الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

الحولين ، وقيّده في البيان ب‍ «ابن المسلم» وإنّما تركه هنا لعدم النصّ ، مع أنّه في الشهرة كغيره ممّا سبق.

واعلم أنّ أكثر مستند هذه المقدرات ضعيفٌ ، لكن العمل به مشهور ، بل لا قائل بغيره على تقدير القول بالنجاسة ، فإنّ اللازم من اطّراحه كونه ممّا لا نصّ فيه.

«ويجب التراوحُ بأربعة» رجالٍ (١) كلّ اثنين منها يُريحان الآخرين «يوماً» كاملاً من أوّل النهار إلى الليل ، سواء في ذلك الطويل والقصير «عند» تعذّر نزح الجميع بسبب «الغزارة» المانعة من نزحه «ووجوب نزح الجميع» لأحد الأسباب المتقدّمة. ولا بدّ من إدخال جزءٍ من الليل متقدّماً ومتأخّراً من باب المقدّمة وتهيئة الأسباب قبل ذلك.

ولا يجزئ مقدار اليوم من الليل والملفّق منهما. ويجزئ ما زاد عن الأربعة دون ما نقص وإن نهض بعملها. ويجوز لهم الصلاة جماعةً لا جميعاً بدونها ، ولا الأكل كذلك.

ونبّه بإلحاق «التاء» ل‍ «الأربعة» على عدم إجزاء غير الذكور ، ولكن لم يدلّ على اعتبار الرجال. وقد صرّح المصنّف في غير الكتاب (٢) باعتباره ، وهو حسن ، عملاً بمفهوم «القوم» في النصّ (٣) خلافاً للمحقّق حيث اجتزأ بالنساء والصبيان (٤).

____________________

١) في (س) كلمة «رجال» جاءت في المتن ، وزيدت في هامش (ق) نسخة.

٢) اُنظر البيان : ٩٩ ، والدروس ١ : ١٢٠ ، والذكرى ١ : ٩٠.

٣) الوسائل ١ : ١٤٣ ، الباب ٢٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث الأوّل.

٤) المعتبر ١ : ٧٧.

٦١

«ولو تغيّر» ماء البئر بوقوع نجاسةٍ لها مقدّرٌ «جمع بين المقدّر وزوال التغيّر» بمعنى وجوب أكثر الأمرين ، جمعاً بين المنصوص (١) وزوال التغيّر المعتبر في طهارة ما لا ينفعل كثيره ، فهنا أولى.

ولو لم يكن لها مقدّر ففي الاكتفاء بمزيل التغيّر ، أو وجوب نزح الجميع والتراوح مع تعذّره ، قولان ، أجودهما الثاني (٢) ولو أوجبنا فيه ثلاثين أو أربعين اعتبر أكثر الأمرين أيضاً.

«مسائل»

الاُولى :

الماء «المضاف ما» أي الشيء الذي «لا يصدق عليه اسم الماء بإطلاقه» مع صدقه عليه مع القيد ، كالمعتصَر من الأجسام ، والممتزج بها مزجاً يسلبه الإطلاق ـ كالأمراق ـ دون الممتزج على وجهٍ لا يسلبه الاسم وإن تغيّر لونه كالممتزج بالتراب ، أو طعمه كالممتزج بالملح ، وإن اُضيف إليهما.

«وهو» أي الماء المضاف «طاهرٌ» في ذاته بحسب الأصل «غير مطهِّرٍ» لغيره «مطلقاً» من حدثٍ ولا خبث اختياراً واضطراراً «على»

____________________

١) في (ع) : النصوص.

٢) اختاره ابن إدريس في السرائر ١ : ٧١ ، وأمّا القول الأوّل فلم نقف على قائله في خصوص ما لم يكن له مقدّر ، نعم قال المفيد وجماعة بكفاية مزيل التغيّر في مطلق تغيّر ماء البئر ، اُنظر روض الجنان ١ : ٣٨٣.

٦٢

القول «الأصحّ (١)».

ومقابله : قول الصدوق بجواز الوضوء وغسل الجنابة بماء الورد (٢) استناداً إلى روايةٍ مردودة (٣) وقول المرتضى برفعه مطلقاً الخبث (٤).

«وينجس» المضاف وإن كثر «بالاتّصال بالنجس» إجماعاً «وطُهرُه إذا صار» ماءً «مطلقاً» مع اتّصاله بالكثير المطلق لا مطلقاً «على» القول «الأصحّ» (٥).

ومقابله : طُهره بأغلبيّة الكثير المطلق عليه وزوال أوصافه (٦) وطهره بمطلق الاتّصال به وإن بقي الاسم (٧).

ويدفعهما ـ مع أصالة بقاء النجاسة ـ : أنّ المطهِّر لغير الماء شرطه وصول الماء إلى كلّ جزءٍ من النجس ، وما دام مضافاً لا يتصوّر وصول الماء إلى جميع أجزائه النجسة ، وإلّا لما بقي كذلك. وسيأتي له تحقيق آخر في

____________________

١) لم ترد «على الأصحّ» في (ق).

