نزهة الأنام في محاسن الشام

أبي البقاء عبدالله بن محمد البدري المصري الدمشقي

نزهة الأنام في محاسن الشام

المؤلف:

أبي البقاء عبدالله بن محمد البدري المصري الدمشقي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة العربيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢

بالاسد البارك وهي الآن على الثلثين من علوها

وبالقلعة آبار ومجار للماء ومصارف بحيث اذا وقع الحصار وقطع عنهم الماء تقوم الآبار مقامه

وبها يمر نهر بانياس وينقسم فيها قسمين يستمر احدهما على حاله طاهرا للمنافع والاستعمال والآخر تنسحب عليه الاوساخ والقاذورات وهو المسمى بقليط يمر تحت الارض بنحو من قامتين لتشعب الماء الطاهر فوقه يمينا وشمالا ، حتى في بعض الاراضي يبلغ سبعة مجار من الماء العذب ليس لاحدها اختلاط بالآخر

ومصارفهم تسقط على نهر قليط ويمر في المدينة الى أن يخرج من الباب الصغير ويتصل بمحلة المزاز فيضمحل فيما يليها من الاراضي التي تزرع الكرسنة والفصة والبيقية والقنب وما أشبه ذلك. وغالب ما يسقى به القنب وهو أبيض أملس كالرماح في الطول مجوف لا عقد به يصب الماء من رأس الواحدة فيجرى من آخرها وقشره يعمل منه الخيوط والحبال وتورى بالقنب النار وهو يقوم مقام

٦١

الشعشاع والطرفاء لكنه ألطف منهما وأسرع وقيدا. كما أن الشيح أحسن من الحلفاء بعرفه الذكي أخضر وناشفا. ويقال ان القنب هذا يعمل من ورقه الحشيش اذا اضيف اليه الورق البري. وقد ذكرنا ذلك مفصلا في كتابنا (راحة الارواح ، في الحشيش والراح) فليراجع. انتهى

ومن محاسن الشام تحت قلعتها فانها منهل للغريب ومرتع للقريب وهي ساحة سماوية كبركة الرطلي (١) في الوسع لاجتماع البرية تحفها الدور وتعلوها القصور ويلحقها كل ما يرومه الانسان وتشتهيه الشفة واللسان لا يحتاج فيها سكانها لحاجة من المدينة ولا لجيرانها. فيها دار البطيخ الذي يباع فيه جميع فواكه البلد. وبه العين المشهورة بالمجمع على برودة مائها وعذوبته وخفته. وبتحت القلعة سوق للقماش المذروع وسوق قماش للمخيط. أحدهما للرجال والآخر للنساء. وبها سوق للفرا والعبي وغير ذلك. وبها

__________________

(١) بركة الرطلي حى من أحياء القاهرة

٦٢

سوق السقطيين وسوق النحاس وبها سوق السكاكينيين وبها سوق القربيين وبه للارميين (١) وبها سوق قماش الخيل والبغال والبهائم والاغنام وبها سوق القشاشين وبها سوق المدهون والخضريين. وبها سوق المحابريين والنجارين والخراطين. وبها سوق النقليين وبها دار الخضر وبها سوق المناخليين والزجّاجين

واما ساحة تحت القلعة فانك لا تستطيع أن ترى ارضها لكثرة ما به من المتعيشين والوظائفية. ويتخلل بينهم أرباب الحلق والفالاتية والمضحكون وأصحاب الملاعيب والحكوية والمسامرون [و] كل ما يتلذذ به السمع ويسر العين وتشتهيه النفس صباحا ومساء على هذا لا يفترون ، لكن المساء أكثر اجتماعا ويستمرون الى طلوع الثلثين. وهو عبارة عن ثلاثة طبول متفرقة بأعلى القلعة يضربون الثلث الاول كل واحد منهم ضربة والثلث الثاني من الليل يضرب كل واحد ضربتين والثلث الآخر

__________________

(١) كذا الاصل

٦٣

من الليل يطلع المؤذن على منارة العروس بالجامع الاموي ويعلق لهم قنديل الاشارة فيضرب كل واحد منهم ثلاث ضربات ويسوق الثلثين من التسبيح والأذان الاول الى السلام ينتهي الضرب

