رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-274-1
الصفحات: ٥٣٥

فعلت بك كذا وكذا ، والذي يكفّر بعد المواقعة هو الذي يقول : أنتِ عليّ كظهر أمّي إن قربتك » (١).

ونحوه صحيحان آخران (٢) ، معتضدان كالأوّل بإطلاق الآية (٣) والنصوص.

وثانيهما : عدم الصحّة ، اختاره المرتضى في الانتصار (٤) مدّعياً عليه الإجماع ، ونسب الأوّل إلى باقي الفقهاء ، واختاره ابن زهرة والحلّي وجماعة (٥) ، ومن المتأخّرين منهم الماتن في الشرائع والمقداد في التنقيح (٦).

وهو الأقوى ؛ للأصل ، وضعف إطلاق الآية والنصّ ؛ إذ لا يقال للمظاهر بشرط : إنّه مظاهر ، وعلى تقديره فليس بمتبادر ، ويؤيّده ملاحظة شأن نزول الآية.

وللإجماع المحكي ، والمعتبرة المستفيضة بالعموم والخصوص ، فمن الأول : الصحيح المتقدم : « لا يكون الظهار إلاّ على موضع الطلاق » ‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٦٠ / ٣٢ ، التهذيب ٨ : ١٢ / ٤٠ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٠ / ٩٣٠ ، الوسائل ٢٢ : ٣٣٢ أبواب الظهار ب ١٦ ح ١.

(٢) أحدهما في : التهذيب ٨ : ١٢ / ٣٩ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٩ / ٩٢٩ ، الوسائل ٢٢ : ٣٣٤ أبواب الظهار ب ١٦ ح ٧.

والآخر في : التهذيب ٨ : ١٣ / ٤١ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٠ / ٩٣١ ، الوسائل ٢٢ : ٣٣٤ أبواب الظهار ب ١٦ ح ٨.

(٣) المجادلة : ٢.

(٤) الانتصار : ١٤١.

(٥) ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٣ ، الحلي في السرائر ٢ : ٧٠٩ ؛ وانظر المهذّب ٢ : ٢٩٨ ، والكافي في الفقه : ٣٠٣ ، والمراسم : ١٦٠.

(٦) الشرائع ٣ : ٦١ ، التنقيح الرائع ٣ : ٣٧١.

٣٨١

ونحوه غيره (١) ، ولا طلاق بشرط إجماعاً.

ومن الثاني : الخبران ، المعتبر أحدهما بوجود جملة من المجمع على تصحيح رواياته في سنده ، فلا يضر إرساله : قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إنّي قلت لامرأتي : أنتِ كظهر أمّي إن خرجتِ من باب الحجرة ، فخرجت ، فقال : « ليس عليك شي‌ء » الخبر (٢).

والثاني (٣) وإن ضعف ، إلاّ أنّه كالأوّل لو كان كذلك بالشهرة العظيمة بين القدماء كما يفهم من الحلّي ، بل والمتأخّرين أيضاً كما يفهم من الشرائع ، والإجماع المتقدّم ، ومخالفة العامة العمياء ، معتضد.

مضافاً إلى الأصل القطعي الذي لا مخرج عنه سوى الصحاح المتقدّمة ، وحملها على التقية لما عرفت من كلام المرتضى متعيّن.

ودعوى اعتضادها بالشهرة المتأخّرة ، وإطلاقات الكتاب والسنّة بما عرفت مدفوعة ، هذا.

مع أنّ الإطلاقات لو كانت تنهض هنا حجة للزم الصحة بالتعليق على الصفة والمدّة ، ولم يقل به أكثرهم ، وإن خالفهم المبسوط (٤) ، فتأمّل هذا.

ولا ريب أنّ ما ذكروه أحوط ، وإن كان ما قدّمناه أقوى وأظهر.

( ولا يقع في يمين ) أي إذا جعل جزاءً على فعل أو ترك قصداً للزجر أو البعث ، وهو الفارق بينه وبين الشرط ، فإنّ المقصود منه مجرّد‌

__________________

(١) راجع ص ٣٧٧.

(٢) الكافي ٦ : ١٥٤ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٣٤٤ / ١٦٥٠ ، التهذيب ٨ : ١٣ / ٤٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٦١ / ٩٣٤ ، الوسائل ٢٢ : ٣٣٢ أبواب الظهار ب ١٦ ح ٣.

(٣) الكافي ٦ : ١٥٨ / ٢٤ ، التهذيب ٨ : ١٣ / ٤٢ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٠ / ٩٣٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣٣٣ أبواب الظهار ب ١٦ ح ٤.

(٤) انظر المبسوط ٥ : ١٥٦.

٣٨٢

التعليق لا أحد الأمرين. وربما يفرق أيضاً بعدم تعلّق اليمين بفعل غير المكلف قطّ ، بخلاف الشرط ، فقد يتعلّق.

والأصل في عدم الوقوع بعد الأصل الإجماع المستفيض النقل (١) ، والمعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « لا يكون في يمين » (٢).

وعلّل أيضاً بالنهي عن اليمين بغير الله سبحانه (٣).

وفيه نظر ، فإنّ تعلّق النهي بمثله لا يستلزم الفساد ، كيف لا؟! والظهار من أصله منهي عنه إجماعاً ، ومع ذلك فهو في الجملة صحيح اتفاقاً.

( و ) كذا ( لا ) يقع إذا قصد به ( إضرار ) الزوجة ، وفاقاً للنهاية والعلاّمة وجماعة (٤) ، بل ادّعى عليه الشهرة في الكفاية (٥).

ولا يخلو عن قوّة ؛ للأصل ، وبعض المعتبرة ، المنجبر قصور سنده بالجهالة بأنّ فيه من أجمعت على تصحيح ما يصح عنه العصابة ، وفيه : « لا يكون ظهار في يمين ، ولا في إضرار ، ولا غضب » (٦).

