والصالح والطالح.

ولا غرو في ذلك فإنّهم أهل بيت من هو سيّد النبيين ومن هو رحمة الله للعالمين.

وقد أكرمهم الله بشرفه ، وشرّفهم بكرامته ، كما في حديث زياد بن المنذر عن الإمام الباقر عليه السلام جاء فيه :

__________________

(١) لاحظ مدينة المعاجز للسيّد البحراني قدس سره.

٢٥٤

.........................................

____________________________________

«هؤلاء أهل البيت أكرمهم الله بشرفه ، وشرّفهم بكرامته ، وأعزّهم بالهدى وثبّتهم بالوحي ، وجعلهم أئمّةً هداة ، ونوراً في الظُلَم للنجاة» (١).

وتلاحظ كرامات الله لهم في الحديث الجامع الشريف في الإمامة في رواية طارق بن شهاب المتقدّمة (٢).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٣ ص ٢٤٥ ب ١٣ ح ١٦.

(٢) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ١٦٩ ب ٣ ح ٣٨ ، الكافي : ج ١ ص ١٩٨ ح ١.

٢٥٥

اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ الإصطفاء هو الإختيار ، وصفوا الشيء هو : خالصة وخياره وجيّده وأحسنه.

أي إصطفاكم الله واختاركم على خلقه ، وفضّلكم على عباده ، عالماً بأنّكم أهل لذلك ، فأنتم صفوة الخلق وأحسن العباد.

فإنّ الله تعالى محيط بكلّ شيء علماً ، عالم بحقائق الأشخاص واقعاً ، وخبيرٌ بعواقب الأفراد حقيقةً ، وعارف بالسرّ والخفيّات ، لا يعزُب عن علمه شيء ، لا يسهو ولا يلهو.

لذلك إذا اختار شيئاً كان إختياره في أعلى مراتب الصواب والإصابة ، ولم يخطأ في ذلك قيد شعرة.

وقد اختار الله العلاّم محمّداً وآل محمّد وإصطفاهم على الخلق أجمعين ، وكان إختياره لهم بعلم منه ، مع معرفته بالوفاء منهم ، مع أهلّيتهم للإصطفاء على أهل الأرض والسماء.

وقد تقدّم حديث أبي حمزة الثمالي في إخبار الله تعالى عن الأئمّة عليهم السلام في الكلام القدسي : «لقد إصطفيتهم وانتجبتهم» (١).

وفي دعاء الندبة الشريفة : «وعلمتَ منهم الوفاءَ به ، فقبلتَهم وقرّبتَهم وقدّمت لهم الذكرَ العليّ ، والثناء الجليّ» (٢). هذا معنى ، واحتمل أن يكون بمعنى أنّ الله

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٠٨ ح ٤.

(٢) لا يخفى أنّ هذا الدعاء الشريف من الأدعية المعتبرة المنقولة عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه لندبة شيعته له ، وطلبهم فرجه من الله تعالى في الأعياد الأربعة ـ الغدير والفطر والأضحى والجمعة ـ.

وقد جاء هذا الدعاء في مصادر كتب الزيارة التي لها الاعتبار واعتمد عليها العلماء الأبرار مثل

٢٥٦

.........................................

__________________

(مزار محمّد بن المشهدي / ص ١٩٠) و(مصباح الزائر للسيّد ابن طاووس / ٢٣٠) و(الإقبال / ص ٢٩٥) وجاء في البحار : ج ١٠٢ ص ١٠٤ ب ٥٦ الدعاء.

ومعلوم أنّ المصدر الأقدم هو المزار ـ وصاحبه ابن المشهدي ، هو محمّد بن جعفر المعروف بابن المشهدي الحائري ، الذي هو من مشايخ محدّثي الشيعة الأبرار ، واُستاد الشيخ نجيب الدين ابن نما الحلّي.

وقد أفاد الميرزا النوري قدس سره في خاتمة المستدرك : ج ٣ ص ٣٦٨ و ٤٧٧ اعتماد أصحابنا الأبرار على هذا الكتاب وتسميته بالمزار الكبير.

وقد نقل ابن المشهدي دعاء الندبة عن محمّد بن علي بن أبي قرّة الذي هو من المشايخ الثقات للشيخ النجاشي.

عن أبي جعفر محمّد بن الحسين البزوفري الذي هو من مشايخ الشيخ المفيد الذي ترحّم عليه نقل إنّه الدعاء لصاحب الزمان عليه السلام.

وسلسلة السند هؤلاء كلّهم من الأجلاّء.

وقد وثّق ابن المشهدي مشايخه الرواة إلى المعصومين عليهم السلام بالتوثيق العام في أوّل كتاب المزار بقوله :

(فإنّي قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد المشرّفات ، وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات ، والأدعية المختارات ، وما يُدعى به عقيب الصلوات ، وما يُناجى به القدير تعالى ، من لذيذ الدعوات في الخلوات ، وما يُلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات ، ممّا اتّصلت به من ثقات الرواة إلى السادات).

