أبي المؤيّد بن أحمد المكّي أخطب خوارزم [ خوارزمي ]
المحقق: الشيخ محمّد السماوي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
ISBN: 964-6223-01-X
الصفحات: ٣١١
حمار كان يركبه عيسى ، وقد زينت حوالي الحقّة بالذهب والجواهر والديباج والابريسم. ، وفي كل عام يقصدها عالم من النصارى ، فيطوفون حول الحقة ويزورونها ويقبلونها ، ويرفقون حوائجهم إلى الله ببركتها ، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم. وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم ، لا بارك الله فيكم ، ولا في دينكم! فقال يزيد لأصحابه : اقتلوا هذا النصراني ، فانه يفضحنا إن رجع إلى بلاده ويشنع علينا ، فلما أحسّ النصراني بالقتل ، قال : يا يزيد! أتريد قتلي؟ قال : نعم ، قال : فاعلم أني رأيت البارحة نبيكم في منامي ، وهو يقول لي : «يا نصراني أنت من أهل الجنّة». فعجبت من كلامه حتى نالني هذا ، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، ثم أخذ الرأس ، وضمه إليه ، وجعل يبكي حتى قتل.
وروى مجد الأئمة السرخسكي ، عن أبي عبد الله الحداد : أنّ النصراني اخترط سيفا ، وحمل على يزيد ليضربه ، فحال الخدم بينهما ، وقتلوه ، وهو يقول : الشهادة الشهادة.
وذكر أبو مخنف وغيره : أنّ يزيد أمر أن يصلب الرأس الشريف على باب داره ، وأمر أن يدخلوا أهل بيت الحسين داره ، فلما دخلت النسوة دار يزيد لم تبق امرأة من آل معاوية إلّا استقبلتهن بالبكاء والصراخ والنياحة والصياح على الحسين ، وألقين ما عليهن من الحلي والحلل وأقمن المأتم عليه ثلاثة أيام.
وخرجت هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز امرأة يزيد ، وكانت قبل ذلك تحت الحسين بن علي عليهماالسلام فشقت الستر وهي حاسرة ، فوثبت على يزيد ، وقالت : أرأس ابن فاطمة مصلوب على باب داري؟ فغطاها يزيد
وقال : نعم! فاعولي عليه يا هند! وابكي على ابن بنت رسول الله ، وصريخة قريش ، عجل عليه ابن زياد فقتله ، قتله الله.
ثم إنّ يزيد أنزلهم بداره الخاصة ، فما كان يتغدى ويتعشى حتى يحضر معه علي بن الحسين ، ودعا يوما خالدا ابنه ، ودعا عليا ـ وهما صبيان ـ ، فقال لعلي : أتقاتل هذا؟ قال : «نعم ، اعطني سكينا وأعطه سكينا ، ثم نتقاتل» ، فأخذه وضمه ، وقال :
شنشنة أعرفها من أخزم |
|
هل يلد الأرقم غير الأرقم |
وروي : أنّ يزيد عرض عليهم المقام بدمشق ، فأبوا ذلك ، وقالوا : ردنا إلى المدينة ، لأنها مهاجرة جدّنا ، فقال للنعمان بن بشير : جهزّ هؤلاء بما يصلحهم ، وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا ، وابعث معهم خيلا وأعوانا ، ثم كساهم وحباهم وفرض لهم الأرزاق والانزال ، ثم دعا بعلي بن الحسين ، فقال له : لعن الله ابن مرجانة ، أما والله ، لو كنت صاحبه ما سألني خصلة إلّا أعطيتها إياه ، ولدفعت عنه الحتف بكل ما قدرت عليه ، ولو بهلاك بعض ولدي ، ولكن قضى الله ما رأيت ، فكاتبني بكل حاجة تكون لك ، ثم أوصى بهم الرسول. فخرج بهم الرسول يسايرهم فيكون أمامهم حيث لا يفوتون طرفه ، فإذا نزلوا تنحى عنهم ، وتفرق هو وأصحابه كهيئة الحرس ، ثم ينزل بهم حيث أراد أحدهم الوضوء ، ويعرض عليهم حوائجهم ، ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة.