٢) الفقيه ١ : ٦ ، ذيل الحديث ٣ ، والهداية : ٦٥.

٣) وهو ما رواه محمّد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن عليه السلام ، قال الشيخ في التهذيب : «فهذا الخبر شاذّ شديد الشذوذ وإن تكرّر في الكتب والاُصول فإنّما أصله يونس عن أبي الحسن عليه السلام ولم يروه غيره وقد أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره ...» اُنظر التهذيب ١ : ٢١٨ ـ ٢١٩ ، الحديث ٦٢٧ ، والوسائل ١ : ١٤٨ ، الباب ٣ من أبواب الماء المضاف ، الحديث الأوّل.

٤) الناصريّات : ١٠٥ ، المسألة ٢٢.

٥) اختاره المحقّق في الشرائع ١ : ١٥.

٦) اختاره الشيخ في المبسوط ١ : ٥.

٧) نسبه في الذكرى (١ : ٧٤) إلى العلّامة.

٦٣

باب الأطعمة.

«والسؤر» وهو : الماء القليل الذي باشره جسم حيوانٍ «تابعٌ للحيوان» الذي باشره في الطهارة والنجاسة والكراهة.

«ويكره سؤر الجلّال» وهو : المغتذي بعذرة الإنسان محضاً إلى أن ينبت عليها لحمه واشتدّ عظمه ، أو سمّي في العرف جلّالاً ، قبل أن يُستبرأ بما يزيل الجَلَل «وآكل الجِيَف مع الخلوّ» أي خلوّ موضع الملاقاة للماء «عن النجاسة» «و» سؤر «الحائض المتّهمة» بعدم التنزّه عن النجاسة. وألحق بها المصنّف في البيان كل متّهمٍ بها (١) وهو حسنٌ «و» سؤر «البغل والحمار» وهما داخلان في [تبعيّة الحيوان] (٢) في الكراهة ، وإنّما خصّهما لتأكّد الكراهة فيهما «و» سؤر «الفأرة والحيّة» وكلّ ما لا يؤكل لحمه إلّاالهرّ (٣) «وولد الزنا» قبل بلوغه ، أو بعده مع إظهاره للإسلام.

«الثانية» :

«يستحبّ التباعد بين البئر والبالوعة» التي يرمى فيها ماء النزح «بخمس أذرعٍ في» الأرض «الصُّلْبة» بضمّ الصاد وسكون اللام «أو تحتيّة» قرار «البالوعة» عن قرار البئر «وإلّا» يكن كذلك ، بأن كانت الأرض رَخْوةً والبالوعة مساويةً للبئر قراراً أو مرتفعةً عنه «فبسبع» أذرع.

____________________

١) البيان : ١٠١.

٢) في المخطوطات : تبعيّته للحيوان.

٣) في (ف) : الهرّة.

٦٤

فصور المسألة على هذا التقدير ستٌّ ، يستحبّ التباعد في أربع منها بخمس ، وهي : الصُّلبة مطلقاً والرَّخوة مع تحتيّة البالوعة ، وبسبع في صورتين ، وهما : مساواتهما وارتفاع البالوعة في الأرض الرَّخوة.

وفي حكم الفوقيّة المحسوسة الفوقيّة بالجهة ، بأن يكون البئر في جهة الشمال ، فيكفي الخمس مع رخاوة الأرض وإن استوى القراران؛ لما ورد : من «أنّ مجاري العيون من (١) مهبّ الشمال» (٢).

«ولا تنجس» البئر «بها» أي بالبالوعة «وإن تقاربتا ، إلّامع العلم بالاتّصال» أي اتّصال ما بها من النجس بماء البئر؛ لأصالة الطهارة وعدم الاتّصال.

«الثالثة» :

«النجاسة» أي جنسها «عشرة» :

«البول والغائط من غير المأكول» لحمه بالأصل أو العارض «ذي النفس» أي الدم القويّ الذي يخرج من العِرق عند قطعه.

«والدم والمنيّ من ذي النفس» آدميّاً كان أم غيره ، برّيّاً أم بحريّاً «وإن اُكل» لحمه.

«والميتة منه» أي من ذي النفس وإن اُكل.

«والكلب والخنزير» البرّيان ، وأجزاؤهما وإن لم تحلّها الحياة ، وما تولّد

____________________

١) في (ر) ونسخة بدل الوسائل بدل «من» : مع.

٢) الوسائل ١ : ١٤٥ ، الباب ٢٤ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٦.

٦٥

منهما وإن باينهما في الاسم. أمّا المتولّد من أحدهما وطاهرٍ فإنّه يتبع في الحكم الاسم ولو لغيرهما ، فإن انتفى المماثل فالأقوى طهارته وإن حرم لحمه؛ للأصل فيهما.

«والكافر» أصليّاً ومرتدّاً وإن انتحل الإسلام مع جَحده لبعض ضروريّاته. وضابطه : من أنكر الإلهيّة أو الرسالة أو بعض ما علم ثبوته من الدين ضرورةً.

«والمسكر» المائع بالأصالة.

