مقاتل الطالبيّين

أبي الفرج الاصفهاني

مقاتل الطالبيّين

المؤلف:

أبي الفرج الاصفهاني


المحقق: السيد أحمد صقر
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦٦٤

ذكر من قتل منهم في الدولة العبّاسية

١٦١

أيّام أبي العباس السفاح

قال أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني رحمه الله :

ولا أعلمه قتل أحدا منهم ، ولا أجري إلى جليس له مكروها ، إلّا أن محمدا وإبراهيم خافاه فتواريا عنه ، وكانت بينه وبين أبيهما مخاطبات في أمرهما.

منها ما أخبرني به عمر بن عبد الله بن جميل العتكي ، قال : حدّثنا عمر بن شبّة قال : حدثني محمد بن يحيى ، قال :

لما تولّى أبو العباس ، وفد إليه عبد الله بن الحسن بن الحسن ، وأخوه الحسن بن الحسن ، فوصلهما ، وخص عبد الله ، وواخاه وآثره ، حتى كان يتفضل بين يديه في ثوب ؛ وقال له : ما رأي أمير المؤمنين غيرك على هذا الحال ، ولكن أمير المؤمنين إنما يعدّك عمّا ووالدا. وقال له : إني كنت أحبّ أن أذكر لك شيئا.

فقال عبد الله : ما هو يا أمير المؤمنين؟.

فذكر ابنيه محمدا ، وإبراهيم ، وقال : ما خلّفهما ومنعهما أن يفدا إلى أمير المؤمنين مع أهل بيتهما؟ قال : ما كان تخلّفهما لشيء يكرهه أمير المؤمنين. فصمت أبو العباس ثم سمر عنده ليلة أخرى فأعاد عليه ، ثم فعل ذلك به مرارا ، ثم قال له : غيبتهما بعينك ، أما والله ليقتلن محمد على سلع ، وليقتلن إبراهيم على النهر العياب. (١)

__________________

(١) هذا الخبر في تاريخ بغداد ٧ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤.

١٦٢

فرجع عبد الله ساقطا مكتئبا ، فقال له أخوه الحسن بن الحسن : ما لي أراك مكتئبا؟ فأخبره ، فقال : هل أنت فاعل ما أقول لك؟ قال : ما هو؟ قال : إذا سألك عنهما فقل: عمهما حسن أعلم الناس بهما [فقال له عبد الله](١) وهل أنت محتمل ذلك لي؟ قال : نعم.

فدخل عبد الله على أبي العباس كما كان يفعل ، فردّ عليه ذكر ابنيه ، فقال له عمهما : يا أمير المؤمنين أعلم الناس بهما فاسأله عنهما ، فصمت عنه حتى افترقا ، ثم أرسل إلى الحسن فقص عليه ذلك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أكلمك على هيبة الخلافة ، أو كما يكلم الرجل ابن عمّه؟.

قال : بل كما يكلم الرجل ابن عمه ، فإنك وأخاك عندي بكل منزلة.

قال : إني أعلم أن الذي هاج لك ذكرهما بعض ما قد بلغك عنهما ، فأنشدك الله هل تظن أن الله إن كان قد كتب في سابق علمه أن محمدا وإبراهيم وال (٢) من هذا الأمر شيئا ، ثم أجلب أهل السماوات والأرض بأجمعهم على أن يردوا شيئا مما كتب الله لمحمد وإبراهيم أكانوا رادّيه؟ وإن لم يكن كتب لمحمد ذلك أنهم حائزون إليه شيئا منه؟.

فقال : لا والله ، ما هو كائن إلّا ما كتب الله.

فقال : يا أمير المؤمنين ففيم تنغيصك على هذا الشيخ نعمتك التي أوليته وإيّانا معه؟.

قال : فلست بعارض لذكرهما بعد مجلسي هذا ما بقيت ، إلّا أن يهيجني شيء فأذكره. فقطع ذكرهما ، وانصرف عبد الله إلى المدينة.

* * *

أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى بن الحسن بن جعفر ، قال : حدّثني علي بن أحمد الباهلي ، قال : سمعت مصعب بن عبد الله

__________________

(١) الزيادة من تاريخ بغداد ٧ / ١٩٤.

(٢) في تاريخ بغداد «إن قدر الله لمحمد وإبراهيم أن يليا من هذا الأمر شيئا فجهدت وجهد أهل الأرض معك أن يردوا ما قدر لهما أتردونه قال : لا. قال فأنشدك الله إن كان لم يقدر لهما أن يليا من هذا الأمر شيئا فاجتمعا واجتمع أهل الأرض معهما على أن ينالا ما لم يقدر لهما ، أينا لأنه؟ قال لا».

