نزهة الأنام في محاسن الشام

أبي البقاء عبدالله بن محمد البدري المصري الدمشقي

نزهة الأنام في محاسن الشام

المؤلف:

أبي البقاء عبدالله بن محمد البدري المصري الدمشقي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة العربيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢

قشره اليابس تنقع من قروح الاعضاء اليابسة وهي جيدة لتطهير الصبيان ومن قروح الذكر وتجففها

وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «اذا طبختم قدرا فاكثروا فيها من الدبّاء فانه يشد قلب الحزين» انتهى

وانشدنى شيخنا العلامة شهاب الدين المنصور :

يا عين أعيان الزمان ويا

شيخ الشيوخ ومحيي الشرع

ما قرع الباب عليك امرء

الا وذاق حلاوة القرع

وبها الكمأة وهي من خواصها. قال ابن البيطار في الثانية وهو أصل مستدير لا ورق له ولا ساق ، لونه الى الحمرة يؤخذ في الربيع ويؤكل نيئا ومطبوخا

وقال جالينوس : في الثامنة قوام جرم الكمأة من جوهر أرضى وهي غليظة الكيموس قليلا الا أنه ليس برديء تورث عسر البول والقولنج واجودها ما كان من موضع فيه رمل قليل والكمأة الحمراء قاتلة واجود الكمأة الشديدة التلزز والاملاس والميل الى البياض وأما المتخلخل

٣٠١

الرخو فرديء جدا في المعدة الحارة يولد الاوجاع في أسفل الظهر والصدر ويولد السدد ، وماؤها يجلي البصر وادمان اكلها يورث السكتة والفالج وهي بطيئة الانهضام وينبغي لآكلها ان يقشرها وينقيها تنقية كبيرة ليصل اليها الماء ويخرج غلظها وربما تدفن في الطين الحار يوما وليلة ثم تغسل ثم تسلقها بالماء والملح والفودنج والسذاب سلقا بليغا ثم تؤكل بالزيت الركابي والمرى والسعتر والفلفل. واليابسة من الكمأة ابطأ في المعدة وأكثر ضررا وينبغي ان يشرب عليها النبيذ المعسل الصرف ويؤخذ الترياق والزنجبيل

وقال ابن الجوزي : الكمأة نبات يتولد من عفونة الارض الكثيرة الامطار يولد البلغم الشديد والاسود اشد غلظا يولد السوداء ويفسد النكهة وهي من الاغذية الرديئة لكن ماءها يجلو العين لقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «الكماة من المنّ وماؤها شفاء للعين» اخرجاه في الصحيحين. انتهى

وقال الغافقى في مفردات ابن البيطار : ان من أكلها

٣٠٢

ولسعه شيء من الهوام ذوات السموم مات ولم يخلصه الدواء البتة. انتهى

وبها اللوبياء. قال ابن الجوزي : منه أبيض ومزاجه بارد يابس ، ومنه أحمر وفيه حرارة ونفخ ، جيده الاحمر يدر البول ويولد خلطا ويغشى ويولد احلاما رديئة رفعها بالزيت والمري والخردل ومنه غليظ وقليل صاف ينفع الامزاج الباردة اليابسة يصلح للكهول نفخه اقل من الباقلاء

وبها الارز. حار قيل بارد منفعته من لذغ المعدة مضرته القولنج لانه يحبس البطن دفعها أن يطبخ بالدهن واللبن. واذا طبخ الارز بعد أن يغسل بدهن اللوز أو السيرج أو السمن أو الالية لم يحبس البطن بل يسكن الوجع العارض في المعدة والامعاء وغذاؤه محمود معتدل يصلح للامراض الحارة الرطبة ، واذا طبخ باللبن الحليب ولد السوداء لتوليده خلطا غليظا لكنه ينفع الباه

الباقلاء. بارد رطب وقيل يابس ، أجوده الابيض

٣٠٣

السمين وارداه الطري ، يحدث الحكة ويولد البلغم ودفع مضرته بالسعتر والملح ويؤكل بعده الزنجبيل ، والباقلاء تنفع من السعال. مضرته يبلد الحواس دفعها باطالة نقعه واجادة نضجه وأكله بالفلفل والملح والسعتر مع الادهان لما فيه من النفخ والترهل والنوم والكسل والسدد يولد الاخلاط الغليظة ويرى أحلاما رديئة واذا طبخ بقشره كان أردأ وأكثر توليدا للرياح والباقلاء وتجلو البهق من الوجه

