الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-46-X
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٢٢

ديناً فواضح، وأمّا الثمن الذي في الذمّة فلأ نّه دين في ذمّة المسلَم، فإذا جعل عوضاً للمسلَم فيه صدق «بيع الدين بالدين» ؛ لأنّ نفس الدين قد قُرن بالباء فصار ثمناً، بخلاف المحاسبة عليه قبل التفرّق إذا لم يشترط؛ لأنّه استيفاء دين قبل التفرّق مع عدم ورود العقد عليه، فلا يقصر عمّا لو أطلقاه ثمّ أحضره قبل التفرّق، وإنّما يفتقر إلى المحاسبة مع تخالفهما جنساً أو وصفاً، أمّا لو اتّفق ما في الذمّة والثمن فيهما وقع التهاتر قهريّاً ولزم العقد.

ولكنّ المصنّف في الدروس استشكل على هذا (١) صحّةَ العقد، استناداً إلى أنّه يلزم منه كون مورد العقد ديناً بدين (٢) ويندفع بأنّ بيع الدين بالدين لا يتحقّق إلّا إذا جعلا معاً في نفس العقد متقابلين في المعاوضة قضيّةً للباء، وهي منتفية هنا؛ لأنّ الثمن هنا أمر كلّي، وتعيينه بعد العقد في شخصٍ لا يقتضي كونه هو الثمن الذي جرى عليه العقد، ومثل هذا التقاصّ والتحاسب استيفاء، لا معاوضة. ولو أثّر مثل ذلك لأثّر مع إطلاقه ثمّ دفعه في المجلس؛ لصدق بيع الدين بالدين عليه ابتداءً. بل قيل بجواز الصورة الثانية أيضاً (٣) وهي ما لو جعل الدين ثمناً في العقد، نظراً إلى أنّ ما في الذمّة بمنزلة المقبوض.

(وتقديره *) أي المسلَم فيه أو ما يعمّ الثمن (بالكيل أو الوزن المعلومين) في ما يكال أو يوزن وفيما لا يُضبط إلّابه، وإن جاز بيعه جزافاً

__________________

(١) أي على فرض اتّفاق ما في الذمّة والثمن في الجنس والوصف.

(٢) الدروس ٣:٢٥٦.

(٣) قاله المحقّق في الشرائع ٢:٦٣، والعلّامة في التحرير ٢:٤٢٥، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١:٥٢٤.

(*) في (س) ونسخة (ش) : تقريره.

٢٨١

كالحطب والحجارة؛ لأنّ المشاهدة ترفع الغرر، بخلاف الدين. واحترز بالمعلومين عن الإحالة على مكيال وصنجة مجهولين فيبطل.

(أو العدد *) في المعدود (مع قلّة التفاوت) كالصنف الخاصّ من الجوز واللوز، أمّا مع كثرته ـ كالرمّان ـ فلا يجوز بغير الوزن. والظاهر أنّ البيض ملحق بالجوز في جوازه مع تعيّن (١) الصنف. وفي الدروس قطع بإلحاقه بالرمّان الممتنع به (٢).

وفي مثل الثوب يعتبر ضبطه بالذرع وإن جاز بيعه بدونه مع المشاهدة، كما مرّ. وكان عليه أن يذكره أيضاً؛ لخروجه عن الاعتبارات المذكورة.

ولو جُعلت هذه الأشياء ثمناً فإن كان مُشاهَداً لَحِقه حكم البيع المطلق، فيكفي مشاهدة ما يكفي مشاهدته فيه واعتبار ما يعتبر.

(وتعيين الأجل المحروس من التفاوت) بحيث لا يحتمل الزيادة والنقصان إن اُريد موضوعه. ولو اُريد به مطلق البيع لم يشترط وإن وقع بلفظ السلم.

(والأقرب جوازه) أي السلم (حالّاً مع عموم الوجود) أي وجود المسلَم فيه (عند العقد) ليكون مقدوراً على تسليمه حيث يكون مستحقّاً.

ووجه القرب: أنّ السلم بعض جزئيّات البيع، وقد استعمل لفظه في نقل الملك على الوجه المخصوص فجاز استعماله في الجنس؛ لدلالته عليه حيث يصرَّح بإرادة المعنى العامّ، وذلك عند قصد الحلول، كما ينعقد البيع ب‍ (ملّكتك

__________________

(*) في (ق) و (س) : بالعدد.

(١) في (ش) و (ف) : تعيين.

(٢) الدروس ٣:٢٥٣.

٢٨٢

كذا بكذا) ، مع أنّ التمليك موضوع لمعنى آخر، إلّاأنّ قرينة العوض المقابل عيّنته للبيع، بل هذا أولى؛ لأنّه بعض أفراده، بخلاف التمليك المستعمل شرعاً في الهبة بحيث لا يتبادر عند الإطلاق غيرها، وإنّما صرفه عنها القيود الخارجيّة.

ومثله القول فيما لو استعملا السلم في بيع عين شخصيّة، وأولى بالجواز؛ لأ نّها أبعد عن الغرر. والحلول أدخل في إمكان التسليم من التأجيل.

