رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-274-1
الصفحات: ٥٣٥

نعم ، ربما يتوهّم الاستدلال عليه بمفهوم الصحيح المتقدّم في صدر البحث ، الدالّ على اشتراط مشابهة الولد له في اللحوق به (١).

ونحوه الخبر : عن ابن عمّ له كانت له جارية تخدمه وكان يطؤها ، فدخل يوماً منزله فأصاب معها رجلاً تحدّثه ، فاستراب بها فهدّد الجارية ، فأقرّت أنّ الرجل فجر بها ، ثم إنّها حبلت بولد ، فكتب : « إنّ كان الولد لك أو فيه مشابهة منك فلا تبعهما ، فإنّ ذلك لا يحلّ لك ، وإن كان الابن ليس منك ولا فيه مشابهة منك فبعه وبع امّه » (٢).

وفساد التوهّم أوضح من أن يخفى ؛ لظهور الأول وصراحة الثاني في انتفاء الولد مع التهمة بمجرّد عدم الشباهة ، وفيه مضافاً إلى المناقشات السابقة المخالفة للإجماع من وجه آخر ، وهو اشتراط الشباهة في اللحوق ، ولم يعتبره أحد بالمرّة ، ومع ذلك في ردّه المعتبرة صريحة.

ففي الخبر : « إنّ رجلاً أتى بامرأته إلى عمر فقال : إنّ امرأتي هذه سوداء وأنا أسود ، وإنّها ولدت غلاماً أبيض ، فقال لمن بحضرته : ما ترون؟

فقالوا : نرى أن ترجمها : فإنّها سوداء وزوجها أسود ، وولدها أبيض » قال : « فجاء أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد وُجِّه بها لتُرجَم فقال : ما حالكما؟ فحدّثاه ، فقال للأسود : أتتّهم امرأتك؟ فقال : لا ، قال : فأتيتها وهي طامث؟ قال : قد قالت لي في ليلة من الليالي : إنّي طامث ، فظننت أنّها تتّقي البرد ، فوقعت عليها ، فقال للمرأة : هل أتاك وأنت طامث؟ قالت : نعم ، سله قد حرّجت عليه وأبيت ، قال : فانطلقا فإنّه ابنكما ؛ إنّما غلب الدم النطفة فابيضّ ، ولو‌

__________________

(١) راجع ص ١١٤.

(٢) التهذيب ٨ : ١٨٠ / ٦٣١ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٧ / ١٣١٣ ، الوسائل ٢١ : ١٦٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٥ ح ٤.

١٢١

قد تحرّك اسودّ ، فلمّا أيفع اسودّ » (١) ونحوه خبران آخران (٢).

ولا يبعد حمل الخبرين الأوّلين على التقيّة ، كما يظهر من الرواية الأُولى ؛ ومع ذلك فليس فيهما شي‌ء من الأحكام التي ذكروها ، بل فيهما مخالفة لما ذكروه من عدم جواز النفي عنه ؛ لظهورهما فيه مع عدم الشباهة.

ولعلّه لما ذكرنا تردّد الماتن في الشرائع وتبعه الفاضل (٣) ، ولكن الأوجه عدم التردّد ، بل المصير إلى ثبوت الفراش لها مطلقاً ، تبعاً لجماعة (٤) ؛ أخذاً بالنصوص الصحيحة العامّة والخاصّة الواضحة الدلالة.

( ولو وطئها البائع والمشتري ) فأتت بولد يمكن لحوقه بهما ( فالولد للمشتري ) بلا خلاف هنا في الظاهر ؛ للصحيحين :

في أحدهما : عن رجل اشترى جارية ثم وقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها ، قال : « بئس ما صنع ، يستغفر الله تعالى ولا يعود » قلت : فإنّه باعها من آخر ولم يستبرئ رحمها ، ثم باعها الثاني من رجل آخر فوقع عليها ولم يستبرئ رحمها ، فاستبان حملها عند الثالث ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (٥).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٦٦ / ٤٦ ، الوسائل ٢١ : ٥٠٤ أبواب أحكام الأولاد ب ١٠٥ ح ٢. أيفع الغلام : شبّ. المصباح المنير : ٦٨١.

(٢) أحدهما في : الكافي ٥ : ٥٦١ / ٢٣ ، الوسائل ٢١ : ٥٠٣ أبواب أحكام الأولاد ب ١٠٥ ح ١.

والآخر في : الجعفريات ( قرب الإسناد ) : ٢٦٨ ، المستدرك ١٥ : ١٩٦ أبواب أحكام الأولاد ب ٧٦ ح ١.

(٣) الشرائع ٢ : ٣٤٢ ، الفاضل في التحرير ٢ : ٤٥.

(٤) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٧٧ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٠٣ ، والسبزواري في الكفاية : ١٩١.

(٥) الكافي ٥ : ٤٩١ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٨٥ / ١٣٥٨ ، التهذيب ٨ : ١٦٨ / ٥٨٧ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٧ / ١٣١٥ ، الوسائل ٢١ : ١٧٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٨ ح ٢.

١٢٢

ونحوه الثاني ، إلاّ أنّ فيه : « الولد للّذي عنده الجارية ، وليصبر ؛ لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر » (١) ونحوه بعينه الرضوي (٢).

ويستفاد منها ثبوت الفراش للأمة ، وهو مؤيّد للمختار في المسألة السابقة.

