رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-274-1
الصفحات: ٥٣٥

والصحيح : « أجلها شهر ونصف » (١) ونحوهما غيرهما من المعتبرة (٢).

ويحتمل قويّاً حمل إطلاق بعض الفتاوي كالعبارة وغيرها على ذلك ، بورودها مورد الغالب ، وهو : وقوع الطلاق في أواسط الشهر ، أو أوّله مع غلبة تماميّته.

ونحوه الكلام فيما أُطلق فيه العدد في العبارة من المعتبرة ، كالموثق : « عدّة الأمة التي لا تحيض خمسة وأربعون يوماً » (٣) مع قصوره عن المقاومة لما مرّ سنداً وعدداً ، ولكنّه أحوط.

وأمّا الصحيح : عن الأمة إذا طلّقت ما عدّتها؟ قال : « حيضتان ، أو شهران » (٤) فشاذّ لا عمل عليه ، يمكن حمله على ما حمل عليه صدره ، ولعلّه بمعونة الإجماع هنا قرينة واضحة على صحة الحمل في الصدر من إرادة الدخول في الحيضة الثانية ، فيتقوّى القول المشهور في المسألة السابقة.

ولا ينافي الإجماع هنا احتياط الإسكافي بالشهرين (٥) ، كما حكي ؛ لظهور الاحتياط في الاستحباب الغير المنافي لما عليه الأصحاب ، وعلى تقدير المنافاة فلا قدح عليه أيضاً ؛ لمعلومية نسبه.

ولو كانت مسترابة بالحمل كان عليها الصبر بأشهر تسعة ، وفاقاً‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٦٩ / ١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٦ أبواب العدد ب ٤٠ ح ٢.

(٢) الوسائل ٢٢ : ٢٥٦ أبواب العدد ب ٤٠.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٥١ / ١٦٨٠ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٨ أبواب العدد ب ٤٠ ح ٧.

(٤) الكافي ٦ : ١٧٠ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٣٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٨ / ١٢٤٣ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٩ أبواب العدد ب ٤٢ ح ١.

(٥) كما حكاه عنه في المختلف : ٦١٩.

٣٢١

لشيخنا العلاّمة وبعض الأجلّة (١) ؛ التفاتاً إلى ظواهر النصوص الآمرة به في الحرّة (٢) ، التي هي كالصريحة في أنّ الصبر في تلك المدّة لاستعلام البراءة ، ولا يتفاوت فيه الحرّة والأمة.

لكن ظاهرها أنّ الصبر تلك المدّة ليس للعدّة ، بل إنّما هو لمعرفة البراءة ، وأمّا العدّة فهي الأشهر الثلاثة التي بعدها ، وبمقتضى ذلك يجب عليها الصبر هنا بعد التسعة بشهر ونصف البتة ، إلاّ أنّي لم أقف على مفتٍ بذلك ، بل هم ما بين مفتٍ بتسعة ، ومصرّحٍ بعدم وجوبها والاكتفاء بأشهر ثلاثة (٣) ؛ التفاتاً إلى ظهور الحمل في هذه المدّة ، واختصاص الآمرة بالزيادة بالحرّة.

والمناقشة فيه بعد ما عرفت واضحة.

وأمّا لو كانت حاملاً فعدّتها كالحرّة بوضع الحمل ، وفاقاً لجماعة (٤) ، بل حكي عليه الإجماع (٥) ؛ لعموم الآية ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (٦) ولا يتفاوت الحكم في جميع ذلك باختلاف الأزواج بالحرّية والرقّية ، بل يعمّ الصورتين.

و ( تحت عبدٍ كانت أو تحت حرٍّ ) بلا خلاف ؛ لعموم الأدلّة ، ومقتضاها أيضاً عموم الحكم لكلّ أمةٍ ، قنّاً كانت أو مدبّرة أو مكاتبة أو أُمّ‌

__________________

(١) العلاّمة في المختلف : ٦١٩.

(٢) الوسائل ٢٢ : ٢٢٣ أبواب العدد ب ٢٥.

(٣) حكاه عن ابن الجنيد في المختلف : ٦١٩ ، واختاره في التنقيح ٣ : ٣٥٢.

(٤) منهم العلاّمة في القواعد ٢ : ٧٣ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ٣٥٢ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤٢.

(٥) كما في نهاية المرام ٢ : ١٠٨.

(٦) الطلاق : ٤.

٣٢٢

ولد زوّجها مولاها فطلّقها الزوج.

وأمّا المبعّضة فليست داخلة في عموم الأدلة ؛ لعدم التبادر ، وكونها من الأفراد النادرة ، فتعتدّ عدّة الحرّة ، لا لدخولها في أدلّتها ؛ لعين ما مرّ من المناقشة ، بل للاقتصار فيما خالف أصالة بقاء أحكام الزوجية التي منها حرمة النكاح من الغير على المتيقّن من العدّة ، وهي : عدّة الحرّة بلا خلاف ؛ مضافاً إلى إشعار بعض العبارات بالإجماع عليه (١).

( ولو أُعتقت ) الأمة ( ثم طلّقت لزمها عدّة الحرة ) إجماعاً ؛ لأنّها حينئذٍ حرّة.