«والفُقّاع» بضمّ الفاء ، والأصل فيه : أن يتّخذ من ماء الشعير ، لكن لمّا ورد الحكم فيه معلّقاً على التسمية ثبت لما اُطلق عليه اسمه مع حصول خاصيّته أو اشتباه حاله.

ولم يذكر المصنّف هنا من النجاسات العصير العنبي إذا غلا واشتدّ ولم يذهب ثلثاه؛ لعدم وقوفه على دليلٍ يقتضي نجاسته ، كما اعترف به في الذكرى والبيان (١) لكن سيأتي أنّ ذهاب ثلثيه مطهِّرٌ ، وهو يدلّ على حكمه بتنجّسه (٢) فلا عذر في تركه. وكونه في حكم المسكر ـ كما ذكره في بعض كتبه (٣) ـ لا يقتضي دخوله فيه حيث يُطلَق ، وإن دخل في حكمه حيث يُذكَر.

وهذه النجاسات العشر «يجب إزالتها» لأجل الصلاة «عن الثوب والبدن» ومسجِد الجبهة ، وعن الأواني لاستعمالها فيما يتوقّف على طهارتها ،

____________________

١) الذكرى ١ : ١١٥ ، والبيان : ٩١.

٢) في المخطوطات : بتنجيسه.

٣) وهو الذكرى ١ : ١١٥ ، وظاهر الألفيّة : ٤٨.

٦٦

وعن المساجد والضرائح المقدّسة والمصاحف المشرّفة.

«وعفي» في الثوب والبدن «عن دم الجروح والقروح مع السيلان» دائماً أو في وقتٍ لا يسع زمن فواته (١) الصلاة. أمّا لو انقطع وقتاً يسعها فقد استقرب المصنّف رحمه الله في الذكرى وجوب الإزالة لانتفاء الضرر (٢) والذي يستفاد من الأخبار (٣) عدم الوجوب مطلقاً حتى يَبرأ. وهو قويّ.

«وعن دون الدرهم» البَغلي (٤) سعةً ، وقدّر ب‍ «سعة أخمُص الراحة» (٥) وب‍ «عقد الإ بهام العُليا» (٦) ، وب‍ «عقد السبّابة» (٧) ولا منافاة؛ لأنّ مثل هذا الاختلاف يتّفق في الدراهم بضربٍ واحد.

وإنّما يُغتفر هذا المقدار «من» الدم «غير» الدماء «الثلاثة» وألحق

____________________

١) يعني انقطاعه.

٢) الذكرى ١ : ١٣٧ ، وفيه بدل «الضرر» : الضرورة.

٣) منها رواية أبي بصير ، وقد استدلّ قدس سره بها في روض الجنان ١ : ٤٤٣ ، وراجع الوسائل ٢ : ١٠٢٨ ، الباب ٢٢ من أبواب النجاسات ، الحديث الأوّل.

٤) قال قدس سره في روض الجنان : «البغلي بإسكان الغين وتخفيف اللام منسوب إلى رأس البغل ، ضربه للثاني في ولايته بسكةٍ كسرويّة فاشتهر به ، وقيل بفتحها وتشديد اللام منسوب إلى قرية بالجامعين كان يوجد بها دراهم تقرب سعتها من أخمص الراحة ...» اُنظر روض الجنان ١ : ٤٤٣.

٥) قدّره بذلك ابن ادريس في السرائر ١ : ١٧٧ ، وأخمص الراحة هو المنخفض منها الذي لا يصل إلى الأرض إذا وضعت عليها.

٦) قدّره بذلك ابن الجنيد ، اُنظر المعتبر ١ : ٤٣٠.

٧) لم نعثر على من قدّره به.

٦٧

بها بعضُ الأصحاب (١) دمَ نجس العين؛ لتضاعف النجاسة. ولا نصّ فيه ، وقضيّة الأصل تقتضي دخوله في العموم.

والعفو عن هذا المقدار مع اجتماعه موضع وفاقٍ ، ومع تفرّقه أقوال (٢) أجودها : إلحاقه بالمجتمع.

ويكفي في الزائد عن المعفوّ عنه إزالة الزائد خاصّةً. والثوب والبدن يُضمّ بعضهما إلى بعض على أصحّ القولين (٣).

ولو أصاب الدم وجهي الثوب فإن تفشّى من جانبٍ إلى آخر فواحدٌ ، وإلّا فإثنان. واعتبر المصنّف في الذكرى في الوحدة مع التفشّي رقّة الثوب ، وإلّا تعدّد (٤).

ولو أصابه مائعٌ طاهر ، ففي بقاء العفو وعدمه قولان للمصنّف في الذكرى (٥) والبيان (٦) أجودهما الأوّل. نعم ، يعتبر التقدير بهما.

____________________

١) كالعلّامة في القواعد ١ : ١٩٣ ، والمصنّف في البيان : ٩٥ ، والدروس ١ : ١٢٦ ، والصيمري في كشف الالتباس ١ : ٤٥٣.