خلافاً لظاهر المفيد والإسكافي والحلّي (٧) ، فأطلقوا الوقوع ولم‌

__________________

(١) منهم المرتضى في الانتصار : ١٤١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٦٣ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٦٤٩.

(٢) الكافي ٦ : ١٥٣ / ٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٤ أبواب الظهار ب ٦ ح ٨.

(٣) الحدائق ٢٥ : ٦٥٠.

(٤) النهاية : ٥٢٦ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ٨٥ ، والتحرير ٢ : ٦١ ؛ وانظر الوسيلة : ٣٣٤ ، والمهذب ٢ : ٣٠٠ ، والتنقيح ٣ : ٣٧٢.

(٥) الكفاية : ٢١٢.

(٦) الفقيه ٣ : ٣٤٥ / ١٦٥٧ ، التهذيب ٨ : ١٠ / ٣٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٨ / ٩٢٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٥ أبواب الظهار ب ٧ ح ٢.

(٧) المفيد في المقنعة : ٥٢٣ ، والإسكافي لم نعثر على الحاكي عنه ، الحلي في السرائر ٢ : ٧٠٧.

٣٨٣

يقيّدوا ؛ للعموم.

وهو أوجه ، إلاّ أن تصح الشهرة ، فتعضد به الرواية ، وتصلح للعموم مخصِّصة ، وإلاّ فمجرّد اعتبار السند مع عدم الصحة غير معلوم الصلاحية لتخصيص مثل عموم الآية ، والسنّة المقطوع بها ، المخصّص بهما الأصالة المتمسك بها في المسألة. ولا ريب أنّ الوقوع أحوط إن لم يكن أقرب.

( و ) كذا ( لا ) يقع في حال ( غضب ) مطلقا ، وإن لم يرتفع معه القصد أصلاً ( ولا سكر ) بلا خلاف في الظاهر فيهما ، وهو حجة فيهما ، كالأدلّة القاطعة في الثاني ، والصحيح في الأوّل : « الظهار لا يقع على غضب » (١) مضافاً إلى المعتبر المتقدّم ، وبذلك يخصّ العموم.

( ويعتبر في المظاهر البلوغ ، وكمال العقل ، والاختيار ، والقصد ) بلا خلاف في الأربعة ؛ لعموم الأدلّة ، وخصوص ما دلّ على أنّ الظهار كالطلاق ، لا يقع إلاّ حيثما يقع (٢) ، وقد مرّ ما دلّ على اعتبارها في الطلاق (٣).

مضافاً إلى خصوص المستفيضة في الرابع ، ففي الصحيح في بيان الظهار : « يقول الرجل لامرأته وهي طاهر في غير جماع : أنتِ عليَّ حرام مثل ظهر أُمّي أو أُختي ، وهو يريد بذلك الظهار » (٤) ونحوه في الموثّق (٥)

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٥٨ / ٢٥ ، التهذيب ٨ : ١٠ / ٣١ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٥ أبواب الظهار ب ٧ ح ١.

(٢) راجع ص : ٥٥٧٩.

(٣) في ص : ٥٤١٤.

(٤) الكافي ٦ : ١٥٣ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٣٤٠ / ١٦٤٠ ، التهذيب ٨ : ٩ / ٢٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٨ / ٩٢٤ ، الوسائل ٢٢ : ٣٠٧ أبواب الظهار ب ٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ١٥٤ / ٥ ، الفقيه ٣ : ٣٤٠ / ١٦٣٩ ، التهذيب ٨ : ١٣ / ٤٤ ، الإستبصار ٣ : ٢٦١ / ٩٣٥ ، الوسائل ٢٢ : ٣٠٩ أبواب الظهار ب ٣ ح ٢.

٣٨٤

وغيره (١).

فلا إشكال في شي‌ء من ذلك ، إلاّ على القول بجواز طلاق المراهق ، فالمتّجه عليه صحة الظهار أيضاً ، إلاّ أنّه لا خلاف في العدم هنا ، ولعلّه لكون مورده آيةً وروايةً إنّما هو المكلّف ، ولذا وصف بالمنكر والزور (٢) ، ووجب لأجلهما الكفّارة ، وليس شي‌ء منهما جارياً في الصبي أصلاً.

ثمّ في اقتصار الماتن كغيره في الشرائط هنا على الأربعة إشعار بل دلالة على عدم اعتبار الحريّة والإسلام ، وصحته من العبد والكافر ، وهو إجماع في الأوّل ؛ للعموم ، ومع ذلك منصوص في الصحيح وغيره : عن المملوك أعليه ظهار؟ قال : « نصف ما على الحرّ من الصوم ، وليس عليه كفّارة صدقة ولا عتق » (٣).

ومذهب الأكثر في الثاني ؛ للعمومات ، مع انتفاء المانع ؛ إذ ليس عبادة يمتنع وقوعها منه.

خلافاً للشيخ (٤) ، فاستقرب المنع ؛ لأنّه لا يقرّ بالشرع ، والظهار حكم شرعي ؛ ولأنّه لا يصحّ منه الكفّارة ؛ لاشتراط نيّة القربة فيها فيمتنع منه الفئة ، وهي من لوازم وقوعه.

ويضعّف بأنّه من قبيل الأسباب ، وهي لا تتوقّف على اعتقادها.

والتمكن من التكفير متحقّق بتقديمه الإسلام ؛ لأنّه قادر عليه ، ولو لم يقدر على العبادات لامتنع تكليفه بها عندنا ، وإنّما تقع منه باطلة لفقد شرط مقدور.

__________________

(١) الوسائل ٢٢ : ٣٠٧ أبواب الظهار ب ٢.

(٢) المجادلة : ٢.

