الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-46-X
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٢٢

المشتري ـ عالماً كان أم جاهلاً ـ بالعين ومنافعها المستوفاة وغيرها، وأنّ ذلك هو عوض بضع الأمة، للنصّ الدالّ على ذلك (١) (أو مهر المثل) لأنّه القاعدة الكليّة في عوض البُضع بمنزلة قيمة المثل في غيره، وإطراحاً للنص الدالّ على التقدير بالعشر أو نصفه (٢) وهذا الترديد توقّف من المصنّف في الحكم، أو إشارة إلى القولين (٣) لا تخيير بين الأمرين، والمشهور منهما الأوّل (و) اُغرم (الاُجرة) عمّا استوفاه من منافعها أو فاتت تحت يده (وقيمة الولد) يوم ولادته ولو كان قد أحبلها وولدته حيّاً (رجع بها) أي بهذه المذكورات جُمع (على البائع مع جهله) بكونها مستحقّة؛ لما تقدّم من رجوع المشتري الجاهل بفساد البيع على البائع بجميع ما يغرمه (٤).

والغرض من ذكر هذه هنا التنبيه على مقدار ما يرجع به مالك الأمة على مشتريها الواطئ لها مع استيلادها. ولا فرق في ثبوت العقر (٥) بالوطء بين علم الأمة بعدم صحّة البيع وجهلها على أصحّ القولين (٦) وهو الذي يقتضيه إطلاق

__________________

(١) و (٢) الوسائل ١٤:٥٧٧ ـ ٥٧٨، الباب ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء، الحديث الأوّل.

(٣) قول بغرم العشر إن كانت بكراً ونصف العشر إن كانت ثيباً، وهو للشيخ في الخلاف ٣:١٥٨، المسألة ٢٥١، والمحقّق في الشرايع ٢:٥٩، والعلّامة في التحرير ٢:٤٠٩. وقول بغرم مهر المثل، وهو لابن إدريس في السرائر ٢:٣٤٧ ـ ٣٤٨ و ٥٩٧.

(٤) تقدّم في الصفحة ١٩١ ـ ١٩٢.

(٥) لهذه الكلمة معان، والمراد بها هنا ما يؤخذ بإزاء الوطء.

(٦) اختاره العلّامة في المختلف ٦:١٢٥ ـ ١٢٦، والتذكرة (الحجريّة) ٢:٣٩٦، وأمّا القول بعدم العقر حالة علمها فهو للكركي في جامع المقاصد ٤:٣١٦.

٢٤١

العبارة؛ لأنّ ذلك حقّ للمولى وَلاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ) (١) ولا تصير بذلك اُمّ ولد؛ لأنّها في نفس الأمر ملك غير الواطئ.

وفي الدروس (٢) : لا يرجع عليه بالمهر إلّامع الإكراه استناداً إلى أنّه لا مهر لبغيّ (٣) ويضعّف بما مرّ (٤) وأنّ المهر المنفيّ مهر الحرّة بظاهر الاستحقاق (٥) ونسبة المهر، ومن ثمّ يطلق عليها المهيرة. ولو نقصت بالولادة ضمن نقصها مضافاً إلى ما تقدّم. ولو ماتت ضمن القيمة.

وهل يضمن مع ما ذكر أرش البكارة لو كانت بكراً، أم يقتصر على أحد الأمرين؟ (٦) وجهان، أجودهما عدم التداخل؛ لأنّ أحد الأمرين عوض الوطء وأرش البكارة عوض جناية، فلا يدخل أحدهما في الآخر.

ولو كان المشتري عالماً باستحقاقها حال الانتفاع لم يرجع بشيء. ولو علم مع ذلك بالتحريم كان زانياً والولد رقّ، وعليه المهر مطلقاً. ولو اختلفت حاله ـ بأن كان جاهلاً عند البيع ثم تجدّد له العلم ـ رجع بما غرمه حال الجهل وسقط الباقي.

(الرابعة) :

(لو اختلف مولى مأذون) وغيره (في عبد أعتقه المأذون عن الغير، ولا بيّنة) لمولى المأذون ولا للغير (حلف المولى) أي مولى المأذون واسترقّ

__________________

(١) الأنعام:١٦٤.

(٢) الدروس ٣:٢٣٠.

(٣) السنن الكبرى للبيهقي ٦:٦.

(٤) من أنّ المهر حقّ للمولى.

(٥) المستفاد من اللام في قوله: (لبغيّ).

(٦) العشر إن كانت بكراً، ونصف العشر إن كانت ثيّباً.

٢٤٢

العبد المعتق؛ لأنّ يده على ما بيد المأذون فيكون قوله مقدّماً على من خرج عند عدم البيّنة.

(ولا فرق بين كونه) أي العبد الذي أعتقه المأذون (أباً للمأذون أو لا) وإن كانت الرواية (١) تضمّنت كونه أباه، لاشتراكهما في المعنى المقتضي لترجيح قول ذي اليد (ولا بين دعوى مولى الأب شراءه من ماله) بأن يكون قد دفع للمأذون مالاً يتّجر به فاشترى أباه من سيّده بماله (وعدمه) لأنّه على التقدير الأوّل يدّعي فساد البيع، ومدّعي صحّته مقدّم. وعلى الثاني خارج؛ لمعارضة يده القديمة يد المأذون الحادثة فيقدّم، والرواية تضمّنت الأوّل (ولا بين استئجاره على حجّ وعدمه) لأنّ ذلك لا مدخل له في الترجيح وإن كانت الرواية تضمّنت الأوّل.

