الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ٢

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-46-X
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٢٢

١
٢

٣
٤

٥
٦

كتاب الجهاد

٧
٨

(كتاب الجهاد)

وهو أقسام: جهاد المشركين ابتداءً لدعائهم إلى الإسلام، وجهاد من يَدْهَم على المسلمين من الكفّار بحيث يخافون استيلاءهم على بلادهم أو أخذ مالهم وما أشبهه وإن قلّ، وجهاد من يريد قتل نفس محترمة أو أخذ مال أو سبي حريم مطلقاً ، ومنه جهاد الأسير بين المشركين للمسلمين دافعاً عن نفسه. وربّما اُطلق على هذا القسم (الدفاع) لا الجهاد، وهو أولى، وجهاد البُغاة على الإمام.

والبحث هنا عن الأوّل، واستطرد ذكر الثاني من غير استيفاء، وذكر الرابع في آخر الكتاب، والثالث في كتاب الحدود.

و (يجب على الكفاية) بمعنى وجوبه على الجميع إلى أن يقوم به منهم من فيه الكفاية، فيسقط عن الباقين سقوطاً مراعى باستمرار القائم به إلى أن يحصل الغرض المطلوب به شرعاً. وقد يتعيّن بأمر الإمام عليه السلام لأحد على الخصوص وإن قام به من فيه كفاية.

وتختلف الكفاية (بحسب الحاجة) بسبب كثرة المشركين وقلّتهم وقوّتهم وضعفهم.

(وأقلّه مرّة في كلّ عام) لقوله تعالى: (فَإِذَا اِنْسَلَخَ اَلْأَشْهُرُ اَلْحُرُمُ فَاقْتُلُوا

٩

اَلْمُشْرِكِينَ) (١) أوجب بعد انسلاخها الجهاد، وجعله شرطاً فيجب كلّما وجد الشرط، ولا يتكرّر بعد ذلك بقيّة العام؛ لعدم إفادة مطلق الأمر التكرار. وفيه نظرٌ يظهر من التعليل (٢).

هذا مع عدم الحاجة إلى الزيادة عليها في السنة ـ وإلّا وجب بحسبها ـ وعدم العجز عنها فيها أو رؤية الإمام عدمه صلاحاً ، وإلّا جاز التأخير بحسبه.

وإنّما يجب الجهاد (بشرط الإمام) العادل (أو نائبه) الخاصّ، وهو المنصوب للجهاد أو لما هو أعمّ. أمّا العامّ كالفقيه فلا يجوز له تولّيه حالَ الغيبة بالمعنى الأوّل ولا يشترط في جوازه بغيره من المعاني (أو هجوم عدوٍّ) على المسلمين (يُخشى منه على بيضة الإسلام) وهي: أصله ومجتمعه، فيجب حينئذٍ بغير إذن الإمام أو نائبه.

ويفهم من القيد كونه كافراً؛ إذ لا يخشى من المسلم على الإسلام نفسه وإن كان مبدعاً. نعم، لو خافوا على أنفسهم وجب عليهم الدفاع.

ولو خيف على بعض المسلمين وجب عليه، فإن عجز وجب على من يليه مساعدته، فإن عجز الجميع وجب على من بَعُد، ويتأكّد على الأقرب فالأقرب كفايةً.

(ويشترط) في من يجب عليه الجهاد بالمعنى الأوّل (البلوغ والعقل والحرّية والبصر والسلامة من المرض) المانع من الركوب والعَدْو (والعرج)

__________________

(١) التوبة:٥.

(٢) جاء في هامش بعض نسخ المسالك ـ في توضيح النظر ـ ما يلي: (فإنّ ذلك يقتضي عدم وجوب تكراره مطلقاً ، كما في قول السيّد لعبده: إذا دخلت السوق فاشترِ اللحم. منه) المسالك ٣:٢١.

١٠

البالغ حدّ الإقعاد، أو الموجب لمشقّة في السعي لا تتحمّل عادة، وفي حكمه الشيخوخة المانعة من القيام به (والفقر) الموجب للعجز عن نفقته ونفقة عياله وطريقه وثمن سلاحه.

فلا يجب على الصبيّ والمجنون مطلقاً، ولا على العبد وإن كان مبعَّضاً، ولا الأعمى وإن وجد قائداً ومطيّة، وكذا الأعرج. وكان عليه أن يذكر الذكوريّة، فإنّها شرط فلا يجب على المرأة.

