الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

«والدعاء عند كلّ فعلٍ» من الأفعال الواجبة والمستحبّة المتقدّمة ، بالمأثور.

«وبَدأة الرجل» في غسل اليدين «بالظَّهر ، وفي» الغَسلة «الثانية بالبطن ، عكس المرأة» فإنّ السُّنة لها البدأة بالبطن والختم بالظَّهر ، كذا ذكره الشيخ (١) وتبعه عليه المصنّف هنا وجماعة (٢).

والموجود في النصوص : بَدأة الرجل بظاهر (٣) الذراع والمرأة بباطنه (٤) من غير فرقٍ فيهما بين الغسلتين ، وعليه الأكثر (٥).

«ويتخيّر الخنثى*» بين البَدأة بالظَّهر والبطن على المشهور ، وبين الوظيفتين على المذكور.

«والشاكّ فيه **» أي في الوضوء «في أثنائه يستأنف» والمراد ب‍ «الشكّ فيه نفسه في الأثناء» الشكّ في نيّته؛ لأنّه إذا شكّ فيها فالأصل عدمها ومع ذلك لا يعتدّ بما وقع من الأفعال بدونها ، وبهذا صدق الشكّ في أثنائه.

____________________

١) اُنظر المبسوط ١ : ٢٠ ـ ٢١.

٢) كابن زهرة في الغنية : ٦١ ، وابن ادريس في السرائر ١ : ١٠١ ، والكيدري في الإصباح : ٣٠ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ٢٤ ، والعلّامة في قواعد الأحكام ١ : ٢٠٤.

٣) في (ش) و (ع) : بظهر.

٤) اُنظر الوسائل ١ : ٣٢٨ ، الباب ٤٠ من أبواب الوضوء.

٥) كالشيخ في النهاية : ١٣ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٢ ، والمحقّق في المعتبر ١ : ١٦٧ ، والعلّامة في المنتهى ١ : ٣٠٨ ، وظاهر المصنّف في الذكرى ٢ : ١٨٥.

*) في (ق) زيادة : فيه.

**) لم يرد «فيه» في (س).

٨١

وأمّا الشكّ في أنّه هل توضّأ أو هل شرع فيه أم لا؟ فلا يتصوّر تحقّقه في الأثناء. وقد ذكر المصنّف في مختصريه (١) الشكّ في النيّة في أثناء الوضوء وأ نّه يستأنف ، ولم يعبّر ب‍ «الشك في الوضوء» إلّاهنا.

«و» الشاكّ فيه بالمعنى المذكور «بعده» أي بعد الفراغ «لا يلتفت» كما لو شكّ في غيرها من الأفعال.

«و» الشاكّ «في البعض يأتي به» أي بذلك البعض المشكوك فيه إذا وقع الشكّ «على حاله» أي حال الوضوء بحيث لم يكن فرغ منه ، وإن كان قد تجاوز ذلك البعض «إلّامع الجَفاف» للأعضاء السابقة عليه «فيعيد» لفوات الموالاة.

«و» لو شكّ في بعضه «بعد انتقاله» عنه وفراغه منه «لا يلتفت» والحكم منصوصٌ (٢) متّفقٌ عليه.

«والشاكّ في الطهارة» مع تيقّن الحدث «محدثٌ» لأصالة عدم الطهارة «والشاكّ في الحدث» مع تيقّن الطهارة «متطهِّرٌ» أخذاً بالمتيقّن.

«و» الشاكّ «فيهما» أي في المتأخّر منهما مع تيقّن وقوعهما «محدثٌ» لتكافؤ الاحتمالين ، إن لم يَستفد من الاتّحاد والتعاقب حكماً آخر ، هذا هو الأقوى والمشهور. ولا فرق بين أن يَعلم حاله قبلهما بالطهارة ، أو بالحدث ، أو يَشكّ.

وربّما قيل : بأ نّه يأخذ ـ مع علمه بحاله ـ ضدَّ ما علمه (٣) لأنّه إن كان متطهِّراً

____________________

١) البيان : ٥٢ ، والدروس ١ : ٩٤.

٢) أي الحكم في المقامين ، المناهج السويّة : ١٦٧ وانظر الوسائل ١ : ٣٣٠ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ١ و ٢ و ٧.

٣) احتمله المحقّق في المعتبر ١ : ١٧١.

٨٢

فقد علم نقض تلك الحالة وشكّ في ارتفاع الناقض لجواز تعاقب الطهارتين ، وإن كان محدثاً فقد علم انتقاله عنه بالطهارة وشكّ في انتقاضها بالحدث؛ لجواز تعاقب الأحداث.

ويشكل : بأنّ المتيقّن حينئذٍ ارتفاع الحدث السابق ، أمّا اللاحق المتيقّن وقوعه فلا ، وجواز تعاقبه لمثله مكافئٌ (١) لتأخّره عن الطهارة ، ولا مرجّح. نعم (٢) لو كان المتحقّق طهارةً رافعةً وقلنا بأنّ المجدّد (٣) لا يرفع أو قطع بعدمه ، توجّه الحكم بالطهارة في الأوّل ، كما أنّه لو علم عدم تعاقب الحدثين بحسب عادته أو في هذه الصورة ، تحقّق الحكم بالحدث في الثاني ، إلّاأ نّه خارجٌ عن موضع النزاع ، بل ليس من حقيقة الشكّ في شيءٍ إلّابحسب ابتدائه.

