الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-46-X
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٢٢

زرع الأضرّ، فيتخيّر بين الفسخ لذلك فيأخذ الاُجرة لما زرع، لوقوعه أجمع بغير إذنه؛ لأنّه غير المعقود عليه، وبين أخذ المسمّى في مقابلة مقدار المنفعة المعيّنة مع أخذ الأرش في مقابلة الزائد الموجب للضرر.

ويشكل بأنّ الحصّة المسمّاة إنّما وقعت في مقابلة زرع المعيَّن ولم يحصل، والذي زرع لم يتناوله العقد ولا الإذن، فلا وجه لاستحقاق المالك فيه الحصّة، ومن ثَمّ نسبه إلى القيل تنبيهاً على تمريضه.

والأقوى وجوب اُجرة المثل خاصّة.

(ولو كان) المزروع (أقلّ ضرراً) من المعيَّن (جاز) فيستحقّ ما سمّاه من الحصّة ولا أرش ولا خيار؛ لعدم الضرر.

ويشكل بأ نّه غير معقود عليه أيضاً، فكيف يستحقّ فيه شيئاً؟ مع أنّه نماء بذر العامل الذي لا دليل على انتقاله عن ملكه.

والأقوى ثبوت اُجرة المثل أيضاً كالسابق.

(ويجوز أن يكون من أحدهما الأرض حسبُ، ومن الآخر البذر والعمل والعوامل) وهذا هو الأصل في المزارعة. ويجوز جعل اثنين من أحدهما والباقي من الآخر، وكذا واحد وبعض الآخر. ويتشعّب من الأركان الأربعة (١) صور كثيرة لا حصر لها بحسب شرط بعضها من أحدهما والباقي من الآخر.

(وكلّ واحدة من الصور الممكنة جائزة) متى كان من أحدهما بعضها ـ ولو جزء من الأربعة ـ ومن الآخر الباقي، مع ضبط ما على كلّ واحد.

(ولو اختلفا في المدّة حلف منكر الزيادة) لأصالة عدمها، فإن بقي

__________________

(١) الأرض، البذر، العمل، العوامل.

٥٠١

الزرع بعد ما ثبت منها فكما سبق (١) (و) لو اختلفا (في الحصّة) حلف (صاحب البذر) لأنّ النماء تابع له، فيقدّم قول مالكه في حصّة الآخر؛ لأصالة عدم خروج ما زاد عن ملكه وعدم استحقاق الآخر له، واتّفاقهما على عقد تضمّن حصّةً إنّما نقل عنه في أصل الحصّة، لا في الحصّة المعيّنة، فيبقى حكم إنكار الزائد بحاله، لم يخرج عن الأصل.

(ولو أقاما بيّنة قُدّمت بيّنة الآخر) في المسألتين، وهو العامل في الاُولى؛ لأنّ مالك الأرض يدّعي تقليل المدّة فيكون القول قوله والبيّنة بيّنة غريمه العامل. ومَن ليس له بذر في الثانية ـ من العامل ومالك الأرض ـ لأنّه الخارج بالنظر إلى الباذر حيث قُدّم قوله مع عدم البيّنة.

(وقيل: يقرع (٢)) لأنّها لكلّ أمر مشكل.

ويشكل بأ نّه لا إشكال هنا، فإنّ من كان القول قوله فالبيّنة بيّنة صاحبه، فالقول بتقديم بيّنة المدّعي فيهما أقوى.

(وللمزارع أن يزارع غيرَه أو يشارك غيرَه) لأنّه يملك منفعة الأرض بالعقد اللازم فيجوز له نقلُها ومشاركةُ غيره عليها؛ لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم. نعم لا يجوز له تسليم الأرض إلّابإذن مالكها.

وربما اشترط كون البذر منه ليكون تمليك الحصّة منوطاً به، وبه يفرّق بينه وبين عامل المساقاة حيث لم يجز له أن يساقي غيره. وهو يتمّ في مزارعة غيره لا في مشاركته. ويمكن الفرق بينهما بأنّ عمل الاُصول في المساقاة مقصود

__________________

(١) سبق عند قول الماتن قدس سره: (ولو مضت المدّة والزرع باقٍ ...) راجع الصفحة ٤٩٨ ـ ٤٩٩.

(٢) قاله الشيخ في الخلاف ٣:٥٢١، المسألة ١٠ من كتاب المزارعة.