هذا في الجهاد بالمعنى الأوّل. أمّا الثاني فيجب الدفع على القادر، سواءً الذكر والاُنثى، والسليم والأعمى، والمريض والعبد، وغيرهم.

(ويحرم المقام في بلد الشرك لمن لا يتمكّن من إظهار شعار * الإسلام) من الأذان والصلاة والصوم، وغيرها. سُمّي ذلك شعاراً؛ لأنّه علامة عليه، أو من الشعار الذي هو الثوب الملاصق للبدن، فاستعير للأحكام اللاصقة اللازمة للدين.

واحترز بغير المتمكّن ممّن يمكنه إقامتها لقوّة أو عشيرة تمنعه، فلا تجب عليه الهجرة. نعم، تستحبّ لئلّا يكثر سوادهم. وإنّما يحرم المقام مع القدرة عليها، فلو تعذّرت لمرض أو فقر ونحوه فلا حرج.

وألحق المصنّف ـ فيما نقل عنه (١) ـ ببلاد الشرك بلاد الخلاف التي لا يتمكّن فيها المؤمن من إقامة شعار (٢) الإيمان مع إمكان انتقاله إلى بلد يتمكّن فيه منها.

__________________

(*) في (ق) : شعائر. وهكذا في (ر) من نسخ الروضة.

(١) لم نظفر بالناقل بلا واسطة. نعم، قال المحقّق الكركي: يُنقل عن شيخنا الشهيد ذلك وهو حسن. جامع المقاصد ٣:٣٧٤.

(٢) في (ر) : شعائر.

١١

(وللأبوين منع الولد) من الجهاد بالمعنى الأوّل (مع عدم التعيين *) عليه بأمر الإمام له، أو بضعف المسلمين عن المقاومة بدونه، إذاً يجب عليه حينئذٍ عيناً، فلا يتوقّف على إذنهما كغيره من الواجبات العينيّة. وفي إلحاق الأجداد بهما قول قويّ (١) فلو اجتمعوا توقّف على إذن الجميع.

ولا يُشترط حرّيتهما على الأقوى. وفي اشتراط إسلامهما قولان (٢) وظاهر المصنّف عدمه.

وكما يعتبر إذنهما فيه يعتبر في سائر الأسفار المباحة والمندوبة والواجبة كفاية مع عدم تعيّنه (٣) عليه؛ لعدم من فيه الكفاية، ومنه السفر لطلب العلم، فإن كان واجباً عيناً أو كفاية ـ كتحصيل الفقه ومقدّماته مع عدم قيام من فيه الكفاية وعدم إمكان تحصيله في بلدهما وما قاربه ممّا لا يعدّ سفراً على الوجه الذي يحصل مسافراً ـ لم يتوقّف على إذنهما، وإلّا توقّف.

(والمُدين) بضمّ أوّله، وهو مستحقّ الدين (يمنع) المديون (الموسر) القادر على الوفاء (مع الحلول) حالَ الخروج إلى الجهاد، فلو كان معسراً أو كان الدين مؤجَّلاً وإن حلّ قبل رجوعه عادة لم يكن له المنع، مع احتماله في الأخير.

__________________

(*) في (ق) : التعيّن.

(١) قرّبه العلّامة في التذكرة ٩:٣١.

(٢) صرّح بالاشتراط الشيخ في المبسوط ٢:٦، والعلّامة في التذكرة ٩:٣٠. وأمّا القول بعدم الاشتراط فلم يصرّح به أحد من فقهائنا. نعم، هو مقتضى إطلاق من أطلق، مثل الماتن هنا، وفي الدروس ٢:٢٩، والمحقّق في الشرائع ١:٣٠٨، والعلّامة في القواعد ١:٤٧٨، وابن سعيد في الجامع للشرائع:٢٣٤.

(٣) في (ع) و (ف) : تعيينه.

١٢

(والرباط) وهو الإرصاد في أطراف بلاد الإسلام للإعلام بأحوال المشركين على تقدير هجومهم (مستحبّ) استحباباً مؤكّداً (دائماً) مع حضور الإمام وغيبته. ولو وطّن ساكن الثغر نفسَه على الإعلام والمحافظة فهو مرابط.

(وأقلّه ثلاثة أيّام) فلا يستحقّ ثوابه ولا يدخل في النذر والوقف والوصيّة للمرابطين بإقامة دون ثلاثة. ولو نذره وأطلق وجب ثلاثة بليلتين بينها، كالاعتكاف (وأكثره أربعون يوماً) فإن زاد اُلحق بالجهاد في الثواب، لا أنّه يخرج عن وصف الرباط.