وهذه الأخبار وإن أطلقت الحكم باللحوق بالثاني ( إلاّ ) أنّ اللازم ( أن ) يستثني منه ما إذا كان ( يقصر الزمان ) زمان مدّة الحمل ـ ( عن ستّة أشهر ) من وطئه فيلحق بالسابق إن لم يقصر ولم يتجاوز أقصى الحمل. وإن قصر فيه أيضاً أو تجاوز ، انتفى عنه أيضاً بلا خلاف ؛ عملاً بما دلّ على اعتبار الزمان (٣) ، المجمع عليه بين الأعيان ؛ مع أنّ ظاهر الأسئلة في هذه المعتبرة إمكان اللحوق بالكلّ ، فتأمّل جدّاً.

( ولو وطئها المشتركون ) فعلوا حراماً قطعاً ، ولو حبلت حينئذٍ ( فولدت وتداعوه ) فقال كلّ منهم : هو ولدي ( أُقرع بينهم ، وأُلحق بمن يخرج اسمه ) للصحاح المستفيضة :

منها : « إذا وطئ رجلان أو ثلاثةُ جاريةً في طهر واحد فولدت وادّعوه جميعاً ، أقرع الوالي بينهم ، فمن خرج كان الولد ولده ، ويردّ الولد على صاحب الجارية » (٤).

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١٦٩ / ٥٨٨ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٨ / ١٣١٦ ، الوسائل ٢١ : ١٧٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٨ ح ٣.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٦٢.

(٣) انظر الوسائل ٢١ : ٣٨٠ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧.

(٤) الفقيه ٣ : ٥٢ / ١٧٦ ، التهذيب ٨ : ١٦٩ / ٥٩٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٨ / ١٣١٨ ، الوسائل ٢١ : ١٧١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٧ ح ١.

١٢٣

ومنها : « قضى عليّ عليه‌السلام في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد ، وذلك في الجاهليّة قبل أن يظهر الإسلام ، فأقرع بينهم ، فجعل الولد لمن قرع ، وجعل عليه ثلثي الدية للآخرين ، فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بدت نواجذه ، قال : ما أعلم فيها شيئاً إلاّ ما قضى عليّ عليه‌السلام » (١) ونحوهما غيرهما من الصّحاح وغيرها (٢).

( ويغرم ) الملحق به ( حصص الباقين من قيمته ) أي الولد يوم سقط حيّاً للصحيحين المتقدّمين ، وعليه يحمل تضمين النصيب كما في الحسن بل الصحيح (٣) ويحتمل الحمل على الأعمّ الشامل للنصيب منه ومن الامّ.

وأمّا ارتكاب التخصيص فيه بتخصيص النصيب بنصيب الامّ لئلاّ ينافي القاعدة من حيث إنّ كلاًّ منهم بدعواه الولد معترف بعدم استحقاقه القيمة من نصيبه منه فحسن ، لولا الصحيح الأول المعرب عن المراد بالنصيب فيه ، أو المثبت للحكم المخالف للقاعدة ، المعتضد مع الصحّة بإجماع الطائفة.

( و ) يغرم أيضاً ( قيمة امّه ) لصيرورتها بالقرعة بظاهر الشريعة أُمّ ولده ، وللرضوي : « ولو أنّ رجلين اشتريا جارية وواقعاها جميعاً فأتت بولد ، لكان الحكم فيه أن يقرع بينهما ، فمن أصابته القرعة الحق به الولد ،

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١٦٩ / ٥٩١ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٨ / ١٣١٩ ، الوسائل ٢١ : ١٧١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٧ ح ٢.

(٢) انظر الوسائل ٢١ : ١٧١ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٧ ، وج ٢٧ : ٢٥٧ أبواب كيفية الحكم ب ١٣.

(٣) الكافي ٥ : ٤٩١ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٥٤ / ١٨٣ ، التهذيب ٨ : ١٧٠ / ٥٩٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٩ / ١٣٢٠ ، الوسائل ٢١ : ١٧٢ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٧ ح ٤.

١٢٤

ويغرم نصف قيمة الجارية لصاحبه ، وعلى كلّ واحد منهما نصف الحدّ » (١).

ويظهر ممّا مرّ الحكم فيما لو لم يتداعوه أيضاً ، وأنّه ليس لهم التداعي إلاّ بالقرعة ، فمن خرجت باسمه صحّت له الدعوى ، وإلاّ فلا.

( ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل ) (٢) عن امّه مطلقاً ، دائمة كانت الأُمّ أو متعة أو أمة ، حصل العلم بعدم سبق المني فرجها أم لا.

قيل : لإطلاق النصّ والفتوى بلحوق الولد لفراش الواطئ ؛ لصدقه مع العزل ، ويمكن سبق الماء قبله (٣).

وهو حسن مع الإمكان ، ويستشكل مع العدم ، وهو في محلّه ؛ لعدم تبادر مثله من الإطلاق ، وقد مرّ الإشارة إليه في أوّل النظر (٤).

( والموطؤة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ ) بالشروط الثلاثة المتقدّمة ، وعدم الزوج الحاضر الداخل بها بحيث يمكن إلحاقه به.

والمولى بحكم الزوج ، لكن لو انتفى عن المولى ولحق الواطئ أُغرم قيمة الولد يوم سقط حيّاً لمولاها كما في الأخبار (٥) لأنّه نماء مملوكته ، فجمع بين الحقّين : حقّ تبعيّة الولد ، وحق المولى مطلقاً من منفعة أمته التي فاتته بسبب تصرّف الغير فيها.

والمستند في أصل الحكم بعد الإجماع ـ : المعتبرة التي مضى بعضها ، ومنها الصحيح : قلت : فإن تزوّج امرأة ثم تزوّج أُمّها وهو لا يعلم‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٦٢.

(٢) في المطبوع زيادة : ولا مع التهمة بالزناء.

(٣) قال به الشهيد الثاني في الروضة البهية ٥ : ٤٣٩ ٤٤٠.

