الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-46-X
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٢٢

فيها (١) على الأقوى، وهو اختياره في الدروس (٢).

ويشكل حينئذٍ الفرق، بل ربما قيل: بانتفاء فائدة خيار التصرية حينئذٍ (٣) لجواز الفسخ في الثلاثة بدونها.

ويندفع بجواز تعدّد الأسباب، وتظهر الفائدة فيما لو أسقط أحدهما. ويظهر من الدروس تقيّد (٤) خيار التصرية بالثلاثة مطلقاً (٥) ونقل عن الشيخ أنّها لمكان خيار الحيوان (٦).

ويشكل بإطلاق توقّفه على الاختبار ثلاثة، فلا يجامعها حيث لا تثبت بدونه. والحكم بكونه يتخيّر في آخر جزء منها يوجب المجاز في الثلاثة.

(العاشر: خيار الاشتراط)

حيث لا يسلم الشرط لمشترطه بائعاً ومشترياً (ويصحّ اشتراط سائغٍ في العقد إذا لم يؤدّ إلى جهالة في أحد العوضين، أو يمنع منه الكتاب والسنّة) وجعل ذلك شرطاً بعد قيد السائغ تكلّف (كما لو شرط تأخير المبيع) في يد البائع (أو الثمن) في يد المشتري (ما شاء) كلّ واحد منهما، هذا مثال

__________________

(١) يعني لا فور في الخيار في الثلاثة.

(٢) الدروس ٣:٢٧٩.

(٣) لم نعثر عليه.

(٤) في (ش) و (ر) : تقييد.

(٥) الدروس ٣:٢٧٩.

(٦) الناقل هو المصنّف في الدروس ٣:٢٧٩، وراجع الخلاف ٣:١٠٣ ـ ١٠٤، المسألة ١٦٨.

٣٢١

ما يؤدّي إلى جهالةٍ في أحدهما، فإنّ الأجل له قسط من الثمن، فإذا كان مجهولاً يُجهل الثمن، وكذا القول في جانب المعوَّض (أو عدم وطء الأمة، أو) شرط (وطء البائع إيّاها) بعد البيع مرّةً أو أزيد أو مطلقاً. هذه أمثلة ما يمنع منه الكتاب والسنّة.

(وكذا يبطل) الشرط (باشتراط غير المقدور) للمشروط عليه (كاشتراط حمل الدابّة فيما بعدُ، أو أنّ الزرع يبلغ السنبل) سواء شرط عليه أن يبلغ ذلك بفعله أم بفعل اللّٰه؛ لاشتراكهما في عدم المقدوريّة.

(ولو شرط تبقية الزرع) في الأرض إذا بيع أحدُهما دون الآخر (إلى أوان السنبل جاز) لأنّ ذلك مقدور له. ولا يعتبر تعيين مدّة البقاء، بل يحمل على المتعارف من البلوغ؛ لأنّه منضبط.

(ولو شرط غير السائغ بطل) الشرط (وأبطل) العقد في أصحّ القولين (١) لامتناع بقائه بدونه؛ لأنّه غير مقصود بانفراده وما هو مقصود لم يسلم، ولأنّ للشرط قسطاً من الثمن فإذا بطل يُجهل الثمن. وقيل: يبطل الشرط خاصّة؛ لأ نّه الممتنع شرعاً دون البيع، ولتعلّق التراضي بكلّ منهما (٢) ويضعَّف بعدم قصده منفرداً، وهو شرط الصحّة.

(ولو شرط عتقَ المملوك) الذي باعه منه (جاز) لأنّه شرط سائغ، بل راجح، سواء شرط عتقه عن المشتري أم أطلق، ولو شرطه عنه (٣) ففي صحّته

__________________

(١) ذهب إليه العلّامة في القواعد ٢:٩٠، والمختلف ٥:٢٩٨.

(٢) ذهب إليه الشيخ في المبسوط ٢:١٤٩، وكذلك ابن الجنيد وابن البرّاج على ما حكاه العلّامة عنهما في المختلف ٥:٢٩٨.

(٣) أي عن البائع.

٣٢٢

قولان (١) أجودهما المنع؛ إذ لا عتق إلّافي ملك (فإن أعتقه) فذاك (وإلّا تخيّر البائع) بين فسخ البيع وإمضائه، فإن فسخ استردّه وإن انتقل قبله عن ملك المشتري، وكذا يتخيّر لو مات قبل العتق، فإن فسخ رجع بقيمته يوم التلف؛ لأنّه وقت الانتقال إلى القيمة؛ وكذا لو انعتق قهراً.

(وكذا كلّ شرط لم يسلم لمشترطه، فإنّه يفيد تخيّره) بين فسخ العقد المشروط فيه وإمضائه.

(ولا يجب على المشترط عليه فعله) لأصالة العدم (وإنّما فائدته جعل البيع عرضةً للزوال) بالفسخ (عند عدم سلامة الشرط، ولزومه) أي البيع (عند الإتيان به) وقيل: يجب الوفاء بالشرط ولا يتسلّط المشروط له على الفسخ إلّامع تعذّر وصوله إلى شرطه (٢) لعموم الأمر بالوفاء بالعقد (٣) الدالّ على الوجوب، وقوله صلى الله عليه وآله: «المؤمنون عند شروطهم إلّامن عصى اللّٰه» (٤) فعلى هذا لو امتنع المشروط عليه من الوفاء بالشرط ولم يمكن إجباره رفع أمره إلى الحاكم ليُجبره عليه إن كان مذهبه ذلك، فإن تعذّر فسخ حينئذٍ إن شاء.