والأصل في هذه المسألة رواية عليّ بن أشيم عن الباقر عليه السلام في من دفع إلى مأذون ألفاً ليعتق عنه نسمة ويحجّ عنه بالباقي فأعتق أباه وأحجّه بعد موت الدافع، فادّعى وارثه ذلك، وزعم كلّ من مولى المأذون ومولى الأب أنّه اشتراه بماله، فقال: «إنّ الحجّة تمضي ويردّ رقّاً لمولاه حتى يقيم الباقون بينّة» (٢) وعمل بمضمونها الشيخ (٣) ومن تبعه (٤) ومال إليه في الدروس (٥) والمصنّف هنا وجماعة أطرحوا الرواية، لضعف سندها ومخالفتها لاُصول المذهب في ردّ العبد إلى مولاه

__________________

(١) سيأتي ذكرها.

(٢) الوسائل ١٣:٥٣، الباب ٢٥ من أبواب بيع الحيوان، الحديث الأوّل.

(٣) النهاية:٤١٤.

(٤) وهو القاضي ابن البرّاج على ما نسب إليه في المختلف ٥:٢٤١.

(٥) الدروس ٣:٢٣٣.

٢٤٣

مع اعترافه ببيعه ودعواه فساده، ومدّعي الصحّة مقدّم، وهي (١) مشتركة بين الآخرين، إلّاأنّ مولى المأذون أقوى يداً، فيقدّم.

واعتذر في الدروس عن ذلك بأنّ المأذون بيده مالٌ لمولى الأب وغيره، وبتصادم الدعاوي المتكافئة يرجع إلى أصالة بقاء الملك على مالكه، قال: ولا تعارضه فتواهم بتقديم دعوى الصحّة على الفساد؛ لأنّها مشتركة بين متقابلين متكافئين، فتساقطا (٢).

وفيهما نظر؛ لمنع تكافئها مع كون من عدا مولاه خارجاً والداخل مقدّم فسقطا، دونه، ولم يتمّ الأصل. ومنه يظهر عدم تكافؤ الدعويين الاُخريين، لخروج الآمر وورثته عمّا في يد المأذون التي هي بمنزلة يد سيّده، والخارجة لا تكافئ الداخلة فتقدّم. وإقرار المأذون بما في يده لغير المولى غير مسموع فلزم إطراح الرواية. ولاشتمالها على مضيّ الحجّ، مع أنّ ظاهر الأمر حجّه بنفسه ولم يفعل، ومجامعة صحّة الحجّ لعوده رقّاً وقد حجّ بغير إذن سيّده فما اختاره هنا أوضح.

ونبّه بقوله: «ولا بين دعوى مولى الأب شراءه من ماله وعدمه» على خلاف الشيخ ومن تبعه (٣) حيث حكموا بما ذكر مع اعترافهم بدعوى مولى الأب فساد البيع. وعلى خلاف العلّامة (٤) حيث حملها على إنكار مولى الأب البيع لا فسادَه، هرباً من تقديم مدّعي الفساد، والتجاءً إلى تقديم منكر بيع عبده.

__________________

(١) أي دعوى الصحّة.

(٢) الدروس ٣:٢٣٣.

(٣) راجع الهامش رقم ٣ و ٤ من الصفحة السابقة.

(٤) المختلف ٥:٢٤٢.

٢٤٤

وقد عرفت ضعف تقديم مدّعي الفساد. ويضعّف الثاني بمنافاته لمنطوق الرواية الدالّة على دعوى كونه اشتري بماله.

هذا كلّه مع عدم البيّنة، ومعها تقدّم إن كانت لواحد. ولو كانت لاثنين أو للجميع بني على تقديم بيّنة الداخل أو الخارج عند التعارض، فعلى الأوّل الحكم كما ذكر، وعلى الثاني يتعارض الخارجان. ويقوى تقديم ورثة الآمر بمرجّح الصحّة.

واعلم أنّ الاختلاف يقتضي تعدّد المختلفين، والمصنّف اقتصر على نسبته إلى مولى المأذون، وكان حقّه إضافة غيره معه، وكأ نّه اقتصر عليه لدلالة المقام على الغير، أو على ما اشتهر من المتنازعين في هذه المادّة.

(الخامسة) :

(لو تنازع المأذونان بعد شراء كلّ منهما صاحبه في الأسبق) منهما ليبطل بيع المتأخّر؛ لبطلان الإذن بزوال الملك (ولا بيّنة) لهما ولا لأحدهما بالتقدّم (قيل: يقرع) والقائل بها مطلقاً غير معلوم، والذي نقله المصنّف وغيره (١) عن الشيخ: القول بها مع تساوي الطريقين (٢) عملاً برواية وردت بذلك (٣) وقيل بها مع اشتباه السابق أو السبق (٤).

(وقيل: يمسح الطريق) التي سلكها كلّ واحد منهما إلى مولى الآخر،

__________________

(١) الدروس ٣:٢٣٣، والمختلف ٥:٢٣٢.