(٤) راجع ص ١٠٣.

(٥) الوسائل ٢١ : ١٨٥ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٧.

١٢٥

أنّها أُمّها؟ قال : « قد وضع الله تعالى عنه بجهالته بذلك » ثم قال : « فإذا علم أنّها أُمّها فلا يقربها ولا يقرب الابنة حتى تنقضي عدّة الامّ منه ، فإذا انقضت عدّة الامّ جاز له نكاح الابنة » قلت : فإن جاءت الامّ بولد؟ قال : « هو ولده ، ويكون ابنه وأخا امرأته » (١) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة (٢).

وأمّا مع حضور الزوج المتقدّم وإمكان اللحوق بهما ، فهو للأخير ؛ لما مرّ (٣).

( ولو تزوّج امرأة لظنّه خلوّها ) من الزوج والمولى ( فبانت محصنة ) ذات زوج أو مولى ( رُدَّت على الأول بعد الاعتداد من الثاني ) ولا رجوع عليها بمهر أو نفقة إن اشتركت معه في الظنّ.

( والأولاد للواطي ) الثاني ( مع الشرائط ) شرائط الإلحاق ، من الولادة بعد مضيّ أقلّ المدّة إلى الأقصى ، وعدم التجاوز عنها.

وينبغي تقييد الحكم باعتقاد الزوج جواز التعويل على ذلك الظنّ ليصير الوطء شبهة ، فلو كان الظنّ ممّا لا يجوز التعويل عليه وعلم بذلك ، فإنّ الوطء يكون زناءً وينتفي الولد عن الواطئ قطعاً ، وعن الموطوءة أيضاً إذا اشتركت معه في العلم بعدم جواز التعويل على مثل الظنّ ، وإلاّ فليلحق بها ، كما يلحق بالواطي أيضاً إن اختصّ باعتقاد جواز التعويل.

والمستند في الأحكام المذكورة بعد عدم الخلاف في الظاهر النصوص في أكثرها.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٣١ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٢٦٤ / ١٢٥٨ ، التهذيب ٧ : ٢٨٥ / ١٢٠٤ ، الإستبصار ٣ : ١٦٩ / ٦١٧ ، الوسائل ٢٠ : ٤٧٨ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٢٦ ح ١.

(٢) الوسائل ٢٠ : ٤٧٨ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٢٦ ، وراجع الحديث ٦ من الباب ٨ ، وكذا الباب ٢٤.

(٣) في ص ١١٢.

١٢٦

ففي الخبر : « إذا نعي الرجل إلى أهله ، أو خبّروها أنّه طلّقها ، فاعتدّت ، ثم تزوّجت ، فجاء زوجها الأول بعد ، فإنّ الأول أحقّ بها من هذا الآخر ، دخل بها الأول أو لم يدخل ، ولها المهر من الأخير بما استحلّ من فرجها » (١).

( ويلحق بذلك ) أي بحكم الأولاد ـ ( أحكام الولادة ، وسننها ) المراد بها الآداب العامّة للواجب والمندوب :

فالأول : ( استبداد النساء ) وانفرادهنّ ( بالمرأة ) للإعانة لها عند المخاص ( وجوباً ) كفائيّاً ، بلا خلاف فيه وفي عدم جواز الرجال من عدا الزوج مطلقاً ( إلاّ مع عدمهنّ ) فجاز إعانتهم ، بل وجب ؛ للضرورة.

وربما يناقش في عدم جواز الرجال مطلقاً ، ويقيّد بما يستلزم اطّلاعه على العورة ، أمّا ما لا يستلزمه من مساعدتها فتحريمه على الرجال غير واضح (٢).

وهو حسن إن أُريد من العورة ما يعمّ صوتها أو لم يعدّ منها ، أمّا مع جعله منها وعدم إرادته منها فيشكل ، بل وربما يستشكل مع الأول (٣) ؛ لاستحيائها عن الصياح ، فربما أضرّ بها وبالولد ، وربما تسبّب لهلاكها أو هلاكه.

ويرشد إليه ما أُطبق عليه من قبول شهادة النساء منفردات ، فتأمّل.

( و ) كيف كان ( لا بأس بالزوج ) مطلقاً ( وإن وجدن ) أي‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٤٩ / ١ ، الفقيه ٣ : ٣٥٥ / ١٦٩٨ ، التهذيب ٧ : ٤٨٨ / ١٩٦١ ، الإستبصار ٣ : ١٩٠ / ٦٨٨ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٢ أبواب العدد ب ٣٧ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) انظر الروضة ٥ : ٤٤١.

(٣) وهو إرادة الصوت من العورة. منه رحمه‌الله.

١٢٧

النسوة ويتعيّن لو فقدت إن حصلت به المساعدة ، وإلاّ تعيّن الرجال المحارم ، فإن تعذّروا فغيرهم.

وقدّم في القواعد الرجال الأقارب غير المحارم على الأجانب (١).

ومستنده غير واضح ، بل قيل : لا أصل له في قواعد الشرع (٢).

والثاني : ما أشار إليه بقوله : ( ويستحبّ غُسل المولود ) بضمّ الغين ، كما فهمه الأصحاب ، حيث ذكروه في بحث الأغسال ، وهو الظاهر من الأخبار (٣) ؛ لذلك (٤).

وربما احتُمل الفتح (٥). ولا ريب في ضعفه.

وعلى الأول ، ففي اعتبار الترتيب فيه وجهان.

ثم المتبادر من النصّ وكلام الأصحاب والمعمول عليه بين الناس : كون وقته حين الولادة.

وأمّا الاستحباب فهو الأشهر الأظهر.

