مقاتل الطالبيّين

أبي الفرج الاصفهاني

مقاتل الطالبيّين

المؤلف:

أبي الفرج الاصفهاني


المحقق: السيد أحمد صقر
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦٦٤

حدثنا علي بن الحسين ، قال : أخبرنا الحسين بن القاسم ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدثنا عمرو بن عبد الغفار ، عن عبدة بن كثير الجرمي ، قال :

كتب زيد بن علي إلى هلال بن حباب ، وهو يومئذ قاضي المدائن ، فأجابه وبايع له.

* * *

حدثنا علي بن الحسين ، قال : أخبرنا الحسين بن القاسم ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدثنا عمرو ، قال حدثني عطاء بن مسلم ، عن سالم بن أبي الحديد ، قال:

أرسلني زيد بن علي إلى زبيد الإمامي أدعوه إلى الجهاد معه.

* * *

حدثنا علي بن الحسين ، قال : أخبرني الحسين ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدّثنا عمرو ، عن الفضل بن الزبير ، قال :

قال أبو حنيفة من يأتي زيدا في هذا الشأن من فقهاء الناس؟.

قال : قلت سليمة بن كهيل ، ويزيد بن أبي زياد ، وهرون بن سعد ، وهاشم بن البريد ، وأبو هاشم الرّماني ، والحجاج بن دينار ، وغيرهم.

فقال لي : قل لزيد لك عندي معونة وقوة على جهاد عدوك فاستعن بها أنت وأصحابك في الكراع (١) والسلاح ؛ ثم بعث ذلك معي إلى زيد ، فأخذه زيد.

* * *

[حدثنا علي بن الحسين] ، قال : حدثني أبو عبيدة الصيرفي ، قال : حدثنا الفضل بن الحسين المصري ، قال : حدثنا العباس العنبري ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، قال :

فارقني سفيان (٢) على أنه زيدي.

__________________

(١) الكراع : اسم لجماعة الخيل.

(٢) ولد سفيان سنة سبع وتسعين ومات سنة إحدى وستين ومائة.

١٤١

حدثني علي بن الحسن بن القاسم ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدثنا عمرو بن عبد الغفار [عن عبدة بن كثير](١) ، قال :

كان رسول زيد إلى خراسان عبدة بن كثير الجرمي ، والحسن بن سعد الفقيه.

* * *

حدثنا علي بن الحسين قال : أخبرني الحسين قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدثنا عمرو بن عبد الغفار ، قال : حدثني شريك ، قال :

إني لجالس عند الأعمش أنا ، وعمرو بن سعيد أخو سفيان بن سعيد الثوري ، إذ جاءنا عثمان بن عمير أبو اليقظان الفقيه ، فجلس إلى الأعمش فقال : أخلنا فإن لنا إليك حاجة. فقال : وما خطبكم هذا شريك ، وهذا عمرو بن سعيد أذكر حاجتك. فقال : أرسلني إليك زيد بن علي أدعوك إلى نصرته والجهاد معه ، وهو من عرفت. قال : أجل ؛ ما أعرفني بفضله. أقرئاه مني السلام ، وقولا له : يقول لك الأعمش لست أثق لك ـ جعلت فداك ـ بالناس ، ولو أنا وجدنا لك ثلثمائة رجل أثق بهم لغيّرنا لك جوانبها.

* * *

حدثنا علي بن الحسين ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن زيد (٢) الثقفي. قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمران بن أبي ليلى ، قال : حدثني أبي ، قال :

كان محمد بن أبي ليلى ، ومنصور بن المعتمر ، بايعا زيد بن علي. قال : وبعث يوسف بن عمر إلى الناس فأخذ عليهم أبواب المسجد فحال بينه وبينهم.

* * *

حدثنا علي بن الحسين قال : حدّثني الحسين بن محمد بن عفير [الأنصاري] قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان ، قال : حدثنا حكام بن مسلم ، قال : حدثنا عنبسة بن سعيد الأسدي :

__________________

(١) الزيادة من الخطية.

(٢) في الخطية «ابن سعيد الثقفي».

١٤٢

أنا أبا حصين قال لقيس بن الربيع : يا قيس. قال : لبيك. قال : لا لبيك ، ولا سعديك ، لتبايعن رجلا من ولد رسول الله (ص) ثم تخذله ، وذلك أنه بلغه أنه بايع زيد بن علي.

* * *

وقال فضل بن العباس بن عبد الرحمن بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب يرثي زيد بن علي عليه السلام :

ألا يا عين لا ترقى وجودي

بدمعك ليس ذا حين الجمود

غداة ابن النبي أبو حسين

صليب بالكناسة فوق عود

يظل على عمودهم ويمسي

بنفسي أعظم فوق العمود

تعدى الكافر الجبار فيه

فأخرجه من القبر اللحيد (١)

فظلوا ينبشون أبا حسين

خضيبا بينهم بدم جسيد

فطال به تلعبهم عتوًّا

وما قدروا على الرّوح الصّعيد

وجاور في الجنان بني أبيه

وأجدادا هم خير الجدود

فكم من والد لأبي حسين

من الشهداء أو عم شهيد

ومن أبناء أعمام سيلقى

هم أولى به عند الورود

دعاه معاشر نكثوا أباه

حسينا بعد توكيد العهود

فسار إليهم حتى أتاهم

فما أرعوا على تلك العقود

وكيف تظنّ بالعبرات عيني

وتطمع بعد زيد في الهجود

وكيف لها الرقاد ولم تراءى

جياد الخيل تعدوا بالأسود

تجمع للقبائل من معد

ومن قحطان في حلق الحديد

كتائب كلّما أردت قتيلا

تنادت : أن إلى الأعداء عودي

بأيديهم صفائح مرهفات

صوارم أخلصت من عهد هود

بها نسقي النفوس إذا التقينا

ونقتل كل جبّار عنيد

ونحكم في بني الحكم العوالي

ونجعلهم بها مثل الحصيد

__________________

(١) في ط وق «فأحرقه من القبر».

