نزهة الأنام في محاسن الشام

أبي البقاء عبدالله بن محمد البدري المصري الدمشقي

نزهة الأنام في محاسن الشام

المؤلف:

أبي البقاء عبدالله بن محمد البدري المصري الدمشقي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة العربيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢

والنظار ، فازالوا منها العين ولم يبق سوى الآثار. فكم من مدرسة اندرست بعد الصلاة والتراويح ، وأمست في ظلمة بعد تلك المصابيح. وهي تقول أصبحت حاصلا ، بعد ما كان ايواني بالقراء عامرا آهلا ، وهذه تقول أضحيت مربطا للبهائم ، بعد ما كنت معبدا للقائم والصائم. وهذه تقول اتخذوني مسكنا ، وهذه تقول جعلوني متبنا. وهذه تقول هدّوني ، واخذوا سقفى وكشفونى. وهذه تقول اخربوا جدارى. وباعوا الباب ، وجعلوني مأوى للكلاب. والاوقاف تستغيث الى المولى المغيث. فيقال لهم اسمعوا كلام الرحمن في محكم القرآن «ان الينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم»

فيا شوقاه لحسن (الجركسية) وحلاوة (الركنية) ويا لهفاه على (جامع الافرم) و (الناصرية). تغيرت تلك المعاهد ، وغلقت أبواب تلك المساجد والمعابد. انا لله وانا اليه راجعون. ان هذا لهو البلاء الجسيم ، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

٣٢١

وبالصالحية نهران ، فيها يجريان. (ثورا) و (يزيد) ، وكم عليهما من غرفة وقصر مشيد

يحكى عن ابن الصائغ الحنفى انه لما قدم من القاهرة الى دمشق المحروسة نزل في (الجسر الابيض) عند الامير مجير الدين ابن تميم ونهر ثورا يمر بداره المانوسة فاجلسه على جانب النهر لاجل برد الهواء ، فرأى شمس الدين ابن الصائغ ما يمرّ من الفواكه على وجه الماء وصار يتناول ويأكل ما استطاب ويضع قدامه منه ما اعجبه ثم التفت لابن تميم وقال له أنت يغنيك هذا النهر عن شراء الفاكهة بفيض فضله العميم وانشده في الحال اتجالا :

يقول وقد رأى ثورا خليلي

يفيض بسائر الثمرات فيضا

أيكفيكم فلا تشرون شيئا

فقلت له نعم ونبيع أيضا

فقال ابن الصائغ : وهذه الفاكهة اليس يرميها في النهر أرباب الغيطان. قال له ابن تميم انما هذه من اشتباك الاشجار وانحنائها عليه فيلقيها النسيم عند ما تشتمل الاغصان واما البساتنة فانهم يضعون فواكه مجموعة على

٣٢٢

ابواب البساتين كالزكاة لمن يمرّ بها ويحتاج الى شيء فيأخذه من الفقراء والمساكين

وأخبرت في القديم ان بعض الفقراء يضع مكتله على رأسه ويسرح في طرق البساتين فيعود وقد امتلأ مكتله مما يسقط من الاثمار من غير ان يتناول بيده شيئا

وفي البساتين من يزرع اشجارا للفقراء يعرفونها بالتكرار ، وغالب ما يزرع من ذلك على الطرقات ليقرب تناولها. انتهى

وغالب أهل الصالحية يهادون سكان المدينة بالبلح والاترج والكباد ، لنمو حسنه عندهم ونضارته التي هي في ازدياد

قال ابن الجوزي البلح حار يابس وقيل بارد ينشف الرطوبة ويدبغ المعدة ويحبس ، جيده غير القابض يضر بالاسنان والفم. دفع مضرته بالسكنجبين واذا اكل أول ما يحلو أحدث قراقر. والبسر والبلح يحدث السدد فى الاحشاء والكبد ويولد الاكثار منهما اخلاطا غليظة

٣٢٣

وهما رديئان للصدر واللثة والجمار الذى هو طلع بارد يابس يقوي الحشا ويعقل البطن والطبع ويضر الصدر والحلق دفع مضرته بالتمر والشهد خلطه غليظ بطيء الهضم ينفع الامزاج الحارة الرطبة ومن اكثر من أكل الطلع مرضت معدته واورثه القولنج