٢) قيل : هو عفو ، كما في المبسوط ١ : ٣٦ ، والسرائر ١ : ١٧٨ ، والشرائع ١ : ٥٣. وقيل : تجب إزالته ، كما في الوسيلة : ٧٧ ، والقواعد ١ : ١٩٣ ، والبيان : ٩٥ ، والتنقيح الرائع ١ : ١٤٩ ، وجامع المقاصد ١ : ١٧٢. وقيل : لا تجب إزالته إلّاأن يتفاحش ويكثر ، كما في النهاية : ٥١ ـ ٥٢ ، والمعتبر ١ : ٤٣٠ ـ ٤٣١.

٣) قال به المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١٧٢ ، والقول الآخر وهو عدم الانضمام لابن فهد الحلّي في المهذّب البارع ١ : ٢٤٢ ، والصيمري في غاية المرام ١ : ١٠٤.

٤) و (٥) الذكرى ١ : ١٣٨.

٥)

٦) البيان : ٩٥.

٦٨

وبقي ممّا يعفى عن نجاسته شيئان : أحدهما : ثوب المربّية للولد ، والثاني : ما لا يَتمّ صلاة الرجل فيه وحده لكونه لا يستر عورتيه. وسيأتي حكم الأوّل في لباس المصلّي (١) وأمّا الثاني فلم يذكره؛ لأنّه لا يتعلّق ببدن المصلّي ولا ثوبه الذي هو شرط في الصلاة ، مع مراعاة الاختصار.

«ويغسل الثوب مرّتين بينهما عصرٌ» وهو : كَبْس الثوب بالمعتاد لإخراج الماء المغسول به. وكذا يعتبر العصر بعدهما ، ولا وجه لتركه.

والتثنية منصوصةٌ في البول (٢) وحَمَل المصنّف (٣) غيره عليه من باب مفهوم الموافقة؛ لأنّ غيره أشدّ نجاسةً.

وهو ممنوع ، بل هي إمّا مساوية أو أضعف حكماً ، ومن ثَمّ عفي عن قليل الدم دونه ، فالاكتفاء بالمرّة في غير البول أقوى ، عملاً بإطلاق الأمر ، وهو اختيار المصنّف في البيان جزماً ، وفي الذكرى والدروس (٤) بضربٍ من التردّد.

ويُستثنى من ذلك بولُ الرضيع فلا يجب عصره ولا تعدّد غَسله.

وهما ثابتان في غيره «إلّافي الكثير والجاري» ـ بناءً على عدم اعتبار كثرته ـ فيسقطان فيهما ، ويُكتفى بمجرّد وضعه فيهما مع إصابة الماء لمحلّ النجاسة وزوال عينها.

«ويُصبّ على البدن مرّتين في غيرهما» بناءً على اعتبار التعدّد مطلقاً ،

____________________

١) يأتي في الصفحة ١٦٦.

٢) وهي عدّة أخبار ، اُنظر الوسائل ٢ : ١٠٠١ ، الباب الأوّل والثاني من أبواب النجاسات.

٣) هنا وفي الألفيّة : ٤٩.

٤) البيان : ٩٣ ، الذكرى ١ : ١٢٤ ، الدروس ١ : ١٢٥.

٦٩

وكذا ما أشبه البدن ممّا تنفصل الغسالة عنه بسهولة ، كالحجر والخشب.

«وكذا الإناء» ويزيد أنّه يكفي صبّ الماء فيه بحيث يصيب النجس وإفراغه منه ولو بآلةٍ لا تعود إليه ثانياً إلّاطاهرة ، سواء في ذلك المثبت وغيره وما يَشُقّ قلعه وغيره.

«فإن وَلَغ فيه» أي في الإناء «كلبٌ» بأن شرب ممّا فيه بلسانه «قُدّم عليهما» أي على الغسلتين بالماء «مسحه * بالتراب» الطاهر دون غيره ممّا أشبهه ، وإن تعذّر أو خيف فساد المحلّ. واُلحق بالوُلوغ لطعه الإناء ، دون مباشرته له بسائر أعضائه.

ولو تكرّر الوُلوغ تداخل كغيره من النجاسات المجتمعة ، وفي الأثناء يُستأنف. ولو غسله في الكثير كفت المرّة بعد التعفير.

«ويستحبّ السبع» بالماء في الوُلوغ ، خروجاً من خلاف من أوجبها (١) وكذا يستحبّ السبع «في الفأرة والخنزير» للأمر بها في بعض الأخبار (٢) التي لم تنهض حجّةً على الوجوب. ومقتضى إطلاق العبارة الاجتزاء فيهما بالمرّتين كغيرهما.

والأقوى في وُلوغ الخنزير وجوب السبع بالماء؛ لصحّة روايته (٣) وعليه

____________________

*) في (ق) و (س) : مسحة.

١) وهو ابن الجنيد على ما حكاه عنه في المسالك ١ : ١٣٤ ، وروض الجنان ١ : ٤٦٢.

٢) راجع الوسائل ٢ : ١٠١٧ و ١٠٧٦ ، الباب ١٣ و ٥٣ من أبواب النجاسات ، الحديث الأوّل من البابين.

٣) وهي صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام على ما في روض الجنان ١ : ٤٦٣ ، وقد تقدّمت الإشارة إليها في التخريج السابق.