وللمصنّف رحمه الله في بعض تحقيقاته (٥) تفصيل، وهو أنّ الشرط الواقع في العقد

__________________

(١) قول بالصحّة للعلّامة في التذكرة ١٠:٢٦٦، وقول بالبطلان للفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٢:٧٣.

(٢) لم نعثر عليه بعينه، اُنظر غاية المرام ٣:٦٢ ـ ٦٣.

(٣) المائدة:١.

(٤) الوسائل ١٥:٣٠، الباب ٢٠ من أبواب المهور، الحديث ٤، ولا يوجد الاستثناء في المصادر الروائيّة.

(٥) لم نظفر به.

٣٢٣

اللازم إن كان العقد كافياً في تحقّقه ولا يحتاج بعده إلى صيغة فهو لازم لا يجوز الإخلال به كشرط الوكالة في العقد، وإن احتاج بعده إلى أمر آخر وراء ذكره في العقد كشرط العتق فليس بلازم، بل يقلب العقد اللازم جائزاً، وجعل السرّ فيه أنّ اشتراط «ما العقدُ كافٍ في تحقّقه» كجزء من الإيجاب والقبول، فهو تابع لهما في اللزوم والجواز، واشتراط «ما سيوجد» أمر منفصل عن العقد وقد علّق عليه العقد، والمعلّق على الممكن ممكن، وهو معنى قلب اللازم جائزاً. والأقوى اللزوم مطلقاً وإن كان تفصيله أجود ممّا اختاره هنا.

(الحادي عشر: خيار الشركة)

(سواء قارنت العقدَ كما لو اشترى شيئاً فظهر بعضُه مستحقّاً، أو تأخّرت بعده إلى قبل القبض كما لو امتزج) المبيع (بغيره بحيث لا يتميّز) فإنّ المشتري يتخيّر بين الفسخ لعيب الشركة، والبقاء فيصير شريكاً بالنسبة، وقد يطلق على الأوّل تبعّض الصفقة أيضاً (وقد يُسمّى هذا عيباً مجازاً) لمناسبته للعيب في نقص المبيع بسبب الشركة؛ لاشتراكهما في نقص وصفٍ فيه، وهو هنا منع المشتري من التصرّف في المبيع كيف شاء، بل يتوقّف على إذن الشريك، فالتسلّط عليه ليس بتامّ، فكان كالعيب بفوات وصفٍ، فيُجبر (١) بالخيار. وإنّما كان إطلاق العيب في مثل ذلك على وجه المجاز؛ لعدم خروجه به عن خلقته الأصليّة؛ لأنّه قابل بحسب ذاته للتملّك منفرداً ومشتركاً فلا نقص في خلقته، بل في صفته على ذلك الوجه.

__________________

(١) في (ف) و (ش) : فينجبر.

٣٢٤

(الثاني عشر: خيار تعذّر التسليم)

(فلو اشترى شيئاً ظنّاً (١) إمكان تسليمه *) بأن كان طائراً يعتاد عوده أو عبداً مطلقاً (٢) أو دابّة مرسلة (ثمّ عجز بعدُ (٣)) بأن أبق وشردت ولم يعد الطائر ونحو ذلك (تخيّر المشتري) لأنّ المبيع قبل القبض مضمون على البائع ولمّا لم ينزّل ذلك منزلة التلف ـ لإمكان الانتفاع به على بعض الوجوه ـ جُبر بالتخيّر، فإن اختار التزام البيع صحّ.

وهل له الرجوع بشيء؟ يحتمله (٤) لأنّ فوات القبض نقص حدث على المبيع قبل القبض فيكون مضموناً على البائع. ويضعَّف بأنّ الأرش ليس في مقابلة مطلق النقص؛ لأصالة البراءة وعملاً بمقتضى العقد، بل في مقابلة العيب المتحقّق بنقص الخلقة، أو زيادتها كما ذكر وهو هنا منفيّ.

(الثالث عشر: خيار تبعيض الصفقة)

(كما لو اشترى سلعتين فتُستحقّ إحداهما) فإنّه يتخيّر بين التزام الاُخرى

__________________

(١) في (ع) : ظنّ.

(*) في (س) : التسليم.

(٢) أي مسرّحاً.

(٣) كذا في (ف) طبقاً لنسختي المتن، وفي سائر النسخ: بعده.

(٤) في (ع) : احتمله.

٣٢٥

بقسطها من الثمن والفسخ فيها. ولا فرق في الصفقة المتبعّضة بين كونها متاعاً واحداً فظهر استحقاق بعضه أو أمتعة ـ كما مثّل هنا ـ لأنّ أصل الصفقة: البيع الواحد، سُمّي البيع بذلك؛ لأنّهم كانوا يتصافقون بأيديهم إذا تبايعوا، يجعلونه دلالة على الرضاء به؛ ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وآله لعروة البارقي لمّا اشترى الشاة: «بارك اللّٰه لك في صفقة يمينك» (١) وإنّما خصّ تبعّض الصفقة هنا بالسلعتين لإدخاله الواحدة في خيار الشركة. ولو جعل موضوع تبعّض الصفقة أعمّ ـ كما هو ـ كان أجود، وإن اجتمع في السلعة الواحدة خياران: بالشركة وتبعيض الصفقة، فقد تجتمع أنواع الخيار أجمع في بيع (٢) واحد؛ لعدم التنافي.