١٦٣

يقول : أخبرني (١) عمر بن عبد الله العتكي ، قال : حدّثنا عمر بن شبة ، قال : حدّثنا موسى بن سعيد بن عبد الرحمن ، وأيّوب بن عمر ، عن إسماعيل بن أبي عمرو ، قالوا :

لما بنى أبو العباس بناءه بالأنبار ، الذي يدعى برصافة أبي العباس. قال لعبد الله بن الحسن : ادخل معي فانظر ، فدخل معه فلما رآه قال : ألم تر حوشبا؟ ثم قطع. فقال له أبو العباس : أنفذه.

قال : يا أمير المؤمنين ما أردت إلّا خيرا. فقال : والعظيم لا تريم أو تنفذه. فقال :

ألم تر حوشبا أمس يبنّي

بيوتا نفعها لبني نفيلة (٢)

يؤمّل أن يعمر ألف عام

وأمر الله يطرق كل ليلة (٣)

قال عمر بن شبة في حديثه عن موسى بن سعيد : فاحتملها أبو العباس ولم يتلفه بها.

وقال مصعب : فقال له : ما أردت بهذا؟ فقال : أزهدك في القليل الذي بنيته.

* * *

أخبرني عمر بن عبد الله العتكي (٤) ، قال : حدّثنا عمر بن شبة ، قال : حدّثني يعقوب بن القاسم ، قال : حدثني عمر بن شهاب (٥) ، وحدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، عن الزبير ، وحدثني حرمي بن أبي العلاء ، قال : حدثنا الزبير ، عن محمد بن الضحاك :

أنا أبا العباس كتب إلى عبد الله بن الحسن في تغيب ابنيه :

أريد حياته ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

وقال عمر بن شبة عن رجاله : إنه كتب به إلى محمد فأجابه بالأبيات.

__________________

(١) الأغاني ١٨ / ٢٠٦ والطبري ٩ / ١٨٤ وزهر الآداب ١ / ١٢٢ والمعارف ٩٣.

(٢) في زهر الآداب «حوشبا لما تبنى» وفي الأغاني «يبني بناء نفعه».

(٣) هكذا في النسخ وفي الأغاني وزهر الآداب «أن يعمر عمر نوح».

(٤) في الأغاني «أخبرني عمي عن ابن شبه».

(٥) في الأغاني «عمرو بن شهاب».

١٦٤

ذكر الزبير ، عن محمد بن الضحاك : أنها لعبد الله بن الحسن بن الحسن. وذكر عمر بن شبة : أنهم بعثوا إلى عبد الرحمن بن مسعود مع أبي حسن (١) فأجابه بهذه الأبيات :

وكيف يريد ذاك وأنت منه

بمنزلة النياط من الفؤاد

وكيف يريد ذاك وأنت منه

وزندك حين يقدح من زناد

وكيف يريد ذاك وأنت منه

وأنت لهاشم رأس وهاد

* * *

أخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدّثنا عمر بن شبة (٢) ، قال : حدّثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، قال : حدثنا الحسين (٣) بن زيد ، قال : حدثني عبد الله بن الحسن ، قال :

بينا أنا في سمر مع أبي العباس ، وكان إذا تثاءب أو ألقى المروحة (٤) قمنا ، فألقاها ليلة فقمنا ، فأمسكني فلم يبق غيري ، فأدخل يده تحت فراشه ، فأخرج إضبارة كتب ، فقال : اقرأ يا أبا محمد [فقرأت] فإذا كتاب [من] محمد إلى هشام بن عمرو بن البسطام التغلبي ، يدعوه إلى نفسه (٥). فلما قرأته قلت : يا أمير المؤمنين لك عهد الله وميثاقه ألّا تر منهما شيئا تكرهه ما كانا في الدنيا.

* * *

قال أبو الفرج :

ولعبد الله وولده في أيام أبي العباس ، وقبلها مع بني أمية أخبار في هذا الجنس من تغيبهما ، وطلبهم إيّاهما ، كرهت الإطالة بذكرها ، واقتصرت على هذه الجملة منها.

__________________

(١) في الأغاني «قال عمر بن شبة : وإنما كتب بها إلى محمد. قال عمر بن شبة : فبعثوا إلى عبد الرحمن بن مسعود مولى أبي حسين ...».

(٢) الأغاني «أخبرني عمر بن عبد الله بن شبة».

(٣) في الأغاني «الحسن بن زيد».

(٤) كذا في الأغاني وفي ط «المروية» وفي ق «المروئة».

(٥) الزيادة من الأغاني ، وفيه «فإذا كتاب من محمد بن هشام بن عمرو التغلبي».