(٣) الكافي ٦ : ١٥٦ / ١٣ ، الفقيه ٣ : ٣٤٦ / ١٦٦١ ، التهذيب ٨ : ٢٤ / ٧٩ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٣ أبواب الظهار ب ١٢ ح ١.

(٤) المبسوط ٥ : ١٤٥ ، الخلاف ٤ : ٥٢٦.

٣٨٥

مضافاً إلى اختصاص ما ذكر بصورة استمرار كفره ، أمّا لو أسلم بعد الظهار فليس ذلك بجارٍ فيه.

( و ) يعتبر ( في المظاهرة ) وقوعه في ( طهر لم يجامعها فيه إذا كان زوجها حاضراً ) أو في حكمه ( ومثلها تحيض ) بلا خلاف ، بل عليه الإجماع في كلام جماعة (١) ، وهو الحجّة.

مضافاً إلى الأصل ، والمعتبرة المتقدّمة (٢) ، المنزِّلة للظهار منزلة الطلاق المعتبر فيه ذلك اتفاقاً ، فتوًى ونصّاً.

وخصوص الصحيح : عن الظهار؟ فقال : « يقول الرجل لامرأته وهي طاهر في غير جماع : أنتِ عليَّ حرام مثل ظهر أمّي » الخبر ، وقد مرّ (٣) ، ونحوه آخر (٤).

( وفي اشتراط الدخول ) بها ( تردّد ) من العمومات كتاباً وسنّةً ، المقتضية للعدم.

ومن أنّ ( المروي ) في الصحيحين ( الاشتراط ) ففي أحدهما : في المرأة التي لم يدخل بها زوجها. قال : « لا يقع عليها إيلاء ولا ظهار » (٥).

وفي الثاني : عن مملك ظاهر من امرأته؟ قال : « لا يلزمه شي‌ء ، ولا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها » (٦).

__________________

(١) منهم الشهيد في المسالك ٢ : ٧٨ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١٥٧ ، والفيض في المفاتيح ٢ : ٣٢٨.

(٢) في ص ٣٧٩.

(٣) راجع ص ٣٨٢.

(٤) الكافي ٦ : ١٥٣ / ذيل الحديث ١ ، تفسير القمي ٢ : ٣٥٤ ، الوسائل ٢٢ : ٣٠٧ أبواب الظهار ب ٢ ح ١.

(٥) التهذيب ٨ : ٢١ / ٦٥ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٦ أبواب الظهار ب ٨ ح ٢.

(٦) الكافي ٦ : ١٥٨ / ٢١ ، الفقيه ٣ : ٣٤٠ / ١٦٣٨ ، التهذيب ٨ : ٢١ / ٦٦ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٦ أبواب الظهار ب ٨ ح ١.

٣٨٦

وبهما يخصّ العموم القطعي إن جوّزنا تخصيصه بمثلهما ، وإلاّ فالعدم أقوى ، كما هو مختار الحلّي والمرتضى (١) ؛ لأنّ ذلك أصلهما ، إلاّ أنّ الأوّل أقوى وفاقاً لأكثر أصحابنا هنا وفي الأصل أيضاً ، وقد حقّق الكلام في تحقيقه في الأُصول مستقصى ، وأنّه يجوز العمل به مطلقاً ، وإن لم يشتهر المخصّص بين أصحابنا ، ومع اشتهار العمل به كما هنا يجوز العمل به بطريق أولى ، بل لا محيص عنه جدّاً ، كيف لا؟! وعدمه حينئذٍ مستلزم لعدم جواز تخصيص عموم الكتاب ونحوه بشي‌ء من الآحاد أصلاً إلاّ ما أجمع عليه أو حفّت به القرائن القطعية ، والاقتصار عليه كاد أن يلحق بالفساد جدّاً ، فإذاً مختار الأكثر هنا أقوى ثم أقوى.

وأمّا ما ربما يتوهّم هنا : من التأييد للخلاف بما مضى من المعتبرة المنزِّلة للظهار منزلة الطلاق ، ولا يشترط فيه ذلك اتفاقاً ونصّاً ، فينبغي أن يكون الظهار كذلك أيضاً.

فوهنه أظهر من أن يخفى ، فإنّ مقتضاها ليس إلاّ أنّ الظهار لا يقع إلاّ حيثما يقع الطلاق ، وليس فيه دلالة على أنّه حيثما يقع الطلاق يقع الظهار ، وهو ظاهر ، كما لا يخفى.

( وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان ) مضى ذكرهما في بحث التمتع (٢) ، وأنّ ( أشبههما وأشهرهما ) ( الوقوع ).

( وكذا ) القولان في وقوعه بـ ( الموطوءة بالملك ) وأشهرهما بين المتأخّرين أنّه كالأوّل ، وهو أظهر ؛ للعمومات ، وخصوص المعتبرة‌

__________________

(١) الحلّي في السرائر ٢ : ٧١٠ ، المرتضى في المسائل الموصليّات ( رسائل الشريف المرتضى ١ ) : ٢٤١.

(٢) راجع ص ٥١١٩.

٣٨٧

المستفيضة منها الصحيح : في رجل كان له عشر جوار ، فظاهر منهنّ كلّهنّ جميعاً بكلام واحد ، فقال : « عليه عشر كفّارات » (١).

والموثق ، بل الصحيح : عن الرجل يظاهر من جاريته؟ فقال : « الحرّة والأمة في هذا سواء » (٢) ونحوه الحسن كالصحيح (٣).

وقريب منها الصحيح : عن الظهار على الحرّة والأمة؟ قال : « نعم » (٤).

خلافاً لجماعة من القدماء (٥) ، فاختاروا العدم ؛ للأصل. ويضعّف بما مرّ.

ولأنّ المفهوم من النساء الزوجة. وفيه منع.

ولورود السبب فيها. وفيه أنّه لا يخصِّص.

