الشيخ عزيز الله العطاردي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: انتشارات عطارد
المطبعة: افست
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦
استكمل الله بقاءه ، نظرا فى خيار الأمور لي ، وحرصا على سياقها إلىّ ، وأفضل ما عسيت أستعد له بعد إسلامى المرأة الصالحة ، وقد كان ما تحدث به من فضل جمال أرينب بنت اسحاق وكمال أدبها ما قد سطع وشاع فى الناس ، فوقع منّى بموقع الهوى فيها ، والرغبة فى نكاحها.
فرجوت أن لا تدع حسن النظر لى فى أمرها ، فتركت ذلك حتّى استنكحها بعلها ، فلم يزل ما وقع فى خلدى ينمو ويعظم فى صدرى ، حتّى عيل صبرى ، فبحت بسرى ، فكان مما ذكرت تقصيرك فى أمرى ، فالله يجزيك أفضل من سؤالى وذكرى ، فقال له معاوية : مهلا يا يزيد ، فقال : علام تأمرنى بالمهل وقد انقطع منها الأمل؟ فقال له معاوية فأين حجاك ومروءتك وتقاك؟ فقال يزيد : قد يغلب الهوى على الصبر والحجا ولو كان أحد ينتفع فيما يبتلى به من الهوى يتّقاه ، أو يدفع ما أقصده بحجاه ، لكان أولى الناس بالصبر داود عليهالسلام ، وقد أخبرك القرآن بأمره.
فقال معاوية : فما منعك قبل الفوت من ذكره؟ قال ما كنت أعرفه ، وأثق به من جميل نظرك ، قال : صدقت ، ولكن اكتم يا بنىّ أمرك بحلمك ، واستعن بالله على غلبة هواك بصبرك ، فإن البوح به غير نافعك ، والله بالغ أمره ، ولا بدّ ممّا هو كائن.
كانت أرينب بنت إسحاق مثلا فى أهل زمانها فى جمالها ، وتمام كمالها وشرفها ، وكثرة مالها ، فتزوجها رجل من بنى عمها يقال له عبد الله بن سلام من قريش ، وكان من معاوية بالمنزلة الرفيعة فى الفضل. ووقع أمر يزيد من معاوية موقعا ملأه همّا ، وأوسعه غما ، فأخذ فى الحيلة والنظر أن يصل إليها ، وكيف يجمع بينه وبينها حتى يبلغ رضا يزيد فيها. فكتب معاوية إلى عبد الله بن سلام ، وكان قد استعمله على العراق ، أن أقبل حين تنظر فى كتابى هذا ، لأمر حظك فيه كامل ، ولا تتأخر عنه ، فأعد المصير والإقبال. وكان عند معاوية بالشام أبو هريرة و
أبو الدّرداء ، صاحبا رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
فلمّا قدم عبد الله بن سلام الشام ، أمر معاوية أن ينزل منزلا قد هيئ له ، وأعدّ له فيه نزله ، ثم قال لأبى هريرة وصاحبه : إن الله قسم بين عباده قسما ، ووهبهم نعما أوجب عليهم شكرها ، وحتم عليهم حفظها ، وأمرهم برعاية حقّها ، وسلطان طريقها ، بجميل النظر ، وحسن التفقد لمن طوقهم الله أمره ، كما فوّضه إليهم ، حتّى يؤدّوا إلى الله الحقّ فيهم كما أوجبه عليهم ، فحيانى منها عزوجل بأعزّ الشرف ، وسمو السلف ، وأفضل الذكر ، وأغدق اليسير ، وأوسع علىّ فى رزقه ، وجعلنى راعى خلقه ، وأمينه فى بلاده ، والحاكم فى أمر عباده ، ليبلونى أأشكر آلاءه أم أكفرها.
فإياه أسأله أداء شكره ، وبلوغ ما أرجو بلوغه ، من عظيم أجره ، وأوّل ما ينبغى للمرء أن يتفقده وينظر فيه ، فيمن استرعاه الله أمره من أهله ومن لا غنى به عنه ، وقد بلغت لى ابنة أردت إنكاحها ، والنظر فيمن يريد أن يباعلها ، لعلّ من يكون بعدى يهتدى منه بهديي ، ويتبع فيه أثرى ، فإنى قد تخوفت أن يدعو من يلى هذا الأمر من بعدى زهوة السلطان وسرفه إلى عضل نسائهم ، ولا يرون لهنّ فيمن ملكوا أمره كفوا ولا نظيرا ، وقد رضيت لها عبد الله بن سلام لدينه وفضله ومروءته وأدبه.
فقال أبو هريرة وأبو الدرداء إن أولى الناس برعاية أنعم الله وشكرها ، وطلب مرضاته فيها فيما خصّه به منها ، أنت صاحب رسول الله وكاتبه فقال معاوية : اذكروا له ذلك عنّى ، وقد كنت جعلت لها فى نفسها شورى ، غير أنى أرجو أنّها لا تخرج من رايى إن شاء الله ، فلما خرجا من عنده متوجّهين إلى منزل عبد الله بن سلام بالذى قال لهما ، قال : ودخل معاوية إلى ابنته ، فقال لها : إذا دخل عليك أبو هريرة وأبو الدرداء فعرضا عليك أمر عبد الله بن سلام ، وإنكاحى إياك منه ، ودعواك إلى مباعلته ، وحضاك على ملاءمة رأيى ، والمسارعة إلى هواى.