١٦٥

أيام أبي جعفر المنصور

ومن قتل منهم فيها

وكان أبو جعفر المنصور قد طلب محمدا ، وإبراهيم فلم يقدر عليهما ، فحبس عبد الله بن الحسن وإخوته ، وجماعة من أهل بيته بالمدينة ، ثم أحضرهم إلى الكوفة فحبسهم بها ، فلما ظهر محمد قتل عدة منهم في الحبس ، فلم تنتظم لي أخبارهم بإفراد خبر كل واحد منهم على حدته ، إذ كان ذلك مما تقطع به حكاية قصصهم ، فصدرت أسماءهم ، وأنسابهم ، وشيئا من فضائلهم ، ثم ذكرت بعد ذلك أخبارهم ، عليهم السلام.

* * *

١٦ ـ عبد الله بن الحسن بن الحسن

وعبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام

يكنى أبا محمد (١).

وأمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب.

وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله (٢).

وأمها الجرباء بنت قسامة بن رومان من طيّئ (٣).

أخبرني أحمد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى بن الحسن ، قال :

إنما سميت الجرباء بنت قسامة لحسنها ، كانت لا تقف إلى جانبها امرأة ـ وإن كانت جميلة ـ إلّا استقبح منظرها لجمالها ، وكان النساء يتحامين أن يقفن إلى جانبها ، فشبهت بالناقة الجرباء التي تتوقاها الإبل مخافة أن تعديها (٤).

__________________

(١) الأغاني ١٨ / ٢٠٣ ـ ٢٠٩ والإصابة ٥ / ١٣٣ والمعارف ٩٣.

(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٥.

(٣) في الأغاني «بن طيّئ».

(٤) في الأغاني بعد ذلك «وكانت أم إسحاق من أجمل نساء قريش وأسوأهن خلقا ، ويقال إن نساء بني تيم كانت لهن حظوة عند أزواجهن على سوء أخلاقها. ويروى أن أم إسحاق كانت ربما حملت وولدت وهي لا تكلم زوجها».

١٦٦

حدّثني أحمد بن سعيد ، قال : حدّثني يحيى بن الحسن ، قال : حدّثنا إسماعيل بن يعقوب ، قال : حدّثني [جدي] عبد الله بن موسى [بن عبد الله ابن الحسن](١) قال :

خطب الحسن بن الحسن إلى عمّه الحسين ، وسأله أن يزوجه إحدى ابنتيه ، فقال له الحسين : اختر يا بنيّ أحبّهما إليك ، فاستحيا الحسن ، ولم يحر جوابا. فقاله له الحسين : فإني قد اخترت لك ابنتي سكينة ، فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله ، (ص)(٢).

وقال حرمي بن العلاء ، عن الزبير بن بكار : أن الحسن [لما خيره عمه] اختار فاطمة. وكانوا يقولون : إن امرأة مردودة بها سكنية لمنقطعة القرين في الجمال.

وقد كانت فاطمة تزوّجت بعد الحسن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، وهو عم الشاعر الذي يقال له العرجي ، فولدت له أولادا ، منهم محمد المقتول مع أخيه عبد الله بن الحسن ، ويقال له الديباج ، والقاسم ، والرقية ، بنو عبد الله بن عمرو.

* * *

وكان عبد الله بن الحسن [بن الحسن] شيخ بني هاشم ، والمقدم فيهم ، وذا الكثير منهم فضلا ، وعلما وكرما (٣).

حدّثني أحمد بن محمد الهمداني ، قال : حدّثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدّثنا علي بن أحمد الباهلي ، قال : سمعت مصعبا الزبيري يقول :

انتهى كل حسن إلى عبد الله بن الحسن ، وكان يقال : من أحسن الناس؟ فيقال : عبد الله بن الحسن ، ويقال : من أفضل الناس؟ فيقال : عبد الله بن الحسن ويقال من أقول الناس؟ فيقال : عبد الله بن الحسن. وحدثنا الحسن بن

__________________

(١) الزيادة من الأغاني.

(٢) الأغاني ١٨ / ٢٠٤.

(٣) الأغاني ١٨ / ٢٠٥ والزيادة منه.

١٦٧

علي الخفاف ، قال : حدثنا مصعب مثله.

حدّثني محمد بن الحسين الأشناني ، والحسن بن علي السلولي ، قالا : حدّثنا عباد بن يعقوب قال ، حدّثنا تلميذ (١) ، قال :

رأيت عبد الله بن الحسن بن الحسن ، وسمعته يقول : أنا أقرب الناس من رسول الله ، (ص) ، ولدني رسول الله (ص) مرتين (٢).

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثني إسماعيل بن يعقوب ، قال : حدثني عبد الله بن موسى ، قال :

أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين عبد الله بن الحسن بن الحسن (٣).