(الرابع عشر: خيار التفليس)

إذا وجد غريم المفلَّس متاعه، فإنّه يتخيّر بين أخذه مقدّماً على الغرماء وبين الضرب بالثمن معهم، وسيأتي تفصيله في كتاب الدين.

ومثله غريم الميّت مع وفاء التركة بالدين.

وقيل: مطلقاً (٣) وكان المناسب جعله قسماً آخر، حيث تحرّى الاستقصاء هنا لأقسام الخيار بما لم يذكره غيره.

__________________

(١) المستدرك ١٣:٢٤٥، الباب ١٨ من أبواب عقد البيع وشروطه وفيه حديث واحد.

(٢) كذا في (ع) ، وفي سائر النسخ: مبيع.

(٣) حكاه العلّامة عن الإسكافي في المختلف ٥:٤٤٤.

٣٢٦

(الفصل العاشر)

(في الأحكام)

(وهي خمسة).

(الأوّل: النقد والنسيئة)

أي البيع الحالّ والمؤجّل، سُمّي الأوّل نقداً باعتبار كون ثمنه منقوداً ولو بالقوّة، والثاني مأخوذ من «النسيء» وهو تأخير الشيء تقول: «أنسأت الشيء إنساءً» إذا أخّرته. والنسيئة: اسم وُضع موضعَ المصدر.

واعلم أنّ البيع بالنسبة إلى تعجيل الثمن والمثمن وتأخيرهما والتفريق أربعة أقسام:

فالأوّل «النقد». والثاني «بيع الكالئ بالكالئ»ـ بالهمز ـ اسم فاعل أو مفعول، من «المراقبة» لمراقبة كلٍّ من الغريمين صاحبَه لأجل دينه. ومع حلول المثمن وتأجيل الثمن هو «النسيئة» وبالعكس «السلف». وكلّها صحيحة عدا الثاني فقد ورد النهي عنه (١) وانعقد الإجماع على فساده.

__________________

(١) المستدرك ١٣:٤٠٥، الباب ١٥ من أبواب الدين. قال السيّد العاملي: والظاهر أنّ النهي عنه بهذا اللفظ إنّما هو من طريق العامّة، والذي في أخبارنا إنّما هو النهي عن بيع الدين بالدين، مفتاح الكرامة ٤:٤٢٥.

٣٢٧

و (إطلاق البيع يقتضي كون الثمن حالّاً وإن شرط تعجيله) في متن العقد (أكّده) لحصوله بدون الشرط (فإن وقّت التعجيل) بأن شرط تعجيله في هذا اليوم مثلاً (تخيّر) البائع (لو لم يحصل) الثمن (في الوقت) المعيّن. ولو لم يعيّن له زماناً لم يفد سوى التأكيد في المشهور. ولو قيل بثبوته مع الإطلاق أيضاً لو أخلّ به عن أوّل وقته كان حسناً؛ للإخلال بالشرط.

(وإن شرط التأجيل اعتبر ضبط الأجل، فلا يناط) أي لا يُعلَّق (بما يحتمل الزيادة والنقصان كمقدم الحاجّ) وإدراك الغلّة (ولا بالمشترك) بين أمرين أو اُمور حيث لا مخصّص لأحدها (كنفيرهم) من منى، فإنّه مشترك بين أمرين (وشهر ربيع) المشترك بين شهرين، فيبطل العقد بذلك؛ ومثله التأجيل إلى يوم معيّن من الاُسبوع كالخميس.

(وقيل) : يصحّ و (يحمل على الأوّل) في الجميع (١) لتعليقه الأجل على اسم معيّن وهو يتحقّق بالأوّل، لكن يعتبر علمهما بذلك قبلَ العقد ليتوجّه قصدهما إلى أجلٍ مضبوط، فلا يكفي ثبوت ذلك شرعاً مع جهلهما أو أحدهما به، ومع القصد لا إشكال في الصحّة وإن لم يكن الإطلاق محمولاً عليه. ويحتمل الاكتفاء في الصحّة بما يقتضيه الشرع في ذلك، قصداه أم لا، نظراً إلى كون الأجل الذي عيّناه مضبوطاً في نفسه شرعاً، وإطلاق اللفظ منزَّل على الحقيقة الشرعيّة.

(ولو جعل لحالٍّ ثمناً ولمؤجّل أزيد منه، أو فاوت بين أجلين) في الثمن بأن قال: بعتك حالّاً بمئة ومؤجّلاً إلى شهرين بمئتين، أو مؤجّلاً إلى شهر بمئة وإلى شهرين بمئتين (بطل) لجهالة الثمن بتردّده بين الأمرين. وفي المسألة قول

__________________

(١) قال السيّد العاملي: ولم نظفر بقائله بعد تتبّع تامّ، راجع مفتاح الكرامة ٤:٤٢٨.