وبها خطبتان الاولى بآخرها بالمدرسة المؤيدية. والثانية بصدرها في جامع يلبغا. وهو من أحسن الجوامع ترتيبا ومتنزّها ، بصحنه بركة ماء مربعة داخلها فسقية مستديرة بها نوفرة يصعد عنها الماء قامة ومن فوقها مكعب عليه عريشة عنب ملوّن يصل الماء الى قطوفها الدانية. وبجانبيها حوضان فيهما من أنواع الفواكه واجناس الرياحين. وله شبابيك تطل على جهاته الثلاث الاولى على تحت القلعة من جهة الشرق والجهة الثانية تطل على بين النهرين وهى الغربية والجهة القبلية تنظر الى نهر بردى وما هناك من الاشجار والازهار وهناك شجرة حور يحتاط بها اربعة رجال فلا ينظر الواحد لمن يقابله لعظم ساقها. وللجامع ثلاثة أبواب الاول الشرقي وهو في صدر تحت

٦٤

القلعة ويسمى باب الحلق ، والثاني شماليه يخرج الى الميضا ويسمى باب الفرج ، والثالث غربيه ينحدر منه في درج الى اول الوادي ويسمى باب المنزه. انتهى

ومن محاسن الشام (بين النهرين) وهو مبتدأ الوادي يشتمل على فرجة سماوية بها دور وقصور وسويقة بها حانوت طباخ وصاجاتي وقطفاني وفقاعي وحواضري وفاكهاني وشوا وقلاجين وسكرداني ونقلي وقاعة لبن وعدة للجلبية وحمام يشرح صدور البريد (١) وقنطرة يتوصل منها الى جزيرة لطيفة من رأسها ينقسم نهر بردى فيصير نهرين والمقسوم منه نهر الصالح المعتقد الشيخ ارسلان أعاد الله علينا من بركاته وعلى المسلمين طول الزمان وبها مقصفان (٢) للبطالين فيما بين المقسمين وقبالهما زاوية للشاب التائب يقام بها السبت والثلاثاء من الاوقات بالوعاظ والدواخل ما يصير الحاضر غائبا. ويتوصل الى زقاق الفرايين. المشتمل على قاعات واطباق وغرف وكم رواق ، الجميع يطل على بين

__________________

(١) كذا

(٢) المقصف المتنزه الظليل على شاطيء نهر

٦٥

النهرين ولكل مكان من ذلك ناعورة يستلذ صاحبها بانسها وتجلب له الماء اذا سمع حسها. ومن أحسن ما قاله الشيخ ابو الفضل ابن القدوه احمد ابن العارف محمد وفاء :

نواعير نعت لي

رشا للقلب راعي

فهام القلب مني

على حس النواعي

ومن محاسن الشيخ زين الدين عمر بن الوردي قوله فيها :

ناعورة مذعورة

ولهانة لي حائره

الماء فوق كتفها

وهي عليه دائره

ابن نباته :

وناعورة قالت وقد ضاع قلبها

واضلعها كادت تعد من السقم

أدور على قلبى لاني فقدته

وأما دموعي فهي تجري على جسمي

ومن بديع مجير الدين (١) محمد بن تميم :

__________________

(١) كان في الاصل هنا «محيي الدين» وفي صفحة ٦٩ «محب الدين» وفي صفحة ٧٢ «مجير الدين» وفي صفحة ٨٤ «فخر الدين» والصواب ما اعتمدناه ـ المطبعة السلفية

٦٦

ناعورة قالت لنا بأنينها

قولا ولن تدري الجواب ولا تعي

كم فيّ من عجب يرى مع اني

ابدا اسير ولا افارق مضجعي

لا رأس في جسدي وقلبي ظاهر

للناظرين واعينى في اضلعي

ومن اغراضه قوله :

وناعورة شبهتها اذ رأيتها

وما زال فكري بالغرائب يسمح

بطائرة مخضرة كل ريشة

لها تحتها عين من الدمع تسفح

ومن بدائع ابن خطيب الاندلس :