وقيل بالوجوب (٦) ؛ تمسّكاً بظاهر اللفظ في النصّ (٧). وهو ضعيف ، كما مضى تحقيقه في كتاب الطهارة (٨).

( والأذان في اذنه اليمنى ، والإقامة في اليسرى ).

__________________

(١) القواعد ٢ : ٤٩.

(٢) قاله الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٤٤١.

(٣) انظر الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ ، وص ٣٣٧ ب ٢٧ منها.

(٤) أي لذكره فيها في بحث الأغسال. منه رحمه‌الله.

(٥) انظر كشف اللثام ٢ : ١٠٢.

(٦) الوسيلة : ٥٤.

(٧) التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

(٨) راجع ج ١ : ٤٩٨.

١٢٨

قيل : وليكن ذلك قبل قطع سرّته (١). وربما أشعر بعدم الاستحباب بعده.

وفيه نظر ؛ لإطلاق أكثر النصوص (٢) ككلام أكثر الأصحاب ، والتقييد وإن وقع في بعضها (٣) ، إلاّ أنّه ليس بالإضافة إلى الأذان والإقامة خاصّة ، بل مع دواءٍ وُصِف فيه ، ثم ذكر الأمر بهما بعده ؛ لأن لا يفزع أبداً ولا تصيبه أُمّ الصبيان (٤).

والتقييد بالنسبة إلى جميع ذلك لا ينافي إطلاق استحبابهما منفرداً ، حتى بعد قطع السرّة أيضاً ، لا لما ذكر ؛ بل لأمر آخر غيره ، بل ربّما يستفاد من بعض الأخبار : أنّهم عليهم‌السلام أذّنوا وأقاموا في الأُذنين حين الولادة بعد قطع السرّة (٥).

قيل : وقد ورد (٦) فعلهما في السابع أيضاً ، وقد ورد (٧) : أنّ القابلة أو من يليه يقيم في يمناه الصلاة فلا يصيبه لمم ولا تابعة أبداً (٨).

( وتحنيكه بتربة الحسين عليه‌السلام ، وبماء الفرات ) وهو النهر المعروف ؛ للنصوص (٩).

__________________

(١) قاله الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٤٤١.

(٢) الوسائل ٢١ : ٤٠٥ ، ٤٠٧ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٥ ، ٣٦.

(٣) الوسائل ٢١ : ٤٠٥ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٥.

(٤) أُمّ الصبيان : ريح تعرض لهم مجمع البحرين ١ : ٢٦٠.

(٥) الوسائل ٢١ : ٤٠٧ ٤١٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٦ الأحاديث ٤ ، ٥ ، ٧ ، ١٠ ، ١٥.

(٦) مكارم الأخلاق ١ : ٤٨٧ / ١٦٨٦.

(٧) الكافي ٦ : ٢٣ / ٢ ، الوسائل ٢١ : ٤٠٦ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٥ ح ٣.

(٨) قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٠٢.

(٩) الوسائل ٢١ : ٤٠٧ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٦.

١٢٩

قالوا : والمراد بالتحنيك : إدخال ذلك إلى حنكه ، وهو أعلى داخل الفم.

قيل : ويكفي دلك بكلّ من الحنكين ؛ للعموم ، وإن كان المتبادر دلك الأعلى ، ولذا اقتصر عليه جماعة من العامّة والخاصّة (١).

( ومع عدمه ) أي ماء الفرات ـ ( بماء فرات ) ، أي عذب.

والأولى التحنيك بماء السماء مع تعذّر ماء الفرات ، كما في النصّ (٢).

وما ذكروه من مطلق الماء الفرات بعد تعذّر ماء الفرات لم نقف لهم على نصّ ، ولا بأس بمتابعتهم حيث يتعذّر ماء السماء فيحنّك به مسامحةً في أدلّة السنن.

قيل : ويمكن فهمه من بعض نصوص ماء الفرات ؛ بناءً على احتمال إضافة العامّ إلى الخاصّ (٣). وفيه نظر.

( وإن لم يوجد ) الماء الفرات ولا غيره ( إلاّ ماء ملح ، خلط بالعسل أو التمر ) لورود الأمر بالتحنيك بكلّ منهما.

ففي الخبر : « حنّكوا أولادكم بالتمر ، هكذا فعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحسن والحسين عليهما‌السلام » (٤).

وأمّا العسل فمحكيّ عن الرضوي (٥) ، مع أنّ فيه شفاء من كلّ داء.

__________________

(١) قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٠٢.

(٢) الكافي ٦ : ٢٤ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٤٣٦ / ١٧٤٠ ، مكارم الأخلاق : ٤٨٩ / ١٦٩٥ ، الوسائل ٢١ : ٤٠٧ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٦ ح ٣.

(٣) انظر كشف اللثام ٢ : ١٠٢.

(٤) الكافي ٦ : ٢٤ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٤٣٦ / ١٧٤١ ، مكارم الأخلاق : ٢٢٩ ، الخصال : ٦١٠ / ١٠ ، الوسائل ٢١ : ٤٠٧ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٦ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٩ ، المستدرك ١٥ : ١٣٨ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٧ ح ١.

١٣٠

لكن شي‌ء من ذلك لا يفيد استحباب التخليط بالماء المالح ، إلاّ أنّ الخطب سهل ؛ حيث إنّ المقام مقام الاستحباب.

( وتسمية الأسماء المستحسنة ) في الشريعة ؛ ففي الخبر : « أول ما يبرّ الرجل ولده أن يسمّيه باسمٍ حسن ، فليحسن أحدكم اسم ولده » (١).

وفي آخر : « استحسنوا أسماءكم ، فإنّكم تدعون بها يوم القيامة : قم يا فلان بن فلانة إلى نورك » (٢).

