الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

أنّ التفاوت بينهما قليل ، أو منتفٍ ، وهو يصلح لجعل المصنِّف كلّاً منهما معرِّفاً. وعلى كلّ تقدير فلا بدّ من إخراج القطا والحَجَل من التعريف؛ لأنّ لهما كفّارة معيّنة غير كفّارة الحمام ، مع مشاركتهما له في التعريف ، كما صرّح به جماعة (١).

وكفّارة الحمام بأيّ معنى اعتبر «شاة على المحرم في الحلّ ، ودرهم على المحلّ في الحرم» على المشهور. وروي أنّ عليه فيه القيمة (٢) وربّما قيل بوجوب أكثر الأمرين من الدرهم والقيمة (٣) أمّا الدرهم فللنصّ (٤) وأمّا القيمة فله أو لأنّها تجب للمملوك في غير الحرم ، ففيه أولى. والأقوى وجوب الدرهم مطلقاً في غير الحمام المملوك ، وفيه الأمران معاً ، الدرهم للّٰه‌والقيمة للمالك. وكذا القول في كلّ مملوك بالنسبة إلى فدائه وقيمته.

«ويجتمعان» الشاة والدرهم «على المحرم في الحرم» الأوّل لكونه محرماً ، والثاني لكونه في الحرم. والأصل عدم التداخل ، خصوصاً مع اختلاف حقيقة الواجب.

«وفي فرخها حَمَلٌ» ـ بالتحريك ـ من أولاد الضأن ما سنّه أربعة أشهر فصاعداً «ونصف درهم عليه» أي على المحرم في الحرم «ويتوزّعان على أحدهما» فيجب الأوّل على المحرم في الحلّ ، والثاني على المحلّ في الحرم بقرينة ما تقدّم ترتيباً وواجباً.

____________________

١) منهم العلّامة في المنتهى ٢ : ٨٢٤ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٣ : ٣١٠.

٢) الوسائل ٩ : ١٩٧ ، الباب ١٠ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٩.

٣) قال العلّامة في المنتهى ٢ : ٨٢٥ (الحجريّة) ، والتذكرة ٧ : ٤١٨ : الأحوط وجوب الأزيد من الدرهم والقيمة.

٤) راجع الوسائل ٩ : ١٩٥ ، الباب ١٠ من أبواب كفّارات الصيد.

٥٦١

«وفي بيضها درهم وربع» على المحرم في الحرم «ويتوزّعان على أحدهما» وفي بعض النسخ «إحداهما» فيهما (١) أي الفاعلين أو الحالتين ، فيجب درهم على المحرم في الحلّ وربعٌ على المحلّ في الحرم.

ولم يُفرِّق في البيض بين كونه قبل تحرّك الفرخ وبعده. والظاهر أنّ مراده الأوّل ، أمّا الثاني فحكمه حكم الفرخ كما صرّح به في الدروس (٢) وإن كان إلحاقه به مع الإطلاق لا يخلو من بُعدٍ.

وكذلك لم يُفرِّق بين الحمام المملوك وغيره ، ولا بين الحرمي وغيره.

والحقّ ثبوت الفرق كما صرّح به في الدروس (٣) وغيره (٤) فغير المملوك حكمه ذلك ، والحرمي منه يشتري بقيمته ـ الشاملة للفداء ـ علفاً لحمامه ، وليكن قمحاً؛ للرواية (٥) والمملوك كذلك مع إذن المالك أو كونه المتلف ، وإلّا وجب ما ذكر للّٰه‌وقيمته السوقيّة للمالك.

«وفي كلّ واحد من القطا والحَجَل والدرّاج حَمَل مفطوم رعى*» قد كمل سنّه أربعة أشهر ، وهو قريب من صغير الغنم في فرخها. ولا بُعد في تساوي فداء الصغير والكبير ، كما ذكرناه (٦).

وهو أولى من حمل المصنّف «المخاض» الذي اختاره ثَمّ على «بنت

____________________

١) يعني في العبارة السابقة من المتن وهذه العبارة.

٢) الدروس ١ : ٣٥٦.

٣) اُنظر الدروس ١ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

٤) لم نظفر به.

٥) الوسائل ٩ : ٢١٤ ، الباب ٢٢ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٦.

*) في (ق) : يرعى.

٦) ذكره في الصفحة ٥٥٩ بقوله : وغايته حينئذٍ تساويهما في الفداء ، وهو سهل.

٥٦٢

المخاض» أو على أنّ فيها هنا مخاضاً بطريق أولى؛ للإجماع على انتفاء الأمرين.

وكذا ممّا قيل : من أنّ مبنى شرعنا على اختلاف المتّفقات واتّفاق المختلفات (١) فجاز أن يثبت في الصغير زيادة على الكبير. والوجه ما ذكرناه؛ لعدم التنافي بوجه.

هذا على تقدير اختيار صغير الغنم في الصغير كما اختاره المصنّف (٢) أو على وجوب الفتيّ كما اخترناه (٣) وحَمْلِه على الحَمَل ، وإلّا بقي الإشكال.

«وفي كلّ من القنفذ والضبّ واليربوع جَدْيٌ» على المشهور. وقيل : حمل فطيم (٤) والمرويّ الأوّل (٥) وإن كان الثاني مجزئاً بطريق أولى ، ولعلّ القائل فسّر به الجدي.