٧٠

المصنّف في باقي كتبه (١).

«و» يستحبّ «الثلاث في الباقي» من النجاسات؛ للأمر به في بعض الأخبار (٢).

«والغُسالة» وهي : الماء المنفصل عن المحلّ المغسول بنفسه أو بالعصر «كالمحلّ قبلها» أي قبل خروج تلك الغسالة ، فإن كانت من الغَسلة الاُولى وجب غَسل ما أصابته تمام العدد ، أو من الثانية فتنقص واحدة ، وهكذا.

وهذا يتمّ فيما يُغسل مرّتين لا لخصوص النجاسة ، أمّا المخصوص كالوُلوغ فلا؛ لأنّ الغسالة لا تسمّى وُلوغاً ، ومن ثَمّ لو وقع لعابه في الإناء بغيره لم يوجب حكمه.

وما ذكره المصنّف أجود الأقوال في المسألة ، وقيل : إنّ الغسالة كالمحلّ قبل الغَسل مطلقاً (٣) وقيل : بعده (٤) فتكون طاهرة مطلقاً ، وقيل : بعدها (٥).

ويستثنى من ذلك ماء الاستنجاء ، فغسالته طاهرةٌ مطلقاً ما لم تتغيّر بالنجاسة أو تُصَب (٦) نجاسة خارجة عن حقيقة الحدث المستنجى منه أو محلّه.

____________________

١) الذكرى ١ : ١٢٦ ، والبيان : ٩٣ ، والدروس ١ : ١٢٥.

٢) الوسائل ٢ : ١٠٧٦ ، الباب ٥٣ من أبواب النجاسات.

٣) قاله جماعة ، منهم الكيدري في الإصباح : ٢٥ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ٥٥ ، والعلّامة في المنتهى ١ : ١٤١ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٥٩ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٦٠.

٤) وهو اختيار الشيخ في المبسوط ١ : ٩٢ ، وابن ادريس في السرائر ١ : ٦١.

٥) وهو اختيار الشيخ في الخلاف ١ : ١٧٩ ، المسألة ١٣٥.

٦) في (ع) : ما لم يتغيّر أو يصب ، وفي (ف) : ما لم يتغيّر أو يصبه.

٧١

«الرابعة» :

«المطهِّر عشرة (١)» :

«الماء» وهو مطهِّرٌ «مطلقاً» من سائر النجاسات التي تقبل التطهير.

«والأرض» تطهِّر «باطنَ النعل» وهو : أسفله الملاصق للأرض «وأسفلَ القدم» مع زوال عين النجاسة عنهما بها بمشي ودَلكٍ وغيرهما. والحجر والرمل من أصناف الأرض. ولو لم يكن للنجاسة جرمٌ ولا رطوبةٌ كفى مسمّى الإمساس.

ولا فرق في الأرض بين الجافّة والرطبة ما لم تخرج عن اسم الأرض. وهل يشترط طهارتها؟ وجهان ، وإطلاق النصّ (٢) والفتوى يقتضي عدمه.

والمراد ب‍ «النعل» : ما يجعل أسفل الرِجل للمشي وقايةً من الأرض ونحوها ، ولو من خشب. وخشبة الأقطَع كالنعل.

«والتراب في الوُلوغ» فإنّه جزء علّةٍ للتطهير ، فهو مطهِّرٌ في الجملة.

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني : «جعله عشرة يحتمل أن يكون بعدّ الأرض والتراب واحداً ، وكذا نقص البئر وذهاب ثلثي العصير لكون كلٍّ منهما نقصاً ، ويكون العاشر زوال العين من البواطن. ويحتمل أن يكون العاشر هو الإسلام ويكون قد عدّ نقص البئر وذهاب ثلثي العصير مطهّرين ، أو عدّ الأرض والتراب مطهّرين ولا يكون عدّ الزوال من المطهّرات كما فعله في الدروس ... وقد اتّفقت كلمة المصنّف هنا وفي الدروس والبيان في جعل المطهّرات عشرة واختلفت في تعيينها» اُنظر المناهج السويّة : ١١٥ ، وراجع الدروس ١ : ١٢٥ ـ ١٢٦ ، والبيان : ٩٢.

٢) راجع الوسائل ٢ : ١٠٤٦ ، الباب ٣٢ من أبواب النجاسات.

٧٢

«والجسم الطاهر» غير اللَزج ولا الصَقيل (١) «في غير المتعدّي من الغائط».

«والشمس ما جفّفته» بإشراقها عليه وزالت عين النجاسة عنه «من الحُصُر والبواري» من المنقول «وما لا يُنقل» عادةً مطلقاً : من الأرض وأجزائها ، والنبات (٢) والأخشاب ، والأبواب المثبتة ، والأوتاد الداخلة ، والأشجار ، والفواكه الباقية عليها وإن حان أوان قطافها (٣).

ولا يكفي تجفيف الحرارة؛ لأنّها لا تُسمّى شمساً ، ولا الهواءُ المنفرد بطريقٍ أولى. نعم ، لا يضرّ انضمامه إليها. ويكفي في طهر الباطن الإشراق على الظاهر مع جفاف الجميع ، بخلاف المتعدّد المتلاصق إذا أشرقت على بعضه.