(ولو أعان بفرسه أو غلامه) لينتفع بهما من يرابط (اُثيب) لإعانته على البرّ، وهو في معنى الإباحة لهما على هذا الوجه.

(ولو نذرها) أي نذر المرابطة التي هي الرباط المذكور في العبارة (أو نذر صرف مال إلى أهلها وجب) الوفاء بالنذر (وإن كان الإمام غائباً) لأنّها لا تتضمّن جهاداً، فلا يشترط فيها حضوره. وقيل: يجوز صرف المنذور للمرابطين في البرّ حالَ الغيبة إن لم يخف الشنعة بتركه (١) لعلم المخالف بالنذر ونحوه. وهو ضعيف.

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ٢:٨ ـ ٩.

١٣
١٤

(وهنا فصول)

الفصل (الأوّل)

فيمن يجب قتاله

وكيفيّة القتال، وأحكام الذمّة

(يجب قتال الحربي) وهو غير الكتابي من أصناف الكفّار الذين لا ينتسبون إلى الإسلام، فالكتابي لا يطلق عليه اسم الحربي وإن كان بحكمه على بعض الوجوه، وكذا فِرق المسلمين وإن حُكم بكفرهم كالخوارج، إلّاأن يبغوا على الإمام فيقاتلون من حيث البغي ـ وسيأتي حكمه ـ أو على غيره فيدافعون كغيرهم.

وإنّما يجب قتال الحربي (بعد الدعاء إلى الإسلام) بإظهار الشهادتين والتزام جميع أحكام الإسلام. والداعي هو الإمام أو نائبه. ويسقط اعتباره في حقّ من عرفه بسبق دعائه في قتال آخر أو بغيره، ومن ثَمّ غزا النبيّ صلى الله عليه وآله بني المصطلق من غير إعلام واستأصلهم (١) نعم، يستحبّ الدعاء حينئذٍ كما فعل عليّ عليه السلام بعمروٍ (٢) وغيره مع علمهم بالحال.

(وامتناعه) من قبوله، فلو أظهر قبوله ولو باللسان كُفَّ عنه.

ويجب قتال هذا القسم (حتى يُسلم أو يُقتَل) ولا يُقبل منه غيره.

__________________

(١) راجع السيرة النبويّة لابن كثير ٣:٢٩٨.

(٢) راجع بحار الأنوار ٢٠:٢٢٧.

١٥

(والكتابي) وهو اليهودي والنصراني والمجوسي (كذلك) يُقاتل حتى يُسلم أو يُقتَل (إلّاأن يلتزم بشرائط الذمّة) فيُقبل منه.

(وهي: بذل الجزية، والتزام أحكامنا * وترك التعرّض للمسلمات بالنكاح) وفي حكمهنّ الصبيان (وللمسلمين) مطلقاً ذكوراً وإناثاً (بالفتنة) عن دينهم (وقطع الطريق) عليهم وسرقة أموالهم (وإيواء عين المشركين) وجاسوسهم (والدلالة على عورة المسلمين) وهو ما فيه ضرر عليهم كطريق أخذهم وغيلتهم ولو بالمكاتبة (وإظهار المنكرات) في شريعة الإسلام كأكل لحم الخنزير وشرب الخمر وأكل الربا ونكاح المحارم (في دار الإسلام).

والأوّلان لا بدّ منهما في عقد الذمّة، ويخرجون بمخالفتهما عنها مطلقاً. وأمّا باقي الشروط فظاهر العبارة أنّها كذلك، وبه صرّح في الدروس (١) وقيل: لا يخرجون بمخالفتها إلّامع اشتراطها عليهم (٢) وهو أظهر (٣).

(وتقدير الجزية إلى الإمام) ويتخيّر بين وضعها على رؤوسهم وأراضيهم وعليهما على الأقوى. ولا تتقدّر بما قدّره عليّ عليه الصلاة والسلام (٥) فإنّه مُنزَّل على اقتضاء المصلحة في ذلك الوقت.

(وليكن) التقدير (يومَ الجباية) لا قبله؛ لأنّه أنسب بالصغار

__________________

(*) في نسخة بدل (ق) : أحكامها.

(١) الدروس ٢:٣٤.

(٢) قاله العلّامة في المختلف ٤:٤٤٣.

