الشرط عادة وإن لم يصرح به لفظا ؛ إذ لا يمكن أكثر من هذا.
المسألة الثالثة ـ (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) ؛ أى على مهل (١) ؛ قاله الوليد بن مسلم. وقيل : على عدل ، معناه بالتقدم إليهم والإنذار لهم ، وهكذا يجب للإمام أن يفعل اليوم في كلا وجهى العقد أولا ، والنبذ على السواء ثانيا.
الآية السادسة عشرة ـ قوله تعالى (٢) : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ).
فيها تسع مسائل :
المسألة الأولى ـ أمر الله سبحانه وتعالى بإعداد القوة للأعداء بعد أن أكّد في تقدمة التقوى ؛ فإن الله تعالى لو شاء لهزمهم بالكلام ، والتّفل في الوجوه ، وحفنة من تراب ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه أراد أن يبلى بعض الناس ببعض ، بعلمه السابق وقضائه النافذ ؛ فأمر بإعداد القوى والآلة في فنون الحرب التي تكون لنا عدّة ، وعليهم قوة ، ووعد على الصبر والتقوى بأمداد الملائكة العليا.
المسألة الثانية ـ روى الطبري وغيره ، عن عقبة بن عامر ؛ قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) ؛ فقال : ألا إنّ القوة الرّمى ، ألا إنّ القوة الرمي ، ألا إن القوة الرّمى ـ ثلاثا.
وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع ، قال : مرّ النبىّ صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالسهام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارموا بنى إسماعيل ، فإن أباكم كان راميا ، وأنا مع بنى فلان. قال : فأمسك أحد الفريقين بأيديهم ، فقال رسول الله: ما لكم لا ترمون؟ قالوا : وكيف نرمي وأنت معهم! فقال رسول الله : ارموا وأنا معكم كلكم.
زاد الحاكم في رواية : فلقد رموا عامة يومهم ذلك ، ثم تفرقوا على السواء ما نضل بعضهم بعضا.
__________________
(١) في القرطبي (٨ ـ ٣٢) : السواء : المساواة والاعتدال
(٢) آية ٦٠