حدثني محمد بن الحسين الأشناني (٤) ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب (٥) ، قال : حدثنا بندقة بن محمد بن حجارة الدّهان ، قال :

رأيت عبد الله بن الحسن فقلت : هذا والله سيد الناس [كان] ملبسا (٦) نورا من قرنه إلى قدميه.

* * *

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، قال :

ولد عبد الله بن الحسن في بيت فاطمة بنت رسول الله (ص) في المسجد.

* * *

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : أخبرنا يحيى ، عن القاسم بن عبد الرازق ، قال :

__________________

(١) كذا في الأغاني ، وفي النسخ «تليد بن سليمان».

(٢) في الأغاني «ولدتني بنت رسول الله (ص) مرتين».

(٣) الأغاني ١٨ / ٢٠٥.

(٤) كذا في الخطية والأغاني وفي ط وق «محمد بن الحسن قال».

(٥) في الأغاني «عبد الله بن يعقوب».

(٦) الزيادة من الخطية والأغاني.

١٦٨

جاء منصور بن زيّان الفزاري إلى الحسن بن الحسن ، وهو جده أبو أمه فقال له : لعلّك أحدثت بعدي أهلا؟.

قال : نعم تزوجت بنت عمي الحسين بن علي.

فقال : بئس ما صنعت ، أما علمت أن الأرحام إذا التقت أضوت ، كان ينبغي لك أن تتزوج من العرب (١).

قال : فإن الله قد رزقني منها ولدا. قال فأرنيه. فأخرج إليه عبد الله بن الحسن فسرّ به ، وقال : أنجبت ، هذا والله الليث عاديا ومعدوا عليه.

قال : فإن الله قد رزقني منها ولدا آخر.

قال : فأرنيه (٢). فأخرج إليه الحسن بن الحسن ، فسرّ به وقال : أنجبت والله وهو دون الأول.

قال : فإن الله رزقني منها ثالثا.

قال : فأرنيه ، فأراه إبراهيم بن الحسن بن الحسن ، فقال : لا تعد إليها بعد هذا.

* * *

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثني هرون بن موسى الفروي ، قال : سمعت محمد بن أيوب الرافعي يقول :

كان أهل الشرف وذوو القدر لا ينوطون بعبد الله بن الحسن أحدا.

* * *

وحدّثني أبو عبيد [محمد بن أحمد] الصيرفي ، قال : حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار ، قال : حدثنا عمرو (٣) بن عبد الغفار الفقيمي ، عن سعيد بن أبان القرشي ، قال:

كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فدخل عليه عبد الله بن الحسن ، وهو يومئذ شاب في إزار ورداء ، فرحب به وأدنا [وحيّاه](٤). وأجلسه إلى جنبه

__________________

(١) في الأغاني «في الغرب» تحريف.

(٢) في الأغاني بعد ذلك «فأراه إبراهيم بن الحسن».

(٣) في الأغاني «عمر».

(٤) الزيادة من الخطية والأغاني.

١٦٩

وضاحكه ، ثم غمز عكنة من عكن بطنه ، وليس في البيت يومئذ إلّا أموي ، فلما قام قالوا له : ما حملك على غمز بطن هذا الفتى؟ قال : إني أرجو بها شفاعة محمد صلّى الله عليه وآله وسلم (١).

حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا فضل المصري ، قال : حدثنا القواريري قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن أبان مثله.

حدثني عمر بن عبد الله [بن جميل] العتكي ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني إسماعيل بن جعفر الجعفري ، قال : حدثني سعيد بن عقبة الجهني ، قال :

إني لعند عبد الله بن حسن بن حسن إذ أتاني آت فقال : هذا رجل يدعوك ، فخرجت فإذا بأبي عديّ الأموي الشاعر ، فقال : أعلم أبا محمد ، فخرج إليه عبد الله ، وابناه ، وهم خائفون ، فأمر له عبد الله بأربعمائة دينار (٢) ، وأمر له ابناه بأربعمائة دينار وأمرت له هند بمائتي دينار ، فخرج من عندهم بألف دينار.

* * *

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن موسى ، قال : حدثني أبي :

أن عبد الله بن الحسن كان يصلي على طنفسة في المسجد ، وأنه خرج فأقامت تلك الطنفسة (٣) دهرا لا ترتفع.

حدثني أحمد [بن محمد بن سعيد] ، قال : حدثنا يحيى [بن الحسن](٤) ؛ قال : حدثنا علي بن أحمد الباهلي ، قال : حدّثنا مصعب بن عبد الله ، قال :

__________________

(١) الأغاني ١٨ / ٢٠٥.

(٢) في الأغاني بعد ذلك «وهند بمائتي دينار فخرج بستمائة دينار».