(٢) النهاية:٤١٢، والاستبصار ٣:٨٣، ذيل الحديث ٢٧٩.

(٣) الوسائل ١٣:٤٦، الباب ١٨ من أبواب بيع الحيوان، الحديث ٢.

(٤) المختلف ٥:٢٣٤.

٢٤٥

ويحكم بالسبق لمن طريقه أقرب مع تساويهما في المشي، فان تساويا بطل البيعان، لظهور الاقتران (١).

هذا إذا لم يجز الموليان (ولو اُجيز عقدهما فلا إشكال) في صحّتهما.

(ولو تقدّم العقد من أحدهما صحّ خاصّة) من غير توقّف على إجازة (إلّامع إجازة الآخر) فيصحّ العقدان. ولو كانا وكيلين صحّا معاً.

والفرق بين الإذن والوكالة: أنّ الإذن ما جعلت (٢) تابعة للملك، والوكالة ما أباحت التصرّف المأذون فيه مطلقاً. والفارق بينهما مع اشتراكهما في مطلق الإذن إمّا تصريح المولى بالخصوصيّتين، أو دلالة القرائن عليه. ولو تجرّد اللفظ عن القرينة لأحدهما فالظاهر حمله على الإذن، لدلالة العرف عليه.

واعلم أنّ القول بالقرعة مطلقاً لا يتمّ في صورة الاقتران؛ لأنّها لإظهار المشتبه، ولا اشتباه حينئذٍ، وأولى بالمنع تخصيصها في هذه الحالة. والقول بمسح الطريق مستند إلى رواية (٣) ليست سليمة الطريق. والحكم للسابق مع علمه لا إشكال فيه.

كما أنّ القول بوقوفه مع الاقتران كذلك، ومع الاشتباه تتجّه القرعة. ولكن مع اشتباه السابق يستخرج برقعتين لإخراجه، ومع اشتباه السبق والاقتران ينبغي ثلاث رقع في إحداها الاقتران ليحكم بالوقوف معه.

__________________

(١) قاله المحقّق في المختصر النافع:١٣٣.

(٢) تأنيث الفعل باعتبار معنى الإذن، يعني الرخصة.

(٣) اُنظر الوسائل ١٣:٤٦، الباب ١٨ من أبواب بيع الحيوان، الحديث الأوّل. ولعلّ عدم سلامة طريقها بالحسين بن محمّد وهو مشترك بين الثقة والضعيف ومعلّى بن محمّد فإنّه ضعيف وأبي خديجة أو أبي سلمة فإنّه مجهول. اُنظر فهارس المسالك ١٦:٢٨٨،٢٩٧ وجامع الرواة ٢:٣٨٣ و ٣٩١.

٢٤٦

هذا إذا كان شراؤُهما لمولاهما. أمّا لو كان لأنفسهما ـ كما يظهر من الرواية ـ فإن أحلنا ملك العبد بطلا، وإن أجزناه صحّ السابق وبطل المقارن واللاحق حتماً، إذ لا يتصور ملك العبد لسيّده.

(السادسة) :

(الأمة المسروقة من أرض الصلح لا يجوز شراؤها) لأنّ مال أهلها محترم به (فلو اشتراها) أحد من السارق (جاهلاً) بالسرقة أو الحكم (ردّها) على بائعها (واستعاد ثمنها) منه (ولو لم يوجد الثمن) بأن اُعسر البائع، أو امتنع عن ردّه ولم يمكن إجباره، أو بغير ذلك من الأسباب (ضاع) على دافعه. (وقيل (١) : تسعى) الأمة (فيه) لرواية مسكين السّمان عن الصادق عليه السلام (٢).

ويضعّف بجهالة الراوي، ومخالفة الحكم للاُصول، حيث إنّها ملك للغير وسعيها كذلك، ومالكها لم يظلمه في الثمن فكيف يستوفيه من سعيها؟ مع أنّ ظالمه لا يستحقّها ولا كسبها، ومن ثمّ نسبه المصنّف إلى القول، تمريضاً له.

ولكن يشكل حكمه بردّها إلّاأن يحمل على ردّها على مالكها، لا على البائع، طرحاً للرواية (٣) الدالّة على ردّها عليه. وفي الدروس استقرب العمل بالرواية المشتملة على ردّها على البائع واستسعائها في ثمنها (٤) لو تعذّر على المشتري أخذه من البائع ووارثه مع موته. واعتذر عن الردّ إليه بأ نّه تكليف له

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية:٤١٤.

(٢) و (٣) الوسائل ١٣:٥٠، الباب ٢٣ من أبواب بيع الحيوان، الحديث الأوّل.

(٤) الدروس ٣:٢٣٢.

٢٤٧

ليردّها إلى أهلها، إمّا لأنه سارق، أو لأنّه ترتّبت يده عليه، وعن استسعائها بأنّ فيه جمعاً بين حق المشتري وحقّ صاحبها، نظراً إلى أنّ مال الحربي فيء في الحقيقة وإنّما صار محترماً بالصلح احتراماً عرضيّاً، فلا يعارض ذهاب مال محترم في الحقيقة.

