هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٧

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

هدى الطالب إلى شرح المكاسب - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٠

وإن كانت (١) جنايته [جناية] توجب الأرش صحّ (٢) إذا التزم مولاه الأرش».

ثم استدلّ (٣) «بأنّه إذا وجب (٤) عليه القود فلا يصحّ بيعه ، لأنّه قد باع منه (٥) ما لا يملكه (٦) ، فإنّه حقّ للمجنيّ عليه. وأمّا إذا وجب عليه الأرش صحّ (٧) ، لأنّ رقبته سليمة ، والجناية أرشها ، فقد التزمه (٨) السيد ، فلا وجه يفسد البيع» انتهى (١).

______________________________________________________

جناية العبد عمديّة ، فيكون أثرها ثبوت حق القصاص لولي المجني عليه.

(١) معطوف على «فإن كانت» وهذا حكم الجناية الخطائية ، لأن الخيار للمولى بين الأرش وتسليم الجاني للمجني عليه.

(٢) كذا في المقابس ، وفي الخلاف : «فإنّه يصح بيعه إذا ...».

(٣) يعني : قال الشيخ : «دليلنا : أنه إذا وجب».

(٤) يعني : أن العبد الجاني إذا ثبت عليه القصاص لم يصح للمولى بيعه ، لأنّه باع ما لا يملكه ، ويشمله النهي في : «لا تبع ما ليس عندك» فيبطل.

(٥) أي : من قبل نفسه ـ لا من طرف المجني عليه ـ والمراد : أن السيد باع من ما لا يملكه.

(٦) كذا في النسخ ، وفي الخلاف : «ما لا يملك ، لأن ذلك حق المجني عليه» وعلى تقدير ثبوت الضمير في «يملكه» فالمرجع والمشار إليه ل «ذلك» هو الموصول المراد به العبد الجاني.

(٧) في الخلاف : «فإنّه يصح بيعه ، لأنّ رقبته سليمة من العيب».

(٨) كذا في النسخ ، وفي الخلاف : «فقد التزامها».

__________________

(١) الخلاف ، ج ٣ ، ص ١١٨ ـ ١١٧ ، كتاب البيوع ، المسألة : ١٩٨ ، وحكاه المصنف عن مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٩٥

٥٦١

وقد حكي (١) عن المختلف : «أنّه حكى (٢) عنه في كتاب الظهار : التصريح بعدم بقاء ملك المولى على الجاني عمدا ، حيث قال : «إذا كان عبد قد جنى جناية (٣) ، فإنّه لا يجزئ عتقه عن الكفارة ، وإن كان خطأ جاز ذلك (٤). واستدلّ بإجماع الفرقة ، فإنّه (٥) لا خلاف بينهم أنّه إذا كانت جنايته عمدا ينتقل (٦) ملكه إلى المجنيّ عليه ، وإن كان خطأ فدية ما جناه على مولاه» (٧) انتهى.

وربما يستظهر ذلك (٨) من عبارة الإسكافي المحكية عنه في باب الرهن ،

______________________________________________________

(١) الحاكي صاحب المقابس (١) ، نقله في القول الأوّل ، وهو بطلان بيع العبد الجاني عمدا وعتقه ورهنه.

(٢) أي : حكى العلّامة في المختلف عن شيخ الطائفة في ظهار الخلاف.

(٣) كذا في النسخ ، ولكن في الخلاف والمختلف والمقابس «جناية عمد ، فإنّه لا يجزئ إعتاقه».

(٤) أي : جاز عتق العبد الجاني عمدا في كفارة الظهار.

(٥) كذا في نسخ الكتاب ، ولكن في الخلاف والمختلف والمقابس «لأنّه».

(٦) كذا في النسخ والمقابس ، وفي الخلاف والمختلف «أنّه ينتقل» وهذه الجملة هي مبنى حكم شيخ الطائفة بفساد عتق العبد الجاني عمدا ، لانتقاله قهرا إلى ملك المجني عليه ، وحيث إنه «لا عتق إلّا في ملك» فيبطل عتق السيد.

(٧) تتمة عبارة الخلاف هي : «لأنّه عاقلته ، وعلى هذا لا شك فيما قلناه».

(٨) أي البطلان ، والمستظهر هو المحقق الشوشتري قدس‌سره ، فإنّه بعد نسبة البطلان إلى شيخ الطائفة والعلّامة قدس‌سرهما ، قال : «وأيضا هو الظاهر من ابن الجنيد ، حيث قال ...» (٢).

__________________

(١) الخلاف ، ج ٤ ، ص ٥٤٦ ، كتاب الظهار ، المسألة : ٣٣ ؛ مختلف الشيعة ، ج ٧ ، ص ٤٤٣ ؛ مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٩٥.

(٢) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٩٥.

٥٦٢

وهي : أنّ من شرط الرّهن أن يكون الراهن مثبتا لملكه إيّاه ، غير خارج بارتداد أو استحقاق الرقبة بجنايته على ملكه» انتهى.

وربما يستظهر (١) البطلان من عبارة الشرائع أيضا في كتاب القصاص ، حيث قال : «إنّه إذا قتل العبد حرّا عمدا ، فأعتقه مولاه ، صحّ ، ولم يسقط القود. ولو قيل : لا يصحّ لئلّا يبطل حقّ الولي من الاسترقاق ، كان حسنا. وكذا (٢) بيعه وهبته» انتهى.

لكن يحتمل قويّا (٣) أن يكون مراده بالصحة : وقوعه لازما غير متزلزل

______________________________________________________

(١) المستظهر صاحب المقابس أيضا ، حيث قال : «وربما يظهر ـ يعني البطلان ـ من باب القصاص من الشرائع أيضا كما سيأتي ، وكذا من الغنية والمهذّب».

