الدكتور لبيب بيضون
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٠٠
تابع : ترجمة زين العابدين عليهالسلام
وقد ولد لزين العابدين عليهالسلام : الحسن والحسين ماتا صغيرين ، ومحمد الباقر ، وعبد الله وزيد وعمر وعلي ومحمد الأوسط وعبد الرحمن وحسين الصغير والقاسم. ا ه
وكان زين العابدين عليهالسلام يوم الطف مريضا فلم يقاتل. وهمّ شمر ابن ذي الجوشن بقتله ، فمنعه الله منه. وحين قيّد إلى الكوفة مع السبايا همّ عبيد الله ابن زياد بقتله ، فمنعه الله منه. وحين سيّر إلى الشام همّ يزيد بن معاوية بقتله ، فمنعه الله منه. كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة الأئمة الأطهار من عقب الحسين عليهالسلام ونسل النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أولئك الأئمة الذين عادلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن لا يتفرقوا عنه حتى يردوا حوض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم القيامة ، وتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم وآخرهم المهدي عليهالسلام ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا.
الفصل الثاني والثلاثون
عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
يتضمن هذا الفصل المواضيع التالية :
مقدمة الفصل ـ عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام : ـ صفة عقوبة قاتلي الحسينعليهالسلام
ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسين عليهالسلام
ـ خبر من أنكر معاقبة الله لقتلة الحسين عليهالسلام
ـ مخاصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لقتلة الحسين عليهالسلام يوم القيامة ـ مخاصمة فاطمة عليهالسلام لمن قتل ابنها الحسين عليهالسلام ـ نهاية بعض قتلة الحسين عليهالسلام : ـ ثورة المختار :
ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي
ـ مقتل سنان بن أنس النخعي
ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي
ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسين عليهالسلام
ـ مقتل عمر بن سعد
ـ مقتل عبيد الله بن زياد
ـ مقتل الحصين بن نمير
ـ استبشار الإمام زين العابدين عليهالسلام بمقتل عمر بن سعد
وعبيد الله بن زياد
ـ ترجمة المختار بن أبي عبيدة الثقفي
ـ عجائب في قصر الإمارة.
الفصل الثاني والثلاثون
عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
مقدمة الفصل :
لا يشك أحد ما للحسين عليهالسلام من منزلة وقيمة عند الله تعالى ، وخاصة بعد أن قدّم لله كل ما يملك ، حتى روحه وأرواح أهله وأولاده. ومن كانت هذه حاله فهل يردّ الله له دعوة ، أو لا يقتصّ من قتلته وأعدائه ، ولو بعد حين؟!.
وقد مرّت معنا سابقا أدعية كثيرة دعا بها الحسين عليهالسلام على أعدائه.
فمنها ما كانت استجابتها سريعة ، ونبهت بذلك كثيرا من الغافلين فاهتدوا ؛ مثل دعائه على مالك بن جريرة (وقيل عبد الله بن حوزة) حين أشعل الحسين عليهالسلام النار في الخندق الّذي حفره خلف خيامه ، ليتقي هجوم أعدائه من ظهره ، فقال للحسين عليهالسلام : أبشر يا حسين فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة. فدعا عليه الحسين عليهالسلام أن يجرّه الله إلى النار ، فلم يكن بأسرع من أن شبّ به الفرس ، فألقاه على ظهره ، فتعلقت رجله في الركاب ، فركض به الفرس حتى ألقاه في النار فاحترق.
ومثل دعائه عليهالسلام على محمّد بن الأشعث ، بعد أن نفى أية قرابة بين الحسين عليهالسلام وبين جده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال له الحسين عليهالسلام : الله م أرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا. فما كان بأسرع من أن تنحّى محمّد بن الأشعث يريد قضاء حاجة ، فلدغته العقرب في عورته ، فمات بادي العورة.
ومنها (زرعة) الّذي شكّ الحسين عليهالسلام بسهم في شدقه حين حاول شرب الماء ، فدعا عليه الحسين عليهالسلام بأن لا يرتوي في حياته ، فكان يشرب حتى يخرج الماء من فمه ولا يرتوي ، حتى مات عطشا ... وأمثال ذلك كثير.
ومنها ما كانت استجابتها مؤجلة إلى وقتها ؛ مثل دعائه عليهالسلام على عمر بن سعد ، بأن لا يهنأ بولاية الري ، وبأن يذبح على فراشه ، فبعث المختار من قتله على فراشه.
ومثل دعائه عليهالسلام حين أصبح وحيدا فريدا ، بأن ينتقم الله له من أهل العراق الذين حاربوه ، من حيث لا يشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني : يابن فاطمة ، بماذا ينتقم لك منا؟. فقال عليهالسلام : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبّ عليكم العذاب الأليم. فكان ذلك فيما بعد على يد الحجاج.