ومن التعليل (١) يلوح وجه المنع فيهما (٢) حيث إنّ بناءه على البيع المؤجّل مثمنه الثابت في الذمّة، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وآله: «من أسلف فليُسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، أو أجل معلوم» (٣).

واُجيب بتسليمه حيث يُقصد السلم الخاصّ والبحث فيما لو قصدا به البيع الحالّ.

واعلم أنّ ظاهر عبارة المصنّف هنا وفي الدروس (٤) وكثيرٍ (٥) أنّ الخلاف مع قصد السلم، وأنّ المختار جوازه مؤجَّلاً وحالّاً مع التصريح بالحلول ولو قصداً، بل مع الإطلاق أيضاً، ويحمل على الحلول. والذي يرشد إليه التعليل والجواب أنّ الخلاف فيما لو قصد به البيع المطلق واستعمل السلم فيه بالقرائن، أمّا إذا اُريد به السلف المطلق اشترط ذكر الأجل.

(ولا بدّ من كونه عامّ الوجود عند رأس الأجل إذا شرط الأجل) في

__________________

(١) المذكور في وجه القرب.

(٢) في مسألتي السَلَم حالّاً مع عموم الوجود، واستعمال السلم في عين شخصيّة.

(٣) الترمذي ٣:٦٠٢ ـ ٦٠٣، الحديث ١٣١١ مع اختلاف يسير.

(٤) الدروس ٣:٢٥٤.

(٥) اُنظر القواعد ٢:٥٢، وجامع المقاصد ٤:٢٣٤، وكنز الفوائد ١:٤٢٨.

٢٨٣

البلد الذي شرط تسليمه فيه، أو بلد العقد حيث يُطلق ـ على رأي المصنّف هنا ـ أو فيما قاربه بحيث ينقل إليه عادةً، ولا يكفي وجوده فيما لا يعتاد نقله منه إليه إلّا نادراً، كما لا يشترط وجوده حالَ العقد حيث يكون مؤجّلاً، ولا فيما بينهما.

ولو عيّن غلّة بلد لم يكفِ وجوده في غيره وإن اعتيد نقله إليه. ولو انعكس بأن عيّن غلّة غيره مع لزوم التسليم به شارطاً نقلَه إليه، فالوجه الصحّة وإن كان يبطل مع الإطلاق. والفرق أنّ بلد التسليم حينئذٍ بمنزلة شرط آخر، والمعتبر هو بلد المسلم فيه.

(والشهور يُحمل) إطلاقها (على الهلاليّة) مع إمكانه كما إذا وقع العقد في أوّل الشهر، ولو وقع في أثنائه ففي عدّه هلاليّاً يجبره مقدار ما مضى منه، أو إكماله ثلاثين [يوماً] (١) أو انكسار الجميع لو كان معه غيره، وعدّها ثلاثين [يوماً] (٢) أوجهٌ، أوسطها الوسط، وقوّاه في الدروس (٣) ويظهر من العبارة الأوّل.

(ولو شرط تأجيل بعض الثمن بطل في الجميع) أمّا في المؤجَّل فظاهر؛ لاشتراط قبض الثمن قبل التفرّق المنافي له، وعلى تقدير عدم منافاته ـ لقصر الأجل ـ يمتنع من وجه آخر؛ لأنّه بيع الكالئ بالكالئ، فقد فسّره أهل اللغة بأ نّه بيع مضمون مؤجَّل بمثله (٤) وأمّا البطلان في الحالّ على تقدير بطلان المؤجّل فلجهالة قسطه من الثمن وإن جعل كلّاً منهما قدراً معلوماً كتأجيل خمسين من مئة؛ لأنّ المعجَّل يقابل من المبيع قسطاً أكثر ممّا يقابله المؤجَّل؛ لتقسيط الثمن على الأجل أيضاً، والنسبة عند العقد غير معلومة.

__________________

(١) و (٢) لم يرد في المخطوطات.

(٣) الدروس ٣:٢٥٤.

(٤) اُنظر الصحاح ١:٦٩ (كلأ) ، والمصباح المنير:٥٤٠ (كلأ).

٢٨٤

وربما قيل بالصحّة (١) للعلم بجملة الثمن، والتقسيط غير مانع، كما لا يمنع لو باع ماله ومال غيره فلم يُجز المالك، بل لو باع الحرّ والعبد بثمن واحد مع كون بيع الحرّ باطلاً من حين العقد كالمؤجَّل هنا.

(ولو شرط موضع التسليم لزم) لوجوب الوفاء بالشرط السائغ (وإلّا) يشرط (٢) (اقتضى) الإطلاق التسليم في (موضع العقد) كنظائره من المبيع المؤجّل.

هذا أحد الأقوال في المسألة (٣) والقول الآخر: اشتراط تعيين موضعه مطلقاً (٤) وهو اختياره في الدروس (٥) لاختلاف الأغراض باختلافه الموجبة لاختلاف الثمن والرغبة، ولجهالة موضع الاستحقاق؛ لابتنائه على موضع الحلول المجهول. وبهذا فارق القرض المحمول على موضعه؛ لكونه معلوماً. وأمّا النسيئة فخرج بالإجماع على عدم اشتراط تعيين محلّه.