فقولى لهما : عبد الله بن سلام كفؤ كريم ، وقريب حميم ، غير أنه تحته أرينب بنت إسحاق ، وأنا خائفة أن يعرض لى من الغيرة ما يعرض للنساء ، فأتولّى منه ما أسخط الله فيه ، فيعذّبنى عليه ، فأفارق الرجاء وأستشعر الأذى ، ولست بفاعلة حتى يفارقها ، فذكر ذلك أبو هريرة وأبو الدرداء لعبد الله بن سلام ، وأعلماه بالذى أمرهما معاوية ، فلما أخبراه سرّ به وفرح ، وحمد الله عليه ، ثم قال : تستمنع الله بأمير المؤمنين ، لقد والى علىّ من نعمة ، وأسدى إلىّ من مننه ، فاطول ما أقوله فيه قصير ، وأعظم الوصف لها يسير. ثم أراد إخلاطى بنفسه ، وإلحاقى بأهله ، إتماما لنعمته وإكمالا لإحسانه ، فالله أستعين على شكره ، وبه أعوذ من كيده ومكره.
ثم بعثهما إليه خاطبين عليه ، فلما قدما ، قال لهما معاوية : قد تعلمان رضائى به وتنخّلى إياه ، وحرصى عليه ، وقد كنت أعلنتكما بالذى جعلت لها فى نفسها من الشورى ، فاد خلا إليها ، واعرضا عليها الذي رأيت لها ، فدخلا عليها وأعلماها بالذى ارتضاه لها أبوها ، لما رجا من ثواب الله عليه ، فقالت لهما كالذى قال لها أبوها ، فأعلماه بذلك ، فلمّا ظن أنه لا يمنعها منه إلا أمرها ، فارق زوجته ، وأشهدهما على طلاقها ، وبعثهما خاطبين إليه أيضا ، فخطبا ، وأعلما معاوية بالذى كان من فراق عبد الله بن سلام امرأته ، طلابا لما يرضيها ، وخروجا عما يشجيها ، فأظهر معاوية كراهية لفعله ، وقال :
ما أستحسن له طلاق امرأته ، ولا أحببته ، ولو صبر ولم يعجل لكان أمره إلى مصير ، فإن كون ما هو كائن لا بدّ منه ، ولا محيص عنه ، ولا خيرة فيه للعباد ، والأقدار غالبة ، وما سبق فى علم الله لا بدّ جار فيه ، فانصرفا في عافية ، ثم تعودان إلينا فيه ، وتأخذان إن شاء الله رضانا ، ثم كتب إلى يزيد ابنه يعلمه بما كان من طلاق أرينب بنت إسحاق عبد الله بن سلام ، فلما عاد أبو هريرة وأبو الدرداء إلى معاوية أمر هما بالدخول عليها ، وسؤالها عن رضاها تبريا من الأمر ، ونظرا فى القول و
الغدر ، فيقول : لم يكن لى أن أكرهها ، وقد جعلت لها الشورى فى نفسها ، فد خلا عليها ، وأعلماها بالذى رضيه إن رضيت هى ، وبطلاق عبد الله بن سلام امرأته أرينب ، طلابا لمسرتها ، وذكرا من فضله ، وكمال مروءته ، وكريم محتده ، ما القول يقصّر عن ذكره.
فقالت لهما : جفّ القلم بما هو كائن ، وإنه فى قريش لرفيع ، غير أن الله عزوجل يتولى تدبير الأمور فى خلقه ، وتقسيمها بين عباده ، حتى ينزلها منازلها فيهم ، ويضعها على ما سبق فى أقدارها. وليست تجرى لأحد على ما يهوى ، ولو كان لبلغ منها غاية ما شاء. وقد تعرفان أن التّزويج هزله جدّ ، وجدّه ندم ، الندم عليه يدوم ، والمعثور فيه لا يكاد يقوم ، والأناة فى الأمور أوفق لما يخاف فيها من المحذور ، فإن الأمور إذا جاءت خلاف الهوى بعد التأنّى فيها ، كان المرء بحسن العزاء خليفا ، وبالصبر عليها حقيقا.
علمت أنّ الله ولىّ التدابير. فلم تلم النفس على التقصير ، وإنى بالله أستعين ، سائلة عنه ، حتى أعرف دخيلة خبره ، ويصحّ لى الذي أريد علمه من أمره ومستخيرة ، وإن كنت أعلم أنه لا خيرة لأحد فيها هو كائن ، ومعلمتكما بالذى يرينيه الله فى أمره ، ولا قوّة إلا بالله. فقالا وفقك الله وخار لك. ثم انصرفا عنها ، فلمّا أعلماه بقولها تمثّل وقال :
فإن يك صدر هذا اليوم ولى |
|
فإن غدا لناظرة قريب |
تحدث الناس بالذى كان من طلاق عبد الله امرأته قبل أن يفرغ من طلبته ، وقبل أن يوجب له الذي كان بغيته ، ولم يشكّوا فى غدر معاوية إياه. فاستحث عبد الله بن سلام أبا هريرة وأبا الدرداء ، وسألهما الفراغ من أمره ، فأتياها ، فقالا لها : قد أتيناك لما أنت صانعه فى أمرك ، وإن تستخيرى الله يخر لك فيما تختارين ، فإنه يهدى من استهداه ، ويعطى من اجتداه ، وهو أقدر القادرين. قالت : الحمد لله أرجو
أن يكون الله قد خار لي ، فإنه لا يكل إلى غيره من توكّل عليه ، وقد استبرأت أمره ، وسألت عنه فوجدته غير ملائم ولا موافق لما أريد لنفسى ، مع اختلاف من استشرته فيه ، فمنهم الناهى عنه ، ومنهم الآمر به ، واختلافهم أوّل ما كرهت من الله.