ومثل دعائه عليهالسلام على أعدائه يوم العاشر من المحرم حين قال : " الله م احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف [وهو المختار الثقفي] ، يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله. قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم". فكان ذلك حين بعث الله لهم المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، فانتقم منهم وتتبّعهم حتى قتلهم ، ولم يبق أحدا منهم. ومنهم عبيد الله بن زياد ، وعمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، وغيرهم كثير.
وفي محاورة الحسين عليهالسلام مع عبد الله بن عمر ، دعاه إلى عدم مبايعة يزيد ، ثم قال له عليهالسلام : فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلا قليلا. وقد استجاب الله أمله ، فقتل يزيد بعد ثلاث سنوات وهو في ريعان الشباب (عمره ٣٤ سنة) ، جزاء وفاقا ، بما قدّمت يداه. وكما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين.
صفة عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
٧٩٠ ـ عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام في الدنيا قبل الآخرة :
(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٨)
وأما ما روي من الأحاديث عن الفتن التي أصابت من قتل الحسين عليهالسلام فأكثرها صحيح ، فإنه قلّ من نجا من أولئك الذين قتلوه ؛ من آفة وعاهة في الدنيا ، فلم يخرج منها حتى أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابهم الجنون.
٧٩١ ـ عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام سريعة وشاملة :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٨ ط ٢ نجف)
قال الزهري : ما بقي من قاتلي الحسين عليهالسلام أحد إلا وعوقب في الدنيا ؛ إما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة.
٧٩٢ ـ جزاء قتلة الحسين عليهالسلام القتل في الدنيا أو المرض :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)
عن (مينا) أنه قال : ما بقي من قتلة الحسين عليهالسلام أحد لم يقتل ، إلا رمي بداء في جسده قبل أن يموت.
٧٩٣ ـ العقاب بالجدري : (نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٧)
قال جلال الدين السيوطي في (المحاضرات والمحاورات) : حصل بالكوفة جدري في بعض السنين ، عمي منه ألف وخمسمائة من ذرية من حضروا قتل الحسين عليهالسلام.
٧٩٤ ـ عقاب قتلة الحسين عليهالسلام شديد يوم القيامة :
(الاحتجاج للطبرسي ، ج ٢ ص ٤٠)
قال الطبرسي : إن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي قصتهم ، فلما بلغ آخرها قال : إن الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك ، فكيف ترى عند الله عزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهتك حريمه؟!. إن الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدنيا ، فإن المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.
٧٩٥ ـ قاتل الحسين عليهالسلام خالد في جهنم :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٣)
عن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي ، حدّثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، حدثني أبي موسى بن جعفر عليهالسلام ، حدثني أبي جعفر بن محمّد عليهالسلام ، حدثني أبي محمّد بن علي عليهالسلام ، حدثني أبي علي بن الحسين عليهالسلام ، حدثني أبي الحسين بن علي عليهالسلام ، حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن قاتل الحسين عليهالسلام في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، ينكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهم عزوجل من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما نضجت جلودهم بدّلوا بجلود غيرها ، ليذوقوا العذاب الأليم».
وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الويل لظالمي أهل بيتي ، عذابهم
مع المنافقين ، في الدرك الأسفل من النار ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من عذاب جهنم ، فالويل لهم من العذاب الأليم».
وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اشتدّ غضب الله وغضب رسوله ، على من أهرق دمي ، وآذاني في عترتي».
٧٩٦ ـ عقوبة قاتل الحسين عليهالسلام : (بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١٤ ط ٣)
روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا عن بعض الصحابة ، قال : رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يمصّ لعاب الحسين عليهالسلام كما يمصّ الرجل السكرة ، وهو يقول :
«حسين مني وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، وأبغض الله من أبغض حسينا. حسين سبط من الأسباط ، لعن الله قاتله».
فنزل جبرئيل عليهالسلام وقال : يا محمّد إن الله قتل بيحيى بن زكريا سبعين ألفا من المنافقين ، وسيقتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفا وسبعين ألفا من المعتدين. وإن قاتل الحسين عليهالسلام في تابوت من نار ، ويكون عليه نصف عذاب أهل الدنيا ، وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، وهو منكّس على أم رأسه في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ أهل النار من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم لا يفتر عنه ، ويسقى من حميم جهنم.
٧٩٧ ـ الله يغفر للأولين والآخرين ما خلا قاتل الحسين عليهالسلام :
(اللهوف ص ٥٩ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٥)
وروى بإسناده عن علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن موسى بن عمران سأل ربه ، فقال : يا ربّ إن أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه : أن يا موسى بن عمران ، لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك فيهم ، ما خلا قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فإني أنتقم له منه.