وباسناد عن عائشة رضي الله قالت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كلوا البلح بالتمر فان الشيطان اذا نظر الى ابن آدم ياكل البلح بالتمر يقول يقى ابن أدم جنى الحديث بالعتيق» انتهى

الرطب حار رطب يقوي المعدة الباردة ويوافقها ويزيد في الباه لكنه سريع التعفن ودمه رديء وهو مصدع ويولد السدد ويؤذي الاسنان وينبغي ان يشرب بعده السكنجبين

وعن انس قال «رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأكل البطيخ بالرطب» ورواه ابو داود. وعن عبد الله بن جعفر قال «رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ياكل القثاء بالرطب» اخرجاه في الصحيحين. وعن ابي داود من حديث عائشة رضي الله

٣٢٤

عنها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان ياكل البطيخ بالرطب ويقول «يكسر حر هذا برد هذا». وقال ابو سليمان الخطابي وفي هذا بيان الرطب والعلاج ومقابلة الشيء بالمضاد له وفيه اباحة التوسع بالاطعمة ونيل الملاذ المباحة

والرطب المعسل حار رطب ينفع المعدة الباردة ويضر الحنجرة والصوت. دفع مضرته بالسويق الخشخاشي. فاذا عتق كان أقل حرارة واكثر رطوبة وازيد في توليد المنى فاذا ربي بالعسل والزعفران تضاعفت حرارته لكن يكسرها اللوز في موضع النوى ويؤكل بعده الخس بالخل

والتمر جيده البرني الحديث الكبار وهو حار رطب في الاولى يقوي الكبد والاعصاب ويلين الطبع ويزيد في المنى ولكنه يصدع لحرارته ويولد السدد ويؤذي الاسنان سريع التعفن

وعن ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كلوا التمر على الريق فانه يقتل الدود» وعن انس بن مالك ان وفد عبد القيس من أهل هجر قدموا على النبي

٣٢٥

صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال «خير ثمراتكم البرني يذهب بالداء ولا داء فيه»

وفي مدينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تمر يقال له العجوة. وفي الصحيحين من حديث سعد بن ابي وقاص عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه قال «من تصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر» وعن أبي سعيد وجابر قالا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «العجوة من الجنة وهي شفاء من السم». واعلم انما خصت عجوة المدينة بدعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لان التمر لا يفعل ذلك

والقسب معتدل في الحرارة يابس يحبس الطبع وهو احمد من التمر. وما الطف قول صدر الدين بن الادمي في التمر :

لم أرد التمر الذي

اهديتموه لسوى

خوفي من نواكم

لان في التمر النوى

وقال ظافر الحداد في وصف النخيل :

وعشية بهرت لعينك منظرا

قدم السرور بها لقلبك وافدا

روض كما أخضرّ العذار وجدول

٣٢٦

نقشت عليه يد النسيم مباردا

والنخل كالهيف الحسان تزينت

فلبسن من اثمارهن قلائدا

وقال بعضهم :

أما ترى التمر يحكي

في الحسن للنظار

مخازنا من عقيق

قد قمعت بنضار

كأنما زعفران

فيه مع الشهد جاري

يشفّ مثل كئوس

مملوءة بعقار

ومما ينسب الى نفطويه قوله :

كأنما النخل وقد نكست

رءوسها الريح باذيالها

احبة فارقها إلفها

فأطرقت تنظر فى حالها

ومن محاسن ابن سارة قوله في الجمار :

جمارة كالماء لكنها

ما بين أطمار من الليف

كأنها جسم رطيب وقد

لفف فى ثوب من الصوف

والنصير الحمامي في من أهدى له جمارة :

أهدى لنا جمارة

من لست أخلو من عذابه

٣٢٧

فكأنما هي جسمه

لما تجرّد من ثيابه

ابن المعتز يصف الطلع بقوله :

ومريضة الاجفان تفتن

كل ذي عقل وناسك

اهدت الينا طلعة

والشوك للأحشاء ناهك

فكأنها لما بدت

في كفها مكوك حائك

حتى اذا فضت رأيت

من اللجين بها سبائك

ومن محاسنه قوله فيه :