والوجه في التعبير ب «ربما» ما نقله في المقابس عن المحقق قدس‌سره من أنه في كتاب البيع تردّد في جواز بيع العبد الجاني مطلقا ، وفي كتاب الرهن تردّد في جواز رهنه ، ثم قال : «والأشبه الجواز» ويظهر من القصاص ترجيح المنع ، ثم نقل عبارة الشرائع المذكورة في المتن ، ثم قال : «ويمكن أن يكون هذا رجوعا عمّا ذكره في الرهن ـ يعني من ترجيح الجواز ـ كما أنه رجوع عن تردّده في جواز البيع في كتاب البيع. وكان هذا أولى» (١).

(٢) كذا في النسخ والمقابس ، وفي الشرائع : «وكذا البحث في بيعه وهبته» يعني : أنّ حكم بيع العبد الجاني عمدا وهبته حكم عتقه ، فلو قيل بعدم الصحة في الجميع كان حسنا.

(٣) غرضه الخدشة فيما استظهره صاحب المقابس من كلام المحقق في القصاص ، من بطلان بيع العبد الجاني عمدا ، وأنّ المحتمل قويا أن يريد بقوله : «ولو قيل لا يصحّ» أنّه لا يقع لازما ، لظهور تعليل بطلان العتق ـ بكونه مفوّتا لحق وليّ

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٩٥ ـ ٩٦ ؛ شرائع الإسلام ، ج ٤ ، ص ٢٠٩.

٥٦٣

كوقوع (١) العتق ، لأنّه (٢) الذي يبطل به حقّ الاسترقاق ، دون وقوعه مراعى بافتكاكه عن القتل والاسترقاق.

وكيف كان (٣) ، فالظاهر من عبارة الخلاف الاستناد في عدم الصحة إلى عدم الملك ، وهو (٤) ممنوع ، لأصالة بقاء ملكه ،

______________________________________________________

المجني عليه ـ في أن المبطل للحق هو اللزوم ، وحيث إنّ العتق لا يقع موقوفا ومراعى فيلغو من أصله. وهذا بخلاف البيع ، لإمكان وقوعه مراعى بالافتكاك عن حقّ المجني عليه ، فلا مانع من صحته متزلزلا.

وعليه فنسبة فساد البيع إلى المحقق قدس‌سره لا تخلو من خفاء.

(١) أي : كوقوع العتق لازما أو باطلا ، وليس بينهما متوسط ، وهو العتق المراعى بالافتكاك أو الإجازة.

(٢) أي : لأن وقوع البيع لازما يبطل حق الاسترقاق وإن لم يبطل حق القصاص.

(٣) يعني : سواء أكان مقصود المحقق من عدم صحة بيع العبد الجاني بطلانه رأسا كما استظهره صاحب المقابس ، أو صحته مراعى بالافتكاك كما احتمله المصنف ، فالظاهر أن منشأ البطلان عند شيخ الطائفة هو عدم كون السيد مالكا للعبد الجاني متعمدا ، لقوله تارة : «لأنّه قد باع منه ما لا يملكه» واخرى : «ينتقل ملكه إلى المجني عليه» ، ومن المعلوم اشتراط البيع بالملك.

(٤) أي : وعدم الملك ممنوع ، ومقصود المصنف الخدشة في دعوى الشيخ بوجهين :

أحدهما : استصحاب ملكية العبد ، للشك في ارتفاعها بالجناية العمدية ، فتستصحب الملكية.

وثانيهما : ظهور لفظ «الاسترقاق» في النصوص في بقائه على ملك سيّده بعد الجناية ليسترقّه المجني عليه أو وليّه ، إذ لو انتقل العبد إليه بمجرد الجناية لم يبق

٥٦٤

ولظهور [وظهور] (١) لفظ «الاسترقاق» في بعض الأخبار (٢) في بقاء الملك.

نعم في بعض الأخبار (٣) ما يدلّ على الخلاف.

______________________________________________________

موضوع للاسترقاق المملّك.

(١) معطوف على «أصالة» وهذا إشارة إلى الوجه الثاني ، وفي بعض النسخ «ولظهور» وهما بمعنى.

(٢) كصحيح زرارة عن أحد هما عليهما الصلاة والسلام : «في العبد إذا قتل الحرّ دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا استرقوه» (١).

ونحوه غيره (٢).

(٣) كخبر علي بن عقبة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «سألته عن عبد قتل أربعة أحرار ، واحدا بعد واحد؟ قال : فقال : هو لأهل الأخير من القتلى ، إن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا استرقوه ، لأنّه إذا قتل الأوّل استحق أولياؤه ، فإذا قتل الثاني استحق من أولياء الأوّل ، فصار لأولياء الثاني. فإذا قتل الثالث ، استحق من أولياء الثاني ، فصار لأولياء الثالث. فإذا قتل الرابع استحقّ من أولياء الثالث ، فصار لأولياء الرابع ، إن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا استرقوه» (٣).

__________________

(*) هذا لو دار أمر عتق العبد الجاني عمدا بين الصحة فعلا وبين البطلان ليكون مقتضى السياق ذلك في بيعه. إلّا أن القائل بصحة العتق مراعى موجود.

والتعليق على الافتكاك تعليق على واقع لا على متوقع ، وهو غير مبطل للإنشاء.

مضافا إلى ما احتمله صاحب الجواهر قدس‌سره من اختصاص التعليق الممنوع بما يذكر في صيغة العتق ، فراجع (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ١٩ ، ص ٧٣ ، الباب ٤١ من أبواب القصاص في النفس ، الحديث : ١.