٧٩٨ ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسين عليهالسلام ـ قصة الّذي عمي :
(كشف الغمة للإربلي ، ج ٢ ص ٢٦٩)
عن أبي حصين عن شيخ من قومه من بني أسد ، قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام وبين يديه طست من دم ، والناس يعرضون عليه فيلطخهم ، حتى انتهيت إليه ،
فقلت : بأبي والله وأمي ، ما رميت بسهم ولا طعنت برمح ولا كثّرت!. فقال لي : كذبت قد هويت قتل الحسين عليهالسلام. قال : فأومى إليّ بإصبعه فأصبحت أعمى ، فما يسرّني أن لي بعماي حمر النّعم.
٧٩٩ ـ عقوبة من كثّر السواد على الحسين عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)
قال ابن رماح : لقيت رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسين عليهالسلام ، فكان الناس يأتونه ويسألونه عن سبب ذهاب بصره؟. فقال : إني كنت شهدت قتله عاشر عشرة ، غير أني لم أضرب ولم أطعن ولم أرم. فلما قتل رجعت إلى منزلي فصليت العشاء الآخرة ونمت ، فأتاني آت في منامي وقال لي : أجب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!. فإذا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس في الصحراء ، حاسر عن ذراعيه ، آخذ بحربة ، ونطع بين يديه ، وملك قائم لديه ، في يده سيف من نار يقتل أصحابي ، فكلما ضرب رجلا منهم ضربة التهبت نفسه نارا. فدنوت من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجثوت بين يديه ، وقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم يردّ عليّ. ومكث طويلا مطرقا ، ثم رفع رأسه وقال لي : يا عبد الله ، انتهكت حرمتي ، وقتلت عترتي ، ولم ترع حقي ، وفعلت وفعلت!.
فقلت له : يا رسول الله ، والله ما ضربت سيفا ولا طعنت رمحا ولا رميت سهما!. فقال : صدقت ، ولكنك كثّرت السواد [أي كثّرت عدد الناس ضد الحسين عليهالسلام] ادن مني. فدنوت منه ، فإذا طست مملوء دما. فقال : هذا دم ولدي الحسين عليهالسلام ، فكحّلني منه. فانتبهت ولا أبصر شيئا حتى الساعة.
٨٠٠ ـ عقاب من يطعن في الحسين عليهالسلام :
(فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ـ تحقيق وصي الله بن محمّد عباس ـ طبع جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، ج ٢ ص ٥٧٤)
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال حدّثني أبي ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال حدثنا قرة ، قال سمعت أبا رجاء يقول :
لا تسبّوا عليا ولا أهل هذا البيت. إن جارا لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة فقال : أو لم تروا هذا الفاسق بن الفاسق ، إن الله قتله [يقصد الحسين عليهالسلام] ، فرماه الله بكوكبين في عينيه [الكوكب : بريق الحديد عندما يتوقد] فطمس الله بصره.
٨٠١ ـ الّذي عمي لمجرد أنه يهوى قتلة الحسين عليهالسلام :
(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢٠)
وروي عن أبي الحصين رضي الله عنه قال : رأيت شيخا مكفوف البصر ، فسألته عن السبب؟. فقال : إني من أهل الكوفة ، وقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ، وبين يديه طشت فيه دم عظيم من دم الحسين عليهالسلام ، وأهل الكوفة كلهم يعرضون عليه ، فيلطخهم بالدم دم الحسين عليهالسلام. حتى انتهيت إليه وعرضت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، ما ضربت بسيف ولا رميت بسهم ، ولا كثّرت السواد عليه!. فقال لي : صدقت ، ألست من أهل الكوفة؟. فقلت : بلى. قال : فلم لا نصرت ولدي ، ولم لا أجبت دعوته؟. ولكنك هويت قتلة الحسين ، وكنت من حزب ابن زياد!. ثم إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أومأ إليّ بإصبعه ، فأصبحت أعمى. فو الله ما يسرّني أن يكون لي حمر النّعم ، ووددت أن أكون شهيدا بين يدي الحسين عليهالسلام.
٨٠٢ ـ قصة اسوداد وجه الّذي حمل رأس العباس عليهالسلام :
(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٦)
حكى هشام بن محمّد عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي ، قال : لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة ، إذا بفارس أحسن الناس وجها ، قد علّق في لبب فرسه رأس غلام أمرد ، كأنه القمر ليلة تمامه ، والفرس يمرح ، فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض. فقلت له : رأس من هذا؟. قال : رأس العباس بن علي عليهالسلام!. قلت : ومن أنت؟. قال : حرملة بن الكاهل الأسدي.
فلبثت أياما ، وإذا بحرملة وجهه أشد سوادا من القار [أي الزفت]. فقلت له : قد رأيتك يوم حملت الرأس ، وما في العرب أنضر وجها منك ، وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجها منك!. فبكى وقال : والله منذ حملت الرأس إلى اليوم ، ما تمرّ عليّ ليلة إلا واثنان يأخذان بضبعي [الضّبع : ما بين الإبط إلى نصف العضد الأعلى] ثم ينتهيان بي إلى نار تأجّج ، فيدفعاني فيها ، وأنا أنكص فتسفعني كما ترى. ثم مات على أقبح حال.