وفصّل ثالث باشتراطه إن كان في حمله مؤونة، وعدمه بعدمه (٦) ورابع بكونهما في مكانٍ قصدُهما مفارقته وعدمه (٧) وخامس باشتراطه فيهما (٨) ووجه

__________________

(١) احتملها في الدروس ٣:٢٥٦.

(٢) في (ر) وظاهر (ع) : يشترط.

(٣) قاله العلّامة في القواعد ٢:٥٣.

(٤) وهو مختار الشيخ في الخلاف ٣:٢٠٢، المسألة ٩.

(٥) الدروس ٣:٢٥٩.

(٦) قاله الشيخ في المبسوط ٢:١٧٣، وتبعه ابن حمزة في الوسيلة:٢٤١.

(٧) اُنظر التذكرة ١١:٣٤٥ ـ ٣٤٦، والقواعد ٢:٥٣.

(٨) يعني في فرض لزوم المؤونة، وقصد المفارقة. قاله العلّامة في التذكرة:١١:٣٤٣ ـ ٣٤٤ وفي الميسيّة، أنّه أولى، نقل عنه العاملي في المفتاح ٤:٤٧٠.

٢٨٥

الثلاثة مركّب من الأوّلين (١) ولا ريب أنّ التعيين مطلقاً أولى.

(ويجوز اشتراط السائغ في العقد) كاشتراط حمله إلى موضع معيّن، وتسليمه كذلك ورهن وضمين، وكونه من غلّة أرض أو بلد لا تخيس فيها غالباً، ونحو ذلك.

(و) كذا يجوز (بيعه بعدَ حلوله) وقبلَ قبضه (على الغريم وغيره على كراهية) للنهي عن ذلك في قوله صلى الله عليه وآله: «لا تبيعنَّ شيئاً حتّى تقبضه» (٢) ونحوه (٣) المحمول على الكراهة.

وخصّها بعضهم بالمكيل والموزون (٤) وآخرون بالطعام (٥) وحرّمه آخرون فيهما (٦) وهو الأقوى، حملاً لما ورد صحيحاً من النهي على ظاهره؛ لضعف المعارض (٧) الدالّ على الجواز الحامل للنهي على الكراهة. وحديث النهي عن بيع مطلق ما لم يُقبض لم يثبت.

__________________

(١) أي من دليل مذهب عدم الاشتراط مطلقاً ـ وهو كونه كنظائره ـ ومن دليل مذهب الاشتراط مطلقاً (سلطان العلماء ـ هامش ر).

(٢) كنز العمّال ٤:٨٧، الحديث ٩٦٦٢.

(٣) الوسائل ١٢:٣٨٧ ـ ٣٩٢، الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود، الحديث ١ و ٥ و ١١ و ١٤ و ٢١.

(٤) كالشيخ في النهاية:٣٩٨، والعلّامة في التحرير ٢:٣٣٨.

(٥) كالمحقّق في المختصر النافع:١٣٤.

(٦) كابن أبي عقيل على ما حكى عنه العلّامة في المختلف ٥:٢٨١.

(٧) الوسائل ١٢:٣٨٨، الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود، الحديث ٣ و ٦ و ١٩، وفي سندها عليّ بن حديد وابن الحجّاج الكرخي، والأوّل ضعيف، والثاني مجهول، راجع المسالك ٣:٢٤٧.

٢٨٦

وأمّا بيعه قبلَ حلوله فلا؛ لعدم استحقاقه حينئذٍ. نعم لو صالح عليه فالأقوى الصحّة.

(وإذا دفع) المسلمَ إليه (فوقَ الصفة وجب القبول) لأنّه خير وإحسان، فالامتناع منه عناد؛ ولأنّ الجَودة صفة لا يمكن فصلها، فهي تابعة، بخلاف ما لو دفع أزيد قدراً يمكن فصله ولو في ثوب. وقيل: لا يجب (١) لما فيه من المنّة (ودونها) أي دون الصفة المشترطة (لا يجب) قبوله وإن كان أجود من وجه آخر؛ لأنّه ليس حقّه مع تضرّره به.

ويجب تسليم الحنطة ونحوها عند الإطلاق نقيّة من الزُوان (٢) [والمدر] (٣) والتراب والقشر غير المعتاد. وتسليم التمر والزبيب جافّين. والعنب والرُطب صحيحين. ويُعفى عن اليسير المحتمل عادة.

(ولو رضي) المُسلِم (به) أي بالأدون صفةً (لزم) لأنّه أسقط حقّه من الزائد برضاه، كما يلزم لو رضي بغير جنسه.

(ولو انقطع) المسلَمُ فيه (عند الحلول) حيث يكون مؤجَّلاً ممكنَ الحصول بعد الأجل عادةً فاتّفق عدمه (تخيّر) المُسلِم (بين الفسخ) فيرجع برأس ماله؛ لتعذّر الوصول إلى حقّه وانتفاء الضرر (و) بين (الصبر) إلى أن يحصل. وله أن لا يفسخ ولا يصبر، بل يأخذ قيمته حينئذٍ؛ لأنّ ذلك هو حقّه. والأقوى أنّ الخيار ليس فوريّاً، فله الرجوع بعد الصبر إلى أحد الأمرين ما لم يُصرّح بإسقاط حقّه من الخيار.