وبهذا يظهر ضعف القول باستصحاب الحالة السابقة (٤) بل بطلانه.

(مسائل)

«مسائل يجب على المتخلّي ستر العورة» قُبُلاً ودُبراً عن ناظر محترم «وترك *» استقبال «القبلة» بمقاديم بدنه «ودَبْرها» كذلك ، في البناء وغيره.

«وغَسل البول بالماء» مرّتين كما مرّ (٥) «و» كذا يجب غسل «الغائط»

____________________

١) في (ر) : متكافئ.

٢) في غير (ر) بدل «نعم» : و.

٣) في (ع) و (ف) : المتجدّد.

٤) وهو قول العلّامة في المختلف ١ : ٣٠٨ ، والتذكرة ١ : ٢١١ ، والقواعد ١ : ٢٠٥.

*) في هامش (س) زيادة «استقبال» تصحيحاً.

٥) مرّ في الصفحة ٦٩.

٨٣

بالماء «مع التعدّي» للمخرَج ، بأن تجاوز حواشيه وإن لم يبلغ الألية.

«وإلّا» أي وإن لم يتعدّ الغائطُ المخرَجَ «فثلاثة أحجارٍ» طاهرةٍ جافّةٍ قالعةٍ للنجاسة «أبكارٍ» لم يُستنج بها بحيث تنجّست به «أو بعد طهارتها» إن لم تكن أبكاراً وتنجّست. ولو لم تتنجّس ـ كالمكمّلة للعدد بعد نقاء المحلّ ـ كفت من غير اعتبار الطُّهر «فصاعداً» عن الثلاثة إن لم يَنق المحلّ بها «أو شبهها» من ثلاث خِرَقٍ أو خزفاتٍ أو أعوادٍ ، ونحو ذلك من الأجسام القالعة للنجاسة غير المحترمة. ويعتبر العدد في ظاهر النصّ (١) وهو الذي يقتضيه إطلاق العبارة ، فلا يُجزي ذو الجهات الثلاث ، وقطع المصنّف في غير الكتاب (٢) بإ جزائه. ويمكن إدخاله على مذهبه في «شبهها».

واعلم أنّ الماء مجزٍ مطلقاً ، بل هو أفضل من الأحجار على تقدير إجزائها ، وليس في عبارته هنا ما يدلّ على إجزاء الماء في غير المتعدّي. نعم ، يمكن استفادته من قوله سابقاً : «الماء مطلقاً» ولعلّه اجتزأ به.

«ويستحبّ التباعد» عن الناس بحيث لا يُرى؛ تأسّياً بالنبيّ صلى الله عليه وآله فإنّه لم يُرَ قطُّ على بولٍ ولا غائط (٣).

«والجمعُ بين المطهِّرين» الماء والأحجار ، مقدِّماً للأحجار في المتعدّي وغيره مبالغةً في التنزيه ، ولإزالة العين والأثر على تقدير إجزاء الحجر. ويظهر

____________________

١) اُنظر الوسائل ١ : ٢٤٦ ، الباب ٣٠ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٣.

٢) البيان : ٤٣ ، والدروس ١ : ٨٩ ، والذكرى ١ : ١٧٠ ، وظاهر الألفيّة : ٤٨ ـ ٤٩.

٣) لم نقف عليه في المصادر الحديثيّة من العامّة والخاصّة ، ورواه في الوسائل عن الشهيد الثاني في شرح النفليّة ، اُنظر الوسائل ١ : ٢١٥ ، الباب ٤ من أحكام الخلوة ، الحديث ٣ ، والفوائد المليّة : ٣٧.

٨٤

من إطلاق «المطهِّر» استحبابُ عددٍ من الأحجار يطهِّر (١) ويمكن تأدّيه بدونه لحصول الغرض.

«وتركُ استقبال» جِرْم «النيّرين» ـ الشمس والقمر ـ بالفرج ، أمّا جهتهما فلا بأس «و» تركُ استقبال «الريح» واستدبارها بالبول والغائط لإطلاق الخبر (٢) ومن ثَمّ أطلق المصنّف ، وإن قيّد في غيره ب‍ «البول» (٣).

«وتغطيةُ الرأس» إن كان مكشوفاً؛ حذراً من وصول الرائحة الخبيثة إلى دِماغه ، وروي : التقنّع معها (٤).

«والدخول ب‍» الرجل «اليسرى» إن كان ببناءٍ ، وإلّا جعلها آخر ما يقدّمه. «والخروج ب‍» الرجل «اليمنى» كما وصفناه ، عكس المسجد.

«والدعاء في أحواله» التي ورد استحباب الدعاء فيها ـ وهي : عند الدخول ، وعند الفعل ، ورؤية الماء ، والاستنجاء ، وعند مسح بطنه إذا قام من موضعه ، وعند الخروج ـ بالمأثور (٥).

«والاعتماد على» الرجل «اليسرى» وفتح اليمنى.

«والاستبراء» وهو : طلب براءة المحلّ من البول بالاجتهاد ، الذي هو :

____________________

١) في (ر) : مطهِّر.

