رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٣

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٣

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-275-X
الصفحات: ٥٠٣

وبه جمع بين الأخبار المطلقة المتقدمة : بحمل ما دلّ منها على السراية على ما إذا قصد الإضرار ، وما دلّ منها على عدمها على ما إذا قصد القربة خاصّة.

وهو وإن أمكن كما تقدّم إلاّ أن الجمع بما مرّ أظهر ؛ لقلّة التقييد فيما دلّ على الإطلاق على السراية على هذا ، دون ما ذكره ، لزيادة تقييد فيه بقصد الإضرار ، والأصل عدمه ، مضافاً إلى ما مرّ من وجوه الترجيح الأُخر.

مضافاً إلى قصور الصحيح المفصّل بما ذكر عن إفادة جميع ما حرّره ؛ لإشعار ذيله باختصاص بطلان العتق في صورته بحصص الشركاء خاصّة ، لا بطلانه بالكليّة كما ذكره ودلّ عليه قوله عليه‌السلام « ولا عتق له » قبله ، وعدم دلالته على وجوب السعي على العبد في صورته وانعتاقه بسعايته ، لدلالته على بقاء رقّية نصيب الشريك وحصّته.

وتقييده بأحد ما مرّ في بعض الأخبار المفصّلة بغير ما اختاره ، المتضمّنة لما يرد عليه نحو هذه المناقشة فرع وجود دلالة عليه ، أو قرينة وليست موجودة. ولا كذلك ثمّة ؛ لوجودها عليه بلا شبهة ، للإجماع على أنه حيث صحّ عتق المعتق في نصيبه ، ولم يسر عليه في نصيب شريكه ، يجب على العبد السعاية إن أمكنه ، وإلاّ فيستخدم بقدر الحصة. ولا إجماع في هذه الصحيحة لو حمل الحكم فيها في هذه الصورة على إطلاقه ، بل يختصّ بما إذا قيّد بصورة إعسار المعتق خاصّة ، مع أنّ سياقها وصريح القائل بها يدفع التقييد بها ، ويثبتان الحكم مطلقاً.

اللهم إلاّ أن يبدّل الإجماع بالصحيح : عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : « إن كان مضاراً كلّف أن يعتقه كلّه ، وإلاّ‌

٤١

استسعى العبد في النصف » (١).

ويذبّ عن إطلاق صدره الشامل لما إذا كان معسراً بتقييده بما إذا كان موسراً ؛ للصحيح الماضي.

والعجب من الشيخ (٢) حيث حمل الأخبار المفصّلة على التفصيل الذي ذكره ، بحمل صدرها الدالّ على السراية مع السعة بصورة قصد الإضرار ، وتقييد ذيلها الدالّ على السعاية بصورة قصد القربة خاصّة ، مع أنه كما ترى يوجب التفكيك : بين موردهما ، والحال حصول ما يقرب من القطع بوحدة الموردين بحكم السياق جدّاً.

وبالجملة ما ذكره الأكثر أظهر ، وضعف هذا القول أظهر من أن يذكر ، سيّما مع ما يرد عليه في الحكم بصحة العتق مع نيّة الإضرار واليسار من الإشكال ، لمنافاته الإخلاص ، وإن ذبّ عنه جماعة منهم الفاضل في المختلف (٣) ، بحمل نيّة الإضرار على ما لا ينافي القربة ، وهو ما لو كانت تابعة للقربة ، وكون القربة بالذات مقصودة ، لا صورتي العكس وتجرّدها عن القربة ، لفساد العتق فيهما بلا شبهة.

ثم إنه على المختار في وقت الانعتاق خلاف : فبين من جعله وقت العتق كالحلّي (٤) ، ومن جعله وقت أداء القيمة كالأكثر ، كما يستفاد من عباراتهم المحكية في المختلف (٥) ، ومن جعله وقت العتق لكن مراعى‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٨٢ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٦٧ / ٢٢٦ ، التهذيب ٨ : ٢٢٠ / ٧٨٨ ، الإستبصار ٤ : ٤ / ١٠ ، الوسائل ٢٣ : ٣٦ أبواب العتق ب ١٨ ح ٢.

(٢) التهذيب ٨ : ٢٢٠.

(٣) المختلف : ٦٢٣ ، وانظر ونهاية المرام ٢ : ٢٧٥.

(٤) السرائر ٣ : ٥.

(٥) المختلف : ٦٢٧.

٤٢

بالأداء إن حصل تبيّن الانعتاق حينه ، وإلاّ فلا عتق في نصيب الشريك (١).

وخير هذه الأقوال أوسطها ؛ استصحاباً لعدم العتق السابق إلى حين الأداء ، والتفاتاً إلى الإجماع عليه المستفاد من ظاهر المرتضى (٢) ، وأوّل الصحيحين المتقدم سنداً للأكثر فيما سبق (٣) المتضمّن لقوله عليه‌السلام : فليشتره من صاحبه فيعتقه كلّه ، لعطف الإعتاق فيه على الشراء بالفاء المقتضي لتعقّبه عن الأداء ، وهو ينافي العتق سابقاً ، هذا.

مضافاً إلى التأيّد بما قيل : من أن للأداء مدخلاً في العليّة ، ولهذا لا ينعتق مع الإعسار ، وأنه لو انعتق بالإعتاق لزم الإضرار بالشريك بتقدير هرب المعتق وتلف ماله (٤).

ويتفرّع على الخلاف فروع جليلة ذكرها الأصحاب في كتبهم المبسوطة.

وظاهر الصحيحة كما ترى اعتبار الشراء حقيقة ، إلاّ أنّ في المسالك أنّ المراد به أداء القيمة لا حقيقتها إجماعاً (٥).