«وفي كلّ من القُبّرة» بالقاف المضمومة ثم الباء المشدّدة بغير نون بينهما «والصعوة» وهي عصفور صغير له ذنب طويل يرمح به (٦) «والعصفور» بضمّ العين وهو ما دون الحمامة ، فيشمل الآخرين (٧) وإنّما جمعها تبعاً للنصّ (٨) ويمكن أن يريد به العصفور الأهلي ـ كما سيأتي تفسيره به في الأطعمة ـ فيغايرهما

____________________

١) قال المحقّق الكركي قدس سره ما لفظه : ويمكن أن يقال شرعنا مبنيٌّ على الفرق بين المتماثلات ، والاستبعاد لا دخل له في الأحكام بعد ثبوت مداركها ، جامع المقاصد ٣ : ٣١٢.

٢) اختاره في كسر كلّ بيضة من القطا والقبج والدراج ، راجع الصفحة ٥٥٨.

٣) راجع الصفحة ٥٥٩.

٤) قاله الحلبي في الكافي : ٢٠٦.

٥) الوسائل ٩ : ١٩١ ، الباب ٦ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث الأوّل.

٦) أي يحرّكه كحركة الرُمح.

٧) يعني الصعوة والقبّرة. وفي (ر) : «الأخيرين» وهو سهو.

٨) الوسائل ٩ : ١٩١ ، الباب ٧ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث الأوّل.

٥٦٣

«مدّ» من «طعام» وهو هنا (١) ما يؤكل من الحبوب وفروعها والتمر والزبيب وشبهها.

«وفي الجرادة تمرة» وتمرة خير من جرادة (٢) «وقيل : كفّ من طعام (٣)» وهو مرويّ أيضاً (٤) فيتخيّر بينهما جمعاً ، واختاره في الدروس (٥).

«وفي كثير الجراد شاة» والمرجع في الكثرة إلى العرف ، ويحتمل اللغة فيكون الثلاثة كثيراً ، ويجب لما دونه في كلّ واحدة تمرة أو كفّ «ولو لم يمكن التحرّز» من قتله ، بأن كان على طريقه بحيث لا يمكن التحرّز منه إلّابمشقّة كثيرة لا تتحمّل عادة ، لا الإمكان الحقيقي «فلا شيء».

«وفي القملة» يلقيها عن ثوبه أو بدنه وما أشبههما أو يقتلها «كفّ» من «طعام» ولا شيء في البرغوث وإن منعنا قتله.

وجميع ما ذكر حكم المحرم في الحلّ. أمّا المحلّ في الحرم فعليه القيمة فيما لم ينصّ على غيرها ، ويجتمعان على المحرم في الحرم. ولو لم يكن له قيمة فكفّارته الاستغفار.

«ولو نفَّر حمام الحرم وعاد» إلى محلّه «فشاة» عن الجميع «وإلّا» يَعُد «فعن كلّ واحدة شاة» على المشهور ، ومستنده غير معلوم. وإطلاق الحكم

____________________

١) يعني باب كفّارات الصيد.

٢) إشارة إلى ما ورد في الخبر ، راجع الوسائل ٩ : ٢٣٢ ، الباب ٣٧ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ١ و ٢.

٣) قاله المفيد في المقنعة : ٤٣٨ ، وابن زهرة في الغنية : ١٦٣.

٤) الوسائل ٩ : ٢٣٣ ، الباب ٣٧ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٦.

٥) الدروس ١ : ٣٥٧.

٥٦٤

يشتمل مطلق التنفير وإن لم يخرج من الحرم. وقيّده المصنّف في بعض تحقيقاته (١) بما لو تجاوز الحرم.

وظاهرهم أنّ هذا حكم المحرم في الحرم ، فلو كان محلّاً فمقتضى القواعد وجوب القيمة إن لم يعد ، تنزيلاً له منزلة الإتلاف.

ويشكل حكمه مع العود ، وكذا حكم المحرم لو فعل ذلك في الحلّ. ولو كان المُنفَّر واحدة ففي وجوب الشاة مع عودها وعدمه تَساوي الحالتين ، وهو بعيد.

ويمكن عدم وجوب شيءٍ مع العود وقوفاً فيما خالف الأصل على موضع اليقين وهو «الحمام» وإن لم نجعله اسم جنس يقع على الواحدة.

وكذا الإشكال لو عاد البعض خاصّة وكان كلّ من الذاهب والعائد واحدة. بل الإشكال في العائد وإن كثر؛ لعدم صدق «عود الجميع» الموجب للشاة.

ولو كان المنفِّر جماعة ففي تعدّد الفداء عليهم أو اشتراكهم فيه ، خصوصاً مع كون فعل كلّ واحد لا يوجب النفور ، وجهان. وكذا في إلحاق غير الحمام به ، وحيث لا نصّ ظاهراً ينبغي القطع بعدم اللحوق. فلو عاد فلا شيء ، ولو لم يعد ففي إلحاقه بالإتلاف نظر ، لاختلاف الحقيقتين.

ولو شكّ في العدد بني على الأقلّ ، وفي العود على عدمه ، عملاً بالأصل فيهما.