(٢) المصدر ، ص ٧٤ ، الحديث : ٤.

(٣) المصدر ، ص ٧٧ ، الباب ٤٥ من أبواب القصاص في النفس ، الحديث : ٣.

(٤) جواهر الكلام ، ج ٤٢ ، ص ١٣٧.

٥٦٥

ويمكن أن يكون (١) مراد الشيخ بالملك السلطنة عليه ،

______________________________________________________

واستدل به صاحب المقابس قدس‌سره على مدعاه من اقتضاء الجناية دخول المملوك في ملك أولياء المجني عليه ، وأن المراد بالاسترقاق ـ الذي جعل مقابلا للقصاص ـ الرضا ببقائه رقّا.

وقال في ذيل هذا الخبر : «وفيه دلالة على المطلوب من وجوه عديدة» (١).

فمنها : قوله عليه‌السلام : «هو لأهل الأخير» لظهور اللام في الملك ، بناء على أن يكون «استرقوه» بمعنى إبقائه في الرق لا التملك.

ومنها : قوله عليه‌السلام : «استحق أولياؤه» و«استحق من أولياء الأوّل» و«استحق من أولياء الثاني ...».

ومنها : «فصار لأولياء الثاني ...» لظهور الاستحقاق والصيرورة في التملك القهري.

لكن هذا الخبر معارض بغيره ، والتفصيل في القصاص.

(١) غرضه قدس‌سره توجيه فتوى شيخ الطائفة قدس‌سره ـ لمخالفته للمشهور ـ باحتمال أن يكون مراده من انتقال ملك العبد الجاني إلى المجني عليه هو انتقال السلطنة إليه مع بقاء الرقبة على ملك السيد ، فيكون نظير ملك حق الفسخ في بابي الخيار والشفعة ، بمعنى كون ذي الخيار والشفيع مالكا لأمر البيع ، وله الفسخ والإمضاء ، فكذا المجني عليه ، لتسلطه شرعا على القصاص أو الاسترقاق أو الرضا بالفداء أو العفو مجانا.

وربما يكون تعبيره في الخلاف بعد قوله : «قد باع منه ما لا يملكه» ب «فإنّه حق للمجني عليه» ظاهرا في هذا الحمل ، بأن أراد من عدم الملك عدم الملك التام المستتبع للسلطنة عليه فعلا (*).

__________________

(*) لكن يشكل بصراحة قوله في باب الظهار بانتقال ملكه إلى المجني عليه ،

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٩٧.

٥٦٦

فإنّه (١) ينتقل إلى المجنيّ عليه ، ويكون (٢) عدم جواز بيعه من (٣) المولى مبنيّا على المنع عن بيع الفضولي ، المستلزم (٤) للمنع عن بيع كل ما يتعلق به حق الغير ينافيه (٥) السلطنة المطلقة من المشتري عليه ، كما في الرّهن (٦).

______________________________________________________

وحينئذ فيكون بطلان بيعه ـ كما ذهب إليه بعض آخر ـ إمّا لرعاية حق المجنيّ عليه ، كما استدلّ به على فساد عتقه ، وإما لبطلان الفضولي مطلقا.

(١) أي : فإنّ التسلط على العبد الجاني ينتقل إلى المجني عليه ، ويكون السيد كالمحجور عن ماله.

(٢) هذا نتيجة الحمل المزبور ، يعني : وإن كانت الرقبة ملكا للسيد ، إلّا أنّ تعلق الحقّ به يوجب كون بيعه فضوليا ، والمعروف عن الشيخ في الخلاف بطلان الفضولي رأسا.

(٣) أي : البيع الناشئ من المولى ، فحرف الجر نشويّة.

(٤) صفة ل «المنع» يعني : أنّ بطلان بيع الفضولي مال الغير يستلزم بطلان بيع متعلّق حق الغير ، إذ لو صحّ نقله إلى الغير لزم عدم سلطنة المشتري على المبيع سلطنة مطلقة ـ لتعلق حق المجني عليه به ـ مع أنّ مقتضى المبادلة تسلطه عليه مطلقا كتسلط البائع على الثمن.

(٥) يعني : أن سلطنة المشتري المطلقة تنافي حقّ الغير المتعلق بالمبيع.

(٦) حيث إنّ سلطنة المشتري التامة تنافي حق المرتهن ، ولذا قيل ببطلان بيع الرهن ، كما تقدم.

__________________

مع عدم اقترانه بما يوهن دلالته على نقل الرقبة ، لا مجرد السلطنة ، مع وضوح مقابلة الحق للملك وإن كان كلاهما من سنخ الإضافة الخاصة.

٥٦٧

مسألة (١)

إذا جنى العبد خطأ صحّ بيعه على المشهور (٢) ، بل (٣) في شرح الصيمري : «أنّه لا خلاف في جواز بيع الجاني إذا كانت الجناية خطا أو شبه عمد (٤) ، ويضمن المولى أقلّ الأمرين من قيمته ودية الجناية (٥).

______________________________________________________

بيع العبد الجاني خطأ

(١) تقدم في حكم جناية أمّ الولد على غير مولاها خطأ حكم جناية مطلق المملوك كذلك ، وأنّ الخيار للسيد بين الفداء وتسليم الجاني إلى المجني عليه للاسترقاق أو البيع ، فراجع (ص ٣٩٦).

(٢) كما في الحدائق (١) ، ويقابله القول بالبطلان إلّا إذا فداه السيد كما عن ابن إدريس ، أو أجازه المجني عليه أو وليه كما عن ابن الجنيد.