٥٠٢

بالذات كالثمرة فلا يتسلّط عليه من لا يسلّطه المالك، بخلاف الأرض في المزارعة، فإنّ الغرض فيها ليس إلّاالحصّة، فلمالكها أن ينقلها إلى من شاء.

(إلّاأن يشترط عليه المالكُ الزرعَ بنفسه) فلا يجوز له إدخال غيره مطلقاً عملاً بمقتضى الشرط.

(والخراج على المالك) لأنّه موضوع على الأرض ابتداءً، لا على الزرع (إلّامع الشرط) فيتّبع شرطه في جميعه وبعضه، مع العلم بقدره أو شرطِ قدرٍ معيَّن منه. ولو شرط الخراج على العامل فزاد السلطان فيه زيادة فهي على صاحب الأرض؛ لأنّ الشرط لم يتناولها (١).

(وإذا بطلت المزارعة فالحاصل لصاحب البذر وعليه الاُجرة) للباقي، فإن كان البذر من صاحب الأرض فعليه اُجرة مثل العامل والعوامل. ولو كان من الزارع فعليه لصاحب الأرض اُجرة مثلها ولما شرط عليه من الآخرَين (٢) ولو كان البذر منهما فالحاصل بينهما، ولكلّ منهما على الآخر اُجرة مثل ما يخصّه من الأرض وباقي الأعمال.

(ويجوز لصاحب الأرض الخرص على الزارع) بأن يُقدّر ما يخصّه من الحصّة تخميناً ويُقبّله به بحبٍّ ـ ولو منه ـ بما خرصه به (مع الرضا) وهذه معاملة خاصّة مستثناة من المحاقلة (٣) إن كانت بيعاً أو صلحاً (فيستقرّ) ما اتّفقا عليه (بالسلامة. فلو تلف) الزرع أجمع من قبل اللّٰه تعالى (فلا شيء) على

__________________

(١) في (ع) : لا يتناولها.

(٢) العمل والعوامل.

(٣) تقدّم شرحها في كتاب المتاجر:٢٥٩.

٥٠٣

الزارع، ولو تلف البعض سقط منه بالنسبة. ولو أتلفه متلف ضامن لم تتغيّر المعاملة، وطالَبَ المتقبّلُ المتلِفَ بالعوض، ولو زاد فالزائد للمتقبّل، ولو نقص بسبب الخرص لم يسقط بسببه شيء.

هذا إذا وقعت المعاملة بالتقبيل، ولو وقعت بلفظ البيع اشترط فيه شرائطه، مع احتمال كونه كذلك. ولو وقع بلفظ الصلح فالظاهر أنّه كالبيع؛ وقوفاً فيما خالف الأصل على موضع اليقين. وقد تقدّم الكلام على هذه القبالة في البيع (١).

__________________

(١) راجع كتاب المتاجر:٢٦١.

٥٠٤

كتاب المساقاة

٥٠٥
٥٠٦

(كتاب المساقاة)

(وهي) لغةً مفاعَلَة من السقي، واشتقّ منه دون باقي أعمالها؛ لأنّه أنفعها وأظهرها في أصل الشرعيّة (١) وهو نخل الحجاز الذي يُسقى من الآبار مع كثرة مؤونته.

وشرعاً (معاملة على الاُصول بحصّة من ثمرها) فخرجت بالاُصول المزارعة، وبالحصّة الإجارة المتعلّقة بها فإنّها لا تقع بالحصّة. والمراد بالثمرة (٢) معناها المتعارف؛ لتردّده (٣) في المعاملة على ما يُقصد وَرَقُه ووَرْدُه، ولو لوحظ إدخاله اُريد بالثمرة نماء الشجر، ليدخل فيه الورق المقصود والورد. ولم يقيّد الاُصول بكونها ثابتة ـ كما فعل غيره (٤) ـ لأنّ ذلك شرط لها وذكره في التعريف غير لازم أو معيب، ومن قيّد به جعله وصفاً للشجر مخصّصاً لموضع البحث، لا شرطاً.

__________________

(١) في (ر) : الشريعة، وكُتب عليها : الشرعيّة خ ل.

(٢) في (ش) زيادة: هنا.

(٣) أي الماتن قدس سره. كما سيأتي قال: وفيما له ورق كالحناء نظر.

(٤) كما في الشرائع ٢:١٥٤، والجامع للشرائع:٢٩٩، والقواعد ٢:٣١٦، والتحرير ٣:١٤٩ وغيرها.

