مقاتل الطالبيّين

أبي الفرج الاصفهاني

مقاتل الطالبيّين

المؤلف:

أبي الفرج الاصفهاني


المحقق: السيد أحمد صقر
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦٦٤

أخبرني عمر ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال : حدثنا إبراهيم (١) ، قال :

حبسهم أبو جعفر في قصر لابن هبيرة في شرقي الكوفة مما يلي بغداد (٢).

* * *

أخبرني عمر ، قال : أخبرنا أبو زيد ، قال : حدثني عبد الملك بن شيبان ، قال : حدّثني إسحاق بن عيسى ، عن أبيه ، قال :

أرسل إليّ عبد الله بن الحسن ، وهو محبوس فاستأذنت أبا جعفر في ذلك ، فأذن لي ، فلقيته فاستسقاني ماء باردا ، فأرسلت إلى منزلي فأتى بقلة فيها ماء وثلج فإنه ليشرب إذ دخل أبو الأزهر فأبصره يشرب القلة ، وهي على فيّه ، فضرب القلة برجله ، فألقى ثنييه ، فأخبرت أبا جعفر فقال : إله عن هذا يا أبا العباس.

* * *

أخبرني عمر بن عبد الله قال حدثنا أبو زيد ، قال : حدثني عيسى ـ يعني ابن عبد الله ـ قال : حدثنا عبد الله بن عمران ، قال حدثني أبو الأزهر ، قال :

قال لي عبد الله بن الحسن : أبغي حجاما ، فقد احتجت إليه ، فاستأذنت أمير المؤمنين في ذلك فقال : يأتيه حجام مجيد (٣).

* * *

أخبرني عمر ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال : حدثني الفضل بن عبد الرحمن ، قال : حدثني أبي ، قال :

مات ميت من آل الحسن ، وهم بالهاشمية محبوسون ، فأخرج عبد الله بن الحسن يرسف في قيوده ليصلي عليه.

__________________

(١) في الخطية «إبراهيم».

(٢) ابن الأثير ٥ / ٢١٢ والطبري ٩ / ١٩٧ وفيه ص ١٩٨ «حبس من بني حسن ثلاثة عشر رجلا وحبس معهم العثماني وابنا له في قصر ابن هبيرة ...».

(٣) الطبري ٩ / ١٩٨.

٢٠١

أخبرني عمر ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال : حدثني عيسى ، قال : حدثني مسكين ابن عمرو ، قال :

ضرب أبو جعفر عنق العثماني ، ثم بعث برأسه إلى خراسان ، وبعث معه بقوم يحلفون أنه محمد بن عبد الله بن فاطمة بنت رسول الله (ص) (١).

* * *

أخبرني عمر ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال : حدثني عيسى ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عمران بن أبي فروة ، قال :

كنا نأتي أبا الأزهر بالهاشمية ، أنا والشعباني ، وكان أبو جعفر يكتب إليه «من عبد الله أمير المؤمنين إلى أبي الأزهر ومولاه» ، ويكتب إليه أبو الأزهر : «إلى أبي جعفر من أبي الأزهر عبده» فلما كان ذات يوم ، ونحن عنده ، وكان أبو جعفر قد ترك له ثلاثة أيام لا يبوء بها (٢) ، وكنا نخلو معه في تلك الأيام ، فأتاه كتاب من أبي جعفر ، فقرأه ، ودخل إلى بني الحسن ، وهم محبوسون ، فتناولت الكتاب فقرأته فإذا فيه : «انظر يا أبا الأزهر ما أمرتك به في أمر مذلة (٣) فأنفذه وعجله». قال : وقرأ الشعباني الكتاب فقال : تدري من مذله؟ قلت : لا والله. قال : هو والله عبد الله بن الحسن ، فانظر ما هو صانع ، فلم يلبث أن جاء أبو الأزهر فجلس ، فقال : والله قد هلك عبد الله بن الحسن ، ثم لبث قليلا ، ثم دخل وخرج مكتئبا فقال : أخبرني عن علي بن الحسن أي رجل هو؟ قال قلت : أمصدق أنا عندك؟ قال : وفوق ذلك. قلت : هو والله خير من تظله هذه ، وتقله هذه! قال : فقد ـ والله ـ ذهب (٤).

* * *

أخبرني عمر ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال : حدثنا ابن عائشة ، قال :

سمعت مولى لبنى دارم يقول :

قلت لبشير الرحال : ما يسرعك إلى الخروج على هذا الرجل؟.

__________________

(١) الطبري ٩ / ١٩٨ وابن الأثير ٥ / ٢١١.

(٢) في الطبري «لا ينوبها».

(٣) في الطبري «في أمر مدله».

(٤) الطبري ٩ / ١٩٩.

٢٠٢

قال : إنه أرسل إليّ بعد أخذه عبد الله ، فأتيته ، فأمرني يوما بدخول بيت ، فدخلته فإذا بعبد الله بن الحسن مقتول ، فسقطت مغشيا عليّ ، فلما أفقت أعطيت الله عهدا لا يختلف في أمره سيفان إلّا كنت مع الذي عليه منهما (١).

* * *

وذكر محمد بن علي بن حمزة أنه سمع من يذكر أن يعقوب ، وإسحاق ، ومحمدا ، وإبراهيم بني الحسن قتلوا في الحبس بضروب من القتل ، وأن إبراهيم بن الحسن دفن حيا ، وطرح على عبد الله بن الحسن بيت ، رضوان الله عليهم.