٢) في روض الجنان (١ : ٨٤) : «لا تستقبل الريح ولا تستدبرها» شاملة لهما ، راجع الوسائل ١ : ٢١٣ ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٦.

٣) كما في البيان : ٤٢ ، والنفليّة : ٩١ ، لكن أطلقه في الذكرى ١ : ١٦٤ ، والدروس ١ : ٨٩ ، كما هنا.

٤) اُنظر الوسائل ١ : ٢١٤ ، الباب ٣ من أبواب الطهارة ، الحديث ٢ و ٣.

٥) أورده في روض الجنان ١ : ٨٢.

٨٥

مسح ما بين المقعدة وأصل القضيب ثلاثاً ، ثمّ نَتْره (١) ثلاثاً ، ثمّ عصر الحشفة ثلاثاً.

«والتَّنَحْنُح ثلاثاً» حالة الاستبراء ، ونسبه المصنّف في الذكرى إلى سلّار (٢) لعدم وقوفه على مأخذه.

«والاستنجاء باليسار» لأنّها موضوعةٌ للأدنى ، كما أنّ اليمين للأعلى كالأكل والوضوء.

«ويكره باليمنى» مع الاختيار؛ لأنّه من الجَفاء «و» يكره البول «قائماً» حذراً من تخبيل الشيطان (٣) «ومطمِّحاً» به في الهواء للنهي عنه (٤) «وفي الماء» جارياً وراكداً؛ للتعليل في أخبار النهي : بأنّ للماء أهلاً فلا تُؤذِهم بذلك (٥).

«و» الحدثُ في «الشارع» وهو : الطريق المَسْلوك «والمشرَع» وهو : طريق الماء للواردة «والفِناء» بكسر الفاء ، وهو : ما امتدّ من جوانب الدار ، وهو حريمها خارج المملوك منها «والملعَن» وهو : مجمع الناس أو منزلهم أو قارعة الطريق أو أبواب الدور «و» تحت الشجرة «المثمرة» وهي : ما من شأنها أن تكون مثمرةً وإن لم تكن كذلك بالفعل ، ومحلّ الكراهة ما يمكن أن تبلغه الثمار عادةً وإن لم يكن تحتها «وفيء النُزّال» وهو : موضع الظلّ المعدّ لنزولهم ، أو ما هو أعمّ منه كالمحلّ الذي يرجعون إليه وينزلون به ، من

____________________

١) نتر الشيء : جذبه بشدّة.

٢) الذكرى ١ : ١٦٨ ، وانظر المراسم : ٣٢.

٣) اُنظر الوسائل ١ : ٢٤٩ ، الباب ٣٣ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٧.

٤) المصدر نفسه ، ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، الأحاديث ١ ، ٤ ، ٨.

٥) المستدرك ١ : ٢٧١ ، الباب ١٩ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٥.

٨٦

«فاء يفيء» إذا رجع «والجِحَرَة» بكسر الجيم وفتح الحاء والراء المهملتين ، جمع «جُحر» بالضم فالسكون ، وهي : بيوت الحشار.

«والسِّواكُ» حالته ، روي : أنّه يورث البَخَر (١).

«والكلامُ» إلّابذكر اللّٰه تعالى «والأكلُ والشربُ» لما فيه من المهانة ، وللخبر (٢).

«ويجوز حكاية الأذان» إذا سمعه (٣) على المشهور ، و «ذكر اللّٰه» لا يشمله أجمع؛ لخروج «الحيَّعلات» منه؛ ومن ثمّ حكاه المصنّف في الذكرى بقوله : وقيل (٤).

«وقراءة آية الكرسي» وكذا مطلق حمد اللّٰه وشكره وذكره؛ لأنّه حَسَنٌ على كلّ حال «وللضرورة» كالتكلّم لحاجةٍ يخاف فوتها لو أخّره إلى أن يفرغ.

ويستثنى أيضاً الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله عند سَماع ذكره ، و «الحَمْدلة» عند العُطاس منه ومن غيره ، وهو من الذكر. وربّما قيل باستحباب التَّسْميت (٥) منه أيضاً (٦). ولا يخفى وجوبُ ردّ السلام وإن كره السلام عليه. وفي كراهة ردّه مع

____________________

١) الوسائل ١ : ٢٣٧ ، الباب ٢١ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث الأوّل.

٢) قال قدس سره في روض الجنان : «لتضمّنه مهانة النفس ، ولفحوى ما روي عن الباقر عليه السلام أنّه وجد لقمة في القذر ...» اُنظر روض الجنان ١ : ٨٥ ، وراجع الوسائل ١ : ٢٥٤ ، الباب ٣٩ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث الأوّل.

٣) في (ر) وهامش (ع) زيادة : ولا سند له ظاهراً.

٤) الذكرى ١ : ١٦٦.

٥) سَمَّتَ للعاطس : دعا له بقوله : «رحمك اللّٰه» أو نحوه.

٦) القائل العلّامة في نهاية الإحكام ١ : ٨٤ ، والمنتهى ١ : ٢٤٩.

٨٧

تأديّ الواجب بردّ غيره وجهان.

واعلم أنّ المراد ب‍ «الجواز» في حكاية الأذان ـ وما في معناه ـ معناه الأعمّ؛ لأنّه مستحبٌّ لا يستوي طرفاه ، والمراد منه هنا الاستحباب؛ لأنّه عبادة لا تقع إلّاراجحة وإن وقعت مكروهة ، فكيف إذا انتفت الكراهة.