١٤٣

وننزل بالمعيطيين حربا

عمارة منهم وبنو الوليد

وإن تمكن صروف الدهر منكم

وما يأتي من الأمر الجديد (١)

نجازيكم بما أوليتمونا

قصاصا أو نزيد على المزيد

ونترككم بأرض الشام صرعى

وشتى من قتيل أو طريد

تنوء بكم خوامعها (٢) وطلس

وضاري الطير من بقع وسود

ولست بآيس من أن تصيروا

خنازيرا وأشباه القرود

* * *

وقال أبو ثميلة الأبّار يرثي زيدا عليه السلام :

يا أبا الحسين أعار فقدك لوعة

ما لقيت منها يكمد

فقد السهاد ولو سواك رمت به الأ

قدار حيث رمت به لم يسهد (٣)

ونقول : لا تبعد ، وبعدك داؤنا

وكذاك من يلق المنية يبعد

كنت المؤمّل للعظائم والنهى

ترجى لأمر الأمة المتأوّد

فقتلت حين رضيت كل مناضل

وصعدت في العلياء كل مصعد

فطلبت غاية سابقين فنلتها

بالله في سير كريم المورد

وأبى إلهك أن تموت ولم تسر

فيهم بسيرة صادق مستنجد

والقتل في ذات الإله سجية

منكم وأحرى بالفعال الأمجد

* * *

والناس قد أمنوا ، وآل محمد

من بين مقتول وبين مشرّد

نصب إذا ألقى الظلام ستوره

رقد الحمام ، وليلهم لم يرقد

يا ليت شعري والخطوب كثيرة

أسباب موردها وما لم يورد

ما حجة المستبشرين بقتله

بالأمس أو ما عذر أهل المسجد

__________________

(١) خلت الخطية من هذا البيت واللذين بعده.

(٢) في القاموس «الخوامع : الضباع جمع خامعة ، والطلس : جمع أطلس وهو الذئب الأمعط في لونه غبرة إلى السواد».

(٣) في ط وق «فعرى السهاد ولو سواك زهت به».

١٤٤

١١ ـ يحيى بن زيد

ويحيى بن زيد (١) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

* * *

وأمه ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ، وإيّاها عنى أبو ثميلة الأبّار بقوله :

فلعلّ راحم أم موسى والذي

نجاه من لجج خضم مزبد

سيسرّ ريطة بعد حزن فؤادها

يحيى ويحيى في الكتائب يرتدي

وأم ريطة بنت أبي هاشم ريطة بنت الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب. وأمها ابنة المطلب بن أبي وداعة السهمي.

* * *

(ذكر السبب في مقتله)

حدثنا علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني ، قال : أخبرني به محمد بن علي بن شاذان ، قال : حدثنا أحمد بن راشد ، قال : حدثني عمي سعيد بن خيثم بن أبي الهادية العبدي. حدثنا علي بن الحسين ، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني المنذر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا هشام بن محمد عن أبي مخنف عن سلمة بن ثابت [الليثي](٣) قال : وخبرنيه أبو المنذر في كتابه إليّ بمثله. حدثنا علي ، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي ، قال : قال أبو مخنف لوط بن يحيى ، حدثنا علي ، قال : وأخبرني علي بن العباس المقانعي ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا زيد بن المعذل ، قال : حدثنا يحيى بن صالح الطيالسي ، عن أبي مخنف ، عن عبيدة بن كلثوم. حدثنا علي ، قال :

__________________

(١) الطبري ٨ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ، ٢٩٩ ـ ٣٠١ وابن الأثير ٥ / ٩٨ ، ١٠٧ ـ ١٠٨ وشرح شافية أبي فراس ١٥٤ والمعارف ٩٥ والمحبر ٤٨٣ ومروج الذهب ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣.

(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٩ وابن الأثير ٥ / ١٠٨.

(٣) الزيادة من الخطية.

١٤٥

وأخبرني الحسين بن القاسم ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدّثنا عمرو بن عبد الغفار ، قال : حدثنا سلم الحذاء ، وقد دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين.

قالوا : إن زيد بن علي لما قتل ، ودفنه يحيى ابنه ، رجع وأقام بجبانة السبيع ، وتفرّق الناس عنه ، فلم يبق معه إلّا عشرة نفر. قال سلمة بن ثابت : فقلت له أين تريد؟ قال : أريد النهرين ، ومعه أبو الصبار العبدي ، قال : فقلت له : إن كنت تريد النهرين فقاتل ها هنا حتى نقتل. قال : أريد نهري كربلاء. فقلت له : فالنجاء قبل الصبح. قال : فخرجنا معه ، فلما جاوزنا الأبيات سمعنا الأذان فخرجنا مسرعين. فكلما استقبلني قوم استطعمتهم فيطعمونني الأرغفة فأطعمه إيّاها وأصحابي حتى أتينا نينوى ، فدعوت سابقا فخرج من منزله ودخله يحيى ، ومضى سابق إلى الفيوم (١). فأقام به وخلف يحيى في منزله. قال سلمة : ومضيت وخلّيته ، وكان آخر عهدي به.