يقول السيد الأمين : دعا عليه زين العابدين عليهالسلام فقال : الله م أذقه حرّ الحديد ، الله م أذقه حرّ النار. فأخذه المختار ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، ثم أتي بنار وقصب فأحرقه.
٨٠٣ ـ كيف يجوز قتل ذراري قتلة الحسين عليهالسلام في الرجعة :
(علل الشرائع للصدوق ، ج ١ ص ٢١٩)
عن الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : يابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : إذا خرج القائم عليهالسلام قتل ذراري قتلة الحسين عليهالسلام بفعال آبائها؟. فقال عليهالسلام : هو كذلك. فقلت : وقول الله عزوجل : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤] ما معناه؟. قال : صدق الله في جميع أقواله. ولكن ذراري قتلة الحسين عليهالسلام يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه. ولو أن رجلا قتل بالمشرق ، فرضي بقتله رجل بالمغرب ، لكان الراضي عند الله عزوجل شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائم عليهالسلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. (قال) قلت له : بأي شيء يبدأ القائم فيكم إذا قام؟. قال : يبدأ ببني شيبة ، فيقطع أيديهم ، لأنهم سرّاق بيت الله عزوجل.
قصة الّذي احترق بالمصباح
٨٠٤ ـ قصة الّذي احترق بالمصباح : (تهذيب التهذيب ، ص ٣٥٥)
قال ثعلب : حدثنا عمر بن شبّة النميري ، حدثني عبيد بن جنادة ، أخبرني عطاء بن مسلم ، (قال) قال السدّي : أتيت كربلاء أبيع البزّ بها ، فعمل لنا شيخ من جلي طعاما ، فتعشيناه عنده. فذكرنا قاتل الحسين عليهالسلام فقلنا : ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة.
فقال (صاحب الدار) : ما أكذبكم يا أهل العراق ، فأنا ممن شرك في ذلك .. فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتّقد ، فنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفيها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء (في الفرات).
قال السدي : فأنا والله رأيته كأنه حممة [أي يتوهج كالجمرة المتقدة].
٨٠٥ ـ خبر الّذي أنكر معاقبة الله لقتلة الحسين عليهالسلام وكيف مات بأسوأ ميتة : (تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢٥٢)
قال مولى لبني سلامة : كنا في ضيعتنا بالنهرين ، ونحن نتحدث بالليل ، أنه ما أحد ممن أعان على قتل الحسين عليهالسلام خرج من الدنيا حتى تصيبه بليّة.
قال : وكان معنا رجل من طيء ، فقال الطائي : أنا ممن أعان على قتل الحسين ، فما أصابني إلا خير! .. قال : وغشي السراج [أي أظلم وكاد ينطفئ] ، فقام الطائي يصلحه ، فعلقت النار في سبابته ، فمرّ يعدو نحو الفرات ، فرمى بنفسه في الماء. فاتّبعناه ، فجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار على الماء ، فإذا ظهر أخذته ، حتى قتلته.
٨٠٦ ـ قصة الأخنس بن زيد وكيف احترق فحما :
(البحار ، ج ٤٥ ص ٣٢١ ط ٣)
حكي عن السدي ، قال : ضافني رجل في ليلة ، فتسامرنا حتى ذكرنا كربلاء. قال الضيف : أما كنت حاضرا يوم الطف؟. قلت : لا ، والحمد لله. قال : أراك تحمد ، على أي شيء؟. قلت : على الخلاص من دم الحسين عليهالسلام ، لأن جده صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إن من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان. قال : قال هكذا جده؟. قلت : نعم. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ولدي الحسين يقتل ظلما وعدوانا. ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ، ويعذّب نصف عذاب أهل النار ، وقد غلّت يداه ورجلاه ، وله رائحة يتعوّذ أهل النار منها ، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك. فالويل لهم من عذاب جهنم.
قال : لا تصدّق هذا الكلام يا أخي!. قلت : كيف هذا ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا كذبت ولا كذّبت؟!.
قال : ترى قالوا : قال رسول الله : قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره ، وها أنا وحقك قد تجاوزت التسعين ، مع أنك ما تعرفني. قلت : لا والله. قال : أنا الأخنس بن زيد. قلت : وما صنعت يوم الطف؟. قال : أنا الّذي أمّرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسم الحسين بسنابك الخيل ، وهشّمت أضلاعه ، وجررت نطعا من تحت علي بن الحسين وهو عليل ، وكببته على وجهه ، وخرمت أذني صفية بنت الحسين لقرطين كانا في أذنيها [الصحيح أن التي خرمت أذنها هي فاطمة بنت الحسين عليهالسلام ، وليس للحسين عليهالسلام أية ابنة اسمها صفيّة].
قال السدّي : فبكى قلبي هجوعا وعيناي دموعا ، وخرجت أعالج على إهلاكه ؛ وإذا بالسراح قد ضعفت ، فقمت أزهرها. فقال : اجلس ، وهو يحكي لي متعجبا من نفسه وسلامته!.