فعلم عبد الله أنه خدع ، فهلع ساعة واشتدّ عليه الهمّ. ثم انتبه فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، وقال متعزيا : ليس لأمر الله رادّ ، ولا لما لا بدّ أن يكون منه صادّ ، أمور فى علم الله سبقت ، فجرت بها أسبابها ، حتّى امتلأت منها أقرابها ، وإن امرؤ انثال له حلمه واجتمع له عقله ، واستدلّه رأيه ، ليس بدافع عن نفسه قدرا ولا كيدا ، ولا انحرافا عنه ولا حيدا ، ولآل ما سرّوا به واستجذلوا له لا يدوم لهم سروره ، ولا يصرف عنهم محذوره قال : وذاع أمره فى الناس وشاع. ونقلوه إلى الأمصار ، وتحدّثوا به فى الأسمار ، وفى الليل والنهار ، وشاع فى ذلك قولهم ، وعظم لمعاوية عليه لومهم.
قالوا : خدعة معاوية حتّى طلّق امرأته ، وإنما أرادها لابنه فبئس من استرعاه الله أمر عباده ، ومكنه فى بلاده ، وأشركه فى سلطانه ، يطلب أمرا بخدعة من جعل الله إليه أمره ، ويحيره ويصرعه جرأة على الله. فلمّا بلغ معاوية ذلك من قول الناس. قال : لعمرى ما خدعته. قال : فلما انتضت أقراؤها ، وجه معاوية أبا الدرداء إلى العراق خاطبا لها على ابنه يزيد ، فخرج حتّى قدمها ، وبها يومئذ الحسين بن على عليهماالسلام وهو سيد أهل العراق فقها وما لا وجودا وبذلا ، فقال أبو الدرداء إذ قدم العراق. مما ينبغى لذى الحجا والمعرفة والتقى أن يبدأ به ويؤثره على مهمّ أمره ، لما يلزمه ، حقه ، ويجب عليه حفظه.
هذا ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله وسيّد شباب أهل الجنة يوم القيامة ، فلست بناظر فى شيء قبل المام به والدخول عليه ، والنظر إلى وجهه الكريم ، وأداء حقه ، والتسليم عليه ، ثم أستقبل بعد ان شاء الله ما جئت له ، وبعثت إليه ، فقصد حتّى أتى
الحسين ، فلما رآه الحسين قام إليه فصافحه إجلالا له ، ومعرفته لمكانه من رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، وموضعه من الإسلام.
ثم قال الحسين : مرحبا بصاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله وجليسه ، يا أبا الدرداء ، أحدثت لى رؤيتك شوقا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأوقدت مطلقات أحزانى عليه ، فإنى لم أر منذ فارقته أحدا كان له جليسا ، وإليه حبيبا ، إلّا هملت عيناى ، وأحرقت كبدى أسى عليه ، وصبابة إليه : ففاضت عينا أبى الدرداء لذكر رسول الله ، وقال : جزى الله لبانة أقدمتنا عليك ، وجمعتنا بك خيرا.
فقال الحسين : والله إنى لذو حرص عليك ، ولقد كنت بالاشتياق إليك : فقال أبو الدرداء : وجّهنى معاوية خاطبا على ابنه يزيد أرينب بنت إسحاق ، فرأيت أن لا أبدا بشيء قبل إحداث العهد بك ، والتسليم عليك ، فشكر له الحسين ذلك ، وأثنى عليه وقال : لقد كنت ذكرت نكاحها ، وأردت الإرسال إليها بعد انقضاه أقرائها ، فلم يمنعنى من ذلك إلا تخيير مثلك ، فقد أتى الله بك ، ما خطب رحمك الله علىّ وعليه ، فلتختر من اختاره الله لها وإنها أمانة فى عنقك حتّى تؤدّيها إليها ، وأعطها من المهر مثل ما بذل لها معاوية عن ابنه.