(٣) في ط «العسة».

(٤) الزيادة من الأغاني.

١٧٠

سئل مالك عن السدل ، فقال : رأيت من يرضى بفعله ، عبد الله بن الحسن يفعله.

* * *

وقتل عبد الله بن الحسن في محبسه بالهاشمية ، وهو ابن خمس وسبعين ، سنة خمس وأربعين ومائة (١).

١٧ ـ الحسن بن الحسن بن الحسن

والحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)

وأمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (٢).

* * *

وكان متألها ، فاضلا ، ورعا ، يذهب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مذهب الزيدية.

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثني إسماعيل بن يعقوب ، قال :

لما حبس عبد الله بن الحسن آلى أخوه الحسن بن الحسن ألا يدّهن ولا يكتحل ، ولا يلبس ثوبا لينا ، ولا يأكل طيبا ، ما دام عبد الله على تلك الحال.

أخبرني عمر بن عبد الله العتكي ، قال : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله العلوي ، عن عبد الله بن عمران ، وحدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثني أبو عبد الحميد الليثي ، عن أبيه ، عن عيسى بن عبد الله ، قال : حدثني عبد الله بن عمران ، قال : [واللفظ للعتكي](٣).

كان حسن بن الحسن قد نصل خضابه ، تسليّا على عبد الله بن حسن ،

__________________

(١) الأغاني ١٨ / ٢٠٥ والإصابة ٥ / ١٣٣.

(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٣٤ وتاريخ بغداد ٧ / ٢٩٣.

(٣) الزيادة من الخطية.

١٧١

وكان أبو جعفر يسأل عنه فيقول : ما فعل الحاد (١).

أخبرني عمر بن عبد الله العتكي ، قال : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثني الحرث بن إسحاق ، قال :

كان الحسن بن الحسن بن الحسن ينزل منزلا بذي الأثل فحضر المدينة ، وعبد الله بن الحسن محبوس ، فلم يبرحها ، ولبس خشن الثياب ، وغليظ الكرابيس ، وكان أبو جعفر يسميه الحاد ، وكان عبد الله ربما استبطأ رسل أخيه الحسن ، فيرسل إليه : إنك وولدك لآمنون في بيوتكم ، وأنا ولدي بين أسير وهارب ، لقد مللت معونتي فآنسني برسلك. وكان ذلك إذا أتى حسنا بكى ، وقال : بنفسي أبو محمد إنه لم يزل يحشد الناس بالأئمة.

* * *

وتوفي الحسن بن الحسن بن الحسن في محبسه بالهاشمية (٢) في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة. وهو ابن ثمان وستين سنة.

١٨ ـ إبراهيم بن الحسن بن الحسن

وإبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام

ويكنى أبا الحسن.

وأمه فاطمة بنت الحسين (٣).

حدثني يحيى بن علي بن يحيى المنجم ، قال : سمعت عمر بن شبّة يقول :

كلّ إبراهيم تقدم من بني علي ، يكنى أبا الحسن.

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال :

كان إبراهيم أشبه الناس برسول الله (ص).

* * *

__________________

(١) الطبري ٩ / ١٩٢ وابن الأثير ٥ / ٢١٠.

(٢) طبقات بن سعد ٥ / ٢٣٥ وتاريخ بغداد ٧ / ٢٩٤.

(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٥.

١٧٢

أخبرني عمر بن عبد الله العتكي ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله ، وحدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا غسان بن عبد الحميد ، عن أبيه ، عن عيسى بن عبد الله ، قال :

مرّ الحسن بن الحسن على إبراهيم بن الحسن ، وهو يعلف إبلا له ، فقال : أتعلف إبلك وعبد الله بن الحسن محبوس؟ أطلق عقلها يا غلام ، فأطلقها ، ثم صاح في إدبارها فذهبت فلم يوجد منها واحدة (١).

* * *

وتوفي إبراهيم بن الحسن بن الحسن في الحبس بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة.

وهو أول من توفي منهم في الحبس (٢) ، وهو ابن سبع وستين سنة.

أخبرني بذلك عمر بن عبد الله العتكي ، عن عمر بن شبّة ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين.

* * *

قال أبو الفرج الأصبهاني :

هؤلاء الثلاثة من ولد الحسن بن الحسن لصلبه ، قتلوا وماتوا في الحبس.

وقد ذكر محمد بن علي حمزة العلوي أنه قتل معهم أبو بكر بن الحسن بن الحسن. وما سمعت أحدا ذكر هذا غيره ، ولا بلغنا عن أحد من أهل العلم بالأنساب أن الحسن بن الحسن كان له ابن يكنى أبا بكر (٣).