٥٠٧

(وهي لازمة من الطرفين) لا تنفسخ اختياراً إلّابالتقايل. (وإيجابها ساقيتك، أو عاملتك، أو سلّمت * إليك، أو ما أشبهه) من الألفاظ الدالّة على إنشاء هذا العقد صريحاً، ك‍ «قبّلتك عملَ كذا» أو «عقدت معك عقدَ المساقاة» ونحوه من الألفاظ الواقعة بلفظ الماضي. وزاد في التذكرة «تَعَهّد نخلي» أو «اعمل فيه» (١) وإخراج هذا العقد عن نظائره من العقود اللازمة بوقوعه بصيغة الأمر من غير نصّ مخصّص مشكل. وقد نوقش في أمر المزارعة (٢) مع النصّ عليه، فكيف هذا؟

(والقبول الرضا به) وظاهره الاكتفاء بالقبول الفعلي (٣) إذ الرضا يحصل بدون القول. والأجود الاقتصار على اللفظ الدالّ عليه؛ لأنّ الرضا أمر باطنيّ لا يعلم إلّابالقول الكاشف عنه، وهو السرّ في اعتبار الألفاظ الصريحة الدالّة على الرضا بالعقود، مع أنّ المعتبر هو الرضا، لكنّه أمر باطني لا يعلم إلّابه. ويمكن أن يريد هنا ذلك.

(وتصحّ) المساقاة (إذا بقي للعامل عمل تزيد به الثمرة) سواء (ظهرت) قبلَ العقد (أو لا).

والمراد بما فيه مستزاد الثمرة، نحو الحرث والسقي ورفع أغصان الكَرْم على الخشب وتأبير ثمرة النخل. واحترز به عن نحو الجذاذ والحفظ والنقل وقطع

__________________

(*) في (ق) : سلّمتها إليك.

(١) التذكرة (الحجريّة) ٢:٣٤٢.

(٢) ناقش فيه العلّامة في القواعد ٢:٣١١، وقرّره على ذلك السيّد العميدي في كنز الفوائد ٢:٤٤، وقال الفخر في الإيضاح ٢:٢٨٤ ـ ٢٨٥ بعد بيان وجهي الإشكال: والأصحّ أنّه لا يصحّ إلّابلفظ الماضي.

(٣) في (ر) زيادة: كما مرّ في المزارعة.

٥٠٨

الحطب الذي يعمل به الدبس من الأعمال التي لا يستزاد (١) بها الثمرة، فإنّ المساقاة لا تصحّ بها إجماعاً. نعم تصحّ الإجارة حينئذٍ على بقيّة الأعمال بجزءٍ من الثمرة، والجعالة، والصلح.

(ولا بدّ) في صحّة المساقاة (من كون الشجر) المساقى عليه (نابتاً) * بالنون، أو بالثاء المثلّثة. ويخرج على الأوّل (٢) المساقاة على الوَدِيّ (٣) غير المغروس، أو المغروس الذي لم يتعلّق بالأرض، والمغارسة (٤) وبالثاني (٥) ذلك، وما لا يبقى غالباً كالخضراوات. ويمكن خروجها بالشجر، فيتّحد المعنيان (ينتفع بثمرته مع بقاء عينه) بقاءً يزيد عن سنةٍ غالباً. واحترز به عن نحو البطّيخ والباذنجان والقطن وقصب السكّر، فإنّها ليست كذلك، وإن تعدّدت اللقطات مع بقاء عينه ذلك الوقت وبقي القطن أزيد من سنة؛ لأنّه خلاف الغالب. (وفيما له ورق) لا يُقصد من عمله بالذات إلّاورقه (كالحنّاء نظر) من أنّه في معنى الثمرة فيكون مقصود المساقاة حاصلاً به، ومن أنّ هذه المعاملة على خلاف الأصل ـ لاشتمالها على جهالة العوض ـ فيقتصر بها على موضع الوفاق، ومثله ما يُقصد وَرْده. وأمّا التوت: فمنه ما يُقصد ورقه وحكمه كالحنّاء. ومنه ما يقصد ثمره، ولا شبهة في إلحاقه بغيره من شجر الثمر. والقول بالجواز في الجميع متّجه.

__________________

(١) في (ع) : لا تزاد.

(*) في (ق) و (س) : بالثاء.

(٢) أي «نابتاً» بالنون.

(٣) صغار النخل.

(٤) يأتي معناها عند قول الماتن: والمغارسة باطلة.

(٥) يعني «ثابتاً» بالثاء المثلّثة.