فقال أبو الدرداء : أفعل إن شاء الله ، فلمّا دخل عليها قال لها : أيتها المرأة إن الله : خلق الأمور بقدرته ، وكونها بعزته ، فجعل لكل أمر قدرا ، ولكل قدر سببا ، فليس لأحد عن قدر الله مستحاص ، ولا عن الخروج عن علمه مستناص ، فكان مما سبق لك وقدر عليك ، الذي كان من فراق عبد الله بن سلام إياك ، ولعلّ ذلك لا يضرّك ، وأن يجعل الله لك فيه خيرا كثيرا ، وقد خطبك أمير هذه الأمة ، وابن الملك ، وولىّ عهده ، والخليفة من بعده ، يزيد بن معاوية. وابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله وابن أوّل من آمن به من أمته ، وسيد شباب أهل الجنة يوم القيامة ، وقد بلغك سنا هما وفضلهما ، وجئتك خاطبا عليهما ، فاختارى أيهما شئت؟ فسكنت طويلا. ثم قالت :
يا أبا الدرداء لو أنّ هذا الأمر جاءنى وأنت غائب عنّى أشخصت فيه الرسل إليك ، واتّبعت فيه رأيك ، ولم أقطعه دونك على بعد مكانك ، ونأى دارك ، فأما إذ كنت المرسل فيه فقد فوّضت أمرى بعد الله إليك ، وبرئت منه إليك ، وجعلته فى يديك ، فاختر لي أرضاهما لديك ، والله شهيد عليك ، واقض فيه قضاء ذى التحرّى المتّقى ، ولا يصدّنك عن ذلك اتّباع هوى ، فليس أمر هما عليك خفيا وما أنت عما طوّقتك عميّا.
فقال أبو الدرداء أيتها المرأة إنما علىّ إعلامك وعليك الاختيار لنفسك. قالت عفا الله عنك ، إنما أنا بنت أخيك ، ومن لا غنى بها عنك فلا يسعك رهبة أحد من قول الحقّ فيما طوّقتك ، فقد وجب عليك أداء الأمانة فيما حملتك ، والله خير من روعى وخيف ، إنه بنا خبير لطيف ، فلما لم يجد بدّا من القول والإشارة عليها. قال : بنيّة ، ابن بنت رسول الله أحبّ إلىّ وأرضاهما عندى ، والله أعلم بخير هما لك ، وقد كنت رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله واضعا شفتيه على شفتى الحسين فضعى شفتيك حيث وضعهما رسول الله.
قالت : قد اخترته ورضيته ، فاستنكحها الحسين بن علىّ ، وساق إليها مهرا عظيما ، وقال الناس وبلغ معاوية الذي كان من فعل أبى الدرداء فى ذكره حاجة أحد مع حاجته ، وما بعثه هو له ، ونكاح الحسين إياها ، فتعاظمه ذلك جدا ، ولامه لو ما شديدا ، وقال : من يرسل ذا بلاهة وعمى ، يركب فى أمره خلاف ما يهوى ، ورأيى كان من رأيه أسوأ ، ولقد كنّا بالملامة منه أولى حين بعثناه ، ولحاجتنا انتخلناه.
كان عبد الله بن سلام قد استودعها قبل فراقه إياها بدرات مملوءة درّا ، كان ذلك الدّر أعظم ماله وأحبّه إليه ، وكان معاوية قد أطرحه وقطع جميع روافده عنه ، لسوء قوله فيه ، وتهمته إياه على الخديعة ، فلم يزل يجفوه ويغضبه ، ويكدى عنه ، ما كان يجديه ، حتى عيل صبره ، وطال أمره ، وقلّ ما فى يديه ، ولام نفسه على المقام
لديه ، فخرج من عنده راجعا إلى العراق ، وهو يذكر ماله الذي كان استودعها ، ولا يدرى كيف يصنع فيه ، وأنى يصل إليه ، ويتوقّع جحودها عليه ، لسوء فعله بها ، وطلاقه إياها على غير شيء أنكره منها ، ولا نقمة عليها.
فلمّا قدم العراق لقى الحسين ، فسلم عليه. ثم قال : قد علمت جعلت فداك الذي كان من قضاء الله فى طلاق أرينب بنت إسحاق ، وكنت قبل فراقى إياها قد استودعتها مالا عظيما درّا وكان الذي كان ولم أقبضه ، وو الله ما أنكرت منها فى طول ما صحبتها فتيلا ، ولا أظنّ بها إلا جميلا ، فذكّرها أمرى ، واحضضها على الردّ علىّ ، فإن الله يحسن عليك ذكرك ، ويجزل به أجرك. فسكت عنه.
فلمّا انصرف الحسين إلى أهله ، قال لها : قدم عبد الله بن سلام وهو يحسن الثناء عليك : ويحمل النشر عنك ، فى حسن صحبتك ، وما أنسه قديما من أمانتك فسرّنى ذلك وأعجبنى ، وذكر أنه كان استودعك ما لا قبل فراقه إياك ، فأدّى إليه أمانته ، وردّى عليه ماله ، فإنه لم يقل إلّا صدقا ، ولم يطلب إلا حقا. قالت : صدق ، قد والله استودعنى مالا لا أدرى ما هو ، وإنه لمطبوع عليه بطابعه ما آخذ منه شيء إلى يومه هذا ، فأثنى عليها الحسين خيرا ، وقال : بل أدخله عليك حتّى تبرئى إليه منه كما دفعه إليك.