وللخبر فيمن ظاهر عن أمته ، قال : « يأتيها ، وليس عليه شي‌ء » (٦) وفيه قصور سنداً عن المكافأة لما مرّ جدّاً وإن اعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده ، فلا يضرّ جهالة رواية مضافاً إلى قصوره عن ذلك عدداً ، ومخالفةً للعمومات والشهرة العظيمة وإن كانت متأخّرة ، مع‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٥٧ / ١٦ ، التهذيب ٨ : ٢١ / ٦٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٣ / ٩٤٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٦ أبواب الظهار ب ١٤ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ١٥٦ / ١١ ، الفقيه ٣ : ٣٤٦ / ١٦٦٠ ، التهذيب ٨ : ٢٤ / ٧٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٤ / ٩٤٥ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢١ أبواب الظهار ب ١١ ح ١.

(٣) التهذيب ٨ : ٢٤ / ٧٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٤ / ٩٤٦ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٢ أبواب الظهار ب ١١ ح ٤.

(٤) الكافي ٦ : ١٥٦ / ١٢ ، التهذيب ٨ : ١٧ / ٥٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٤ / ٩٤٧ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢١ أبواب الظهار ب ١١ ح ٢.

(٥) منهم المفيد في المقنعة ، والحلبي في الكافي : ٣٠٤ ، والديلمي في المراسم : ١٦٠ ، والقاضي في المهذّب ٢ : ٢٩٨ ، والحلّي في السرائر ٢ : ٧٠٩.

(٦) الفقيه ٣ : ٣٤٥ / ١٦٥٢ ، التهذيب ٨ : ١٠ / ٣٢ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٤ أبواب الظهار ب ٦ ح ٩.

٣٨٨

احتماله للتقية.

ولأنّ الظهار كان في الجاهلية طلاقاً ، وهو لا يقع بها. وفيه أنّ فعل الجاهلية لا حجّة فيه ، مع أنّه قد نقل أنّهم كانوا يظاهرون من الأمة أيضاً.

ولو استدلّوا بعموم المعتبرة القائلة : إنّه كالطلاق ، كان أجود ، إلاّ أنّه مخصَّص أو مؤوَّل بما مرّ ؛ لكونه في الرجحان أظهر.

وفي اكتفائه بقوله : ( والمروي : أنّها كالحرّة ) سيّما بعد الحكم بالوقوع صريحاً في السابق نوع إشعار بالتردّد ، وليس في محلّه.

( وهنا مسائل ) سبع :

( الاولى : الكفّارة تجب بالعود ) لا بمجرّد الظهار ، بالكتاب ، والسنّة ، وإجماع العلماء ، كما حكاه بعض أصحابنا (١).

( وهو إرادة الوطء ) على الأظهر الأشهر ؛ للآية (٢) ، فإنّ الظاهر في معنى العود فيها إرادة استباحة الوطء الذي حرّمه الظهار ، كما صرّح به المرتضى وجماعة ، حكاه عنهم بعض الأجلّة (٣).

وللصحيحين ، في أحدهما : عن الظهار ، متى يقع على صاحبه فيه الكفّارة؟ فقال : « إذا أراد أن يواقع امرأته » قلت : فإن طلّقها قبل أن يواقعها ، أعليه كفّارة؟ قال : « لا ، سقطت الكفّارة » (٤).

__________________

(١) انظر نهاية المرام ٢ : ١٦١ ، والحدائق ٢٥ : ٦٧٠.

(٢) المجادلة : ٣.

(٣) المرتضى في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢١٥ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ٨٦ ، والسيوري في التنقيح ٣ : ٣٧٤ ، والقاضي في المهذّب ٣ : ٥٣٢ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١٦١ ، وحكاه عنهم في كشف اللثام ٢ : ١٦٥.

(٤) الكافي ٦ : ١٥٥ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٣٤٣ / ١٦٤٧ ، التهذيب ٨ : ٩ / ٢٨ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٨ أبواب الظهار ب ١٠ ح ٤.

٣٨٩

وفي الثاني : عن الرجل يظاهر من امرأته ، ثم يريد أن يتمّ على طلاقها ، قال : « ليس عليه كفّارة » قلت : فإن أراد أن يمسّها؟ قال : « لا يمسّها حتى يكفّر » قلت : فإن فعل عليه شي‌ء؟ قال : « أي والله إنّه لآثم ظالم » قلت : عليه كفّارة غير الاولى؟ قال : « نعم ، يعتق أيضاً رقبة » (١).

خلافاً للإسكافي فيما إذا قام على إمساكها بعد الظهار بالعقد الأوّل زماناً وإن قلّ ، فأوجب به الكفّارة وإن لم يرد الوطء ، قال : لأنّ العود إنّما هو المخالفة ، وهي متحقّقة بذلك (٢).

وأُجيب بأنّ بقاءها في عصمته لا ينافي تحريمها عليه ، وإنّما ينافيه إرادة الاستمتاع أو نفسه ، والثاني غير مراد بإجماعنا ، ولقوله تعالى ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ) (٣) فيتعيّن الأول (٤) ، هذا.

وفي الحسن وغيره تفسير العود بغير ما عليه الأصحاب من إرادة الوطء ، كما عليه المشهور ، أو المخالفة ، كما عليه الإسكافي ، وهو أنّ قوله تعالى ( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) « يعني به ما قال الرجل الأوّل لامرأته : أنتِ عليَّ كظهر أُمّي ، فمن قالها بعد ما عفا الله تعالى وغفر للرجل الأوّل فإنّ عليه ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) الآية » (٥).

إلاّ أنّه يستفاد من بعض الروايات ما قدّمناه ، كالمرسل : في رجل ظاهر ، قال : « سقطت عنه الكفّارة إذا طلّق قبل أن يعاود المجامعة » ‌

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١٨ / ٥٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٥ / ٩٤٩ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٠ أبواب الظهار ب ١٠ ح ٨.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٦٠٠.