وفي دعواه الإجماع عليه مع تعبير كثير من الأصحاب (٦) بعين ما في الرواية من دون قرينة صارفة مناقشة ، لكنّه أعرف بمراد الجماعة.

ثم ظاهرها أيضاً اعتبار الإعتاق ثانياً بعد الشراء ، ونحوها في هذا عبائر كثير من القدماء ، كالنهاية والقاضي والصدوق (٧). ولكن ظاهر‌

__________________

(١) كما في المبسوط ٦ : ٥٢.

(٢) الانتصار : ١٦٩.

(٣) في ص ٣٧.

(٤) قال به الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٣٢.

(٥) المسالك ٢ : ١٣٢.

(٦) منهم : السبزواري في الكفاية : ٢٢١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٨٨.

(٧) النهاية : ٥٤٢ ، القاضي في المهذب ٢ : ٣٥٨ ، الصدوق في المقنع : ١٥٦.

٤٣

متأخّري الأصحاب (١) عدم الخلاف في حصول الانعتاق قهراً بمجرد أداء القيمة ، وهو الظاهر من عبائر كثير من القدماء كالمفيد والحلّي والمرتضى (٢) ، بل ظاهره الإجماع عليه (٣) ، كما يستفاد من عبارته التي ادّعى فيها في أصل المسألة إجماعنا ، فينبغي صرف الإعتاق في الرواية وكلام هؤلاء الجماعة إلى الانعتاق. ولو احتيط بالظاهر لكان أحوط.

( وإذا أعتق ) المولى أمته ( الحامل ) برقّ ( تحرّر الحمل ) مطلقاً ( ولو استثنى رقّه ، لرواية السكوني ) : في رجل أعتق أمته وهي حبلى ، فاستثنى ما في بطنها ، قال : « الأمة حرّة وما في بطنها حرّ ، لأنّ ما في بطنها منها » (٤).

وأفتى بها في النهاية ، وتبعه القاضي وابن حمزة (٥) ، وحكى في المختلف وغيره عن ظاهر الإسكافي (٦).

( وفيه مع ضعف السند ) به وبالنوفلي ، والموافقة للعامّة كما في المسالك والمختلف وغيرهما من كتب الجماعة (٧) ، وربما يؤيده مصير الإسكافي إليه وكون الراوي من قضاة العامة ( إشكال منشؤه عدم القصد إلى عتقه ) سيما مع استثنائه ، مع عدم كونه جزءاً من أمته على الأشهر الأظهر ،

__________________

(١) كالشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٣٢ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٢٢ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٨٨.

(٢) المفيد في المقنعة : ٥٥٠ ، الحلي في السرائر ٣ : ٦ ، المرتضى في الانتصار : ١٦٩.

(٣) الفقيه ٣ : ٨٥ / ٣٠٩ ، التهذيب ٨ : ٢٣٦ / ٨٥١ ، الوسائل ٢٣ : ١٠٦ أبواب العتق ب ٦٩ ح ١.

(٤) النهاية : ٥٤٥ ، القاضي في المهذب ٢ : ٣٦١ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٤٢.

(٥) المختلف : ٦٢٧ ؛ وانظر التنقيح الرائع ٣ : ٤٥٤.

(٦) المسالك ٢ : ١٣٤ ، المختلف : ٦٢٨ ؛ وانظر إيضاح الفوائد ٣ : ٥٠٠.

(٧) المختلف : ٦٢٧.

٤٤

كما في كتاب البيع قد مرّ (١) ، فكيف يسري عتقه إليه مع أنّ الأصل عدمها ، وأدلّتها لا تشمل مفروض المسألة ، لاختصاصها بسراية العتق في الأشقاص لا الأشخاص ، ولذا اختار الحلّي (٢) وعامة المتأخرين خلافه.

وهو في غاية القوّة ، سيّما مع اعتضاده بما يأتي من المعتبرة الواردة في نظير المسألة من تدبير الأمة الحامل الدالّة على عدم السراية إلى ولدها : إمّا مطلقاً كما في بعضها (٣) ، أو بشرط عدم علم المولى بما في بطنها كما في آخر منها (٤) ، فلا وجه لما يستفاد من العبارة هنا وفي الشرائع من التردّد في المسألة (٥) ، سيّما مع الاعتراف بضعف السند والمخالفة للقاعدة.

( وأما ) العتق بـ ( العوارض ) التي تعرض المملوك ( فـ ) يحصل بأُمور : منها ( العمى ، والجذام ، وتنكيل المولى لعبده ) بقطعه أنفه أو لسانه أو اذنيه أو شفتيه أو نحو ذلك ، بلا خلاف في الأوّلين ، بل في ظاهر المسالك والروضة وغيرهما الإجماع عليهما (٦) ؛ وهو الحجة.

مضافاً إلى المستفيضة في الأوّل. منها الصحيح : « إذا عمي المملوك فقد عتق » (٧).

__________________

(١) راجع ج ٩ ص ٥٠.

(٢) الحلّي في السرائر ٣ : ١٧.

(٣) الكافي ٦ : ١٨٤ / ٥ ، التهذيب ٨ : ٢٦٠ / ٩٤٧ ، الإستبصار ٤ : ٣١ / ١٠٩ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٢ أبواب التدبير ب ٥ ح ٢.

(٤) التهذيب ٨ : ٢٦٠ / ٩٦٤ ، الإستبصار ٤ : ٣١ / ١٠٨ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٣ أبواب التدبير ب ٥ ح ٣.

(٥) الشرائع ٣ : ١١٢.

(٦) المسالك ٢ : ١٣٦ ، الروضة ٦ : ٢٧٧ ؛ وانظر مفاتيح الشرائع ٣ : ٤١.