(٣) غرضه الترقي من شهرة صحة البيع إلى كونها إجماعية ، في دعوى الفاضل الصيمري قدس‌سره.

(٤) نقل السيد العاملي قدس‌سره عنهم ـ في وجه إلحاق غير العمد بالخطإ ـ ما لفظه : «لأنه حق غير مستقر في الجاني ، لأنّ للمالك أداؤه من غيره. ولأنّه تعلق به من غير اختيار المالك هنا ، فلم يمنع البيع ، كالزكاة» (٢).

(٥) فلو كانت دية جناية العبد أكثر من قيمته لم يضمنها المولى ، لأن العبد

__________________

(١) الحدائق الناظرة ، ج ١٨ ، ص ٤٥٨.

(٢) مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٦٥.

٥٦٨

ولو امتنع (١) كان للمجني عليه أو لوليّه انتزاعه ، فيبطل البيع. وكذا (٢) لو كان المولى معسرا ، فللمشتري (٣) الفسخ مع الجهالة ، لتزلزل ملكه ما لم يفده المولى» انتهى (١).

وظاهره (٤) أنّه أراد نفي الخلاف عن الجواز قبل التزام السيد.

إلّا أنّ المحكيّ عن السرائر والخلاف : أنّه لا يجوز (٥) إلّا إذا فداه المولى أو

______________________________________________________

لا يجني بأكثر من قيمة نفسه ، وليس المولى عاقلته حتى يضمن الزيادة.

(١) يعني : لو امتنع المولى من أن يفدي عبده بأقل الأمرين ، جاز للمجني عليه انتزاع العبد ، فإن كان المشتري جاهلا بجناية العبد ثبت له الخيار ، وإلّا فلا.

(٢) معطوف على «امتنع» يعني : ويجوز للمجني عليه انتزاع العبد من يد المشتري لو لم يمتنع السيد من الفداء بل التزم به ، ولكن عجز عن البذل من جهة الإعسار.

(٣) هذا نتيجة بطلان البيع بانتزاع العبد من يد المشتري ، وله خيار العيب ، فيستحق الفسخ واسترداد الثمن من السيد ، سواء أكان جهله بامتناع المولى عن أداء أقل الأمرين ، أو بإعسار المولى ، وعدم قدرته على الفداء.

(٤) غرضه قدس‌سره أنّ مقتضى إطلاق معقد الإجماع هو صحة بيعه سواء أكان قبل التزام السيد بالفداء أم بعد التزامه به ، وإلّا فجواز البيع بعد ضمان أقلّ الأمرين ـ من الأرش ودية الجناية ـ هو المتيقن من الجواز. فالمهمّ إحراز الجواز قبل التزام السيد بالفداء.

ولكن قد يتأمّل في الإجماع بما حكي عن ابن إدريس قدس‌سره من منع بيع العبد الجاني خطأ قبل أن يفديه السيد أو يلتزم به. وليس نفس البيع التزاما قهريا بالفداء لينفذ.

(٥) أي : لا يجوز البيع ، ولكن الضمير يعود إلى كلّ تصرف فيه ، ولا خصوصية

__________________

(١) غاية المرام (مخطوط) ج ١ ، ص ٢٨٠.

٥٦٩

التزام (١) بالفداء (١) ، لا أنه (٢) إذا باع ضمن (٣).

والأوفق بالقواعد أن يقال بجواز البيع (٤) ، لكونه ملكا لمولاه ، وتعلّق حقّ

______________________________________________________

للبيع ، والعبارة منقولة عن ابن إدريس بالمعنى ، لأنّه قال في حكم الجاني خطأ : «ولا يجب على السيد سوى تسليمه إلى أولياء المقتول ... إلّا أن يتبرّع المولى ويفديه الدية. فإذا فداه وضمن عنه ما جناه جاز له حينئذ عتقه والتصرف فيه. وقبل ذلك لا يجوز له شي‌ء من ذلك ... وشيخنا أبو جعفر قائل بذلك ، موافق عليه» ثم نقل كلام شيخ الطائفة في رهن الخلاف ، فراجع.

(١) لم يظهر من عبارة السرائر كفاية الالتزام بالفداء ، لظهور قوله : «يفديه بالدية» في دفع الدية قبل إنشاء البيع ، إلّا أن يستفاد كفايته من عطف «ضمن عنه» على «فداه».

(٢) أي : لا أنّ السيد إذا باع ضمن الفداء ـ قهرا ـ ليصح البيع.

(٣) خلافا لجماعة ذهبوا إلى عدم اشتراط صحة بيع السيد بأحد الأمرين قبله من الفداء والالتزام ، لكون نفس التصرف بالبيع والعتق وشبههما التزاما وضمانا بالفداء ، ففي بيع القواعد : «ويكون ـ أي البيع ـ في الخطأ التزاما للفداء» (٢).

وقال السيد العاملي قدس‌سره : «أما كون بيعه في الخطأ التزاما للفداء ، فقد صرّح به في التذكرة ونهاية الاحكام واللمعة والروضة والمسالك. وفي المبسوط : انه الذي ينبغي ، لأنّ الخيار للسيد ، فإذا باعه فقد اختار الفداء ، فتعيّن عليه ... واحتمل في نهاية الاحكام عدم التزام السيد بالفداء ، وقوّاه في موضع من التحرير ، لأنّ أكثر ما فيه أنّه التزام بالفداء ، فلا يلزمه الفداء ، كما لو قال الراهن : أنا أقضي الدين» (٣).