٨٨

«الفصل الثاني»

«في الغُسل»

«وموجبه» ستّةٌ : «الجَنابةُ» بفتح الجيم «والحيضُ والاستحاضةُ مع غَمس القُطنة» سواء سال عنها أم لا؛ لأنّه موجبٌ حينئذٍ في الجملة «والنفاسُ ومسُّ الميّت النجس» في حال كونه «آدميّاً».

فخرج الشهيد والمعصوم ومن تمّ غسله الصحيح وإن كان متقدّماً على الموت ، كمن قدّمه ليُقتل فقُتل بالسبب الذي اغتسل له. وخرج ب‍ «الآدمي» غيرهُ من الميتات الحيوانيّة ، فإنّها وإن كانت نجسةً إلّاأنّ مسّها لا يوجب غسلاً ، بل هي كغيرها من النجاسات في أصحّ القولين (١) وقيل : يجب غَسل ما مسّها وإن لم يكن برطوبة (٢).

«والموتُ» المعهود شرعاً ، وهو موت المسلم ومن بحكمه غير الشهيد.

____________________

١) وهو اختيار المحقّق الثاني أيضاً في جامع المقاصد ١ : ١٧٤ ، والمصنّف في الذكرى ١ : ١٣٣.

٢) قاله العلّامة في المنتهى ٢ : ٤٥٨ ، ونهاية الإحكام ١ : ١٧٣ ، والقواعد ١ : ٢٣٤.

٨٩

«وموجِب الجَنابة»

شيئان :

أحدهما : «الإنزال» للمني يَقَظَةً ونوماً «و» الثاني : «غيبوبة الحشفة» وما في حكمها ، كقدرها من مقطوعها «قُبُلاً أو دُبراً» من آدميٍّ وغيره ، حيّاً وميّتاً ، فاعلاً وقابلاً «أنزل» الماء «أو لا».

ومتى حصلت الجَنابة لمكلّفٍ بأحد الأمرين تعلّقت به الأحكام المذكورة :

«فيحرم عليه قراءة العزائم» الأربع وأبعاضها ، حتى البَسْمَلَة وبعضها إذا قصدها لأحدها.

«واللبثُ في المساجد» مطلقاً «والجواز في المسجدين» الأعظمين بمكّة والمدينة «ووضعُ شيءٍ فيها» أي في المساجد مطلقاً وإن لم يستلزم الوضعُ اللبثَ ، بل لو طرحه من خارج ، ويجوز الأخذ منها.

«ومسُّ خطّ المُصْحَف» وهو كلماته وحروفه المفردة وما قام مقامها ـ كالتشديد والهمزة ـ بجزءٍ من بدنه (١) تحلّه الحياة «أو اسمِ اللّٰه تعالى» مطلقاً «أو» اسمِ «النبيّ أو» أحد «الأئمّة عليهم السلام» المقصود بالكتابة ولو على درهم أو دينار في المشهور (٢).

«ويكره» له «الأكل والشرب حتّى يتمضمض ويستنشق» أو يتوضّأ ،

____________________

١) في (ف) زيادة : الذي.

٢) والقول الآخر هو جواز مسّ اسم اللّٰه تعالى ـ على كراهية ـ إذا كان منقوشاً على الدراهم والقلائد ، ذهب إليه ابن فهد في المقتصر : ٤٨.

٩٠

فإن أكل قبل ذلك خيف عليه البَرَص ، وروي : أنّه يورث الفقر (١) ويتعدّد بتعدّد الأكل والشرب مع التراخي عادةً لا مع الاتّصال.

«والنومُ إلّابعد الوضوء» وغايته هنا إيقاع النوم على الوجه الكامل (٢). وهو غير مبيح؛ إمّا لأنّ غايته الحدث ، أو لأنّ المبيح للجنب هو الغسل خاصّة.

«والخضابُ» بحِنّاءٍ وغيره. وكذا يكره له أن يجنب وهو مختضب.

«وقراءة ما زاد على سبع آيات» في جميع أوقات جنابته. وهل يصدق العدد بالآية المكرّرة سبعاً؟ وجهان.

«والجوازُ في المساجد» غير المسجدين ، بأن يكون للمسجد بابان فيدخل من أحدهما ويخرج من الآخر. وفي صدقه بالواحد من غير مكثٍ وجهٌ. نعم ، ليس له التردّد في جوانبه بحيث يخرج عن المجتاز.

«وواجبه : النيّة» وهي القصد إلى فعله متقرّباً ، وفي اعتبار الوجوب والاستباحة أو الرفع ما مرّ (٣) «مقارنةً» لجزءٍ من الرأس ومنه الرقبة إن كان مرتّباً ، ولجزءٍ من البدن إن كان مرتمساً بحيث يتبعه الباقي بغير مهلة.

«وغسلُ الرأس والرقبة» أوّلاً ، ولا ترتيب بينهما؛ لأنّهما فيه عضوٌ واحد ، ولا ترتيب في نفس أعضاء الغُسل بل بينهما ، كأعضاء مسح الوضوء ، بخلاف أعضاء غَسله فإنّه فيها وبينها.