وناعورة تحسب من صوتها

متيما يشكو الى زائر

كأنما كيزانها عصبة

رموا بصرف الزمن القاهر

٦٧

قد منعوا ان يلتقوا فاغتدى

أولهم يبكي على الآخر

ومن تحرير القيراطي قوله :

وناعورة قد ضاعفت بنواحها

نواحي وأجرت مقلتاي دموعها

وقد ضعفت مما تئن وقد غدت

من السقم والشكوى تعد ضلوعها

التقي ابن حجه قوله فيها :

وناعورة قد سلسلت دور انسنا

وأهدت لنا روحاتها نفحة الصور

اذا ما سقت دورا تحرّك عودها

لنا وتغني في البسيط على الدّور

شيخه علا الدين بن القضامي :

وذات شجو أسالت

مدامعا لم تصنها

تبكى بفرط دموع

ويضحك الروض منها

ابن نباتة رحمه‌الله تعالى :

٦٨

وناعورة قسمت حسنها

على واصف وعلى سامع

وقد ضاع نشر الربا فاغتدت

تدور وتبكي على الضائع

ومن محاسن شعره قوله فيها :

اعجب لها ناعورة قلبها

للماء منشى العيش والعشب

تعبانة الجسم ولكنها

كما ترى طيبة القلب

الامير مجير الدين بن تميم رحمه‌الله :

أبدت لنا بالعذر ناعورة

أدمعها في غاية السكب

تقول لما ضاع قلبي وقد

ضعفت بالنوح وبالندب

صيرت جسمي كله اعينا

تدور في الماء على قلبي

٦٩

ومن تضامين ابن تميم قوله :

وناعورة شبهتها حين ألبست

من الشمس ثوبا فوق اثوابها الخضر

كطاوس بستان تدور وتنجلى

وتنفض عن ارياشها بلل القطر

ومن لطائفه قوله فيها :

ناعورة مذ ضاع منها قلبها

دارت عليه بلغة؟؟؟ وبكاء

وتعللت بلقائه فلأجل ذا

جعلت تدير عيونها في الماء

ومن محاسن الشام شرفاها وما حويا من المناظر والقصور، وما فيهما من الولدان والحور. ونقرب الى الله تعالى أهلها ببناء المدارس ، رغبة في جوار المجرّد الفقير البائس ـ ورتبوا له من الخبز واللحم والطعام ، والزيت والحلو والصابون والمصروف في كل شهر على الدوام. فيجلس الطالب في شباكها ينظر الى الماء والخضرة والوجه الحسن ،

٧٠

فكيف لا ينبعث الى طلب العلم ويتحرك من فهمه ما سكن

ويقال ان بمدرسة الكججانية قبة بها طاقات بعدد أيام السنة ، والشمس دائرة على تلك الطيقان ولا تدخل اليها وهذا من حسن الهندسة

وأما جامع تنكز فانه في الشرف الادنى وهو من الغايات هندسة وبناء فيه عشرون شباكا على خط الاستواء يشرف على الانهار ومرجة الميدان وما حوى. وبوسط صحنه يمر نهر بانياس يتوضأ منه الناس وبه ناعورتان يملآن ويفرغان الى حوضين بهما سائر الاشجار ، وجميع الرياحين والازهار. وبينهما بركة مربعة بها كأس في غاية التدوير ، يجري الماء اليها من النواعير. فهو متنزه يقصد ، وللمصلي معبد. وفي كل شرف منهما عدة من المدارس والمساجد ، ولكل واحد ما يكفيه من الاوقاف استولت عليها ايدي المتشبهين بالفقهاء فاظهروا فيها انواع المفاسد. فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

وكل شرف يطل على (الشقرا) و (الميدان) ، و (القصر

٧١

الابلق) و (المرجة) ذات العيون والغدران. وما أحسن قول الشيخ [شمس] الدين محمد النواجي الشافعي في وصف الشرف الاعلى :

الا ان وادي الشام أصبح آية

محاسنه ما بين أهل النهى تتلى

وان شرفت بالنيل مصر فلم يزل

دمشق لها بالغوطة الشرف الاعلى

ونقلت من خط العلاء علي بن المشرف المارديني في غلام اسمه علي في الشرف الاعلى :