__________________

(١) قاله ابن الجنيد على ما حكاه عنه العلّامة في المختلف ٥:١٥٣.

(٢) مثلَّثة الزاي، نبات ينبت غالباً بين الحنطة، وحَبّه يشبه حَبّها، إلّاأ نّه أصغر.

(٣) شُطب عليه في (ع) ولم يرد في (ش) و (ف).

٢٨٧

ولو كان الانقطاع بعد بذله له ورضاه بالتأخير سقط خياره، بخلاف ما لو كان بعدم المطالبة أو بمنع البائع مع إمكانه.

وفي حكم انقطاعه عند الحلول موت المسلم إليه قبلَ الأجل وقبلَ وجوده، لا العلم قبلَه بعدمه بعدَه، بل يتوقّف الخيار على الحلول على الأقوى؛ لعدم وجود المقتضي له الآن؛ إذ لم يستحقّ شيئاً حينئذٍ.

ولو قبض البعض تخيّر أيضاً بين الفسخ في الجميع والصبر، وبين أخذ ما قبض والمطالبة بحصّة غيره من الثمن أو قيمة المثمن على القول الآخر (١) وفي تخيّر المسلَم إليه مع الفسخ في البعض وجه قويّ؛ لتبعّض الصفقة عليه، إلّاأن يكون الانقطاع من تقصيره فلا خيار له.

__________________

(١) المشار إليه آنفاً بقوله: وله أن لا يفسخ ولا يصبر، بل يأخذ قيمته حينئذٍ.

٢٨٨

(الفصل السابع)

(في أقسام البيع)

(بالنسبة إلى الإخبار بالثمن وعدمه)

(وهو أربعة) أقسام:

لأنّه إمّا أن يُخبر به أو لا، والثاني «المساومة» والأوّل إمّا أن يبيع معه برأس المال، أو بزيادة عليه، أو نقصان عنه، والأوّل «التولية» والثاني «المرابحة» والثالث «المواضعة».

وبقي قسم خامس وهو إعطاء بعض المبيع برأس ماله، ولم يذكره كثير وذكره المصنّف هنا (١) وفي الدروس (٢) وفي بعض الأخبار دلالة عليه (٣).

وقد تجتمع الأقسام في عقد واحد، بأن اشترى خمسةٌ ثوباً بالسويّة، لكن ثمن نصيب أحدهم عشرون، والآخر خمسة عشر، والثالث عشرة، والرابع خمسة، والخامس لم يُبيِّن، ثمّ باع مَن عدا الرابع نصيبَهم بستّين بعد إخبارهم بالحال، والرابع شرّك في حصّته، فهو بالنسبة إلى الأوّل «مواضعة» والثاني «تولية» والثالث «مرابحة» والرابع «تشريك» والخامس «مساومة». واجتماعُ

__________________

(١) يأتي في آخر الفصل بقوله: والتشريك جائز.

(٢) الدروس ٣:٢٢١.

(٣) الوسائل ١٣:١٧٤ ـ ١٧٥، الباب الأوّل من أحكام الشركة، الحديث ١ و ٥ و ٦ و ٨.

٢٨٩

قسمين وثلاثة وأربعة منها على قياس ذلك.

والأقسام الأربعة:

(أحدها: المساومة) :

وهي البيع بما يتّفقان عليه من غير تعرّض للإخبار بالثمن، سواء علمه المشتري أم لا، وهي أفضل الأقسام.

(وثانيها: المرابحة) :

(ويشترط فيها العلم) أي علم كلّ من البائع والمشتري (بقدر الثمن، و) قدر (الربح) والغرامة والمُؤَن إن ضمّها (ويجب على البائع الصدق) في الثمن، والمُؤَن، وما طرأ من موجب النقص، والأجل، وغيره.

(فإن لم يُحدث فيه زيادة قال: اشتريته، أو هو عليَّ، أو تقوّم) بكذا.

(وإن زاد بفعله) من غير غرامة ماليّة (أخبر) بالواقع، بأن يقول: اشتريته بكذا وعملت فيه عملاً يساوي كذا، ومثله ما لو عمل فيه متطوّع.

(و) إن زاد (باستئجاره) عليه (ضمّه، فيقول: تقوّم عليَّ) بكذا (لا اشتريت) به؛ لأنّ الشراء لا يدخل فيه إلّاالثمن، بخلاف «تقوّم عليَّ» فإنه يدخل فيه الثمن وما يلحقه من اُجرة الكيّال والدلّال والحارس والمَحْرَس والقصّار والرفّاء (١) والصبّاغ، وسائر المؤن المرادة للاسترباح، لا ما يُقصد به استبقاء الملك دون الاسترباح، كنفقة العبد وكسوته وعلف الدابّة. نعم العلف الزائد على المعتاد للتسمين يدخل. والاُجرة وما في معناها لا تُضمّ إلى «اشتريت

__________________

(١) الرفاء بالمدّ من رفات الثوب بالهمز، وربما قيل بالواو (هامش ر).

٢٩٠

بكذا» (إلّاأن يقول: واستأجرت بكذا) فإنّ الاُجرة تنضمّ حينئذٍ إلى الثمن؛ للتصريح بها.