«ثمّ» غَسل الجانب «الأيمن ثمّ الأيسر» كما وصفناه ، والعورة تابعة للجانبين. ويجب إدخال جزءٍ من حدود كلّ عضوٍ من باب المقدّمة كالوضوء.

____________________

١) الوسائل ١ : ٤٩٥ ـ ٤٩٦ ، الباب ٢٠ من أبواب الجنابة ، الحديث ٥ و ٦.

٢) في (ف) بدل «الكامل» : الأكمل.

٣) مرّ في الوضوء ، الصفحة ٧٦.

٩١

«وتخليلُ مانع وصول الماء» إلى البشرة ، بأن يُدخِل الماء خلاله إلى البشرة على وجه الغَسل.

«ويستحبّ الاستبراء» للمُنزِل ـ لا لمطلق الجنب ـ بالبول ليزيل أثر المنيّ الخارج ، ثمّ بالاجتهاد بما تقدّم من الاستبراء. وفي استحبابه به (١) للمرأة قولٌ ، فتستبرئ عَرْضاً ، أمّا بالبول فلا؛ لاختلاف المخرجين.

«والمضمضةُ والاستنشاقُ» كما مرّ (٢) «بعد غَسل اليدين ثلاثاً» من الزَندين ، وعليه المصنّف في الذكرى (٣) وقيل : من المرفقين (٤) واختاره في النفليّة (٥) وأطلق في غيرهما (٦) كما هنا ، وكلاهما مؤدٍّ للسنّة وإن كان الثاني أولى.

«والموالاةُ» بين الأعضاء بحيث كلّما فرغ من عضوٍ شرع في الآخر ، وفي غَسل نفس العضو؛ لما فيه من المسارعة إلى الخير والتحفّظ من طريان المفسِد. ولا تجب في المشهور إلّالعارض ، كضيق وقت العبادة المشروطة به ، وخوف فجأة الحدث للمستحاضة ، ونحوها. وقد تجب بالنذر؛ لأنّه راجح.

«ونَقضُ المرأة الضفائر» جمع «ضفيرة» وهي : العَقيصَة المجدولة من الشعر ، وخَصّ المرأة؛ لأنّها مورد النصّ (٧) وإلّا فالرجل كذلك؛ لأنّ الواجب غَسل

____________________

١) لم يرد «به» في (ع) و (ف).

٢) في الوضوء.

٣) الذكرى ٢ : ٢٣٨.

٤) قال في الذكرى : «وقال الجعفي : يغسلهما إلى المرفقين أو إلى نصفهما ...».

٥) النفليّة : ٩٦.

٦) البيان : ٥٥ ، والدروس ١ : ٩٦.

٧) اُنظر الوسائل ١ : ٥٢١ ـ ٥٢٢ ، الباب ٣٨ من أبواب الجنابة ، الأحاديث ١ ، ٢ ، ٥.

٩٢

البشرة دون الشعر ، وإنّما استُحبّ النقض للاستظهار والنصّ.

«وتثليثُ الغَسل» لكلّ عضوٍ من أعضاء البدن الثلاثة ، بأن يغسله ثلاث مرّات.

«وفعلُه» أي الغُسل بجميع سُنَنه الذي من جملته تثليثه «بصاعٍ» لا أزيد ، وقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال : «الوُضوء بمُدٍّ ، والغُسل بصاعٍ ، وسيأتي أقوامٌ بعدي يستقلّون ذلك ، فاُولئك على خلاف سنّتي ، والثابتُ على سنّتي معي في حَظيرة القُدس» (١).

«ولو وجد» المجنب بالإنزال «بَلَلاً» مشتبهاً «بعد الاستبراء» بالبول أو الاجتهاد مع تعذّره «لم يلتفت ، وبدونه» أي بدون الاستبراء بأحد الأمرين «يغتسل» ولو وجده بعد البول من دون الاستبراء بعده وجب الوضوء خاصّةً ، أمّا الاجتهاد بدون البول مع إمكانه فلا حكم له.

«والصلاةُ السابقة» على خروج البلل المذكور «صحيحةٌ» لارتفاع حكم السابق ، والخارجُ حدثٌ جديد وإن كان قد خرج عن محلّه (٢) إلى محلٍّ آخر. وفي حكمه ما لو أحسّ بخروجه فأمسك عليه فصلّى ثمّ أطلقه.

«ويسقط الترتيب» بين الأعضاء الثلاثة «بالارتماس» وهو غَسل البدن أجمع دفعةً واحدةً عرفيّةً ، وكذا ما أشبهه كالوقوف تحت المجرى والمطر الغزيرين؛ لأنّ البدن يصير به عضواً واحداً.

«ويعاد» غسل الجنابة «بالحدث» الأصغر «في أثنائه على

____________________

١) الوسائل ١ : ٣٣٩ ، الباب ٥٠ من أبواب الوضوء ، الحديث ٦.

٢) في (ف) : محلّ.

٩٣

الأقوى» عند المصنّف وجماعة (١) وقيل : لا أثر له مطلقاً (٢) وفي ثالث : يوجب الوضوء خاصّة (٣) وهو الأقرب ، وقد حقّقنا القول في ذلك برسالةٍ مفردة (٤).