«ولو أغلق على حمام وفراخ وبيض فكالإتلاف مع جهل الحال أو علم التلف» فيضمن المحرمُ في الحلّ كلَّ حمامة بشاة ، والفرخَ بحمل ، والبيضةَ بدرهم. والمحلُّ في الحرم الحمامةَ بدرهم ، والفرخَ بنصفه ، والبيضة بربعه. ويجتمعان على من جمع الوصفين. ولا فرق بين حمام الحرم وغيره إلّاعلى الوجه السابق.

____________________

١) لم نقف عليه.

٥٦٥

ولو باشر الإتلاف جماعة أو تسبّبوا أو باشر بعض وتسبّب الباقون «فعلى كلٍّ فداء» لأنّ كلّ واحد من الفعلين موجب له. وكذا لو باشر واحد اُموراً متعدّدة يجب لكلّ (١) منها الفداء ، كما لو اصطاد وذبح وأكل ، أو كسر البيض وأكل ، أو دلّ على الصيد وأكل. ولا فرق بين كونهم محرمين ومحلّين في الحرم والتفريق ، فيلزم كلّاً حكمه ، فيجتمع على المحرم منهم في الحرم الأمران.

«وفي كسر قرني الغزال نصف قيمته ، وفي عينيه أو يديه أو رجليه القيمة ، والواحد بالحساب» ففيه نصف القيمة ، ولو جمع بينه وبين آخر من اثنين فتمام القيمة ، وهكذا ...

هذا هو المشهور. ومستنده ضعيف (٢) وزعموا أنّ ضعفه منجبر بالشهرة. وفي الدروس جزم بالحكم في العينين ، ونسبه في اليدين والرجلين إلى القيل (٣).

والأقوى وجوب الأرش في الجميع؛ لأنّه نقص حدث على الصيد ، فيجب أرشه حيث لا معيِّن يعتمد عليه.

«ولا يدخل الصيد في ملك المحرم بحيازة ولا عقد ولا إرث» ولا غيرها من الأسباب المملِّكة كنذره له. هذا إذا كان عنده ، أمّا النائي فالأقوى دخوله في ملكه ابتداءً اختياراً كالشراء وغيره كالإرث ، وعدم خروجه بالإحرام ، والمرجع فيه إلى العرف.

____________________

١) في (ف) و (ش) : بكلّ.

٢) الوسائل ٩ : ٢٢٣ ، الباب ٢٨ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٣. وضعفه بأبي جميلة المفضل بن صالح وسماعة بن مهران وأبي بصير. راجع فهارس المسالك ١٦ : ٢٨٩ ، ٢٩٧ ، ٣٠٠.

٣) الدروس ١ : ٣٥٨.

٥٦٦

«ومن نتف ريشة من حمام الحرم فعليه صدقة بتلك اليد» الجانية ، وليس في العبارة أنّه نتفها باليد حتى يشير إليها ، بل هي أعمّ ، لجواز نتفها بغيرها. والرواية وردت بأ نّه يتصدّق باليد الجانية (١) وهي سالمة من الإ يراد.

ولو اتّفق النتف بغير اليد جازت الصدقة كيف شاء ويجزئ مسمّاها. ولا تسقط بنبات الريش ، ولا تجزئ بغير اليد الجانية.

ولو نتف أكثر من ريشة ففي الرجوع إلى الأرش عملاً بالقاعدة أو تعدّد الصدقة بتعدّده؟ وجهان ، اختار ثانيهما المصنّف في الدروس (٢) وهو حسن إن وقع النتف على التعاقب ، وإلّا فالأوّل أحسن إن أوجب أرشاً ، وإلّا تصدّق بشيءٍ ، لثبوته بطريق أولى. ولو نتف غير الحمامة أو غير الريش فالأرش. ولو أحدث ما لا يوجب الأرش نقصاً ضمن أرشه. ولا يجب تسليمه باليد الجانية؛ للأصل.

«وجزاؤه» أي جزاء الصيد مطلقاً يجب إخراجه «بمنى» إن وقع «في إحرام الحجّ ، وبمكة في إحرام العمرة» ولو افتقر إلى الذبح وجب فيهما أيضاً كالصدقة. ولا تجزئ الصدقة قبل الذبح ، ومستحقّه الفقراء والمساكين بالحرم فعلاً أو قوّة كوكيلهم فيه. ولا يجوز الأكل منه إلّابعد انتقاله إلى المستحقّ بإذنه ، ويجوز في الإطعام التمليك والأكل.

____________________

١) الوسائل ٩ : ٢٠٣ ، الباب ١٣ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٥.

٢) الدروس ١ : ٣٦٣.

٥٦٧

«البحث الثاني»

«في» كفّارة «باقي المحرّمات»

«في الوطء» عامداً عالماً بالتحريم «قبلاً أو دبراً قبل المشعر وإن وقف بعرفة» على أصحّ القولين «بدنة ، ويتمّ حجه ويأتي به من قابل (١)» فوريّاً إن كان الأصل كذلك «وإن كان الحجّ نفلاً» ولافرق في ذلك بين الزوجة والأجنبيّة ، ولا بين الحرّة والأمة. ووطء الغلام كذلك في أصحّ القولين (٢) دون الدابّة في الأشهر.

وهل الاُولى فرضه والثانية عقوبة ، أو بالعكس؟ قولان (٣) والمرويّ الأوّل ، إلّا أنّ الرواية مقطوعة (٤) وقد تقدّم (٥).