(٤) محصله ـ كما تقدم في بيع العبد الجاني عمدا أيضا ـ هو صحة بيع السيد

__________________

(١) الحاكي صاحب المقابس ، كتاب البيع ، ص ٩٥ ، وأشار إليه في ص ٩٩ ولاحظ : السرائر ، ج ٣ ، ص ٣٥٨ ؛ الخلاف ، ج ٣ ، ص ٢٣٥ ، كتاب الرهن ، المسألة : ٢٨.

(٢) قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ٢٣.

(٣) مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٦٦.

٥٧٠

الغير لا يمنع عن ذلك (١) ، لأنّ كون المبيع مال الغير لا يوجب بطلان البيع رأسا ، فضلا (٢) عن تعلّق حقّ الغير.

ولعلّ ما (٣) عن الخلاف والسرائر مبنيّ على أصلهما من بطلان الفضولي وما أشبهه من كلّ بيع يلزم من لزومه بطلان حقّ الغير ، كما يؤمي إليه (٤) استدلال الحلّي على بطلان البيع قبل التزامه وضمانه : بأنّه (٥) قد تعلّق برقبة العبد الجاني ، فلا يجوز إبطاله (٦). ومرجع هذا المذهب (٧) إلى أنّه لا واسطة بين

______________________________________________________

قبل الفداء ، موقوفا على فك رقبته من حق الجناية. وجه الصحة : أن تعلق حق الغير بالعبد مع كونه ملكا له لا يوجب بطلان البيع ، بل يجعله فضوليا منوطا برضا المجني عليه أو وليّه.

نعم من يقول ببطلان العقد الفضولي رأسا ـ حتى لو كان المبيع ملكا للبائع ، وإنما تعلق به حق الغير ـ قال به هنا أيضا. ولعلّ منشأ حكم ابن إدريس بعدم جواز البيع قبل تخليص الرقبة من حق الجناية هو منع العقد الفضولي مطلقا.

وهو غير قادح بناء على صحته ووقوفه على الإجازة كما يراه المعظم.

(١) أي : عن جواز البيع.

(٢) تقدم آنفا وجه الأولوية المعبّر عنها ب «فضلا».

(٣) وهو عدم جواز بيع العبد الجاني خطأ قبل بذل الفداء.

(٤) أي : إلى بطلان كل بيع يوجب لزومه ونفوذه ذهاب حق الغير.

(٥) متعلق ب «استدلال» والضمير راجع إلى حقّ المجني عليه.

(٦) أي : إبطال حق المجني عليه.

(٧) أي : مذهب شيخ الطائفة والحلي من بطلان بيع ملك الغير أو متعلّق حقه. فإنّ مآله إلى إنكار الواسطة بين اللزوم والبطلان ، فإن صحّ البيع كان لازما ، وإن فسد لم يترتب عليه أثر. وأما الصحة المراعاة بالإجازة أو إسقاط الحق فلا يلتزم بها.

٥٧١

لزوم البيع وبطلانه ، فإذا صحّ البيع أبطل حقّ الغير (١).

وقد تقدّم غير مرّة (٢) : أنّه لا مانع من وقوع البيع مراعى بإجازة ذي الحقّ أو سقوط (٣) حقّه ، فإذا باع المولى فيما نحن فيه قبل أداء الدية أو أقل الأمرين ـ على الخلاف (٤) ـ وقع مراعى ، فإن فداه المولى أو رضي المجنيّ عليه بضمانه فذاك (٥) ، وإلّا (٦) انتزعه المجنيّ عليه من المشتري.

وعلى هذا (٧) فلا يكون البيع موجبا لضمان البائع حقّ المجنيّ عليه.

______________________________________________________

(١) وحيث إنه لا يصح إبطال حق الغير لم يصح البيع ، كما تقدم في دعوى القائل ببطلان بيع الراهن قبل الاستيذان.

(٢) كقوله في (ص ٥١٠) : «وبالجملة : فالمستفاد من طريقة الأصحاب ـ بل الأخبار ـ أن المنع عن المعاملة إذا كان لحقّ الغير الذي يكفي إذنه السابق لا يقتضي الإبطال رأسا ، بل إنما يقتضي الفساد ، بمعنى عدم ترتب الأثر عليه مستقلّا من دون مراجعة ذي الحق».

وقوله في (ص ٥٥٧) : «ان المبيع إذا كان متعلقا لحق الغير فلا يقبل أن يقع لازما ... وقد عرفت أنّ مقتضى عدم استقلال البائع في ماله ... وقوع بيعه مراعى ، لا باطلا».

(٣) معطوف على «إجازة» أي : مراعى بسقوط حق ذي الحق.

(٤) تقدم في (ص ٣٩٧) التعرض لاختلاف كلمات شيخ الطائفة قدس‌سره في أنّ السيد لو اختار الفداء ، فهل الواجب عليه دية الجناية مهما بلغت؟ أو أقل الأمرين من قيمة العبد والدية.

(٥) أي : فصار البيع لازما.

(٦) أي : وإن لم يبذل السيد الفداء ولم يرض المجنيّ عليه بضمان السيد لأقل الأمرين والتزامه به ، جاز للمجني عليه انتزاع العبد الجاني من المشتري.

(٧) يعني : فعلى فرض جواز انتزاعه من المشتري ـ لعدم مانع من وقوع البيع

٥٧٢

قال في كتاب الرهن من القواعد (١) : «ولا يجبر السيّد على فداء الجاني وإن رهنه أو باعه ، بل يتسلّط المجنيّ عليه (٣) ،

______________________________________________________

مراعى ـ لا يوجب البيع ضمان البائع لحق المجني عليه ، إذ الضمان موقوف على بطلان حق المجنيّ عليه عن العين بسبب البيع ونفوذه ، والمفروض عدم لزوم البيع بمثابة يوجب سقوط حق المجني عليه عن العين ، فلا ضمان على البائع بمجرد البيع ، من جهة إتلاف حق المجني عليه.