أمّا غير غسل الجنابة من الأغسال فيكفي إتمامه مع الوضوء قطعاً. وربّما خرّج بعضهم (٥) بطلانه كالجنابة ، وهو ضعيف جدّاً.

«وأمّا الحَيض»

«فهو ما» أي الدم الذي «تراه المرأة بعد» إكمال «تسع» سنين هلاليّة «وقبل» إكمال «ستّين» سنة «إن كانت» المرأة «قُرَشيّة» وهي المنتسبة بالأب إلى النضر بن كنانة ، وهي أعمّ من الهاشميّة ، فمن عُلم انتسابها إلى قريش بالأب لزمها حكمُها ، وإلّا فالأصل عدم كونها منها «أو نَبَطيّة» منسوبة إلى «النَّبَط» وهم ـ على ما ذكره الجوهري (٦) ـ : قوم ينزلون البطائح بين

____________________

١) كالصدوقين والشيخ والكيدري وابن سعيد والعلّامة والفاضل المقداد ، اُنظر الفقيه ١ : ٨٨ ، ذيل الحديث ١٩١ ، والهداية : ٩٦ ، والمبسوط ١ : ٢٩ ـ ٣٠ ، والإصباح : ٣٣ ، والجامع : ٤٠ ، والقواعد ١ : ٢١٠ ، والتنقيح الرائع ١ : ٩٨.

٢) قاله القاضي في جواهر الفقه : ١٢ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ١١٩ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٢٧٦.

٣) اختاره السيّد ـ على ما حكاه عنه في المعتبر ـ والمحقّق وتلميذه الفاضل الآبي ، اُنظر المعتبر ١ : ١٩٦ ، وكشف الرموز ١ : ٧٣.

٤) اُنظر رسائل الشهيد الثاني ١ : ١٣٥ ـ ١٥٩.

٥) كالعلّامة في التحرير ١ : ٩٦ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٩٨.

٦) الصحاح ٣ : ١١٦٢ ، (نبط).

٩٤

العراقين ، والحكم فيها مشهور ، ومستنده غير معلوم ، واعترف المصنّف بعدم وقوفه فيها على نصّ (١) والأصل يقتضي كونها كغيرها.

«وإلّا» يكن كذلك «فالخمسون» سنة مطلقاً غاية إمكان حيضها.

«وأقلّه ثلاثة» أيام «متوالية» فلا يكفي كونها في جملة عشرةٍ على الأصحّ «وأكثره عشرة» أيّام ، فما زاد عنها ليس بحيضٍ إجماعاً.

«وهو أسودُ أو أحمرُ حارٌّ له دفعٌ» وقوّةٌ عند خروجه «غالباً» قيّد ب‍ «الغالب» ليندرج فيه ما أمكن كونه حيضاً ، فإنّه يحكم به وإن لم يكن كذلك ، كما نبّه عليه بقوله :

«ومتى أمكن كونه» أي الدم «حيضاً» بحسب حال المرأة بأن تكون بالغةً غير يائسة ، ومدّتِه بأن لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة ، ودوامِه كتوالي الثلاثة ، ووصفِه كالقويّ مع التمييز (٢) ومحلِّه كالجانب إن اعتبرناه ، ونحو ذلك «حُكم به».

وإنّما يعتبر الإمكان بعد استقراره فيما يتوقّف عليه ، كأيّام الاستظهار ، فإنّ الدم فيها يمكن كونه حيضاً ، إلّاأنّ الحكم به موقوف على عدم عبور العشرة ، ومثلُه القولُ في أوّل رؤيته مع انقطاعه قبل الثلاثة.

«ولو تجاوز» الدمُ «العشرةَ فذات العادة الحاصلة باستواء» الدم «مرّتين» أخذاً وانقطاعاً ، سواء كان في وقتٍ واحدٍ بأن رأت في أوّل شهرين سبعةً مثلاً ، أم في وقتين كأن رأت السبعة في أوّل شهرٍ وآخره ، فإنّ السبعة تصير عادةً وقتيّةً وعدديّةً في الأوّل ، وعدديّةً في الثاني ، فإذا تجاوز عشرة «تأخذها» أي العادة فتجعلها حيضاً.

____________________

١) اُنظر الذكرى ١ : ٢٢٩.

٢) في (ش) : التميّز.

٩٥

والفرق بين العادتين الاتّفاق على تحيُّض الاُولى برؤية الدم ، والخلاف في الثانية ، فقيل : إنّها فيه كالمضطربة لا تتحيّض إلّابعد ثلاثة (١) والأقوى أنّها كالاُولى.

ولو اعتادت وقتاً خاصّةً ـ بأن رأت في أوّل شهرٍ سبعةً وفي أوّل آخر ثمانيةً ـ فهي مضطربة العدد لا ترجع إليه عند التجاوز ، وإن أفاد الوقت تحيّضها برؤيته فيه بعد ذلك كالاُولى إن لم نُجز ذلك للمضطربة.

«وذات التمييز» وهي التي ترى الدم نوعين أو أنواعاً «تأخذه» بأن تجعل القويّ حيضاً والضعيف استحاضة «بشرط عدم تجاوز حدّيه» قلّةً وكثرةً ، وعدم قصور الضعيف وما يُضاف إليه من أيّام النقاء عن أقلّ الطهر.