( وكذا لو طلّقها رجعيا ثم أُعتقت في ) أثناء ( العدّة أكملت عدّة الحرّة ، ولو طلّقها بائناً أتمّت عدّة الأمة ) بلا خلاف بين الطائفة في المقامين ؛ للصحيحين (٢) المطلقين في العدّتين ، لكن يجمعهما بعد الوفاق المفصّل ، المعتبر سنداً بالعمل ، ووجود المجمع على تصحيح روايته فيه ، فلا يضرّ جهالة راويه : في أمةٍ تحت حرٍّ طلّقها على طهر بغير جماع تطليقة ، ثم اعتقت بعد ما طلّقها بثلاثين يوماً ولم تنقض عدّتها ، قال : « إذا أُعتقت قبل أن تنقضي عدّتها اعتدّت عدّة الحرّة من اليوم الذي طلّقها ، وله عليها الرجعة قبل انقضاء العدّة ، فإن طلّقها تطليقتين واحدة بعد واحدة ، ثم اعتقت قبل انقضاء عدّتها ، فلا رجعة له عليها ، وعدّتها عدّة الأمة » (٣).

__________________

(١) المسالك ٢ : ٤٨.

(٢) الأوّل في : التهذيب ٨ : ١٣٥ / ٤٦٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٥ / ١١٩٥ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٣ أبواب العدد ب ٥٠ ح ٣.

الثاني في : التهذيب ٨ : ١٣٥ / ٤٧٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٥ / ١١٩٦ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٣ أبواب العدد ب ٥٠ ح ٤.

(٣) التهذيب ٨ : ١٣٥ / ٤٧١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٣ أبواب العدد ب ٥٠ ح ٢.

٣٢٣

وهو وإن لم يدل على عموم الحكم في البائنة مطلقاً صريحاً ، إلاّ أنّه ربما يستشعر من صدره بل وذيله اشتراط جواز الرجعة في ثبوت عدّة الحرة ، ودورانه مداره ، مع عدم القائل بالفصل في أنواع المطلقة البائنة.

ووجِّه التفصيل زيادةً على الرواية بأنّها في الأوّل في حكم الزوجة ، وقد اعتقت ، فيلزمها عدّة الحرّة ، وفي الثاني في حكم الأجنبية ، فلا يقدح عتقها في العدّة في الحكم عليها بعدّة البائنة.

( وعدّة الذمّية ) التي ليست بأمة ( كالحرّة ) المسلمة ( في ) كلّ من ( الطلاق والوفاة ، على الأشبه ) الأشهر بين الطائفة ، بل ادّعى عليه الوفاق بعض الأجلة (١) ، وهو الحجّة ؛ مضافاً إلى عموم الكتاب والسنّة.

مضافاً إلى خصوص المعتبرة في العدّة الأخيرة ، منها الصحيح : عن النصرانية مات عنها زوجها ، وهو نصراني ، ما عدّتها؟ قال : « عدّة الحرّة المسلمة أربعة أشهر وعشراً » (٢).

ونحوه الموثق (٣) ، إلاّ أنّه صريح في أنّ عدّتها في الطلاق عدّة الإماء ، معلِّلا بأنّهنّ مماليك الإمام ، ولأجل هذا التعليل لا يمكن حمله على كون النصرانية المسئول عنها أمة لا مطلقا.

وهذا التعليل مستفيض في النصوص ، لأجله تنهض بالدلالة على المستفادة من هذه الموثقة من أنّ عدّتها في الطلاق عدّة الأمة ، مع تأيّده بمفهوم الخبرين ، أحدهما الصحيح : في أُمّ ولد لنصراني أسلمت ،

__________________

(١) الحدائق ٢٥ : ٥٠٧.

(٢) الكافي ٦ : ١٧٥ / ٣ ، التهذيب ٨ : ٩١ / ٣١١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٧ أبواب العدد ب ٤٥ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ١٧٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤٧٨ / ١٩١٨ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٦ أبواب العدد ب ٤٥ ح ١.

٣٢٤

أيتزوّجها المسلم؟ قال : « نعم ، وعدّتها من النصراني إذا أسلمت عدّة الحرّة المطلّقة ثلاثة أشهر ، أو ثلاثة قروء » الخبر (١).

وأظهر منه الثاني : « عدّة العِلجة (٢) إذا أسلمت عدّة المطلّقة إذا أرادت أن تتزوّج غيره » (٣).

إلاّ أنّ فيه قطعاً وجهالةً ، وفي الصحيح وما تقدّمه من الموثقة والتعليل المأثور في المستفيضة قصوراً عن المقاومة لما مرّ من عموم الكتاب والسنّة ، المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل إجماع في الحقيقة ، كما حكاه بعض الأجلّة ، ومع ذلك مؤيّدة بأصالة بقاء حرمة الزوجية.

مضافاً إلى ندرة القائل بما في الموثّقة ، بل لم نقف عليه بالمرّة ، وقد صرّح بذلك جماعة (٤) ، ونصّ بعضهم بأنّها مطرحة (٥) ، وما هذا شأنه لا سبيل للعمل به البتّة.

( وتعتدّ الأمة ) غير ذات الولد من مولاها ( من الوفاة ) وفاة الزوج ( بشهرين وخمسة أيّام ) عند أكثر القدماء والمتأخّرين ، بل لعلّه عليه عامتهم ، إلاّ من ندر من متأخّريهم (٦) ؛ لقاعدة التنصيف ممّا عليه الحرّة.

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٧٦ / ٤ ، التهذيب ٨ : ٩١ / ٣١٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٨ أبواب العدد ب ٤٦ ح ١.