ومدّ إصبعه ليزهرها ، فاشتعلت به ، ففركها في التراب فلم تنظف ، فصاح بي : أدركني يا أخي. فكببت الشربة عليها وأنا غير محب لذلك. فلما شمّت النار رائحة الماء ازدادت قوة ، وصاح بي : ما هذه النار وما يطفيها؟. قلت : ألق نفسك في النهر ، فرمى بنفسه. فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه ، كالخشبة البالية في الريح البارح. هذا وأنا أنظره ، فو الله الّذي لا إله إلا هو لم تطفأ حتى صار فحما ، وسار على وجه الماء. ألا لعنة الله على الظالمين ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
مخاصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لقتلة الحسين يوم القيامة
٨٠٧ ـ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد مخاصمة قتلة الحسين عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٤ ط نجف)
عن الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ... عن الزبير عن جابر الأنصاري (قال) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يجيء يوم القيامة ثلاثة : المصحف والمسجد والعترة ؛ فيقول المصحف : حرّقوني ومزّقوني ، ويقول المسجد : خرّبوني وعطّلوني ، وتقول العترة : قتلونا وطردونا وشرّدونا. فأجثو على ركبتيّ للخصومة ، فيقول الله عزوجل : ذلك إليّ ، فأنا أولى بذلك.
٨٠٨ ـ حديث من يناصب العداء لأهل البيت عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)
وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور الديلمي ... عن هشام عن عبد الله المكي عن جابر (قال) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ثلاث من كنّ فيه فليس مني : بغض علي عليهالسلام ، ونصب أهل بيتي ، ومن قال : الإيمان كلام.
قال : وفي رواية أبي سعيد الخدري عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ثلاث من حفظهن حفظ الله له دينه ودنياه ، ومن ضيّعهن لم يحفظ الله له شيئا : حرمة الإسلام ، وحرمتي ، وحرمة رحمي».
٨٠٩ ـ مخاصمة قاتل الحسين عليهالسلام يوم القيامة :
(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ١٧٧ ط نجف)
عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : بيني وبين قاتل الحسين خصومة يوم القيامة ، آخذ ساق
العرش بيدي ، ويأخذ علي عليهالسلام بحجزتي ، وتأخذ فاطمة عليهالسلام بحجزة عليّ ومعها قميص ، فأقول : يا رب أنصفني في قتلة الحسين عليهالسلام.
٨١٠ ـ تعسا لأمة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما قابلوه به من قتل أبنائه :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠١)
قال بعض العلماء : إن اليهود حّرموا الشجرة التي كان فيها عصا موسى عليهالسلام ؛ أن يخبطوا بها ، وأن يوقدوا منها النار ، تعظيما لعصا موسى عليهالسلام. وإن النصارى يسجدون للصليب لاعتقادهم فيه أنه من جنس العود الّذي صلب عليه عيسى عليهالسلام. وإن المجوس يعظّمون النار لاعتقادهم فيها أنها صارت بردا وسلاما على إبراهيم بنفسها. وهذه الأمة قد قتلت أبناء نبيّها ، وقد أوصى الله تعالى بمودتهم وموالاتهم ، فقال عزّ من قائل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣].
٨١١ ـ احفظوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أولاده ، كما حفظ العبد الصالح في اليتيمين :
(المصدر السابق)
وروي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام أنه قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين لأبيهما الصالح ، وكان الجد السابع. وقد ضيّعت هذه الأمة حقّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقتل أولاده.
٨١٢ ـ حديث من قتل عصفورا : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٢)
عن مجد الأئمة ... عن صهيب مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : " من ذبح عصفورا بغير حقه ، سأله الله عنه يوم القيامة".
وفي رواية أخرى : " من ذبح عصفورا بغير حق ، ضجّ إلى الله تعالى يوم القيامة منه. فقال : يا رب إن هذا ذبحني عبثا ، ولم يذبحني منفعة".
قال مجد الأئمة : هذا لمن ذبح عصفورا بغير حقّ .. فكيف لمن قتل مؤمنا .. فكيف لمن قتل ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو الحسين عليهالسلام؟.
٨١٣ ـ حديث من آذى شعرة مني : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)
وأخبرنا سيد الحفاظ الديلمي ... عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن الحسين (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي الحسين بن
علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي علي بن أبي طالب (وهو آخذ بشعره) حدثني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (وهو آخذ بشعره) ، قال :
«من آذى شعرة مني فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله ، ملء السماء وملء الأرض».
٨١٤ ـ ثأر الحسين عليهالسلام من قتلته أكبر من ثأر يحيى عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٦)
وأنبأني صدر الحفاظ أبو العلاء الهمداني ... عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن بنتك يا محمّد سبعين ألفا وسبعين ألفا».