(٧) الكافي ٦ : ١٨٩ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٨٤ / ٣٠٥ ، التهذيب ٨ : ٢٢٢ / ٧٩٩ ، الوسائل ٢٣ : ٤٤ أبواب العتق ب ٢٣ ح ١.

٤٥

والخبر المنجبر ضعفه أو قصوره كما عدا الصحيحة من المستفيضة بالعمل ، في الثاني.

وفيه : « إذا جذم المملوك فلا رقّ عليه » (١).

وألحق به البرص ابن حمزة (٢) ، والحجة عليه مع مخالفته الأصل غير واضحة.

وعلى الأظهر الأشهر في الثالث ؛ للنصوص المستفيضة :

منها : الصحيح المروي في الفقيه ، عن أبي بصير بطريق حسن وصحيح ، ولا اشتراك فيه على الأشهر الصحيح : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن نكل بمملوكه أنه حرّ لا سبيل له عليه ، سائبة » الحديث (٣).

ومنها : المرسل فيه أيضاً : في امرأة قطعت ثدي وليدتها أنّها حرة لا سبيل لمولاتها عليها » (٤).

ونحوهما خبران آخران (٥) منجبران كالثالث (٦) بالشهرة العظيمة التي لا مخالف لها عدا الحلّي (٧) ، وتبعه الماتن في الشرائع (٨) لكن على تردّد.

ولا وجه له عدا الأصل وضعف المستند ، ويندفعان بما مرّ على‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٨٩ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٨٤ / ٣٠٤ ، الوسائل ٢٣ : ٤٥ أبواب العتق ب ٢٣ ح ٢.

(٢) الوسيلة : ٣٤٠.

(٣) الكافي ٧ : ١٧٢ / ٩ ، الفقيه ٣ : ٨٥ / ٣٠٦ ، التهذيب ٨ : ٢٢٣ / ٨٠٢ ، المقنع : ١٦٠ ، الوسائل ٢٣ : ٤٣ أبواب العتق ب ٢٢ ح ٢.

(٤) الفقيه ٣ : ٨٥ / ٣٠٧ ، الوسائل ٢٣ : ٤٤ أبواب العتق ب ٢٢ ح ٣.

(٥) وهما عامّيان. راجع سنن ابن ماجة ٢ : ٨٩٤ / ٢٦٧٩ و ٢٦٨٠.

(٦) الكافي ٦ : ١٨٩ / ١ ، التهذيب ٨ : ٢٢٣ / ٨٠١ ، الوسائل ٢٣ : ٤٣ أبواب العتق ب ٢٢ ح ١.

(٧) السرائر ٣ : ٨ ٩.

(٨) الشرائع ٣ : ١١٤.

٤٦

طريقة الماتن والأكثر. لكن يشكل دفعهما على طريقة الحلّي ؛ لكونه من الآحاد الغير المعمول عليها عنده ، وإن انجبر بعمل الأكثر. لكن ضعف هذه الطريقة أوضح من أن يذكر.

( وألحق الأصحاب ) بالعوارض الثلاثة ، في حصول العتق بها قهراً ( الإقعاد ) والزمانة. وفي نسبة ذلك إلى الأصحاب إيذان بعدم وقوفه على دليله من نصّ أو غيره سوى الإجماع المستفاد عن صريح الخلاف (١) ، ومن ظاهر عبارته كغيره ؛ ولعلّه كاف في الحجية ، سيّما مع اعتضاده بدعوى ظاهر المسالك عدم الخلاف فيه ، حيث قال بعد ذلك الحكم فيه : لكن لا يظهر فيه مخالف ، حق ابن إدريس وافق عليه ، لشبهة أنّه إجماع (٢).

هذا مع ما في المختلف عن الإسكافي أنه قال : وفي حديث أهل البيت : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « إذا عمي المملوك أو جذم فلا رقّ عليه ». وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إذا أصابه زمانة في جوارحه وبدنه ، ومن نكل بمملوكه فهو حرّ لا سبيل عليه ، سائبة » (٣).

وهو كما ترى ظاهر الدلالة على وجود رواية فيه ، لكنّها مرسلة إلاّ أنها لا تقصر عن المراسيل السابقة ، فتكون حجّة بعد الانجبار بالشهرة العظيمة.

وبالجملة ( فمتى حصل أحد هذه الأسباب فيه ) أي في المملوك ( انعتق ) قهراً على مولاه ، كما مضى.

( وكذا ) ينعتق عليه قهراً ( لو أسلم العبد في دار الحرب سابقاً على مولاه ) وخرج إلينا قبله ، إجماعاً كما في صريح المختلف وظاهر غيره (٤) ؛

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٦٥١.

(٢) المسالك ٢ : ١٣٦.

(٣) المختلف : ٦٢٥.

(٤) المختلف : ٣٢٩ ٣٣٠ ؛ وانظر المبسوط ٢ : ٢٧ ، والمسالك ١ : ١٥٤.

٤٧

وهو الحجة.

مضافاً إلى الخبر : « أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ ، وأيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد » (١).

وكذا إذا لم يخرج ، كما في المختلف عن ظاهر المبسوط (٢) ، وفي المسالك والتنقيح عن صريح الحلّي (٣).

ولكن في النسخة الموجودة عندي من المختلف نسب إليه خلافه ، وهو البقاء على الرقّية كما هو المشهور بين الطائفة ، واستند لهم ككثير من الأصحاب (٤) بالاستصحاب وظاهر الرواية السابقة ، وللمبسوط بآية نفي السبيل (٥) ، وأجابوا عنها بما لا يخلو عن مناقشة كاستنادهم بالرواية. وتحقيق الكلام في المسألة يطلب من كتاب الجهاد ، فإنّه محلّه.