واعلم أنّ دخول المذكورات ليس من جهة الإخبار، بل فائدته إعلام المشتري بذلك ليدخل في قوله: بعتك بما اشتريت، أو بما قام عليَّ، أو بما اشتريت واستأجرت وربح كذا.

(وإن طرأ عيب وجب ذكره) لنقص المبيع به عمّا كان حين شراه (وإن أخذ أرشاً) بسببه (أسقطه) لأنّ الأرش جزءٌ من الثمن، فكأ نّه اشتراه بما عداه، وإن كان قوله: (اشتريته بكذا) حقّاً؛ لطروء النقصان الذي هو بمنزلة الجزء. ولو كان الأرش بسبب جناية لم يسقط من الثمن؛ لأنّها حقّ متجدّد لا يقتضيها العقد كنتاج الدابّة. بخلاف العين وإن كان حادثاً بعد العقد حيث يُضمن؛ لأ نّه بمقتضى العقد أيضاً فكان كالموجود حالته. ويُفهم من العبارة إسقاط مطلق الأرش وليس كذلك. وبما قيّدناه صرّح في الدروس (١) كغيره (٢).

(ولا يقوّم أبعاض الجملة) ويُخبر بما يقتضيه التقسيط من الثمن وإن كانت متساويةً أو أخبر بالحال؛ لأنّ المبيع المقابل بالثمن هو المجموع، لا الأفراد وإن يُقسّط الثمن عليها في بعض الموارد، كما لو تلف بعضها أو ظهر مستحقّاً.

(ولو ظهر كذبه) في الإخبار بقدر الثمن أو ما في حكمه (٣) أو جنسه أو وصفه (أو غلطُه) ببيّنة أو إقرار (تخيّر المشتري) بين ردّه وأخذه بالثمن

__________________

(١) الدروس ٣:٢١٩.

(٢) مثل المحقّق في الشرائع ٢:٤١، والعلّامة في القواعد ٢:٥٧.

(٣) كاُجرة الدلّال والكيّال.

٢٩١

الذي وقع عليه العقد؛ لغروره. وقيل: له أخذه بحطّ الزيادة وربحها (١) لكذبه مع كون ذلك هو مقتضى المرابحة شرعاً. ويضعَّف بعدم العقد على ذلك فكيف يثبت مقتضاه!

وهل يشترط في ثبوت خيار المشتري على الأوّل بقاؤه على ملكه؟ وجهان، أجودهما العدم؛ لأصالة بقائه مع وجود المقتضي وعدم صلاحيّة ذلك للمانع، فمع التلف أو انتقاله عن ملكه انتقالاً لازماً، أو وجود مانع من ردّه كالاستيلاد يردّ مثله أو قيمته إن اختار الفسخ، ويأخذ الثمن أو عوضه مع فقده.

(ولا يجوز الإخبار بما اشتراه من غلامه) الحرّ (أو ولده) أو غيرهما (حيلة؛ لأنّه خديعة) وتدليس، فلو فعل ذلك أثم وصحّ البيع، لكن يتخيّر المشتري إذا علم بين ردّه وأخذه بالثمن، كما لو ظهر كذبه في الإخبار. (نعم لو اشتراه) من ولده أو غلامه (ابتداءً من غير سابقة بيع عليهما) ولا مواطأة على الزيادة وإن لم يكن (٢) سبق منه بيع (جاز) لانتفاء المانع حينئذٍ؛ إذ لا مانع من معاملة مَن ذُكر.

(و) كذا (لا) يجوز (الإخبار بما قوّم عليه التاجر) على أن يكون له الزائد من غير أن يعقد معه البيع؛ لأنّه كاذب في إخباره؛ إذ مجرّد التقويم لا يوجبه. (والثمن) على تقدير بيعه كذلك (له) أي للتاجر (وللدلّال الاُجرة) لأنّه عمل عملاً له اُجرة عادةً، فإذا فات المشترَط رجع إلى الاُجرة. ولا فرق في ذلك بين ابتداء التاجر له به واستدعاء الدلّال ذلك منه. خلافاً

__________________

(١) القائل هو ابن الجنيد على ما حكاه عنه العلّامة في المختلف ٥:١٦٥.

(٢) مُحيت لفظة (لم) في (ر).

٢٩٢

للشيخين رحمهما الله (١) حيث حكما بملك الدلّال الزائدَ في الأوّل استناداً إلى أخبار صحيحة (٢) يمكن حملها على الجعالة، بناءً على أنّه لا يقدح فيها هذا النوع من الجهالة.

(وثالثها: المواضعة) :

(وهي كالمرابحة في الأحكام) من الإخبار على الوجوه المذكورة (إلّا أنّها بنقيصة معلومة) فيقول: بعتك بما اشتريته أو تقوّم عليَّ ووضيعة كذا، أو حطّ كذا. فلو كان قد اشتراه بمئة فقال: «بعتك بمئة ووضيعة درهمٍ من كلّ عشرة» فالثمن تسعون، أو «لكلّ عشرة» زاد عشرةُ أجزاء من أحد عشر جزءاً من درهم؛ لأنّ الموضوع في الأوّل من نفس العشرة عملاً بظاهر التبعيض، وفي الثاني من خارجها، فكأ نّه قال: «من كلّ أحد عشر».