وفي ثالث : « أصدق الأسماء ما يسمّى بالعبوديّة لله سبحانه ، وأفضلها أسماء الأنبياء » (٣).

وفي رابع : « لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء » (٤).

وجعل الفاضلان أفضل الأسماء ما تضمّن العبوديّة لله ، ويليها في الفضل أسماء الأنبياء عليهم‌السلام (٥). ولم نقف على مستنده ، بل الموجود في بعض ما مرّ أفضليّة أسماء الأنبياء. وبمضمونه عبّر الشهيد رحمه‌الله في اللمعة (٦).

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٨ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٤٣٧ / ١٧٤٥ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٨ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٢ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ١٩ / ١٠ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٩ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٢ ح ٢ ، وفيهما : يا فلان بن فلان.

(٣) الكافي ٦ : ١٨ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤٣٨ / ١٧٤٧ ، الوسائل ٢١ : ٣٩١ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٣ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٤) الكافي ٦ : ١٩ / ٨ ، التهذيب ٨ : ٤٣٨ / ١٧٤٨ ، الوسائل ٢١ : ٣٩٦ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٦ ح ١.

(٥) المحقق في الشرائع ٢ : ٣٤٣ ، العلاّمة في التحرير ٢ : ٤٢.

(٦) اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ٤٤٣.

١٣١

والحلّي صرّح بأنّ الأفضل أسماء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، وبعد ذلك العبوديّة لله تعالى دون خلقه (١).

( وأن يكنّيه ) مخافة النبز ، كما في الخبر (٢).

( ويكره أن يكنّي محمّداً بأبي القاسم ) للنصّ : « نهى عن أربع كنى : عن أبي عيسى ، وعن أبي الحكم ، وعن أبي المالك ، وعن أبي القاسم إذا كان الاسم محمّداً » (٣).

( وأن يسمّي حَكَماً أو حكيماً أو خالداً أو حارثاً أو مالكاً أو ضراراً ) للخبرين فيما عدا الأخير (٤) ، وللمرويّ في الخصال فيه ، وفيه : « إنّ شرّ الأسماء : ضرار ومرار وحرب وظالم » (٥) مع أنّه اسم الشيطان كما قيل (٦).

( ويستحبّ حلق رأسه يوم السابع ) من يوم ولد ، ولو في آخر جزء من النهار ؛ للنصوص (٧) ، وهي كثيرة ، وإطلاقها كعبارات الأصحاب يشمل الذكر والأُنثى ؛ مع تأيّده بالمرويّ في العلل : « إنّ العلّة في الحلق :‌

__________________

(١) السرائر ٢ : ٦٤٦.

(٢) الكافي ٦ : ١٩ / ١١ ، التهذيب ٧ : ٤٣٨ / ١٧٥٠ ، الوسائل ٢١ : ٣٩٧ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٧ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ٢١ / ١٥ ، التهذيب ٧ : ٤٣٩ / ١٧٥٢ ، الخصال : ٢٥٠ / ١١٧ ، الوسائل ٢١ : ٤٠٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٩ ح ٢.

(٤) أحدهما في : الكافي ٦ : ٢٠ / ١٤ ، التهذيب ٧ : ٤٣٩ / ١٧٥١ ، الوسائل ٢١ : ٣٩٨ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٨ ح ١.

والآخر في : الكافي ٦ : ٢١ / ١٦ ، التهذيب ٧ : ٤٣٩ / ١٧٥٣ ، الوسائل ٢١ : ٣٩٨ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٨ ح ٢.

(٥) الخصال : ٢٥٠ / ١١٨ ، الوسائل ٢١ : ٣٩٩ أبواب أحكام الأولاد ب ٢٨ ح ٥ ، وفيهما : مرّة ، بدل : مرار.

(٦) حكاه في المسالك ١ : ٥٧٨.

(٧) الوسائل ٢١ : ٤٢٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤.

١٣٢

التطهير من شعر الرحم » (١).

وفي قرب الإسناد في الصحيح : عن العقيقة عن الغلام والجارية ، قال : « سواء ، كبش بكبش ، ويحلق رأسه ، ويتصدّق بوزن شعره ذهباً أو ورقاً ، فإن لم يجد رفع الشعر وعرف وزنه ، فإذا أيسر تصدّق به » (٢).

قالوا : وينبغي أن يكون ( مقدّماً على العقيقة ) قيل (٣) : لظاهر الحسن : عن العقيقة والحلق والتسمية بأيّها نبدأ؟ فقال : « يصنع ذلك كلّه في ساعة واحدة ، يحلق ويذبح ويسمّى » الخبر (٤). وفيه نظر.

نعم ، في الروضة (٥) : قال إسحاق بن عمّار للصادق عليه‌السلام : بأيّها نبدأ؟

قال : « تحلق رأسه ، وتعقّ عنه ، وتصدّق بوزن شعره فضّة ، يكون ذلك في مكان واحد » (٦).

( و ) يستفاد منه كغيره ( التصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة ) ثم إنّ ظاهر بعض النصوص عدم استحباب الحلق بمضيّ السابع ، ففي الصحيح : عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع ، فقال : « إذا مضى سبعة أيّام فليس عليه حلق » (٧).

( ويكره القنازع ) للمستفيضة ، وهو أن يحلق من الرأس موضعاً‌

__________________

(١) علل الشرائع : ٥٠٥ / ١ ، الوسائل ٢١ : ٤٢٥ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤ ح ٢١.

(٢) قرب الإسناد : ٢٩٧ / ١١٧٠ ، الوسائل ٢١ : ٤١١ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٦ ح ١٦ ، كذا في الأصل ، وفي المصدر : كبش كبش.