قالوا : وخرج يحيى بن زيد إلى المدائن ، وهي إذ ذاك طريق الناس إلى خراسان ، وبلغ ذلك يوسف بن عمر فسرّح في طلبه حريث بن أبي الجهم الكلبي ، فورد المدائن وقد فاته يحيى ، ومضى حتى أتى الرّي.

قالوا : وكان نزوله بالمدائن على دهقان من أهلها إلى أن خرج منها.

قالوا : ثم خرج من الري حتى أتى سرخس فأتى يزيد بن عمرو التيمي ، ودعى الحكم بن يزيد أحد بني أسيد بن عمرو ، وكان معه ، وأقام عنده ستة أشهر. وعلى الحرب بتلك الناحية رجل يعرف بابن حنظلة من قبل عمر بن هبيرة. وأتاه ناس من المحكمة يسألونه أن يخرج معهم ليقاتلوا بني أمية ، فأراد لما رأى من نفاذ رأيهم أن يفعل ، فنهاه يزيد بن عمرو وقال : كيف تقاتل بقوم تريد أن تستظهر بهم على عدوك وهم يبرؤون من علي وأهل بيته. فلم يطمئن إليهم غير أنه قال لهم جميلا.

ثم خرج فنزل ببلغ على الحريش بن عبد الرحمن الشيباني (٢) فلم يزل عنده

__________________

(١) في ط «كذا في النسخ».

(٢) في ابن الأثير ٥ / ١٠٧ «الحريش بن عمرو بن داود».

١٤٦

حتى هلك هشام بن عبد الملك لعنه الله ، وولى الوليد بن يزيد ، وكتب يوسف إلى نصر بن سيّار ، وهو عامل على خراسان حين أخبر أن يحيى بن زيد نازل بها ، وقال : ابعث إلى الحريش (١). حتى يأخذ بيحيى أشد الأخذ ، فبعث نصر إلى عقيل بن معقل الليثي ، وهو عامله على بلخ ، أن يأخذ الحريش فلا يفارقه حتى تزهق نفسه أو يأتيه بيحيى بن زيد ، فدعى به فضربه ستمائة سوط ، وقال : والله لأزهقن نفسك أو تأتيني به.

فقال : والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه فاصنع ما أنت صانع. فوثب قريش بن الحريش فقال لعقيل : لا تقتل أبي ، وأنا آتيك بيحيى ، فوجّه معه جماعة فدلهم عليه ، وهو في بيت في جوف بيت ، فأخذوه ومعه يزيد بن عمر ، والفضل مولى لعبد القيس كان معه من الكوفة ، فبعث به عقيل إلى نصر بن سيّار فحبسه وقيّده ، وجعله في سلسلة ، وكتب إلى يوسف بن عمرو فأخبره بخبره (٢).

حدثنا علي بن الحسين ، قال : فحدّثني محمد بن العباس البريدي ، قال : أخبرني الرياشي ، قال :

قال رجل من بني ليث يذكر ما صنع بيحيى بن زيد :

أليس بعين الله ما تصنعونه

عشيّة يحيى موثق في السلاسل

ألم تر ليثا ما الذي حتمت به

لها الويل في سلطانها المتزايل

لقد كشفت للناس ليث عن استها

أخيرا وصارت ضحكة في القبائل

كلاب عوت لا قدس الله أمرها

فجاءت بصيد لا يحل لآكل

حدثنا علي ، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن أن هذا الشعر لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

* * *

حدثنا (٣) علي بن الحسين ، قال : فحدّثني عيسى بن الحسين الوراق ،

__________________

(١) في ط وق «الجريش».

(٢) الطبري ٨ / ٣٠٠.

(٣) من هنا إلى قوله : رجع الحديث إلى سياقه ساقط من الخطية.

١٤٧

قال : حدثنا علي بن محمد النوفلي ، قال : حدثني أبي ، عن عمه عيسى ، قال :

لما أطلق يحيى بن زيد ، وفكّ حديده ، صار جماعة من مياسير الشيعة إلى الحداد الذي فكّ قيده من رجله فسألهم أن يبيعهم إيّاه ، وتنافسوا فيه وتزايدوا حتى بلغ عشرين ألف درهم ، فخاف أن يشيع خبره فيؤخذ منه المال. فقال لهم : اجمعوا ثمنه بينكم فرضوا بذلك ، وأعطوه المال فقطّعه قطعة قطعة ، وقسّمه بينهم ، فاتخذوا منه فصوصا للخواتيم يتبركون بها.

* * *

رجع الحديث إلى سياقه :

قال : فكتب يوسف بن عمر إلى الوليد ـ لعنه الله ـ يعلمه ذلك (١) ، فكتب إليه يأمره أن يؤمنه ، ويخلي سبيله وسبيل أصحابه ، فكتب يوسف بذلك إلى نصر بن سيّار فدعى به نصر فأمره بتقوى الله وحذّره الفتنة.

فقال له يحيى : وهل في أمة محمد فتنة أعظم مما أنتم فيه من سفك الدماء وأخذ ما لستم له بأهل؟.

فلم يجبه نصر بشيء ، وأمر له بألفي درهم ونعلين ، وتقدم إليه أن يلحق بالوليد. فخرج يحيى حتى قدم سرخس ، وعليها عبد الله بن قيس بن عباد البكري ، فكتب إليه نصر أن أشخص يحيى عن سرخس. وكتب إلى الحسن بن زيد التميمي عامله على طوس :

إذا مرّ بك يحيى فلا تدعه يقيم ساعة ، وأرسله إلى عمرو بن زرارة بأبرشهر ففعلوا ذلك (٢). ووكل به سرحان بن نوح العنبري ، وكان على مسلحة المتعب. فذكر يحيى بن زيد نصر بن سيّار فطعن عليه ، كأنه إنما فعل ذلك مستقلا لما أعطاه ، وذكر يوسف بن عمر فعرض به ، وذكر أنه يخاف غيلته إيّاه ، ثم كف عن ذكره فقال له الرجل : قل ما أحببت ـ رحمك الله ـ فليس عليك مني عين (٣).