( وكذا لو كان ) العبد ( وارثاً ) لقريبه ( و ) الحال أنّه ( لا وارث ) له ( غيره دفعت قيمته إلى مولاه ) وعتق قهراً بلا خلاف ، بل عليه في ظاهر الكفاية وغيره الإجماع عليه (٦) ؛ وهو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة وفيها الصحيح وغيره (٧) ، يأتي إليها وإلى ما يتعلّق بالمسألة الإشارة في كتاب المواريث ، فإنّه محله.

__________________

(١) التهذيب ٦ : ١٥٢ / ٢٦٤ ، الوسائل ١٥ : ١١٧ أبواب جهاد العدو وما يناسبه ب ٤٤ ح ١.

(٢) المختلف : ٣٣٠.

(٣) المسالك ٢ : ١٣٦ ، التنقيح الرائع ٣ : ٤٥٦.

(٤) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٥٨٩ ٥٩٠ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٧ : ٤٦٨.

(٥) النساء : ١٤١.

(٦) الكفاية : ٢٢٢ ؛ وانظر المسالك ٢ : ٣١٤ ، ومفاتيح الشرائع ٣ : ٣١٣.

(٧) انظر الوسائل ٢٦ : ٤٩ أبواب موانع الإرث ب ٢٠.

٤٨

( كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد ) ‌

( أما التدبير ) وهو تعليق العتق على الوفاة ، إمّا مطلقاً كما في مفاتيح الشرائع وغيره (١) ، أو وفاة المولى خاصّة كما عليه الحلّي (٢) ، أو وفاة المخدوم والزوج أيضاً كما عليه الأكثر (٣) ، وسيظهر في آخر هذا البحث أنّه أظهر.

وكيف كان ( فلفظة الصريح : أنت حرّ بعد وفاتي ) وإذا متّ فأنت حرّ أو عتيق أو معتق أو نحو ذلك.

وفي المسالك وغيره (٤) : أنّ المعتبر في هذا الإيقاع التلفّظ به بلفظ صريح في معناه ، فلا يقع بالكناية عندنا وإن قصد.

وفيه إشعار بل ظهور بالاتّفاق ، مع أنّهما حكيا في وقوعه بأنت مدبّر‌

__________________

(١) مفاتيح الشرائع ٣ : ٢٣٧ ؛ وانظر الشرائع ٣ : ١١٧.

(٢) السرائر ٣ : ٣٠.

(٣) كالعلاّمة في القواعد ٢ : ١٠٩ ، وولده في الإيضاح ٣ : ٥٤٢ ، والشهيد الثاني في الروضة ٦ : ٣١١.

(٤) المسالك ٢ : ١٣٧ ؛ وانظر مفاتيح الشرائع ٣ : ٢٣٧.

٤٩

أو دبّرتك ، مقتصراً عليه أقوالاً ثلاثة ، ثالثها القول بكونهما كناية يقع بهما التدبير مع النية ، ونسب إلى الإسكافي والقاضي (١). إلاّ أن يقال بعدم القدح في الإجماع بخروج معلوم النسب عندنا ، فتأمّل جدّاً.

وفي مقابل هذا القول قولان آخران ، أحدهما الحكم بتحقّق العتق بهما كما عن المبسوط والفاضل (٢) ، واختاره جمع كثير (٣). قالوا : لأنّ التدبير ظاهر في معناه ، مشهور عند كلّ أحد ، كالبيع وأمثاله ، حتى أنّ التدبير كان معروفاً في الجاهلية ، وقرّره صاحب الشريعة.

ولا يخلو عن قوّة إن كانت دعوى الظهور لغةً أو عرفاً صحيحة ، وإلاّ فالقول الثاني وهو المنع عن الوقوع بهما مطلقاً أقوى ؛ لاستصحاب بقاء الرقّ اللازم سابقاً ، ونسب إلى الخلاف والماتن (٤).

ثم إنّه كما يقع مطلقاً كذا يجوز مقيّداً كقوله : إذا متّ في سفري هذا ، أو مرضي هذا ، أو سنتي هذه ، أو قتلت أو نحو ذلك ، على قول مشهور في الظاهر ، مصرّح بشهرته في الكفاية (٥).

قيل : خلافاً للمبسوط (٦).

وفي الخبر : رجل قال : إن حدث بي حدث في مرضي هذا فغلامي فلان حرّ قال : « يردّ من وصيّته ما يشاء ، ويجيز ما يشاء » (٧).

__________________

(١) نسبه الى الإسكافي في المختلف : ٦٣٤ ، القاضي في المهذب ٢ : ٣٦٦.

(٢) المبسوط ٦ : ١٦٧ ، الفاضل في القواعد ٢ : ١٠٩.

(٣) منهم : فخر المحققين في إيضاح الفوائد ٣ : ٥٤٣ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٣٨ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٢٣.

(٤) الخلاف ٦ : ٤٠٩ ، الماتن في الشرائع ٣ : ١١٧.

(٥) الكفاية : ٢٢٣.

(٦) المبسوط ٦ : ١٦٧.

(٧) التهذيب ٩ : ١٩١ / ٧٦٦ ، الوسائل ١٩ : ٣٠٥ أبواب أحكام الوصايا ب ١٨ ح ٨.

٥٠

أمّا تعليقه على شرط أو صفة فالمشهور عدم جوازه ، خلافاً للإسكافي (١).

( ولا بدّ فيه من ) القصد و ( النية ) بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع في صريح الانتصار وظاهر غيره (٢) ، فلا يقع من الساهي ولا الغافل ولا النائم.