وفيها يقول القاضي جمال الدين ابو الحسن على بن منصور الخزرجي صاحب (غرائب التنبيهات على عجائب التشبيهات) وقد صلق قدامه الباقلاء :

وقدر بها تصلق الباقلا

قبيل الصباح لمن قد خمر

أتينا بها وسط زبدية

فكان كأحسن شيء حضر

فصوص من العاج مطبوقه

لها غلف من أديم البشر

ومن مجون ابن العطار الدنيسري قوله :

شاقني حارس فول

زهره حاكى عيونك

٣٠٤

وابتغى التعريض قلنا

لعن الله قرونك

ومن بديع ابن وكيع قوله :

ان للباقلاء نورا ظريفا

جلّ في الحسن عن بديع مثال

قد حكى ضحوة لنا اذ تبدى

سرر الروم ضمخت بغوال

ومن بديع المذكور ومقاصده قوله فيه :

فصل الربيع بدا لنا بنسيمه

يدعو فتسرع نحوه الخلق

زهر الباقلا به فكأنه (١)

بين الرياض حمائم بلق

ومن تشابيهه الفائقة قوله :

كأن ورد الباقلاء اذ بدا

لناظريه اعين فيها حور

كمثل الحاظ اليعافير اذا

روّعها من قانص فرط الحذر

كانها مداهن من فضة

اوساطها فيها من المسك اثر

__________________

(١) كذا

٣٠٥

كأنه سوالف من خرّد

قد نبتت سودا لها بيض الطرر

ومن لطائفه قوله فيه :

لى نحو ورد الباقلا

لحظ سباني بالدعج

كأنما بياضه

يلوح في ذاك البلج

خواتم من فضة

بها فصوص من سبج

وله رحمه‌الله تعالى :

كلفت بنور باقلا سبتني

كمائمه فسري فيه فاش

اذا نزل الفراش عليه يوما

حسبت النور افراخ الفراش

وبها الذرة. باردة يابسة مجففة

وبها الدخن يابس يعقل

وبها الماش بارد رطب جيده الاخضر الكبار يسهل الاخلاط المؤذية ويلين الصدر وينفع من السعال مع الحمى ويضعف الاسنان ويولد الرياح بطيء الانهضام وهو

٣٠٦

غذاء جيد للمحموم اذا طبخ بدهن اللوز.

وبها القرطم. حار رطب يسهل البلغم ويحلل الاورام الصلبة وينقى الصدر والصوت ويزيد في الباه ، لكنه رديء للمعدة ، مقدار الشربة منه خمسة دراهم

وبها العدس. بارد يابس ، جيده الابيض الناضج ، يسكن حدة الدم ، ويقوي المعدة ، مضرته بالماليخوليا والاعصاب والبصر دمه غليظ وهو عسر الانهضام ، يصلح الامزاج الدموية والشباب في الصيف ويكره لاصحاب السوداء ، لانه يتولد منه خلط سوداوي فيحدث فيهم الوسواس والجذام وحمى الربع ويضر بالعين التي مزاجها يابس وينفع العين التي مزاجها رطب ؛ ومما يدفع ضرره الاسفاناخ والسلق مع كثير من الادهان. وينبغي أن يلقى على رطل من العدس سبعة أرطال من الماء حتى ينضج جيدا

ولا ينبغى أن يخلط به حلو فانه يولد سددا في الكبد ، ومن أكثر من أكله اظلم بصره لشدة تجفيفه ويقلل البول والطمث فلا يقربه من يقطر في بوله

٣٠٧

وبها السمسم. حار رطب دسم مغث معطش مسقط للشهوة مرخ للحشا عسر الانهضام ، الا أنه يسمن ويحلل الاورام الحارة وهو جيد لضيق النفس والربو. رديء للمعدة. دفع مضرته أن يؤكل بالعسل. ودهن السمسم هو السيرج محلل الاورام البلغمية والقولنج وينفع السعال وخشونة الحلق الا أنه رديء لفم المعدة

وبها بزر قطونا. بارد رطب يجلو ويغسل وينقي ويطفي العطش اذا قلى فان ضرب في الماء حتى يرخي لعابه وشرب اطلق الطبيعة

وبها الترمس. حار يابس. نفعه يقتل الدود وينفخ سدد الطحال عسر الانهضام يولد خلطا باردا دفعها أن يؤكل بالخل يصلح للامزاج البلغمية والشيوخ في الشتاء

وفيه يقول مهيار :