٣٢٨

ضعيف بلزوم أقلّ الثمنين إلى أبعد الأجلين (١) استناداً إلى رواية ضعيفة (٢).

(ولو أجّل البعض المعيّن) من الثمن وأطلق الباقي، أو جعله حالّاً (صحّ) للانضباط. ومثله ما لو باعه سلعتين في عقدٍ ثمن إحداهما نقدٌ والاُخرى نسيئة؛ وكذا لو جعله أو بعضه نجوماً معلومة.

(ولو اشتراه البائع) في حالة كون بيعه الأوّل (نسيئة صحّ) البيع الثاني (قبلَ الأجل وبعدَه بجنس الثمن وغيره بزيادة) عن الثمن الأوّل (ونقصان) عنه؛ لانتفاء المانع في ذلك كلّه، مع عموم الأدلّة على جوازه. وقيل: لا يجوز بيعه بعد حلوله بزيادة عن ثمنه الأوّل، أو نقصان عنه مع اتّفاقهما في الجنس (٣) استناداً إلى رواية (٤) قاصرة السند والدلالة (إلّاأن يشترط في بيعه) الأوّل (ذلك) أي بيعه من البائع (فيبطل) البيع الأوّل، سواء كان حالّاً أم مؤجّلاً، وسواء شرط بيعه من البائع بعد الأجل أم قبله على المشهور ومستنده غير واضح.

فقد عُلّل باستلزامه الدور (٥) لأنّ بيعه له يتوقّف على ملكيّته له المتوقّفة على بيعه.

__________________

(١) قاله المفيد في المقنعة:٥٩٥، والشيخ في النهاية:٣٨٧ ـ ٣٨٨.

(٢) الوسائل ١٢:٣٦٧، الباب ٢ من أبواب أحكام العقود، الحديث ٢، والظاهر أنّ ضعفها بالسكوني، راجع المسالك ١:٩٩.

(٣) قاله الشيخ في التهذيب ٧:٣٣، ذيل الحديث ١٣٧.

(٤) التهذيب ٧:٣٣، الحديث ١٣٧، والظاهر أنّ ضعفها بمجهوليّة خالد بن الحجّاج الواقع في سندها، راجع المسالك ٣:٢٤٧.

(٥) المعلِّل هو العلّامة في التذكرة ١٠:٢٥١.

٣٢٩

وفيه: أنّ المتوقّف على حصول الشرط هو لزوم البيع لا انتقالُه إلى ملكه، كيف لا! واشتراط نقله إلى ملك البائع من المشتري مستلزم لانتقاله إليه، غايته أنّ تملّك البائع موقوف على تملّك المشتري، وأمّا إنّ تملّك المشتري موقوف على تملّك البائع فلا؛ ولأ نّه وارد في باقي الشروط خصوصاً شرط بيعه للغير مع صحّته إجماعاً. وأوضح لملك المشتري ما لو جعل الشرط بيعه من البائع بعد الأجل؛ لتخلّل ملك المشتري فيه.

وعُلّل بعدم حصول القصد إلى نقله عن البائع (١).

ويُضعَّف بأنّ الغرض حصول القصد إلى ملك المشتري وإنّما رتّب عليه نقله ثانياً، بل شرط النقل ثانياً يستلزم القصد إلى النقل الأوّل؛ لتوقّفه عليه. ولاتّفاقهم على أنّهما لو لم يشترطا ذلك في العقد صحّ وإن كان من قصدهما ردّه، مع أنّ العقد يتبع القصد، والمصحِّح له ما ذكرناه: من أنّ قصد ردّه بعد ملك المشتري له غيرُ منافٍ لقصد البيع بوجهٍ، وإنّما المانع عدم القصد إلى نقل الملك إلى المشتري أصلاً بحيث لا يترتّب عليه حكم الملك.

(ويجب قبض الثمن لو دفعه إلى البائع) مع الحلول مطلقاً (٢) و (في الأجل) أي بعدَه (لا قبلَه) لأنّه غير مستحقّ حينئذٍ وجاز تعلّق غرض البائع بتأخير القبض إلى الأجل، فإنّ الأغراض لا تنضبط (فلو امتنع) البائع من قبضه حيث يجب (قبضه الحاكمُ) إن وُجد (فإن تعذّر) قبضُ الحاكمِ

__________________

(١) راجع غاية المراد ٢:٧٨.

(٢) قال بعض المحشّين: أي سواء كان العقد مطلقاً أو مقيّداً بالحلول. هذا إن كان الإطلاق قيداً للحلول كما هو ظاهر، وإن رجع إلى ما قبله كان له وجه آخر، وهو أنّه: سواء تعلّق غرضه بتأخير القبض إلى زمان آخر أم لا (هامش ر).

٣٣٠

ولو بالمشقّة البالغة في الوصول إليه، أو امتناعه من القبض (فهو أمانة في يد المشتري لا يضمنه لو تلف بغير تفريطه؛ وكذا كلّ من امتنع من قبض حقّه).

ومقتضى العبارة أنّ المشتري يُبقيه بيده مُميّزاً على وجه الأمانة، وينبغي مع ذلك أن لا يجوز له التصرّف فيه، وأن يكون نماؤه للبائع، تحقيقاً لتعيّنه له.