( ولا حكم لعبارة الصبي ) مطلقاً ( ولا المجنون ) كذلك ( ولا السكران ولا المحرج ) بالحاء المهملة ، وهو الملجأ إلى التدبير ( الذي لا قصد له ) بلا خلاف إلاّ في الصبي المميّز ذي الشعر فجوّز ، وقد مرّ مع الجواب عنه (٣). والوجه الجميع واضح.

( وفي اشتراط القربة تردّد ) واختلاف : فبين معتبر لها ، كالمرتضى والحلّي والفاضل في ظاهر المختلف (٤) ، وادّعى عليه الأوّل إجماع الإمامية.

وبين نافٍ لها ، كالشيخ والشهيدين ، وتبعهم من متأخري المتأخرين جماعة (٥) مستندين إلى الأصل.

ولا ندري ما يعنون به ، فإن عنوا به أصالة الصحة مع قطع النظر عن إطلاق الأدلّة ، فالمناقشة فيه واضحة ؛ لعدم أصل لهذا الأصل ، بل الأدلّة على خلافه وهو أصالة الفساد قائمة. وإن عنوا به الإطلاق فحسن إن وجد‌

__________________

(١) حكاه عنه في كشف اللثام ٢ : ١٩٩.

(٢) الانتصار : ١٧١ ؛ وانظر المبسوط ٦ : ١٦٧.

(٣) راجع ص ١٩.

(٤) المرتضى في الانتصار : ١٧١ ، الحلّي في السرائر ٣ : ٣٠ ، المختلف : ٦٣٩.

(٥) الشيخ في الخلاف ٦ : ٤١٢ ، الشهيدان في اللمعة والروضة البهية ٦ : ٣١٨ ، وتبعهم السبزواري في الكفاية : ٢٢٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٠١ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٣٧.

٥١

منه ما يجدي فائدة ، وليس ؛ إذ ليس هنا سوى إطلاقات الأخبار الواردة في بيان حكم غير محل المسألة ، فتكون بالإضافة إليه مجملة ، كما برهن في محلّه ومرّ غير مرّة. فلا جدوى لمثل هذا الإطلاق ولا فائدة.

فإذاً القول الأول لا يخلو عن قوّة ، سيّما مع حكاية الإجماع المتقدمة التي هي بنفسها حجّة مستقلّة. مضافاً إلى ما يستفاد من تضاعيف الأخبار من كونه عتقاً حقيقياً ، فيشمله عموم ما دلّ على أنّه لا عتق إلاّ ما أُريد به وجه الله سبحانه.

وفي الصحيح : « إن كان على مولى العبد دين ، فدبّره فراراً من الدين فلا تدبير له. وإن كان في صحة وسلامة » أي من الدَّيْن كما فهمه جماعة (١) « فلا سبيل للديّان » أي الديّان الذي حصلوا بعد التدبير « عليه ، ويمضي تدبيره » (٢).

وبنى خالي العلاّمة رحمه‌الله في حاشيته المنسوبة إليه على هذه الرواية فساد التدبير مع قصد الفرار على اشتراط القربة الغير الحاصلة معه.

فتكون الرواية شاهدة على اشتراطها ، وإن لم تبلغ درجة الحجيّة بحسب الدلالة ، لعدم خلوّ البناء عن مناقشة.

ويتفرّع عليهما تدبير الكافر لعبده مطلقاً ، وتدبير العبد الكافر ، فيصحّان على القول الثاني دون الأوّل.

وعلى الفساد في الفرع الأول ادّعى المرتضى الإجماع (٣) ، مضافاً إلى‌

__________________

(١) منهم : العلاّمة في المختلف : ٦٣٦ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٤١ ، وانظر نهاية المرام ٢ : ٢٩٢.

(٢) التهذيب ٨ : ٢٦١ / ٩٥٠ ، الإستبصار ٤ : ٢٨ / ٩١ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٧ أبواب التدبير ب ٩ ح ١.

(٣) الانتصار : ١٧٢.

٥٢

الإجماع المتقدم.

واعلم أنّ المعروف من مذهب الأصحاب من غير خلاف يعرف ، كما صرّح به في الكفاية (١) : أن المدبّر باق على ملك المولى ، فله التصرف فيه بالاستخدام والبيع ونحوهما. والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة معتضدة بالأصل ، مع عدم تضمّن التدبير ما يدلّ على خروجه عن الرقّية ، لأنّه عِدة بالحريّة بعد الوفاة ، لا تنجيز لها حال الحياة.

منها الصحيح : « هو مملوكه ، إن شاء باعه وإن شاء أعتقه وإن شاء أمسك حتى يموت ، فإذا مات السيد فهو حرّ من ثلثه » (٢).

والخبر : في المدبّر والمدبّرة يباعان ، يبيعهما صاحبهما في حياته فإذا مات فقد عتقا ، لأنّ التدبير عدة وليس بشي‌ء واجب. فإذا مات كان المدبّر من ثلثه الذي يترك ، وفرجها حلال لمولاها الذي دبّرها ، وللمشتري الذي اشتراها حلال ، لشرائه قبل موته (٣).

ومنها : المعتبرة في جواز بيعه إذا احتاج إلى ثمنه : أحدهما الصحيح : عن رجل دبّر مملوكاً له ثم احتاج إلى ثمنه فقال : « هو مملوكه ، إن شاء باعه وإن شاء أعتقه وإن شاء أمسكه حتى يموت ، فإذا مات السيد فهو حرّ من ثلثه » (٤).

__________________

(١) الكفاية : ٢٢٣.