ثم لقى عبد الله بن سلام ، فقال له : ما أنكرت مالك ، وزعمت أنه كما دفعته إليها بطابعك ، فأدخل يا هذا عليها ، وتوفّ مالك منها ، فقال عبد الله بن سلام : أو تأمر بدفعه إلىّ جعلت فداك. قال : لا ، حتى تقبضه منها كما دفعته إليها ، وتبرئها منه إذا أدّته. فلما دخلا عليها قال لها الحسين : هذا عبد الله بن سلام ، قد جاء يطلب وديعته ، فأدّاها إليه كما قبضتها منه ، فأخرجت البدرات فوضعتها بين يديه ، وقالت له : هذا مالك ، فشكر لها ، وأثنى عليها ، وخرج الحسين ، ففض عبد الله خاتم بدرة ، فحثا لها من ذلك الدّر حثوات.
قال : خذى ، فهذا قليل منّى لك ، واستعبرا جميعا ، وحتّى تعالت أصواتهما بالبكاء ، أسفا على ما ابتليا به ، فدخل الحسين عليهما وقد رقّ لهما ، للذى سمع منهما ، فقال : أشهد لله أنها طالق ثلاثا ، اللهم إنك تعلم أنّى لم أستنكحها رغبة فى مالها ولا جمالها ، ولكنّى أردت إحلالها لبعلها ، وثوابك على ما عالجته فى أمرها ، فأوجب لى بذلك الأجر ، وأجزل لى عليه الذخر إنك على كل شيء قدير.
لم يأخذ مما ساق إليها فى مهرها قليلا ولا كثيرا ، وقد كان عبد الله بن سلام سأل ذلك أرينب ، أى التعويض على الحسين ، فأجابته إلى ردّ ماله عليه شكرا لما صنعه بهما ، فلم يقبله ، وقال : الذي أرجو عليه من الثواب خير لى منه فتزوّجها عبد الله بن سلام ، وعاشا متحابّين متصافيين حتى قبضهما الله ، وحرّمها الله على يزيد. والحمد لله ربّ العالمين(١).
١٠١ ـ محمّد بن سعد أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا ابن أبى غنيّة ، عن يحيى بن سالم الموصلى ، عن مولى الحسين بن على ، قال : كنت مع الحسين بن على عليهماالسلام فمرّ بباب فاستسقى ، فخرج إليه جارية بقدح مفضّض! فجعل ينزع الفضّة فيرمى بها إليها ، قال : اذهبى بها إلى أهلك ، ثم شرب (٢).
١٠٢ ـ عنه أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدى ، قال : أخبرنا سهل بن شعيب ، عن قنان النهمى ، عن جعيد همدان ، قال : أتيت الحسين بن على عليهماالسلام وعلى صدره سكينة بنت حسين ، فقال : يا اخت كلب خذى ابنتك عنّى. فساءلنى فقال : أخبرنى عن شباب العرب أو عن العرب ، قال : قلت : أصحاب جلا هقات ومجالس! قال : فأخبرنى عن الموالى ، قال : قلت : آكل ربا أو حريص على الدنيا ، قال فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والله إنّهما للصنفان اللذان كنّا نتحدّث أنّ الله تبارك وتعالى
__________________
(١) الامامة والسياسية : ١٦٦ ـ ١٧٣.
(٢) ترجمة الامام الحسين من الطبقات : ٣٦.
ينتصر بهما لدينه. يا جعيد همدان ، الناس أربعة : فمنهم من له خلق وليس له خلاق ، ومنهم من له خلاق وليس له خلق ، ومنهم من له خلق وخلاق وذلك أفضل الناس ، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق وذاك شرّ الناس (١).
١٠٣ ـ قال البلاذرى : قالوا : وكان الحسين بن على منكرا لصلح الحسن معاوية ، فلمّا وقع ذلك الصلح دخل جندب بن عبد الله الأزدى ، والمسيب بن نجبة الفزارى ، وسليمان بن صرد الخزاعى وسعيد بن عبد الله الحنفى على الحسين وهو قائم فى قصر الكوفة يأمر غلمته بحمل المتاع ويستحثهم فسلّموا عليه ، فلما رأى ما بهم من الكآبة وسوء الهيئة تكلم فقال : إنّ أمر الله كان قدرا مقدورا وانّ أمر الله كان مفعولا. وذكر كراهته لذلك الصلح وقال :
كنت طيب النفس بالموت دونه ولكن أخى عزم علىّ وناشدنى فأطعته وكأن يحزّ أنفى بالمواسى ويشرح قلبى بالمدى ، وقد قال الله عزوجل (عسى (أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) وقال : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
فقال له جندب : والله ما بنا إلّا أن تضاموا وتنقضوا فأما نحن فانا نعلم ان القوم سيطلبون مودتنا بكلّ ما قدروا عليه ، ولكن حاش لله ان نوازر الظالمين ونظاهر المجرمين ونحن لكم شيعة ولهم عدوّ ، وقال سليمان بن صرد الخزاعى : ان هذا الكلام الذي كلمك به جندب هو الذي أردنا أن نكلمك به كلنا ، فقال : رحمكم الله ، صدقتم وبررتم ، وعرض له سليمان بن صرد وسعيد بن عبد الله الحنفى بالرجوع عن الصلح! فقال : هذا لا يكون ولا يصلح ، قالوا فمتى أنت ساير؟ قال : غدا إن شاء الله فلمّا سار خرجوا معه ، فلما جاوزوا دير هند نظر الحسين الى الكوفة فتمثل قول زميل بن أبير الفزارى وهو ابن أم دينار :
__________________
(١) ترجمة الامام الحسين من الطبقات : ٣٦.