وروي : عن الحرث بن كعب ، قال : قالت لي فاطمة بنت علي عليهالسلام ، قلت لاختي زينب : قد وجب علينا حق هذا الرسول لحسن صحبته لنا ، فهل لنا أن نصله بشيء؟ قالت : والله ، ما لنا ما نصله به إلّا أن نعطيه حلينا. فأخذت سواري ودملجي ، وسوار اختي ودملجها ، فبعثنا بها إليه واعتذرنا
من قلّتها ، وقلنا : هذا بعض جزائك لحسن صحبتك إيانا ، فقال : لو كان الذي صنعت للدنيا ففي دون هذا رضاي ، ولكن والله ، ما فعلته إلّا لله ولقرابتكم من رسول اللهصلىاللهعليهوآله.
٣٤ ـ وذكر الإمام أبو العلاء الحافظ ، بإسناده عن مشايخه : أن يزيد بن معاوية حين قدم عليه برأس الحسين وعياله ، بعث إلى المدينة فاقدم عليه عدّة من موالي بني هاشم ، وضم إليهم عدّة من موالي آل أبي سفيان ، ثمّ بعث بثقل الحسين ومن بقي من أهله معهم ، وجهّزهم بكل شيء ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلّا أمر لهم بها ، وبعث رأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص ـ وهو إذ ذاك عامله على المدينة ـ ، فقال عمرو : وددت أنه لم يبعث به إلي ، ثم أمر عمرو برأس الحسين عليهالسلام ، فكفن ودفن في «البقيع» عند قبر أمه فاطمة عليهاالسلام.
وقال غيره : إن سليمان بن عبد الملك بن مروان رأى النبي صلىاللهعليهوآله في المنام ، كأنه يبرّه ويلطفه ، فدعا الحسن البصري ، وقصّ عليه ، وسأله عن تأويله ، فقال الحسن : لعلك اصطنعت إلى أهله معروفا.
فقال سليمان : إني وجدت رأس الحسين في خزانة يزيد بن معاوية فكسوته خمسة من الديباج ، وصليت عليه في جماعة من أصحابي ، وقبرته ، فقال الحسن : إن النبي رضي عنك بسبب ذلك ، فأحسن إلى الحسن البصري ، وأمر له بجوائز.
وقال غيرهما : إن رأس الحسين عليهالسلام صلب بدمشق ثلاثة أيام ، ومكث في خزائن بني أميّة حتى ولي سليمان بن عبد الملك ، فطلبه فجيء به ـ وهو عظم أبيض قد قحل ـ فجعله في سفط وطيبه ، وجعل عليه ثوبا ودفنه في مقابر المسلمين بعد ما صلى عليه.
فلما ولي عمر بن عبد العزيز بعث إلى المكان يطلبه منه فاخبر بخبره ، فسأل عن الموضع الذي دفن فيه فنبشه وأخذه ، والله أعلم بما صنع به ، والظاهر من دينه أنه بعثه إلى كربلاء فدفن مع جسده.
قالوا : ولما دخل حرم الحسين عليهالسلام المدينة عجت نساء بني هاشم ، وصارت المدينة صيحة واحدة ، فضحك عمرو بن سعيد أمير المدينة ، وتمثل بقول عمرو بن معدي كرب الزبيدي :
عجت نساء بني زياد عجة |
|
كعجيج نسوتنا غداة الأرنب |
وجلس عبد الله بن جعفر للتعزية ، فدخل عليه مولاه ، فقال : هذا ما لقينا من الحسين؟ فحذفه عبد الله بنعله ، وقال : يا ابن اللخناء! أللحسين تقول هذا؟ والله ، لو شهدته لأحببت أن اقتل دونه ، وإني لأشكر الله الذي وفّق ابني عونا ومحمدا معه ، إذ لم أكن وفقت.
وخرجت بنت عقيل في نساء من قومها ، وهي تقول :
ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم؟ |
|
ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم؟ |
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي |
|
فهم اسارى وقتلى ضرّجوا بدم |
أكان هذا جزائي إذ نصحتكم |
|
ولم تفوا لي بعهدي في ذوي رحمي |
ضيعتم حقنا والله أوجبه |
|
وقد عرى الفيل حق البيت والحرم |
وجاء في «المسانيد» : أنّ القائلة للبيتين الأوّلين زينب بنت علي عليهالسلام حين قتل الحسين عليهالسلام ، وأنها أخرجت رأسها من الخباء ، ورفعت عقيرتها (١) ، وقالت البيتين الأوّلين.