(٢) الكافي ٦ : ١٨٥ / ٩ ، التهذيب ٨ : ٢٥٩ / ٩٤٣ ، الإستبصار ٤ : ٢٧ / ٩٠ ، الوسائل ٢٣ : ١١٥ أبواب التدبير ب ١ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ١٨٥ / ١٠ ، التهذيب ٨ : ٢٦٠ / ٩٤٤ ، الوسائل ٢٣ : ١١٦ أبواب التدبير ب ١ ح ٢.

(٤) الكافي ٦ : ١٨٥ / ٩ ، التهذيب ٨ : ٢٥٩ / ٩٤٣ ، الإستبصار ٤ : ٢٧ / ٩٠ ، الوسائل ٢٣ : ١٣٢ أبواب التدبير ب ١٣ ح ١.

٥٣

ونحوه الموثق وغيره (١).

والمعارض الدالّ على المنع (٢) محمول على الاستحباب.

ويستفاد من إطلاق الصحيح الأوّل ، وصريح الخبر الذي بعده أنّه إن كانت أمة كان لمولاها وطؤها.

ويدلّ عليه أيضاً صريح الموثّق كالصحيح بفضالة وأبان ، بل ربما عدّ من الصحيح : عن الرجل يعتق جاريته عن دبر ، أيطؤها إن شاء أو ينكحها أو يبيع خدمتها حياته؟ فقال : « نعم أيّ ذلك شاء فعل » (٣).

( ولو حملت ) هذه ( المدبّرة من مولاها لم يبطل تدبيرها ) بل اجتمع لعتقها سببان : التدبير والاستيلاد.

( وتعتق بوفاته من الثلث ) بالأوّل ، لسبقه ، فإن لم يف الثلث ضمّ إليه الثاني.

( ولو حملت من غيره بعد التدبير ) حملاً يدخل في ملك المولى ( فالولد مدبّر كهيئتها ) بلا خلاف أجده. والنصوص به مع ذلك مستفيضة.

منها : الصحيح : « أولاده منها كهيئتها ، فأمّا إذا مات الذي دبّر أُمّهم فهم أحرار » (٤) الحديث.

__________________

(١) الموثق : التهذيب ٨ : ٢٦٢ / ٩٥٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٨ / ٩٤ ، الوسائل ٢٣ : ١١٧ أبواب التدبير ب ١ ح ٧. وانظر الكافي ٦ : ١٨٣ / ١ ، الفقيه ٣ : ٧١ / ٢٤٧ ، التهذيب ٨ : ٢٥٨ / ٩٣٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٧ / ٨٩ ، الوسائل ٢٣ : ١١٦ أبواب التدبير ب ١ ح ٣.

(٢) الفقيه ٣ : ٧١ / ٢٤٥ ، التهذيب ٨ : ٢٦٣ / ٩٥٩ ، الإستبصار ٤ : ٢٨ / ٩٥ ، الوسائل ٢٣ : ١١٧ أبواب التدبير ب ١ ح ٦.

(٣) التهذيب ٨ : ٢٦٣ / ٩٦١ ، الإستبصار ٤ : ٢٩ / ٩٧ ، الوسائل ٢٣ : ١١٩ أبواب التدبير ب ٣ ح ١.

(٤) التهذيب ٨ : ٢٥٩ / ٩٤١ ، الإستبصار ٤ : ٢٩ / ١٠١ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٢ أبواب التدبير ب ٥ ح ١.

٥٤

وإطلاق بعضها كالعبارة هنا وفي الشرائع وغيرهما من كتب الجماعة (١) يقتضي عدم الفرق في الأولاد بين الملحقين بها شرعاً كالمتولّدين منها بعقد أو شبهة ، أو غيرهم كالمتولّدين منها من زنا.

ولا خلاف في الأوّل ولا إشكال.

واستشكل جماعة في الثاني (٢). ولعلّه في محلّه ؛ للأصل ، وعدم المخرج عنه سوى الإطلاق المتقدم ، وهو لا ينصرف بحكم الغالب والأصل في أفعال المسلمين إلى محل الفرض.

فالأحوط عدم الاكتفاء في تدبيرهم بتدبير أُمّهم ، بل يدبّرون تدبيراً آخر. والأحوط التزامه أيضاً مهما أمكن.

( ولو رجع المولى في تدبيرها ) جاز بلا خلاف ؛ لما يأتي ، مضافاً إلى خصوص الصحيح : قلت : أيجوز للّذي دبّر أُمّهم أن يردّ في تدبيره إذا احتاج؟ قال : « نعم » قلت : أرأيت إن ماتت أُمّهم بعد ما مات الزوج وبقي أولادها من الزوج الحرّ ، أيجوز لسيّدها أن يبيع أولادها ويرجع عليهم في التدبير؟ قال : « لا ، إنّما كان له أن يرجع في تدبير أُمّهم إذا احتاج ورضيت هي بذلك » (٣).

وهو كما ترى صريح في أنه ( لم يصحّ رجوعه في تدبير الأولاد ) الذين دبّروا بتدبيرهم أُمّهم ، مطلقاً لا في تدبير أُمّهم ولا منفرداً. وعليه‌

__________________

(١) الشرائع ٣ : ١١٨ ؛ وانظر الروضة ٦ : ٣٢٢ ، والمفاتيح ٣ : ٢٣٨.

(٢) منهم : الشهيد الثاني في الروضة ٦ : ٣٢٣ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٢٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٠٠.

(٣) الكافي ٦ : ١٨٤ / ٦ ، التهذيب ٨ : ٢٥٩ / ٩٤١ ، الإستبصار ٤ : ٢٩ / ١٠١ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٥ أبواب التدبير ب ٧ ح ١.

٥٥

الشيخ والقاضي وابن حمزة (١) ، ونسبه إلى الأكثر على الإطلاق في الكفاية (٢) ، وعن الخلاف أنّ عليه إجماع الفرقة (٣) ؛ وهو حجّة أُخرى مستقلّة بعد الرواية.