وربما قيل ببقائه على ملك المشتري وإن كان تلفه من البائع (١) وفي الدروس: أنّ للمشتري التصرّف فيه فيبقى في ذمّته (٢).

(ولا حَجْرَ في زيادة الثمن ونقصانه) على البائع والمشتري (إذا عرف المشتري القيمة) وكذا إذا لم يعرف؛ لجواز بيع الغبن إجماعاً، وكأ نّه أراد نفي الحَجْر على وجهٍ لا يترتّب عليه خيار. فيجوز بيع المتاع بدون قيمته وأضعافها (إلّاأن يؤدّي إلى السفه) من البائع أو المشتري فيبطل البيع. ويرتفع السفه بتعلّق غرض صحيح بالزيادة والنقصان، إمّا لقلّتهما أو لترتّب غرض آخر يقابله كالصبر بدينٍ حالّ ونحوه.

(ولا يجوز تأجيل الحالّ بزيادة) فيه ولا بدونها، إلّاأن يُشرِط (٣) الأجل في عقد لازم، فيلزم الوفاء به. ويجوز تعجيله بنقصان منه بإبراءٍ أو صلح.

(ويجب) على المشتري إذا باع ما اشتراه مؤجَّلاً (ذكر الأجل في غير المساوَمة، فيتخيّر المشتري بدونه) أي بدون ذكره بين الفسخ والرضاء به حالّاً (للتدليس) وروي أنّ للمشتري من الأجل مثلَه (٤).

__________________

(١) لم نعثر عليه.

(٢) الدروس ٢:٢٠٥.

(٣) في (ر) : يشترط.

(٤) الوسائل ١٢:٤٠٠، الباب ٢٥ من أبواب أحكام العقود، الحديث ٢.

٣٣١

(الثاني: في القبض)

(إطلاق العقد) بتجريده عن شرط تأخير أحد العوضين أو تأخيرهما إذا كانا عينين أو أحدهما (يقتضي قبضَ العوضين، فيتقابضان معاً لو تمانعا) من التقدّم (سواء كان الثمن عيناً أو ديناً) وإنّما لم يكن أحدهما أولى بالتقديم، لتساوي الحقّين في وجوب تسليم كلّ منهما إلى مالكه.

وقيل: يُجبر البائع على الإقباض أوّلاً؛ لأنّ الثمن تابع للمبيع (١).

ويُضعَّف باستواء العقد في إفادة الملك لكلّ منهما، فإن امتنعا أجبرهما الحاكم معاً مع إمكانه، كما يُجبر الممتنع من قبض ماله. [فإن تعذّر فكالدين إذا بذله المديون فامتنع من قبوله] (٢).

(ويجوز اشتراط تأخير إقباض المبيع مدّة معيّنة) كما يجوز اشتراط تأخير الثمن (والانتفاع به منفعة معيّنة) لأنّه شرط سائغ فيدخل تحت العموم (٣).

(والقبض في المنقول) كالحيوان والأقمشة والمكيل والموزون والمعدود (نقلُه. وفي غيره التخلية) بينه وبينه بعد رفع اليد عنه. وإنّما كان القبض مختلفاً كذلك؛ لأنّ الشارع لم يَحُدّه، فيرجع فيه إلى العرف، وهو دالّ على ما ذكر.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢:١٤٨.

(٢) ما بين المعقوفتين لم يرد في المخطوطات.

(٣) أي عموم (المؤمنون عند شروطهم) راجع الوسائل ١٥:٣٠، الباب ٢٠ من أبواب المهور، الحديث ٤.

٣٣٢

وفي المسألة أقوال اُخر (١) هذا أجودها:

فمنها: ما اختاره في الدروس: من أنّه في غير المنقول التخلية، وفي الحيوان نقله، وفي المعتبر (٢) كيله أو وزنه أو عدّه أو نقله، وفي الثوب وضعه في اليد (٣) واستَنَد في اعتبار الكيل أو الوزن في المعتبر بهما إلى صحيحة معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام (٤) وفي دلالتها عليه نظر، وإلحاق المعدود بهما قياس، والفرق بين الحيوان (٥) وغيره ضعيف.

ومنها الاكتفاء بالتخلية مطلقاً ونفى عنه البأس في الدروس بالنسبة إلى نقل الضمان، لا زوال التحريم والكراهة عن البيع قبلَ القبض (٦) والعرف يأباه، والأخبار (٧) تدفعه.

وحيث يكتفى بالتخلية، فالمراد بها: رفع المانع للمشتري من القبض بالإذن فيه ورفع يده ويد غيره عنه إن كان. ولا يشترط مضيّ زمان يمكن وصول المشتري إليه، إلّاأن يكون في غير بلده بحيث يدلّ العرف على عدم القبض بذلك. والظاهر أنّ اشتغاله بملك البائع غير مانع منه وإن وجب على البائع التفريغ.

__________________

(١) لم يرد (اُخر) في (ع) و (ف).

(٢) قال بعض المحشّين: أي وفيما يُعتبر باعتبار مخصوص لرفع الجهالة، كيلُه أو وزنُه ... (هامش ر).

(٣) الدروس ٣:٢١٣، وفيه: التخلية بعد رفع اليد.

(٤) الوسائل ١٢:٣٨٩، الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود، الحديث ١١.