قالوا : ثمّ صعد عمرو بن سعيد ـ أمير المدينة ـ المنبر ، وخطب ، وقال في خطبته : إنها لدمة بلدمة ، وصدمة بصدمة ، وموعظة بعد موعظة (حِكْمَةٌ
__________________
(١) ـ العقير : صوت الباكي.
بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) القمر / ٥ ، والله لوددت أنّ رأسه في بدنه ، وروحه في جسده ، أحيان كان يسبّنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله ، كعادتنا وعادته ، ولم يكن من أمره ما كان ، ولكن كيف نصنع بمن سلّ سيفه يريد قتلنا؟ إلّا أن ندفع عن أنفسنا.
فقام إليه عبد الله بن السائب ، فقال : أما لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين لبكت عليه.
فجبهه عمرو بن سعيد ، وقال : نحن أحقّ بفاطمة منك ، أبوها عمنا ، وزوجها أخونا ، وابنها ابننا ، أما لو كانت فاطمة حية لبكت عينها ، وحزن كبدها ، ولكن ما لامت من قتله ، ودفع عن نفسه.
٣٥ ـ أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي ، أخبرنا والدي شيخ السنة أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك ، أخبرنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، قال : لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب ثار عبد الله بن الزبير ، فدعا ابن عباس إلى بيعته ، فامتنع ابن عباس ، وظن يزيد بن معاوية أن امتناع ابن عباس كان تمسكا منه ببيعته ، فكتب إليه :
أما بعد فقد بلغني : أنّ الملحد ابن الزبير دعاك إلى بيعته ، والدخول في طاعته ، لتكون له على الباطل ظهيرا ، وفي المآثم شريكا ، وإنك اعتصمت ببيعتنا ، وفاء منك لنا ، وطاعة لله لما عرفك من حقنا ، فجزاك الله من ذي رحم خير ما يجزي الواصلين بأرحامهم ، الموفين بعهودهم ، فما أنسى من الأشياء فلست بناس برك ، وتعجيل صلتك بالذي أنت له أهل من
القرابة من الرسول ، فانظر من طلع عليك من الآفاق ، ممن سحرهم ابن الزبير بلسانه ، وزخرف قوله ، فاعلمهم برأيك ، فإنهم منك أسمع ولك أطوع ، من المحل للحرم المارق.
فكتب إليه ابن عباس :
أما بعد : فقد جاءني كتابك ، تذكر دعاء ابن الزبير إياي إلى بيعته ، والدخول في طاعته ، فإن يكن ذلك كذلك ، فإني ، والله ، ما أرجو بذلك برك ولا حمدك ، ولكن الله بالذي أنوي به عليم ، وزعمت أنك غير ناس بري ، وتعجيل صلتي ، فاحبس ، أيها الإنسان برّك ، وتعجيل صلتك ، فإني حابس عنك ودي ، فلعمري ، ما تؤتينا مما لنا قبلك من حقنا إلّا اليسير ، وأنك لتحبس منه عنا العريض الطويل ، وسألتني أن أحثّ الناس إليك ، وأن أخذلهم من ابن الزبير ، فلا ولاء ، ولا سرورا ولا حبا ، إنّك تسألني نصرتك وتحثني على ودك ، وقد قتلت حسينا ، وفتيان عبد المطلب ، مصابيح الدّجى ، ونجوم الهدى ، وأعلام التقى ، غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد ، مزملين بالدماء ، مسلوبين بالعراء ، لا مكفنين ، ولا موسّدين ، تسفي عليهم الرياح ، وتنتابهم عرج الضباع ، حتى أتاح الله لهم بقوم لم يشركوا في دمائهم ، كفنوهم وأجنوهم ، وبي وبهم والله غروب ، وجلست مجلسك الذي جلست.
فما أنسى من الأشياء ، فلست بناس إطرادك حسينا من حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى حرم الله ، وتسييرك إليه الرجال لتقتله في حرم الله ، فما زلت بذلك وعلى ذلك حتى أشخصته من مكة إلى العراق ، فخرج خائفا يترقب ، فزلزلت به خيلك عداوة منك لله ولرسوله ، ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اولئك لا كآبائك الجفاة الأجلاف ، أكباد الحمير.