__________________

(١) الطبري ٨ / ٣٠٠.

(٢) راجع الطبري ٨ / ٣٠٠.

(٣) في ط وق «فليس عليك شيء لو لا عين».

١٤٨

فقال : العجب لهذا الذي يقيم الأحراس عليّ ، والله لو شئت أن أبعث إليه فأوتي به وآمر من يتوطاه لفعلت ذلك ـ يعني الحسن بن زيد التميمي ـ. قال : فقلت له : والله ما لك فعل هذا ، إنما هو رسم في هذا الطريق لتشبث الأموال.

قال : ثم أتينا عمرو بن زرارة بأبرشهر ، فأعطى يحيى ألف درهم نفقة له ، ثم أشخصه إلى بيهق ، فأقبل يحيى من بيهق ، وهي أقصى عمل خراسان في سبعين رجلا ، راجعا إلى عمرو بن زرارة ، وقد اشترى دواب ، وحمل عليها أصحابه. فكتب عمرو إلى نصر بن سيار بذلك ، فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عباد البكري عامله بسرخس ، والحسن بن زيد عامله بطوس ، أن يمضيا إلى عامله عمرو بن زرارة ، وهو على أبرشهر ، وهو أمير عليهم ، ثم يقاتلوا يحيى بن زيد.

قال : فأقبلوا إلى عمرو ، وهو مقيم بأبرشهر فاجتمعوا معه فصار في زهاء عشرة آلاف. وخرج يحيى بن زيد وما معه إلّا سبعون فارسا ، فقاتلهم يحيى فهزمهم ، وقتل عمرو بن زرارة ، واستباح عسكره وأصاب منه دواب كثيرة ، ثم أقبل حتى مرّ بهراة ، وعليها المغلّس بن زياد (١) ، فلم يعرض أحد منها لصاحبه ، وقطعها يحيى (٢) حتى نزل بأرض الجوزجان ، فسرّح إليه نصر بن سيار سلم بن أحور (٣) في ثمانية آلاف فارس من أهل الشام وغيرهم ، فلحقه بقرية يقال لها ارغوى ، وعلى الجوزجان يومئذ حماد بن عمرو السعيدي (٤) ، ولحق بيحيى بن زيد أبو العجارم الحنفي ، والخشخاش الأزدي (٥) فأخذ الخشخاش بعد ذلك نصر فقطع يديه ورجليه وقتله.

وعبأ سلم ـ لعنه الله ـ أصحابه فجعل سورة بن محمد الكندي على

__________________

(١) كذا في الطبري وفي الأصول «المعلس».

(٢) في ط وق «فقطعه».

(٣) في الطبري وابن الأثير «سلم بن أحوز».

(٤) في الطبري «بن عمرو السغدي».

(٥) في الطبري ٨ / ٣٠١ «ولحق بيحيى بن زيد رجل من بني حنيفة يقال له : أبو العجلان فقتل يومئذ معه ، ولحق به الحساس الأزدي فقطع نصر بعد ذلك يده ورجله».

١٤٩

ميمنته ، وحماد بن عمرو السعيدي على ميسرته.

وعبأ يحيى أصحابه على ما كان عبأهم عند قتال عمرو بن زرارة ، فاقتتلوا ثلاثة أيام ولياليها أشد قتال ، حتى قتل أصحاب يحيى كلهم ، وأتت يحيى نشابة في جبهته ، رماه رجل من موالي عنزة يقال له عيسى ، فوجده سورة بن محمد قتيلا فاحتزّ رأسه.

وأخذ العنزي الذي قتله سلبه ، وقميصه ، فبقيا بعد ذلك حتى أدركهما أبو مسلم فقطع أيديهما وأرجلهما وقتلهما وصلبهما (١).

وصلب يحيى بن زيد على باب مدينة الجوزجان (٢) في وقت قتله ـ صلوات الله عليه ورضوانه.

حدثنا أبو الفرج علي بن الحسين ، قال : حدثني أبو عبيد الصيرفي ، قال : حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار ، قال : حدثنا سهل بن عامر ، قال : حدثنا جعفر الأحمر ، قال : رأيت يحيى بن زيد مصلوبا على باب الجوزجان.

قال عمرو بن عبد الغفار عن أبيه :

فبعث برأسه إلى نصر بن سيّار ، فبعث به نصر إلى الوليد بن يزيد.

* * *

فلم يزل مصلوبا حتى إذا جاءت المسودة فأنزلوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم دفنوه فعل ذلك خالد بن إبراهيم أبو داود البكري ، وحازم بن خريمة وعيسى بن ماهان. وأراد أبو مسلم أن يتبع قتلة يحيى بن زيد فقيل له : عليك بالديوان ، فوضعه بين يديه وكان إذا مرّ به اسم رجل ممن أعان على يحيى قتله ، حتى لم يدع أحدا قدر عليه ممن شهد قتله (٣).

__________________

(١) ابن الأثير ٥ / ١٠٨.

(٢) المحبر ٤٨٤ وزهر الآداب ١ / ١١٩.