(٢) العِلج : الرجل من كفّار العجم وغيرهم. النهاية لابن الأثير ٣ : ٢٨٦ ، المصباح المنير : ٤٢٥ مجمع البحرين ٢ : ٣١٩.

(٣) الكافي ٦ : ١٧٥ / ٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٨ أبواب العدد ب ٤٦ ح ٢.

(٤) منهم المحقق في الشرائع ٣ : ٤١ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤٣.

(٥) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ٣٥٢.

(٦) الجامع لابن سعيد : ٤٧١ ، انظر زبدة البيان للمحقق الأردبيلي : ٥٩٨.

٣٢٥

وللصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة بنفسها في بعض ، وبالشهرة العظيمة في آخر ، ففي الصحيح : « الأمة إذا توفّي عنها زوجها فعدّتها شهران وخمسة أيام » (١).

خلافاً للصدوق والحلّي وظاهر الكليني (٢) ، فكالحرّة ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، إلاّ أنّ بعضها مختصّ بذات الولد من المولى ، وسيأتي إليه الإشارة (٣).

وفي الصحيح : « كلّ النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرّةً كانت ، أو أمة ، أو على أي وجهٍ كان النكاح منه متعة ، أو تزويجاً ، أو ملك يمين فالعدّة أربعة أشهر وعشراً » الخبر (٤).

وفيه : « إنّ الحرّة والأمة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة ، إلاّ أنّ الحرّة تحدّ ، والأمة لا تحدّ » (٥).

وفي القوي : « عدّة المملوكة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيّام » (٦).

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١٥٤ / ٥٣٦ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٧ / ١٢٣٩ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦١ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٩.

(٢) الصدوق في المقنع : ١٢١ ، الحلي في السرائر ٢ : ٧٣٥ ، الكليني في الكافي ٦ : ١٧٠.

(٣) في ص ٣٢٧.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٩٦ / ١٤٠٨ ، التهذيب ٨ : ١٥٧ / ٥٤٥ ، الإستبصار ٣ : ٣٥٠ / ١٢٥٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٥ أبواب العدد ب ٥٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ١٧٠ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٢٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٧ / ١٢٤١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٩ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٢.

(٦) التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٣٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٧ / ١٢٤٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٠ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٥.

٣٢٦

وحملت هذه الروايات في المشهور بين المتأخّرين بذات الولد من المولى ، والأخبار المتقدمة بغيرها ؛ جمعاً ، والتفاتاً إلى الصحيحين الآتيين (١) ، الصريحين في اعتداد ذات الولد بعدّة الحرّة.

وفيه نظر ؛ لأنّه فرع التكافؤ ، وليس ؛ لمخالفة الأخبار الأوّلة لظاهر إطلاق الكتاب وموافقتها للتقية ، كما حكاه خالي العلاّمة (٢) طاب ثراه.

ومع ذلك فإنّ بعض الروايات الأخيرة كالصريح في العموم لغير ذات الولد.

ومع ذلك فإنّ هذه الأخبار معتضدة بإطلاق كثير من المعتبرة باعتداد الزوجة على الإطلاق أربعة أشهر وعشراً (٣) ، الشاملة للحرّة والأمة ، وبما مضى من اعتداد المتعة في الوفاة بعدّة الحرّة (٤) ، الظاهر في الدلالة على الحكم في المسألة بضميمة صحيحة زرارة أنّ على المتعة ما على الأمة (٥).

ومؤيّدة بما مضى في المسألة السابقة (٦) من المعتبرة الصريحة في أنّ عدّة الذميّة في الوفاة كعدّة الحرّة ، مع تصريح بعضها بالحكم في الأمة ، وأنّها كذلك أيضاً ، وبأنّ الذمّية أمة للإمام عليه‌السلام ، كما صرّحت به المعتبرة الأُخر ، فترجع دلالتها بمعونة التعليل إلى أنّ كلّ أمة حكمها في عدّة الوفاة كالذمّية التي هي أمة.

__________________

(١) في ص ٣٢٧ ، ٣٢٨.

(٢) ملاذ الأخيار ١٣ : ٢٩٨.

(٣) الوسائل ٢٢ : ٢٣٥ أبواب العدد ب ٣٠.

(٤) راجع ص ٣٠٨.

(٥) الفقيه ٣ : ٢٩٦ / ١٤٠٨ ، التهذيب ٨ : ١٥٧ / ٥٤٥ ، الإستبصار ٣ : ٣٥٠ / ١٢٥٢ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٥ أبواب العدد ب ٥٢ ح ٢.

(٦) راجع ص ٣٢٣.

٣٢٧

وليس في الروايات الأوّلة من المرجّحات سوى الشهرة العظيمة في خلاف هذا القول ، ولعلّها بمجرّدها غير مكافئة لما في هذه الروايات من المرجّحات المذكورة ، المورثة للظنّ القويّ غاية القوّة ، ومع ذلك فالاحتياط بمراعاتها البتّة ، بل لا يجوز العدول عنه ؛ تمسّكاً بأصالة الحرمة.

وأمّا الاستشهاد بالصحيحين على التفصيل فليس في محلّه ؛ إذ غايتها إثبات الحكم في ذات الولد ، وهو غير ملازم لنفيه عمّا عداها ، إلاّ بنوعٍ من التوجيه المتمشّى في أحدهما خاصة ، قد قرّرناه في بحث عدّة المتعة ، ولكنّه معارض بما في ذيله المنافي له ، المشعر بالعموم ، كما يأتي.

كلّ ذا إذا كانت حائلاً.