وأخرج هذا الحديث أبو عبد الله الحافظ في (المستدرك) عن ابن عباس أيضا.
٨١٥ ـ كتاب عبد الملك بن مروان للحجاج باجتناب دماء أهل البيت عليهالسلام ، ومكاشفة زين العابدين عليهالسلام بذلك :
(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٤٠)
عن عبد الله الزاهد ، قال : لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة ، كتب إلى الحجاج بن يوسف :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف. أما بعد ، فانظر في دماء بني عبد المطلب فاجتنبها ، فإني رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا بها لم يلبثوا إلا قليلا ، والسلام. وأرسل بالكتاب بعد ختمه سرا إلى الحجاج ، وقال له: اكتم ذلك.
فكوشف بذلك علي بن الحسين عليهالسلام ، وأن الله قد شكر ذلك لعبد الملك. فكتب علي بن الحسين عليهالسلام من فوره :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من علي بن الحسين عليهالسلام إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين. أما بعد ، فإنك كتبت في يوم كذا في شهر كذا إلى الحجاج في حقنا بني عبد المطلب بما هو كيت وكيت ، وقد شكر الله لك ذلك. وطوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة إلى عبد الملك بن مروان ، وذلك من المدينة المشرّفة إلى الشام.
فلما وقف عبد الملك على الكتاب وتأمله ، وجد تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الّذي كتبه للحجاج ، ووجد مخرج غلام علي بن الحسين عليهالسلام موافقا لمخرج رسوله إلى الحجاج في يوم واحد وساعة واحدة ، فعلم صدقه وصلاحه ، وأنه كوشف بذلك. فأرسل إليه مع غلامه بوقر راحلته دراهم وثيابا وكسوة فاخرة ، وسيّره إليه من يومه ، وسأل أن لا يخليه من صالح دعائه (كذا في الفصول).
فاطمة عليهالسلام تخاصم من قتل ابنها يوم القيامة
٨١٦ ـ عرض الحسين عليهالسلام بلا رأس على أمه فاطمة عليهالسلام يوم القيامة :
(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١١)
روي عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب الله سرادقا من نور [السّرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب] بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والخلائق كلهم حاضرون. ثم ينادي مناد :
يا معشر الناس غضّوا أبصاركم فإن فاطمة الزهراء بنت محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم تريد أن تجتاز السرادق. فيغضّون أبصارهم ، فإذا هي مقبلة. فإذا وضعت رجليها في السرادق ، نوديت : يا فاطمة. فتلتفت ، فترى ولدها الحسين عليهالسلام واقفا بجانبها من غير رأس ، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا جثا على ركبتيه ، وخرّ مغشيا عليه. ثم إنها تفيق من غشيتها ، فتجد الحسين عليهالسلام يمسح وجهها بيديه ، ورأسه قد عاد إليه. فعند ذلك تدعو على قاتله ومن أعانه ، فيؤمر بهم إلى جهنم ، ولا شفيع لهم.
٨١٧ ـ الحسين عليهالسلام يقتل أعداءه جميعا : (المصدر السابق ؛ واللهوف ، ص ٥٨)
ويروى عن الإمام الصادق عليهالسلام يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب لفاطمة عليهالسلام كرسي (قبّة) من نور ، فتجلس عليه. فبينما هي جالسة ، وإذا بالحسين عليهالسلام مقبل عليها ، ورأسه بين يديه. فإذا رأته صرخت صرخة
(شهقت شهقة) عظيمة ، حتى لا يبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا بكى لبكائها. فيمثّله الله عزوجل في أحسن صورة ، ويجمع له من حضر في قتله ، والمتجاهر عليه ، ومن أشار في قتله ، فيقتلهم الحسين عليهالسلام عن آخرهم. ثم
ينشرون فيقتلهم الحسن عليهالسلام. وهكذا ينشرون ويقتلون ، حتى لم يبق من ذريتنا أحد إلا ويقتلهم. فعند ذلك يكشف الهم ويزول الحزن.
٨١٨ ـ فاطمة عليهالسلام تقول : إلهي احكم بيني وبين من قتل ولدي :
(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١٢)
ويروى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، تقبل فاطمة عليهالسلام على ناقة من نياق الجنة ، وبيدها قميص الحسين عليهالسلام ملطّخ بدمه ، فتصرخ وتزجّ نفسها عن الناقة ، وتخرّ ساجدة لله عزوجل ، وتقول : يا إلهي وسيدي ومولاي ، احكم بيني وبين من قتل ولدي الحسين عليهالسلام. فيأتيها النداء من قبل الله عزوجل : يا حبيبتي وابنة حبيبي ، ارفعي رأسك ، فو عزّتي وجلالي لأنتقمنّ اليوم ممن ظلمك وظلم ولدك. ثم يأمر بجميع من حضر قتل الحسين عليهالسلام ومن شارك في قتله ، إلى النار.