* * *

وحمل معهم من المدينة جماعة أخر لم يقتل منهم أحد. وخلّى أبو جعفر لهم السبيل بعد مقتل محمد وإبراهيم.

__________________

(١) الطبري ٩ / ١٩٢ وابن الأثير ٥ / ٢١٠.

(٢) الطبري ٩ / ١٩٨ ، ٢٠٠ وابن الأثير ٥ / ٢١٢.

(٣) راجع أسماء ولد الحسن بن الحسن في طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥ والمعارف ٩٣.

١٧٣

منهم جعفر بن الحسن بن الحسن (١) ، وابنه الحسن بن جعفر ، وموسى بن عبد الله بن الحسن ، وداود بن الحسن ، وسليمان ، وعبد الله ابنا داود بن الحسن ، وإسحاق ، وإسماعيل ابنا إبراهيم بن الحسن (٢).

وذكر محمد بن علي بن حمزة أن إسحاق وإسماعيل قتلا.

والذي ذكرناه من تخليتهما أصح ، أخبرني [به] عمر بن عبد الله العتكي ، عن عمر بن شبة ، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي.

* * *

ثم نرجع إلى ذكر أسماء من قتل وتوفي في الحبس بالهاشمية منهم.

* * *

١٩ ـ علي بن الحسن بن الحسن

وعلي بن الحسن بن الحسن

ويكنى أبا الحسن.

وكان يقال له عليّ الخير ، وعلي الأغرّ (٣) ، وعلي العابد ، وكان يقال له ولزوجته زينب بنت عبد الله بن الحسن الزوج الصالح ، فيما ذكر لنا حرمي بن العلاء ، عن زبير بن بكار ، عن عبد الله بن الحسن.

وأمه أم عبد الله بنت عامر بن عبد الله بن بشر بن عامر بن ملاعب الأسنة بن مالك بن جعفر بن كلاب.

* * *

أخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدّثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني عبد الجبار بن سعيد المساحقي ، عن أبيه ، قال :

__________________

(١) في الطبري ٩ / ١٩٩ «فنظرت مولاة لآل حسن إلى جعفر بن حسن فقالت : بنفسي أبو جعفر ما أبصره بالرجال حيث يطلقك».

(٢) الطبري ٩ / ١٩٢ وابن الأثير ٥ / ٢١٠ و ٢١٢ ومروج الذهب ٢ / ١٧١.

(٣) الطبري ٩ / ١٨٦.

١٧٤

أقطع (١) أبو العباس الحسن بن الحسن بن الحسن عين مروان بذي خشب ، وكان ربما أرسل إليها ابنه عليا يطلعها ، فيذهب معه بادوات من ماء فيشرب منها ، ولا يشرب من عين مروان.

حدثني عمي الحسن بن محمد ، قال : حدثني ميمون بن هرون. قال (٢) : حدثني أبو حذافة السهمي ، قال : حدثني مولى لآل طلحة :

أنه رأى علي بن الحسن قائما يصلي في طريق مكة ، فدخلت أفعى في ثيابه من تحت ذيله ، حتى خرجت من زيقته ، فصاح به الناس : الأفعى في ثيابك ، وهو مقبل على صلاته ، ثم انسابت فمرت ، فما قطع صلاته ، ولا تحرك ، ولا رئى أثر ذلك في وجهه.

* * *

أخبرني عمر بن عبد الله العتكي ، قال : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثني عبد الملك بن شيبان ، قال : حدثتني مذهبة ، قالت :

كانت زينب بنت عبد الله تندب أباها وأهلها حين حملوا تقول : واعبرتاه من الحديد والعباء والمحامل المعراة.

* * *

أخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثني عيسى بن عبد الله ، قال : حدثني أبي ، قال :

كان رياح إذا صلّى الصبح أرسل إليّ ، وإلى قدامة بن موسى ، فيحدثنا ساعة ، وإنا لعنده يوما فلما أسفرنا إذا برجل متلفف في ساج [له] ، فقال له رياح : [مرحبا بك وأهلا ما حاجتك؟ قال : جئت لتحبسني مع قومي. فإذا هو علي بن الحسين](٣). فقال له رياح : أما والله ليعرفنها لك يا أمير المؤمنين ، ثم حبسه معهم (٤).

__________________

(١) في ق «اقتطع» وهو تحريف.

(٢) في الخطية «دفع إلى الحسن بن محمد كتابا بخط ميمون بن هارون الكاتب فقرأت فيه : حدثنا ...».

(٣) الزيادة من الخطية والطبري.

(٤) ابن الأثير ٥ / ٢١٠ والطبري ٩ / ١٩٢.