«والنار ما أحالته» رَماداً أو دُخاناً (٤) لا خزفاً وآجراً في أصحّ القولين ، وعليه المصنّف في غير البيان (٥) وفيه (٦) قوّى قول الشيخ بالطهارة فيهما (٧).

«ونقص البئر» بنزح المقدّر منه. وكما يطهر البئر بذلك فكذا حافّاته وآلات النزح والمباشر وما يصحبه حالته.

«وذهاب ثلثي العصير» مطهِّرٌ للثلث الآخر ـ على القول بنجاسته ـ والآلات والمزاول.

____________________

١) في (ر) : الصيقل.

٢) في (ش) : النباتات.

٣) بكسر القاف وفتحها.

٤) بتضعيف الخاء وتخفيفها.

٥) الدروس ١ : ١٢٥ ، والذكرى ١ : ١٣٠.

٦) البيان : ٩٢.

٧) اُنظر الخلاف ١ : ٤٩٩ ، المسألة ٢٣٩.

٧٣

«والاستحالة» كالميتة والعذرة تصير تراباً ودوداً ، والنطفة والعَلَقة تصير حيواناً غير الثلاثة ، والماء النجس بولاً لحيوانٍ مأكولٍ ولبناً ، ونحو ذلك.

«وانقلاب الخمر خَلّاً» وكذا العصير بعد غليانه واشتداده.

«والإسلام» مطهِّرٌ لبدن المسلم من نجاسة الكفر وما يتّصل به : من شعر ونحوه ، لا لغيره كثيابه.

«وتطهر العين والأنف والفم باطُنها وكلُّ باطنٍ» كالاُذن (١) والفرج «بزوال العين» ولا يطهر بذلك ما فيه من الأجسام الخارجة عنه ، كالطعام والكحل. أمّا الرطوبة الحادثة فيه ـ كالريق والدمع ـ فبحكمه. وطُهر (٢) ما يتخلّف في الفم من بقايا الطعام ونحوه بالمضمضة مرّتين على ما اختاره المصنّف من العدد ، ومرّةً في غير نجاسة البول على ما اخترناه (٣).

«ثمّ الطهارة» على ما علم من تعريفها «اسمٌ للوضوء والغُسل والتيمّم*» الرافع للحدث أو المبيح للصلاة على المشهور ، أو مطلقاً على ظاهر التقسيم.

____________________

١) بضمّ الذال وسكونها.

٢) في (ف) : يطهر.

٣) راجع الصفحة ٦٩.

*) في (ق) : أو الغسل أو التيمّم.

٧٤

«فهنا فصول ثلاثة *»

«الأوّل»

«في الوضوء»

بضمّ الواو : اسمٌ للمصدر ، فإنّ مصدره «التوضُّؤ» على وزن «التعلّم» وأمّا الوَضوء ـ بالفتح ـ فهو الماء الذي يُتوضّأ به. وأصله من «الوَضاءة» وهي النَّظافة والنَّضارة من ظلمة الذنوب.

«وموجِبه : البول والغائط والريح» من الموضع المعتاد ، أو من غيره مع انسداده.

واطلاق «الموجِب» على هذه الأسباب باعتبار إيجابها الوضوءَ عند التكليف بما هو شرطٌ فيه ، كما يطلق عليها «الناقض» باعتبار عروضها للمتطهِّر ، و «السبب» أعمّ منهما مطلقاً ، كما أنّ بينهما عموماً من وجه ، فكان التعبير ب‍ «السبب» أولى.

«والنوم الغالب» غلبةً مستهلكةً «على السمع والبصر» بل على مطلق الإحساس ، ولكنّ الغلبة على السمع تقتضي الغلبة على سائرها ، فلذا خصّه. أمّا البصر فهو أضعف من كثيرٍ منها ، فلا وجه لتخصيصه.

«ومزيل العقل» من جنون وسكر وإغماء.

____________________

*) في (س) : «فها هنا فصول» ولم ترد فيها : ثلاثة.

٧٥

«والاستحاضة» على وجهٍ يأتي تفصيله (١).

«وواجبه» : أي واجب الوضوء :

«النيّة» وهي : القصد إلى فعله «مقارنةً لغَسل الوجه» المعتبر شرعاً ، وهو أوّل جزءٍ من أعلاه؛ لأنّ ما دونه لا يسمّى غَسلاً شرعاً ، ولأنّ المقارنة تعتبر لأوّل أفعال الوضوء ، والابتداء بغير الأعلى لا يعدّ فعلاً «مشتملةً على» قصد «الوجوب» إن كان واجباً بأن كان في وقت عبادةٍ واجبةٍ مشروطةٍ به ، وإلّا نوى الندبَ ، ولم يذكره لأنّه خارجٌ عن الفرض (٢) «والتقرّب *» به إلى اللّٰه تعالى ، بأن يقصد فعله للّٰه‌امتثالاً لأمره ، أو موافقةً لطاعته ، أو طلباً للرفعة عنده بواسطته ، تشبيهاً بالقرب المكاني ، أو مجرّداً عن ذلك ، فإنّه تعالى غاية كلّ مقصد «والاستباحة» مطلقاً ، أو الرفع حيث يمكن ، والمراد رفع حكم الحدث ، وإلّا فالحدث إذا وقع لا يرتفع.