جنى عليّ ولكن وجهه حسن

وفعله المرتضى يحلو به الشغف

بدر من الشرف الاعلى له نسب

وهل لغير علي ينسب الشرف

الامير مجير الدين محمد بن تميم يصف الميدان :

عجبا لميداني دمشق وقد غدا

كل له شرف اليه يئول

٧٢

والنهر بينهما لغير جناية

سيف على طول المدى مسلول

وقال ابن الشهيد في (الشقراء) و (الميدان) :

لم تحك جلق في المحاسن بلدة

قول صحيح ما به بهتان

ولئن غدوت منافسا في غيرها

هابيننا (الشقراء) و (الميدان)

ومن تحرير القيراطي قوله في وصف الشقراء :

سر بي الى الشقراء من جلق

واثن الى الخضراء منك العنان

فيها جنان لو رأى حسنها

ابو نواس للها عن (جنان)

وانزل بواديها الذي تربه

مسك وحصبا النهر منه جمان

ومن محاسن الشام مرجتها * قرأت كتاب وقف تربة السلطان الملك الظاهر (برقوق) سقى الله عهده الكائنة

٧٣

بالصحرا خارج (باب النصر) من (القاهرة) المحروسة وهو متصل الثبوت الى آخر وقت تسجيلي على بعض القضاة الشافعية ، من جملته طاحون الشقراء بمرجة (دمشق) المحروسة ظاهر قصر الملك الظاهر ابي الفتوحات (بيبرس) سقى الله عهده بالقرب من (زاوية الاعجام) ويليها قصبة سوق عدة حوانيتها احد وعشرون حانوتا وعلوها الطباق المطلة على المرجة المذكورة وبآخرها المسجد المطل على نهر بردى. انتهى

قلت وأدركت الطاحون غير دائرة. ولقد هدمها وكيل المقام الشريف (برهان الدين النابلسي) المعروف بابن ثابت في أوائل دولة السلطان الملك الاشراف (قايتباي) خلد الله تعالى ملكه. فعلى هذا كانت المرجة عامرة آهلة وهي من المحاسن التي لا تدرك وبعضهم يشبهها بصدر الباز (١) كأنه شبهها به لان الوادي ينضم من رأسها

__________________

(١) لا يزال منتهى (المرجة) في جهة الغرب يدعى الى اليوم (صدر الباز)

٧٤

ويعلوه جبلان وشبه هذين الشرفين بالاجنحة

ونقلت من خط التقي ابن حجه قوله فيها :

ذكرت احبتى بالمرج يوما

فقوّت ادمعي نيران وهجي

وصرت اكابد الاحزان وحدي

وكل الناس في هرج ومرج

ومن بديع القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر قوله فيها :

ومرجة في واد يروقك روضها

ولا سيما ان جاد غيث مبكر

بها فاض نهر من لجين كأنه

صفائح اضحت بالنجوم تسمّر

تلاحظها عين تفيض بادمع

يرقرقها منه هنالك محجر

وكم غازلته للغزالة مقلة

تسارق اوراق الغصون فتنظر

٧٥

اذا فاخرته الريح ولّت عليلة

باذيال كثبان الربا تتعثر

به الفضل يبدو وائر بيع وكم غدا

به الروض يحيى وهو لا شك جعفر (١)

ومن محاسن الشام محلتا (الخلخال) و (المنيبع) فمحلة (الخلخال) بها سويقة وحوانيت وفرن وحمام وهي مسكن الاتراك وكذلك المنيبع والشرفان وبه يدق طبلخاناتهم وبها زاويتا الادهمية والحضود (٢) وهي تحف بالناس والاعيان

ومن أحسن قول الشيخ جمال الدين محمد بن نباته في وصف الخلخال :