ولا يخفى أنّ مثل ذلك لا يصلح لتأسيس مثل هذا الحكم، وتقريبه للنصّ إنّما يتمّ لو كانت الرواية ممّا تصلح للحجّة، وهي بعيدة عنه. وتكليف البائع بالردّ لا يقتضي جواز دفعها إليه كما في كلّ غاصب. وقِدَم يده لا أثر له في هذا الحكم، وإلّا لكان الغاصب من الغاصب يجب عليه الردّ إليه، وهو باطل. والفرق في المال بين المحترم بالأصل والعارض لا مدخل له في هذا الترجيح مع اشتراكهما في التحريم وكون المتلف للثمن ليس هو مولى الأمة، فكيف يستوفى من ماله؟ وينتقض بمال أهل الذمّة، فإنّ تحريمه عارض ولا يرجّح عليه مال المسلم المحترم بالأصل عند التعارض.

والأقوى إطراح الرواية بواسطة «مسكين» وشهرتها لم تبلغ حدّ وجوب العمل بها، وإنّما عمل بها الشيخ (١) على قاعدته (٢) واشتهرت بين أتباعه (٣) وردّها المستنبطون (٤) لمخالفتها للاُصول.

والأقوى وجوب ردّ المشتري لها على مالكها أو وكيله أو وارثه، ومع

__________________

(١) النهاية:٤١٤.

(٢) وهي العمل بالرواية الضعيفة إذا حصل بها الوثوق في الجملة.

(٣) نقل العلّامة في المختلف ٥:٢٤٠ عن ابن البرّاج القول بها تبعاً للشيخ.

(٤) أي الحلّيّون كما في الدروس ٣:٢٣٣، وهم ابن ادريس في السرائر ٢:٣٥٦، والمحقّق في الشرائع ٢:٦١، والعلّامة في المختلف ٥:٢٤٠.

٢٤٨

التعذّر على الحاكم. وأمّا الثمن فيطالب به البائع مع بقاء عينه مطلقاً، ومع تلفه إن كان المشتري جاهلاً بسرقتها، ولا تستسعي الأمة مطلقاً.

(السابعة) :

(لا يجوز بيع عبد من عبدين) من غير تعيين، سواء كانا متساويين في القيمة والصفات أم مختلفين؛ لجهالة المبيع المقتضية للبطلان (ولا) بيع (عبيد) كذلك؛ للعلّة. وقيل: يصحّ مطلقاً (١) استناداً إلى ظاهر رواية ضعيفة (٢) وقيل: يصحّ مع تساويهما من كلّ وجه كما يصحّ بيع قفيز من صُبرة متساوية الأجزاء (٣) ويضعّف بمنع تساوي العبدين على وجه يلحق بالمثليّ. وضعف الصحّة مطلقاً واضح.

(ويجوز شراؤه) أي شراء العبد (موصوفاً) على وجه ترتفع الجهالة (سلَماً) لأنّ ضابط المسلَم فيه ما يمكن ضبطه كذلك، وهو منه كغيره من الحيوان إلّاما يستثنى (والأقرب جوازه) موصوفاً (حالّاً) لتساويهما في المعنى المصحّح للبيع (فلو) باعه عبداً كذلك و (دفع إليه عبدين للتخيّر (٤)) أي ليتخيّر ما شاء منهما (فأبق أحدهما) من يده (بُني) ضمان الآبق (على

__________________

(١) قاله الشيخ في الخلاف ٣:٣٨ المسألة ٥٤.

(٢) الوسائل ١٣:٤٤، الباب ١٦ من أبواب بيع الحيوان وفيه حديث واحد. ولعلّ ضعفها بابن أبي حبيب في طريق الكافي والفقيه وهو مجهول. اُنظر جامع الرواة ٢:٤٢٨ أو بالسكوني في طريق الشيخ وهو ضعيف عامي. راجع فهارس المسالك ١٦:٣٠١.

(٣) المختلف ٥:٢٣١.

(٤) في (ف) و (ر) : للتخيير، وفي نسخة (س) من المتن: ليتخيّر.

٢٤٩

ضمان المقبوض بالسوم) وهو الذي قبضه ليشتريه فتلف في يده بغير تفريط، فإن قلنا بضمانه ـ كما هو المشهور ـ ضمن هنا؛ لأنّه في معناه؛ إذ الخصوصيّة ليست لقبض السوم، بل لعموم قوله صلى الله عليه وآله: «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (١) وهو مشترك بينهما. وإن قلنا بعدم ضمانه ـ لكونه مقبوضاً بإذن المالك والحال أنّه لا تفريط، فيكون كالودعيّ ـ لم يضمن هنا.

بل يمكن عدم الضمان هنا وإن قلنا به ثَمّ؛ لأنّ المقبوض بالسوم مبيع بالقوّة أو مجازاً بما يؤول إليه، وصحيح المبيع وفاسده مضمون. بخلاف صورة الفرض؛ لأنّ المقبوض ليس كذلك، لوقوع البيع سابقاً وإنّما هو محض استيفاء حقّ.

لكن يندفع ذلك بأنّ المبيع لمّا كان أمراً كلّياً وكان كلّ واحد من المدفوع صالحاً لكونه فرداً له كان في قوّة المبيع، بل دفعهما للتخيّر حصر له فيهما، فيكون بمنزلة المبيع حيث إنّه منحصر فيهما، فالحكم هنا بالضمان أولى منه.