(١) الظاهر أن الغرض من نقل عبارة القواعد الاستشهاد بها على قوله : «فلا يكون البيع موجبا لضمان البائع حق المجني عليه» لصراحة قول العلّامة قدس‌سره : «ولا يجبر السيد» في عدم استلزام صحة بيعه ورهنه استقرار حق المجني عليه على عهدة السيّد ، حتى لا يجوز لذي الحق انتزاع العبد من المرتهن أو من المشتري.

(٢) حاصله : أنه لو رهن السيد عبده الجاني ـ بعد جنايته الموجبة لصيرورته متعلق حق الغير ـ فإن فكّه المولى بأداء قيمة العبد إلى المجني عليه ، أو أداء الدية إليه ، فلا كلام في صحة الرهن. وإن لم يفكّه ـ ولم يكن نفس الرهن ضمانا للفداء ـ تسلّط المجنيّ عليه على انتزاع العبد الجاني من يد المرتهن لاستيفاء حقّه. فإن استوعبت الجناية قيمة العبد بطل الرهن ، إذ لم يبق منه شي‌ء للسيد ليرهنه. وإن لم تستوعبها بطل الرهن في ما يقابل الجناية ، كما لو كان قيمة العبد مائة دينار ، ودية الجناية خمسين ، فيبطل الرهن بالنسبة إلى نصف العبد ويصح في النصف الآخر.

ووجه بطلان الرهن ـ كلّا أو بعضا ـ تقدم حق الجناية على حق الرهانة.

(٣) حذف هنا لفظ «عليه» أو «على العبد» المتعلق ب «يتسلط» فكأنّ العبارة هكذا «يتسلط المجنيّ عليه عليه» أي : على العبد الجاني ، لكن حذف حذرا من تكرار كلمة «عليه». كذا وجّهه في جامع المقاصد ومفتاح الكرامة (١).

__________________

(١) جامع المقاصد ، ج ٥ ، ص ٥٩ ؛ مفتاح الكرامة ، ج ٥ ، ص ٩٢.

٥٧٣

فإن استوعب الجناية (١) القيمة بطل الرّهن ، وإلّا (٢) ففي المقابل» انتهى (١).

لكن (٣) ظاهر العلّامة في غير هذا المقام وغيره (٤) هو : أن البيع بنفسه التزام بالفداء. ولعلّ وجهه (٥) : أنّه يجب على المولى حيث تعلّق بالعبد ـ وهو

______________________________________________________

(١) كذا في النسخ الكتاب ، والموجود في نسخ القواعد «استوعب الأرش القيمة».

(٢) يعني : وإن لم يستوعب الأرش قيمة العبد بطل الرهن فيما يقابل الأرش ، وصحّ في ما لا يقابله.

(٣) غرض المصنف قدس‌سره بيان تضارب آراء العلّامة قدس‌سره في أن بيع العبد الجاني أو رهنه التزام بالفداء أم لا ، ففي رهن القواعد لم يجعلهما التزاما به ، ولكن في بيع القواعد تصريحه بالالتزام (٢) ، وتقدم في (ص ٥٦٨) نقل عبارة السيد العاملي قدس‌سره.

(٤) يعني : وغير العلّامة ، كشيخ الطائفة والشهيدين ، على ما نسب إليهم (٣).

(٥) أي : وجه كون نفس البيع التزاما بالفداء أنّه يجب ... الخ. وتوضيحه : أنّ التخيير بين تسليم الجاني إلى المجني عليه ، وبين دفع أقل الأمرين من القيمة أو خصوص الدية ـ على الخلاف ـ ثابت للمولى مع إمكان العدلين له ، كما هو الحال في الواجبات التخييرية ، وأمّا مع عدمه وتعذّر أحد العدلين يتعيّن الآخر لا محالة.

وفي المقام لمّا تعذّر تسليم العين إلى المجني عليه ـ لأنّ وجوب الوفاء بالبيع أوجب تعذر التسليم ، فإنّ المانع الشرعي كالعقلي ـ فيتعيّن الفداء.

فعلى هذا يتجه كلام العلّامة من أنّ البيع التزام بالفداء ، هذا.

ولا يخفى أن صاحب المقابس قدس‌سره وجّه ـ بمثل ما في المتن ـ عتق السيد قبل

__________________

(١) قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ١١٠ و ١١١.

(٢) المصدر ، ص ٢٣.

(٣) مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ٢٦٦ ، وهو ظاهر سكوت فخر المحققين والمحقق الثاني ، فلاحظ إيضاح الفوائد ، ج ١ ، ص ٤٢٨ ، وجامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٩٧.

٥٧٤

مال من أمواله ، وفي يده ـ حقّ (١) يتخيّر (٢) المولى في نقله عنه إلى ذمّته ، أن (٣) يوفّي حقّ المجني عليه ، إمّا من العين (٤) أو من ذمّته. فيجب عليه إمّا تخليص العبد من المشتري بفسخ أو غيره (٥) ، وإمّا أن يفديه من ماله. فإذا امتنع المشتري من ردّه ـ والمفروض عدم سلطنة البائع على أخذه قهرا ، للزوم (٦) الوفاء بالعقد ـ وجب (٧) عليه دفع الفداء.

ويرد عليه (٨):

______________________________________________________

الفداء وإلزامه به ، فقال : «وبوجه آخر : انّه لمّا كان مكلّفا بأحد الأمرين ـ الدفع والفداء ـ ولمّا أعتق لم يجز له إبطاله ، لوجوب الوفاء بكل عهد وعقد مطلقا ، فيتعذّر الدّفع ، كما لو أتلفه ، فتعيّن الآخر ، وهو المطلوب» (١).