* * *

وقال إبراهيم بن عبد الله ـ فيما أخبرني عمر بن عبد الله العتكي ، عن أبيه ، عن أبي زيد ، عن المدائني ـ يذكر أباه ، وأهله ، وحملهم ، وحبسهم (٢) :

ما ذكرك الدمنة القفار وأه

ل الدار ما نأوا عنك أو قربوا (٣)

إلّا سفاها وقد تفرعك ال

شيب بلون كأنه العطب

ومرّ خمسون من سنيك كما

عدّ لك الحاسبون إذ حسبوا

فعدّ ذكر الشباب لست له

ولا إليك الشباب ينقلب (٤)

إنّي عرتني الهموم واحتضر ال

هم وسادي والقلب منشعب

واستخرج الناس للشفاء وخلف

ت لدهر بظهره حدب (٥)

اعوج استعدت اللئام به

ويحنو به الكرام إن شربوا (٦)

نفسي فدت شيبة هناك وظن

بوبا به من قيودهم ندب (٧)

__________________

(١) في الطبري ٩ / ١٩٩ بعد ذلك «وقلت للرسول الذي معي من قبله لا تخبره بما لقيت فإنه إن علم قتلني».

(٢) في الطبري «قال عمر حدثني المدائني قال لما خرج ببني حسن قال إبراهيم بن عبد الله بن حسن قال عمر وقد أنشدني غير أبي الحسن هذا الشعر لغالب الهمداني».

(٣) في النسخ «ما ذكرت الدمنة» وفي الطبري «إما نأوك». والعطب : القطن.

(٤) في الطبري «بعد ذكر».

(٥) في الطبري «للشقاء وحلقت».

(٦) في الطبري :

«يستعذب اللئام به

ويحتويه الكرام إليه سربوا».

(٧) في الطبري «من فيوده».

٢٠٣

والسادة الغرّ من ذويه فما

روقب فيهم آل ولا نسب (١)

يا حلق القيد ما تضمنت من

حلم وبر يزينه حسب (٢)

وأمهات من الفواطم أخ

لصتك بيض عقايل عرب (٣)

كيف اعتذاري إلى الإله ولم

يشهر فيك المأثور القضب (٤)

ولم أقد غارة ململمة

فيها بنات الصريح تنتحب

والسابقات الجياد والأسل ال

سمر وفيها أسنة ذرب (٥)

حتى توفي بني ثبيلة بال

قسط بكيل الصاع الذي اختلبوا (٦)

بالقتل قتلا وبالأسير الذي

في القدّ أسرى مصفودة سلب (٧)

أصبح آل الرسول أحمد في ال

ناس كذي عرة به جرب

بؤسا لهم ما جنت أكفهم

وأي حبل من أمة قضبوا

وأي عهد خانوا الإله به

شدّ بميثاق عقده الكذب (٨)

[قال أبو زيد هذه القصيدة لغالب الهمداني. وذكر حرمي بن أبي العلاء عن الزبير أنها لإبراهيم ، ووافق المدائني على ذلك ، ولعلّ أبا زيد أن يكون وهم](٩)

* * *

٢٦ ـ ابن محمد بن عبد الله

وابن لمحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي لا يعرف اسمه

حدّثني حرمي بن أبي العلاء ، قال : حدّثنا زبير ، عن عمّه مصعب ، أظنه عن أبيه: أن أمه رخية أمة كانت لفاختة بنت فليج بن المنذر بن الزبير ،

__________________

(١) في الطبري «والسادة الغر من بنيه ... فيه الإله والمنسب».

(٢) في الطبري «وبريشوبه».

(٣) في الطبري «وأمهات من العواتك أحلصنك».

(٤) في الطبري «يشهرن قيك».

(٥) في الطبري «والأسل الذبل فيها».

(٦) في الطبري «بني نتيلة ... احتلبوا».

(٧) في النسخ «في القيد أسرا مقصوده سلب».

(٨) في الطبري «وأي حبل خانوا» وفي النسخ «بميثاق عهده الكرب».

(٩) الزيادة من الخطية.

٢٠٤

وأن محمدا كان رآها فأعجبته فسأل فاختة فيها. فقالت له : إنها لغير رشدة ، فقال لها : إن الدنس لا يلحق الأعقاب. فقالت : والله ما يلحق إلّا الأعقاب وإن شئت فقد وهبتها لك ، فوهبتها له ، فولدت منه ولدا فكان معه في جبال جهينة ، ففزع يوما فسقط الصبي من الجبل فتقطع.

حدثني عمر ، قال : أبو زيد (١) ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله ، قال : حدثني عمي عبيد الله بن محمد ، قال :

قال محمد بن عبد الله : بينا أنا برضوى مع أم ولد لي ، معها ابن لي ترضعه إذا ابن استوطأ مولى لأهل المدينة قد هجم عليّ في الجبل يطلبني (٢) فخرجت هاربا وهربت الجارية فسقط الصبي منها ، فتقطع ، رحمة الله عليه.

أخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن عبد الله ، قال (٣) حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن حكم الطائي (٤) ، قال :

لما سقط ابن لمحمد فمات ، ولقى محمد ما لقى ، قال :

منخرق الخفين يشكو الوجى

تنكبه أطراف مرو حداد (٥)

شرده الخوف فأزرى به

كذاك من يكره حرّ الجلاد

قد كان في الموت له راحة

والموت حتم في رقاب العباد (٦)

* * *

__________________

(١) في الخطية «حدثنا أبو زيد».