١٧٥

أخبرني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسين ، قال : حدثنا غسان بن عبد الحميد ، عن أبيه ، عن موسى بن عبد الله ، وأخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدّثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : سمعت جدي موسى بن عبد الله يقول :

حبسنا في المطبق فما كنا نعرف أوقات الصلوات إلّا بأجزاء يقرؤها علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن.

* * *

أخبرني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى ، قال :

توفي علي بن الحسن ، وهو ساجد في حبس أبي جعفر ، فقال عبد الله : أيقظوا ابن أخي ، فإني أراه قد نام في سجوده. قال : فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا. فقال : رضي الله عنك ، إن علمي فيك أنك تخاف هذا المصرع.

* * *

أخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن خالد بن أخت سعيد بن عامر ، عن سعيد بن عامر ، عن جويرية بن أسماء ، وهو خال أمه ، قال :

لما حمل بنو الحسن إلى أبي جعفر أتى بأقياد يقيدون بها ، وعلي بن الحسن قائم يصلي ، وكان في الأقياد قيد ثقيل فجعل كلما قرب إلى رجل تفادى منه واستعفى ، قال : فانفتل علي من صلاته فقال : لشدّ ما جزعتم ، شرعه هذا ، ثم مدّ رجليه فقيّد به (١).

أخبرني عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني محمد بن أبي حرب ، قال : حدثني يحيى بن يزيد بن حميد ، قال : أخبرني سليمان بن داود بن الحسن ، والحسن بن جعفر ، قال :

لما حبسنا كان معنا علي بن الحسن ، وكانت حلق أقيادنا قد اتسعت فكنا

__________________

(١) الطبري ٩ / ١٩٤.

١٧٦

إذا أردنا صلاة أو نوما جعلناها عنا ، فإذا خفنا دخول الحراس أعدناها ، وكان علي بن الحسن لا يفعل ، فقال له عمه : يا بني ما يمنعك أن تفعل؟ قال : لا ، والله لا أخلعه أبدا حتى أجتمع أنا وأبو جعفر عند الله ، فيسأله لم قيدني به.

* * *

حدثني علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال : حدثني سليمان بن العطوس ، قال : حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ، قال : حدّثنا عبد ربه ـ يعني ابن علقمة ـ عن يحيى بن عبد الله ، عن الذي أفلت من الثمانية ، قال :

لما أدخلنا الحبس قال علي بن الحسن : اللهم إن كان هذا من سخط منك علينا فاشدد حتى ترضى.

فقال عبد الله بن الحسن : ما هذا يرحمك الله؟.

ثم حدثنا عبد الله عن فاطمة الصغرى ، عن أبيها ، عن جدتها فاطمة بنت رسول الله (ص) ، قالت : قال لي رسول الله (ص) : «يدفن من ولدي سبعة بشاطئ الفرات لم يسبقهم الأولون ، ولا يدركهم الآخرون» فقلت : نحن ثمانية. قال : هكذا سمعت.

قال : فلما فتحوا الباب وجدوهم موتى ، وأصابوني وبي رمق وسقوني ماء ، وأخرجوني فعشت.

* * *

حدثني علي بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن علي الحسني ، قال : حدثنا الحسن ، عن محمد ـ يعني ابن عبد الواحد ـ قال : حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا خالد بن عيسى ، عن حصين بن مخارق ، عن الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن. وأخبرنا علي بن العباس البجلي ، قال : حدثنا الحسين بن نصر ، قال :

حبسهم أبو جعفر في محبس ستين ليلة ما يدرون بالليل ولا بالنهار ، ولا يعرفون وقت الصلاة إلّا بتسبيح علي بن الحسن (١).

__________________

(١) الطبري ٩ / ١٩٩.

١٧٧

قال : فضجر عبد الله ضجرة فقال : يا علي ألا ترى ما نحن فيه من البلاء؟. ألا تطلب إلى ربك عز وجلّ أن يخرجنا من هذا الضيق والبلاء؟.

قال : فسكت عنه طويلا ثم قال : يا عم إن لنا في الجنة درجة لم نكن لنبلغها إلّا بهذه البلية ، أو بما هو أعظم منها ؛ وإن لأبي جعفر في النار موضعا لم يكن ليبلغه حتى يبلغ منا مثل هذه البلية ، أو أعظم منها ؛ فإن تشأ أن تصبر ، فما أوشك فيما أصبنا أن نموت فنستريح من هذا الغم كأن لم يكن منه شيء ، وإن تشأ أن ندعو ربنا عز وجل أن يخرجك من هذا الغم ، ويقصّر بأبي جعفر غايته التي له في النار ، فعلنا.

قال : لا ، بل اصبر.