وتعتبر القوّة بثلاثة : اللونِ ، فالأسود قويّ الأحمر ، وهو قويّ الأشقَر ، وهو قوي الأصفر ، وهو قويّ الأكدر. والرائحةِ ، فذو الرائحة الكريهة قويّ ما لا رائحة له ، وما له رائحةٌ أضعف. والقوامِ ، فالثخين قويّ الرقيق ، وذو الثلاث قويّ ذي الاثنين ، وهو قويّ ذي الواحد ، وهو قويّ العادم.

ولو استوى العدد وإن كان مختلفاً فلا تمييز.

وحكم الرجوع إلى التمييز ثابتٌ «في المبتدأة» بكسر الدال وفتحها ، وهي من لم يستقرّ لها عادةٌ؛ إمّا لابتدائها أو بعده مع اختلافه عدداً ووقتاً «والمضطرِبة» وهي من نسيت عادتها وقتاً ، أو عدداً ، أو معاً.

وربّما اُطلقت على ذلك وعلى من تكرّر لها الدم مع عدم استقرار العادة (٢)

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني : وهذا القول لعلم الهدى وأبي الصلاح وابني الجنيد وإدريس والفاضلين في المعتبر والتذكرة ، وجعله في القواعد أحوط. المناهج السويّة : ٢١٨.

٢) نسب في جامع المقاصد هذا الإطلاق إلى المحقّق في المعتبر ، اُنظر المعتبر ١ : ٢٠٩ ، وجامع المقاصد ١ : ٢٩٥.

٩٦

وتختصّ المبتدأة على هذا بمن رأته أول مرّة ، والأوّل أشهر.

وتظهر فائدة الاختلاف في رجوع ذات القسم الثاني من المبتدأة إلى عادة أهلها وعدمه.

«ومع فقده» أي فقد التمييز بأن اتّحد الدم المتجاوز لوناً وصفةً ، أو اختلف ولم تحصل شروطه «تأخذ المبتدأة عادةَ أهلها» وأقاربها من الطرفين أو أحدهما ، كالاُخت والعمّة والخالة وبناتهنّ.

«فإن اختلفن» في العادة وإن غلب بعضهنّ «فأقرانها» وهنّ من قاربها (١) في السنّ عادةً. واعتبر المصنّف في كتبه الثلاثة (٢) فيهنّ وفي الأهل اتّحاد البلد؛ لاختلاف الأمزجة باختلافه. واعتبر في الذكرى أيضاً الرجوع إلى الأكثر عند الاختلاف (٣) وهو أجود. وإنّما اعتبر في الأقران الفقدان دون الأهل؛ لإمكانه فيهنّ دونهنّ؛ إذ لا أقلّ من الاُمّ. لكن قد يتّفق الفقدان بموتهنّ وعدم العلم بعادتهنّ ، فلذا عبّر في غيره (٤) ب‍ «الفقدان» و «الاختلاف» فيهما.

«فإن فُقدن» الأقران «أو اختلفن فكالمضطربة في» الرجوع إلى الروايات ، وهي «أخذ عشرة» أيّام «من كلّ * شهرٍ وثلاثة من آخر (٥)» مخيّرةً في الابتداء بما شاءت منهما «أو سبعة سبعة» من كلّ شهر أو ستّة ستّة

____________________

١) في (ر) : قارنها.

٢) الذكرى ١ : ٢٤٧ ، والبيان : ٥٨ ، والدروس ١ : ٩٨.

٣) الذكرى ١ : ٢٤٧.

٤) في غير هذا الكتاب.

*) لم يرد «كلّ» في (س).

٥) الوسائل ٢ : ٥٤٧ و ٥٤٩ ، الباب ٨ من أبواب الحيض ، الأحاديث ٢ و ٤ و ٥ و ٦.

٩٧

مخيّرةً في ذلك (١) وإن كان الأفضل لها اختيار ما يوافق مزاجها منها ، فتأخذ ذات المزاج الحارّ السبعة ، والبارد الستّة ، والمتوسّط الثلاثة والعشرة ، وتتخيّر في وضع ما اختارته حيث شاءت من أيّام الدم ، وإن كان الأولى الأوّل. ولا اعتراض للزوج في ذلك. هذا في الشهر الأوّل ، أمّا ما بعده فتأخذ ما يوافقه وقتاً.

وهذا إذا نسيت المضطربة الوقت والعدد معاً. أمّا لو نسيت أحدهما خاصّةً ، فإن كان الوقت أخذت العدد كالروايات ، أو العدد جعلت ما تيقّن من الوقت حيضاً أوّلاً أو آخراً أو ما بينهما ، وأكملته بإحدى الروايات على وجهٍ يطابق. فإن ذكرت أوّله أكملته ثلاثة متيقّنةً وأكملته بعددٍ مرويّ. أو آخره تحيّضت بيومين قبله متيقّنة وقبلهما تمام الرواية. أو وسطه المحفوف بمتساويين وأ نّه يومٌ حفّته بيومين واختارت رواية السبعة لتطابق الوسط ، أو يومان حفّتهما بمثلهما فتيقّنت أربعة واختارت رواية الستّة فتجعل قبل المتيقّن يوماً وبعده يوماً. أو الوسطَ بمعنى الأثناء مطلقاً حفّته بيومين متيقّنة وأكملته بإحدى (٢) الروايات متقدّمةً أو متأخّرةً أو بالتفريق. ولا فرق هنا بين تيقّن يومٍ وأزيد (٣) ولو ذكرت عدداً في الجملة فهو المتيقّن خاصّةً وأكملته بإحدى الروايات قبله أو بعده أو بالتفريق. ولا احتياط لها بالجمع بين التكليفات عندنا وإن جاز فعله.