(٢) في الطبري ٩ / ١٩٠ «قال وحدثني محمد بن يحيى قال حدثني الحارث بن إسحاق قال : جد رياح في طلب محمد فأخبر أنه في شعب من شعاب رضوي ـ جبل جهينة وهي من عمل ينبع ، فاستعمل عليها عمرو بن عثمان بن مالك الجهني أحد بني جشم ، وأمره بطلب محمد فطلبه ، فذكر له أن بشعب من رضوي فخرج إليه بالخيل والرجال ، ففزع منه محمد فأحضر شدا فأفلت وله ابن صغير ولد في خوفه ذلك ، وكان مع جارية له فهوى من الجبل فتقطع. وانصرف عمرو بن عثمان».

(٣) في الخطية «أخبرني عمر قال حدثني عمر بن شبة».

(٤) في الطبري «ابن حكيم الطائي».

(٥) في الطبري «متخرق السربال» وفي ابن الأثير «مسكبه أطراف سرو».

(٦) الطبري ٩ / ١٩٢ وابن الأثير ٥ / ٢١٠.

٢٠٥

٢٧ ـ محمد بن عبد الله بن الحسن

ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام

ويكنى أبا عبد الله (١).

وأمه هند (٢) بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.

وأمها قريبة (٣) بنت يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود (٤) بن المطلب بن أسد.

وأمها خديجة بنت محمد بن طليب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد الحرث.

وأمها أم مسلم بنت عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف.

وأمها قدة بنت عرفجة بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

وأمها الدنيبة بنت عبد عوف بن عبد بن الحرث بن زهرة.

وأمها بنت العداء بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.

وأمها رزا بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.

وأمها من بني الأحمر بن الحرث بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.

* * *

وكان يقال له : صريح قريش لأنه لم يقم عنه أم ولد في جميع آبائه وأمهاته وجداته.

__________________

(١) ابن أبي الحديد ١ / ٣٢٣ ـ ٢٢٥ ، ومروج الذهب ٢ / ١٦٩ ـ ١٧٠ ، وابن الأثير ٥ / ٢١٢ ـ ٢٢٤ ، والطبري ٩ / ٢٠١ ـ ٢٣٥ ، والمعارف ٩٣ ، ١٦٥ ، والتنبيه والاشراف ٢٩٥ والبداية والنهاية ١٠ / ٨٢ ـ ٨٧ وتاريخ الخلفاء ١٧٣ وتاريخ الإسلام للذهبي ٧ / ٩٣ ـ ٩٨.

(٢) الأغاني ١٨ / ٢٠٨.

(٣) في الأغاني «قرينة».

(٤) من هنا إلى قوله : «وكان أبو عبيدة سيدا من سادات قريش ...» سقط من الخطية.

٢٠٦

وكان أهل بيته يسمونه المهدي ، ويقدرون أنه الذي جاءت فيه الرواية.

وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه أنه النفس الزكية (١) ، وأنه المقتول بأحجار الزيت.

* * *

وكان من أفضل أهل بيته ، وأكبر أهل زمانه في زمانه ، في علمه بكتاب الله ، وحفظه له ، وفقهه في الدين ، وشجاعته ، وجوده ، وبأسه ، وكل أمر يجمل بمثله ، حتى لم يشك أحد أنه المهدي ، وشاع ذلك له في العامة ؛ وبايعه رجال من بني هاشم جميعا ، من آل أبي طالب ، وآل العباس ، وساير بني هاشم ؛ ثم ظهر من جعفر بن محمد قول في أنه لا يملك ، وأن الملك يكون في بني العباس ، فانتبهوا من ذلك لأمر لم يكونوا يطمعون فيه.

وخرجت دعاة بني هاشم إلى النواحي عند مقتل الوليد بن يزيد ، واختلاف كلمة بني مروان ، فكان أول ما يظهرونه فضل علي بن أبي طالب وولده ، وما لحقهم من القتل والخوف والتشريد ، فإذا استتب لهم الأمر ادعى كل فريق منهم الوصية لمن يدعو إليه. فلما ظهرت الدعوة لبني العباس وملكوا ، حرص السّفاح ، والمنصور على الظفر بمحمد وإبراهيم(٢) لما في أعناقهم من البيعة لمحمد ؛ وتواريات فلم يزالا ينتقلان في الاستتار ، والطلب يزعجهما من ناحية إلى أخرى ، حتى ظهرا فقتلا ، صلوات الله عليهما ورضوانه!

* * *

قال أبو الفرج الأصبهاني :

وأنا أذكر من ذلك طرفا يتسق به خبرهما دون الإطالة لسائر ما عندي من ذلك ، إذ كان هذا كتابا مختصرا قريب المأخذ ، وكان شرح جميع ما روى في ذلك ـ على كثرته ـ يطول به الكتاب.

* * *

__________________

(١) في مروج الذهب ٢ / ١٦٩ «كان يدعى النفس الزكية لزهده ونسكه».

(٢) في ق «لمحمد وإبراهيم».

٢٠٧

وكان أبو عبيدة سيدا من سادات قريش وأجوادها (١).