____________________

١) اختاره الشيخ في المبسوط ١ : ٣٣٦ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٥٤٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٦٦ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٤٦٨. والقول الآخر : أنّ من جامع بعد وقوفه بعرفة فعليه بدنة وليس عليه الحجّ من قابل ، ذهب إليه المفيد في المقنعة : ٤٣٣ ، وسلّار في المراسم : ١١٨ ، والحلبي في الكافي : ٢٠٣.

٢) ذهب إليه العلّامة في القواعد ١ : ٤٦٨ ، والقول الآخر هو عدم ثبوت الحكم في وطء الغلام ، ولم نجد من صرّح به ، ويمكن أن يستفاد ذلك من عدم تصريح بعضهم بشمول الحكم له ، كالصدوق في المقنع : ٢٢٥ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٦٦ ، والشيخ في النهاية : ٢٣٠ ، وما بعدها من الصفحات.

٣) ذهب الشيخ إلى الأوّل في النهاية : ٢٣٠ ، وابن إدريس إلى الثاني في السرائر ١ : ٥٤٨.

٤) راجع الوسائل ٩ : ٢٥٧ ، الباب ٣ من أبواب كفّارات الاستمتاع ، الحديث ٩ ، وراجع الصفحة ٥٥٨ ، الهامش ٦.

٥) راجع الصفحة ٤٥٩.

٥٦٨

وتظهر الفائدة في الأجير لتلك السنة ، أو مطلقاً ، وفي كفّارة خلف النذر وشبهه لو عيّنه بتلك السنّة ، وفي المفسد المصدود (١) إذا تحلّل ثم قدر على الحجّ لسنته أو غيرها.

«وعليها مطاوعةً مثلُه» كفّارة وقضاء.

واحترزنا بالعالم العامد عن الناسي ولو للحكم ، والجاهل ، فلا شيء عليهما. وكان عليه تقييده وإن امكن إخراج الناسي من حيث عدم كونه محرّماً في حقّه. أمّا الجاهل فآثم.

«ويفترقان إذا بلغا موضع الخطيئة بمصاحبة ثالث» محترم «في» حجّ «القضاء» إلى آخر المناسك.

«وقيل :» يفترقان «في الفاسد أيضاً» من موضع الخطيئة إلى تمام مناسكه (٢) وهو قويّ مرويّ (٣) وبه قطع المصنّف في الدروس (٤).

____________________

١) فإن جعلنا الاُولى عقوبة وصُدّ عن إكمالها فتحلّل سقطت عنه العقوبة ، فإن زال العذر وتمكّن من الحجّ في تلك السنة وجب وأجزأ عن فرضه وهو حجّ يُقضى لسنته ، وإن لم يتمكّن قضاه في القابل وسقطت العقوبة أيضاً. وإن جعلنا الاُولى فرضه وصُدّ عن الإكمال لم يسقط الفرض بل يجب قضاؤه في تلك السنة أو بعدها ، ثمّ يحجّ للعقوبة بعد ذلك. هذا إذا قلنا : إنّ حجّ العقوبة إذا صُدّ عنه لا يُقضى كما هو الظاهر. ولو قلنا يُقضى فلا فرق بين القولين في وجوب حجّة اُخرى ، لكن هنا يجب تقديم حجّة الإسلام على العقوبة. وإن قلنا : إنّ الاُولى عقوبة حيث يُصدّ عنها وإن أمكن القضاء في سنة الصدّ فيقدّم حجّة الإسلام. (منه رحمه الله).

٢) حكاه العلّامة عن عليّ بن بابويه في المختلف ٤ : ١٥٠.

٣) الوسائل ٩ : ٢٥٧ ، الباب ٣ من أبواب كفّارات الاستمتاع ، الحديث ٩.

٤) الدروس ١ : ٣٦٩.

٥٦٩

ولو حجّا في القابل على غير تلك الطريق فلا تفريق وإن وصل (١) إلى موضع يتّفق فيه الطريقان كعرفة ، مع احتمال وجوب التفريق في المتّفق منه. ولو توقّفت مصاحبة الثالث على اُجرة أو نفقة وجبت عليهما.

«ولو كان مكرهاً لها تحمّل» عنها «البدنة لا غير» أي لا يجب عليه القضاء عنها ، لعدم فساد حجّها بالإكراه ، كما لا يفسد حجّه لو أكرهته. وفي تحمّلها عنه البدنة وتحمّل الأجنبيّ لو أكرههما وجهان ، أقربهما العدم؛ للأصل.

ولو تكرّر الجماع بعد الإفساد تكرّرت البدنة لا غير ، سواء كفَّر عن الأوّل أم لا. نعم لو جامع في القضاء لزمه ما لزمه أوّلاً ، سواء جعلناها فرضه أم عقوبة. وكذا القول في قضاء القضاء.

«وتجب البدنة» من دون الإفساد بالجماع «بعد المشعر إلى أربعة أشواط من طواف النساء. والأولى» بل الأقوى «بعد خمسة» أي إلى تمام الخمسة ، أمّا بعدها فلا خلاف في عدم وجوب البدنة. وجعلُه الحكمَ أولى يدلّ على اكتفائه بالأربعة في سقوطها. وفي الدروس قطع باعتبار الخمسة ونسب اعتبار الأربعة إلى الشيخ والرواية (٢) وهي ضعيفة (٣). نعم يكفي الأربعة في البناء عليه وإن وجبت الكفّارة. ولو كان قبل إكمال الأربعة فلا خلاف في وجوبها.