( ولو كانت حاملاً اعتدّت مع ذلك ) وهو العدد : شهران وخمسة أيّام ( بالوضع ) بأن تجعل العدّة أبعدهما ، إجماعاً ، حكاه جماعة (١) ؛ جمعاً بين عمومي الآية ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (٢) مع عدم مخصّصٍ لها صريحاً ، وما قدّمناه من المعتبرة باعتبار المدّة ، بحملها على الحائل أو الحامل التي تضع في أقلّ من المدّة ، وحمل الآية على غيرها.

كلّ ذا في الأمة غير ذات الولد من المولى.

( و ) أمّا ( أُمّ الولد ) منه ( فتعتدّ من وفاة الزوج ) مطلقا ، كانت ذات ولد منه أم لا ، إجماعاً ( كالحرّة ) على الأظهر الأشهر ، بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر ؛ لعموم الأدلّة المتقدّمة من الكتاب والسنّة السليمة عن‌

__________________

(١) منهم الشهيد في المسالك ٢ : ٤٩ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١١٢ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٤٩.

(٢) الطلاق : ٤.

٣٢٨

معارضة الأخبار المتقدّمة باعتدادها بالنصف ممّا على الحرّة ؛ لاختصاصها بحكم التبادر والغلبة بغير ذات الولد البتة.

مضافاً إلى الصحيحين ، في أحدهما : عن رجل كانت له أُمّ ولد ، فزوّجها من رجل ، فأولدها غلاماً ، ثم إنّ الرجل مات فرجعت إلى سيّدها ، إله أن يطأها؟ قال : « تعتدّ من الزوج أربعة أشهر وعشراً ، ثم يطؤها بالملك من غير نكاح » (١).

وفي الثاني : « إنّ علياً عليه‌السلام قال في أُمّهات الأولاد : لا يتزوّجن حتى يعتددن أربعة أشهر وعشراً ، وهنّ إماء » (٢).

وهما مع صحتهما وصراحتهما في المطلوب واعتضادهما بالأُصول والعمومات معتضدان بالشهرة العظيمة المتأخّرة التي كادت تكون إجماعاً ، ومع ذلك سليمان عمّا يصلح للمعارضة ؛ لما مرّ إليه الإشارة ، وليس فيهما إشارة إلى التقييد بذات الولد المستلزم للنفي عمّا عداها.

نعم في الثاني ربما كان فيه دلالة عليه ، من حيث وقوع السؤال في صدرها عن عدّة مطلق الأمة ، واختصاص الجواب المتضمّن لعدّة الحرّة بأُمّ الولد المشعر بذلك.

وفيه نظر ؛ إذ هو حيث لا يمكن استفادة حكم مطلق الأمة منه ، وليس إلاّ مع فقد قوله في الذيل : « وهنّ إماء » المشعر بالعموم ، وورود الحكم على مطلق الأمة ، وكأنّه عليه‌السلام أراد بيان حكم مطلق الأمة بقضيّة‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٧١ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٣١ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٨ / ١٢٤٤ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٩ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٢.

(٢) الكافي ٦ : ١٧٠ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٥٣ / ٥٣٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٨ / ١٢٤٣ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٩ أبواب العدد ب ٤٢ ح ١.

٣٢٩

علي عليه‌السلام في أُمّهات الولد ، لكن لمّا كان ربما يتوهّم منه الاختصاص بهنّ ذكر عليه‌السلام أنّ حكمه عليهنّ كان في حال كونهنّ إماءً ولسن بحرائر ، وهذه الحالة بعينها موجودة في فاقدة الولد.

وكيف كان فاعتداد ذات الولد بعدّة الحرّة ليس محلّ شبهة ، وإن حكي عن أكثر القدماء المخالفة (١) ، والاعتداد بنصف ما على الحرّة ، إلاّ أنّها ضعيفة البتّة.

ثمّ ظاهر العبارة عدم اعتداد أُمّ الولد من المولى من موته بتلك المدّة ، بل اعتدادها من موت الزوج خاصّة ، وحكي عن الحلّي (٢) صريحاً ، مع حكمه بأنّ عليها الاستبراء خاصة ، ونفى عنه البأس في المختلف (٣) ، وجزم به في موضع من التحرير (٤) شيخنا العلاّمة ؛ للأصل ، واختصاص العدّة بالزوجة.

وفيه نظر ؛ للمنع عنهما بعد ورود المعتبرة باعتداد الأمة من موت المولى عدّة الحرّة ، منها الصحيح السابق في أُمّهات الأولاد : « لا يتزوّجن حتى يعتددن أربعة أشهر وعشراً » (٥).

وهو نصّ في أُمّ الولد ، وعام لموت الموالي والأزواج ، ولعلّه ظاهر في الأوّل ، ويؤيّده الصحيح المتقدّم (٦) ، المعمِّم للحكم في كل زوجة وموطوءة ولو بالملك.

__________________

(١) حكاه عنهم الشهيد في المسالك ٢ : ٤٩.

(٢) السرائر ٢ : ٧٣٥.

(٣) المختلف : ٦١١.

(٤) التحرير ٢ : ٧٥.

(٥) المتقدم في ص ٣٢٨.

(٦) في ص ٣٢٥.

٣٣٠

والصحيح : يكون الرجل تحته السرية فيعتقها ، فقال : « لا يصلح لها أن تنكح حتى تنقضي ثلاثة أشهر ، وإن توفّي عنها مولاها فعدّتها أربعة أشهر وعشراً » (١).