(والمرويّ) عن الباقر عليه السلام بطريق ضعيف (٢) ـ ولكن عمل به الأكثر ـ (انحصار حقّه فيهما) على سبيل الإشاعة، لا كون حقّه أحدهما في الجملة (وعدم ضمانه) أي الآبق (على المشتري، فينفسخ نصف المبيع) تنزيلاً للآبق منزلة التالف قبل القبض، مع أنّ نصفه مبيع (ويرجع) المشتري (بنصف الثمن على البائع) وهو عوض التالف (ويكون) العبد (الباقي بينهما) بالنصف (إلّاأن يجد الآبق يوماً فيتخيّر) في أخذ أيّهما شاء، وهو مبنيّ على كونهما بالوصف المطابق للمبيع وتساويهما في القيمة.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١٤:٧ ـ ٨، الباب الأوّل من كتاب الوديعة، الحديث ١٢.

(٢) الوسائل ١٣:٤٤ ـ ٤٥، الباب ٦ من أبواب بيع الحيوان وفيه حديث واحد، ولعلّ الضعف بجهالة ابن أبي حبيب الواقع في سندها. راجع جامع الرواة ٢:٤٢٨.

٢٥٠

ووجه انحصار حقّه فيهما كونه عيّنهما للتخيّر، كما لو حصر الحقّ في واحد. وعدم ضمان الآبق إمّا لعدم ضمان المقبوض بالسوم، أو كون القبض على هذا الوجه يخالف قبض السوم، للوجه الذي ذكرناه، أو غيره، أو تنزيلاً لهذا التخيّر منزلة الخيار الذي لا يضمن الحيوان التالف في وقته.

ويشكل بانحصار الحقّ الكلّي قبل تعيّنه (١) في فردين، ومنع ثبوت الفرق بين حصره في واحد وبقائه كلّياً، وثبوت المبيع في نصف الموجود المقتضي للشركة مع عدم الموجب لها ثم الرجوع إلى التخيّر لو وجد الآبق، وأنّ دفعه الاثنين ليس تشخيصاً وإن حصر الأمر فيهما؛ لأصالة بقاء الحقّ في الذّمة إلى أن يثبت المزيل شرعاً، كما لو حصره في عشرة وأكثر. هذا مع ضعف الرواية عن إثبات مثل هذه الأحكام المخالفة للاُصول.

(وفي انسحابه في الزيادة على اثنين إن قلنا به) في الاثنين وعملنا بالرواية (تردّد) من صدق العبدين في الجملة وعدم ظهور تأثير الزيادة مع كون محلّ التخيّر زائداً عن الحقّ، والخروج عن المنصوص المخالف للأصل. فإن سحبنا الحكم وكانوا ثلاثة فأبق واحد فات ثلث المبيع وارتجع ثلث الثمن إلى آخر ما ذكر. ويحتمل بقاء التخيّر وعدم فوات شيء، سواء حكمنا بضمان الآبق أم لا؛ لبقاء محلّ التخيّر الزائد عن الحقّ.

(وكذا لو كان المبيع غير عبد، كأمة) فدفع إليه أمتين أو إماء، وقطع في الدروس بثبوت الحكم هنا (٢) (بل) في انسحاب الحكم في (أيّة (٣) عين

__________________

(١) في سوى (ع) : تعيينه.

(٢) الدروس ٣:٢٣١.

(٣) في نسخ الشرح: (أيّ) والصواب ما أثبتناه من نسختي المتن.

٢٥١

كانت) ـ كثوب وكتاب إذا دفع إليه منه اثنين أو أكثر ـ التردّد: من المشاركة فيما ظنّ كونه علّة الحكم، وبطلان القياس. والذي ينبغي القطع هنا بعدم الانسحاب؛ لأنّه قياس محض لا نقول به.

ولو هلك أحد العبدين ففي انسحاب الحكم الوجهان: من أنّ تنزيل الإباق منزلة التلف يقتضي الحكم مع التلف بطريق أولى، ومن ضعفه بتنجيز التنصيف من غير رجاء لعود التخيّر، بخلاف الإباق. والأقوى عدم اللحاق.

هذا كلّه على تقدير العمل بالرواية نظراً إلى انجبار ضعفها بما زعموه من الشهرة. والذي أراه منع الشهرة في ذلك، وإنّما حكم الشيخ بهذه ونظائرها على قاعدته، والشهرةُ بين أتباعه خاصّة، كما أشرنا إليه في غيرها (١).

والذي يناسب الأصل أنّ العبدين إن كانا مطابقين للمبيع تخيّر بين اختيار الآبق والباقي، فإن اختار الآبق ردّ الموجود ولا شيء له، وإن اختار الباقي انحصر حقّه فيه وبني ضمان الآبق على ما سبق (٢) ولا فرق حينئذ بين العبدين وغيرهما من الزائد والمخالف وهذا هو الأقوى.

__________________

(١) أشار إليه في الصفحة ٢٤٨ في رواية مسكين السمّان.