فما عن قلى فارقت دار معاشر |
|
هم المانعون باحتى وذمارى |
ولكنه ما حمّ لا بد واقع |
|
نظار ترقب ما يحم نظار |
قالوا : لمّا بايع الحسن معاوية ومضى تلاقتت الشيعة باظهار الحسرة والندم على ترك القتال والاذعان بالبيعة فخرجت إليه جماعة منهم فخطؤه فى الصلح! وعرضوا له ينقض ذلك! فأباه وأجابهم بخلاف ما ارادوه عليه ، ثم انهم أتوا الحسين فعرضوا عليه ما قالوا للحسن وأخبروه بما ردّ عليهم فقال : قد كان صلح وكانت بيعة ، كانت لها كارها فانتظروا ما دام هذا الرجل حيا ، فان يهلك نظرنا ونظرتم ، فانصرفوا عنه فلم يكن شيء أحبّ إليهم وإلى الشيعة من هلاك معاوية وهم يأخذون أعطيتهم ويغزون مغازيهم.
قالوا : وشخص محمّد بن بشر الهمدانيّ وسفيان بن ليلى الهمدانيّ إلى الحسن وعنده الشيعة الذين قدموا عليه اوّلا فقال له سفيان كما قال له بالعراق : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال له : اجلس لله أبوك والله لو سرنا الى معاوية بالحبال والشجر ما كان الا الذي قضى ، ثم أتيا الحسين فقال : ليكن كل امرئ منكم حلسا من أحلاس بيته ما دام هذا الرجل حيا فان يهلك وانتم أحياء رجونا ان يخيّر الله لنا ويؤتينا رشدنا ولا يكلنا الى انفسنا «ف (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (١).
١٠٤ ـ ابو حنيفة المغربى باسناده عن الحسين بن على عليهماالسلام أنّه قال : قالت أسماء بنت عميس : لمّا جاء نعى جعفر بن أبى طالب عليهالسلام نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى ما بعينى من أثر البكاء ، فخاف على بصرى أن يذهب ، ونظر إلى ذراعىّ قد تشقّقتا فعزّانى عن جعفر ، وقال : عزمت عليك يا أسماء إلّا اكتحلت وصفّرت ذراعيك (٢)
__________________
(١) الحسين والسنة : ٣٩ ـ ٤١.
(٢) دعائم الاسلام : ٢ / ٢٩١.
باب الرواة
عن الامام الشهيد أبى عبد الله الحسين عليهالسلام
وأصحابه وأنصاره
١ ـ ابراهيم بن سعيد
هو من اصحاب الامام الحسين عليهالسلام ، حضر وقعة كربلاء واستشهد بين يديه ذكرنا حديثه ورجزه فى باب شهادة اصحاب الحسين عليهالسلام الحديث ٧٨.
٢ ـ ابراهيم بن سعيد
كان مع زهير بن القين فى طريق الكوفة حين رجوعه من الحج وروى حديثا عن الامام أبى عبد الله الحسين عليهالسلام ، عند لقائه مع زهير بن القين ، قال فى جامع الرواة : ابراهيم بن سعيد المدنى اسند عنه ، وقال ابن حجر ابراهيم بن سعيد ابو اسحاق المدنى عن نافع ، عن ابن عمر ، قال أبو داود شيخ من أهل المدينة ليس له كبير حديث ، ذكرنا حديثه فى باب خوارق عادته عليهالسلام الحديث ٩.
٣ ـ ابن الجارية
قال ابن الاثير فى اسد الغابة : ابن جارية الأنصاري مختلف فى اسمه سماه بعضهم زيدا روى حمران بن أعين عن أبى الطفيل ، عن ابن جارية قال : لما مات النجاشى قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ان أخاكم النجاشى قد توفى ، قال : وخرج فصلينا
عليه وما نرى شيئا ، أخرجه ابن مندة وأبو نعيم.
قلت : جاء حديثه فى باب ما جرى بين الحسين عليهالسلام ومروان الحديث ١
٤ ـ ابن جعدبة
قال ابن الاثير : ابن جعدبة لا تعرف له صحبة روى عن محمد بن كعب ، قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : ابن جعدبة : اسمه يزيد بن عياض بن جعدبة الليثى أبو الحكم المدنى نزيل البصرة ، روى عن الاعرج وعاصم بن عمر وزيد بن على بن الحسين عليهالسلام والزهرى ونافع وغيرهم وروى عنه ابنه الحكم وجماعة.
ذكرنا روايته فى باب ما جرى للحسين عليهالسلام بمكة المكرمة الحديث ١٢.
٥ ـ ابن عون
هكذا ورد فى طريق الحديث روى عنه الاصمعى مرسلا ، لم نجد له ترجمة فى كتب الرجال وقال ابن حجر : ابن عون اسمه عبد الله الفقيه.
ذكرنا روايته فى باب فضائل الامام الحسين الحديث ٥٢ وباب جوده عليهالسلام الحديث ١٣ وباب ما جرى بينه ومعاوية الحديث ٣.