وترمس طاف به

مهفهف كالقمر

من اسود وأصفر

واحمر وأخضر

فخلته لما أتى

به فصوص جوهر

٣٠٨

وبها الحمص. حار رطب وقيل يابس والاسود أقوى جيده الكبار ويجلو ويزيد في المني جدا ويفتت الحصى ويحسن اللون طلاء وأكلا ويصفي الصوت ويفتح السدد من الكبد والطحال ، وينبغي أن يؤكل في الطعام. وطبيخ الاسود بدهن اللوز ويفتت الحصا في المثانة والكلى. وهو رديء لقروح المثانة ورطبه اكثر توليدا للفضول من يابسه. وماؤه يحدر الدود وينقى المثانة والامعاء الدقيقة وينفع من وجع الظهر ويخرج الجنين ويدر الطمث. دفع مضرته بالخشخاش والكمون والاسود أنفع. واذا نقع في الخل على الريق وصبر عليه نصف يوم قتل الدود. انتهى

وفيه يقول الشهابي ابن الاطرش ويعرض بذكر الامير طشتمر حمص أخضر لما عاد من النفي :

لما رجعت الينا

من شقة البعد والبين

خلناك تحنو علينا

يا حمص اخضر بقلبين

وبها الحلبة. حارة يابسة ملينة للطبيعة اذا اكلت مطبوخة بعد الطعام. ومتى طبخت مع التين اليابس طبخا

٣٠٩

جيدا ثم صفيت والقى ماؤهما في العسل وطبخ ثانية حتى يصير كالعرق نفع أصحاب السعال العتيق ونقى الصدر والرئة من الخلط الغليظ اللزج

وبها الخس قال ابن الجوزي : بارد رطب ينفع السهر ويولد ماء كثيرا ويجلب النوم وينفع من الهذيان واحراق الشمس للرأس ويقطع سيلان المني. وهو أفضل البقول وأقلها رداءة واكثرها غذاء سريع الهضم ينفع الامزاج الحادة والاورام الحارة واليرقان وينفع من اختلاف المياه وهو يسكن شهوة الجماع وينفع من كثرة الاحتلام وبزره أشد في ذلك الا أن ضرره يجفف المنى ويضر الباه والبصر ويحدث ظلمة ، دفع مضرته بالكرفس. والله أعلم

وفيه يقول مؤلفه البدرى على لسان بعض الظرفاء :

صحبت في الزيه (١) يوما

خلين والجوع مسّا

بفولة جاد لى ذا

وذا ببقل وخسّا (١)

ومن محاسن الشام أرض الميطور والسيلوق وهما

__________________

(١) كذا

٣١٠

من متنزهاتها ويقال أن أول من غرس بها غراسا بيده سليمان بن عبد الملك وكان يروي عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا يقول : قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «من غرس غرسا كتب الله له من الاجر بقدر ما يخرج من ثمار ذلك الغرس» وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «نعم المال النخل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل» وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ابتغوا الرزق في خبايا الارض» يعنى الزراعة. وقيل لعثمان رضي‌الله‌عنه «ا تغرس بعد الكبر؟» فقال : «لأن توافينى الساعة وأنا من المصلحين خير من توافيني وأنا من المفسدين». وقيل لابي الدرداء رضي‌الله‌عنه وهو يغرس جوزة «اتغرس وأنت شيخ وهي لا تطعم الا بعد عشرين سنة» فقال «لا علىّ بعد أن يكون الاجر لي. ومر كسرى بشيخ وهو يغرس فقال «اترجو أن تأكل من ثمرتها» فقال «غرسوا وأكلنا ونغرس فيأكلون» فقال كسرى «زه» وأعطاه اربعة آلاف درهم فقال الشيخ «ان الشجر تدرك وتطعم في سبع سنين وقد أطعمت شجرتى في يوم واحد» فقال كسرى اعطوه

٣١١

أربعة آلاف اخرى

رجع. ويقال أن سليمان بن عبد الملك كان نهما في الاكل فجاءه بستاني ليضمن بستانه هذا فقال اركب اليه اولا انظر فاكهته ثم نضمنك اياه ثم ركب ودخل البستان فلم يدع به من الثمار الا اليسير حتى ما خلّى فيه من البندق الاخضر والفستق الا ما عزب عنه ثم نادى الضامن سليمان وقال للشهود اكتبوا على هذا ضمان هذا البستان فقال البستاني كنت أضمنه قبل دخول امير المؤمنين اليه فضحك منه. ويقال ان قشر البندق والفستق تجمع فجاء قدر مكوك طائفي وفضل عنه (١)