«ولكن لو كان قبل طواف الزيارة» أي قبل إكماله وإن بقي منه خطوة «وعجز عن البدنة تخيّر بينها وبين بقرة أو شاة» لا وجه للتخيير بين البدنة

____________________

١) أي الطريق.

٢) الدروس ١ : ٣٧٠ ، وراجع المبسوط ١ : ٣٣٧ ، والنهاية : ٢٣١.

٣) راجع الوسائل ٩ : ٤٦٩ ، الباب ٥٨ من أبواب الطواف ، الحديث ١٠. وضعفها بابن أبي حمزة. راجع فهارس المسالك ١٦ : ٢٩٢.

٥٧٠

وغيرها بعد العجز عنها ، فكان الأولى أنّه مع العجز عنها يجب بقرة أو شاة. وفي الدروس أوجب فيه بدنة ، فإن عجز فبقرة ، فإن عجز فشاة (١) وغيره خيّر بين البقرة والشاة (٢) والنصوص خالية عن هذا التفصيل ، لكنّه مشهور في الجملة ـ على اختلاف ترتيبه ـ وإنّما اُطلق في بعضها الجزور (٣) وفي بعضها الشاة (٤).

«ولو جامع أمته المحرمة بإذنه محلّاً فعليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن عجز عن البدنة والبقرة فشاة أو صيام ثلاثة» أيّام ، هكذا وردت الرواية (٥) وأفتى بها الأصحاب (٦) وهي شاملة بإطلاقها ما لو أكرهها أو طاوعته (٧) لكن مع مطاوعتها يجب عليها الكفّارة أيضاً بدنة ، وصامت عوضها ثمانية عشر يوماً مع علمها بالتحريم ، وإلّا فلا شيء عليها.

والمراد بإعساره الموجب للشاة أو الصيام : إعساره عن البدنة والبقرة. ولم يقيَّد في الرواية والفتوى الجماعُ بوقت ، فيشمل سائر أوقات إحرامها التي يحرم الجماع بالنسبة إليه ، أمّا بالنسبة إليها فيختلف الحكم كالسابق ، فلو كان قبل الوقوف بالمشعر فسد حجّها مع المطاوعة والعلم.

____________________

١) الدروس ١ : ٣٧٠.

٢) كالمحقّق في الشرائع ١ : ٢٩٤.

٣) الوسائل ٩ : ٢٦٤ ، الباب ٩ من أبواب كفّارات الاستمتاع ، الحديث الأوّل.

٤) قال في المسالك (٢ : ٤٧٩) : وإنّما الموجود في رواية معاوية بن عمّار وجوب جزور مطلقاً ، وفي رواية العيص بن القاسم دَمٌ. راجع المصدر السابق ، الحديث ٢.

٥) الوسائل ٩ : ٢٦٣ ، الباب ٨ من أبواب كفّارات الاستمتاع ، الحديث ٢.

٦) قال في المدارك (٨ : ٤١٧) : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.

٧) في (ش) و (ع) : وطاوعته.

٥٧١

واحترز بالمحرمة بإذنه عمّا لو فعلته بغيره ، فإنّه يلغو فلا شيء عليهما. ولا يلحق بها الغلام المحرم بإذنه وإن كان أفحش ، لعدم النصّ ، وجواز اختصاص الفاحش بعدم الكفّارة عقوبةً ، كسقوطها عن معاود الصيد عمداً للانتقام (١).

«ولو نظر إلى أجنبيّة فأمنى» من غير قصد له ولا عادة «فبدنة للموسر» أي عليه «وبقرة للمتوسّط ، وشاة للمعسر» والمرجع في المفهومات الثلاثة إلى العرف.

وقيل : ينزَّل ذلك على الترتيب ، فتجب البدنة على القادر عليها فإن عجز عنها فالبقرة ، فإن عجز عنها فالشاة (٢) وبه قطع في الدروس (٣) والرواية تدلّ على الأوّل ، وفيها أنّ الكفارة للنظر لا للإمناء (٤) ولو قصده أو كان من عادته فكالمستمني ، وسيأتي.

«ولو نظر إلى زوجته بشهوة فأمنى فبدنة» وفي الدروس جزور (٥) والظاهر اجزاؤهما ، وبغير شهوة لا شيء وإن أمنى ما لم يقصده أو يعتده.

«ولو مسّها فشاة إن كان بشهوة وإن لم يمن ، وبغير شهوة لا شيء» وإن أمنى ما لم يحصل أحد الوصفين (٦).

«وفي تقبيلها بشهوة جزور» أنزل أم لا ، ولو طاوعته فعليها مثله «وبغيرها» أي بغير شهوة «شاة» أنزل أم لا مع عدم الوصفين.

____________________

١) إشارة إلى قوله تعالى : (وَمَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اَللّٰهُ مِنْهُ) المائدة : ٩٥.

٢) قاله العلّامة في التذكرة ٧ : ٣٩١.

٣) و (٥) الدروس ١ : ٣٧١.

٤) الوسائل ٩ : ٢٧٣ ، الباب ١٦ من أبواب كفّارات الاستمتاع ، الحديث ٢.

٥)

٦) أي قصد الإمناء أو اعتياده.