كأنما الطلع يحكي

لناظري حين يقبل

سلاسلا من لجين

يضمها تحت صندل

وأخذه بلا قافية ابن عبد ربه :

أفدي الذى أهدى الينا طلعة

اهدى الى القلب المشوق بلابلا

فكأنما هى زورق من فضة

قد أودعته من اللجين سلاسلا

وأخذه ابن وكيع فقال وهو من لطائفه :

طلع هتكنا عنه أثوابه

من بعد ما قد كان مستورا

٣٢٨

كأنه لما بدا ضاحكا

في العين تشبيها وتقديرا

درج من الصندل قد أودعت

فيه يد العطار كافورا

ومن معانيه البديعة قوله :

وطلع هتكنا عنه جيب قميصه

فيا حسنه من منظر حين هتكا

حكى صدر خود من بني الروم هزها

سماع فشقت عنه ثوبا ممسكا

ومن مقاصده قوله في البسر الاحمر :

انظر الى البسر اذ تبدى

ولونه قد حكى الشقيقا

كأنما خوصه عليه

زبرجد مثمر عقيقا

ومن بدائع ابن القطاع قوله فيه :

انظر البسر ان صورته

أحسن ما صوره الرائي

كأنما شكله لمبصره

أنامل قمعت بحناء

ابن حمديس الصقلي قوله في البلح :

أما ترى النخل أطلعت بلحا

جاء بشيرا بدولة الرطب

مكاحل من زمرد خرطت

مقمعات الرءوس بالذهب

٣٢٩

ابن النقيب اللباني قوله في البسر الابيض :

انظر الى البسر الذي

قد جاءنا بالعجب

كيف غدا فى لونه

كعاشق مكتئب

كأنه من فضة

قد غمست في ذهب

ومن لطائف ابن وكيع قوله في الرطب :

أما ترى الرطب المجنى لآكله

حلوى اعدت لنا من صنعة البارى

ما باشرتها يد العقاد في عمل

فى الدست يوما ولاحطت على النار

الاترج* قال ابن البيطار كثير بأرض العرب وهو مما يغرس غرسا ولا يكون بريّا وورقه مثل ورق الجوز وهو طيب الرائحة ونواره شبيه بنوار النرجس الا أنه الطف وله بزر شبه الكمثرى

وقال جالينوس في السابعة وجوف الاترج الذي فيه البزر حامض الطعم وقوته قوة تجفف تجفيفا كثيرا حتى

٣٣٠

يقال انه في الدرجة الثالثة من درجات الاشياء التي تبرد وتجفف

[اسحق بن سليمان] وما كان منه حامضا كان باردا يابسا في الدرجة [الثالثة] يقوي المعدة ويزيد في شهوة الطعام ويقمع حدّة [المرّة] الصفراء ويزيد الغم العارض منها ويسكن العطش ويقطع الاسهال وينفع من القوباء والكلف اذا طلي عليها ، ويستدل على ذلك من فعله في الحبر اذا وقع في الثياب فانه اذا طلى عليه قلعه وذهب به

[جالينوس] وشحم الاترج الذي بين قشره وحماضه يولد اخلاطا غليظة باردة

[ابن سينا] ينفخ بطىء الانهضام يورث القولنج ، ويجب أن يؤكل مفردا ولا يخلط بطعام قبله ولا بعده والمربى بالعسل اسلم واقبل للهضم

وقال ابن الجوزي الاترج جيده السوسي الكبار وهو بارد رطب ولحمه بارد وقشره حار يابس وحماضه بارد يابس ودهنه ينفع البواسير وحبه ينفع الدماغ الذى ناله البرد

٣٣١

ويحلل الرياح العارضة فيه. والله أعلم

وفيه يقول عبد الله بن المعتز بالله :

يا حبذا يومنا ونحن على

رءوسنا نعقد الاكاليلا

في روضة ذللت لقاطفها

غصونها الدانيات تذليلا

كأن اترجها تميس به

أغصانها حاملا ومحمولا

سلاسل من زبرجد حملت

من ذهب أصفى قناديلا

وما أرشق قول ابن رشيق :