(٣) في (ر) : الأظهر.

(٤) الوسائل ١١:١١٥، الباب ٦٨ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ٥.

١٦

(ويؤخذ منه صاغراً) فيه إشارة إلى أنّ الصغار أمر آخر غير إبهام قدرها عليه، فقيل: هو عدم تقديرها حال القبض أيضاً، بل يؤخذ منه إلى أن ينتهي إلى ما يراه صلاحاً (١) وقيل: التزام أحكامنا عليهم مع ذلك (٢) أو بدونه (٣) وقيل: أخذها منه قائماً والمسلم جالس (٤) وزاد في التذكرة: أن يخرج الذميّ يده من جيبه ويحني ظهره ويطأطئ رأسه ويصبّ ما معه في كفّة الميزان، ويأخذ المستوفي بلحيته ويضربه في لَهْزَمتيه، وهما مجتمع اللحم بين الماضغ والاُذن (٥).

(ويبدأ بقتال الأقرب) إلى الإمام أو من نصبه (إلّامع الخطر) في البعيد فيُبدأ به، كما فعل النبيّ صلى الله عليه وآله بالحارث بن أبي ضرار لمّا بلغه أنّه يجمع له، وكان بينه وبينه عدوّ أقرب (٦) وكذا فعل بخالد بن سفيان الهذلي (٧) ومثله ما لو كان القريب مهادناً.

(ولا يجوز الفرار) من الحرب (إذا كان العدوّ ضِعفاً) للمسلم المأمور بالثبات، أي قدره مرّتين (أو أقلّ، إلّالمتحرّفٍ لقتال) أي منتقلٍ إلى حالةٍ

__________________

(١) ستفاد هذا القول من كلّ من قال بعدم التقدير كالمفيد والشيخ والقاضي وابن حمزة وسلّار والمحقّق والعلّامة، اُنظر المقنعة:٢٧٢، والنهاية:١٩٣، والمهذّب ١:١٨٤ ـ ١٨٥، والوسيلة:٢٠٥، والمراسم:١٤١، والشرائع ١:٣٢٨، والمختلف ٤:٤٣٦. وراجع المهذّب البارع ٢:٣٠٣ ـ ٣٠٦.

(٢) قاله ابن إدريس في السرائر ١:٤٧٣ ـ ٤٧٤ ونسبه في المسالك (٣:٧١) إلى المشهور.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٢:٣٨.

(٤) نسبه الشيخ إلى بعض الناس، راجع المصدر السابق.

(٥) التذكرة ٩:٣٢٧.

(٦) و (٧) السنن الكبرى للبيهقي ٩:٣٧ و ٣٨، باب من يُبدأ بجهاده من المشركين.

١٧

أمكن من حالته التي هو عليها، كاستدبار الشمس وتسوية اللامة (١) وطلب السعة ومورد الماء (أو متحيّزٍ) أي منضمّ (إلى فئة) يستنجد بها في المعونة على القتال، قليلة كانت أم كثيرة مع صلاحيّتها له وكونها غير بعيدة على وجهٍ يخرج عن كونه مقاتلاً عادةً.

هذا كلّه للمختار. أمّا المضطرّ ـ كمن عرض له مرض أو نفد (٢) سلاحه ـ فإنّه يجوز له الانصراف.

(ويجوز المحاربة بطرق الفتح، كهدم الحصون والمنجنيق وقطع الشجر) حيث يتوقّف عليه (وإن كره) قطع الشجر، وقد قطع النبيّ صلى الله عليه وآله أشجار الطائف (٣) وحرّق على بني النضير وخرّب ديارهم (٤).

(وكذا يكره بإرسال (٥) الماء) عليهم ومنعه عنهم (و) إرسال (النار، وإلقاء السمّ) على الأقوى، إلّاأن يؤدّي إلى قتل نفس محترمة فيحرم إن أمكن بدونه، أو يتوقّف عليه الفتح فيجب. ورجّح المصنّف في الدروس تحريم إلقائه مطلقاً (٦) لنهي النبي صلى الله عليه وآله عنه (٧) والرواية ضعيفة السند بالسكوني.

(ولا يجوز قتل الصبيان والمجانين والنساء وإن عاونوا، إلّامع الضرورة) بأن تترّسوا بهم وتوقّف الفتح على قتلهم.

__________________

(١) أي الدِرْع.

(٢) في (ر) : فقد.