(٥) في (ع) المعدود، وكُتب عليه: الحيوان، ل.

(٦) الدروس ٣:٢١٣.

(٧) الوسائل ١٢:٣٨٩، الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود.

٣٣٣

ولو كان مشتركاً ففي توقّفه على إذن الشريك قولان (١) أجودهما العدم؛ لعدم استلزامه التصرّف في مال الشريك. نعم لو كان منقولاً توقّف على إذنه؛ لافتقار قبضه إلى التصرّف بالنقل. فإن امتنع من الإذن نصب الحاكم من يقبضه أجمع بعضَه أمانةً وبعضَه لأجل البيع. وقيل: يكفي حينئذٍ التخلية وإن لم يُكتَف بها قبلَه (٢).

(وبه) أي بالقبض كيف فُرض (ينتقل الضمان إلى المشتري إذا لم يكن له خيار) مختصّ به أو مشترك بينه وبين أجنبيّ، فلو كان الخيار لهما فتلفه بعد القبض زَمَنَه (٣) منه أيضاً.

وإذا كان انتقال الضمان مشروطاً بالقبض (فلو تلف قبلَه فمن البائع) مطلقاً (مع أنّ النماء) المنفصل المتجدّد بين العقد والتلف (للمشتري) ولا بُعد في ذلك؛ لأنّ التلف لا يُبطل البيع من أصله، بل يفسخه من حينه، كما لو انفسخ بخيار.

هذا إذا كان تلفه من اللّٰه تعالى. أمّا لو كان من أجنبيّ أو من البائع تخيّر المشتري بين الرجوع بالثمن ـ كما لو تلف من اللّٰه تعالى ـ وبين مطالبة المتلف بالمثل أو القيمة. ولو كان التلف من المشتري فهو بمنزلة القبض (وإن تلف بعضه، أو تعيّب) من قبل اللّٰه أو قبل البائع (تخيّر المشتري في الإمساك مع الأرش والفسخ) ولو كان العيب من قبل أجنبيّ فالأرش عليه للمشتري إن

__________________

(١) القول بالتوقّف على إذن الشريك للشيخ في باب الهبة في المبسوط ٣:٣٠٦، والعلّامة في رهن التحرير ٢:٤٦٥، ولم نعثر على القول بعدم التوقّف على إذنه.

(٢) قاله العلّامة في المختلف ٦:٢٨٢.

(٣) يعني زمن الخيار.

٣٣٤

التزم، وللبائع إن فسخ.

(ولو غُصب من يد البائع) قبل إقباضه (واُسرع عوده) بحيث لم يفت من منافعه ما يُعتدّ به عرفاً (أو أمكن) البائع (نزعه بسرعة) كذلك (فلا خيار) للمشتري؛ لعدم موجبه (وإلّا) يمكن تحصيله بسرعة (تخيّر المشتري) بين الفسخ والرجوع على البائع بالثمن إن كان دفعه، والالتزام بالمبيع وارتقاب حصوله، فينتفع حينئذٍ بما لا يتوقّف على القبض، كعتق العبد.

ثمّ إن تلف في يد الغاصب فهو ممّا تلف قبل قبضه فيبطل البيع وإن كان قد رضي بالصبر، مع احتمال كونه قبضاً، وكذا لو رضي بكونه في يد البائع، وأولى بتحقّق القبض هنا.

(ولا اُجرة على البائع في تلك المدّة) التي كان في يد الغاصب وإن كانت العين مضمونة عليه؛ لأنّ الاُجرة بمنزلة النماء المتجدّد وهو غير مضمون. وقيل يضمنها؛ لأنّها بمنزلة النقص الداخل قبل القبض وكالنماء المتّصل (١) والأقوى اختصاص الغاصب بها (إلّاأن يكون المنع منه) فيكون غاصباً إذا كان المنع بغير حقّ. فلو حبسه ليتقابضا أو ليقبض الثمن حيث شرط تقدّم قبضه فلا اُجرة عليه؛ للإذن في إمساكه شرعاً.

وحيث يكون المنع سائغاً فالنفقة على المشتري؛ لأنّه ملكه. فإن امتنع من الإنفاق رفع البائع أمره إلى الحاكم ليُجبره عليه، فإن تعذّر أنفق بنيّة الرجوع ورجع، كنظائره.

(وليكن المبيع) عند إقباضه (مفرَّغاً) من أمتعة البائع وغيرها ممّا

__________________

(١) قال السيّد العاملي: (لكنّا لم نجد القائل بالإلزام وإن حكاه الشهيد الثاني) راجع مفتاح الكرامة ٤:٧٢٧.

٣٣٥

لم يدخل في المبيع، ولو كان مشغولاً بزرع لم يبلغ وجب الصبر إلى أوانه إن اختاره البائع. ولو كان فيه ما لا يخرج إلّابهدم وجب أرشه على البائع. والتفريغ وإن كان واجباً إلّاأنّ القبض لا يتوقّف عليه، فلو رضي المشتري بتسلّمه مشغولاً تمّ القبض ويجب التفريغ بعدَه.

(ويكره بيع المكيل والموزون قبل قبضه) للنهي عنه (١) المحمول على الكراهة جمعاً (وقيل: يحرم إن كان طعاماً (٢)) وهو الأقوى، بل يحرم بيع مطلق المكيل والموزون؛ لصحّة الأخبار الدالّة على النهي وعدم مقاومة المعارض (٣) لها على وجهٍ يوجب حمله على خلاف ظاهره، وقد تقدّم (٤).