قال الزبير ـ فيما أخبرني حرمي بن أبي العلاء ـ قال : حدثني سليمان بن عيّاش السعدي ، قال (٢) :

لما توفي أبو عبيدة وجدت عليه ابنته هند وجدا شديدا ، فكلم عبد الله بن الحسن محمد بن يسير (٣) الخارجي في أن يدخل على هند بنت أبي عبيدة فيعزيها ، ويؤسيها عن أبيها ، فدخل معه عليها ، فلما نظر إليها صاح بأبعد صوته :

قومي اضربي عينيك يا هند لن تري

أبا مثله تنمو إليه المفاخر (٤)

وكنت إذا أثنيت أثنيت والدا

يزين كما زان اليدين الأساور (٥)

فصكت وجهها ، وصاحت بحزنها وجهدها ، فقال له عبد الله : ألهذا أدخلت؟! قال الخارجي : وكيف أعزي عن أبي عبيدة وأنا أعزي به!

حدثني عمر بن عبد الله العتكي ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني عبد الرحمن بن جعفر بن سليمان ، قال : حدثني علي بن صالح ، قال (٦) :

زوج عبد الملك بن مروان ابنه عبد الله هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، وريطة بنت عبيد الله (٧) بن عبد المدان ، لما كان يقال إنه في أولادهما ، فمات عنهما عبد الله ، وأطلقهما ، فتزوج هندا عبد الله بن الحسن ، وتزوج ريطة محمد بن علي فجاءت بأبي العباس السفاح (٨).

__________________

(١) في ط «وجوداتها».

(٢) الخبر في الأغاني ١٨ / ٢٠٨.

(٣) في الأغاني «ابن بشر».

(٤) كذا في الأغاني والمخطوطة ، وفي ط وق «قومي اجتري».

(٥) في الأغاني «... إذا أسبلت فوقك والدا تزيني ...» وفي الخطية بعد هذا البيت :

وقد علم الأقوام أن بناته

صوادق فيما قلنه وقواصر

(٦) الخبر في الأغاني ١٨ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

(٧) في الأغاني «عبد الله».

(٨) المحبر ٣٣.

٢٠٨

قال أبو زيد : وأنشدني بن داجة (١) وفليج بن إسماعيل ، لعبد الله بن الحسن [بن الحسين] في هند بنت أبي عبيدة شعرا (٢) :

يا هند إنك لو علم

ت بعاذلين تتابعا

قالا فلم يسمع لما

قالا وقلت بل اسمعا

هند أحبّ إليّ من

أهلي ومالي أجمعا (٣)

وعصيت فيك عواذلي

وأطعت قلبا موجعا (٤)

* * *

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن ، قال : سمعت عبد الله بن موسى يقول :

حملت جدّتي هند ، بعمي محمد بن عبد الله ، أربع سنين ، فجاءها أبو عبيدة ، فقال: أنت المتحابلة على عبد الله بن الحسن فرقا أن يتزوج عليك؟ فصفقت الباب دونه ، وقالت : يا أبة ، لا يكذب ، فو رب الكعبة البيت الحرام إني لحامل!

فقال : أما لو فتحت الباب لعلمت ما ينزل بك اليوم مني. ثم ولدت محمد بن عبد الله على رأس أربع سنين.

* * *

أخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن شبّة عن ابن دراجة (٥) ، عن أبيه ، قال :

لما مات عبد الله بن عبد الملك رجعت هند بميراثها منه. فقال عبد الله بن الحسن لأمه فاطمة : اخطبي عليّ هندا. فقالت : إذن تردك ، أتطمع في هند

__________________

(١) كذا في الخطية ، وفي ط وق «وابن رواحة».

(٢) الأبيات في الأغاني ١٨ / ٢٠٣.

(٣) في الأغاني «من مالي وروحي فارجعا».

(٤) في الأغاني «ولقد عصيت عواذلي».

(٥) كذا في الأغاني ، وفي النسخ «داجه».

٢٠٩

وقد ورثت من عبد الله ما ورثته وأنت ترب لا مال لك؟ فتركها ، ومضى إلى أبي عبيدة أبي هند ، فخطبها إليه. فقال : في الرحب والسعة ، أمّا مني فقد زوجتك ، مكانك لا تبرح. فدخل على هند ، فقال : يا بنية هذا عبد الله بن الحسن أتاك خاطبا ، قالت : فما قلت له؟ فقال : زوجته إيّاك. قالت : أحسنت قد أجزت ما صنعت. وأرسلت إلى عبد الله : لا تبرح حتى تدخل على أهلك. قال : فتبشرت لذلك ، فبات بها معرسا من ليلته ، لا تشعر أمه ، فأقام سبعا ، ثم أصبح في يوم سابعه غاديا على أمه ، وعليه درع الطيب ، وفي غير ثيابه التي تعرف. فقالت : يا بني ، من أين لك هذا (١)؟ قال : من عند التي زعمت أنها تردني.

أخبرني عمر ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني هرمن أبو علي (٢) ـ رجل من أهل المدينة ـ قال : سمعته متعالما عند آل أبي طالب : أن محمدا ولد في سنة مائة ، وأن عمر بن عبد العزيز فرض له في شرف العطاء.