والموثق : عن الأمة يموت سيّدها؟ فقال : « تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها » (٢).

وفي الخبر ، بل الحسن : في الأمة إذا غشيها سيّدها ، ثم أعتقها « فإنّ عدّتها ثلاث حيض ، فإن مات عنها فأربعة أشهر وعشراً (٣) » (٤).

وفي الاستدلال بهذه الرواية مع قصور سندها وكذا بالصحيحة الثانية كما وقع عن جماعة (٥) نظر ؛ لظهورهما في الاعتداد بعدّة الحرّة بعد أن صارت معتقة ، وليستا حينئذٍ من محلّ البحث في شي‌ء ، بل لموردهما حكم على حدة ، يأتي إليه الإشارة.

فانحصر الأدلّة في الصحيحين الأوّلين والموثقة ، وهي كافية في الحجّة ، سيّما مع اعتضادها بالشهرة ، كما يظهر من بعض الأجلّة (٦) ،

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٧١ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٥٦ / ٥٤٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٩ / ١٢٥٠ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٢ أبواب العدد ب ٤٣ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ١٧١ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٥٥ / ٥٣٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٩ / ١٢٤٩ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٠ أبواب العدد ب ٤٢ ح ٤.

(٣) كذا ، وفي الكافي والوسائل : وعشر ، ولعلّه الأنسب.

(٤) الكافي ٦ : ١٧١ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٥٥ / ٥٣٨ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٩ / ١٢٤٨ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٣ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٥.

(٥) منهم الشيخ في التهذيب ٨ : ١٥٣ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٩ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ١١٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤٣.

(٦) كالشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٩.

٣٣١

وحكي عن الطوسي والحلبي وابن حمزة وموضع من التحرير وشيخنا الشهيد في اللمعة (١) ، واختاره من المتأخّرين عنهم جماعة (٢) ، مدّعين كون تلك المعتبرة عن المعارض سليمة.

وليس كذلك ؛ فإنّ الرواية الأخيرة ظاهرة في اشتراط الغشيان ثم الإعتاق في الاعتداد بالمدّة المزبورة ، ولازمه عدمه بعدم الإعتاق ، وحيث لا قائل بعد ثبوت العدم بعدّة اخرى سوى الاستبراء استقرّ دلالتها بعدم الاعتداد مطلقا مع عدم الإعتاق ، كما هو مفروض البحث ، وسند الرواية ليس بذلك الضعيف ، بل ربما يعدّ من الحسن ، ومع ذلك معتضد بالأصل المتيقّن ، وعمومات ما دلّ على أنّ على الأمة الاستبراء خاصّة ، من دون تفصيل بين موت مواليهنّ وعدمه ، ومؤيّد بموافقة فتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد ، فالقول به لا يخلو عن قوّة.

إلاّ أنّ الشهرة في جانب الأخبار السابقة ربما غلبت المرجّحات المزبورة ، مع الاعتضاد بأصالة بقاء الحرمة ، فهو الأقوى في المسألة.

إلاّ أنّ منشأ القوّة إنّما هو الشهرة ، فلندر مدارها ، وإنّما هو ذات الولد خاصّة ، وأمّا غيرها كالأمة المحضة الغير المتشبثة بذيل الحرّية فإنّ المشهور أنّ عليها الاستبراء خاصّة ؛ عملاً بما قدّمناه من الأدلّة.

خلافاً للطوسي (٣) ، فساوى بينهما في العدّة ؛ عملاً بإطلاق تلك المعتبرة.

__________________

(١) الطوسي في النهاية : ٥٣٦ ، الحلبي في الكافي : ٣١٣ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٢٨ ، التحرير ٢ : ٩٦ ، اللمعة ( الروضة البهية ٦ ) : ٧٠.

(٢) منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ٣٥٤ ، والشهيد الثاني في الروضة ٦ : ٧٠ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤٣.

(٣) انظر الاستبصار ٣ : ٣٤٧ ، والتهذيب ٨ : ١٥٥.

٣٣٢

وهي مع عدم الشهرة غير مكافئة لأصالة البراءة ، والعمومات السابقة ، مع مفهوم الرواية المتقدّمة ، المعتضد جميع ذلك هنا بالشهرة العظيمة فيخصّ بها عموم الصحيحة والموثقة ، ويجعل المراد منها أُمّهات الأولاد خاصّة.

ومفهوم الرواية السابقة وإن عمّت أُمّهات الأولاد ، إلاّ أنّها مخصّصة بغيرهنّ بعموم الصحيحة المتقدّمة فيهنّ ، الشاملة لذوات الأزواج وغيرهنّ ، فتأمّل.

ولعلّ هذا هو وجه الحكمة في عدم موافقة أحدٍ من الطائفة للشيخ في المسألة ، ولا عجب فيه ، كما ذكره بعض الأجلّة (١).

ثم كلّ ذا إذا لم تكن حين وفاته مزوّجة ، وإلاّ فلا عدّة عليها من وفاته ، بإجماع الطائفة ، كما حكاه جماعة (٢) ؛ للأصل ، واختصاص المثبتة من المعتبرة بحكم التبادر بغيرها بالضرورة.

ثم ظاهر اشتراط الغشيان في الرواية السابقة أنّه لا عدّة عليها مع عدمه ، ونحوها المعتبر ، بل الصحيح : في المدبّرة إذا مات مولاها : « إنّ عدّتها أربعة أشهر وعشراً (٣) من يوم يموت سيّدها ، إذا كان سيّدها يطؤها » الخبر (٤).