(ولو ادّعى المشتري نقصان المبيع) بعد قبضه (حلف إن لم يكن حضر الاعتبار) لأصالة عدم وصول حقّه إليه (وإلّا) يكن كذلك بأن حضر الاعتبار (أحلف البائع) عملاً بالظاهر: من أنّ صاحب الحقّ إذا حضر اعتباره يحتاط لنفسه ويعتبر مقدار حقّه. ويمكن موافقة الأصل للظاهر باعتبار آخر، وهو أنّ المشتري لمّا قبض حقّه كان في قوّة المعترف بوصول حقّه إليه كملاً، فإذا ادّعى بعد ذلك نقصانه كان مدّعياً لما يخالف الأصل. ولا يلزم مثله في الصورة الاُولى؛ لأ نّه إذا لم يحضر لا يكون معترفاً بوصول حقّه؛ لعدم اطّلاعه عليه، حتّى لو فرض اعترافه فهو مبنيّ على الظاهر، بخلاف الحاضر.

__________________

(١) الوسائل ١٢:٣٨٧ ـ ٣٨٩، الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود.

(٢) حكاه العلّامة عن العماني في المختلف ٥:٢٨١.

(٣) الوسائل ١٢:٣٨٨ ـ ٣٩١، الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود، الحديث ٣ و ٦ و ١٩ وغيرها.

(٤) تقدّم في باب السلف، وكذا في آداب البيع.

٣٣٦

(ولو حوّل المشتري الدعوى) حيث لا يقبل قوله في النقص (إلى عدم إقباض الجميع) من غير تعرّض لحضور الاعتبار وعدمه أو معه (حلف) لأصالة عدم وصول حقّه إليه (ما لم يكن سبق بالدعوى الاُولى) فلا تسمع الثانية؛ لتناقض كلاميه. وهذه من الحيل التي يترتّب عليها الحكم الشرعي، كدعوى براءة الذمّة من حقّ المدّعي لو كان قد دفعه إليه بغير بيّنة، فإنّه لو أقرّ بالواقع لزمه.

(الثالث: في ما يدخل في المبيع)

عند إطلاق لفظه

(و) الضابط: أنّه (يُراعى فيه اللغة والعرف) العامّ أو الخاصّ؛ وكذا يُراعى الشرع بطريق أولى، بل هو مقدّم عليهما، ولعلّه أدرجه في العرف؛ لأنّه عرف خاصّ. ثمّ إن اتّفقت، وإلّا قُدّم الشرعي، ثمّ العرفي، ثمّ اللغوي.

(ففي بيع البستان) بلفظه تدخل: (الأرض، والشجر) قطعاً (والبناء) كالجدار وما أشبهه من الركائز المثبتة في داخله لحفظ التراب عن الانتقال. أمّا البناء المعدّ للسكنى ونحوه، ففي دخوله وجهان: أجودهما اتّباع العادة. ويدخل فيه الطريق والشِرب؛ للعرف. ولو باعه بلفظ «الكرم» تناول شجر العنب؛ لأنّه مدلوله لغة، وأمّا الأرض والعريش (١) والبناء والطريق والشِرب فيُرجع فيها إلى العرف؛ وكذا ما اشتمل عليه من الأشجار غيره، وما شكّ في تناول اللفظ له لا يدخل.

__________________

(١) العريش: البيت الذي يستظلّ به ـ شبه الخيمة ـ والمراد به هنا ما يُصنع من الخشب ونحوه لإلقاء أغصان الكَرْم عليه.

٣٣٧

(و) يدخل (في الدار: الأرضُ، والبناء أعلاه وأسفله، إلّاأن ينفرد الأعلى عادةً) فلا يدخل إلّابالشرط أو القرينة (والأبواب) المثبتة، وفي المنفصلة ـ كألواح الدكاكين ـ وجهان: أجودهما الدخول؛ للعرف، وانفصالها للارتفاق (١) فتكون كالجزء وإن انفصلت، وإطلاق العبارة يتناولها، وفي الدروس قيّدها بالمثبتة (٢) فيخرج (والأغلاق المنصوبة) دون المنفصلة كالأقفال (والأخشاب المثبتة) كالمتّخذة لوضع الأمتعة وغيرها، دون المنفصلة وإن انتفع بها في الدار؛ لأنّها كالآلات الموضوعة بها (والسُلَّم المثبت) في البناء؛ لأنّه حينئذٍ بمنزلة الدرجة، بخلاف غير المثبت؛ لأنّه كالآلة؛ وكذا الرفّ (٣) وفي حكمها الخوابي (٤) المثبتة في الأرض والحيطان (والمفتاح) وإن كان منقولاً؛ لأنّه بمنزلة الجزء من الأغلاق المحكوم بدخولها. والمراد غير مفتاح القفل؛ لأنّه تابع لغَلَقه، ولو شهدت القرينة بعدم دخوله لم يدخل.

وكذا يدخل الحوض والبئر والحمّام المعروف بها (٥) والأوتاد. دون الرَحى وإن كانت مثبتة؛ لأنّها لا تعدّ منها، وإثباتها لسهولة الارتفاق بها.