٥٠٩

(ويشترط تعيين المدّة) بما لا يحتمل الزيادة والنقصان، ولا حدّ لها في جانب الزيادة، وفي جانب النقصان أن يغلب فيها حصول الثمرة.

(ويلزم العامل مع الإطلاق) أي إطلاق المساقاة بأن قال: «ساقيتك على البستان الفلاني سنة بنصف حاصله» فقبل (كلّ عمل متكرّر * كلّ سنة) ممّا فيه صلاح الثمرة أو زيادتها كالحرث والحفر حيث يحتاج إليه، وما يتوقّف عليه من الآلات والعوامل، وتهذيب الجريد بقطع ما يحتاج إلى قطعه منه ـ ومثله أغصان الشجر المضرّ بقاؤها بالثمرة أو الأصل (١) ـ والسقي ومقدّماته المتكرّرة كالدلو والرِشا (٢) وإصلاح طريق الماء و [استنقائه] (٣) وإدارة الدولاب، وفتح رأس الساقية وسدّها عند الفراغ، وتعديل الثمرة بإزالة ما يضرّها من الأغصان والورق ليصل إليها الهواء، وما يحتاج إليه من الشمس، وليتيسّر قطعها عند الإدراك، ووضع الحشيش ونحوه فوق العناقيد صوناً لها عن الشمس المضرّة بها، ورفعها عن الأرض حيث تضرّها، ولِقاطها بمجرى العادة بحسب نوعها، فما يؤخذ للزبيب يقطع في الوقت الصالح له وما يعمل دِبساً فكذلك، وهكذا ... وإصلاح موضع التشميس ونقل الثمرة إليه، وتقليبها ووضعها على الوجه المعتبر، وغير ذلك من الأعمال.

(ولو شرط بعضَه على المالك صحّ) بعد أن يكون مضبوطاً (لا جميعه) لأنّ الحصّة لا يستحقّها العامل إلّابالعمل، فلا بدّ أن يبقى عليه منه شيء فيه

__________________

(*) في (س) : يتكرّر.

(١) في (ر) زيادة: ومنه زيادة الكرم.

(٢) جمع أرشية: الحبل.

(٣) في المخطوطات: استقائه.

٥١٠

مستزاد الثمرة وإن قلّ.

(وتعيين الحصّة بالجزء المشاع) كالنصف والثلث (لا المعيّن) كمئة رطل والباقي للآخر أو بينهما.

(ويجوز اختلاف الحصّة في الأنواع) كالنصف من العنب، والثلث من الرطب أو النوع الفلاني (إذا علماها) أي الأنواع، حذراً من وقوع أقلّ الجزأين لأكثر الجنسين مع الجهل بهما فيحصل الغرر.

(ويكره أن يشترط ربّ المال على العامل) مع الحصّة (ذهباً أو فضّة) ولا يكره غيرهما؛ للأصل (فلو شرط) أحدهما (وجب) ما شرطه (بشرط سلامة الثمرة) فلو تلفت أجمع أو لم تخرج لم يلزم؛ لأنّه حينئذٍ أكل مال بالباطل، فإنّ العامل لم يحصل له عوض ما عمل، فكيف يخسر مع عمله الفائت شيئاً آخر؟ ولو تلف البعض فالأقوى عدم سقوط شيء عملاً بالشرط، كما لا يسقط من العمل شيء بتلف بعض الثمرة.

(وكلّما فسد العقد فالثمرة للمالك) لأنّها تابعة لأصلها (وعليه اُجرة مثل العامل) لأنّه لم يتبرّع بعمله ولم يحصل له العوض المشروط، فيرجع إلى الاُجرة.

هذا إذا لم يكن عالماً بالفساد ولم يكن الفساد بشرط عدم الحصّة للعامل، وإلّا فلا شيء له؛ لدخوله على ذلك.

(ولو شرط عقدَ مساقاة في عقد مساقاة فالأقرب الصحّة) لوجود المقتضي وانتفاء المانع. أمّا الأوّل فهو اشتراط عقد سائغ في عقد سائغ لازم، فيدخل في عموم «المؤمنون عند شروطهم» (١) وأمّا الثاني فلأنّ المانع لا يُتخيّل

__________________

(١) الوسائل ١٥:٣٠، الباب ٢٠ من أبواب المهور، الحديث ٤.