(٢) سبق في الصفحة ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

٢٥٢

(الفصل الرابع)

(في) بيع (١) (الثمار)

(ولا يجوز بيع الثمرة قبل ظهورها) وهو بروزها إلى الوجود وإن كانت في طَلع (٢) أو كِمام (٣) (عاماً) واحداً، بمعنى ثمرة ذلك العام وإن وجدت في شهر أو أقلّ، سواء في ذلك ثمرة النخل وغيرها ـ وهو موضع وفاق ـ وسواء ضمّ إليها شيئاً أم لا (ولا) بيعها قبل ظهورها أيضاً (أزيد) من عام (على الأصحّ) للغرر، ولم يخالف فيه إلّاالصدوق (٤) لصحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام الدالّة على الجواز (٥) ولا يخلو من قوّة إن لم يثبت الإجماع على خلافه.

__________________

(١) لم يرد (بيع) في سوى (ع).

(٢) ما يطلع من النخلة ثم يصير ثمراً إن كانت اُنثى، وإن كانت النخلة ذكراً لم يصر ثمراً بل يؤكل طريّاً، ويترك على النخلة أيّاماً معلومة حتى يصير فيه شيء أبيض مثل الدقيق، وله رائحة ذكيّة، فيلقح به الاُنثى، المصباح المنير (طلع).

(٣) الكِمّ ـ بالكسر ـ وعاء الطلع وغطاء النور، والجمع: أكمام، والكِمام والكِمامة ـ بكسرهما ـ مثله، وجمع الكِمام: أكِمّة، مثل سلاح وأسلحة، المصباح المنير (كمم).

(٤) اُنظر المقنع:٣٦٦، والفقيه ٣:٢٤٩، الحديث ٣٩٠٣.

(٥) الوسائل ١٣:٤ ـ ٥، الباب الأوّل من أبواب بيع الثمار، الحديث ٨.

٢٥٣

(ويجوز) بيعها (بَعد بدوّ صلاحها) إجماعاً (وفي جوازه قبله بعد الظهور) من غير ضميمة ولا زيادة عن عام ولا مع الأصل ولا بشرط القطع (خلاف، أقربه الكراهة *) جمعاً بين الأخبار بحمل ما دلّ منها على النهي على الكراهة. والقول الآخر للأكثر: المنع.

(وتزول) الكراهة (بالضميمة) إلى ما يصحّ إفراده بالبيع (أو شرط القطع) وإن لم يقطع بعد ذلك مع تراضيهما عليه (أو بيعها مع الاُصول) وهو في معنى الضميمة.

(وبدوّ الصلاح) المسوّغ للبيع مطلقاً أو من غير كراهة هو (احمرار التمر) بالمثنّاة من فوق مجازاً في ثمرة النخل باعتبار ما يؤول إليه (١) (أو اصفراره) فيما يصفر (أو انعقاد ثمرة غيره) من شجر الفواكه (وإن كانت في كِمام) بكسر الكاف جمع أكِمَّة (٢) ـ بفتح الهمزة وكسر الكاف وفتح الميم مشدّدة ـ وهي غطاء الثمرة والنور كالرمّان، وكذا لو كانت في كمامين كالجوز واللوز، وهذا هو الظهور المجوّز للبيع أيضاً.

وإنّما يختلف بدوّ الصلاح والظهور في النخل. ويظهر في غيرها عند جعله تناثر الزهر بعد الانعقاد، أو تلوّن الثمرة، أو صفاء لونها، أو الحلاوة وطيب الأكل في مثل التفّاح، أو النُضج في مثل البطّيخ أو تناهي عِظَم بعضه في مثل القثّاء، كما زعمه الشيخ رحمه الله في المبسوط (٣).

__________________

(١) في (ق) و (س) : الكراهية.

(٢) يعني إطلاق التمر على ثمرة النخل في حالة احمراره مجاز باعتبار ما يؤول إليه، فإنّها في حالة الإحمرار يقال لها: بُسر.

(٣) تقدّم في الهامش رقم ٣ في الصفحة السابقة عن المصباح المنير عكس هذا.

(٤) المبسوط ٢:١١٤.

٢٥٤

(ويجوز بيع الخضر بعد انعقادها) وإن لم يتناه عظمها (لقطة ولقطات معيّنة) أي معلومة العدد (كما يجوز شراء الثمرة الظاهرة وما يتجدّد في تلك السنة و* في غيرها) مع ضبط السنين؛ لأنّ الظاهر (١) منها بمنزلة الضميمة إلى المعدوم، سواء كانت المتجدّدة من جنس الخارجة أم غيره.

(ويرجع في اللقطة إلى العرف) فما دلّ على صلاحيّته للقطع يقطع، وما دلّ على عدمه لصغره أو شكّ فيه لا يدخل. أمّا الأوّل فواضح. وأمّا المشكوك فيه فلأصالة بقائه على ملك مالكه وعدم دخوله فيما اُخرج باللقط (ولو امتزجت الثانية) بالاُولى لتأخير المشتري (٢) قطعها في أوانه (تخيّر المشتري بين الفسخ والشركة) للتعيّب بها، ولتعذّر تسليم المبيع منفرداً. فإن اختار الشركة فطريق التخلّص بالصلح (ولو اختار الإمضاء فهل للبائع الفسخ، لعيب الشركة؟ نظر، أقربه ذلك إذا لم يكن تأخّر القطع بسببه) بأن يكون قد منع المشتري منه.