٦ ـ ابن مهران
ليس له عنوان فى كتب رجال الحديث وهو يروى عن الامام الحسين عليهالسلام واوردنا روايته عنه عليهالسلام فى باب المؤمن والكافر الحديث ٧.
٧ ـ ابو اسحاق
هكذا ذكر فى سند الحديث وابو اسحاق كنية جماعة من اهل الحديث
والظاهر انه عمرو بن عبد الله ابو اسحاق السبيعى ، قال فى جامع الرواة : عمرو بن عبد الله بن على أبو اسحاق السبيعى تابعى وقال فى القاموس : السبيع كأمير ابو بطن من همدان منهم الامام ابو اسحاق عمرو بن عبد الله ومحلة بالكوفة منسوبة إليهم.
قال الشيخ عباس القمى فى الكنى والالقاب : ابو اسحاق السبيعى عمرو بن عبد الله بن على الكوفى الهمدانيّ من اعيان التابعين وفى البحار عن الاختصاص روى محمد بن جعفر المؤدّب أن أبا اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعى صلّى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة وكان يختم القرآن فى كل ليلة ولم يكن فى زمنه أعبد منه ولا أوثق فى الحديث عند الخاص والعام وكان من ثقات على بن الحسين عليهالسلام.
ولد فى الليلة الّتي قبض فيها أمير المؤمنين عليهالسلام وقبض وله تسعون سنة وكان أبو اسحاق المذكور ابن اخت يزيد بن حصين من أصحاب الحسين عليهالسلام وله رواية مرفوعة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وكان له مسجد معروف بالكوفة قرأ ابن عساكر فيه الحديث سنة ٥٠١ على الشريف ابى البركات عمر العلوى.
ذكره ابن خلكان فى تاريخه وقال : رأى عليّا عليهالسلام وابن عباس وابن عمر وغيرهم من الصحابة روى عنه الأعمش وشعبة والثورى وغيرهم وكان كثير الرواية ولد لثلاث بقين من خلافة عثمان وتوفى سنة ١٢٧ ، وكان أبو اسحاق المذكور يقول : رفعنى أبى حتّى رأيت على بن أبى طالب عليهالسلام يخطب وهو أبيض الرأس واللحية.
قال ابن حجر : عمرو بن عبد الله بن عبيد ويقال على ويقال ابن أبى شبرة أبو اسحاق السبيعى الكوفى من همدان ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان ، روى عن على بن أبى طالب والمغيرة بن شعبة وقد رآهما وقيل لم يسمع منهما وروى عن سليمان بن صرد وزيد بن أرقم وغيرهم وروى عنه ابنه يونس وجماعة مات سنة ١٢٦.
يروى عن الامام الحسين عليهالسلام وحديثه مذكور فى باب الصلاة الحديث ١١ وباب الزكاة الحديث ١٥.
٨ ـ أبو أسماء
كان من موالى عبد الله بن جعفر كما ذكر فى الرواية ، وفى تهذيب التهذيب أبو اسماء الصيقل يروى عن أنس فى التلبية بالحج والعمرة وعنه أبو اسحاق السبيعى ، ذكره ابن حبان فى الثقات وأبو اسماء رجل آخر يروى عن أمّ سلمة.
يروى عن الامام الحسين عليهالسلام وحديثه فى باب الحج الحديث ٦.
٩ ـ ابو بكر بن محمد بن حزم
قال العلامة الحلى فى الخلاصة : أبو بكر بن حزم الانصارى من أصحاب امير المؤمنين عليهالسلام وفى جامع الرواة ابو بكر بن حزم الانصارى من اصحاب على عليهالسلام من اليمن وقال ابن حجر ابو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الانصارى الخزرجى المدنى القاضى ، يقال اسمه ابو بكر وكنيته أبو محمد وقيل اسمه كنيته.
يروى عن الامام الحسين عليهالسلام وروايته مذكورة فى باب فضائل الامام الحسين الحديث ٤٨ ـ ٥٠ وباب الاطعمة الحديث ٧.
١٠ ـ ابو بكر بن عياش
قال ابن حجر : ابو بكر بن عياش بن سالم الاسدى الكوفى الخياط المقرى مولى واصل الأحدب قيل : اسمه محمد وقيل عبد الله وقيل سالم والصحيح ان اسمه كنيته ، روى عن أبيه وأبى اسحاق السبيعى وابى حصين عثمان بن عاصم وغيرهم وروى عنه جماعة.
له رواية مرسلة فى باب شهادة مسلم بن عقيل ذكرناها فى باب ما جرى له عليهالسلام بين مكة والقادسية الحديث ٤٤.
١١ ـ أبو ثمامة الصائدى
كان من اصحاب أبى عبد الله الحسين الذين استشهدوا بين يديه ولم نجد له ترجمة وعنوانا فى كتب رجال الحديث ورواياته مذكورة فى باب شهادة أصحاب الحسين عليهالسلام الحديث ٨ – ٧٥.
١٢ ـ ابو جناب الكلبى
كان من اكابر أهل الحديث واسمه يحيى بن ابى حية ابو جناب الكلبى الكوفى روى عن أبيه ويزيد بن البراء بن عازب والحسن البصرى وغيرهم وعنه الحسن ابن صالح وجرير وهيثم وغيرهم وثقه جماعة وضعفه اخرى.