ولو أضاف الوضيعة إلى العشرة احتمل الأمرين، نظراً إلى احتمال الإضافة ل‍ «اللام» و «من».

والتحقيق هو الأوّل؛ لأنّ شرط الإضافة بمعنى «من» كونها تبيينيّة لا تبعيضيّة، بمعنى كون المضاف جزئيّاً من جزئيّات المضاف إليه بحيث يصحّ إطلاقه على المضاف وغيره والإخبار به عنه كخاتم فضّة، لا جزءاً من كلّ كبعض القوم ويد زيد، فإنّ كلّ القوم لا يطلق على بعضه ولا زيدٌ على يده، والموضوع هنا بعض العشرة فلا يخبر بها عنه، فتكون بمعنى اللام.

__________________

(١) المقنعة:٦٠٥، والنهاية:٣٨٩ ـ ٣٩٠.

(٢) الوسائل ١٢:٣٨١، الباب ١٠ من أبواب أحكام العقود، الحديث ١ و ٢.

٢٩٣

(ورابعها: التولية) :

(وهي الإعطاء برأس المال) فيقول بعد علمهما بالثمن وما تبعه: (ولّيتك هذا العقد) فإذا قبل لزمه مثله جنساً وقدراً وصفة. ولو قال: «بعتك» أكمله بالثمن، أو بما قام عليه ونحوه. ولا يفتقر في الأوّل إلى ذكره (١) ولو قال: «ولّيتك السِلعة» احتمل في الدروس الجواز (٢).

(والتشريك جائز وهو) أن يجعل له فيه نصيباً بما يخصّه من الثمن ب‍ (أن يقول: شرّكتك) بالتضعيف «بنصفه بنسبة ما اشتريت، مع علمهما» بقدره. ويجوز تعديته بالهمزة. ولو قال: (أشركتك بالنصف) كفى ولزمه نصفُ مثل الثمن. ولو قال: (أشركتك في النصف) كان له الربع، إلّاأن يقول: «بنصف الثمن» فيتعيّن النصف. ولو لم يبيّن الحصّة كما لو قال: «في شيء منه» أو أطلق بطل؛ للجهل بالمبيع. ويحتمل حمل الثاني (٣) على التنصيف.

(وهو *) أي التشريك (في الحقيقة بيع الجزء المشاع برأس المال) لكنّه يختصّ عن مطلق البيع بصحّته بلفظه.

__________________

(١) أي ذكر الثمن.

(٢) الدروس ٣:٢٢١.

(٣) أي الإطلاق.

(*) في (ق) و (س) : وهي.

٢٩٤

(الفصل الثامن)

(في الربا)

بالقصر، وألِفُه بدل من «واو» (ومورده) أي محلّ وروده (المتجانسان إذا قُدّرا بالكيل أو الوزن وزاد (١) أحدهما) عن (٢) الآخر قدراً ولو بكونه مؤجّلاً.

وتحريمه مؤكَّد، وهو من أعظم الكبائر (والدرهم منه أعظم) وزراً (من سبعين زنية) ـ بفتح أوّله وكسره ـ كلّها بذات محرم، رواه هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام (٣).

(وضابط الجنس) هنا: (ما دخل تحت اللفظ الخاصّ) كالتمر والزبيب واللحم (فالتمر جنس) لجميع أصنافه (والزبيب جنس) كذلك (والحنطة والشعير) هنا (جنس) واحد (في المشهور) وإن اختلفا لفظاً واشتملا على أصناف؛ لدلالة الأخبار الصحيحة على اتّحادهما (٤) الخالية عن

__________________

(١) في (ع) و (ش) : زيادة.

(٢) في (ع) : من، وفي (ر) : على.

(٣) الوسائل ١٢:٤٢٢ ـ ٤٢٣، الباب الأوّل من أبواب الربا، الحديث الأوّل.

(٤) الوسائل ١٢:٤٣٨، الباب ٨ من أبواب الربا.

٢٩٥

المعارض، وفي بعضها «أنّ الشعير من الحنطة» (١) فدعوى اختلافهما ـ نظراً إلى اختلافهما صورةً وشكلاً ولوناً وطعماً وإدراكاً وحسّاً واسماً ـ غيرُ مسموع. نعم هما في غير الربا ـ كالزكاة ـ جنسان إجماعاً.

(واللحوم تابعة للحيوان) فلحم الضأن والمعز جنس؛ لشمول (الغنم) لهما، والبقر والجاموس جنس، والعراب والبخاتي جنس.

(ولا ربا في المعدود) مطلقاً على أصحّ القولين (٢) نعم يُكره.

(ولا بين الوالد وولده) فيجوز لكلّ منهما أخذ الفضل على الأصحّ (٣) والأجود اختصاص الحكم بالنَسَبي مع الأب، فلا يتعدّى إليه مع الاُمّ، ولا مع الجدّ ولو للأب، ولا إلى ولد الرضاع، اقتصاراً بالرخصة على مورد اليقين. مع احتمال التعدّي في الأخيرين لإطلاق اسم «الولد» عليهما شرعاً.