(وحينئذ) أي حين إذ يكون الخيار للبائع (لو كان الاختلاط بتفريط المشتري مع تمكين البايع وقبض المشتري أمكن عدم الخيار) للمشتري؛ لأنّ التعيّب جاء من قبله فيكون دركه عليه، لا على البايع كما لو حصل مجموع التلف من قبله (ولو قيل: بأنّ الاختلاط إن كان قبل القبض تخيّر المشتري) مطلقاً، لحصول النقص مضموناً على البائع كما يضمن الجملة كذلك (وإن كان بعده فلا خيار لأحدهما) لاستقرار البيع بالقبض وبراءة البائع من دركه بعده (كان

__________________

(*) في نسختي المتن: أو.

(١) في (ر) : الظاهرة.

(٢) أورد المحشّون على هذا التقييد بأ نّه يوجب اختصاص مفروض المسألة فيما لو كان التأخير بسبب المشتري مع أنّه أعمّ، كما يظهر بالتأمّل في كلام المصنّف. راجع هامش (ر).

٢٥٥

قويّاً) وهذا القول لم يذكر في الدروس غيره جازماً به (١) وهو حسن إن لم يكن الاختلاط قبل القبض بتفريط المشتري، وإلّا فعدم الخيار له أحسن (٢) لأنّ العيب من جهته فلا يكون مضموناً على البائع.

وحيث يثبت الخيار للمشتري بوجه لا يسقط ببذل البائع له ما شاء ولا الجميع على الأقوى؛ لأصالة بقاء الخيار وإن انتفت العلّة الموجبة له، كما لو بذل للمغبون التفاوت، ولما في قبول المسموح به من المنّة.

(وكذا يجوز بيع ما يخرط) أصل الخرط: أن يقبض باليد على أعلى القضيب ثم يمرّها عليه إلى أسفله ليأخذ عنه الورق، ومنه المثل السائر (دونه خرط القتاد) والمراد هنا ما يقصد من ثمرته ورقه (كالحنّاء والتوت) بالتاءين المثنّاتين من فوق (خرطة وخرطات، وما يجزّ كالرطبة) ـ بفتح الراء وسكون الطاء ـ وهي الفصّة (٣) والقضب (٤) (والبقل) كالنعناع (جزّة وجزّات).

(ولا تدخل الثمرة) بعد ظهورها (في بيع الاُصول) مطلقاً ولا غيره من العقود، (إلّافي) ثمرة (النخل) فإنّها تدخل في بيعه خاصّة (بشرط عدم التأبير) ولو نقل أصل النخل بغير البيع فكغيره من الشجر.

(ويجوز استثناء ثمرة شجرة معيّنة أو شجرات) معيّنة (وجزء مشاع) كالنصف والثلث (وأرطال معلومة. وفي هذين) الفردين ـ وهما استثناء الجزء المشاع والأرطال المعلومة ـ (يسقط من الثُنيا) وهو المستثنى (بحسابه)

__________________

(١) الدروس ٣:٢٣٩.

(٢) في (ر) : حسن.

(٣) أصله: الفِصفِصة، والفِصّة لغة عاميّة، ويقال لها بالفارسيّة: يونجه.

(٤) ما يؤكل من النبات غضّاً طريّاً.

٢٥٦

أي بنسبته إلى الأصل (لو خاست الثمرة) بأمر من اللّٰه تعالى (بخلاف المعيّن) كالشجرة والشجرات، فإنّ استثناءها كبيع الباقي منفرداً، فلا يسقط منها بتلف شيء من المبيع شيء؛ لامتياز حقّ كلّ واحد منهما عن صاحبه. بخلاف الأوّل؛ لأنّه حقّ شائع في الجميع فيوزّع الناقص عليهما إذا كان التلف بغير تفريط.

قال المصنّف رحمه الله في الدروس: وقد يفهم من هذا التوزيع تنزيل شراء صاع من الصبرة على الإشاعة (١) وقد تقدّم ما يرجّح عدمه (٢) ففيه سؤال الفرق.

وطريق توزيع النقص على الحصّة المشاعة: جعل الذاهب عليهما والباقي لهما على نسبة الجزء.

وأمّا في الأرطال المعلومة: فيعتبر الجملة بالتخمين وينسب إليها المستثنى، ثم ينظر الذاهب فيسقط منه بتلك النسبة.

__________________

(١) الدروس ٣:٢٣٩.

(٢) الظاهر أنّ المراد: تقدّم من المصنّف في الدروس (٣:٢٠١) ما يرجّح عدمه.

٢٥٧

مسائل

[الاُولى] (١) :

(لا يجوز بيع الثمرة بجنسها) أي نوعها الخاصّ كالعنب بالعنب والزبيب، والرطب بالرطب والتمر (على اُصولها) أمّا بعد جمعها فيصحّ مع التساوي (نخلاً كان) المبيع ثمره (أو غيره) من الثمار، إجماعاً في الأوّل وعلى المشهور في الثاني، تعدية للعلّة المنصوصة في المنع من بيع الرطب بالتمر (٢) وهي نقصانه عند الجفاف إن بيعت بيابس، وتطرّق احتمال الزيادة في كلّ من العوضين الربويّين. ولا فرق في المنع بين كون الثمن منها ومن غيرها، وإن كان الأوّل أظهر منعاً.