٥٧٢

«ولو أمنى بالاستمناء أو بغيره من الأسباب التي تصدر عنه فبدنة».

وهل يفسد به الحجّ مع تعمّده والعلم بتحريمه؟ قيل : نعم (١) وهو المرويّ (٢) من غير معارض. وينبغي تقييده بموضع يُفسِده الجماع. ويُستثنى من الأسباب التي عمّمها ما تقدّم من المواضع التي لا توجب البدنة بالإمناء ، وهي كثيرة.

«ولو عقد المحرم أو المحلّ لمحرم على امرأة فدخل ، فعلى كلّ منهما» أي من العاقد والمحرم المعقود له «بدنة» والحكم بذلك مشهور ، بل كثير منهم لا ينقل فيه خلافاً ، ومستنده رواية سماعة (٣) وموضع الشكّ وجوبها على العاقد المحلّ. وتضمّنت أيضاً وجوب الكفّارة على المرأة المحلّة مع علمها بإحرام الزوج. وفيه إشكال ، لكن هنا قطع المصنّف في الدروس بعدم الوجوب عليها (٤) وفي الفرق نظر.

وذهب جماعة إلى عدم وجوب شيء على المحلّ فيهما سوى الإثم استناداً إلى الأصل وضعف مستند الوجوب (٥) أو بحمله على الاستحباب (٦) والعمل بالمشهور أحوط. نعم لو كان الثلاثة محرمين وجبت على الجميع ، ولو كان العاقد والمرأة محرمين خاصّة وجبت الكفّارة على المرأة مع الدخول والعلم بسببه ، لا بسبب العقد. وفي وجوبها على العاقد الإشكال ، وكذا الزوج.

____________________

١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٣٧.

٢) الوسائل ٩ : ٢٧٢ ، الباب ١٥ من أبواب كفّارات الاستمتاع ، الحديث الأوّل.

٣) المصدر السابق : ٢٧٩ ، الباب ٢١ من أبواب كفّارات الاستمتاع ، الحديث الأوّل.

٤) الدروس ١ : ٣٧٢.

٥) اُنظر تردّدات الشرائع ١ : ٢٣٣.

٦) اُنظر الإ يضاح ١ : ٣٤٨.

٥٧٣

«والعمرة المفردة إذا أفسدها» بالجماع قبل إكمال سعيها أو غيره «قضاها في الشهر الداخل ، بناءً على أنّه الزمان بين العمرتين» ولو جعلناه عشرة أيّام اعتبر بعدها. وعلى الأقوى من عدم تحديد وقت بينهما يجوز قضاؤها معجّلاً بعد إتمامها وإن كان الأفضل التأخير ، وسيأتي ترجيح المصنّف عدم التحديد.

«وفي لُبس المخيط» وما في حكمه «شاة» وإن اضطرّ.

«وكذا» تجب الشاة في «لُبس الخفّين» أو أحدهما «أو الشُمِشك» بضمّ الشين وكسر الميم «أو الطيب ، أو حلق الشعر» وإن قلّ مع صدق اسمه ، وكذا إزالته بنتف ونورة وغيرهما.

«أو قصّ * الأظفار» أي أظفار يديه ورجليه جميعاً «في مجلس ، أو يديه» خاصّة في مجلس «أو رجليه» كذلك «وإلّا فعن كلّ ظفر مدّ» ولو كفّر لما لا يبلغ الشاة ثم أكمل اليدين أو الرجلين لم يجب الشاة ، كما أنّه لو كفَّر بشاة لأحدهما ثم أكمل الباقي في المجلس تعدّدت. والظاهر أنّ بعض الظفر كالكلّ ، إلّاأن يقصّه في دفعات مع اتّحاد الوقت عرفاً فلا يتعدّد فديته.

«أو قلع ** شجرةٍ من الحرم صغيرةٍ» غير ما استثني (١) ولا فرق هنا بين المحرم والمحلّ. وفي معنى قلعها قطعها من أصلها. والمرجع في الصغيرة والكبيرة إلى العرف. والحكم بوجوب شيء للشجرة مطلقاً هو المشهور ، ومستنده رواية مرسلة (٢).

____________________

*) في (ق) : قلم.

**) في (ق) : قطع.

١) وهو ما تقدّم بقوله : «إلّاالإذخر وما ينبت في ملكه وعودَي المَحالة» راجع الصفحة ٤٩٧.

٢) اُنظر الوسائل ٩ : ٣٠١ ، الباب ١٨ من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، الحديث ٣.

٥٧٤

«أو ادّهن بمطيّب *» ولولضرورة. أمّا غيرالمطيّب فلا شيء فيه وإن أثم.

«أو قلع ضرسه» مع عدم الحاجة إليه في المشهور ، والرواية به مقطوعة (١) وفي إلحاق السنّ به وجه بعيد. وعلى القول بالوجوب لو قلع متعدّداً فعن كلّ واحد شاة وإن اتّحد المجلس.

«أو نتف إبطيه» أو حلقهما «وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين» أمّا لو نتف بعض كلّ منهما فأصالة البراءة تقتضي عدم وجوب شيء. وهو مستثنى من عموم إزالة الشعر الموجب للشاة؛ لعدم وجوبها لمجموعه ، فالبعض أولى.