قال ابن الجوزي : البندق حار يابس اغلظ من الجوز وابطأ انهضاما ويولد رياحا في البطن الاسفل الا أنه يقوى المعدة والامعاء وخلطه غليظ في الدماغ ويؤكل

__________________

(١) كان القصاصون يبالغون أولا بذكر القصص في هذا الباب تقربا للعباسيين ، ثم خلف من بعدهم خلف تجاوزوا حدود المنطق والعقل في هذا الاغراق واسرفوا فيه

٣١٢

مع قليل فلفل فينفع من الزكام وينفع من النهوش خصوصا في التين والسذاب وكذلك الجوز

قال ابن البيطار : في السابعة وفيه من الجوهر الارضي البارد اكثر مما في الجوز وكذلك هو أشد عفوصة منه عند المذاق ، وذلك موجود في شجرته وثمرته وقشره

قال جالينوس : اذا سحق وشرب بالعسل ابرأ من السعال المزمن واذا قلي واكل مع شيء يسير من الفلفل انضج النزلة واذا حرق وسحق وخلط بالشحم العتيق من شحم الخنزير أو شحم الدبّ ولطخ به داء الثعلب نبت فيه الشعر. والبندق المحروق اذا سحق مع الزيت وسقيت به يافوخات الصبيان الزرق سوّد أحداقهم وشعورهم ومن اكل البندق قبل الطعام نفع من السموم وهو مقطع للخلط اللزج نافع من النفث الحادث من الرئة

وفيه يقول بعضهم وابدع :

ولقد شربت مع الغزال مدامة

حمراء صافية بغير مزاج

فتفضل الظبي الغرير ببندق

شبهته ببنادق من ساج

٣١٣

فكسرته فوجدت صوفا أحمرا

قد لف فيه بنادق من عاج

الفستق حار يابس وقيل رطب وقيل معتدل منفعته للمعدة يقوى فمها ويقوى الكبد ويفتح سددها وينقي الكليتين والمثانة يفتح منافذ الغذاء ويزيد في الباه وينفع من لذغ العقرب وسائر الهوام خصوصا الشامي لكنه يصير الشرى دفع مضرته بمشمش يابس والله أعلم. انتهى وفيه يقول مهذب الدين الدهان :

وفستقة شبهتها اذ رايتها

وقد عاينتها مقلتي بنعيم

زبرجدة خضراء وسط حريرة

بحقة عاج في غلاف اديم

وهو ماخوذ من قول الصابي :

زمرد صانه حرير

في حق عاج له غلاف

واحسن منه قول ابن المعتز بالله :

زبرجدة ملفوفة في حريرة

مضمنة درا مغشى بياقوت

وقال فضل الكاتب وابدع :

٣١٤

وفستق مستلذ

من بعد شرب الرحيق

حق من العاج يحوى

زمردا فى عقيق

ومن لطائف ابن سكرة قوله :

كانما الفستق المملوح حين بدا

مقشرا في لطيفات الطيافير

والقلب من بين قشريه يلوح لنا

كألسن الطير من بين المناقير

عود وانعطاف الى ذكر سليمان بن عبد الملك. نقل الحافظ ابن عساكر في تاريخه عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث قال اخبرنا ان سليمان بن عبد الملك أمر قيم بستانه ان يحبس على الفواكه لا يجني منها شيئا وأمرنى بالركوب معه عند طلوع القمر من آخر الليل ومن حضر من أصحابه ، فلما دخلنا الى البستان انفرد كل منا يأكل حتى ارتفع النهار ثم صرنا اليه وقد أكلنا قدر الطاقة ونحن نقول هذا القطف العنب استوى فيخرطه في فيه وهذه التفاحة نضجت وهذه الانجاصة ناعمة وكلما رأينا شيئا نضيجا نشير اليه

٣١٥

فيتناوله ويأكله حتى آن الضحى ، فأقبل على قيم البستان وقال ويحك يا شمردل انى قد جعت فهل عندك شيء تطعمنيه. قال نعم عناق حولية حمراء قال ائتني بها بلا تأخير فجاء بها مشوية على خوان وهو قائم بين اشجار الفاكهة فصار يتناول منها قطعة بعد قطعة ويتناول عليها الفاكهة الى ان فرغت. فقال له يا شمردل هل عندك غيرها فقال نعم دجاجتان معلوفتان قد عميتا شحما قال ائتني بهما ففعل كما فعل بالعناق واتى بهما وهو قائم بين أشجار الفاكهة حتى فرغا وقال له ان كان عندك سويق بسمن سلا وبعض سكر فائتني به فانى جائع فجاء بذلك فأكله واستدعى بماء بارد وجعل شمردل يصب عليه الماء وأمير المؤمنين يحركه حتى كفأه فارغا ثم أعاد الاكل فى الفاكهة فأكل مليا واذا بالسماط حضر فجلس يأكل كأنه لم يأكل شيئا