(٣) المجادلة : ٣ ، ٤.

(٤) المسالك ٢ : ٧٩.

(٥) الكافي ٦ : ١٥٢ / ١ ، الوسائل ٢٢ : ٣٠٤ أبواب الظهار ب ١ ح ٢ ، والآية في المجادلة : ٣.

٣٩٠

الخبر (١) ، فتأمّل.

وكيف كان لا مخالفة فيه للمشهور من حيث الثمرة الثابتة بالصحيحين.

( و ) يستفاد من صريحهما مضافاً إلى الأصل ما هو الأشهر ( الأقرب : أنّه لا استقرار لوجوبها ) بمجرّد الإرادة بحيث تلزمه مع انتفائها ، بل وجوبها شرطي بمعنى تحريم الوطء حتى يكفّر.

خلافاً للتحرير ، فقال بالاستقرار ؛ لترتّبه في الآية على العود بمجرّده ، بناءً على التفسير المشهور (٢).

وأُجيب بأنّ المفهوم منه إنّما هو توقّف التماسّ عليها ، مع أنّها مقيّدة بقبليّة التماسّ التي هي من الأُمور المتضايفة التي لا تتحقّق إلاّ بالمتضايفين (٣).

ثمّ في إضافة الإرادة في العبارة إلى الوطء خاصّة إشارة بل دلالة على عدم ترتّب الكفّارة بإرادة مقدّماته من اللمس والقبلة ، وهو أصحّ القولين وأشهرهما في المسألة ، بل عن الحلّي (٤) نفي الخلاف عنه ، بناءً على الأصل ، وتفسير المسيس هنا بل مطلقاً بالوطء خاصّة في المعتبرة ، منها الخبران المفسِّران للعود بما قدّمناه ، فإنّ فيهما : « فإنّ عليه ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ) يعني : مجامعتها » (٥).

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٥٩ / ٢٨ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٩ أبواب الظهار ب ١٠ ح ٦.

(٢) التحرير ٢ : ٦٢.

(٣) انظر المفاتيح ٢ : ٣٢٩.

(٤) السرائر ٢ : ٧١١.

(٥) الكافي ٦ : ١٥٢ / ١ ، تفسير القمي ٢ : ٣٥٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣٠٤ ، ٣٠٥ أبواب الظهار ب ١ ح ٢ ، وذيله.

٣٩١

ومنها الصحيح الأوّل (١) من الصحيحين المشترط في وجوب الكفّارة إرادة المواقعة ، التي هي الجماع بالضرورة ، الدالّ بمفهومه على عدم الكفّارة عند عدمها ، هذا.

مع استفاضة المعتبرة بترتّب الكفّارة على المواقعة الظاهرة في الحصر ، ولا يبعد كونها متواترة ، هذا ، مع أنّ المتبادر منه عرفاً وعادةً ذلك البتّة.

ومنه يظهر ضعف القول بترتّب الكفّارة على مطلق المسيس ، ولو كان نحو قبلة ، كما عن المبسوط والخلاف (٢) ، وحجّته من عموم المسيس لغةً لذلك.

وأمّا الاستناد له إلى تنزيلها منزلة المحرّمة مؤبّداً فهو مصادرة ، مع استلزامه حرمة النظر بلذّة ، وليس في الآية دلالة عليها بوجه ، مع عدم مصير المخالف إليه أيضاً.

واعلم أنّه إنّما يحرم الوطء عليه بالظهار ، ولا عليها ، إلاّ إذا تضمّن الإعانة على الإثم ، فيحرم لذلك لا للظهار ، فلو تشبّهت عليه على وجه لا تحرم عليه ، أو استدخلته وهو نائم مثلاً لم يحرم عليها ؛ لثبوت الحلّ لها قبله ، والأصل بقاؤه.

( الثانية : لو طلّقها وراجع في العدّة لم تحلّ ) مجامعتها ( حتى يكفّر ) إجماعاً ، حكاه جماعة (٣) ؛ لإطلاق الآية (٤) ، وصريح بعض المعتبرة‌

__________________

(١) المتقدم في ص ٣٨٧.

(٢) المبسوط ٥ : ١٥٥ ، الخلاف ٤ : ٥٣٩.

(٣) منهم الشهيد في المسالك ٢ : ٨٠ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١٦٣ ، والسبزواري في الكفاية : ٢١٢ ، والمجلسي في مرآة العقول ٢١ : ٢٦٣ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٦٨١.

(٤) المجادلة : ٣.

٣٩٢

الآتية ، وما ينافيه بإطلاقه ممّا يأتي محمول على الصورة الثانية بما مرّ والمعتبرة المفصِّلة.

( و ) أمّا ( لو ) طلّقها بائناً أو رجعيّاً وقد ( خرجت ) من العدّة ( فاستأنف النكاح ) فإنّه ( فيه روايتان ، أشهرهما ) وأظهرهما ( أنّه لا كفّارة ) عليه.

ففي الصحيح : عن رجل ظاهر من امرأته ، ثم طلّقها قبل أن يواقعها ، فبانت منه ، أعليه كفارة؟ قال : « لا » (١).

وفيه كالخبر ، بل الحسن ـ : عن رجل ظاهر من امرأته ، ثم طلّقها تطليقة؟ فقال : « إذا هو طلّقها تطلقة فقد بطل الظهار ، وهدم الطلاق الظهار » قيل له : فله أن يراجعها؟ قال : « نعم ، هي امرأته ، فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسّا » قلت : فإن تركها حتى يخلو أجلها وتملك نفسها ، ثم تزوّجها بعد ذلك هل يلزمه الظهار من قبل أن يمسّها؟ قال : « لا ، قد بانت منه ، وملكت نفسها » (٢).

وعليهما يحمل إطلاق الصحيحين في المظاهر إذا طلّق سقطت عنه الكفّارة (٣).