فطلب إليكم الموادعة ، وسألكم الرجعة ، فاغتنمتم قلة أنصاره ، واستئصال أهل بيته ، فتعاونتم عليه ، كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك ، فلا شيء أعجب عندي من طلبك ودي ، وقد قتلت ولد أبي ، وسيفك يقطر من دمي ، وأنت أحد ثاري ، فإن شاء الله لا يبطل لديك دمي ، ولا تسبقني بثاري ، فإن سبقتني في الدنيا ، فقبل ذلك ما قتل النبيون وآل النبيين ، فطلب الله بدمائهم ، وكفى بالله للمظلومين ناصرا ومن الظالمين منتقما ، فلا يعجبك أن ظفرت بنا اليوم ، فلنظفرن بك يوما ، وذكرت وفائي وما عرفتني من حقك ، فإن يكن ذلك كذلك ، فقد بايعتك وأباك من قبلك ، وأنك لتعلم أني وولد أبي أحق بهذا الأمر منك ومن أبيك ، ولكنكم معشر قريش! كابرتمونا حتى دفعتمونا عن حقنا ، ووليتم الأمر دوننا ، فبعدا لمن تحرى ظلمنا ، واستغوى السفهاء علينا ، كما بعدت ثمود وقوم لوط وأصحاب مدين.
ومن أعجب الأعاجيب ، وما عسى أن أعجب حملك بنات عبد المطلب وأطفالا صغارا من ولده إليك بالشام ، كالسبي المجلوبين ، تري الناس أنك قهرتنا ، وأنت تمن علينا ، وبنا منّ الله عليك ، ولعمر الله ، لئن كنت تصبح آمنا من جراحة يدي ، فإني لأرجو أن يعظم الله جرحك من لساني ، ونقضي وابرامي ، والله ، ما أنا بآيس من بعد قتلك ولد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يأخذك الله أخذا أليما ، ويخرجك من الدنيا مذموما مدحورا ، فعش لا أبا لك! ما استطعت ، فقد والله ، ازددت عند الله أضعافا ، واقترفت مآثما ، والسلام على من اتبع الهدى.
وكتب يزيد إلى محمد بن الحنفية ، وهو يومئذ بالمدينة.
أما بعد : فإني أسأل الله لي ولك عملا صالحا يرضى به عنا ، فإني ما
أعرف اليوم في بني هاشم رجلا هو أرجح منك علما وحلما ، ولا أحضر منك فهما وحكما ، ولا أبعد منك عن كل سفه ودنس وطيش ، وليس من يتخلق بالخير تخلفا ، ويتنحل بالفضل تنحلا ، كمن جبله الله على الخير جبلا ، وقد عرفنا ذلك كله منك قديما وحديثا ، شاهدا وغائبا ، غير أني قد أحببت زيارتك والأخذ بالحظ من رؤيتك ، فإذا نظرت في كتابي هذا ، فاقبل إلي آمنا مطمئنا ، أرشدك الله أمرك ، وغفر لك ذنبك ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فلما ورد الكتاب على محمد بن علي بن الحنفية ، وقرأه ، أقبل على ابنيه جعفر وعبد الله أبي هاشم ، فاستشارهما في ذلك ، فقال له ابنه عبد الله : يا أبتي! اتّق الله في نفسك ، ولا تصر إليه ، فإني خائف أن يلحقك بأخيك الحسين ، ولا يبالي. فقال له محمد : يا بني! ولكني لا أخاف منه ذلك. وقال له ابنه جعفر : يا أبتي! إنه قد اطمأنك وألطفك في كتابه إليك ، ولا أظنه يكتب إلى أحد من قريش بأن «أرشدك الله أمرك ، وغفر ذنبك» ، وأنا أرجو أن يكف الله شره عنك.