اترجة سبطة الاطراف ناعمة

تلقى النفوس بحظ غير منحوس

كأنما بسطت كفا لخالقها

تدعو بطول بقاء لابن باديس

ومن تشابيه ابن بوبن (١) من مزدوجته :

كأنما أترجه المصبغ

أيدي زناة من زنود تقطع

ومن بديع ابن المعتز قوله :

وكان الاترج كف كعاب

جمعته لضمها بسوار

__________________

(١) كذا

٣٣٢

ومن التشابيه البديعة قول ابن حمديس :

انظر الى الاترج وهو مصبغ

ان كنت في التشبيه اى محقق

مثل الاكف غدت تضم اناملا

يدخلنّ في اناء ضيق

ومن محاسن محيي الدين الدهان :

حياك من تهوى باترجة

ناعمة مقدودة غضه

فجلدها من ذهب أصفر

وجسمها الناعم من فضه

وقال الامير أبو فراس بن حمدان في الكباد :

أما ترى الكباد في حسنه

اذا بدا في وسط بستانه

كعاشق أبصر محبوبه

فاصفرّ من خيفة هجرانه

وقال ابن زيدون في الحماض :

يا حبذا حماضة

تحدث للنفس الطرب

كانها كافورة

لها غشاء من ذهب

الليمون. قال صاحب الفلاحة ستة أنواع منها المركب وهو نوعان أحمر وأصفر ومنها التفاحي وهو نوعان والمختم

٣٣٣

والحلسمى ، وغالب ما يستعمل الاصفر والتفاحي

وأخبرني بعض الغياطنة أن بمصر الليمون أربعة عشر نوعا ولم يعد منهم ولا واحدا

وقال ابن البيطار والليمون مركب من ثلاثة اجزاء مختلفه المنافع والقوى وهي القشر والحماض والبزر. في طعم قشره بعض مرورة وقبض خفي وله عطرية ظاهرة وفيه تسخين وتجفيف مزاجه حار فى أول الدرجة الثانية يابس في آخرها

ومن لطائف النصير الحمامي قوله فيه :

أهدى الي الظبي ليمونة

لا زلت ذا شكر لاحسانه

صفرتها تحكى اصفراري به

وطعمها من طعم هجرانه

وله فيه :

ليموننا هذا الذي قد بدا

يأخذ من اشراقه بالعيان

كأنه بيض دجاج وقد

لطخه العابث بالزعفران

٣٣٤

النارنج قال ابن الجوزى حماضه بارد يابس يقوى المعدة ويقطع البلغم ويسكن الصفراء الا انه يرخي الاعصاب دفع مضرته أكله بالسكر يشهى الطعام وحبه يحلل الرياح الباردة من الدماغ وهو ألطف من الاترج ومختاره ما قلت حموضته وقشره حار يابس وخاصية النارنج ان من ادمن شمه يأخذه الرعاف الى ان يموت والله سبحانه وتعالى أعلم وزهره يسمى بالقداح

ومن محاسن ابن قرناص قوله في نواره :

نديميّ هبّا قد قضى النجم نحبه

وهبّ نسيم ناعم يوقظ الفجرا

وقد أزهر النارنج أزرار فضة

تزر على الاشجار أوراقها الخضرا

ومن أغراض شهاب الدين محمد بن دمرداش قوله :

ان أينع النارنج حاكى لونه

في صبغه القانيّ خد حبيبى

٣٣٥

واذا تبدّى مزهرا فكأنما

جمع الوصال عذاره ومشيبي

وقال مؤلفه البدرى :

نارنجة قد أشبهت حسناء في

عرس النسيم تميس مع نشر طوى

يا حسنها تجلى لنا فى حلة

من سندس أزرارها من لؤلؤ

وقال أيضا :

في الكيميا صحت لنا

نارنجة من حطب

لجين زهرها يعد

سبائكا من ذهب

ومن لطائف الارجانى قوله فيه :

ونارنجة بين الرياض نظرتها

على غصن رطب كقامة اغيد

اذا ميلتها الريح كانت كاكرة

بدت ذهبا في صولجان زبرجد

ومن محاسن الصاحب ابن عباد :

بعثنا من النارنج ما طاب عرفه

٣٣٦

ونمت على الاغصان منه نوافج

كرات من العقيان احكم خرطها

وايدي الندامى حولهن صوالج

ومن بدائع ابن وكيع قوله :