(١) فاعل قوله : «تعلّق».

(٢) أي : يتخير المولى في نقل الحقّ عن رقبة العبد إلى ذمة نفسه ليبذل الفداء.

(٣) مؤوّل بالمصدر ، وهو فاعل قوله : «يجب» أي : على المولى أداء حق المجني عليه.

(٤) وهو العبد الجاني ، والمراد بما في ذمة المولى هو كلّي الفداء الذي التزم به.

(٥) من إقالة ، أو ابتياعه من المشتري ، أو اتهابه منه ، أو الصلح عليه.

(٦) تعليل لانتفاء سلطنة البائع على استرداد العبد ـ قهرا ـ من المشتري.

(٧) جواب الشرط في «فإذا امتنع» والمراد بهذا الوجوب هو التعييني ، من جهة تعذر عدله ـ وهو دفع العين إلى المجني عليه ـ كما عرفته آنفا.

(٨) أي : على الوجه المتقدم بقوله : «ولعلّ وجهه» وحاصل الرد : أنّه لا يجب على المولى أن يضمن فداء العبد الجاني قبل بيعه ، لأنّ اشتغال ذمة السيد بالفداء إمّا لاقتضاء جناية العبد وجوب الفداء عليه تعيينا ، وإما لكون بيعه إتلافا.

ولم يثبت شي‌ء منهما. أما الفداء فلم يجب على المولى تعيينا ، لكونه مخيّرا بينه

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ١٠١.

٥٧٥

أنّ فداء العبد غير لازم (*) قبل البيع ، وبيعه ليس إتلافا له (**) حتى يتعيّن عليه الفداء (١). ووجوب الوفاء (٢) بالبيع لا يقتضي إلّا (٣) رفع يده ، لا رفع يد الغير (٤).

بل هذا (٥) أولى بعدم وجوب الفكّ من الرّهن الذي تقدم في آخر مسألته

______________________________________________________

وبين تسليم العبد للمجني عليه. وأما الإتلاف فلا موضوع له في المقام ، لعدم كون إخراج العبد عن ملك السيد تضييعا لحقّ المجني عليه ، حتى تشتغل العهدة بقيمة العبد.

فإن قلت : إنّه يجب على المولى الوفاء بالبيع شرعا ويحرم عليه نقضه ، ومن المعلوم أن الممتنع شرعا كالممتنع عقلا ، فيكون نفس بيع العبد الجاني إتلافا له على المجني عليه. فإمّا أن يبطل البيع ليتمكن ذو الحق من استيفاء حقّه ، وإمّا أن يصحّ ، ويلزم تعهد السيد بالفداء. ولمّا كان بيعه صحيحا إجماعا تعيّن كونه التزاما بالفداء.

قلت : إن وجوب الوفاء لا يوجب تعذر استرقاق المجني عليه أو وليّه للجاني حتى يتعين لأجله وجوب الفداء على المولى ، وذلك لأنّ مقتضى وجوب الوفاء بالعقد هو حرمة رفع يده ، لا رفع يد الغير ، فللمجني عليه رفع اليد عن بيع المولى واسترقاق الجاني.

(١) كما تقدم توضيحه بقولنا : «وأما الإتلاف فلا موضوع له ... الخ».

(٢) هذا دفع دخل تقدّما بقولنا : «فإن قلت ... قلت».

(٣) كذا في النسخ ، والظاهر سقوط لفظ «الحرمة» قبل «رفع يده».

(٤) المراد به المجني عليه ، فإنّه غير مخاطب بوجوب الوفاء ببيع مولى الجاني حتى يحرم عليه رفع اليد.

(٥) أي : العبد الجاني ، وغرضه الترقي من عدم لزوم فداء العبد قبل البيع ، إلى

__________________

(١) لكن الوجوب التخييري كاف في المقصود.

(٢) هذا ينافي حكمهم بكون البيع بمنزلة التلف الحقيقي في كثير من الموارد كالمعاطاة.

٥٧٦

الخدشة في وجوب الفكّ على الراهن بعد بيعه (١) ، لتعلّق (٢) الدّين هناك بالذّمّة ، وتعلق الحق هنا بالعين ، فتأمّل (٣).

ثمّ (٤) إن المصرّح به في التذكرة ،

______________________________________________________

أنّ عدم وجوب فك رقبته أولى من عدم لزوم فك الرهن. وجه الأولوية كون متعلق الدين هو ذمة الراهن ، وكون متعلق حق الجناية رقبة الجاني ، ينتقل معه حيثما انتقل.

(١) حيث قال في (ص ٥٤٤) : «ويمكن أن يقال : إنّه إنما يلزم الوفاء بالبيع ... وأما دفع حقوق الغير وسلطنته فلا يجب».

(٢) فيجب الوفاء الذي يتحقق به افتكاك الرهن ، بخلاف المقام ، فإنّ الحقّ تعلق بنفس العين لا بذمة المولى حتى يجب عليه الوفاء ليتحقق به الافتكاك.

(٣) لعلّه إشارة إلى منع الأولوية ، حيث إنّ الدين وإن كان متعلقا بالذمة ، لكنّ حق الاستيفاء للدائن تعلّق بالعين ، فتكون العين المرهونة كالعبد الجاني أيضا متعلقة للحق.

أو إشارة إلى : كون البيع بمنزلة التلف موجبا لتعين الفداء على المولى.

أو إشارة إلى : سائر الوجوه المحتملة.