٥١١

إلّا كونه لم يرض أن يعطيه من هذه الحصّة إلّابأن يرضى منه من الآخر بالحصّة الاُخرى، ومثل هذا لا يصلح للمنع كغيره من الشروط السائغة الواقعة في العقود. والقول بالمنع للشيخ رحمه الله (١) استناداً إلى وجهٍ ضعيف يظهر ـ مع ضعفه ـ ممّا ذكر في وجه الصحّة.

(ولو تنازعا في خيانة العامل حلف) العامل؛ لأنّه أمين فيقبل قوله بيمينه في عدمها، ولأصالته.

(وليس للعامل أن يساقي غيرَه) لأنّ في المساقاة تسليطاً على اُصول الغير وعملها والناس يختلفون في ذلك اختلافاً كثيراً، فليس لمن رضي المالك بعمله وأمانته أن يولّي من لم يرضه المالك له. بخلاف المزارعة، فإنّ عمل الأرض غير مقصود وحصّة المالك محفوظة على التقديرين.

وأمّا الفرق بأنّ النماء تابع للأصل وهو من مالك الاُصول في المساقاة ومن الزارع في المزارعة فلمالك الأصل تسليط من شاء دون غيره، فإنّما يتمّ مع كون البذر من العامل، والمسألة مفروضة في كلامهم أعمّ منه، ومع ذلك فإنّ العقد اللازم يوجب الحصّة المخصوصة لكلّ منهما، فله نقلها إلى من شاء وإن لم يكن البذر. وكونها غير موجودة حين المزارعة الثانية غير مانع؛ لأنّ المعاملة ليست على نفس الحصّة، بل على الأرض والعمل والعوامل والبذر بالحصّة، فمن استحقّ بالعقد اللازم شيئاً تسلّط على نقله مع انتفاء المانع.

(والخراج على المالك) لأنّه موضوع على الأرض والشجر، فيكون على مالكهما (إلّامع الشرط) بأن يكون على العامل أو بعضه، فيصحّ مع‌ضبط المشروط.

__________________

(١) قاله في المبسوط ٣:٢١١.

٥١٢

(وتملك الفائدة بظهور الثمرة) عملاً بالشرط، فإنّ العقد اقتضى أن يكون بينهما، فمتى تحقّقت ملكت كذلك.

(وتجب الزكاة على كلّ مَن بلغ نصيبه النصاب) من المالك والعامل؛ لوجود شرط الوجوب وهو تعلّق الوجوب بها على ملكه (ولو كانت المساقاة بعد تعلّق الزكاة وجوّزناها) بأن بقي من العمل ما فيه مستزاد الثمرة حيث جوّزناها مع ذلك (فالزكاة على المالك) لتعلّق الوجوب بها على ملكه.

(وأثبت السيّد) أبو المكارم حمزة (بن زهرة الزكاة على المالك في المزارعة والمساقاة، دون العامل) مطلقاً محتجّاً بأنّ حصّته كالاُجرة (١) وهو ضعيف؛ لأنّ الاُجرة إذا كانت ثمرة أو زرعاً قبل تعلّق الوجوب وجبت الزكاة على الأجير، كما لو ملكها كذلك بأيّ وجه كان. وإن أراد كالاُجرة بعد ذلك فليس محلّ النزاع. إلّاأن يذهب إلى أنّ الحصّة لا يملكها العامل بالظهور، بل بعد بدوّ الصلاح وتعلّق الزكاة. لكنّه خلاف الإجماع، ومعه لا يتمّ التعليل بالاُجرة بل يتأخّر ملكه عن الوجوب.

(والمغارسة باطلة) وهي أن يدفع أرضاً إلى غيره ليغرسها على أنّ الغرس بينهما (ولصاحب الأرض قلعه، وله الاُجرة) عن الأرض (لطول بقائه) فيها (ولو نقص بالقلع ضمن أرشه) وهو تفاوت ما بين قيمته مقلوعاً وباقياً في الأرض بالاُجرة. ولو كان الغرس من مالك الأرض وقد شرط على العامل غرسه وعمله بالحصّة، فهو لمالكه وعليه اُجرة الغارس وما عمل فيه من الأعمال.

__________________

(١) الغنية:٢٩١.

٥١٣

(و) على تقدير كونه من العامل (لو طلب كلّ منهما ما لصاحبه) فطلب الغارس الأرض بالاُجرة على أن يبقى الغرس فيها أو أن تكون ملكه (بعوض) و (١) طلب صاحب الأرض الغرس بقيمته (لم يجب على الآخر إجابته) لأنّ كلّاً منهما مسلّط على ماله.