فقال محمد : يا بني إني توكلت على الله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وكفى بالله وكيلا ، ثم تجهز محمد بن علي ، وخرج من المدينة ، وسار حتى قدم على يزيد بن معاوية بالشام ، فلما استأذن أذن له ، وقرّبه وأدناه ، وأجلسه معه على سريره ، ثم أقبل عليه بوجهه ، فقال : يا أبا القاسم! آجرنا الله وإياك في أبي عبد الله الحسين ، فو الله ، لئن كان نقصك فقد نقصني ، ولئن كان أوجعك فقد أوجعني ، ولو كنت أنا المتولي لحربه لما قتلته ، ولدفعت عنه القتل لو بجز أصابعي ، وذهاب بصري ، ولفديته بجميع ما ملكت يدي ، وإن كان قد ظلمني ، وقطع رحمي ،
ونازعني في حقي ، ولكن عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي فيه من ذلك ، فعجل عليه بالقتل فقتله ، ولم يستدرك ما فات ، وبعد : فإنه ليس يجب علينا أن نرضى بالدنية في حقنا ، ولم يكن يجب على أخيك أن ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا ، وعزيز علي ما ناله ، فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم.
فتكلّم محمد بن علي ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إني قد سمعت كلامك ، فوصل الله رحمك ورحم حسينا ، وبارك الله له فيما صار إليه من ثواب ربه ، والخلد الدائم الطويل ، في جوار الملك الجليل ، وقد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك ، وما عراك فقد عرانا من فرح وترح ، وكذا أظن أن لو شهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي والعمل ، ولجانبت أسوأ الفعل والخطل ، والآن أن حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره ، فإنه أخي وشقيقي ، وابن أبي ، وإن زعمت : انه كان ظالمك وعدوّا لك ، كما تقول.
فقال له يزيد بن معاوية : إنك لم تسمع فيه مني إلّا خيرا ، ولكن هلم فبايعني ، واذكر ما عليك من الدّين حتى أقضيه عنك. فقال له محمد : أما البيعة فقد بايعتك ، وأما ما ذكرت من أمر الدين فما علي دين بحمد الله ، وإني من الله تبارك وتعالى في كل نعمة سابغة ، لا أقوم بشكرها. فالتفت يزيد إلى ابنه خالد ، وقال له : يا بني! إنّ ابن عمك هذا بعيد من الخب واللؤم والدنس والكذب ، ولو كان غيره كبعض من عرفت ، لقال : عليّ من الدّين كذا وكذا ، ليستغنم أخذ أموالنا.
ثم أقبل عليه يزيد بن معاوية ، وقال له : بايعتني يا أبا القاسم! فقال : نعم ، يا أمير المؤمنين! قال : فإني قد أمرت لك بثلاثمائة ألف درهم فابعث من يقبضها ، فإذا أردت الانصراف عنا ، وصلناك إن شاء الله تعالى. فقال له
محمد : لا حاجة لي في هذا المال ، ولا له جئت ، فقال له يزيد : فلا عليك أن تقبضه وتفرقه في من أحببت من أهل بيتك ، قال : فإني قد قبلته ، يا أمير المؤمنين!
ثم إن يزيد أنزل محمدا في بعض منازله ، فكان يدخل عليه صباحا ومساء ، ثم إن وفدا من أهل الكوفة قدموا على يزيد ، وفيهم : المنذر بن الزبير ؛ وعبد الله بن عمر ؛ وعبد الله بن حفص بن المغيرة المخزومي ؛ وعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاري ، فأقاموا عند يزيد أياما ، فأجارهم يزيد وأمر لكل رجل بخمسين ألف درهم ، وأجاز المنذر بمائة الف درهم ، فلمّا أرادوا الانصراف إلى المدينة ، دخل محمد بن علي على يزيد ، فاستأذنه في الانصراف معهم ، فأذن له في ذلك ووصله بمائتين ألف درهم ، وأعطاه عروضا بمائة ألف درهم ، ثم قال له : والله ، يا أبا القاسم ألية أني لا أعلم اليوم في أهل بيتك رجلا هو أعلم منك بالحلال والحرام ، وقد كنت أحب أن لا تفارقني ، وتأمرني بما فيه حظي ورشدي ، وو الله ، ما أحبّ أن تنصرف عني وأنت ذام لشيء من أخلاقي.