ألا اسقني الراح في جنة

طرائف أثمارها تزهر

كان تمايل نارنجها

مقابض كيمختها أخضر

ومن ألغاز ابن خلكان قوله فيه :

ما اسم اذا صحفته الفيته

من بعد ذاك ولفظه تاريخ

في ضمنه نار اذا حققتها

لاجمرها وار ولا منفوخ

حيران ان صحفته وعكسته

لا العذل يسمعه ولا التوبيخ

يا ربح بلغ من احب تحيتي

ان الحبيب لما تقول مصيخ

ونقلت من خط بلدينا الشرف القواس الدمشقي :

نظرت الى نارنجة في يمينه

كجمرة نار وهي باردة اللمس

فقربها من خده فتالقت

فشبهتها المريخ في دارة الشمس

٣٣٧

ومن بدائع ابن قرناص الحموي قوله :

نارنجة برزت في منظر عجب

زبرجد ونضار صاغه المطر

كأن موسى كليم الله اقبسها

نارا وجرّ عليها ذيله الخضر

ومن اغزال ابن دمرداش قوله :

تأمل ترى النارنج في الدوح باسما

نضيرا يروق العين من جلناره

وقد لاح تحت الغصن غضا كانه

خدود الذي أهواه تحت عذاره

ومن المعاني التي سبكها ظافر الحداد قوله :

تأمل فدتك النفس يا صاح منظرا

يسر به قلب اللبيب على الفكر

حيا وابل يجرى على شجر بدا

به ثمر النارنج كالاكر التبر

دموع حداها الشوق فانهملت على

خدود تراب تحت انقبة خضر

ونقل ابن خلكان في ترجمة السلامي انه كان شاعرا

٣٣٨

مجيدا فرحل في صباه من مدينة السلام الى الموصل وبها جماعة من كبراء الشعراء كالسري والببغاء والخالديين فارادوا اختباره في النظم فقال أبو الفرج الببغاء أنا أكفيكم ذلك وصنع وليمة ودعاه الى عنده وقال له في غضون المحاضرة ما تقول في هذا النارنج الذي بمنزلنا فانشده ارتجالا وقال :

ونارنج تميل به غصون

ومنها ما يرى كالصولجان

اشبهه ثدايا ناهدات

غلائلها صبغن بزعفران

فحرك كل منهم رأسه وقال هذا التشبيه هجس بفكري الآن. وانشد :

تطالعنا بين الغصون كأنها

نهود عذارى في ملاحفها الصفر

السري :

اذا ما تبدى في الغصون حسبته

نهود عذارى مسهن خلوق

ومن محاسن الشام (جبل قاسيون) فان الصالحية في سفحه وتحت ذراه. وهو جبل مبارك به آثار الانبياء والصحابة والاولياء وبه (الكهف) ويقال انه كهف اصحاب القصة وبه مغارة الدم يقال ان كل ليلة جمعة يرى بها قطرة

٣٣٩

دم وبه محاريب الاربعين محل تعبدهم. وقال بعضهم :

تحن الى وادي دمشق جوانحي

وان كان مما قل فيه نصيبى

وانى لا هوى قاسيون لانني

رأيت أسمه شبها لاسم حبيبي

وبه ينبت من عند الله تعالى من الازهار والاشجار ما لا ينبت في غيره وسقيه بالامطار

فمن ازهاره القرنفل وهو شديد العطرية

والخزام وهو مشهور بالعطرية

والشيح. قال ابن الجوزى حار يابس في الثالثة أفضله ما كان الى البياض وهو بدمشق يخرج الدود. واذا احرق وسحق ووضع في زيت أو في دهن اللوز وطلى به من لم ينبت له لحية اسرع نباتها لانه يوسع مسامها بلطافته ويمنع من داء الثعلب. وعن عبد الله بن ابى جعفر القرشى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال «بخروا بيوتكم باللبان والشيح»

وبه السماق. قال ابن البيطار في الاولى يستعمل في الطعام وهو ثمر نبات يقال له اروس برسوديسقونس (١)

__________________

(١) في مفردات ابن البيطار «رؤس برسوديسمقوس»

٣٤٠