«أو أفتى بتقليم الظفر فأدمى المستفتي. والظاهر أنّه لا يشترط كون المفتي محرماً» لإطلاق النصّ (٢) ولا كونه مجتهداً ، نعم يشترط صلاحيّته للإفتاء بزعم المستفتي ليتحقّق الوصف ظاهراً. ولو تعمّد المستفتي الإدماء فلا شيء على المفتي. وفي قبول قوله في حقّه نظر ، وقرَّب المصنّف في الدروس القبول (٣) ولا شيء على المفتي في غير ذلك ، للأصل ، مع احتماله.

«أو جادل» بأن حلف بإحدى الصيغتين (٤) أو مطلقاً «ثلاثاً صادقاً» من غير ضرورة إليه ، كإثبات حقّ أو دفع باطل يتوقّف عليه. ولو زاد الصادق عن ثلاث ولم يتخلّل التكفير فواحدة عن الجميع. ومع تخلّله فلكلّ ثلاث شاة «أو واحدة كاذباً».

____________________

*) في (ق) : بطيب.

١) الوسائل ٩ : ٣٠٢ ، الباب ١٩ من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، الحديث الأوّل.

٢) الوسائل ٩ : ٢٩٤ ، الباب ١٣ من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، الحديث الأوّل.

٣) الدروس ١ : ٣٨٣.

٤) وهما «لا واللّٰه» و «بلى واللّٰه». اُنظر الشرائع ١ : ٢٥٠ ، والتذكرة ٧ : ٣٩٣ ، والمسالك ٢ : ٢٥٨.

٥٧٥

«وفي اثنتين كاذباً * بقرة. وفي الثلاث» فصاعداً «بدنة» إن لم يكفِّر عن السابق ، فلو كفَّر [عن] (١) كلّ واحدة فالشاة ، أو اثنتين فالبقرة. والضابط اعتبار العدد السابق ابتداءً أو بعد التكفير ، فللواحدة شاة ، وللاثنتين بقرة ، وللثلاث بدنة.

«وفي الشجرة الكبيرة» عرفاً «بقرة» في المشهور. ويكفي فيها وفي الصغيرة كون شيءٍ منها في الحرم ، سواء كان أصلها أم فرعها. ولا كفّارة في قلع الحشيش وإن أثم في غير الإذخر وما أنبته الآدمي. ومحلّ التحريم فيهما (٢) الأخضر ، أما اليابس فيجوز قطعه مطلقاً لا قلعه إن كان أصله ثابتاً.

«ولو عجز عن الشاة ** في كفّارة الصيد» التي لا نصّ على بدلها «فعليه إطعام عشرة مساكين» لكلّ مسكين مدّ «فإن عجز صام ثلاثة أيّام» وليس في الرواية التي هي مستند الحكم تقييد بالصيد (٣) فتدخل الشاة الواجبة بغيره من المحرمات.

«ويتخيّر بين شاة الحلق ـ لأذىً أو غيره ـ وبين إطعام عشرة» مساكين «لكلّ واحد مدّ ، أو صيام ثلاثة» أيّام. أمّا غيرها فلا ينتقل إليهما إلّامع العجز عنها ، إلّافي شاة وطء الأمة ، فيتخيّر بينها وبين الصيام كما مرّ (٤).

____________________

*) في (ق) و (س) : اثنين كذباً.

١) في المخطوطات : على.

٢) أي في الشجرة والحشيش.

**) في (ق) : شاة.

٣) الوسائل ٩ : ١٨٦ ، الباب ٢ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ١١.

٤) مرّ في الصفحة ٥٧١.

٥٧٦

«وفي شعر سقط من لحيته أو رأسه» قلَّ أم كثر «بمسّه كفّ» من «طعام. ولو كان في الوضوء» واجباً أم مندوباً «فلا شيء» وألحق به المصنّف في الدروس الغسل (١) وهو خارج عن مورد النصّ (٢) والتعليل بأ نّه فعل واجب فلا يتعقّبه فدية يوجب إلحاق التيمّم وإزالة النجاسة بهما (٣) ولا يقول به.

«وتتكرّر الكفّارة بتكرّر الصيد عمداً أو سهواً» أمّا السهو فموضع وفاق. وأما تكرّره عمداً فوجهه صدق اسمه الموجب له ، والانتقام منه (٤) غير منافٍ لها؛ لإمكان الجمع بينهما. والأقوى عدمه ، واختاره المصنّف في الشرح (٥) للنصّ عليه صريحاً في صحيحة ابن أبي عمير (٦) مفسِّراً به الآية ، وإن كان القول بالتكرار أحوط. وموضع الخلاف العمد بعد العمد. أمّا بعد الخطأ أو بالعكس فيتكرّر قطعاً. ويعتبر كونه في إحرام واحد أو في التمتع مطلقاً ، أمّا لو تعدّد في غيره تكرّرت.

«وبتكرّر اللُبس» للمخيط «في مجالس» فلو اتّحد المجلس لم يتكرّر ، اتّحد جنس الملبوس أم اختلف ، لبسها دفعةً أم على التعاقب ، طال المجلس أم قصر.

«و» بتكرّر «الحلق في أوقات» متكثّرة عرفاً وإن اتّحد المجلس «وإلّا فلا» يتكرّر.

____________________

١) الدروس ١ : ٣٨٢.

٢) الوسائل ٩ : ٣٠٠ ، الباب ١٦ من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، الحديث ٦.

٣) أي بالوضوء والغسل.