فما مكثوا إلّا ثلاثا حتى قبضهم الله إليه.

* * *

وتوفي علي بن الحسن وهو ابن خمس وأربعين سنة ، لسبع بقين من المحرم سنة ست وأربعين ومائة.

* * *

٢٠ ـ عبد الله بن الحسن بن الحسن

وعبد الله بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام

ويكنى أبا جعفر (١).

وأمه أم عبد الله بنت عامر ، وهي أم أخيه علي.

أخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدّثنا عمر بن شبّة ، قال : حدّثني محمد بن يحيى ، عن الحرث بن إسحاق ، قال :

خرج رياح ببني حسن ؛ ومحمد بن عبد الله بن عمرو إلى الرّبذة (٢) ، فلما

__________________

(١) في الطبري ٩ / ١٩٢ «وحدثني إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم قال : حبس معهم أبو جعفر عبد الله بن حسن ابن حسن أخا علي».

(٢) كذا في الطبري وفي النسخ «الزبدة».

١٧٨

صاروا بقصر نفيس على ثلاثة أميال من المدينة ، دعا بالحدادين ، والقيود ، والأغلال ، فألقى كلّ رجل منهم في كبل وغلّ ، فضاقت حلقتا قيد عبد الله بن الحسن [بن الحسن](١) أبي جعفر ، فعضتاه فتأوّه منهما ، وأقسم عليه أخوه علي بن الحسن ليحولن عليه حلقتيه إذ كانتا أوسع فحولها ، ومضى بهم رياح إلى الرّبذة (٢).

* * *

وتوفي عبد الله بن الحسن ، وهو ابن ست وأربعين سنة ، في يوم الأضحى ، سنة خمس وأربعين ومائة.

* * *

٢١ ـ العباس بن الحسن بن الحسن

والعباس بن الحسن (٣) بن الحسن بن الحسن

ابن علي بن أبي طالب عليه السلام

وأمه عائشة بنت طلحة الجود بن عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي (٤).

وكان العباس أحد فتيان بني هاشم ، وله يقول إبراهيم بن علي بن هرمة (٥) :

لما تعرّضت للحاجات واعتلجت

عندي وعاد ضمير القلب وسواسا

سعيت أبغي (٦) لحاجات ومصدرها

برّا كريما لثوب المجد لباسا

هداني الله للحسنى ووفّقني

فاعتمت (٧) خير شباب الناس عبّاسا

قدح النبي وقدح من أبي حسن

ومن حسين جرى لم يحر حنّاسا

أخبرنا عمر بن عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله العلوي ، قال : حدثنا عبد الله بن عمران بن أبي فروة :

__________________

(١) الزيادة من الطبري.

(٢) الطبري ٩ / ١٩٤.

(٣) ابن الأثير ٥ / ٢١٠ والطبري ٩ / ١٩٢ ومروج الذهب ٢ / ١٧١.

(٤) الطبري ٩ / ١٩٦.

(٥) الأغاني ٤ / ١٠٣ ـ ١١٤.

(٦) في النسخ «أنعى».

(٧) في النسخ «فأعنمت».

١٧٩

أن العباس بن الحسن أخذ وهو على بابه ، فقالت أمه عائشة بنت طلحة : دعوني أشمه شمّة ، وأضمّه ضمة.

فقالوا : لا والله ما كنت في الدنيا حيّة (١).

* * *

وتوفي العباس في الحبس وهو ابن خمس وثلاثين ، لسبع بقين من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة.

* * *

٢٢ ـ اسماعيل بن إبراهيم بن الحسن

وإسماعيل بن إبراهيم (٢) بن الحسن بن الحسن

ابن علي بن أبي طالب عليه السلام

وهو الذي يقال له طباطبا. وقيل إن ابنه إبراهيم طباطبا.

وأمه ربيحة بنت محمد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية الذي يقال له : زاد الركب ، أبو أم سلمة زوج النبي (ص) (٣).

* * *

حدّثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا إسماعيل بن يعقوب قال : حدثنا عبد الله بن موسى ، قال :

سألت عبد الرحمن بن أبي الموالي ، وكان مع بني الحسن بن الحسن في المطبق : كيف كان صبرهم على ما هم فيه؟.

قال : كانوا صبراء ، وكان فيهم رجل مثل سبيكة الذهب ، كلما أوقد عليها النار ازدادت خلاصا ، وهو إسماعيل بن إبراهيم ، كان كلما اشتد عليه البلاء ازداد صبرا.

* * *

__________________

(١) الطبري ٩ / ١٩٢.

(٢) الطبري ٩ / ١٩٢ وابن الأثير ٥ / ٢١٠.

(٣) طبقات ابن سعد ٨ / ٦٠.

١٨٠