والرواية الأُخرى الحسنة : عن رجل ظاهر من امرأته ، ثم طلّقها بعد ذلك بشهر أو شهرين ، فتزوّجت ، ثم طلّقها الذي تزوّجها ، فراجعها الأوّل ، هل عليه الكفّارة للظهار الأوّل؟ قال : « نعم » الخبر (٤).

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٦١ / ٣٥ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٨ أبواب الظهار ب ١٠ ح ٣.

(٢) الكافي ٦ : ١٦١ / ٣٤ ، الفقيه ٣ : ٣٤٢ / ١٦٤٣ ، التهذيب ٨ : ١٦ / ٥١ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٨ أبواب الظهار ب ١٠ ح ٢.

(٣) راجع ص ٣٨٧ ، ٣٨٨.

(٤) التهذيب ٨ : ١٧ / ٥٢ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٠ أبواب الظهار ب ١٠ ح ٩.

٣٩٣

وقد عمل به الديلمي والحلبي (١) ، وفيه قصور سنداً وعدداً عن المقاومة لما مرّ جدّاً ، ومع ذلك محتمل للتقية ، وبها أجاب عنه الشيخ ، قائلاً : إنّه مذهب جماعة من العامّة (٢).

والأجود حمله على الاستحباب ، كما ذكره جماعة (٣) ، أو على صورة إرادته الفرار بالطلاق من الكفّارة ؛ للخبر : « إن كان إنّما طلّقها لإسقاط الكفّارة عنه ثم راجعها فالكفّارة لازمة له أبداً إذا عاود المجامعة ، وإن كان طلّقها وهو لا ينوي شيئاً من ذلك فلا بأس ، ولا كفّارة عليه » (٤).

إلاّ أنّه مع قصور سنده بالإرسال ، وضعفه عن المقاومة لما مرّ شاذّ ، لا يلتفت إليه ، ومع ذلك فإطلاق نفي الكفّارة فيه بعد الرجوع مع عدم قصد الفرار مخالف للإجماع بالضرورة ، إلاّ أنّه يمكن تقييده بصورة تحقّق البينونة.

( الثالثة : لو ظاهر من أربع ) نسوة ( بلفظ واحد ) وكلمة واحدة ، فقال : أنتنّ عليّ كظهر أُمّي ( لزمه أربع كفّارات ) على الأظهر الأشهر بين الطائفة ؛ لإطلاق الآية (٥) والسنّة ، وخصوص المعتبرة ، أصرحها الصحيح : في رجل كان له عشر جوارٍ فظاهر منهنّ كلّهنّ جميعاً بكلام واحدة ، فقال : « عليه عشر كفّارات » (٦).

__________________

(١) الديلمي في المراسم : ١٦٠ ، الحلبي في الكافي : ٣٠٤.

(٢) التهذيب ٨ : ١٧.

(٣) منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ٣٧٦ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٨١ ، والسبزواري في الكفاية : ٢١٢.

(٤) الكافي ٦ : ١٥٩ / ٢٨ ، الوسائل ٢٢ : ٣١٩ أبواب الظهار ب ١٠ ح ٦.

(٥) المجادلة : ٣ ، ٤.

(٦) الكافي ٦ : ١٥٧ / ١٦ ، التهذيب ٨ : ٢١ / ٦٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٣ / ٩٤٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢١ أبواب الظهار ب ١١ ح ٣.

٣٩٤

( وفي رواية ) موثّقة (١) أنّ عليه ( كفّارة واحدة ) عمل بها الإسكافي (٢) ، ولقصورها سنداً وعدداً عن المقاومة لما مرّ جدّاً حملها الشيخ على الوحدة الجنسيّة (٣) ، ولا بأس به وإن بعد ؛ جمعاً بين الأدلّة.

( وكذا البحث لو كرّر ظهار ) المرأة ( الواحدة ) يلزمه بكلّ مرّة كفّارة على حدةٍ ؛ لبعض ما مرّ ، وللمستفيضة ، منها الصحاح ، في أحدها : عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرّات أو أكثر؟ قال : « قال عليّ عليه‌السلام : عليه مكان كلّ مرّة كفّارة » (٤) ونحوه الباقي (٥).

وإطلاقها كالعبارة يقتضي عدم الفرق في الحكم بين تراخي أحدهما عن الآخر أو تواليهما ، بقصد التأكيد أم لا ، تعدّد المشبّه بها كالأُمّ والأُخت أم لا ، تخلّل التكفير بينهما أم لا ، اختلف المجلس أم تعدّد ، وهو الأظهر الأشهر بين الطائفة.

خلافاً للطوسي في المتواليين مع قصد التأكيد ، فواحدة مطلقاً (٦).

وللإسكافي فيما إذا اتّحد المشبّه بها مع عدم تخلّل التكفير مطلقاً (٧).

ولغيرهما فيما إذا اتّحد المجلس ، فكذلك مطلقاً (٨).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٣٤٥ / ١٦٥٥ ، التهذيب ٨ : ٢١ / ٦٨ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٣ / ٩٤٤ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٧ أبواب الظهار ب ١٤ ح ٣.

(٢) كما حكاه عنه في المختلف : ٦٠٢.

(٣) الاستبصار ٣ : ٢٦٤ ، التهذيب ٨ : ٢٢.

(٤) الكافي ٦ : ١٥٦ / ١٢ ، التهذيب ٨ : ١٧ / ٥٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٢ / ٩٣٨ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٤ أبواب الظهار ب ١٣ ح ١.

(٥) الوسائل ٢٢ : ٣٢٤ أبواب الظهار ب ١٣.

(٦) المبسوط ٥ : ١٥٢.

(٧) نقله عنه في المختلف : ٦٠١.