(٣) في المحبر «فما زال مصلوبا حتى خرج أبو مسلم فأنزله ووراه وتولى الصلاة عليه ودفنه. ثم أخذ كل من خرج لقتاله وذلك أنه تصفح الديوان فنظر إلى كل من كان في بعثه فقتله إلّا من أعجزه. فسود أهل خراسان ثيابهم عليه فصار لهم زيا».

١٥٠

١٢ ـ عبد الله بن محمد

وعبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

أخو جعفر بن محمد(١).

أمهما جميعا أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر (٢).

وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر لأم ولد (٣).

حدّثنا علي بن الحسين ، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي ، قال : حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدّثنا محمد بن مسلمة ، قال : حدّثنا زكريا بن يحيى ، عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه ، قال :

دخل عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي على رجل من بني أمية فأراد قتله. فقال عبد الله بن محمد : لا تقتلني أكن لله عليك عينا ، ولك على الله عونا ، فقال : لست هناك ، وتركه ساعة ، ثم سقاه سما في شراب سقاه إيّاه فقتله (٤).

١٣ ـ عبد الله بن المسور

وعبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام

حدثنا علي بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله بن عمار ، قال : حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : حدثنا محمد بن الحكم ، عن عوانه ، قال : كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، من أشد الناس عقوبة (٥) ، وكان معه عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي

__________________

(١) قال ابن قتيبة في كتاب المعارف ٩٤ : «فأما جعفر بن محمد فيكنى أبا عبد الله ، وإليه تنسب الجعفرية.

ومات بالمدينة سنة ست وأربعين ومائة ، وأما عبد الله بن محمد فهو الملقب بدقدق ومات بالمدينة».

(٢) المعارف ٧٦.

(٣) المعارف ٩٤.

(٤) شرح شافية أبي فراس ١٥٥.

(٥) راجع الأغاني ١١ / ٧٥.

١٥١

طالب (١) فبلغه أنه يقول : أنا ابن عون بن جعفر ، فيضربه بالسياط حتى قتله.

قال : وذكر أحمد بن الحرث الخراز ، عن المدائني ، عن رجاله :

أن معاوية دعا بامرأة ابن السور وكلّمها بشيء فراجعته ، فأمر بقتلها فقتلت.

١٤ ـ عبد الله بن معاوية

وعبد الله بن معاوية (٢) بن عبد الله بن جعفر بن علي بن أبي طالب عليه السلام. ويكنى أبا معاوية. وإيّاه عني إبراهيم بن هرمة بقوله (٣) :

أحب مدحا أبا معاوية الما

جد لا تلقه حصورا عييا

بل كريما يرتاح للمجد بسّا

ما إذا هزه السؤال حييا (٤)

إن لي عنده وإن رغم الأع

داء ودا من نفسه وقفيا

إن أمت تبق مدحتي وثنائي

وإخائي من الحياة مليا (٥)

يا ابن أسماء فاسق دلوى فقد أو

ردتها مشربا يثجّ رويا (٦)

يعني أمه أسماء ، وهي أم عون بنت العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب (٧).

وكان عبد الله بن معاوية جوادا فارسا شاعرا ، ولكنه كان سيئ السيرة ، رديء المذهب ، قتالا ، مستظهرا ببطانة السوء ومن يرمى بالزندقة ، ولو لا أن يظن أن خبره لم يقع علينا لما ذكرناه مع من ذكرناه. ولا بد من ذكر بعض أخباره.

__________________

(١) جاء في المعارف ٨٩ «وأما عون بن جعفر بن أبي طالب فقتل بشتر أيضا ، ولا عقب له ..»

(٢) الطبري ٩ / ٤٨ ـ ٥٢ و ٩٣ ـ ٩٥ ، وابن الأثير ٥ / ١٣٠ ـ ١٣٢ و ١٤٩ ـ ١٥١ والأغاني ١١ / ٧١ ـ ٧٩ وزهر الآداب ١ / ١٢٤ ـ ١٢٦ ، والمعارف ٩٠ ولسان الميزان ٣ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤.

(٣) قال أبو الفرج : ١١ / ٧٢ «وأول هذه القصيدة :

عاتب النفس والفؤاد الغويا

في طلاب الصبا فلست صبيا

(٤) كذا في الأغاني وفي الأصول «حثيا».

(٥) بعد هذا البيت والذي يليه ثلاثة أبيات في الأغاني.

(٦) في الأغاني «منهلا يثج» وفي الأصول «مشربا تنج» وفي القاموس «ثج الماء سال».

(٧) الأغاني ١١ / ٧٢.

١٥٢

حدّثني أحمد بن عبد الله بن عمّار ، قال : حدّثني علي بن محمد النوفلي ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني عمي عيسى ، قال :

كان عمارة بن حمزة يرمى بالزندقة ، فاستكتبه عبد الله بن معاوية ، وكان له نديم يعرف بمطيع بن إيّاس (١) ، وكان زنديقا مأبونا ، وكان له نديم آخر يعرف بالبقلي وإنما سمي بذلك لأنه كان يقول الإنسان كالبقلة فإذا مات لم يرجع ، قتله المنصور بعد أن أفضت إليه الخلافة. وكان هؤلاء الثلاثة خاصته ، وكان له صاحب شرطة يقال له : قيس وكان دهريا لا يؤمن بالله ، معروفا بذلك ، فكان يعس بالليل فلا يلقاه أحد إلّا قتله ، فدخل يوما على ابن معاوية ، فلما رآه قال :

إن قيسا وإن تقنّع شيبا

لخبيث الهوى على شمطه

ابن تسعين منظرا وشيبا

وابن عشرين يعدّ في سقطه

فأقبل على مطيع فقال : أجز أنت. فقال :