* * *

باب ما ذكر في تسميته بالمهدي

حدّثني عمر بن عبد الله ، قال : أخبرنا عمر بن شبّة ؛ وحدثنا يحيى بن علي ب يحيى المنجم ، وأحمد بن عبد العزيز ، قالا : حدثنا عمر ، قال : حدثني يعقوب بن القاسم بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد الله ، قال : حدثني علي بن أبي طالب بن سرح ـ أحد بني تيم الله ـ قال : أخبرني مسمع بن غسان :

أن فاطمة بنت الحسين كانت تقبل نساء بنيها وأهل بيتها حتى قال لها بنوها : خشينا أن نسمى بني القابلة. فقالت : إنّ لي طلبة لو ظفرت بها لتركت ما ترون. فلما كانت الليلة التي ولد فيها محمد بن عبد الله قالت : يا بني ، إني أطلب أمرا وظفرت به ، فلست بعائدة بعد اليوم ، إن شاء الله تعالى ، فهي التي أوقعت ذكره.

__________________

(١) كذا في الأغاني ، وفي النسخ «من أين بك؟».

(٢) في ق «هرمز».

٢١٠

وقال أبو زيد ـ فيما حدّثني من قدمت ذكره ـ حدثني محمد بن إسماعيل بن جعفر الجعفري ، عن أمه رقية بنت موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، عن سعيد بن عقبة الجهني ـ وكان عبد الله بن الحسن أخذه منها فكان في حجره ـ قال :

ولد محمد وبين كتفيه خال أسود كهيئة البيضة عظيما ، فكان يقال له : المهدي ، وكان يسمى صريح قريش.

* * *

قال أبو زيد : وحدثني يعقوب بن القاسم ، عن سفيان بن عيينة ، قال : رأيت عبد الله بن الحسن يأتي بمحمد (١) بن عبد الله ، وإبراهيم وهما غلامان إلى عبد الله بن طاوس (٢) فيقول : حدثهما لعلّ الله ينفعهما!

حدّثني عمر بن عبد الله بن يحيى بن علي ، وأحمد بن عبد العزيز ، قال حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، عن موسى بن عبد الله ، قال :

كان محمد بن عبد الله يقول :

إن كنت لأطلب العلم في دور الأنصار حتى لأتوسد عتبة أحدهم فيوقظني الإنسان فيقول : إن سيّدك قد خرج إلى الصلاة ، ما يحسبني إلّا عبده.

قال أبو زيد : وحدثني محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي ، عن سعيد بن خالد بن عبد الرحمن ، قال :

قدم علينا أبو أيوب بن الأدبر رسولا لأبي حذيفة واصل بن عطاء داعيا إلى مقالته ، فاستجاب له محمد بن عبد الله بن الحسن ، في جماعة من آل أبي طالب.

* * *

حدثني عيسى بن الحسين الوراق ، قال : حدثنا أحمد بن الحارث ، قال :

__________________

(١) في النسخ «يأتي لمحمد بن عبد الله».

(٢) توفي طاوس بمكة سنة ست ومائة ، وتوفي ابنه عبد الله في خلافة أبي العباس. راجع المعارف ٢١٠.

٢١١

حدثني المدائني عن ابن دأب (١) قال : حدثني عمير بن الفضل الخثعمي ، قال :

رأيت أبا جعفر المنصور يوما ، وقد حرج محمد بن عبد الله بن الحسن من دار ابنه ، وله فرس واقف على الباب مع عبد له أسود ، وأبو جعفر ينتظره ، فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتى ركب ، ثم سوى ثيابه على السرج ، ومضى محمد فقلت وكنت حينئذ أعرفه ولا أعرف محمدا : من هذا الذي أعظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه وسوّيت عليه ثيابه؟ قال : أو ما تعرفه؟ قلت : لا. قال : هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، مهديّنا أهل البيت.

* * *

أخبرنا محمد بن زكريا الصحاف البصري ، قال : حدثنا قعنب بن محرز ، عن المدائني ، عن ابن دأب ، قال :

لم يزل محمد بن عبد الله بن الحسن ، منذ كان صبيا ، يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه ، ويسمى بالمهدي.

أخبرنا يحيى بن علي ، وعمر بن عبد الله ، والجوهري ، قالوا : حدّثني عمر بن شبّة ، قال : حدّثني يعقوب بن القاسم ، قال : حدّثتني أمي فاطمة بنت عمر [بن عاصم](٢) ، قالت : أخبرتني أم كلثوم بنت وهب ، قالت :

كان يوجد في الرواية أنه يملك رجل اسمه اسم النبي (ص) ، واسم أمه على ثلاث أحرف أولها هاء وآخرها دال. قال : وكانوا يظنون محمد بن عبد الله بن الحسن ، وأمه هند.

أخبرني يحيى بن علي ، والجوهري ، والعتكي ، قالوا : حدثنا أبو زيد ، قال : حدّثنا عيسى بن عبد الله ، قال : حدثني أبو سلمة المصبحي ، قال : حدثني مولى لأبي جعفر ، قال :

أرسلني أبو جعفر ، فقال : اجلس عند المنبر فاسمع ما يقول محمد. فسمعته يقول : إنكم لا تشكون أني أنا المهدي ، وأنا هو. فأخبرت بذلك أبا جعفر ، فقال : كذب عدو الله ، بل هو ابني.

__________________

(١) هو عيسى بن يزيد بن دأب ترجمته في لسان الميزان ٤ / ٤٠٨ وتاريخ بغداد ١١ / ١٤٨.

(٢) الزيادة من الخطية.