(ولا بين الزوج وزوجته) دواماً ومتعةً على الأظهر.

(ولا بين المسلم والحربي، إذا أخذ المسلمُ الفضل) وإلّا ثبت. ولا فرق في الحربي بين المعاهد وغيره، ولا بين كونه في دار الحرب والإسلام. (ويثبت بينه) أي بين المسلم (وبين الذمّي) على الأشهر. وقيل:

__________________

(١) الوسائل ١٢:٤٣٨، الباب ٨ من أبواب الربا، الحديث ١ و ٢.

(٢) ذهب إليه الشيخ في النهاية:٣٧٩. والقول الآخر للمفيد في المقنعة:٦٠٥، وسلّار في المراسم:١٨٠، وهو اختيار ابن الجنيد على ما نقل عنه العلّامة في المختلف ٥:٨٤.

(٣) وادّعى عليه الإجماع في الانتصار:٤٤١، والغنية:٢٢٦، والتنقيح الرائع ٢:٩٤. ومقابل الأصحّ قول ابن الجنيد على ما حكى عنه العلّامة في المختلف ٥:٧٩، فإنّه فصّل فقال: لا ربا بين الوالد وولده إذا أخذ الوالد الفضل.

٢٩٦

لا يثبت (١) كالحربي؛ للرواية المخصّصة له (٢) كما خَصّصت غيره (٣) وموضع الخلاف ما إذا أخذ المسلمُ الفضل، أمّا إعطاؤه إيّاه فحرام قطعاً.

(ولا في القسمة) لأنّها ليست بيعاً ولا معاوضة، بل هي تمييز الحقّ عن غيره. ومن جعلها بيعاً مطلقاً (٤) أو مع اشتمالها على الردّ (٥) أثبت فيها الربا.

(ولا يضرّ عُقَد التِبن والزُوان) بضمّ الزاي وكسرها وبالهمز وعدمه (اليسير) في أحد العوضين دون الآخر، أو زيادةً عنه؛ لأنّ ذلك لا يقدح في إطلاق المثليّة والمساواة قدراً، ولو خرجا عن المعتاد ضرّا، ومثلهما يسير التراب وغيره ممّا لا ينفكّ الصنف عنه غالباً كالدُرْديّ (٦) في الدِبس والزيت.

(ويتخلّص منه) أي من الربا إذا اُريد بيع أحد المتنجانسين بالآخر متفاضلاً (بالضميمة) إلى الناقص منهما، أو الضميمة إليهما مع اشتباه الحال، لتكون (٧) الضميمة في مقابل الزيادة.

__________________

(١) قاله الصدوق في المقنع:٣٧٤، وحكاه في المختلف ٥:٨١ عن ابن بابويه والمفيد ولكن لم نعثر عليهما، وأيضاً نسب إلى السيّد المرتضى وهو وإن مال إليه في الموصليّات رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الاُولى) :١٨٣ ـ ١٨٥ لكنّه وافق المشهور في الانتصار:٤٤٢ فراجع.

(٢) الوسائل ١٢:٤٣٧، الباب ٧ من أبواب الربا، الحديث ٥.

(٣) المصدر المتقدّم: الحديث ٢.

(٤) لم نجده في مصادرنا ولكن الشافعي جعلها في أحد قوليه كالبيع يثبت فيه الربا، اُنظر الاُمّ ٣:٢٨ ومختصر المزني:٧٧، والمغني ١١:٤٩١.

(٥) لم نعثر عليه من أصحابنا. نعم، ذهب إليه بعض العامّة، اُنظر المغني ١١:٤٩٢.

(٦) من الزيت ونحوه: الكَدَر الراسب في أسفله.

(٧) في سوى (ع) : فتكون.

٢٩٧

(ويجوز بيع مُدّ عَجْوَةٍ (١) ودرهمٍ بمُدّين أو درهمين، وبمُدّين ودرهمين، وأمداد ودراهم. ويُصرف كلٌّ إلى مخالفه *) وإن لم يقصده؛ وكذا لو ضُمّ غيرُ ربويّ.

ولا يشترط في الضميمة أن تكون ذات وقْع في مقابل الزيادة، فلو ضمّ ديناراً إلى ألف درهم ثمناً لألفي درهم جاز؛ للرواية (٢) وحصول التفاوت عند المقابلة. وتوزيع الثمن عليهما باعتبار القيمة على بعض الوجوه لا يقدح؛ لحصوله حينئذٍ بالتقسيط لا بالبيع، فإنّه إنّما وقع على المجموع بالمجموع، فالتقسيط غير معتبر ولا مفتقر إليه. نعم لو عرض سبب يوجبه ـ كما لو تلف الدرهم المعيّن قبل القبض أو ظهر مستحقّاً وكان في مقابله ما يوجب الزيادة المفضية إلى الربا ـ احتمل بطلانُ البيع حينئذٍ؛ للزوم التفاوت في الجنس الواحد. والبطلانُ في مخالف التالف خاصّة؛ لأنّ كلّاً من الجنسين قد قوبل بمخالفه، فإذا بطل بطل ما قوبل به خاصّة. وهذا هو الأجود والموافق لاُصول المذهب والمصحّح لأصل البيع وإلّا كان مقتضى المقابلة لزوم الربا من رأس.