وحيث يقلعه الغارس يجب عليه طمّ الحفر، وأرش الأرض لو نقصت به، وقلع العروق المتخلّفة عن المقلوع في الأرض. ولم يفرّق المصنّف ـ كالأكثر ـ في إطلاق كلامه بين العالم بالفساد والجاهل في استحقاق الأرش وثبوت اُجرته لو كان الغرس لمالك الأرض. وليس ببعيد الفرق؛ لتبرّع العالم بالعمل ووضعِه الغرس بغير حقّ. وبه فارق المستعير للغرس؛ لأنّه موضوع بحقّ وإذن صحيحة شرعاً، بخلاف هذا الغرس.

(ولو اختلفا في الحصّة حلف المالك) لأنّ النماء تابع للأصل، فيرجع إلى مالكه في مقدار ما أخرجه منه عن ملكه، مع أصالة بقاء غيره وعدم انتقاله وملكِ الغير له (وفي المدّة يحلف المنكر) لأصالة عدم ما يدّعيه الآخر من الزيادة.

تمّ الجزء الأوّل من «الروضة البهيّة» في شرح «اللمعة الدمشقيّة» ويتلوه في الثاني كتاب الإجارة على يد مصنّفها العبد الفقير إلى اللّٰه تعالى زين الدين بن عليّ بن أحمد الشامي العاملي، عامله اللّٰه بلطفه، وعفى عنه وعنهم بمنّه وكرمه.

[واتّفق الفراغ منه يوم الثلاثاء سادس شهر جمادى الاُخرى، سنة ستّ وخمسين وتسعمئة، حامداً للّٰه‌تعالى، مصلّياً على رسوله وآله، مسلّماً، مستغفراً. اللهمّ وفّق لإكماله واجعله خالصاً لوجهك الكريم بمحمّد وآله الطيّبين الطاهرين] (٢).

__________________

(١) في سوى (ش) : أو.

(٢) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ع) التي قوبلت بالأصل بخطّ مؤلّفه قدس سره.

٥١٤

فهرس المحتويات

كتاب الجهاد................................................................... ٩

أقسام الجهاد.................................................................. ٩

شروط وجوبه................................................................ ١٠

الفصل الأوّل ـ في من يجب قتاله وكيفيّة القتال وأحكام الذمّة..................... ١٥

الفصل الثاني ـ في ترك القتال................................................... ٢١

الفصل الثالث ـ في الغنيمة..................................................... ٢٥

الفصل الرابع ـ في أحكام البغاة................................................. ٣١

الفصل الخامس ـ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.......................... ٣٣

شروط وجوبهما.............................................................. ٣٥

كتاب الكفارات............................................................... ٤١

أقسام الكفارات............................................................. ٤٣

انواع اختلف في كفّارتها....................................................... ٤٥

كتاب النذر وتوابعه من العهد واليمين........................................... ٥٧

شروط الناذر................................................................ ٥٩

صيغة النذر................................................................. ٦٠

ضابط النذر................................................................. ٦١

العهد...................................................................... ٦٤

اليمين...................................................................... ٦٥

كتاب القضاء................................................................. ٦٩

شروط القاضي............................................................ ٧١

٥١٥

الكلام في قاضي التحكيم..................................................... ٧٦

حكم ارتزاق القاضي واُجرته................................................... ٧٨

المر تزقة من بيت المال........................................................ ٧٨

الكلام في ما يجب على القاضي............................................... ٧٨

حرمة الرشوة................................................................. ٨٠

القول في كيفية الحكم........................................................ ٨٢

المراد من المدّعي والمنكر....................................................... ٨٢