(٨) لم نعثر عليه ، ولعلّ القائل من العامة كما أشار إليه في المسالك ٢ : ٨٢ ، راجع المغني لابن قدامة ٨ : ٦٢٤.

٣٩٥

ولم أقف لهم على حجّة سوى عدم الخلاف الذي ادّعاه الأوّل ، والصحيح الذي احتجّ به للثالث : في رجل ظاهر عن امرأته أربع مرّات في مجلس واحد ، قال : « عليه كفّارة واحدة » (١).

وهو كالأوّل قاصر عن المكافأة لما مرّ ، فليطرحا ، أو يؤوّلا إلى ما يؤولا به إلى الأوّل ، هذا.

وفي الأوّل وهن ؛ لمصير الأكثر إلى خلافه ، وفي سند الثاني ركاكة واشتراك عند جماعة (٢) ، وقد حمله الشيخ (٣) على ما حمل عليه الرواية السابقة من إرادة الوحدة الجنسية ، لا الشخصيّة.

( الرابعة : يحرم الوطء قبل التكفير ) اتفاقاً ، فتوًى ونصّاً ، كتاباً وسنّةً.

( فلو وطئ عامداً لزمه كفّارتان ) إحداهما للظهار ، والأُخرى للمواقعة ، بلا خلاف بين الطائفة ، إلاّ من الإسكافي (٤) ، فلا تجب بالمرّة الأُولى أصلاً ، وأمّا الثانية فكذلك إلاّ مع القدرة على العتق والصيام ، وأمّا الإطعام فلا تجب في الثانية أيضاً. ولم نقف له على شاهد.

نعم في الصحيح وغيره : قلت : إن واقع قبل أن يكفّر؟ قال : « يستغفر الله تعالى ويمسك حتى يكفّر » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٨ : ٢٣ / ٧٣ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٣ / ٩٤٢ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٦ أبواب الظهار ب ١٣ ح ٦.

(٢) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١٦٨ ، وانظر الكفاية : ٢١٣.

(٣) الاستبصار ٣ : ٢٦٣ ، التهذيب ٨ : ٢٣.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٦٠٢.

(٥) الصحيح : الكافي ٦ : ١٥٦ / ١٤ ، الفقيه ٣ : ٣٤٣ / ١٦٤٥ ، التهذيب ٨ : ١٨ / ٥٩ ،

٣٩٦

وهما مع قصور سند الثاني ليسا نصّين في المطلوب ، بل ولا ظاهرين ، وعلى تقدير الظهور فليس فيهما التفصيل المذكور ، فإذاً هما شاذّان.

ومع ذلك معارضان بالمعتبرة المستفيضة ، المعتضدة بالشهرة العظيمة ، منها الصحيحان ، في أحدهما : « لا يمسّها حتى يكفّر » قلت : فإن فعل فعليه شي‌ء؟ قال : « إي والله ، إنّه لآثم ظالم » قلت : عليه كفّارة غير الاولى؟ قال : « نعم ، يعتق أيضاً رقبة » (١).

وفي الثاني : « إذا واقع المرّة الثانية قبل أن يكفّر فعليه كفّارة أُخرى ، ليس في هذا اختلاف » (٢).

ونحوهما الثالث (٣) ، وهو وإن قصر سنده بجهالة الراوي ، إلاّ أنّ فيه المجمع على تصحيح رواياته ، مع انجباره بالشهرة ، ومفهوم الصحيح : « ليس له أن يواقعها حتى يكفّر ، فإن جهل وفعل فإنّما عليه كفّارة واحدة » (٤).

__________________

الإستبصار ٣ : ٢٦٥ / ٩٥٢ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٨ أبواب الظهار ب ١٥ ح ٢. وغيره : الكافي ٦ : ١٦٠ / ٣١ ، الفقيه ٣ : ٣٤٢ / ١٦٤٤ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٨ أبواب الظهار ب ١٥ ح ٣.

(١) التهذيب ٨ : ١٨ / ٥٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٥ / ٩٤٩ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٩ أبواب الظهار ب ١٥ ح ٤.

(٢) الكافي ٦ : ١٥٧ / ١٧ ، التهذيب ٨ : ١٨ / ٥٨ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٥ / ٩٥١ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٨ أبواب الظهار ب ١٥ ح ١.

(٣) التهذيب ٨ : ١٨ / ٥٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٢ / ٩٣٧ ، الوسائل ٢٢ : ٣٢٩ أبواب الظهار ب ١٥ ح ٥.

(٤) التهذيب ٨ : ١١ / ٣٧ ، الإستبصار ٣ : ٢٥٩ / ٩٢٧ ، الوسائل ٢٢ : ٣٣١ أبواب الظهار ب ١٥ ح ٨.

٣٩٧

وصريحه كجماعة (١) وظاهر العبارة اغتفار التعدّد في الجاهل ، ويدلُّ عليه الأصل أيضاً ، مع انتفاء المانع ؛ لاختصاص المعتبرة المتقدّمة بحكم السياق في بعض والتبادر في آخر بالعامد.

ومنه يظهر وجه انسحاب الحكم في الناسي ، وإن اختصّ الصحيح بالجاهل ؛ مضافاً إلى الاعتبار ، والإجماع المركّب ، مع احتمال التعدّي منه إليه بالفحوى ، فتأمّل جدّاً ، هذا.

وفي تفريع الماتن تعدد الكفّارة على الحرمة مناقشة ؛ لعدم التلازم بينها وبين الكفّارة ، فالأجود إبدال الفاء بالواو.

( ولو كرّر ) الوطء ( لزمه لكلّ وطء كفّارة ) مطلقاً ، كفّر عن الأوّل أم لا ، على الأشهر الأقوى ؛ لإطلاق ما مضى.

خلافاً لابن حمزة في الثاني ، فاكتفى فيه بالواحدة (٢). والنص حجّة عليه.