٢١٢

قال أبو زيد : وحدثني جعفر بن محمد بن إسماعيل الهاشمي ، عن أبيه ، عن جده ، قال :

كنت مع أبي جعفر في مسجد النبي (ص) ، إذ وثب إلى رجل على بغل ، فوقف معه ناحية ، وهو واضع يده على معرفة البغل ، والرجل كان واضعا يده على منكبه (١) ثم جاءني فقال : استأذن على أبيك لمحمد بن عبد الله بن الحسن. فقلت : ليدن من الباب فليستأذن ، فقال : أقسمت عليك إلّا قمت! فقمت ، فلما رجعت قال لي : ألست الذي استأذنت له؟ فقلت : لا ، أمرني من أستأذن له. فقال : إنك لجاهل به ، هذا محمد بن عبد الله ، مهدينا أهل البيت.

* * *

أخبرني محمد بن خلف بن وكيع ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد ، عن الواقدي ، قال :

كان عبد الله بن الحسن يأمر ابنه محمدا بطلب العلم والتفقه في الدين ، وكان يجيء به وبأخيه إبراهيم إلى ابن طاوس فيقول له : حدثهما لعلّ الله أن ينفعهما (٢).

قال الواقدي :

وقد لقى محمد نافع بن عمر وسمع منه ، ولقى أبا الزياد وسمع منه ، وحدث عنهما وعن غيرهما ، وكان حديثه قليلا ، فروى عنه بعد مقتله ، فممن حدّث عنه عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، وغيره.

* * *

أخبرنا علي بن العباس المقانعي ، قال : حدثنا بكار بن أحمد ، قال : حدثنا الحسن بن زياد الصيقل ، قال : أخبرني سلم العامري ، قال :

إنما شهر محمد بن عبد الله فاطمة بنت علي (٣) لما ولد محمد بن عبد الله

__________________

(١) في ط وق «والرجل كان وضع يده على منكبه».

(٢) راجع صفحة ٢٠٩.

(٣) راجع طبقات ابن سعد ٨ / ٣٤١.

٢١٣

جاءت فنظرت إليه وأدخلت إصبعها في فيّه ، فإذا في لسانه عقدة ، فكانت تربيه ، يكون عندها أكثر مما يكون عند أمه ، حتى تخرج ، وخرج من الكتاب ، وعملت طعاما ، وأرسلت إلى نفر من أهل بيته فتغدوا عندها ، ثم قالت : اللهم إن أخي الحسين كان دفع إليّ سفطا بخاتمه ، والله ما أدري ما فيه ، وأرى إذا ولد هذا الغلام أن أدفعه إليه ، ثم دعت بالسفط فدفعته إلى محمد بن عبد الله بمحضر من القوم ، وحمل معه إلى منزله ما تدري ما فيه فهي التي شهرته ، وقال الناس فيه (١).

حدّثني علي بن العباس ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد الخثعمي ، عن محمد بن يعلى (٢) ، عن القاسم بن عيلان بن عبد الله بن الحسن ، قال:

دعتني عمتي فاطمة بنت علي فقالت : يا بني ، إن أبي علي بن أبي طالب كان يذكر أن أصغر ولده يدرك المهدي ، وأنا أصغر ولده ، وقد كان يذكر ويصف علامات فيه ، فلبست أراها في أحد غيرك ، فإن كنت أنت ذاك فعليك بالنمط الأوسط من النمطين ، يرجع إليك الغالي ، ويحلق المقصر ، ثم اشفني من بني أمية.

أخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال : حدثني يعقوب بن القاسم قال : حدثني علي بن أبي طالب ، قال : أخبرني القاسم بن المطلب العجلي ، قال : حدثني الكلبي منذ خمسين سنة ، أن أبا صالح حدّثه قبل ذلك بعشرين سنة ، أن أبا هريرة أخبره :

أن المهدي اسمه محمد بن عبد الله ، في لسانه رتّة.

أخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدّثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني عبد الله بن نافع ، قال : حدّثني إبراهيم بن علي الرافعي من ولد أبي رافع ، قال :

كان محمد تمتاما ، فرأيته على المنبر يتلجلج الكلام في صدره فيضرب بيده

__________________

(١) في ط وق «الناس ما فيه».

(٢) في الخطية «عن يحيى بن يعلى».

٢١٤

عليه يستخرج الكلام (١).

وأخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال يحيى بن الحسن ، قال : حدّثني موسى بن عبد الله بن موسى عن أبيه ، قال :

ولد محمد بن عبد الله وبين كتفيه خال أسود كهيئة البيضة عظيما ، وكان يقال له صريح قريش ، وهو المهدي. وكان صريحا (٢). وقد قال فيه الشاعر وهو سلمة بن أسلم الجهني :

إن الذي يروي الرّواة لبيّن

إذا ما ابن عبد الله فيهم تجردا

له خاتم لم يعطه الله غيره

وفيه علامات من البر والهدى

أخبرني يحيى بن علي ، والعتكي ، والجوهري ، قالوا : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدّثني محمد بن اسماعيل الجعفري أن ابن أبي ثابت أنشده بيتا لا يدري من قاله :

إن يك ظني في محمد صادقا

يكن فيه ما تروي الأعاجم في الكتب

* * *

قال : وقال سلمة بن أسلم ، ثم أحد (٣) بني الربعة من جهينة :

إنا لنرجو أن يكون محمد

إماما به يحيا الكتاب المنزّل

به يصلح الإسلام بعد فساده

ويحيا يتيم بائس ومعوّل

ويملأ عدلا أرضنا بعد ملئها

ضلالا ويأتينا الذي كنت آمل

وقال أيضا :

إن كان في الناس لنا مهدي

يقيم فينا سيرة النبي

فإنه محمد التقي

* * *

__________________

(١) الطبري ٩ / ٢٠٨.