( وفيه قول آخر ) بالصحة للحلّي وجماعة (٤) ، ونسب إلى أكثر متأخّري الطائفة (٥) ؛ للعمومات الدالّة على أنّ التدبير وصيّة ، وأنّها يجوز فيه الرجعة ، وللأولويّة المستفادة من جواز الرجوع في تدبير الأُم ، لأنّ تدبيرهم فرع تدبيرها ، فلا يزيد على أصله.

وهو ( ضعيف ) للزوم العدول عن العموم بالتخصيص بالنصّ الصحيح الصريح المعتضد بالشهرة المطلقة المحكية ، وحكاية الإجماع المتقدّمة ، وضعف الأولويّة ، بوضوح الفرق بما ذكره جماعة منهم الفاضل المقداد في شرح الكتاب ، والشهيد الثاني (٦) : من أنّ تدبير الأصل إنّما هو بفعل المالك ، فجاز له الرجوع ، بخلاف تدبير الولد ، فإنّه بالسراية فلا اختيار فيه له.

والمسألة لا تخلو عن شبهة ؛ لإمكان الذبّ عن الجوابين :

فعن الأوّل بأنّ لزوم التخصيص إنّما هو بعد التكافؤ المفقود في الصحيح ، لتضمّنه ما لا يقول به المشهور من رقية ولد الزوج الحرّ ، وتوقّف‌

__________________

(١) الشيخ في النهاية : ٥٥٣ ، القاضي في المهذب ٢ : ٣٦٧ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٤٦.

(٢) الكفاية : ٢٢٣.

(٣) الخلاف ٢ : ٦٧٠.

(٤) الحلّي في السرائر ٣ : ٣٣ ؛ والعلاّمة في المختلف : ٦٣٦ ، وولده في الإيضاح ٣ : ٥٤٨.

(٥) نسبه إليهم السبزواري في الكفاية : ٢٢٣.

(٦) التنقيح الرائع ٣ : ٤٥٩ ، الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٢٩.

٥٦

الرجوع في تدبير الامّ على رضاها والاحتياج.

والذبّ عن الأوّل بتقييده بصورة اشتراط رقيّة الولد ، وعن الثاني بالحمل على الاستحباب ، ولا يدفع الوهن الموجب لعدم التكافؤ ، مع عدم تمامية الذبّ عن الأولّ بما مرّ على الأصحّ من عدم إفادة الاشتراط الرقّية ، كما مرّ في النكاح.

ولا يجبر هذا الوهن الشهرة المحكيّة ؛ لكونها بالشهرة المتأخرة معارضة. ولا حكاية الإجماع المتقدمة ؛ لأنها بشهرة الخلاف بين متأخّري الطائفة ، وعدم ظهور قائل بالمنع عن الرجوع سوى الناقل له ، وبعض من تبعه ممن تقدّم إليه الإشارة موهونة ، مضافاً إلى نسبة الحلّي جواز الرجوع إلى مقتضى مذهب الإماميّة.

وعن الثاني بأنّ غايته على تقدير تسليمه نفي الألويّة ، وهو لا يستلزم انتفاء الحجّة على جواز الرجعة بالكليّة ؛ فإنّ العمومات كما عرفت بعد بحالها باقية ، فتأمّل.

وبالجملة فالاحتياط لازم في المسألة وإن كان القول الأوّل لا يخلو عن قوّة.

( ولو أولد ) العبد ( المدبّر من مملوكه ) ولداً يملكهم مولاه ( كان أولاده مدبّرين ) كهيئته بلا خلاف ظاهر ؛ للصحيح : في رجل دبّر مملوكاً له تاجراً موسراً ، فاشترى المدبّر جارية فمات قبل سيّده ، فقال : « أرى أنّ جميع ما ترك المدبّر من مال أو متاع فهو للّذي دبّره وأرى أنّ أُم ولده للذي دبّره ، وأرى أنّ ولدها مدبّرون كهيئة أبيهم » (١).

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٨٥ / ٨ ، الفقيه ٣ : ٧٣ / ٢٥٤ ، التهذيب ٨ : ٢٦٠ / ٩٤٨ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٤ أبواب التدبير ب ٦ ح ١.

٥٧

( و ) يستفاد منه ومن الصحيحة المتقدمة في عدم جواز الرجوع في تدبير أولاد الأمة المدبّرة أنه ( لو مات الأب ) أو الأُم ( قبل المولى لم يبطل تدبير الأولاد ) مضافاً إلى الأصل ، وعدم ثبوت بطلان تدبيرهم بموتها.

وبطلان تدبيرهما بموتهما إنّما هو لفوات متعلّق التدبير بالنسبة إليهما ، وهو غير حاصل في تدبيرهم. ولا ملازمة بين تدبيرهما وتدبيرهم أيضاً ، سيّما على القول بجواز الرجوع في تدبيرهما دونهم.

( وعتقوا بعد موت المولى من ثلثه. ولو قصر ) الثلث عن قيمتهم ( سعوا فيما بقي منهم ) لأنّه من لوازم التدبير ، كما سيأتي.

وللحسن : عن جارية أعتقت عن دبرٍ من سيّدها ، قال : « فما ولدت فهم بمنزلتها وهم من ثلثه ، فإن كانوا أفضل من الثلث استسعوا في النقصان » الحديث (١).

( ولو دبّر ) الأمة ( الحبلى ) بمملوك له ( لم يسر ) التدبير ( إلى ولدها ) مطلقاً علم حين تدبيرها بحبلها أم لا ، على الأشهر الأقوى. ونسبه في موضع من المبسوط إلى روايات أصحابنا (٢) ، وفي آخر منه إلينا (٣) ، مشعراً بأنّ عليه إجماعنا ، وكذا الحلّي نسبه إلى مقتضى مذهبنا (٤).