(٣) هو صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤٥٠.

(٤) الكافي ٦ : ٣٣ / ٤ ، الوسائل ٢١ / ٤٢٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤ ح ٢.

(٥) الروضة ٥ : ٤٤٦.

(٦) الكافي ٦ : ٢٧ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٤٤٢ / ١٧٦٧ ، الوسائل ٢١ : ٤٢٢ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤ ح ٩.

(٧) الكافي ٦ : ٣٨ / ١ ، الفقيه ٣ : ٣١٦ / ١٥٣٣ ، التهذيب ٧ : ٤٤٦ / ١٧٨٦ ، الوسائل ٢١ : ٤٤٤ أبواب أحكام الأولاد ب ٦٠ ح ١.

١٣٣

ويترك موضعاً في أيّ جانب كان ، روي ذلك عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام (١).

وفي خبر آخر عن مولانا الصادق عليه‌السلام : إنّه كره القنزع في رؤوس الصبيان ، وذكر أنّ القنزع : أن يحلق الرأس إلاّ قليلاً وسط الرأس يسمّى القنزعة (٢).

( ويستحبّ ثقب اذنيه ) بإجماعنا ، وبه استفاض أخبارنا ، ففي الصحيح : « ثقب اذن الغلام من السنّة » (٣) ونحوه غيره (٤).

وإطلاق أكثرها يقتضي الاكتفاء بالأُذن الواحدة ، لكن في بعض المعتبرة الأمر بثقب الأُذنين ، كما ورد في الخبرين الواردين في ثقب اذني الحسنين عليهما‌السلام (٥) ، فلعلّه آكد ، أو يحمل المطلق على المقيّد ، والأول أنسب بمقام الاستحباب.

ويستفاد من أحد الخبرين في كيفيّة ثقب اذنيهما : ثقب الاذن اليمنى في شحمتها ، واليسرى في أعلاها.

وكيف كان ، فأخبارنا بأصل الاستحباب في الجملة مستفيضة ، وسند‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٠ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤٤٧ / ١٧٩٠ ، الوسائل ٢١ : ٤٥٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٦٦ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٤٠ / ٢ ، الوسائل ٢١ : ٤٥٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٦٦ ح ٣ ؛ وفيهما : القزع والقزعة ، بدل : القنزع والقنزعة.

(٣) الكافي ٦ : ٣٦ / ٥ ، الوسائل ٢١ : ٤٣٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٥١ ح ٣.

(٤) الكافي ٦ : ٣٤ / ١ ، الوسائل ٢١ : ٤٣٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٥١ ح ١.

(٥) أحدهما في : الكافي ٦ : ٣٣ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٤٤٤ / ١٧٧٦ ، الوسائل ٢١ : ٤٣٢ أبواب أحكام الأولاد ب ٥١ ح ٢.

والآخر في : الفقيه ٣ : ٣١٦ / ١٥٣٤ ، الوسائل ٢١ : ٤٣٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٥١ ح ٤.

١٣٤

بعضها معتبر ، والباقي منجبر بإجماع الطائفة ، كما حكاه جماعة (١).

خلافاً لبعض العامّة ، فاختار الحرمة ؛ لاشتماله على أذية لم يرد فيها رخصة (٢).

والمناقشة فيه بعد ما عرفت من أخبارنا المرخّصة واضحة ؛ مع إطباق الناس عليه عصراً بعد عصر من غير نكير ومضايقة.

( و ) يستحبّ أيضاً ( ختانه فيه ) أي اليوم السابع بلا خلاف ؛ للمستفيضة (٣) ، ( ولو أخّره ) عنه ( جاز ) في الجملة إجماعاً ؛ للصحيح : عن ختان الصبيّ لسبعة أيّام ، هو من السنّة أو يؤخّر ، فأيّهما أفضل؟ قال : « لسبعة أيّام من السنّة ، وإن أُخّر فلا بأس » (٤).

وفي الصحيح : « السنّة » أي في الختان « يوم السابع ، فلا تخالفوا السنن إن شاء الله تعالى » (٥).

( ولو بلغ ) غير مختون ( وجب عليه ) بنفسه ( الاختتان ) بإجماع علماء الإسلام ، كما حكاه جماعة من الأعيان (٦).

وفي وجوبه على الوليّ قبل البلوغ ، قولان ، أشهرهما وأظهرهما :‌

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٧٨ ، والسبزواري في الكفاية : ١٩٢ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٠٢.

(٢) حاشية ردّ المختار لابن عابدين ٦ : ٧٤١.

(٣) الوسائل ٢١ : ٤٣٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٥٢.

(٤) الكافي ٦ : ٣٦ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤٤٥ / ١٧٨٠ ، الوسائل ٢١ : ٤٣٨ أبواب أحكام الأولاد ب ٥٤ ح ١.

(٥) الكافي ٦ : ٣٥ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٣١٤ / ١٥٢٩ ، الوسائل ٢١ : ٤٣٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٥٢ ح ١.

(٦) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٧٨ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤٥٣ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٤٩.

١٣٥

العدم ؛ للأصل ، وإطلاق الصحيح المتقدّم بجواز التأخير عن السابع.

خلافاً للتحرير ، فيجب (١). وهو شاذّ ، ومستنده غير واضح.

وأمّا الصحيح السابق الناهي عن التأخير عن السابع ، فمع أنّه معارض بالصحيح الأول المعتضد بالأصل والشهرة والصراحة ، مخالف للإجماع لو حمل على ظاهره بالضرورة ، فليحمل على تأكّد السابع البتّة.