فقال له محمد : أما ما كان منك إلى الحسين ، فذاك شيء لا يستدرك ، وأما الآن فإني ما رأيت منك منذ قدمت عليك إلّا خيرا ، ولو رأيت منك خصلة أكرهها ، لما وسعني السكوت دون أن أنهاك عنها ، واخبرك بما يحقّ لله عليك منها ، للذي أخذ الله تبارك وتعالى على العلماء في علمهم أن يبينوه للناس ولا يكتموه ، ولست مؤديا عنك إلى من ورائي من الناس إلّا خيرا ، غير أني أنهاك عن شرب هذا المسكر ، فإنه رجس من عمل الشيطان ، وليس من ولي امور الامة ، ودعي له بالخلافة على رءوس الأشهاد فوق المنابر ، كغيره من الناس ، فاتّق الله في نفسك ، وتدارك ما سلف من ذنبك.
فسرّ يزيد بما سمع من محمد سرورا شديدا ، وقال له : فإني قابل منك ما أمرتني به ، وأنا احبّ أن تكاتبني في كل حاجة تعرض لك : من صلة أو تعاهد ، ولا تقصر في ذلك أبدا.
فقال له محمد : أفعل ذلك إن شاء الله ، وأكون عند ما تحب.
ثمّ ودعه ورجع إلى المدينة ، وفرق ذلك المال كلّه في أهل بيته ، وسائر بني هاشم وقريش ، حتى لم يبق من بني هاشم وقريش أحد من الرجال والنساء والذرية والموالي إلّا صار إليه من ذلك ، ثم خرج محمد بن المدينة إلى مكة ، وأقام بها مجاورا لا يعرف غير الصوم والصلاة ، ولا يتداخل بغير الفقه.
الفصل الثاني عشر
في بيان عقوبة قاتل
الحسين صلىاللهعليهوآله وخاذله وماله من الجزاء
١ ـ أخبرنا الشيخ الثقة العد الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن نصر الزاغوني ـ بمدينة السلام منصرفي عن السفرة الحجازية ـ ، أخبرنا الشيخ الجليل أبو الحسن محمد بن إسحاق بن الساهوجي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن علي بن بندار ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزاز ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان ـ ببغداد في باب المحوّل ـ ، حدثني أبي أحمد بن عامر بن سليمان الطائي ، حدثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا ، حدثني أبي موسى بن جعفر ، حدثني أبي جعفر بن محمد ، حدثني أبي محمد بن علي ، حدثني أبي علي بن الحسين ، حدثني أبي الحسين بن علي ، حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهمالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن قاتل الحسين في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، ينكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربهم عزوجل من شدة نتنها وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما نضجت
جلودهم تبدل عليهم الجلود ليذوقوا ذلك العذاب الأليم».
٢ ـ وبهذا الإسناد ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الويل لظالمي أهل بيتي ، عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من عذاب جهنم ، فالويل لهم من العذاب الأليم».
٣ ـ وبهذا الإسناد ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اشتدّ غضب الله وغضب رسوله على من أهرق دمي ؛ وآذاني في عترتي».
٤ ـ أخبرنا العالم العابد الأوحد أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي ، عن مشايخه الثلاثة : محمود بن أبي القاسم الأزدي ؛ وأبي نصر الترياقي ؛ وأبي بكر الغورجي ، ثلاثتهم ، عن أبي محمد الجراحي ، عن أبي العباس المحبوبي ، عن الحافظ أبي عيسى الترمذي ، حدثني واصل بن عبد الأعلى ، حدثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، قال : لما جيء برأس عبيد الله بن زياد إلى المختار مع رءوس أصحابه ، نضدت في المسجد في الرحبة ، فانتهيت إلى الناس وهم يقولون : قد جاءت ، قد جاءت ، فلم أدر ، فإذا حيّة قد جاءت فتخللت الرءوس حتى دخلت في منخر عبيد الله بن زياد فمكثت هنيئة ، ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت ، ثم قالوا : قد جاءت ، قد جاءت ، ففعلت ذلك أمامي مرتين أو ثلاثا.
قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث صحيح.