يا حبذا يومي بوادي جلق

ونزهتي مع الغزال الحالى

من اول الجبهة قبلته

مرتشفا لآخر الخلخال

(والمنيبع) محلة وسويقة وحمام وافران وبها مدرسة

__________________

(١) فيه تورية بآل برمك

(٢) كذا في الاصل

٧٦

(الخاتونية) وهي من اعاجيب الدهر يمر بصحنها نهر (بانياس) ونهر (القنوات) على بابها ولها شبابيك تطل على المرجة وبها الواح الرخام لم يسمح الزمان بنظيرها وعدة [من] خلاوي الطلبة وبجوارها دار الامير الاصيل (ابن منجك) رحمه‌الله تعالى وبها سكن القاضي بهاء الدين بن جحى الشافعي رحمه‌الله تعالى. وهذه المحلة من محاسن دمشق وشرفها. انتهى

نقلت من خط الشيخ شمس الدين محمد النواجي في وصف المنيبع :

يا سادة اهدوا محاسن جلّق

لطرفي ففاضت بالبكا عبرات

منيبع جفنى فوق ربوة جبهتي

يزيد ودمعي بعدكم قنوات (١)

ومن محاسن الشام المتنزه المسمى بالجبهة وهي أرض مربعة قدر فدانين عليها سقائف تظلها من غير طين بين

__________________

(١) فيه تورية بمحلة (المنيبع) ومتنزهي (الربوة) و (الجبهة) ونهري (يزيد) و (القنوات)

٧٧

شجر الصفصاف والجوز والحور وكل مفرش حصير تحيط به جداول الماء من اربع جهاته مع البرك والبحرات بالنوافر وهي على جنب نهر (بردى) وبه النواعير وبها حوانيت للشرايحية والجزارين والطباخين والحواضرية والاقسماوية والنكاهين وغير ذلك. وبها مسجد ومدرستان ومربط الدواب. ومقاصفية واقفون في خدمة الناس. وعندهم اللحف والانطاع والعبي لمن يبات

وفيها يقول التقي ابن حجة الحموي (دو بيت) :

لما ملأ (الجبهة) بالانوار

لمناه على ذلك خوف العار

قال انصرفوا سئمت من بلدتكم

و «الجبهة» من منازل الاقمار

وفيها يقول علي بن سعيد صاحب (المرقص والمطرب) وقد رآها عند شمس الاصيل قبيل المغرب :

ان للجبهة في قلبي هوى

لم يكن عندي للوجه الجميل

٧٨

يرقص الماء بها من طرب

ويميل الغصن في الظل الظليل

وتود الشمس لو باتت بها

فلذا تصفرّ في وقت الاصيل

ويعلوها نهرا (القنوات) و (بانياس) المنحدر الماء اليها منه ومن فوق النهر حمام النزه والى جانبه مقصف بحوانيت فيها البضائع ويمر بوسطه نهر القنوات. ويتوصل منه الى زاوية الحريري المشهورة وليس أبدع من منظرها وينحدر منها الماء الى المتنزه المسمى (قطية) وهي مقصف على نهر بردى وعليه النواعير متشعبة اراضيه بجداول الماء والبرك والبحرات. وبه قصبة ذات حوانيت يعلوها اربعة أطباق ومربط للدواب. وعند المقاصفي العبي واللحف والانطاع حتى الاطباق والملاعق لمن يأكل وهذا مما لا يوجد في بلد من البلاد

انشدني قاضي القضاة عز الدين احمد الكتاني الحنبلى فيها :

٧٩

أيا حسن سلسال على نهر قطية

اذا ما جرى فيها نخوض ونلعب

تهدده اغصانها برءوسها

فينظر من طرف خفي ويهرب

وقال ابن عماد الاندلسي وابدع :

نهر يهيم بحسنه من لم يهم

ويجيد فيه الشعر من لم يشعر

فكأنه وكأن خضرة شطه

سيف يسل على بساط أخضر

ومن محاسن الشام المتنزه المسمى بالبهنسية * وهو روض يجمع بين الاشجار ، والفواكه والازهار ، مع عيون الماء ، وتظهر منه الى (مرجة جسر ابن شواس). به مقاصفي وبيع وشراء ويتوصل منه الى اراضي (حمص) ما بين رياض وغياض. ويعلوها محلة (النير بين). وهي أعظم المحلات وأخضرها وأنضرها. حسنة الاثمار كثيرة الازهار وبها سويقة وحمام يقال له (حمام الزمرد) وجامع بخطبة

٨٠