(٢) راجع صفحة ٢٠٩.

(٣) في ط وق «ثم أخذ».

٢١٥

ولمحمد يقول إبراهيم بن علي بن هرمة :

لا والذي أنت منه نعمة سلفت

نرجو عواقبها في آخر الزمن

ما غيرت وجهه أمّ مهجّنة

إذ القتام (١) يغشّي أوجه الهجن

* * *

قال أبو زيد : وحدّثني عبد الملك بن سنان المسمعي ، قال :

لهجت العوام بمحمد تسميه المهدي حتى كان يقال محمد بن عبد الله المهدي عليه ثياب يمنية وقبطية (٢).

قال أبو زيد : وحدثني الوليد بن هشام ، قال : حدثني سهل بن بشر ، قال :

سمعت فتاة تقول : ليت المهدي قد خرج ، تعني محمد بن عبد الله (٣).

أخبرني أحمد بن سعيد ، قال حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدّثني غسان بن أبي غسان ، عن أبيه ، عن عيسى بن عبد الله ، قال :

لم يزل محمد بن عبد الله منذ كان غلاما إلى أن بلغ يتغيب ويستخفي ، ويسمى المهدي (٤).

* * *

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن ، قال : حدثني عبد الله بن محمد ، عن حميد بن سعيد ، قال :

لما ولد محمد بن عبد الله سرّ به (٥) آل محمد ، وكانوا يروون عن النبي (ص) أن اسم المهدي محمد بن عبد الله فأملوه ، ورجوه ، وسروا به ، ووقعت عليه المحبة ، وجعلوا يتذاكرونه في المجالس ، وتباشرت (٦) به الشيعة. وفي ذلك يقول الشاعر :

__________________

(١) في ط وق «إذ القيام».

(٢) هذا الخبر ليس في الخطية.

(٣) وهذا الخبر أيضا.

(٤) سبق بسند آخر ص ٢٣٩.

(٥) في ط وق «ستربه».

(٦) في ط وق «تناشرت».

٢١٦

ليهنكم المولود آل محمد

أمام هدى ، هادي الطريقة ، مهتدي

يسوّم أمّي الذّل من بعد عزّها

وآل ابن العاص الطريد المشرد

فيقتلهم قتلا ذريعا ، وهذه

بشارة جدّية ، علي وأحمد

هما أنبآنا أن ذلك كائن

برغم أنوف من عداة وحسّد

أمية صبرا طالما أطّرت لكم

بنو هاشم آل النبي محمد

قال أبو الفرج علي بن الحسين :

والروايات في هذا كثيرة يكتفى منها بما مضى.

* * *

ذكر إنكار عبد الله بن الحسن وأهله

(وغيرهم أن يكون محمد المهدي ، وقولهم فيه إنه النفس الزكية

رضوان الله عليه وسلامه)

حدثني علي بن العباس المقانعي ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب ، عن إبراهيم بن محمد الخثعمي ، عن يحيى بن يعلى ، عن محمد بن بشر ، قال :

قال رجل لعبد الله بن الحسن : متى يخرج محمد؟.

قال : لا يخرج حتى أموت ، وهو مقتول.

قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هلكت والله الأمة. قال : كلّا. قلت : فإبراهيم؟ قال : ليس بخارج حتى أموت ، وهو مقتول. قلت : إنا لله هلكت والله الأمة. قال : فإذا متّ خرجا جميعا فلا يلبثا إلّا وهما مقتولان. قلت : إنا لله هلكت الأمة. قال : كلّا. فإن صاحبهم منا غلام شاب ابن خمس وعشرين سنة يقتلهم تحت كل حجر ، أو تحت كل كوكب (١).

حدّثنا علي بن العباس ، قال : حدثنا بكار بن أحمد ، قال : حدثنا الحسن بن الحسين ، عن يحيى بن يعلى ، عن شيخ من بني سفيان ، قال :

__________________

(١) هنا سقط من الخطية.

٢١٧

قلت لعبد الله بن الحسن ، ثم ذكر مثل حديث عباد ، عن يحيى بن يعلى.

* * *

أخبرنا يحيى بن علي ، والعتكي ، والجوهري ، قالوا : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنا محمد بن الهذيل بن عبيد الله ، قال : سمعت من لا أحصى من أصحابنا يذكرون :

أن عمرو بن عبيد كان ينكر أن يكون محمد بن عبد الله هو المهدي ، ويقول : كيف وهو يقتل؟.

قال أبو زيد : وحدثني محمد بن الهذيل ، قال : أخبرني عثمان بن الحكم بن صخر الثقفي ، قال : جاءني مطر صاحب الحمام ، وألقى نفسه على فراش ثم تمدد فقلت : ما لك؟ فقال : ما يدعنا عمرو بن عبيد نعيش في الدنيا. قلت : وكيف؟ قال : قال عمرو (١) إنّ أمرنا ينفسخ لا يتم ، وإن جهادنا يذهب باطلا. قال : قلت : فاذهب بنا إليه. قال : فانطلقت أنا وهو حتى أتينا عمرا ، فقلت : يا أبا عثمان ما يقول أبو رجاء؟ قال : صدق. قلت : وكيف يقول ذلك؟ قال : فهو المقتول بالمدينة.