وهو وإن كان مورده المدبّرة ، إلاّ أنّه بالفحوى يدل على الحكم في‌

__________________

(١) وهو الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٩.

(٢) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤٣ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٥١٤.

(٣) كذا ، وفي الكافي والوسائل ، وعشرٌ ، ولعلّه الأنسب.

(٤) الكافي ٦ : ١٧٢ / ٨ ، التهذيب ٨ : ١٥٦ / ٥٤٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٩ / ١٢٤٧ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٤ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٧.

٣٣٣

المسألة ، فإنّها مع حرّيتها إذا كانت لا تعتدّ بالأربعة أشهر وعشراً ، فالأولى أن لا تعتدّ بها مع رقّيتها جدّاً ، وهو ظاهر الفتاوي أيضاً ؛ لاختصاصها بالمدخول بها دون غيرها ، وبهما يقيّد إطلاق ما مضى من المعتبرة ، مع أنّها المتبادرة منهما خاصّة ، لكن هذا في العدّة عن وفاة المولى ، وأمّا الزوج فالحكم عامّ للمدخول وغيرها قطعاً ؛ لإطلاق النص والفتوى ، مع عدم معارض لهما أصلاً.

( و ) يتفرع على ما ذكرناه من اعتداد الأمة ذات الولد من وفاة الزوج بعدّة الحرّة ، وغيرها بعدّة الأمة أنّه ( لو طلّقها ) أي ذات الولد ( الزوج ) طلاقاً ( رجعيّاً ، ثم مات وهي في العدّة استأنفت عدّة الحرّة ) لأنّها بمنزلة الزوجة ، ويدلُّ عليه إطلاق أكثر المعتبرة بإثبات هذا الحكم في الحرّة المطلّقة المتوفّى عنها زوجها في عدّتها الرجعية.

( و ) لازم ذلك أنّها ( لو لم تكن ذات ولد استأنفت عدّة الأمة للوفاة ) وأنّها لو طلّقت بائنة استمرّت على عدّتها السابقة ؛ لعين ما ذكرناه في الحرّة المتوفّى عنها زوجها في العدّة البائنة من الأصل وغيره ، سوى الرواية ؛ لظهور اختصاصها بحكم السياق بالحرّة دون الأمة ، ولكن فيما عداها كفاية ، مع إمكان الاستدلال لها بفحواها ، كما لا يخفى (١) ، فتأمّل جدّاً.

( ولو مات زوج الأمة ) غير ذات الولد ( ثم أعتقت ) في العدّة ( أتمّت عدة الحرّة تغليباً لجانب الحرّية ) واستصحاباً للحرمة السابقة ،

__________________

(١) فإنّ الحرّة مع الاتفاق على وجوب عدّة الوفاة عليها ولو في الجملة إذا لم تجب عليها إذا توفي عنها زوجها في العدّة البائنة فلان لا تجب على الأمة التي اختلف في أصل وجوب هذه العدّة عليها أولى. ( منه قدس‌سره ).

٣٣٤

والتفاتاً إلى عموم الأدلّة من الكتاب والسنّة باعتداد مطلق الزوجة حرّة كانت أو أمة بأربعة أشهر وعشراً ، خرجت منه الأمة المحضة الغير المعتقة بالمرّة بأخبارها الماضية المختصّة على تقدير تسليمها بها من حيث التبادر جدّاً.

مضافاً إلى خصوص بعض النصوص هنا ، كالصحيح : في أمة طلّقت ثم اعتقت قبل أن تنقضي عدّتها ، فقال : « تعتدّ بثلاث حيض ، فإن مات عنها زوجها ، ثم اعتقت قبل أن تنقضي عدّتها ، فإنّ عدّتها أربعة أشهر وعشراً » (١) ونحوه غيره (٢).

( ولو وطئ المولى أمته ثم أعتقها ) في حياته ( اعتدّت بثلاثة قروء ) إن كانت غير مسترابة ، وتعتدّ هي بالأشهر الثلاثة على الأظهر الأشهر بين الطائفة ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، ففي الصحيح : في المدبّرة إذا مات مولاها : « إنّ عدّتها أربعة أشهر وعشراً من يوم يموت سيّدها ، إذا كان سيّدها يطؤها » قيل له : فالرجل يعتق مملوكته قبل موته بساعة أو بيوم ثم يموت ، فقال : « هذه تعتدّ بثلاث حيض أو ثلاثة قروء من يوم أعتقها سيّدها » (٣) وبمعناه الخبران الآخران في اعتبار الاعتداد بالأقراء (٤).

وفي الصحيحين وغيرهما : « لا يصلح للسرية المعتقة أن تنكح حتى‌

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٣٥٢ / ١٦٨٥ ، الوسائل ٢٢ : ٢٧٢ أبواب العدد ب ٥٠ » ح ١.

(٢) الوسائل ٢٢ : ٢٧٢ أبواب العدد ب ٥٠.

(٣) الكافي ٦ : ١٧٢ / ٨ ، التهذيب ٨ : ١٥٦ / ٥٤٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٩ / ١٢٤٧ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٤ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٧.

(٤) الكافي ٦ : ١٧٢ / ٧ ، التهذيب ٨ : ١٥٦ / ٥٤١ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٨ / ١٢٤٦ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٤ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٦.

٣٣٥

تنقضي عدّتها ثلاثة أشهر » (١).