(٣) و (٤) راجع السنن الكبرى للبيهقي ٩:٨٣ ـ ٨٤، باب قطع الشجر وحرق المنازل. ولم نجد في الباب تصريحاً بتخريب ديارهم.

(٥) في (ر) : إرسال.

(٦) الدروس ٢:٣٢.

(٧) الوسائل ١١:٤٦، الباب ١٦ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث الأوّل.

١٨

(و) كذا (لا) يجوز قتل (الشيخ الفاني) إلّاأن يعاون برأي أو قتال (و) لا (الخنثى المشكل) ؛ لأنّه بحكم المرأة في ذلك.

(ويُقتل الراهب والكبير) وهو دون الشيخ الفاني، أو هو ، واستدرك الجواز بالقيد وهو قوله: (إن كان ذا رأي أو قتال) وكان يغني أحدهما عن الآخر.

(و) كذا يجوز قتل (التُرس ممّن لا يقتل) كالنساء والصبيان (ولو تترّسوا بالمسلمين كُفَّ *) عنهم (ما أمكن، ومع التعذّر) بأن لا يمكن التوصّل إلى المشركين إلّابقتل المسلمين (فلا قَوَد ولا دية) للإذن في قتلهم حينئذٍ شرعاً (١) (نعم، تجب الكفّارة) وهل هي كفّارة الخطأ أو العمد؟ وجهان: مأخذهما كونه في الأصل غير قاصد للمسلم وإنّما مطلوبه قتل الكافر، والنظر إلى صورة الواقع فإنّه متعمّد لقتله، وهو أوجه. وينبغي أن تكون من بيت المال؛ لأنّه للمصالح، وهذه من أهمّها؛ ولأنّ في إيجابها على المسلم إضراراً يوجب التخاذل عن الحرب لكثير.

(ويكره التبييت) وهو النزول عليهم ليلاً (والقتال قبل الزوال) بل بعده؛ لأنّ أبواب السماء تفتح عنده وينزل النصر وتقبل الرحمة (٢) وينبغي أن يكون بعد صلاة الظهرين. ولو اضطرّ إلى الأمرين زالت.

(وأن يُعرقب) المسلم (الدابّة) ولو وقفت به أو أشرف على القتل. ولو رأى ذلك صلاحاً زالت، كما فعل جعفر بمؤتة (٣) وذبحها أجود. وأمّا دابّة

__________________

(*) في (ق) و (س) : اجتنب.

(١) الوسائل ١١:٤٦، الباب ١٦ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ٢.

(٢) نفس المصدر: الباب ١٧ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ١ و ٢.

(٣) راجع بحار الأنوار ٢١:٥٠.

١٩

الكافر فلا كراهة في قتلها، كما في كلّ فعل يؤدّي إلى ضعفه والظفر به.

(والمبارزة) بين الصفّين (من دون إذن الإمام) على أصحّ القولين، وقيل: تحرم (١) (وتحرم إن منع) الإمام منها (وتجب) عيناً (إن ألزم *) بها شخصاً معيّناً، وكفاية إن أمر بها جماعة ليقوم بها واحد منهم. وتستحبّ إذا ندب إليها من غير أمر جازم.

(وتجب مواراة المسلم) المقتول في المعركة، دون الكافر (فإن ** اشتبه) بالكافر (فليوار كميش الذكر) أي صغيره؛ لما رُوي من فعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك في قتلى بدر، وقال: (لا يكون ذلك إلّافي كرام الناس) (٢) وقيل: يجب دفن الجميع احتياطاً (٣) وهو حسن، وللقرعة وجه (٤) وأمّا الصلاة عليه فقيل: تابعة للدفن (٥) وقيل: يُصلّى على الجميع ويُفردُ المسلم بالنيّة (٦) وهو حسن.

__________________

(١) قاله الشيخ في النهاية:٢٩٣، وابن إدريس في السرائر ٢:٨.

(*) في (ق) : لو ألزم.

(**) في (ق) : فلو ، وفي (س) : ولو.

(٢) الوسائل ١١:١١٢، الباب ٦٥ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث الأوّل.

(٣) حسّنه السيوري في التنقيح الرائع ١:٥٨٩.

(٤) كما قوّاه ابن إدريس في السرائر ٢:٢٠.

(٥) قاله الشيخ في المبسوط ١:١٨٢.

(٦) اختاره ابن إدريس في السرائر ٢:٢٠ وقوّاه الشيخ، راجع المصدر السابق.

٢٠