وله شرطة إذا جنّه اللي

ل فعوذوا بالله من شرطه (٢)

* * *

قال أبو العباس بن عمّار : أخبرني أحمد بن الحرث الخراز (٣) ، عن المدائني ، عن أبي اليقظان ، وشهاب بن عبد الله (٤) وغيرهما. قال ابن عمّار : وحدثني سليمان بن أبي شيخ ، عمن ذكره :

إن ابن معاوية كان يغضب على الرجل فيأمر بضربه بالسياط ، وهو يتحدث ، ويتغافل عنه حتى يموت تحت السياط. وأنه فعل ذلك برجل فجعل يستغيث فلا يلتفت إليه ، فناداه يا زنديق ، أنت الذي تزعم أنه يوحى إليك. فلم يلتفت إليه ، وضربه حتى مات(٥).

حدّثني أحمد بن عبيد الله [بن عمّار] ، قال : حدثني النوفلي ، عن أبيه ،

__________________

(١) ترجمته في الأغاني ١٢ / ٧٨ ـ : ١١.

(٢) الأغاني ١١ / ٧٥.

(٣) كذا في الأغاني وفي الأصول «الخزار».

(٤) في الأغاني «وشباب بن عبد الله».

(٥) الأغاني ١١ / ٧٥.

١٥٣

عن عمّه عيسى ، قال :

كان ابن معاوية أقسى خلق الله قلبا ، فغضب على غلام له ، وأنا عنده جالس في غرفة بأصبهان ، فأمر أن يرمي به منها إلى أسفل ، ففعل ذلك به ، فسقط وتعلّق بدرابزين كان على الغرفة ، فأمر بقطع يده التي أمسكه بها ، فقطعت وخرّ الغلام يهوي حتى بلغ الأرض فمات. وكان مع هذه الأحوال من ظرفاء بني هاشم ، وشعرائهم ، وهو الذي يقول :

ألا تزغ القلب عن جهله

وعما تؤنب من أجله

فيبدل بعد الصبي حكمة

ويقصر ذو العذل عن عذله (١)

فلا تركبنّ الصنيع الذي

تلوم أخاك على مثله (٢)

ولا يعجبنك قول امرئ

يخالف ما قال في فعله

ولا تتبع الطرف ما لا ينال

ولكن سل الله من فضله

وكم من مقل ينال الغنى

ويحمد في رزقه كله (٣)

أنشدنا هذا [الشعر] ابن عمّار ، عن أحمد بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين.

وذكر محمد بن علي بن حمزة العلوي أن يحيى بن معين أنشد له :

إذا افتقرت نفسي قصرت افتقارها

عليها فلم يظهر لها أبدا فقر

وإن تلقني في الدهر مندوحة الغنى

يكن لأخلائي التوسع واليسر (٤)

فلا العسر يزري بي إذا هو نالني

ولا اليسر يوما إن ظفرت هو الفخر (٥)

أنشدنا أحمد [بن محمد] بن سعيد [بن عقدة] قال :

أنشدني يحيى بن الحسن لعبد الله بن معاوية في الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس (٦) :

__________________

(١) في الأغاني «الصبا حلمه وأقصر».

(٢) هذا البيت والذي بعده في الطبري ٩ / ٤٩ وابن الأثير ٥ / ١٣٢ وفي الأصول «فلا تركبن الشنيع».

(٣) كذا في الأغاني ، وفي الأصول «من مقل يبين الغنى».

(٤) في الأغاني «التوسع في اليسر».

(٥) في الأغاني «ظفرت به فخرى».

(٦) في الأغاني «وكان حسين هذا وعبد الله بن معاوية يرميان بالزندقة. فقال الناس إنما تصافيا على ذلك ...».

١٥٤

قل لذي الود والوفاء حسين

اقدر الودّ بيننا قدره

ليس للدّابغ المقرظ بدّ

من عتاب الأديم ذي البشرة

[قال] : وقال أيضا :

إن ابن عمّك وابن أم

ك معلم شاكي السّلاح

يقص العدو وليس ير

ضى حين يبطش بالجراح (١)

لا تحسبن أذى ابن عم

ك شرب ألبان اللّقاح

بل كالشجا تحت اللها

ة إذا يسوغ بالقراح (٢)

فانظر لنفسك من يحبك

تحت أطراف الرماح

من لا يزال يسوءه

بالغيب أن يلحاك لاح (٣)

* * *

(ذكر السبب في خروجه ومقتله)

أخبرني به أحمد بن عبيد الله بن عمار ، قال : حدّثني علي بن محمد النوفلي ، عن أبيه ومشايخه. قال : علي بن الحسين : وأضفت إلى ذلك ما ذكره محمد بن علي بن حمزة في كتابه :

قالوا : لما بويع ليزيد بن الوليد الذي يقال له يزيد الناقص ، تحرّك عبد الله بن معاوية بالكوفة ، ودعا الناس إلى بيعته علي الرّضا من آل محمد ، ولبس الصوف ، وأظهر سيماء الخير ، فاجتمع إليه نفر من أهل الكوفة فبايعوه ، ولم يجتمع أهل المصر كلهم عليه ، وقالوا له: ما فينا بقية فقد قتل جمهورنا مع أهل هذا البيت ، وأشاروا عليه بقصد فارس ونواحي المشرق ، فقبل ذلك ، وجمع جموعا من النواحي ، وخرج معه عبد الله بن العباس التميمي(٤).