ويدخل فيمن بلغ غير مختون : الكافر إذا أسلم ، بلا خلاف في الظاهر ، وإن طعن في السنّ ؛ للخبر : « إذا أسلم الكافر اختتن ولو بلغ ثمانين سنة » (٢).

( وخفض الجواري ) وختانهنّ ( مستحبّ ) شرعاً بلا خلاف ؛ وهو الحجّة ، مع المسامحة في أدلّة السنن ، دون النصوص ؛ لتصريحها بأنّه ليس من السنّة ، ففي الصحيح : « ختان الغلام من السنّة ، وخفض الجارية ليس من السنّة » (٣).

وهو وإن احتمل نفي الوجوب ، إلاّ أنّ بعضها ظاهر في نفي السنّة بالمعنى المصطلح ، ففي الخبر : « خفض النساء مكرمة ليست من السنّة ، ولا شيئاً واجباً ، وأيّ شي‌ء أفضل من المكرمة؟! » (٤) إلاّ أنّ ذيله مشعر بالاستحباب في الجملة. وكيف كان ، لا ريب في الاستحباب ؛ لما مضى.

( وأن يُعَقّ عنه أيضاً ) بِذَكَر إن كان ذَكَراً ، وإلاّ فأُنثى ؛ للخبر (٥).

__________________

(١) التحرير ١ : ٤٣.

(٢) الكافي ٦ : ٣٧ / ١٠ ، التهذيب ٧ : ٤٤٥ / ١٧٨١ ، الوسائل ٢١ : ٤٤٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٥٥ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٦ : ٣٧ / ٢ ، الوسائل ٢١ : ٤٤١ أبواب أحكام الأولاد ب ٥٦ ح ٢.

(٤) الكافي ٦ : ٣٧ / ٣ ، الوسائل ٢١ : ٤٤١ أبواب أحكام الأولاد ب ٥٦ ح ٣.

(٥) الكافي ٦ : ٢٧ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٤٤٢ / ١٧٦٩ ، الوسائل ٢١ : ٤٢٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤ ح ١١.

١٣٦

وليس المماثلة واجبة إجماعاً كما حكي (١) ، وللنصوص المستفيضة ، منها الصحيح : « العقيقة في الغلام والجارية سواء » (٢) فتأمّل.

ولا خلاف في رجحانه في الجملة ، والنصوص به مستفيضة كاستفاضتها في توقيتها باليوم السابع فضلاً (٣) ، وإنّما الخلاف في الوجوب ، والأظهر الأشهر : العدم ، بل كاد أن يكون إجماعاً ، بل حكي صريحاً في الخلاف (٤) ؛ وهو الحجّة فيه بعد الأصل ، مع فقد المعارض ؛ إذ ليس إلاّ الأوامر في النصوص (٥) ، وهي مع قصور أسانيدها متضمّنة لكثير من الأوامر المستحبّة الموهنة لدلالة الأوامر المزبورة على الوجوب.

وأمّا النصوص المتضمّنة لإطلاق ألفاظ الوجوب عليها (٦) ، فمع تضمّن أكثرها ما ذُكِر مع قصور السند ، يزيد ضعف الاستناد عليها على ما تقدّم بضعف دلالة الوجوب على المعنى المصطلح ، فلعلّ المراد به مطلق الثبوت المجامع للاستحباب.

ويقوى إرادته هنا بالشهرة وبالصحيح : « كلّ امرئ مرتهن يوم القيامة بعقيقة ، والعقيقة أوجب من الأُضحيّة » (٧) والحال إنّ الأُضحيّة مستحبّة عند أكثر علمائنا ، بل ربما ادّعي عليه الاتّفاق (٨) ، فتأمّل.

__________________

(١) انظر الخلاف ٦ : ٦٩.

(٢) الكافي ٦ : ٢٦ / ٢ ، الوسائل ٢١ : ٤١٧ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٢ ح ١.

(٣) الوسائل ٢١ : ٤١٢ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٨.

(٤) الخلاف ٦ : ٧٠.

(٥) الوسائل ٢١ : ٤٢٢ ٤٢٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤ الأحاديث ٧ ، ٨ ، ١١ ، ١٢.

(٦) الوسائل ٢١ : ٤١٣ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٨ ح ٣ ، ٤ ، ٥.

(٧) الكافي ٦ : ٢٥ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٣١٢ / ١٥١٣ ، التهذيب ٧ : ٤٤١ / ١٧٦٣ ، الوسائل ٢١ : ٤١٢ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٨ ح ١ ؛ وفي الجميع : بعقيقته.

(٨) كما في الحدائق ٢٥ : ٥٩.

١٣٧

وكيف كان ، فخلاف المرتضى والإسكافي الموجبين لها (١) ضعيف جدّاً ، والإجماع الذي ادّعاه الأول مع وهنه باشتهار خلافه معارض بإجماع الشيخ ، الذي منه أقوى كما لا يخفى.

وأمّا الاستدلال (٢) على الاستحباب بالموثّقين الدالّين على إجزاء الأُضحيّة عن العقيقة إذا لم يُعَقّ عنه (٣) ، فليس في محلّه ؛ لاحتمال التداخل وإجزاء المستحبّ عن الواجب ، كما وُجِد نظيره في كثير من الأحكام الشرعيّة ، مثل :

ما قاله الصدوق من إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة للصائم الناسي لها (٤) ، مع استحباب الأول عنده ، كما يظهر من كلامه في الفقيه (٥) ، واعترف به المستدلّ هنا في جملة تحقيقاته ثمّة ، حيث زيّف نسبة القول بالوجوب إليه هناك (٦).

وما قال به جماعة من إجزاء الغسل المستحبّ عن الأغسال الواجبة وإن لم يكن نواها (٧) ، ووردت به النصوص (٨) أيضاً كالأول.