قال أبو زيد : وحدثني إبراهيم بن إسحاق الغطفاني ، قال : حدثني كثير بن الصلت ، قال : أخبرني يوسف بن قتيبة بن مسلم ، ولم أر بأهلنا قط خيرا منه ، قال : أخبرني أخي مسلم بن قتيبة قال :

أرسل إليّ أبو جعفر ، فدخلت عليه ، فقال : قد خرج محمد بن عبد الله ، وتسمى بالمهدي ، وو الله ما هو به ، وأخرى أقولها لك لم أقلها لأحد قبلك ، ولا أقولها لأحد بعدك ، وابني والله ما هو بالمهدي الذي جاءت به الرواية ، ولكنني تيمنت به ، وتفاءلت به.

قال أبو زيد : وحدثني محمد بن يحيى ، قال : حدثني ابن أبي ثابت ، عن أبي العباس الفلسطي ، قال :

__________________

(١) في ط وق «ابن عمر».

٢١٨

قلت لمروان بن محمد : جدّ محمد بن عبد الله ، فإنه يدّعي هذا الأمر ، ويتسمى بالمهدي. فقال : ما لي وله ، ما هو به ولا من أبيه ، وإنه لابن أم ولد ، ولم يهجه مروان حتى قتل (١).

* * *

قال أبو زيد حدثني محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن يحيى ، عن عبد الله بن الحسن بن الفرات ، قال :

رحت عشية من قرية مع عبد الله والحسن ابني الحسن بن الحسن بن علي ، فضمنا المسير إلى داود بن علي ، وعبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس ، فأقبل داود على عبد الله بن الحسن يدعوه إلى أن يظهر ابنه محمدا ـ وذلك قبل أن يملك بنو العباس ـ فقال عبد الله : لم يأت الوقت الذي يظهر فيه محمد بعد. قال : فسمع عبد الله بن علي الحديث ، فالتفت إلى عبد الله بن الحسن فقال له : يا أبا محمد :

سيكفيك الجعالة مستميت

خفيف الحاذ من فتيان جرم (٢)

أنا والله الذي أظهر عليهم ، وأقتلهم ، وأنتزع ملكهم.

حدّثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن موسى ، قال : حدثني أبي :

أن جماعة من علماء أهل المدينة أتوا علي بن الحسن ، فذكروا له هذا الأمر. فقال : محمد بن عبد الله أولى بهذا مني ، فذكر حديثا طويلا ، قال : ثم أوقفني على أحجار الزيت فقال : ها هنا تقتل النفس الزكية. قال : فرأيناه في ذلك الموضع الذي أشار إليه مقتولا. رضوان الله عليه وسلامه.

أخبرنا علي بن العباس ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب (٣) ، قال : حدثنا

__________________

(١) كان قتله في سنة ثلاث وثلاثين ومائة.

(٢) ورد البيت في الأصل بصورة النثر هكذا «سيكفيك الجعال مستميت خفيف الحاد من فتيان الحرم» وتصحيح من اللسان (جعل).

(٣) في الخطية «أخبرنا علي بن إبراهيم العلوي قال : حدّثنا إبراهيم بن زينان قال حدّثنا عباد ...».

٢١٩

يحيى بن يعلى عن عمر بن موسى عن محمد بن علي عن آبائه ، قال :

النفس الزكية من ولد الحسن.

أخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : أخبرنا عمر بن شبة ، قال : حدثني عيسى بن عبد الله ، قال : حدّثتني أمي أم الحسين بنت عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين. قالت :

قلت لعمي جعفر بن محمد : إني ـ فديتك ـ ما أمر محمد هذا؟ قال : فتنة ، يقتل محمد عند بيت رومي ، ويقتل أخوه لأمه وأبيه بالعراق وحوافر فرسه في الماء (١).

أخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدّثنا عمر بن شبّة ، قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن زبالة (٢) ، عن الحسين بن زيد ، عن مسلم بن بشّار ، قال :

كنت مع محمد بن عبد الله عند غنائم خشرم فقال لي : ها هنا تقتل النفس الزكية. قال : فقتل هناك.

أخبرني عمر ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال (٣) : ومما رثى به محمد بن عبد الله بن الحسن :

رحم الله شبابا

قتلوا يوم الثنية (٤)

فرّ عنه الناس طرا

غير خيل أسديه

قاتلوا عنه بنيا

ت وأحساب نقيه

قتل الرحمن عيسى

قاتل النفس الزكيه

__________________

(١) الطبري ٩ / ٢٣٠.

(٢) في الخطية «ابن زيادة».

(٣) في الخطية «أخبرني عمر بن عبد الله ، عن عمر بن شبة».

(٤) في الطبري ٩ / ٢٠٥ «وحدثني يعقوب بن القاسم قال حدثتني جدتي كلثم بنت وهب قالت : لما خرج محمد تنحى أهل المدينة ، فكان فيمن خرج زوجي عبد الوهاب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير إلى البقيع ، فاختبأت عند أسماء بنت حسين بن عبد الله بن عباس ، قالت : فكتب إلى عبد الوهاب بأبيات قالها ، فكتبت إليه (رحم ... قاتلوا ... فرعنه ، الأبيات) قالت فزاد الناس :

قتل الرحمن عيسى

قاتل النفس الزكية

٢٢٠