( الخامسة : إذا أطلق الظهار حرمت مجامعتها حتى ، يكفّر ) إجماعاً ؛ لما مضى.

( ولو علّقه بشرط ) من غير وجه يمين ( لم تحرم حتى يحصل الشرط ) فتحرم حينئذٍ إن قلنا به ، وتجب الكفّارة لو أراد الوطء ثانياً ، وفاقاً للأكثر ؛ للأصل ، وصريح ما دلّ على تحقق التحريم به ، وهو الصحيح : « الظهار ضربان : أحدهما الكفّارة فيه قبل المواقعة ، والآخر بعدها ، فالذي يكفّر قبل المواقعة هو الذي يقول : أنتِ عليَّ كظهر أمّي ، ولا يقول : إن فعلت بك كذا وكذا ، والذي يكفّر بعد المواقعة هو الذي يقول : أنتِ عليّ‌

__________________

(١) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١٦٩ ، والسبزواري في الكفاية : ٢١٢ ، والفيض في المفاتيح ٢ : ٣٣٠.

(٢) الوسيلة : ٣٣٥.

٣٩٨

كظهر أُمّي إن قربتك » (١).

( وقال بعض الأصحاب ) وهو الشيخ في النهاية (٢) : والضرب الثاني لا تجب فيه الكفّارة إلاّ بعد أن يفعل ما شرط أنّه لا يفعل ( أو يواقعـ ) ها ، ( وهو بعيد ) إذ لا وجه له ، مع مخالفته ما مرّ ؛ لعدم ترتّب الظهار عليه.

( ويقرب إذا كان الوطء هو الشرط ) كما في الصحيح المتقدّم ، ولكن حمل عبارته عليه تحكّم.

ثم إن كان هو الوطء تحقّق بالنزع ، فتحرم المعاودة قبلها ، ولا تجب قبله ، وإن طالت مدّته ، على أصحّ القولين ؛ حملاً على المتعارف.

خلافاً للشيخ (٣) ، فأوجبها بأوّل آن من صدق الوطء ، بناءً على أنّ الاستمرار وطء ثانٍ. ويضعّف بما مرّ.

( السادسة : إذا عجز عن الكفّارة ) وخصالها الثلاث وأبدالها إن قلنا بها سوى الاستغفار ( قيل : ) وهو مذهب الأكثر ، وقد صرّح به جماعة (٤) ( يحرم وطؤها حتى يكفّر ) أخذاً بظاهر الكتاب والسنّة ، والتفاتاً إلى صريح الصحيح : « كلّ من عجز عن الكفّارة التي تجب عليه من عتق ، أو صوم ، أو صدقة ، في يمين ، أو نذر ، أو قتل ، أو غير ذلك ممّا يجب على صاحبه فيه الكفّارة ، فإنّ الاستغفار له كفّارة ما خلا يمين الظهار ، فإنّه إذا لم يجد ما يكفّر به حرمت عليه أن يجامعها ، وفرّق بينهما ، إلاّ أن ترضى المرأة أن يكون معها ولا يجامعها » (٥).

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٦٠ / ٣٢ ، التهذيب ٨ : ١٢ / ٤٠ ، الإستبصار ٣ : ٢٦٠ / ٩٣٠ ، الوسائل ٢٢ : ٣٣٢ أبواب الظهار ب ١٦ ح ١.

(٢ و ٣) النهاية : ٥٢٥.

(٣) النهاية : ٥٢٥.

(٤) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١٧١ ، والمجلسي في ملاذ الأخيار ١٣ : ٣٩.

(٥) الكافي ٧ : ٤٦١ / ٥ ، التهذيب ٨ : ١٦ / ٥٠ ، الإستبصار ٤ : ٥٦ / ١٩٥ ، الوسائل ٢٢ : ٣٦٧ أبواب الكفارات ب ٦ ح ١.

٣٩٩

( وقيل : ) كما عن الحلّي (١) ( يجتزئ بالاستغفار ، وهو أشبه ) وتبعهما الفاضل في المختلف (٢) ، تمسكاً بأصالة البراءة ، وأنّ إيجاب الكفّارة مع العجز عنها تكليف بغير مقدور ، فيكون مدفوعاً.

والموثّق ، بل الصحيح : « إنّ الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفّارة فليستغفر ربه ، ولينوِ أن لا يعود قبل أن يواقع ، ثم ليواقع ، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفّارة ، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفّر به يوماً من الأيّام فليكفّر » (٣).

وفي الجميع نظر ؛ لانقطاع الأوّل بأدلّة الظهار المثبتة لما يضادّه ، فالأصل يقتضي بقاءه.

واندفاع الثاني بعدم التكليف بالكفّارة نفسها ابتداءً ، بل هو بعد إرادة الوقاع ، ومع عدمها لا تكليف بها أصلاً ، كما مضى.

اللهم إلاّ أن يقال : بتعلّق التكليف بها إذا أتى زمان يجب على المظاهر فيه المواقعة ، والأمر بها يستلزم الأمر بالكفّارة ولو من باب المتقدّمة ، فلو لم يجتزأ بالاستغفار مكانها لزم ما تقدّم من الملازمة ، وهو التكليف بغير المقدور البتّة.

لكن فيه : منع التكليف بالمواقعة في هذه الصورة ، من حيث كونها بفقد الكفّارة غير مقدورة ، وعلى تقدير التنزّل عن ظهور المنع نقول : لا أقلّ من احتماله.

__________________

(١) السرائر ٢ : ٧١٣.

(٢) المختلف : ٦٠٢.

(٣) الكافي ٧ : ٤٦١ / ٦ ، التهذيب ٨ : ٣٢٠ / ١١٩٠ ، الإستبصار ٤ : ٥٦ / ١٩٦ ، الوسائل ٢٢ : ٣٦٨ أبواب الكفارات ب ٦ ح ٤.

٤٠٠