٨١٩ ـ حزن فاطمة الزهراء عليهالسلام على ابنها الحسين عليهالسلام :
(الفاجعة العظمى ، ص ٩٢)
عن (المنتخب) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا كان يوم القيامة ، تقبل ابنتي فاطمة عليهالسلام في لمّة من نساء أهل الجنة ، وثيابها مصبوغة بدم الحسين عليهالسلام ، وبين يديها قميص آخر ملطّخ بالسم ، تنادي : يا أمة محمّد ، أين مسمومي ، وأين مذبوحي؟. وما فعلتم ببناتي وأطفالي وأهل بيتي وعيالي؟. وتقول : يا عدل يا حكيم ، احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين. وتقول : وا ولداه ، وا حسيناه ، وا ثمرة فؤاداه. فيقال لها : يا فاطمة ، انظري في قلب القيامة. فتنظر فاطمة عليهالسلام يمينا وشمالا ، فترى الحسين عليهالسلام واقفا بلا رأس ، فتصرخ صرخة ، فأصرخ لصرختها ، وتصرخ الملائكة لصرختها.
وفي (نور العين) ص ١١٣ ؛ (واللهوف) ص ٨٥ :
قال : فيغضب الله عزوجل لها عند ذلك ، فيأمر نارا يقال لها (هب هب) قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودّت ، لا تدخلها ريح ولا تخرج منها أبدا. فيقال لها : التقطي من حضر قتل الحسين عليهالسلام ، فتلتقطهم ، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها ، وشهقت بهم وشهقوا بها ، وزفرت بهم وزفروا بها ، ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة : يا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان؟. فيأتيهم الجواب عن الله عزوجل : إن من علم ليس كمن لا يعلم!.
نهاية بعض قتلة الحسين عليهالسلام
٨٢٠ ـ نهاية سنان بن أنس النخعي :
(ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، ص ٢٤٣ رقم ٢٩٤)
روى ابن عساكر بإسناده عن حنش بن الحرث ، عن شيخ من النخع ، (قال) قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم. فقام قوم فذكروا بلاءهم [أي أعمالهم الجليلة] ، وقام سنان بن أنس ، فقال : أنا قاتل حسين!. فقال الحجاج : بلاء حسن!. ورجع سنان إلى منزله ، فاعتقل لسانه وذهب عقله ، فكان يأكل ويحدث في مكانه.
٨٢١ ـ ثورة التوابين :
بعد مقتل الحسين عليهالسلام قامت ثورة التوابين بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي ، ومعه المسيّب بن نجبة الفزاري ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وعبد الله بن وال التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي ، وغيرهم. وأعلنوا العصيان على الدولة الأموية في ربيع الأول سنة ٦٤ ه ، بعد موت يزيد. فتلاقوا مع جيش الشام الّذي بعثه مروان بن الحكم بقيادة عبيد الله بن زياد في (عين الوردة) شمال الجزيرة ، فأبلوا بلاء حسنا. حتى قتل سليمان وعمره ٩٣ عاما ، ثم استشهد الأبطال الآخرون واحدا بعد واحد.
٨٢٢ ـ ثورة المختار :
ثم قامت ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي. وقصته أنه كان في حبس عبيد الله ابن زياد في الكوفة أثناء معركة كربلاء ، ثم تشفّع به عبد الله بن عمر [لأن زوجته صفية هي أخت المختار] ، فأخرجه يزيد من حبس الكوفة. وما لبث أن انتقل إلى المدينة ، فعمل مع عبد الله بن الزبير في مناهضة الحكومة الأموية. ولما هلك يزيد ، أطاع أهل العراق عبد الله بن الزبير ، فولى عليهم أخاه مصعب بن الزبير. عندها انفصل المختار عن ابن الزبير ، وانتقل إلى الكوفة ، وبدأ يمهّد لثورته العظيمة ، التي كان هدفها أخذ الثأر من قتلة الحسين عليهالسلام وقتلهم عن آخرهم. وكان عليه إذ ذاك أن يقاوم عدة أعداء ليستتبّ له الأمر في العراق ؛ منهم بنو أمية ، والخوارج ، وأتباع عبد الله بن الزبير. فقتل المختار والي ابن الزبير ، وبدأ ثورته العارمة ، وقامت الشيعة جميعا معه ، وعلى رأسهم إبراهيم بن مالك الأشتر.
وسنذكر نماذج من الذين قتلهم المختار انتقاما للحسين عليهالسلام :
٨٢٣ ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي : (لواعج الأشجان ، ص ١٧٠ ط نجف)
وكان بجدل قد قطع إصبع الحسين عليهالسلام بعد مصرعه ليأخذ خاتمه ، فأخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه يتشحّط في دمه ، حتى هلك.