له رواية فى مسند الامام الحسين ذكرناها فى باب محاصرة الحسين عليهالسلام الحديث ٧.
١٣ ـ ابو حازم
ابو حازم كنية جماعة من الصحابة واهل الحديث منهم ابو حازم صخر بن العيلة وابو حازم الانصارى البياض وابو حازم البجلى الاحمسى وغيرهم ، وابو حازم الذي يروى عن الامام الحسين ذكرنا روايته فى باب الجنائز الحديث ١١.
١٤ ـ أبو حنيفة المغربى
قال المحدث القمى فى الكنى : أبو حنيفة الشيعة ويقال له أبو حنيفة المغربى
هو القاضى النعمان بن أبى عبد الله محمد بن منصور القاضى بمصر ، كان مالكيا أوّلا ثم اهتدى وصار اماميا وصنف على طريق الشيعة كتبا منها كتاب دعائم الاسلام.
قال ابن خلكان نقلا عن ابن زولاق : كان فى غاية الفضل من اهل القرآن والعلم بمعانيه عالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف وألّف لاهل البيت من الكتب آلاف أوراق باحسن تأليف وله ردود على المخالفين وله ردّ على أبى حنيفة وعلى مالك والشافعى ، وكتاب اختلاف الفقهاء وينتصر فيه لاهل البيت عليهمالسلام.
له القصيدة الفقهية لقبها بالمنتخبة ، وكان ملازما صحبة المعزّ أبى تميم محمد بن منصور ولما وصل من افريقية الى الديار المصرية كان معه ولم تطل مدته ومات فى مستهلّ رجب بمصر سنة ٣٦٣.
قال آصف على فى مقدمة دعائم الاسلام المطبوع بمصر سنة ١٣٨٩ : قاضى القضاة وداعى الدعاة النعمان بن محمد وقد يختصر المؤرخون فيقولون «القاضى النعمان» تمييزا له عن صاحب المذهب الحنفى ، ويطلق عليه ابن خلكان ومؤلفوا الشيعة الاثنا عشرية «أبا حنيفة الشيعى» خدم المهدى بالله مؤسس الدولة الفاطمية التسع السنوات الأخيرة من حكمه.
ثم ولى قضاء طرابلس فى عهد القائم بأمر الله الخليفة الثانى للفاطميين وفى عهد الخليفة الثالث المنصور بالله عين قاضيا للمنصورية ووصل الى أعلى المراتب فى عهد المعز لدين الله الخليفة الفاطمى الرابع إذ رفعه الى مرتبة قاضى القضاة وداعى الدعاة.
كان القاضى النعمان رجلا ذا مواهب عديدة ، غزير العلم ، واسع المعرفة ، باحثا محققا ، مكثرا فى التأليف ، عادلا فى أحكامه ، لم يصلنا الكثير عن حياته ، كما أننا لا نستطيع أن نبرز فكرة صحيحة عن أخلاقه ، ولعله وقف نفسه على
الدراسات التشريعية والفلسفية وعلى تاليف هذه الكتب العديدة المتنوعة التي كتبها ، ولما تمتّع بثقة امامه المعز لدين الله جعله الامام مستشارا قضائيا له وساعد امامه فى المسائل الخاصة بالدعوة ، توفى بالقاهرة فى ٢٩ جمادى الثانية سنة ٣٦٣.
قال العطاردى : له روايات مرسلة عن الامام الحسين عليهالسلام ذكرناها فى باب الدعاء الحديث ٢٧ وباب الطلاق الحديث ١ وباب الطهارة الحديث ٣ وباب الزكاة الحديث ٤ ـ ٥ ـ ٦ ـ ٧ وباب الجهاد الحديث ٥ وباب النكاح الحديث ٣ وباب التجمل الحديث ٥ وباب الاطعمة الحديث ٤ وباب الأشربة الحديث ٢ ـ ٤ وباب الجنائز الحديث ٧ ـ ٨ ـ ٩ وباب الحكم الحديث ١٠٤.
١٥ ـ ابو الحوراء السعدى
كان محدثا من أعيان التابعين قال ابن حجر : ربيعة بن شيبان السعدى أبو الحوراء البصرى روى عن الحسن بن على عليهماالسلام وعن يزيد بن أبى مريم وثابت بن عمارة الحنفى وأبو يزيد الزراد ، قال النسائى ثقة وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال العجلى كوفى تابعى ثقة وقد توقف ابن حزم فى صحة حديثه.
له رواية عن الامام أبى عبد الله الحسين عليهالسلام ذكرناها فى باب الزكاة الحديث ١٦.
١٦ ـ أبو خالد الكابلى
ابو خالد اسمه وردان ولقبه كنكر ، من ثقات اصحاب الحديث جليل القدر عظيم المنزلة ، عند الامام السجاد والباقر عليهماالسلام قال الكشى : وجدت بخط جبرائيل بن أحمد قال : حدثني محمد بن عبد الله بن مهران ، عن محمد بن على ، عن على بن محمد ، عن الحسن بن على ، عن أبيه ، عن الصباح الكنانى ، عن أبى