ولا شبهة في إجزاء النيّة المشتملة على جميع ذلك ، وإن كان في وجوب ما عدا القربة نظرٌ؛ لعدم نهوض دليلٍ عليه.

أمّا القربة فلا شبهة في اعتبارها في كلّ عبادة. وكذا تمييز العبادة عن غيرها حيث يكون الفعل مشتركاً ، إلّاأ نّه لا اشتراك في الوضوء حتّى في الوجوب والندب؛ لأنّه في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلّاواجباً ، وبدونه ينتفي.

«وجري الماء» بأن ينتقل كلّ جزءٍ من الماء عن محلّه إلى غيره بنفسه أو

____________________

١) يأتي في الصفحة ١٠١.

٢) ما أثبتناه من (ر) و (ش) ، وفي سائر النسخ : (الغرض).

*) في (ق) : التقرّب والوجوب.

٧٦

بمعين «على ما دار عليه الإ بهام» بكسر الهمزة «والوُسطى» من الوجه «عرضاً وما بين القصاص» ـ مثلّث القاف ـ وهو : منتهى منبت شعر الرأس «إلى آخر الذقَن» بالذال المعجمة والقاف المفتوحة منه «طولاً» مراعياً في ذلك مستوي الخلقة في‌الوجه واليدين.

ويدخل في الحدّ مواضع التحذيف ـ وهي : ما بين منتهى العِذار والنَزَعَة المتّصلة بشعر الرأس ـ والعِذار والعارض ، لا النَزَعَتان بالتحريك ، وهما : البياضان المكتنفان للناصية.

«وتخليل خفيف الشعر» وهو ما تُرى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب ، دون الكثيف وهو خلافه. والمراد بتخليله : إدخال الماء خلاله لغَسل البشرة المستورة به. أمّا الظاهرة خلاله فلابدّ من غسلها ، كما يجب غَسل جزءٍ آخر ممّا جاورها من المستورة من باب المقدّمة.

والأقوى عدم وجوب تخليل الشعر مطلقاً وفاقاً للمصنّف في الذكرى والدروس (١) وللمُعْظم (٢) ويستوي في ذلك شعر اللحية والشارب والخدّ والعِذار والحاجب والعَنْفَقَة والهُدُب.

«ثمّ» غسل اليد «الُيمنى من المرْفق» بكسر الميم وفتح الفاء أو بالعكس ، وهو : مجمع عظمي الذراع والعَضُد ، لا نفس المفصل «إلى أطراف الأصابع ثُمّ» غسل «اليسرى كذلك» وغسل ما اشتملت عليه الحدود : من لحمٍ زائدٍ وشعرٍ ويدٍ وإصبع ، دون ما خرج وإن كان يداً ، إلّاأن تشتبه الأصليّة

____________________

١) الذكرى ٢ : ١٢٤ ، الدروس ١ : ٩١.

٢) كالشيخ في المبسوط ١ : ٢٠ ، والمحقّق في المعتبر ١ : ١٤٢ ، والعلّامة في المنتهى ٢ : ٢٤ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٢١٤.

٧٧

فتغسلان معاً من باب المقدّمة.

«ثمّ مسح مقدّم الرأس» أو شعره الذي لا يخرج بمدّه عن حدّه ، واكتفى المصنّف بالرأس تغليباً لاسمه على مانبت عليه «بمسمّاه» أي مسمّى المسح ، ولو بجزءٍ من اصبع ، مُمِرّاً له على الممسوح ليتحقّق اسمه ، لا بمجرّد وضعه.

ولا حدّ لأكثره ، نعم يكره الاستيعاب ، إلّاأن يعتقد شرعيّته فيحرم ، وإن كان الفضل في مقدار ثلاث أصابع.

«ثمّ مسح» بَشَرَة ظهر «الرجل اليمنى» من رؤوس الأصابع إلى الكعبين ، وهما : قُبّتا القدمين ، على الأصحّ. وقيل : إلى أصل الساق (١) وهو مختاره في الألفيّة (٢).

«ثمّ» مسح ظهر «اليسرى» كذلك «بمسمّاه» في جانب العرض «ببقيّة البلل» الكائن على أعضاء الوضوء من مائه «فيهما» أي في المسحين.

وفهم من إطلاقه المسح أنّه لا ترتيب فيهما في نفس العضو ، فيجوز النَّكس فيه دون الغسل؛ للدلالة عليه ب‍ «من» و «إلى» (٣) وهو كذلك فيهما على أصحّ القولين (٤) وفي الدروس رجّح منع النَّكس في الرأس دون الرجلين (٥) وفي البيان

____________________

١) قاله العلّامة في المختلف ١ : ٢٩٣ ، والفاضل المقداد في كنز العرفان ١ : ١٨ ، وابن فهد في الموجز (الرسائل العشر) : ٤١.

