الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

«وبالحلق» بعد الرمي والذبح «يتحلّل» من كلّ ما حرّمه الإحرام «إلّامن النساء والطيب والصيد» ولو قدّمه عليهما (١) أو وسّطه بينهما ، ففي تحلّله به (٢) أو توقّفه على الثلاثة قولان ، أجودهما الثاني (٣).

«فإذا طاف» طوافَ الحجّ «وسعى» سعيَه «حلّ الطيب». وقيل : يحلّ بالطواف خاصّة (٤) والأوّل أقوى؛ للخبر الصحيح (٥).

هذا إذا أخّر الطواف والسعي عن الوقوفين (٦) أمّا لو قدّمهما على أحد الوجهين (٧) ففي حلّه من حين فعلهما أو توقّفه على أفعال منى وجهان ، وقطع المصنّف في الدروس بالثاني (٨).

وبقي من المحرّمات النساء والصيد «فإذا طاف للنساء حللن له» إن كان رجلاً ، ولو كان صبيّاً فالظاهر أنّه كذلك من حيث الخطاب الوضعي ، وإن لم يحرمن عليه حينئذٍ فيحرمن بعد البلوغ بدونه إلى أن يأتي به.

____________________

١) يعني قدّم الحلق على الرمي والذبح.

٢) أي بالحلق المتقدّم على الرمي والذبح أو المتوسّط بينهما.

٣) ذهب إليه العلّامة في التذكرة ٨ : ٣٣٩ والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٢٦١ والماتن في الدروس ١ : ٤٥٥. وأمّا القول بتحلّله به فقد ذهب إليه الشيخ في الخلاف ٢ : ٣٤٥ ، المسألة ١٦٨ وأبو الصلاح في الكافي : ٢٠١ ـ ٢٠٢.

٤) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ٢٥٥ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٣٧٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٨٧.

٥) الوسائل ١٠ : ١٩٣ ، الباب ١٣ من أبواب الحلق والتقصير ، الحديث ١ و ٢.

٦) في (ف) : الموقفين.

٧) أي اضطراراً في التمتّع ، ومطلقاً في القران والإفراد.

٨) الدروس ١ : ٤٥٦.

٥٤١

وأمّا المرأة فلا إشكال في تحريم الرجال عليها بالإحرام ، وإنّما الشكّ في المحلِّل ، والأقوى أنّها كالرجل. ولو قدَّم طواف النساء على الوقوفين ففي حلّهن به أو توقّفه على بقيّة المناسك الوجهان. ولا يتوقّف المحلّل على صلاة الطواف عملاً بالإطلاق (١).

وبقي حكم الصيد غير معلوم من العبارة وكثير من غيرها. والأقوى حِلّ الإحراميّ منه (٢) بطواف النساء.

«ويُكره له * لُبس المخيط قبل طواف الزيارة» وهو طواف الحجّ ، وقبل السعي أيضاً ، وكذا يُكره تغطية الرأس «والطيب حتى يطوف للنساء».

____________________

١) مثل قوله عليه السلام : «ولا يحلّ له النساء حتى يزور البيت ويطوف طواف النساء» الوسائل ١٠ : ٢٠٢ ، الباب الأوّل من أبواب زيارة البيت ، الحديث ١١.

٢) أي الصيد الّذي حرّمه الإحرام ، لا الصيد الذي حرّمه الحرم ، فإنّ حرمته باقٍ ما دام في الحرم.

*) لم يرد «له» في (ق).

٥٤٢

«القول في العود إلى مكّة للطوافين والسعي»

«يُستحبّ تعجيل العود من يوم النحر» متى فرغ من مناسك منى «إلى مكّة» ليومه «ويجوز تأخيره إلى الغد. ثم يأثم المتمتّع» إن أخّره «بعده» في المشهور. أمّا القارن والمفرد فيجوز لهما تأخيرهما طولَ ذي الحجّة لا عنه «وقيل : لا إثم» على المتمتّع في تأخيره عن الغد «ويجزئ طول ذي‌الحجّة (١)» كقسيميه. وهو الأقوى ، لدلالة الأخبار الصحيحة عليه (٢) واختاره المصنّف في الدروس (٣) وعلى القول بالمنع لا يقدح التأخير في الصحة وإن أثم.

«وكيفيّة الجميع كما مرّ (٤)» في الواجبات والمندوبات ، حتى في سنن دخول مكّة من الغسل والدعاء وغير ذلك. ويجزئ الغسل بمنى ، بل غسل النهار ليومه والليل لليلته ما لم يحدث ، فيعيده «غير أنّه» هنا «ينوي بها» أي بهذه المناسك «الحجّ» أي كونها مناسكه ، فينوي طواف حجّ الإسلام حج التمتّع ، أو غيرهما من الأفراد ، مراعياً للترتيب ، فيبدأ بطواف الحجّ ثم بركعتيه ، ثم السعي ، ثم طواف النساء ثم ركعتيه.

____________________

١) قاله في السرائر ١ : ٦٠٢ ، واختاره العلّامة في المختلف ٤ : ٣٠٣.

٢) راجع الوسائل ١٠ : ٢٠٠ ، الباب الأوّل من أبواب زيارة البيت.

٣) الدروس ١ : ٤٥٧.

٤) مرّ في أعمال العمرة.

٥٤٣

«القول في العود إلى منى»

«ويجب بعد قضاء مناسكه بمنى العود إليها» هكذا الموجود في النسخ ، والظاهر أن يقال : «بعد قضاء مناسكه بمكّة العود إلى منى» لأنّ مناسك مكّة متخلّلة بين مناسك منى أوّلاً وآخراً. ولا يحسن تخصيص مناسك منى مع أنّ بعدها ما هو أقوى ، وما ذكرناه عبارة الدروس (١) وغيرها (٢) والأمر سهل.