ويدلّ عليه بعد الإجماع الظاهر النقل من مجموع هذه النسب الموثّق بعثمان ، المجمع على تصحيح رواياته ، كما مرّ في غير مكان : عن‌

__________________

(١) التهذيب ٨ : ٢٦١ / ٩٥١ ، الإستبصار ٤ : ٣١ / ١٠٦ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٣ أبواب التدبير ب ٥ ح ٤.

(٢) المبسوط ٦ : ١٧٦.

(٣) المبسوط ٦ : ١٧٨.

(٤) السرائر ٣ : ٣٢.

٥٨

امرأة دبّرت جارية لها فولدت الجارية جارية نفيسة ، فلم تدر المرأة المولود مدبّر أو غير مدبّر؟ فقال لي : « متى كان الحمل بالمدبّر ، قبل أن دبّرت أو بعد ما دبّرت؟ » فقلت : لست أدري ، ولكن أجِبْني فيهما. فقال : « إن كانت المرأة دبّرت وبها حبل ، ولم تذكر ما في بطنها ، فالجارية مدبّرة ، والولد رقّ. وإن كان إنّما حدث الحمل بعد التدبير ، فالولد مدبّر في تدبير أُمّه » (١).

مضافاً إلى الأصل ، وعدم المخرج عنه سوى تدبير الامّ ، ولا دلالة فيه على تدبير الولد بوجه من الدلالات الثلاث ، لتغاير الأمة وحملها ، وعدم كونه جزءاً منها لغة وعرفاً ، ولذا لا يتبعها في البيع ونحوه على الأشهر الأقوى.

مضافاً إلى الاتّفاق هنا ولو في الجملة على عدم الجزئية قطعاً ، كيف ورقيّته مع عدم العلم به حين التدبير مجمع عليها بيننا ، وإن حكى في المبسوط (٢) المخالفة لنا عن العامّة العمياء ، حيث حكموا بالدخول مطلقاً.

( و ) لكن ( في رواية ) حسنة عمل بها الإسكافي ، والشيخ في النهاية (٣) وتبعه القاضي وابن حمزة (٤). وربما نسبها في مفاتيح الشرائع إلى الأكثر (٥) وهو خطاً بلا شبهة ـ : أنّه ( إن علم بحبلها فما في بطنها بمنزلتها ) وإن كان لا يعلم فما في بطنها رقّ (٦).

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٨٤ / ٥ ، الفقيه ٣ : ٧١ / ٢٤٦ ، التهذيب ٨ : ٢٦٠ / ٩٤٧ ، الإستبصار ٤ : ٣١ / ١٠٩ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٢ أبواب التدبير ب ٥ ح ٢.

(٢) المبسوط ٦ : ١٧٦.

(٣) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٦٣٥ ، النهاية : ٥٥٢.

(٤) القاضي في المهذب ٢ : ٣٦٧ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٦٤.

(٥) مفاتيح الشرائع ٣ : ٢٣٨.

(٦) الكافي ٦ : ١٨٤ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٧١ / ٢٤٧ ، التهذيب ٨ : ٢٦٠ / ٩٤٦ ، الإستبصار ٤ : ٣١ / ١٠٨ ، الوسائل ٢٣ : ١٢٣ أبواب التدبير ب ٥ ح ٣.

٥٩

وهي مع قصورها عن المقاومة لما مضى من الموثق ، من حيث السند على الأقوى ، واعتباره دون هذه بالشهرة المتحققة ، والمحكية في كلام جماعة كالمسالك والكفاية (١) ، والإجماع الظاهر من مجموع النسب المتقدمة ، والأصل القطعي المتقدم إليه الإشارة ، مع زيادة بُعد فيه عن طريقة العامّة ، دون هذه الحسنة ، فتقييده مع ما هو عليه من القوّة والاعتبار بما مضى بها مع ما هي عليه من عدم التكافؤ له جدّاً ضعيف قطعاً ، سيما مع بعده عن سياقه ، وإمكان الجمع بينهما بحمل هذه الحسنة فيما دلّت عليه من السراية في صورة العلم ، على ما إذا كانت هناك قرينة على إرادة تدبير الحمل من عرف أو عادة.

وهو قريب لولاه لزم خلوّ الحكم بالسراية بمجرد العلم عن السبب والحكمة ، وكونه تعبداً محضاً ، ولعلّه بعيد جدّاً.

فهذا القول ضعيف غايته. كالمحكي في المسالك والكفاية ، وغيرهما من كتب الجماعة (٢) ، من القول بإطلاق السراية ، مع أنّهم لم يشيروا إلى قائله ، ولعلّه العامّة كما صرّح به في المبسوط والخلاف (٣) وتقدّم إليه الإشارة. والقاضي ، كما يستفاد من عبارته المحكيّة في المختلف (٤) ، لكن فيه قبل الحكاية نسبه إلى متابعة الشيخ في النهاية. ولعلّه قول آخر له ، وإلاّ لتنافت النسبة مع صريح عبارته المحكية.

( ويعتبر في ) المولى ( المدبِّر جواز التصرّف ) برفع الحجر عنه‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ١٣٩ ، الكفاية : ٢٢٣.

(٢) المسالك ٢ : ١٣٩ ، الكفاية : ٢٢٣ ؛ وانظر المفاتيح ٣ : ٢٣٨.

(٣) المبسوط ٦ : ١٧٦ ، الخلاف ٦ : ٤١٦.

(٤) المختلف : ٦٣٥.

٦٠