* * *

قال علي بن الحسين : قال محمد بن حمزة ، عن سليمان بن أبي شيخ ، عن محمد بن الحكم ، عن عوانة : أن ابن معاوية قبل قصده المشرق ظهر

__________________

(١) في ط وق «يقصي» وفي الأغاني «حين يبطش بالجناح».

(٢) في ط وق «إذا تسوغ».

(٣) في النسخ «من لا يزال تسوءه».

(٤) ابن الأثير ٥ / ١٣١.

١٥٥

بالكوفة ودعا الناس إلى نفسه ، وعلى الكوفة يومئذ عامل ليزيد الناقص يقال له : عبد الله بن عمر ، فخرج إلى ظاهر الكوفة مما يلي الحرة ، فقاتل ابن معاوية قتالا شديدا (١).

قال علي بن الحسين ، قال محمد بن علي بن حمزة ، عن المدائني ، عن عامر بن حفص (٢) ، وأخبرني به ابن عمّار ، عن أحمد بن الحرث ، عن المدائني :

أن ابن عمر هذا دسّ إلى رجل من أصحاب ابن معاوية من وعد عنه بمواعيد على أن ينهزم عنه ، وينهزم الناس بهزيمته (٣) ، فبلغ ذلك ابن معاوية فذكره لأصحابه وقال : إذا انهزم ابن ضمرة (٤) فلا يهولنكم. فلما التقوا انهزم ابن ضمرة ، وانهزم الناس معه ، فلم يبق غير ابن معاوية ، فجعل يقاتل وحده ويقول :

تفرقت الظباء على خراش

فما يدري خراش ما يصيد

ثم ولّى وجهه منهزما فنجا وجعل [يقول للناس ، و](٥) يجمع من الأطراف والنواحي من أجابه ، حتى صار في عدة ، فغلب على مياه الكوفة ، ومياه البصرة ، وهمدان ، وقم ، والري ، وقومس وإصبهان ، وفارس ، وأقام هو بإصبهان (٦).

قال : وكان الذي أخذ له البيعة بفارس محارب (٧) بن موسى مولى بني

__________________

(١) كذا في الأغاني ١١ / ٧٣ وفي النسخ «مما يلي الحيرة».

(٢) هكذا في الأغاني وفي النسخ «عامر بن جعفر».

(٣) في الطبري ٩ / ٤٨ «فدعا سرا بالكوفة وابن عمر بالحيرة ، وبايعه ابن حمزة الخزاعي ، فدس إليه ابن عمر فأرضاه فأرسل إليه إذا نحن التقينا بالناس انهزمت بهم فبلغ ذلك ابن معاوية».

(٤) في الأغاني «ابن حمزة».

(٥) الزيادة من الأغاني ١١ / ٧٤.

(٦) قال أبو نعيم في تاريخ إصبهان ٢ / ٤٣ «قدم عبد الله بن معاوية إصبهان متغلبا عليها أيام مروان سنة ثمان وعشرين ومائة ، ومعه المنصور أبو جعفر ، إلى انقضاء سنة تسع وعشرين ومائة ثم خرج منها هاربا إلى خراسان ، فحبسه أبو مسلم صاحب الدولة في سجنه ، ومات مسجونا سنة إحدى وثلاثين ومائة».

(٧) هكذا في الأغاني وابن الأثير ٥ / ١٤٩ والطبري ٩ / ٩٣ وفي النسخ «مخارق».

١٥٦

يشكر فدخل دار الإمارة بنعل ورداء ، فاجتمع الناس إليه فأخذهم بالبيعة فقالوا : علام نبايع؟ فقال : على ما أحببتم وكرهتم. فبايعوه على ذلك.

وكتب عبد الله بن معاوية ، فيما ذكر محمد بن علي بن حمزة ، عن عبد الله بن محمد بن إسماعيل الجعفري ، عن أبيه ، عن عبد العزيز بن عمران ، عن محمد بن جعفر بن الوليد مولى أبي هريرة [ومحرز بن جعفر](١).

أن عبد الله بن معاوية كتب إلى الأمصار يدعو إلى نفسه لا إلى الرضا من آل محمد. قال : واستعمل أخاه الحسن على اصطخر ، وأخاه يزيد على شيراز ، وأخاه عليا على كرمان ، وأخاه صالحا على قم ونواحيها. وقصدته بنو هاشم جميعا ، منهم السفاح ، والمنصور [وعيسى بن علي. وقال ابن أبي خيثمة ، عن مصعب : وقصده وجوه قريش من بني أمية وغيرهم ، فمن قصده من بني أمية سليمان بن هشام بن عبد الملك ، وعمر بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان](٢) ، فمن أراد منهم عملا قلّده ، ومن أراد صلة وصله. فلم يزل مقيما في هذه النواحي التي غلب عليها حتى ولى مروان بن محمد الذي يقال له : مروان الحمار ، فوجّه إليه عامر بن ضبارة (٣) في عسكر كثيف ، فسار إليه حتى إذا قرب من أصبهان ندب ابن معاوية أصحابه إلى الخروج إليه وقتاله ، فلم يفعلوا ولا أجابوه ، فخرج على دهش هو وإخوته قاصدين لخراسان ، وقد ظهر أبو مسلم بها ، ونفى عنها (٤) نصر بن سيار ، فلما صار في طريقه نزل على رجل من التناء ذي مروءة ونعمة وجاءه فسأله معونته. فقال : أنت من ولد رسول الله (ص)؟ قال : لا.

قال : أفأنت إبراهيم الإمام الذي يدعى له بخراسان؟ قال : لا. قال : فلا حاجة لي في نصرتك.

فخرج إلى أبي مسلم وطمع في نصرته فأخذه أبو مسلم فحبسه عنده (٥).