(٤) هذا من فروع المسألة ، وهو أنه لو أقدم المشتري على بذل الفداء إلى المجني عليه تخليصا للعبد من الاسترقاق والبيع ، فإن كان بإذن البائع استحق الرجوع عليه ، وإن لم يكن بإذن السيد فلا.

هذا لو لم يقصد التبرع ، فلو قصده فأولى بعدم الرجوع على البائع.

قال العلّامة قدس‌سره : «ولو اختار المشتري الفداء ، فله ، والبيع بحاله ، لقيامه مقام البائع في التخيير. وحكمه في الرجوع فيما فداه به على البائع حكم قضاء الدين عنه» (١).

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ، ج ١٠ ، ص ٤٤.

٥٧٧

والمحكيّ عن غيرها (١) : أنّ للمشتري فكّ العبد. وحكم رجوعه إلى البائع حكم قضاء الدين عنه (٢).

______________________________________________________

(١) قال المحقق الشوشتري قدس‌سره : «وقال في التحرير : يرجع به عليه مع الإذن خاصة ، وبه نصّ في المسالك» (١).

(٢) من التفصيل بين كون الأداء بإذن من عليه الحق ، فيرجع ، وبين عدم كونه بإذنه ـ سوا قصد التبرع ـ أم لا. قال العلّامة قدس‌سره : «ومن أدّى دين غيره من غير ضمان ولا إذن لم يرجع ، وإن أدّاه بإذنه بشرط الرجوع ، رجع» (٢).

هذا تمام الكلام في بيع العبد الجاني ، وبه تمّ الكلام في اشتراط العوضين بكونهما طلقا.

__________________

(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ١٠٢ ولاحظ : تحرير الأحكام ، ج ١ ، ص ١٦٥ (ج ٢ ، ص ٢٨١ ، الطبعة الحديثة) ؛ مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٧٢.

(٢) قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ١٥٩ ـ ١٦٠.

٥٧٨

مسألة الثالث (١) من شروط العوضين : القدرة على التسليم (٢).

______________________________________________________

القدرة على التسليم

(١) والشرطان الأوّلان هما المالية والملكية. وأما الطلقية فممّا يعتبر في الملك ، فهي شرط الشرط.

(٢) أي : كون تسليم العوضين مقدورا للمتبايعين حال العقد ـ عند الإطلاق وعدم تقييد القبض وتأخيره إلى مدة ـ كما يعتبر كونهما معلومين لهما كذلك ، فلو كان البائع قادرا على التسليم حين تحقق العقد وطرأ العجز عنه بعده ثبت الخيار للمشتري.

وعليه فتعذر التسليم المانع عن الصحة هو المتحقق حين حدوث العقد ، والموجب للخيار هو المتجدد بعده.

ثمّ إنّ عدّ القدرة على التسليم والتسلم من شرائط العوضين ـ مع أن القدرة عليهما كالعلم بهما من صفات المتعاقدين ـ لعلّه من جهة غلبة كون العجز لقصور في العين كالحمام الطائر من قفصه ولا يرجى عوده إليه ، والسمكة الواقعة في النهر بعد صيدها ، والعبد الآبق ، والجمل الشارد ، ونحوها.

فلو كان العجز لقصور في المتعاقدين ـ كما لو تعاوضا على عين معيّنة وهما في سجن لا يرجى إطلاقهما منه ـ لم يكن مانعا عن صحة البيع من هذه الحيثية.

٥٧٩

فإنّ الظاهر الإجماع على اشتراطها في الجملة (١) ، كما في جامع المقاصد (٢) ، وفي التذكرة : «أنّه إجماع» (٣). وفي المبسوط : «الإجماع على عدم جواز بيع السمك في الماء ، ولا الطير في الهواء» (٤).

وعن الغنية «أنه إنّما اعتبرنا في المعقود عليه أن يكون مقدورا عليه تحفّظا ممّا لا يمكن فيه (٥) ذلك (٦) ، كالسمك في الماء ، والطّير في الهواء ، فإنّ ما هذه

______________________________________________________

(١) أي : على وجه الإيجاب الجزئي ، فلا يرد عليه بخروج بيع العبد الآبق مع الضميمة الذي ادعي الاتفاق على جوازه مع عدم القدرة على تسليمه.

ثمّ إنّ دعوى الإجماع مبنية على عدم قدح خلاف الفاضل القطيفي المنكر لشرطية القدرة على التسليم والتسلم مع علم المشتري بالحال ورضاه بذلك.

(٢) يعني : أن المحقق الثاني قدس‌سره ادّعى الإجماع في الجملة على اشتراط القدرة على التسليم ، حيث قال : «فيمكن أن يقال : اشتراط القدرة على التسليم في الجملة ... للإجماع على اشتراط هذا الشرط» (١).

(٣) قال فيها : «وهو إجماع في صحة البيع» (٢).

(٤) كذا في المبسوط ، ولكن الظاهر أنّ البطلان لانتفاء الملك قبل الحيازة.

والأولى للاستشهاد ـ على اشتراط التمكن من التسليم ـ هو قوله قدس‌سره : «إذا باع طيرا في الهواء قبل اصطياده لم يجز ، لأنّه بيع ما لا يملكه ولا يقدر على تسليمه. وإن كان اصطاده وملكه ثمّ طار من يده لم يجز بيعه ، لأنه لا يقدر على تسليمه» (٣).

(٥) الضمير راجع إلى الموصول المراد به المعقود عليه.

(٦) أي : أن يكون مقدورا عليه ، والمقصود القدرة على تسليمه للمشتري.

__________________

(١) جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ١٠١.

(٢) تذكرة الفقهاء ، ج ١٠ ، ص ٤٨.

(٣) المبسوط ، ج ٢ ، ص ١٥٧.

٥٨٠