(و) يتخلّص أيضاً من الربا (بأن يبيعه بالمماثل ويهبه الزائد) في عقد واحد أو بعد البيع (من غير شرط) للهبة في عقد البيع؛ لأنّ الشرط حينئذٍ زيادة في العوض المصاحب له (أو) بأن (يُقرض كلّ منهما صاحبَه ويتبارءا) بعد التقابض الموجب لملك كلّ منهما ما اقترضه وصيرورة عوضه في الذمّة. ومثله ما لو وهب كلّ منهما الآخر عوضه.

ولا يقدح في ذلك كلّه كون هذه العقود غير مقصودة بالذات، مع أنّ العقود

__________________

(١) نوع من التمر.

(*) في (ق) و (س) : إلى ما يخالفه.

(٢) الوسائل ١٢:٤٦٦ ـ ٤٦٧، الباب ٦ من أبواب الصرف، الحديث الأوّل.

٢٩٨

تابعة للقصود؛ لأنّ قصد التخلّص من الربا الذي لا يتمّ إلّابالقصد إلى بيعٍ صحيحٍ أو قرضٍ أو غيرهما كافٍ في القصد إليها؛ لأنّ ذلك غاية مترتّبة على صحّة العقد مقصودةٌ، فيكفي جعلها غاية؛ إذ لا يعتبر قصد جميع الغايات المترتّبة على العقد.

(ولا يجوز بيع الرطب بالتمر) للنصّ المعلِّل بكونه ينقص إذا جفّ (١) (وكذا كلّ ما ينقص مع الجفاف) كالعنب بالزبيب تعديةً للعلّة المنصوصة إلى ما يشاركه فيها. وقيل: يثبت في الأوّل من غير تعدية (٢) ردّاً لقياس العلّة. وقيل: بالجواز في الجميع (٣) ردّاً لخبر الواحد واستناداً إلى ما يدلّ بظاهره على اعتبار المماثلة بين الرطب واليابس. وما اختاره المصنّف أقوى. وفي الدروس جعل التعدية إلى غير المنصوص أولى (٤).

(ومع اختلاف الجنس) في العوضين (يجوز التفاضل نقداً) إجماعاً (ونسيئة) على الأقوى؛ للأصل، والأخبار (٥) واستند المانع (٦) إلى خبرٍ دلّ بظاهره على الكراهة (٧) ونحن نقول بها.

__________________

(١) الوسائل ١٢:٤٤٥ ـ ٤٤٦، الباب ١٤ من أبواب الربا، الحديث ١ و ٢ و ٦.

(٢) قاله الشيخ في الخلاف ٣:٦٤، المسألة ١٠٥، والمحقّق في الشرائع ٢:٤٦.

(٣) ذهب إليه ابن إدريس في السرائر ٢:٢٥٨ ـ ٢٥٩، وقبله الشيخ في الاستبصار ٣:٩٢ ـ ٩٣.

(٤) الدروس ٣:٢٩٦.

(٥) الوسائل ١٢:٤٤٢ ـ ٤٤٥، الباب ١٣ من أبواب الربا.

(٦) هو المفيد في المقنعة:٦٠٣، وسلّار في المراسم:١٨٠، وغيرهما.

(٧) قال في المختلف ٥:٨٧: احتجّ المانعون بالحديث المشهور (إنّما الربا في النسيئة) (سنن البيهقي ٦:١٤١) ، وبما رواه الحلبي في الصحيح (الوسائل ١٢:٤٤٢ ـ ٤٤٣، الباب ١٣ من أبواب الربا، الحديث (٢).

٢٩٩

(ولا عبرة بالأجزاء المائيّة في الخبز والخَلّ والدقيق) بحيث يُجهل مقداره في كلٍّ من العوضين الموجب لجهالة مقدارهما، وكذا لو كانت مفقودة من أحدهما كالخبز اليابس والليِّن؛ لإطلاق الحقيقة عليهما، مع كون الرطوبة يسيرة غير مقصودة، كقليل الزُوان والتبن في الحنطة (إلّاأن يظهر ذلك للحسّ ظهوراً بيّناً) بحيث يظهر التفاوت بينهما فيمنع، مع احتمال عدم منعه مطلقاً، كما أطلقه في الدروس (١) وغيره (٢) لبقاء الاسم الذي يترتّب عليه تساوي الجنسين عرفاً.

(ولا يباع اللحم بالحيوان مع التماثل) كلحم الغنم بالشاة إن كان مذبوحاً؛ لأنّه في قوّة اللحم، فلا بدّ من تحقّق المساواة. ولو كان حيّاً فالجواز قويّ؛ لأنّه حينئذٍ غير مقدّر بالوزن (ويجوز) بيعه به (مع الاختلاف) قطعاً؛ لانتفاء المانع مع وجود المصحّح.

__________________

(١) الدروس ٣:٢٩٧، إلّاأ نّه قيّده بما (إذا لم يزد عن العادة).

(٢) الشرائع ٢:٤٦، والقواعد ٢:٦٢.

٣٠٠