__________________

(١) الزيادة من الخطية والأغاني.

(٢) الزيادة من الأغاني.

(٣) في الأغاني «عامر بن صبارة».

(٤) هكذا في الأغاني وفي النسخ «وبقي نصر بن سيار».

(٥) في الأغاني ١١ / ٧٤ «وحبسه عنده وجعل عليه عينا يرفع إليه أخباره ، فرفع إليه أنه يقول : ليس في الأرض أحمق منكم يا أهل خراسان في طاعتكم هذا الرجل ، وتسليمكم إليه مقاليد أموركم من غير أن تراجعوه في شيء ، أو تسألوه عنه ، والله ما رضيت الملائكة الكرام من الله تعالى بهذا حتى راجعته في أمر آدم عليه السلام فقالت (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) حتى قال لهم (إني أعلم ما لا تعلمون).».

١٥٧

واختلف في أمره بعد محبسه. فقال بعض أهل السير : إنه لم يزل محبوسا حتى كتب إلى أبي مسلم رسالته المشهورة التي أولها :

من الأسير في يديه المحبوس بلا جرم لديه (١) ، وهي طويلة لا معنى لذكرها ها هنا. فلما كتب إليه بذلك أمر بقتله (٢).

وقال آخرون : بل دس إليه سما فمات منه ، ووجه برأسه إلى ابن ضبارة ، فحمله إلى مروان.

وقال آخرون : سلمه حيا إلى ابن ضبارة فقتله ، وحمل رأسه إلى مروان.

أخبرني عمر بن عبد الله العتكي ، قال : حدثنا عمر بن شبه قال : حدثنا محمد بن يحيى : أن عمر بن عبد العزيز بن عمران حدثه عن محمد بن عبد العزيز (٣) ، عن عبد الله بن الربيع ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة :

أنه حضر مروان يوم الزّاب ، وهو يقاتل عبد الله بن علي [فسأل عنه](٤) فقيل : هو الشاب المصفّر الذي كان يسب عبد الله بن معاوية يوم جيء برأسه إليك. فقال : والله لقد هممت بقتله مرارا ، ـ كل ذلك يحال بيني وبينه ، وكان أمر الله قدرا مقدورا ، والله (٥) لوددت أن علي بن أبي طالب يقاتلني مكانه ، فقلت : أتقول مثل هذا لعلي في موضعه ومحله؟ قال : لم أرد الموضع والمحل ،

__________________

(١) في الأغاني «رسالته المشهورة التي يقول فيها : إلى أبي مسلم من الأسير في يديه ، بلا ذنب ولا خلاف عليه. أما بعد ، فإنك مستودع ودائع ، ومولى صنائع ، وإن الودائع رعية ، وإن الصنائع عارية ، فاذكر القصاص ، واطلب الخلاص ، ونبّه للفكر قلبك ، واتق الله ربك ، وآثر ما يلقاك غدا على ما لا يلقاك أبدا ، فإنك لاق ما أسلفت ، وغير لاق ما خلفت ، وفقك الله لما ينجيك ، وآتاك شكر ما يبليك». قال : فلما قرأ كتابه رمى به ثم قال : قد أفسد علينا أصحابنا وأهل طاعتنا وهو محبوس في أيدينا ، فلو خرج وملك أمرنا لأهلكنا. ثم أمضى تدبيره في قتله».

(٢) راجع البيان والتبيين ٢ / ٦٧ ـ ٦٨ ، وفي ابن الأثير ٥ / ١٥١ «فأمر من وضع فرشا على وجهه ، فمات وأخرج فصلى عليه ودفنه وقبره بهراة معروف يزار».

(٣) في الأغاني «أن عبد العزيز بن عمران حدثه عن عبد الله بن الربيع».

(٤) الزيادة من الأغاني ١١ / ٧٥.

(٥) من هنا إلى قوله إني لصادق ليس في الأغاني ولا في الخطية.

١٥٨

ولكن عليا وولده لا حظّ لهم في الملك. فلما ورد الخبر على أبي جعفر المنصور أن إبراهيم بن عبد الله بن حسن هزم عيسى بن موسى ، أراد الهرب ، فحدثته بهذا الحديث ، فقال : بالله الذي لا إله إلّا هو إنك صادق؟ فقلت : بنت سفيان بن معاوية طالق ثلاثا إني لصادق.

* * *

وكان مخرج عبد الله بن معاوية في سنة سبع وعشرين ومائة (١).

وفيه يقول أبو مالك الخزاعي :

تنكرت الدنيا خلاف ابن جعفر

علي وولّي طيبها وسررها

١٥ ـ عبيد الله بن الحسين

وعبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام

وأمه أم خالد بنت حسن بن مصعب بن الزبير بن العوام.

وأمها أمينة بنت خالد بن الزبير بن العوام ، لأم ولد.

ويكنى عبيد الله : أبا علي.

قال علي بن الحسين :

ذكر محمد بن علي بن حمزة : أن أبا مسلم دسّ إليه سما فمات منه ، ولم يذكر ذلك يحيى بن حسن العلوي ، ووصف أن عبيد الله مات في حياة أبيه ، وقد كان يحيى حسن العناية بأخبار أهله.

ولعل هذا وهم من محمد بن علي بن حمزة.

* * *

وهؤلاء جميع من انتهى إلينا خبر مقتله في أيام بني أمية سوى ما اختلف في أمره منهم ، رضوان الله عليهم أجمعين.

__________________

(١) في لسان الميزان أنه مات مسجونا في سنة ١٣١.

١٥٩
١٦٠