٨٢٤ ـ مقتل سنان بن أنس النخعي : (المصدر السابق ، ص ١٦٨)
هذا المجرم شرك في قتل الحسين عليهالسلام فعلا ، ثم ناول الرأس الشريف بعد أن قطعه الشمر ، إلى خولي بن يزيد الأصبحي. فأخذه المختار ، فقطع أنامله أنملة أنملة ، ثم قطع يديه ورجليه ، وأغلى له قدرا فيها زيت ، ورماه فيها وهو يضطرب.
٨٢٥ ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي : (المصدر السابق ، ص ١٧٣)
وهذا الشقي صمّم على قتل الحسين عليهالسلام فضربه بسهم في لبّته. وبعد استشهاد الحسين عليهالسلام حمل خولي الرأس الشريف إلى عبيد الله بن زياد. وحين ظفر به المختار قتله أصحاب المختار وأحرقوه. وكان مختفيا في بيت الخلاء ، فدلّت عليه امرأته.
[العيّوف بنت مالك] وكانت تعاديه منذ جاء برأس الحسين عليهالسلام وبيّته في بيته. فلما هجموا على داره سألوها عنه ، فقالت : لا أدري ، وأشارت بيدها إلى المخرج.
٨٢٦ ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسين عليهالسلام : (المصدر السابق ، ص ١٧٢)
وأما الذين انتدبهم عمر بن سعد لكي يوطئوا بالخيل جسد الحسين عليهالسلام ، فهؤلاء أخذهم المختار ، فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى قطّعتهم ، ثم أحرقهم بالنار.
٨٢٧ ـ مقتل عمر بن سعد :
(لواعج الأشجان والأخذ بالثار للسيد الأمين ، ص ٢٨٧)
كان عمر بن سعد قد اختفى في الكوفة عند ظهور أمر المختار ، ثم طلب من المختار الأمان فآمنه ، حتى جاء الوقت المناسب لقتله.
وفي الأثناء ذكر المختار عند محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، فقال محمّد : زعم أنه لنا شيعة ، وقتلة الحسين عليهالسلام عنده على الكراسي يحدّثونه! [يقصد عمر بن سعد]. فلما وصل الخبر إلى المختار ، عزم على قتله. فحاول عمر الهروب من الكوفة ، ثم رجع. وفي اليوم التالي بعث عمر ابنه حفصا ليجدد له الأمان من المختار ، فقال له
المختار : أين أبوك؟. فقال : في المنزل. فدعا المختار أبا عمرة كيسان ، وأمره أن يذهب ويقتل عمر بن سعد. فذهب أبو عمرة فوجد عمر بن سعد في بيته ، فقال له : أجب الأمير. فقام عمر يريد أخذ سيفه ، فعثر في جبّة ، فوقع على الفراش ، فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله ، وقطع رأسه وحمله في طرف قبائه ، حتى وضعه بين يدي المختار .. وظهر بذلك تصديق قول الحسين عليهالسلام لابن سعد : وسلّط الله عليك من يذبحك على فراشك.
فقال المختار لابنه حفص : أتعرف هذا الرأس ، فاسترجع وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده. فقال له المختار : صدقت ، وأنت لا تعيش بعده. فأمر به فقتل ، ووضع رأسه مع رأس أبيه. وقال المختار : هذا الرأس بالحسين عليهالسلام ، وهذا بعلي بن الحسين عليهالسلام ، ولا سواء. والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله.
ثم بعث المختار برأس عمر بن سعد وابنه حفص إلى محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، وكتب إليه يعلمه أنه قد قتل من قدر عليه ، وأنه في طلب الباقين ممن حضر قتل الحسين عليهالسلام .. فبينما محمّد بن الحنفية جالس مع أصحابه ، وهو يتعتّب على المختار ، فما تمّ كلامه إلا والرأسان عنده. فخرّ ساجدا شكرا لله تعالى. ثم رفع رأسه وبسط كفيه وقال : اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار ، واجزه عن أهل بيت نبيّك محمّد خير الجزاء ، فو الله ما على المختار بعد هذا من عتب.
٨٢٨ ـ قتل عبيد الله بن زياد : (المصدر السابق ، ص ٢٩٤)
ولما فرغ المختار من قتال الذين خالفوه من أهل الكوفة ... وجّه إبراهيم بن مالك الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد وأهل الشام. فسار إبراهيم لثمان بقين من ذي الحجة سنة ٦٦ ه ، وبعث المختار معه وجوه أصحابه وفرسانهم وذوي البصائر منهم ، ممن قد شهد الحروب وجرّبها.
قال الشيخ الطوسي في (الأمالي) : إنه خرج في تسعة آلاف ، وقيل في اثني عشر ألفا.
وسار إبراهيم بن الأشتر من الكوفة شمالا ، حتى لاقى جيش عبيد الله بن زياد الّذي وصل إلى الموصل ، وكان تعداده ثلاثين ألفا أو ثلاثة وثمانين ألفا. وحصلت معركة حاسمة ، تطاحن فيها الفريقان بالرماح ، ثم تضاربوا بالسيوف والعمد ، وكان