٤) إشارة إلى قوله تعالى : (وَمَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اَللّٰهُ مِنْهُ) المائدة : ٩٥.

٥) غاية المراد ١ : ٤١١.

٦) الوسائل ٩ : ٢٤٤ ، الباب ٤٨ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٢.

٥٧٧

وفي الدروس جعل ضابط تكرّرها في الحلق واللُبس والطيب والقُبلة تعدّدَ الوقت ، ونقل ما هنا عن المحقّق (١) ولم يتعرّض لتكرّر ستر ظهر القدم والرأس.

والأقوى في ذلك كلّه تكرّرها بتكّرره مطلقاً مع تعاقب الاستعمال لُبساً وطيباً وستراً وحلقاً وتغطيةً وإن اتّحد الوقت والمجلس ، وعدمه مع إيقاعها دفعة بأن جمع من الثياب جملة ووضعها على بدنه وإن اختلفت أصنافها.

«ولا كفّارة على الجاهلِ والناسي في غير الصيد» أمّا فيه فتجب مطلقاً حتى على غير المكلَّف ، بمعنى اللزوم في ماله أو على الوليّ.

«ويجوز تخلية الإ بل» وغيرها من الدوابّ «للرعي في الحرم» وإنّما يحرم مباشرة قطعه على المكلّف محرماً وغيره.

____________________

١) الدروس ١ : ٣٩٠ ، وراجع الشرائع ١ : ٢٩٧ ـ ٢٩٨.

٥٧٨

«الفصل السابع»

«في الإحصار والصدّ»

أصل الحصر : المنع ، والمراد به هنا : منع الناسك بالمرض عن نسك يفوت الحجّ أو العمرة بفواته مطلقاً كالموقفين ، أو عن النسك المحلِّل على تفصيل يأتي.

والصدّ : بالعدوّ وما في معناه مع قدرة الناسك بحسب ذاته على الإكمال.

وهما مشتركان (١) في ثبوت أصل التحلّل بهما في الجملة.

ويفترقان : في عموم التحلّل ، فإنّ المصدود يحلّ له بالمحلِّل كلّ ما حرّمه الإحرام والمحصَر ما عدا النساء. وفي مكان ذبح هدي التحلّل ، فالمصدود يذبحه أو ينحره حيث وُجد المانع ، والمحصَر يبعثه إلى محلّه بمكّة ومنى. وفي إفادة الاشتراط تعجيل التحلّل للمحصَر دون المصدود؛ لجوازه بدون الشرط.

وقد يجتمعان على المكلَّف بإن يمرض ويصدّه العدوّ ، فيتخيّر في أخذ حكم ما شاء منهما وأخذ الأخفّ من أحكامهما؛ لصدق الوصفين الموجب للأخذ بالحكم ، سواء عرضا دفعةً أم متعاقبين.

و «متى اُحصر» الحاجّ «بالمرض عن الموقفين» معاً أو عن أحدهما مع فوات الآخر أو عن المشعر مع إدراك اضطراري عرفة خاصّة دون العكس ،

____________________

١) في (ر) : يشتركان.

٥٧٩

وبالجملة متى اُحصر عمّا يفوت بفواته الحجّ «أو» اُحصر المعتمر عن «مكّة» أو عن الأفعال بها وإن دخلها «بعث» كلّ منهما «ما ساقه» إن كان قد ساق هدياً «أو» بعث «هدياً أو ثمنه» إن لم يكن ساق. والاجتزاء بالمسوق مطلقاً هو المشهور؛ لأنّه هدي مستيسر (١).

والأقوى عدم التداخل إن كان السياق واجباً ولو بالإشعار أو التقليد ، لاختلاف الأسباب المقتضية لتعدّد المسبَّب. نعم ، لو لم يتعيّن ذبحه كفى ، إلّاأنّ إطلاق «هدي السياق» حينئذٍ عليه مجاز. وإذا بعث واعَدَ نائبه وقتاً معيّناً لذبحه أو نحره.

«فإذا بلغ الهديُ محلّه ، وهي منى إن كان حاجّاً ، ومكّة إن كان معتمراً» ووقت المواعدة «حلق أو قصّر وتحلّل» بنيّته «إلّامن النساء حتى يحجّ» في القابل ، أو يعتمر مطلقاً «إن كان» النسك الذي دخل فيه «واجباً» مستقرّاً «أو يطاف عنه للنساء» مع وجوب طوافهنّ في ذلك النسك «إن كان ندباً» أو واجباً غير مستقرّ بأن استطاع له في عامه.

«ولا يسقط الهدي» الذي يتحلّل به «بالاشتراط» وقتَ الإحرام أن يحلّه حيث حبسه كما سلف «نعم له تعجيل التحلّل» مع الاشتراط من غير انتظار بلوغ الهدي محلّه ، وهذه فائدة الاشتراط فيه.

وأمّا فائدته في المصدود فمنتفية ، لجواز تعجيله التحلّل بدون الشرط. وقيل : إنّها سقوط الهدي (٢) وقيل : سقوط القضاء على تقدير وجوبه بدونه (٣).

____________________

١) إشارة إلى قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ) البقرة : ١٩٦.

٢) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ٢٥٨.

٣) قاله الشيخ في التهذيب ٥ : ٢٩٥ ، ذيل الحديث ١٠٠٠.

٥٨٠