٥ ـ وأخبرني الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ، فيما كتب إليّ من همدان ، أخبرني والدي ، أخبرني الحافظ الميداني إجازة ، أخبرني القاضي أبو الحسن الوراق ، أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد بن زرعة ، حدّثني ظهير بن محمّد بن ظهير ، حدّثني عبد الله بن محمّد بن بشر ، حدثني الحسن بن الزبرقان المرادي ، حدثني
أبو بكر ابن عياش ، عن الأجلح ، عن الزبير ، عن جابر الأنصاري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «يجيء يوم القيامة ثلاثة : المصحف ؛ والمسجد ؛ والعترة ، فيقول المصحف : حرقوني ومزقوني ، ويقول المسجد : خرّبوني وعطلوني ، وتقول العترة : قتلونا وطردونا وشردونا ، فأجثو على ركبتي للخصومة ، فيقول الله عزوجل : ذلك إليّ فأنا أولى بذلك».
٦ ـ أخبرني سيد الحفاظ هذا ، قال : ومما سمعت في «المفاريد» برواية عليّ عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّ موسى بن عمران سأل ربه ، فقال : يا رب إنّ أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه أن يا موسى! لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك فيهم ، ما خلا قاتل الحسين بن علي ، فإني أنتقم له منه».
٧ ـ وأخبرني سيد الحفاظ هذا ، قال : وباسنادي إلى أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «اريت في منامي رجلا من أهل بيتي دعا إلى الله وعمل صالحا ، وغير المنكر ، وأنكر الجور فصلب ، فعلى صالبه لعنة الله».
٨ ـ وأخبرني سيد الحفاظ هذا ، أخبرني أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا ابن حبّان ، حدثنا موسى بن هارون ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثني أبو معاوية ، عن محمد بن قيس بن البراء ، عن عبد الله بن بدر الخطمي ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «من أحبّ أن يبارك [الله] في أجله ، وأن يمتع بما خوله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة ، ومن لم يخلفني فيهم بتلك عمره ، وورد عليّ يوم القيامة مسودا وجهه».
قال : فكان كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإن يزيد بن معاوية لم يخلفه في أهله خلافة حسنة ، فبتك عمره ، وما بقي بعد الحسين عليهالسلام إلّا قليلا ، وكذلك
عبيد الله بن زياد (لعنهما الله).
٩ ـ وأخبرني سيد الحفاظ هذا ـ كتابة ـ ، أخبرني الرئيس أبو الفتح عبدوس بن عبد الله ـ فيما أذن لي ، حدثني الشيخ العدل أبو بكر عبد الله ابن علي ابن حمويه ، حدثني أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي ـ إجازة ـ ، حدثني أبو عمرو محمد بن محمد بن صابر ، حدثني أبو سعيد خلف بن سليمان ، حدثني أبو عبد الله محمد بن تميم السعدي ، حدثني محمد بن عبد الله (الرحمن) النيسابوري ، حدثني أبو هانئ ، عن خلف بن محمد ، قال : قال عمر بن عبد العزيز : سألت ربي عزوجل أن يريني الخلفاء من أهل الجنّة ، فرأيت فيما يرى النائم أن القيامة قد قامت ، وأنّ الناس قد قربوا للحساب ، فرأيت رجلا قصيفا قد حوسب حسابا يسيرا ، وامر به إلى الجنّة ، فقلت : من ذاك؟ قيل : أبو بكر الصديق.
ثمّ اتي بآخر فحوسب حسابا يسيرا ، ثم امر به الى الجنّة ، فقلت : من ذاك؟ قيل عمر بن الخطاب.
ثم اتي بآخر فحوسب حسابا يسيرا وامر به إلى الجنّة ، فقلت : من هذا؟ قيل : عثمان بن عفان.
ولم أر عليا ، فقلت : وأين علي؟ قيل : هيهات هيهات! عليّ في أعلى عليين مع النبيين والصديقين.
ثمّ مررت على واد من نار ، فإذا رجل فيه كلما أراد أن يخرج ، قمع بمقامع من حديد فهوى ، فقلت : من هذا؟ قيل : يزيد بن معاوية ، ورأيت قبّة من نار فيها رجل ، فلما رآني ، قال لي : السلام عليك ، يا عمر بن عبد العزيز! قلت : من أنت ، ثكلتك امك؟ قال: الحجاج بن يوسف ، قلت ما فعل بك الرحمن؟ قال : قتلت بكل رجل مرة ، وبدل سعيد بن جبير
سبعين مرّة ، وأنا على حال لم أيأس من ربي.