«ويحرم عليها» أي : على الحائض مطلقاً «الصلاةُ» واجبةً ومندوبةً «والصومُ ، وتقضيه» دونها ، والفارق النصّ (٤) لا مشقّتها بتكرّرها ولا غير ذلك.

____________________

١) الوسائل ٢ : ٥٤٧ ، الباب ٨ من أبواب الحيض ، الحديث ٣.

٢) في (ع) و (ش) : وأكملت إحدى ، وفي (ف) : وأكملته إحدى.

٣) في (ف) : أو أزيد.

٤) الوسائل ٢ : ٥٨٨ ، الباب ٤١ من أبواب الحيض.

٩٨

«والطوافُ» الواجب والمندوب وإن لم يُشترط فيه الطهارة؛ لتحريم دخول المسجد مطلقاً عليها.

«ومسُّ» كتابة «القرآن» وفي معناه : اسم اللّٰه تعالى وأسماء الأنبياء والأ ئمّة عليهم السلام ، كما تقدّم (١).

«ويكره حمله» ولو بالعِلاقة (٢) «ولمسُ هامشه» وبين سطوره «كالجنب».

«ويحرم» عليها «اللبثُ في المساجد» غير الحرمين ، وفيهما يحرم الدخول مطلقاً كما مرّ (٣) وكذا يحرم عليها وضع شيءٍ فيها كالجنب «وقراءة العزائم» وأبعاضها «وطلاقها» مع حضور الزوج أو حكمه (٤) ودخوله بها وكونها حائلاً ، وإلّا صحّ. وإنّما أطلق لتحريمه في الجملة ، ومحلّ التفصيل باب الطلاق وإن اعتيد هنا إجمالاً.

«ووطؤها قبلاً عالماً عامداً ، فتجب الكفّارة» لو فعل «احتياطاً» لا وجوباً على الأقوى. ولا كفّارة عليها مطلقاً ، والكفّارة «بدينار» أي مثقال ذهبٍ خالصٍ مضروب «في الثُّلث الأوّل ، ثمّ نصفه في الثُّلث الثاني ، ثمّ ربعه في الثُّلث الأخير» ويختلف ذلك باختلاف العادة وما في حكمها من التمييز والروايات ، فالأوّلان أوّلٌ لذات الستّة ، والوسطان وسطٌ ، والأخيران آخر ، وهكذا. ومصرفها مستحقّ الكفارة ، ولا يعتبر فيه التعدّد.

____________________

١) في أحكام الجنب.

٢) العِلاقة ، بالكسر : ما تُعلَّق به القِدْر ونحوها ، ويقال : عِلاقةُ السيف والقوس والسوط.

٣) في أحكام الجنب.

٤) كالغائب الذي يمكنه استعلام حالها.

٩٩

«ويكره» لها «قراءة باقي القرآن» غير العزائم من غير استثناءٍ للسبع. «و» كذا يكره له «الاستمتاع بغير القُبُل» مما بين السُرّة والرُكبة. ويكره لها إعانته عليه إلّاأن يطلبه فتنتفي الكراهة عنها؛ لوجوب الإ جابة. ويظهر من العبارة كراهة الاستمتاع بغير القُبُل مطلقاً ، والمعروف ما ذكرناه.

«ويستحبّ» لها «الجلوس في مصلّاها» إن كان لها محلٌّ معدٌّ لها ، وإلّا فحيث شاءت «بعد الوضوء» المنويّ به التقرّب دون الاستباحة «وتذكر اللّٰهَ تعالى بقدْر الصلاة» لبقاء التمرين على العبادة ، فإنّ الخير عادة (١).

«ويكره لها الخضاب» بالحِنّاء وغيره كالجنب.

«وتترك ذاتُ العادة» المستقرّة وقتاً وعدداً أو وقتاً خاصّةً العبادة * المشروطة بالطهارة «برؤية الدم» أمّا ذات العادة العدديّة خاصّةً فهي كالمضطربة في ذلك كما سلف (٢) «وغيرُها» من المبتدأة والمضطربة «بعد ثلاثة» (٣) احتياطاً. والأقوى جواز تركهما برؤيته أيضاً خصوصاً إذا ظنّتاه حيضاً ، وهو اختياره في الذكرى (٤) واقتصر في الكتابين على الجواز مع ظنّه خاصّة (٥).

____________________

١) كما ورد في الحديث ، اُنظر البحار ٧٧ : ٢١٥.

*) كلمة «العبادة» على ما في هامش (س) من متن اللمعة.

٢) في الصفحة ٩٦.

٣) في (ر) وهامش (س) زيادة : أيّام.

٤) الذكرى ١ : ٢٣٧.

٥) إنّما اقتصر في الكتابين على الجواز مع ظنّ الحيض في المضطربة خاصّة ، اُنظر الدروس ١ : ٩٧ ، والبيان : ٦٤.

١٠٠