خلافاً للحلّي (٢) ، فأوجب الاستبراء خاصّة ؛ لما مضى من الأدلّة قريباً.

وهي مخصَّصة بهذه النصوص التي هي مع صحة أكثرها ، واعتبار باقيها معتضدة بالشهرة ، ومؤيّدة بأصالة بقاء الحرمة ، ولذا لم يوافقه أحد من الطائفة ، فخلافه ضعيف ، كضعف خلافه فيما يستفاد من الصحيحة الاولى : من اعتداد المدبّرة الموطوءة من وفاة المولى بأربعة أشهر وعشراً ، وهي مع صحة سندها ، واعتضادها بالشهرة المحكية ، وتأيّدها بالأصالة المتقدّمة معتضدة بإطلاق كثير من المعتبرة ، منها الصحيح : الرجل يكون تحته السرية فيعتقها ، فقال : « لا يصلح لها أن تنكح حتى تنقضي عدّتها ثلاثة أشهر ، وإن توفّي عنها مولاها فعدّتها أربعة أشهر وعشراً » (٣).

وقيّده وغيره أكثر الأصحاب تبعاً للشيخ (٤) بالتدبير.

وفيه نظر ؛ لأنّه كالنص في العتق المنجّز.

وأصرح منه المرسل كالصحيح ، إلاّ أنّ فيه قطعاً : في رجل أعتق أُمّ ولده ، ثم توفّي عنها قبل أن تنقضي عدّتها ، قال : « تعتدّ بأربعة أشهر وعشراً ، وإن كانت حبلى اعتدّت بأبعد الأجلين » (٥) فتأمّل.

__________________

(١) انظر الوسائل ٢٢ : ٢٦٢ أبواب العدد ب ٤٣ ح ١ ، ٨.

(٢) السرائر ٢ : ٧٤٤.

(٣) الكافي ٦ : ١٧١ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٥٦ / ٥٤٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٩ / ١٢٥٠ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٢ أبواب العدد ب ٤٣ ح ١.

(٤) الشيخ في الاستبصار ٣ : ٣٤٩ ، والنهاية : ٥٣٦ ، وتبعه ابن حمزة في الوسيلة : ٣٢٩ ، والحلي في السرائر ٢ : ٧٤٤ ، والمحقق في الشرائع ٣ : ٤١ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ٧٣.

(٥) الكافي ٦ : ١٧٢ / ٦ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٤ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٩.

٣٣٦

والعمل بهما أحوط ، سيّما مع تأيّدهما بإطلاق الخبرين ، بل ظاهرهما ، في أحدهما : في الأمة إذا غشيها سيّدها ثم أعتقها : « فإنّ عدّتها ثلاث حيض ، فإن مات عنها فأربعة أشهر وعشراً » (١).

وفي الثاني : عن رجل أعتق وليدته عند الموت؟ فقال : « عدّتها عدّة الحرّة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً » (٢).

ولكن في تعيّن المصير إليهما نظر ؛ لعدم مكافأتهما لما مرّ من الصحيح ، المصرح بعدم الاعتداد بعدّة الوفاة مع تنجّز الإعتاق ، المعتضد بفتوى أكثر الأصحاب ، وإطلاق ما مرّ من النصوص من اعتداد الأمة المطلقة بالإعتاق بالأقراء أو الأشهر من دون تفصيل بين موت المولى وعدمه.

مضافاً إلى قصور الأخبار الأخيرة بالقطع في الأوّل ، والضعف على الأشهر في الثاني ، وبلا خلاف في الثالث ؛ مع ورود خبرين منها في أُمّ الولد ، المحتمل قولهم بذلك فيها ؛ ومخالفتها الاعتبار ، من حيث إنّ الإعتاق كالطلاق البائن ، ومن حكمه كما مرّ عدم استئناف عدّة الوفاة لو تحقّق في عدّته.

إلاّ أنّ المسألة بعد لا تخلو عن ريبة ؛ لكثرة الروايات المقابلة للصحيحة ، وبلوغها حدّ الاستفاضة ، وهي مع ذلك ما بين صريحة وظاهرة ، ومعتبر أسناد بعضها ، مع اعتضادها أجمع بأصالة بقاء الحرمة ، وفتوى جماعة كإطلاق عبارة الحلبي وظاهر عبارة ابن حمزة (٣) ويظهر من‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٧١ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٥٥ / ٥٣٨ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٩ / ١٢٤٨ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٣ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٥.

(٢) الكافي ٦ : ١٧٢ / ٧ ، التهذيب ٨ : ١٥٦ / ٥٤١ ، الإستبصار ٣ : ٣٤٨ / ١٢٤٦ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٤ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٦.

(٣) الحلبي في الكافي : ٣١٣ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٢٩.

٣٣٧

المختلف (١) الميل إليها أو التردّد ، فالاحتياط فيها لازم البتّة.

( ولو كانت زوجة الحرّ أَمةً فابتاعها ) كلاًّ أو بعضاً ( بطل نكاحه ) بلا خلاف ، بل قيل : إجماعاً (٢) ؛ لصيرورتها بالشراء مملوكة ، فيبطل النكاح رأساً ؛ لأنّ التفصيل في الآية (٣) قاطع للشركة جدّاً.

والأجود الاستدلال عليه بالموثق ، مع ضميمة عدم القول بالفصل : عن رجلين بينهما أمة ، فزوّجاها من رجل ، ثم إنّ الرجل اشترى بعض السهمين؟ فقال : « حرمت عليه » (٤).