٢) الألفيّة : ٤٤.

٣) في قول الماتن قدس سره.

٤) اختاره المحقّق في الشرائع ١ : ٢٢ ، والنافع : ٦ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٢٠٣ ، والإرشاد ١ : ٢٢٣ وغيرهما ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٢١٩ و ٢٢١.

٥) قال في الرأس : «ولا يجوز استقبال الشعر فيه على المشهور» وفي الرجلين : «ولا يجزي النكس على الأولى» اُنظر الدروس ١ : ٩٢.

٧٨

عكس ومثله في الألفيّة (١).

«مرتّباً» بين أعضاءالغَسل والمسح : بأن يبتدئ بغسل الوجه ، ثمّ باليد اليمنى ، ثمّ اليسرى ، ثمّ بمسح الرأس ، ثمّ الرجل اليمنى ، ثمّ اليسرى. فلو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب مع بقاء الموالاة. وأسقط المصنّف في غير الكتاب الترتيبَ بين الرجلين (٢).

«موالياً» في فعله «بحيث لا يجفّ السابق» من الأعضاء على العضو الذي هو فيه مطلقاً على أشهر الأقوال (٣) والمعتبر في الجفاف : الحسّي لا التقديري ، ولا فرق فيه بين العامد والناسي والجاهل.

«وسننه : السِّواك» وهو دَلْك الأسنان بعود وخِرقة ، وإصبع ونحوها ، وأفضله الغُصن الأخضر ، وأكمله الأراك. ومحلّه قبل غَسل الوضوء الواجب والندب كالمضمضة ، ولو أخّره عنه أجزأ.

واعلم أن السِّواك سنّةٌ مطلقاً ، ولكنّه يتأكّد في مواضع ، منها : الوضوء والصلاة ، وقراءة القرآن ، واصفرار الأسنان وغيره.

«والتسمية» وصورتها : «بسم اللّٰه وباللّٰه» ويستحبّ إتباعها بقوله : «اللّهُمّ اجعَلْني من التَّوّابِيْنَ واجعَلْني من المُتَطَهِّرِين» ولو اقتصر على «بسم اللّٰه» أجزأ. ولو نسيها ابتداءً تداركها حيث ذكر قبل الفراغ كالأكل ، وكذا لو تركها عمداً.

____________________

١) البيان : ٤٧ ـ ٤٨ ، الألفيّة : ٤٤.

٢) الذكرى ٢ : ١٦٣ ، والألفيّة : ٤٤ ، ولكن في الدروس (١ : ٩٢) حكم بعدم الإجزاء احتياطاً لو خالف الترتيب.

٣) متعلّقٌ بمجموع ما ذكر ، المناهج السويّة : ١٦٢.

٧٩

«وغسل اليدين» من الزَّندين (١) «مرّتين» من حدث النوم والبول والغائط ، لا من مطلق الحدث ـ كالريح ـ على المشهور. وقيل : من الأوّلين مرّةً (٢) وبه قطع في الذكرى (٣) وقيل : مرّةً في الجميع ، واختاره في النفليّة ونسب التفصيل إلى المشهور (٤) وهو الأقوى. ولو اجتمعت الأسباب تداخلت إن تساوت ، وإلّا دخل الأقلّ تحت الأكثر.

وليكن الغَسل «قبل إدخالهما الإناء» الذي يمكن الاغتراف منه؛ لدفع النجاسة الوهميّة أو تعبّداً.

ولا يعتبر (٥) كون الماء قليلاً؛ لإطلاق النص (٦) خلافاً للعلّامة حيث اعتبره (٧).

«والمَضْمَضَة» وهي : إدخال الماء الفم وإدارته فيه «والاستنشاق» وهو جذبه إلى داخل الأنف «وتثليثهما» بأن يفعل كلّ واحدٍ منهما ثلاثاً ولو بغُرْفةٍ واحدة ، وبثلاث أفضل. وكذا يستحبّ تقديم المضمضة أجمع على الاستنشاق ، والعطف ب‍ «الواو» لا يقتضيه.

«وتثنية الغَسَلات» الثلاث بعد تمام الغَسلة الاُولى في المشهور ، وأنكرها الصدوق (٨).

____________________

١) للمصنّف في هذه المسألة ثلاثة أقوال. (منه رحمه الله).

٢) كما في الخلاف ١ : ٧٣ ، والغنية : ٦٠ ، والكافي : ١٣٣ ، والمعتبر ١ : ١٦٥ ، والمنتهى ١ : ٢٩٦.

٣) الذكرى ٢ : ١٧٥.

٤) النفليّة : ٩٢ ـ ٩٣.

٥) أي في استحباب الغَسل.

٦) اُنظر الوسائل ١ : ٣٠٠ ، الباب ٢٧ من أبواب الوضوء.

٧) اُنظر المنتهى ١ : ٢٩٦.

٨) اُنظر الفقيه ١ : ٤٧ ، ذيل الحديث ٩٢ ، والهداية : ٨٠.

٨٠