فتكون أسناد رواياته موثّقة من قبله بالتوثيق العام في جميع سلسلة السند.

ومن ذلك سنده في دعاء الندبة ، فيكون هذا الدعاء من الأدعية المعتبرة ، فهو تامّ سنداً وشريف دلالة.

وقد ذكره العلاّمة الجلسي في ص ٣٤٣ من كتابه الشريف تحفة الزائر الذي صرّح في مقدّمته / ص ٢ بأنّها مقصورة على ذكر الزيارات والأدعية والآداب المنقولة بأسانيد معتبرة عن أئمّة الدين صلوات الله عليهم أجمعين.

٢٥٧

.........................................

____________________________________

تعالى اصطفاكم على الخلق بسبب أن كنتم خزّان علمه. وقد مضى بيان جهات علومهم في فقرة «وخزّان العلم». وفي زيارة أئمّة البقيع عليهم السلام : «إصطفاكم الله على الناس ، وورّثكم علم الكتاب وعلّمكم فصل الخطاب ، وأجرى فيكم مواريث النبوّة ، وفجّر بكم ينابيع الحكمة ، وألزمكم بحفظ الشريعة ، وفرض طاعتكم ومودّتكم على الناس» (١).

وفي نسخة الكفعمي بعد هذا (واصطنعكم لنفسه).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٠٠ ص ٢٠٩ ب ٩ ح ٨.

٢٥٨

وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ (١)

____________________________________

(١) ـ الرضا : ضدّ السخَطَ والكراهة.

والغَيب : هو ما غاب وخفى عن الأبصار.

والارتضاء للغيب بمعنى من رضى به الله وقَبِله لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلاّ هو. واهل البيت سلام الله عليهم إرتضاهم الله لعلم الغيب ، وحمّلهم معرفة المغيبات ، وجعلهم مخزن غيبه ، والمطّلعين على الغيب بإذنه.

وفيه إشارة إلى أنّهم عليهم السلام ممّن إرتضاهم في قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ) (١).

إمّا بكون الرسول شاملاً لهم على التغليب ، أو أنّ علمهم بالغيب واصل إليهم بواسطة الرسول وهو جدّهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله كما أفاده في كتاب الأنوار (٢) ، وجاء بيانه في حديث حمران (٣).

وقد استشهد بهذه الآية الشريفة في مفصَّل حديث سلمان رضوان الله عليه عن أمير المؤمنين عليه السلام بعد ما أراه وأخبره عن الاُمور العجيبة.

فقال سلمان : كيف هذا يا سيّدي؟

فأجاب عليه السلام : «يا سلمان أما قرأت قول الله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ) فقلت : بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام : أنا ذلك المرتضى من الرسول الذي أظهره الله عزّ وجلّ على غيبه» (٤).

وفي الحديث العلوي الجامع في وصف الإمام عليه السلام : «عالم بالمغيبات خصّاً من

__________________

(١) سورة الجنّ : الآية ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) الأنوار اللامعة : ص ١١٦.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٥٦ ح ٢.

(٤) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٥٠ ب ١١٧ ح ١.

٢٥٩

.........................................

____________________________________

ربّ العالمين ، ونصّاً من الصادق الأمين» (١).

ويستفاد علمهم بالغيب بإذن الله تعالى من أحاديث كثيرة وفيرة في مختلف الأبواب من ذلك :

١ ـ أحاديث اُصول الكافي / ج ١ / ص ٢٥٨ / باب أنّ الأئمّة عليهم السلام إذا شاؤوا أن يعلموا علموا / ح ١ ـ ٣ ، وباب أنّ الأئمّة عليهم السلام يعلمون متى يموتون / ح ١ ـ ٢.

٢ ـ أحاديث بحار الأنوار / ج ٤١ / ص ٢٨٣ / باب ١١٤ باب معجزات كلام أمير المؤمنين عليه السلام من إخباره بالغائبات ، الأحاديث الستّة والستّين.

وكذا إخبارات باقي أئمّتنا المعصومين عليهم السلام التي تجدها مجموعة في سفينة البحار / ج ٦ / ص ٦٩٩ ـ ٧٠٢.

٣ ـ أحاديث كنز الدقائق / ج ١٣ / ص ٤٩١. نكتفي من تلك المجموعة الكبيرة بالأحاديث المتواترة الواردة في تفسير قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ) (٢) ومن ذلك :

١ ـ حديث علي بن إبراهيم المتقدّم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن عبد الله بن سليمان ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام : «أنّ جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله برمّانتين ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله إحداهما وكسر الاُخرى بنصفين ، فأكل نصفاً وأطعم عليّاً نصفاً.

ثمّ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أخي ، هل تدري ما هاتان الرمّانتان؟

قال : لا.

قال : أمّا الاُولى فالنبوّة ، ليس لك فيها نصيب ، وأمّا الاُخرى فالعلم أنت شريكي فيه.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ١٧٢ ب ٤ ح ٣٨.

(٢) بحار الأنوار : الآية ٢٦ ـ ٢٧.

٢٦٠