١٠ ـ وأخبرني الإمام أبو جعفر محمد بن عمر ـ كتابة ـ ، أخبرني الإمام زيد ابن الحسن البيهقي ، أخبرني النقيب علي بن محمد بن الحسين ، أخبرني السيد الإمام أبو جعفر محمد بن جعفر الحسيني ، أخبرني السيد الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين الحسيني قال : روي لي أنّ الزهري دخل على هشام ابن عبد الملك ، فقال هشام : إني ما أراني إلّا أوبقت نفسي (١) بقتل زيد بن علي بن الحسين وذلك بعد قتله ، فقال الزهري : وكيف ذاك؟ فقال: أتاني آت ، فقال : إنه ما أصاب أحد من دماء آل محمد شيئا إلا أوبق نفسه من رحمة الله ، فخرج الزهري ، وهو يقول : أما والله ، لقد أوبقت نفسك من قبل ذلك ، وأنت الآن وابق.
١١ ـ وأنبأني الحفاظ صدر الحفاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني بها ، أخبرني محمود بن إسماعيل الصيرفي ، أخبرني أحمد بن محمد بن الحسين ، أخبرني الطبراني ، حدثني محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثني محمد بن يحيى الصيرفي ، حدثني أبو غسان ، حدثني عبد السلام بن حرب ، عن عبد الملك بن كردوس ، عن حاجب عبيد الله بن زياد قال : دخلت القصر خلف عبيد الله ، فاضطرم في وجهه نارا ، فقال هكذا بكمه على وجهه ، والتفت إلي ، فقال : هل رأيت؟ قلت : نعم ، فأمرني أن أكتم ذلك.
١٢ ـ وحدثنا عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي ، حدثنا الشيخ الامام أبو يعقوب يوسف بن محمد البلالي ، حدثنا الإمام السيد المرتضى أبو الحسن محمد بن محمد بن زيد الحسيني
__________________
(١) أوبق نفسه : حبسها وأهلكها ، ووبق : هلك.
الحسني ، أخبرنا الحسن بن أحمد الفارسي ، أخبرنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن منصور ، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن حسين ، عن أبي خالد ؛ عن زيد ، عن ابن لهيعة قال : كنت أطوف بالبيت ، إذا أنا برجل يقول : اللهمّ! اغفر لي ، وما أراك فاعلا! فقلت له : يا عبد الله! اتّق الله ، لا تقل مثل هذا ، فإن ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمطار ؛ وورق الاشجار ، واستغفرت الله غفرها لك ، فإنه غفور رحيم.
فقال لي : تعال حتى اخبرك بقصتي ، فأتيته ، فقال : اعلم إنا كنا خمسين نفرا حين قتل الحسين بن علي ، وسلم إلينا رأسه ، لنحمله إلى يزيد بالشام ، فكنا إذا أمسينا نزلنا واديا ؛ ووضعنا الرأس في تابوت ؛ وشربنا الخمور حوالي التابوت إلى الصباح ، فشرب أصحابي ليلة حتى سكروا ، ولم أشرب معهم ، فلما جنّ الليل ، سمعت رعدا وبرقا ، وإذا أبواب السماء قد فتحت فنزل : آدم ؛ ونوح ؛ وإبراهيم ؛ وإسحاق ؛ وإسماعيل ؛ ونبينا محمد (صلوات الله عليهم) ، ومعهم جبرئيل ؛ وخلق من الملائكة.
فدنا جبرئيل من التابوت ، فأخرج الرأس وقبله وضمه ، ثم فعل الأنبياء كذلك ، ثم بكى النبيّ محمد صلىاللهعليهوآله على رأس الحسين ، فعزاه الأنبياء ، وقال له جبرئيل : يا محمّد! إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن اطيعك في امتك ، فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض ، وجعلت عاليها سافلها ، كما فعلت بقوم لوط. فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «لا ، يا جبرئيل فإن لهم معي موقفا بين يدي الله عزوجل يوم القيامة».
قال : ثمّ صلوا عليه ، ثمّ أتى قوم من الملائكة ، فقالوا : إنّ الله تعالى أمرنا بقتل الخمسين ، فقال لهم النبي صلىاللهعليهوآله : «شأنكم بهم».
قال : فجعلوا يضربونهم بالحربات ، وقصدني واحد منهم بحربته