(ولا يدخل الشجر) الكائن (بها إلّامع الشرط، أو يقول: بما اُغلق عليه بابها، أو ما دار عليه حائطها) أو شهادة القرائن بدخوله كالمساومة عليه وبذل ثمن لا يصلح إلّالهما، ونحو ذلك.

__________________

(١) يعني سهولة الانتفاع.

(٢) الدروس ٣:٢٠٧.

(٣) الرفّ بالفتح: خشبة أو نحوها تُشدّ إلى الحائط فتوضع عليها طرائف البيت.

(٤) جمع خابية، وهي الحُبّ، إناء ضخمة من خزف، له بطن كبير وعروتان وفم واسع.

(٥) يعني الحمّام الذي يُعرف أنّه لهذه الدار وإن كان خارجاً عنها.

٣٣٨

(و) يدخل (في النخل الطلع إذا لم يؤبَّر) بتشقيق طَلع الإناث وذرّ طَلع الذكور فيه ليجيء ثمره أصلح (ولو اُ بّر فالثمرة للبائع) ولو اُ بّر البعض فلكلٍّ حكمه على الأقوى، والحكم مختصّ بالبيع فلو انتقل النخل بغيره لم يدخل الطَلع مطلقاً متى ظهر كالثمرة.

(و) حيث لا يدخل في المبيع (١) (يجب تبقيتها إلى أوان أخذها عرفاً) بحسب تلك الشجرة، فإن اضطرب العرف فالأغلب، ومع التساوي ففي الحمل على الأقلّ أو الأكثر أو اعتبار التعيين وبدونه يبطل، أوجه.

(وطلع الفحل للبائع) متى ظهر (وكذا باقي الثمار مع الظهور) وهو انعقادها، سواء كانت بارزة أم مستترة في كِمام أم وَرْد؛ وكذا القول فيما يكون المقصود منه الوَرْد أو الورق. ولو كان وجوده على التعاقب فالظاهر منه حال البيع للبائع، والمتجدّد للمشتري. ومع الامتزاج يرجع إلى الصلح.

(ويجوز لكلّ منهما) أي من البائع الذي بقيت له الثمرة والمشتري (السقي) مراعاةً لملكه (إلّاأن يستضرّا) معاً فيُمنعان (ولو تقابلا في الضرر والنفع رجّحنا مصلحة المشتري) لأنّ البائع هو الذي أدخل الضرر على نفسه ببيع الأصل وتسليط المشتري عليه الذي يلزمه جواز سقيه. وتوقّف في الدروس حيث جعل ذلك احتمالاً ونسبه إلى الفاضل واحتمل تقديم صاحب الثمرة؛ لسبق حقّه (٢) ويشكل تقديم المشتري حيث يوجب نقصاً في الأصل يحيط بقيمة الثمرة وزيادة، فينبغي تقديم مصلحة البائع مع ضمانه لقيمة الثمرة جمعاً بين الحقّين.

(و) يدخل (في القرية البناء) المشتمل على الدور وغيرها

__________________

(١) في سوى (ع) : البيع.

(٢) الدروس ٣:٢٠٩.

٣٣٩

(والمرافق) كالطرق والساحات، لا الأشجار والمزارع إلّامع الشرط أو العرف كما هو الغالب الآن، أو القرينة، وفي حكمها الضيعة في عرف الشام.

(و) يدخل (في العبد) والأمة (ثيابه الساترة للعورة) دون غيرها، اقتصاراً على المتيقّن دخوله؛ لعدم دخولها في مفهوم العبد لغة. والأقوى دخول ما دلّ العرف عليه من ثوب وثوبين وزيادة، وما يتناوله بخصوصه من غير الثياب كالحزام والقلنسوة والخفّ وغيرها. ولو اختلف العرف بالحرّ والبرد دخل ما دلّ عليه حال البيع، دون غيره. وما شكّ في دخوله لا يدخل؛ للأصل. ومثله الدابّة فيدخل فيها (١) النعل دون آلاتها، إلّامع الشرط أو العرف.

(الرابع: في اختلافهما)

(ففي قدر الثمن يحلف البائع مع قيام العين، والمشتري مع تلفها) على المشهور، بل قيل: إنّه إجماع (٢) وهو بعيد، ومستنده رواية مرسلة (٣) وقيل: يقدّم قول المشتري مطلقاً لأنّه ينفي الزائد، والأصل عدمه وبراءة ذمّته. وفيه قوّة إن لم يثبت الإجماع على خلافه، مع أنّه خيرة التذكرة (٤) وقيل: يتحالفان ويبطل البيع؛ لأنّ كلّاً منهما مدّعٍ ومنكر؛ لتشخّص العقد بكلّ واحد من الثمنين، وهو خيرة

__________________

(١) في (ع) : فيه.

(٢) الخلاف ٣:١٤٧ ـ ١٤٨، المسألة ٢٣٦.

(٣) الوسائل ١٢:٣٨٣، الباب ١١ من أبواب أحكام العقود، الحديث الأوّل. ومرسلها أحمد بن [محمّد بن] أبي نصر، راجع المسالك ٣:٢٥٨.

(٤) اُنظر التذكرة ١٣:٨٦.

٣٤٠