جواب المدعى عليه........................................................... ٨٤

الإقرار................................................................... ٨٤

الإنكار.................................................................. ٨٤

السكوت................................................................ ٩٣

جواب المدّعى عليه........................................................... ٨٤

القول في اليمين.............................................................. ٩٤

القول في الشاهد واليمين...................................................... ٩٧

القضاء على الغائب عن مجلس القضاء.......................................... ٩٩

موارد وجوب اليمين مع البيّنة................................................ ١٠٠

القول في التعارض........................................................... ١٠١

القول في القسمة........................................................... ١٠٥

كتاب الشهادات............................................................ ١٠٩

الفصل الأوّل ـ الشاهد....................................................... ١١١

شروطه................................................................... ١١١

مستند الشهادة............................................................ ١١٧

تحمّل الشهادة وأداؤها...................................................... ١١٨

الفصل الثاني ـ في تفصيل الحقوق............................................ ١٢٣

الفصل الثالث ـ في الشهادة على الشهادة..................................... ١٢٧

الفصل الرابع ـ في الرجوع عن الشهادة........................................ ١٣١

٥١٦

كتاب الوقف............................................................... ١٣٥

تعريفه وألفاظه............................................................. ١٣٧

لزوم القبض فيه............................................................ ١٣٩

شرط الوقف............................................................... ١٤٠

شرط الموقوف............................................................. ١٤٢

شرط الواقف.............................................................. ١٤٤

شرط الموقوف عليه......................................................... ١٤٥

مسائل.................................................................... ١٤٨

الاُولى ـ نفقة العبد والحيوان الموقوفين........................................ ١٤٨

الثانية ـ الوقف في سبيل اللّٰه............................................... ١٤٩

الثالثة ـ الوقف على الاولاد............................................... ١٥٠

الرابعة ـ عدم زوال الوقف بخراب القرية / الوقف على الفقراء والعلويّين........... ١٥١

الخامسة ـ لو آجر البطن الأوّل الوقف ثمّ انقرضوا............................. ١٥٣

كتاب العطيّة................................................................ ١٥٥

الأوّل ـ الصدقة............................................................ ١٥٧

الثاني ـ الهبة................................................................ ١٥٩

الثالث ـ السكنى وتوابعها.................................................... ١٦٣

الرابع ـ التحبيس............................................................ ١٦٥

كتاب المتاجر............................................................... ١٦٧

الفصل الأوّل ـ في أقسام موضوع التجارة...................................... ١٧١

المحرّم...................................................................... ١٧١

المكروه.................................................................... ١٨٠

المباح..................................................................... ١٨١

أقسام التجارة.............................................................. ١٨٢

الفصل الثاني ـ في عقد البيع وآدابه........................................... ١٨٣

اعتبار الإيجاب والقبول فيه.................................................. ١٨٣

الكلام في المعاطاة.......................................................... ١٨٤

شروط المتعاقدين........................................................... ١٨٧

بيع الفضولي............................................................... ١٨٨

٥١٧

بيع ما يَملك وما لا يَملك.................................................... ١٩٢

بيع ما يُملك وما لا يُملك.................................................... ١٩٣

صحّة العقد من القائم مقام المالك............................................ ١٩٣

مسائل في شروط العوضين................................................... ١٩٧

الاُولى ـ يشترط كون المبيع مما يُملك......................................... ١٩٧

الثانية ـ يشترط أن يكون مقدوراً على تسليمه................................ ١٩٨

الثالثة ـ يشترط أن يكون طلقاً............................................. ٢٠١

الرابعة ـ جناية العبد لا تمنع من بيعه........................................ ٢٠٥

الخامسة ـ يشترط العلم بالثمن............................................. ٢٠٦

السادسة ـ ما يشترط في بيع المكيل والموزون والمعدود.......................... ٢٠٧

السابعة ـ حكم ابتياع الجزء مشاعاً.......................................... ٢٠٩

الثامنة ـ كفاية المشاهدة عن الوصف........................................ ٢١٠

التاسعة ـ جواز اختبار ما يراد طعمه وريحه................................... ٢١٢

العاشرة ـ جواز بيع المسك في فأرة.......................................... ٢١٤

الحادية عشرة ـ عدم جواز بيع مجهول المقدار................................. ٢١٤

الثانية عشرة ـ جواز بيع دود القزّ........................................... ٢١٦

الثالثة عشرة ـ حكم ظرف المبيع........................................... ٢١٧

القول في الآداب........................................................... ٢١٨

الفصل الثالث ـ في بيع الحيوان............................................... ٢٢٩

بيع الأناسيّ............................................................... ٢٢٩

مسائل.................................................................... ٢٣٨

الاولى ـ حدوثالعيب في الحيوان قبل القبض.................................. ٢٣٨

الثانية ـ حدوث العيب في زمن الخيار....................................... ٢٣٩

الثالثة ـ لو ظهرت الأمة مستحقّة للغير...................................... ٢٤٠

الرابعة ـ اختلاف المولى المأذون وغيره في عتق العبد............................ ٢٤٢

الخامسة ـ حكم تنازع المأذونين............................................. ٢٤٥

السادسة ـ عدم حواز شراء الأمة المسروقة من أرض الصلح.................... ٢٤٧

السابعة ـ عدم جواؤ بيع عبد من عبدين..................................... ٢٤٩

الفصل الرابع ـ في بيع الثمار................................................. ٢٥٣