__________________

(١) المرتضى في الانتصار : ١٩١ ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : ٥٧٧.

(٢) الحدائق ٢٥ : ٦٠.

(٣) أحدهما في : الكافي ٦ : ٣٩ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٤٤٧ / ١٧٨٩ ، الوسائل ٢١ : ٤٤٩ أبواب أحكام الأولاد ب ٦٥ ح ١.

والآخر في : الفقيه ٣ : ٣١٢ / ١٥١٧ ، الوسائل ٢١ : ٤٤٩ أبواب أحكام الأولاد ب ٦٥ ح ٢.

(٤) الفقيه ٢ : ٧٤.

(٥) الفقيه ١ : ٦٢.

(٦) انظر الحدائق ٤ : ٢٢٣.

(٧) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٦ ، وصاحب المدارك ٢ : ١٧٣ ، والكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ٥٥.

(٨) انظر الوسائل ٢ : ٢٦١ أبواب الجنابة ب ٤٣.

١٣٨

وما قاله أكثر الأصحاب من إجزاء صلاة الجمعة في زمان الغيبة عن الظهر ، مع استحبابها ووجوب الثاني عندهم. ولا ينافي ذلك تسميتهم الأول بالواجب المخيّر ، فإنّما هي مجاز بلا خلاف بينهم.

نعم ، هما صالحان للتأييد ، سيّما وإذا لم يقل بهما الموجبون ، فتأمّل.

( ولا تجزئ الصدقة بثمنها ) مطلقاً ؛ للأصل ، مع خروجه عن مسمّاها ، وللخبرين :

أحدهما الحسن : ولد لأبي جعفر عليه‌السلام غلامان ، فأمر زيد بن عليّ أن يشتري له جزورين ، فاشترى له واحدة وعسرت عليه الأُخرى ، فقال لأبي جعفر عليه‌السلام : قد عسرت عليّ الأُخرى ، فيصدّق بثمنها؟ فقال : « لا ، اطلبها حتى تقدر عليها ، فإنّ الله عزّ وجلّ يحبّ إهراق الدماء وإطعام الطعام » (١).

( و ) يستفاد منه أنّه ( لو عجز ) عنها ( توقّع المكنة ) وإطلاقه يشمل استحبابها وعدم سقوط استحبابه ولو إلى ما بعد البلوغ.

مضافاً إلى خصوص بعض الأخبار : فقال عمر بن يزيد لمولانا الصادق عليه‌السلام : إنّي والله ما أدري كان أبي عقّ عنّي أم لا ، فأمره فعقّ عن نفسه وهو شيخ ، وقال : « كلّ امرئ مرتهن بعقيقته ، والعقيقة أوجب من الأُضحيّة » (٢).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٥ / ٨ ، الوسائل ٢١ : ٤١٥ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٠ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

والآخر في : الكافي ٦ : ٢٥ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٤٤١ / ١٧٦٤ ، الوسائل ٢١ : ٤١٥ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٠ ح ٢.

(٢) الكافي ٦ : ٢٥ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٣١٢ / ١٥١٣ ، التهذيب ٧ : ٤٤١ / ١٧٦٣ ، الوسائل ٢١ : ٤١٤ أبواب أحكام الأولاد ب ٣٩ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

١٣٩

وفي المضمر : « إذا ضُحّي عنه أو قد ضحّى الولد عن نفسه أجزأه عن عقيقته » (١).

وأمّا الخبر : « إذا جازت سبعة أيّام فلا عقيقة له » (٢) فمحمول على انتفاء الفضل الزماني دون الفعلي جمعاً.

( ويستحبّ فيها شروط الأُضحيّة ) من كونها سليمة من العيوب سمينة ؛ للخبر : « يذبح عنه كبش ، فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزئ في الأُضحيّة ، وإلاّ فحَمَل أعظم ما يكون من حُملان السنة » (٣).

وأمّا النصوص بأنّها ليست كالأُضحيّة وفيها الصحيح وغيره من المعتبرة (٤) فمحمولة على حال الضرورة ، أو نفي الوجوب والشرطيّة ، كما في الأُضحيّة ، فليست لما مضى بمنافية. فمناقشة بعض الأجلّة في استحباب الشروط هنا كما في الأُضحيّة للأخبار المذكورة (٥) ، واهية.

( وأن يخصّ القابلة بالرجل والورك ) ، كما في النصوص (٦) ، وفي بعضها : « تعطى الربع » (٧) قيل : هو يوافق الرجل والورك غالباً (٨) ، وفي‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٩ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٤٤٧ / ١٧٨٩ ، الوسائل ٢١ : ٤٤٩ أبواب أحكام الأولاد ب ٦٥ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٣٨ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٤٤٦ / ١٧٨٧ ، الوسائل ٢١ : ٤٤٥ أبواب أحكام الأولاد ب ٦٠ ح ٢.

(٣) الفقيه ٣ : ٣١٢ / ١٥١٧ ، الوسائل ٢١ : ٤١٦ أبواب أحكام الأولاد ب ٤١ ح ١. الحَمَل : ولد الضائنة في السنة الأُولى ، والجمع : حُملان. المصباح المنير : ١٥٢.

(٤) الوسائل ٢١ : ٤٢٥ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٥.

(٥) انظر الحدائق ٢٥ : ٦٣.

(٦) الوسائل ٢١ : ٤٢٠ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤.

(٧) الفقيه ٣ : ٣١٣ / ١٥٢٢ ، الوسائل ٢١ : ٤٢٤ أبواب أحكام الأولاد ب ٤٤ ح ١٥.

(٨) قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٠٢.

١٤٠