قال الحارث فعجبنا منه

ويقال انه عرضت له حمى عقيب هذا اشرف منه على الموت وقيل بل سبب موته انه أكل اربعمائة بيضة

٣١٦

وسلتي تين وسبعمائة رمانة وخروف وست دجاجات ومكوك زبيب طائفي. انتهى

وانما ذكر ذلك على سبيل الاستطراد وذكر بستانه والله أعلم

ومن محاسن الشام (السهم) وهو متصل بارض الصالحية. وهو درب ما بين دور وقصور ، وفاكهة وزهور ، ومياه تجري بهدير كالبحور. وفيه يقول القيراطي :

دمشق بواديها رياض نواضر

بها ينجلي عن قلب ناظرها الهمّ

على نفسه فليبك من ضاع عمره

وليس له فيها نصيب ولا سهم

ومن لطائفه قوله فيها وفي السهم :

بقاع دمشق للأمير بشائر

فقف بمغانى جنكها مترنما

٣١٧

بقاع اذا قوس الرباب بسهمه

رماها غدت بالوشى بردا مسهما

وما أحسن قول القيراطي :

دمشق سما سهمها على قوس الكواكب ، وأقبلت من كتائب زهورها في مواكب. وتحرك عودها حين غنت عليه من الورق الفينان ، وطفح يزيدها فقلت وهذا مما يعجب ابا سفيان

ومن المحاسن ارض بضار وبهران ، وهما معدن التوت ، واصل حسنه المنعوت

وهو أصناف : محسني. بندقي. عجمي. مخضب. قرشي. حراديني. شامي وهو الاسود

قال جالينوس في السابعة التوت المحسني الابيض اذا كان نضيجا فهو يطلق البطن وما لم ينضج وقدّد صار دواء يحبس البطن حبسا شديدا حتى انه يصلح لقروح الامعاء والاستطلاق ولجميع العلل التي هي من جنس التحلب ، ويخلط بعد أن يسحق مع الاطعمة كما يخلط السماق

٣١٨

فان أحب انسان أن يشربه شربة مع الماء أو مع الشراب أو مع عصارة التوت المدرك فهي نافعة لادواء الفم

وقال ابن الجوزى : اذا أكل التوت الابيض على الريق أسهل وولد خلطا جيدا فان أكل على الطعام ولد كيموسا وأضر بالمعدة وهو رديء الغذاء فاسد الدم خلطه غليظ يكره منه غير النضيج والاوفق أن يغسل قبل أكله ليؤمن اضراره بالمعدة والرأس ويشرب بعده السكنجبين والتوت النضيج المبرد بالثلج ينفع المعدة التي غلب الحر عليها واليبس. انتهى

وفيه يقول المهلبي :

كلوا من التوت وانشطوا

فانه على الارى مسلط (١)

كأنما التوت على اطباقه

لآلىء بعندم منقط

ومن مجون لسان الدين ابن الخطيب قوله فيه :

أقول له اذ ابتعنا عصيرا

وجاوزنا المنازل والبيوتا

__________________

(١) كذا

٣١٩

لعلك يا حبيب القلب تأتي

وتأكل عندنا عنبا وتوتا

ونقلت من خط المرحوم شمس الدين محمد النواجي قوله :

بالله يا صاح قم وباكر

بستان لهو حوى نعوتا

تشبع نخلا به وكرما

مرتبا يا نعا وتوتا

والتوت الاسود الشامي قال ابن الجوزي في (لقط المنافع) الحلو حار رطب والحامض بارد جيده الكبار السود. ومنفعته لاورام الحلق وادرار البول ، ومضرته يحدث مغصا وسوء استحالة وهو رديء للمعدة الا أنه لا يضر معدة صفراوية ودفع مضرته الا طريفل الصغير يصلح للامزاج الدموية والشباب في الربيع في البلد الحار والله يعلم

ومن محاسن الشام (الصالحية) مشحونة بالزوايا والترب والمدارس حتى ان بها قصبة دون ميل تمشي فيها بين ترب ومدارس ببناء جميل استولى عليها المباشرون

٣٢٠