٥١٨

مسائل.................................................................... ٢٥٨

الاُولى ـ عدم جواز بيع الثمرة بجنسها على اُصولها............................. ٢٥٨

الثانية ـ جواز بيع الزرع قائماً.............................................. ٢٥٩

الثالثة ـ جواز تقبّل أحد الشريكين بحصة صاحبه من الثمرة.................... ٢٦١

الرابعة ـ حكم أكل المارّة.................................................. ٢٦٢

الفصل الخامس ـ في الصرف................................................. ٢٦٥

خاتمة ـ حكم العيب في الدرهم والدينار المعيّنين................................. ٢٧٢

الفصل السادس ـ في السلف................................................. ٢٧٧

الفصل السابع ـ في أقسام البيع بالنسبة إلى الإخبار بالثمن وعدمه............... ٢٨٩

القسم الأوّل ـ المساومة...................................................... ٢٩٠

القسم الثاني ـ المرابحة........................................................ ٢٩٠

القسم الثالث ـ المواضعة..................................................... ٢٩٣

القسم الرابع ـ التولية........................................................ ٢٩٤

الفصل الثامن ـ في الربا...................................................... ٢٩٥

الفصل التاسع ـ في الخيار.................................................... ٣٠١

القسم الأوّل ـ خيار المجلس.................................................. ٣٠١

القسم الثاني ـ خيار الحيوان.................................................. ٣٠٢

القسم الثالث ـ خيار الشرط................................................. ٣٠٣

القسم الرابع ـ خيار التأخير.................................................. ٣٠٦

القسم الخامس ـ خيار ما يفسد ليومه.......................................... ٣٠٧

القسم السادس ـ خيار الرؤية................................................. ٣٠٨

القسم السابع ـ خيار الغبن.................................................. ٣٠٩

القسم الثامن ـ خيار العيب.................................................. ٣١٣

القسم التاسع ـ خيار التدليس................................................ ٣١٨

القسم العاشر ـ خيار الاشتراط............................................... ٣٢١

القسم الحادي عشر ـ خيار الشركة............................................ ٣٢٤

القسم الثاني عشر ـ خيار تعذّر التسليم........................................ ٣٢٥

القسم الثالث عشر ـ خيار تبعيض الصفقة.................................... ٣٢٥

القسم الرابع عشر ـ خيار التفليس............................................ ٣٢٦

٥١٩

الفصل العاشر ـ في الأحكام.................................................. ٣٢٧

الأوّل ـ النقد والنسيئة....................................................... ٣٢٧

الثاني ـ في القبض........................................................... ٣٣٢

الثالث ـ في ما يدخل في المبيع عند إطلاق لفظه................................ ٣٣٧

الرابع ـ في اختلاف البائع والمشتري............................................ ٣٤٠

الخامس ـ في إطلاق الكيل والوزن والنقد....................................... ٣٤٣

خاتمة ـ في الإقالة........................................................... ٣٤٥

كتاب الدين................................................................ ٣٤٧

القسم الأوّل ـ القرض....................................................... ٣٤٩

صيغته وأحكامه......................................................... ٣٥٠

أحكامه................................................................ ٣٥٠

دعوى الإعسار......................................................... ٣٦١

القسم الثاني ـ دين العبد..................................................... ٣٦٥

كتاب الرهن................................................................ ٣٦٧

تعريفه وصيغته............................................................. ٣٦٩

الكلام في اشتراط القبض فيه................................................ ٣٧١

الشروط.................................................................... ٣٧٥

شروط الرهن.............................................................. ٣٧٥

شروط المتعاقدين........................................................... ٣٨١

شروط الحق............................................................... ٣٨٢

اللواحق ـ مسائل......................................................... ٣٨٤

الاُولى ـ شرط الوكالة في الرهن............................................. ٣٨٤

الثانية ـ جواز ابتياع الرهن للمرتهن مع الوكالة................................. ٣٨٥

الثالثة ـ عدم جواز التصرف في الرهن/مؤونة الرهن على الراهن............... ٣٨٦

الرابعة ـ جواز الاستقلال بالاستيفاء للمرتهن لو خاف جحود الوارث............ ٣٨٧

الخامسة ـ حكم بيع الرهن وعتقه ووطئه..................................... ٣٨٨

٥٢٠