مضافاً إلى الاستئناس لذلك بالإجماع ، والمعتبرة المستفيضة (٥) ببطلان نكاح الحرّة إذا اشترت زوجها المملوك أو انتقل إليها مطلقا ، مع ما في بعضها من التعليل الذي يناسب التعميم والشمول لما نحن فيه ، وهو الصحيح : عن امرأة حرّة تكون تحت المملوك ، فتشتريه ، هل يبطل نكاحه؟ قال : « نعم ؛ لأنّه عبد مملوك لا يقدر على شي‌ء » (٦).

( وله وطؤها ) مع شرائها كلاًّ ( من غير استبراء ) إجماعاً ؛ لعموم الأدلّة بحلّ وطء المملوك الشاملة لمفروض المسألة ؛ مضافاً إلى استصحاب الإباحة السابقة.

__________________

(١) المختلف : ٦١٦.

(٢) نهاية المرام ٢ : ١١٥.

(٣) النساء : ٢٥ ، المؤمنون : ٦.

(٤) الكافي ٥ : ٤٨٤ / ٦ ، الفقيه ٣ : ٢٨٥ / ١٣٥٥ ، التهذيب ٨ : ١٩٩ / ٦٩٩ ، الوسائل ٢١ : ١٥٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٦ ح ١.

(٥) الوسائل ٢١ : ١٥٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٩.

(٦) الكافي ٥ : ٤٨٥ / ٤ ، التهذيب ٨ : ٢٠٥ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢١ : ١٥٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٤٩ ح ٢.

٣٣٨

ومنه يظهر عدم لزوم الاستبراء مع أصالة البراءة عن أصله ، إلاّ ما قام الدليل على إثباته فيه ، وليس ما نحن فيه منه ؛ لاختصاص المثبت له بغيره ، مع انتفاء حكمة أصل مشروعيّته من عدم اختلاط المياه واضطراب الأنساب فيه ، كيف لا؟! والماء لواحدٍ ، فلا اختلاط ولا اضطراب.

مضافاً إلى التأيّد بالنصوص المثبتة للحكم في نظير المسألة ، وهو : جواز تزويج الرجل بجاريته المعتقة من قبله من غير عدّة ، منها الصحيح : الرجل يعتق سرّيته ، أيصلح له أن ينكحها بغير عدّة؟ قال : « نعم » قلت : فغيره؟ قال : « لا ، حتى تعتدّ ثلاثة أشهر » (١) ونحوه غيره من المعتبرة (٢) ، فلا إشكال بحمد الله تعالى في المسألة.

وأمّا مع شرائها بعضاً فليس له وطؤها جدّاً ؛ لما مضى (٣) ، إلاّ مع تحليل الشريك إذا كان غيرها ، على قول قد مضى في بحث النكاح (٤) ، خلافاً لأكثر أصحابنا.

وأمّا إذا كانت هي الشريك فلا يحلّ وطؤها بتحليلها إجماعاً ، نصاً وفتوى.

( تتمّة )

النفقة واجبة للرجعيّة في زمن العدّة ، وكذا السكنى والكسوة بالشرائط المعتبرة ، وكذا للبائنة إذا كانت ذات حمل ، أمّا بدونه فلا ، والبحث في‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٧٦ / ٤ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٣ أبواب العدد ب ٤٣ ح ٤.

(٢) الوسائل ٢٢ : ٢٦٢ أبواب العدد ب ٤٣.

(٣) راجع ص ٥١٥٥.

(٤) راجع ص ٥١٥٦ ، ٥١٥٧.

٣٣٩

جميع ذلك قد مضى.

ويتفرع عليه في الجملة أنّه ( لا يجوز لمن طلّق ) زوجته طلاقاً ( رجعيّاً أن يخرج الزوجة من بيته ) الذي طلّقت فيه ، إذا كان مسكن أمثالها ، وإن لم يكن مسكنها الأوّل ، فإن كان دون حقّها فلها طلب المناسب والخروج إليه ، أو فوقه فله ذلك ؛ اقتصاراً في المنع على المتيقّن المتبادر من الإطلاق ، ويحتمل العموم فليس لهما ذلك في المقامين ، وهو أحوط.

ولا فرق بين منزل الحضريّة والبدويّة ، البرّية والبحريّة.

والأصل فيه مضافاً إلى ما مرّ من وجوب الإسكان الكتاب ، والسنّة ، والإجماع من علماء الإسلام ، لكن دلالة الثاني على الحرمة قاصرة ، إلاّ أنّها بمعونة طرفيه متمّمة.

فلا ريب في الحرمة ( إلاّ أن تأتي بفاحشة ) مبيِّنة ، بنصّ الأدلّة الثلاثة.

( وهو ) على ما يتبادر منه عند الإطلاق في العرف والعادة ، وصرّح به جماعة (١) ( ما يجب به الحدّ ) فينبغي الاقتصار في الخروج عن المنع المتيقّن على القدر المقطوع به المسلّم.

مضافاً إلى المرسل في الفقيه : عن قول الله عزّ وجلّ ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (٢) قال : « إلاّ أن تزني ، فتخرج ، ويقام عليها الحدّ » (٣).

__________________

(١) منهم المفيد في المقنعة : ٥٣٣ ، والطوسي في النهاية : ٥٣٤ ، والقاضي في المهذّب ٢ : ٣١٨.

(٢) الطلاق : ١.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٢٢ / ١٥٦٥ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٠ أبواب العدد ب ٢٣ ح ٣.

٣٤٠