(ويسمّى في النخل مزابنة) وهي مفاعلة من «الزَبن» وهو الدفع، ومنه «الزبانية» سمّيت بذلك لبنائها على التخمين المقتضي للغبن، فيريد المغبون دفعه والغابن خلافه، فيتدافعان.

وخصّ التعريف بالنخل، للنصّ عليه بخصوصه مفسّراً به «المزابنة» في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّٰه عن الصادق عليه السلام (٣) واُلحق به غيره، لما ذكرناه (٤) وفي إلحاق اليابس وجه، والرَطب نظر.

__________________

(١) لم يرد في المخطوطات.

(٢) الوسائل ١٢:٤٤٥ ـ ٤٤٦، الباب ١٤ من أبواب الربا، الأحاديث ١ و ٢ و ٦ و ٧.

(٣) الوسائل ١٣:٢٣، الباب ١٣ من أبواب بيع الثمار، الحديث الأوّل.

(٤) وهو قوله: تعدية للعلّة المنصوصة.

٢٥٨

(ولا) بيع (السنبل بحبّ منه أو من غيره من جنسه، ويسمّى محاقلة) مأخوذة من الحَقل جمع حَقلة (١) وهي الساحة التي تزرع، سمّيت بذلك لتعلّقها بزرع في حقلة، وخرج بالسنبل بيعه قبل ظهور الحبّ، فإنّه جائز؛ لأنّه حينئذ غير مطعوم.

(إلّاالعريّة) هذا استثناء من تحريم بيع المزابنة، والمراد بها النخلة تكون في دار الإنسان أو بستانه، فيشتري مالكهما أو مستأجرهما أو مستعيرهما رُطَبَها (بخرصها تمراً من غيرها) مقدّراً موصوفاً حالاًّ، وإن لم يقبض في المجلس، أو بلغت خمسة أوسق (٢) ولا يجوز بتمر منها؛ لئلّا يتّحد العوضان. ولا يعتبر مطابقة ثمرتها جافّة لثمنها في الواقع، بل تكفي المطابقة ظنّاً، فلو زادت عند الجفاف عنه أو نقصت لم يقدح في الصحّة.

ولا عريّة في غير النخل، فإن ألحقناه بالمزابنة وإلّا لم يتقيّد بقيودها.

(الثانية) :

(يجوز بيع الزرع قائماً) على اُصوله سواء أحصد (٣) أم لا، قُصد قصله أم لا؛ لأنّه قابل للعلم مملوك فتتناوله (٤) الأدلّة، خلافاً للصدوق حيث شرط كونه

__________________

(١) كذا، و (حقلة) واحدة من الجنس، والجمع: حقول. اُنظر أساس البلاغة:٩١، والمصباح المنير (حقل).

(٢) إشارة إلى خلاف بعض العامّة حيث خصّ الرخصة بما إذا كانت دون خمسة أوسق. اُنظر الاُمّ ٣:٥٦، والخلاف ٣:٩٥ ـ ٩٦، المسألة ١٥٤ و ١٥٦.

(٣) أحصد الزرع: حان حِصاده.

(٤) في (ف) و (ع) : فتناوله.

٢٥٩

سنبلاً أو القصل (١) (وحصيداً) أي محصوداً وإن لم يعلم مقدار ما فيه؛ لأنّه حينئذ غير مكيل ولا موزون، بل يكفي في معرفته المشاهدة (وقصيلاً) أي مقطوعاً بالقوّة، بأن شرط قطعه قبل أن يحصد لعلف الدوابّ، فإذا باعه كذلك وجب على المشتري قصله بحسب الشرط.

(فلو لم يقصله المشتري فللبائع قصله) وتفريغ أرضه منه؛ لأنّه حينئذ ظالم، ولا حقّ لعرق ظالم (٢) (وله المطالبة باُجرة أرضه) عن المدّة التي بقي فيها بعد إمكان قصله مع الإطلاق، وبعد المدة التي شرطا قصله فيها مع التعيين. ولو كان شراؤه قبل أوان قصله وجب على البائع الصبر إلى أوانه مع الإطلاق، كما لو باع الثمرة والزرع للحصاد.

ومقتضى الإطلاق جواز تولّي البائع قطعه مع امتناع المشتري منه وإن قدر على الحاكم، وكذا أطلق جماعة (٣).

والأقوى توقّفه على إذنه حيث يمتنع المشتري مع إمكانه، فإن تعذّر جاز له حينئذ مباشرة القطع، دفعاً للضرر المنفيّ (٤) وله إبقاؤه والمطالبة باُجرة الأرض عن زمن العدوان، وأرش الأرض إن نقصت بسببه إذا كان التأخير بغير رضاه.

__________________

(١) المقنع:٣٩٢.

(٢) كما ورد في الخبر، راجع الوسائل ١٧:٣١١، الباب ٣ من أبواب الغصب، الحديث الأوّل.

(٣) اُنظر النهاية:٤١٥، والشرائع ٢:٥٥، والقواعد ٢:٣٤.

(٤) بقوله صلى الله عليه وآله: (لا ضرر ....). راجع الوسائل ١٢:٣٦٤، الباب ١٧ من أبواب الخيار، الأحاديث ٣ و ٤ و ٥.

٢٦٠