وكيف كان فيجب العود إلى منى إن كان خرج منها «للمبيت بها ليلاً» ليلتين أو ثلاثاً ـ كما سيأتي تفصيله ـ مقروناً بالنيّة المشتملة على قصده في النُسُك المعيّن بالقربة بعد تحقّق الغروب. ولو تركها ففي كونه كمن لم يبت أو يأثم خاصّة مع التعمّد ، وجهان : من تعليق وجوب الشاة على من لم يبت وهو حاصل بدون النيّة ، ومن عدم الاعتداد به شرعاً بدونها «ورمي الجمرات الثلاث نهاراً» في كلّ يوم يجب مبيت ليلته.

«ولو * بات بغيرها فعن كلّ ليلة شاة» ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين المختار والمضطرّ في وجوب الفدية ، وهو ظاهر الفتوى والنصّ (٣) وإن جاز خروج المضطرّ منها ، لمانع خاصّ أو عامّ ، أو حاجة ، أو حفظ مال ، أو تمريض مريض. ويحتمل سقوط الفدية عنه. وربما بني الوجهان على أنّ الشاة هل هي كفّارة أو

____________________

١) الدروس ١ : ٤٥٨.

٢) اُنظر الشرائع ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، والتذكرة ٨ : ٣٥٥ ، والتحرير ٢ : ٧.

*) في (ق) و (س) : فلو.

٣) راجع الوسائل ١٠ : ٢٠٦ ، الباب الأوّل من أبواب العود إلى منى.

٥٤٤

فدية وجبران؟ فتسقط على الأوّل دون الثاني. أمّا الرعاة وأهل سقاية العبّاس (١) فقد رخّص لهم في‌ترك المبيت من غير فدية.

ولا فرق في وجوبها بين مبيته بغيرها لعبادة وغيرها «إلّاأن يبيت بمكّة مشتغلاً بالعبادة» الواجبة أو المندوبة مع استيعابه الليلة بها إلّاما يضطرّ إليه ، من أكل وشرب وقضاء حاجة ونوم يغلب عليه ، ومن أهمّ العبادة الاشتغال بالطواف والسعي ، لكن لو فرغ منهما قبل الفجر وجب عليه إكمالها بما شاء من العبادة.

وفي جواز رجوعه بعده (٢) إلى منى ليلاً نظر : من استلزامه فوات جزء من الليل بغير أحد الوصفين ـ أعني المبيت بمنى ، وبمكّة متعبّداً ـ ومن أنّه تشاغل بالواجب. ويظهر من الدروس جوازه وإن علم أنّه لا يدرك منى إلّابعد انتصاف الليل (٣) ويشكل بأنّ مطلق التشاغل بالواجب غير مجوِّز.

«ويكفي» في وجوب المبيت بمنى «أن يتجاوز» الكون بها «نصف الليل» فله الخروج بعده منها ولو إلى مكّة (٤).

«ويجب في الرمي الترتيب» بين الجمرات الثلاث «يبدأ بالاُولى» وهي أقربها إلى المشعر تلي مسجد الخيف «ثم الوسطى ، ثم جمرة العقبة».

____________________

١) يعني سقاية الحاجّ ، سُمّيت بذلك لقصّة وردت في شأن نزول الآية ٢٠ من سورة التوبة ، راجع مجمع البيان ، ذيل الآية المباركة.

٢) أي بعد الفراغ من الطواف والسعي.

٣) الدروس ١ : ٤٥٩.

٤) نبّه بقوله «ولو إلى مكّة» على خلاف الشيخ حيث جوّز الخروج بعد الانتصاف (النهاية : ٢٦٥) وأطلق ومنع من الخروج إلى مكّة إلى الفجر. وضعفه ظاهر ومستنده غير واضح. (منه رحمه الله).

٥٤٥

«ولو نكس» فقدّم مؤخّراً «عامداً» كان «أو ناسياً بطل» رميه أي مجموعه من حيث هو مجموع ، أمّا رمي الاُولى فإنّه صحيح وإن تأخّرت ، لصيرورتها أوّلاً ، فيعيد على ما يحصل معه الترتيب. فإن كان النَكس محضاً ـ كما هو الظاهر ـ أعاد على الوسطى وجمرة العقبة ، وهكذا.

«ويحصل الترتيب بأربع حَصَيات» بمعنى أنّه إذا رمى الجمرة بأربع وانتقل إلى ما بعدها صحّ وأكمل الناقصة بعد ذلك. وإن كان أقلّ من أربع استأنف التالية. وفي الناقصة وجهان ، أجودهما الاستئناف أيضاً. وكذا لو رمى الأخيرة دون أربع ثمّ قطعه؛ لوجوب الولاء.

هذا كلّه مع الجهل أو النسيان. أمّا مع العمد فيجب إعادة ما بعد التي لم تكمل مطلقاً؛ للنهي عن الاشتغال بغيرها قبل إكمالها وإعادتها إن لم تبلغ الأربع (١) وإلّا بنى عليها واستأنف الباقي. ويظهر من العبارة عدم الفرق بين العامد وغيره ، وبالتفصيل قطع في الدروس (٢).

«ولو نسي» رميَ «جمرةٍ أعاد على الجميع إن لم تتعيّن» لجواز كونها الاُولى ، فتبطل الأخيرتان.

«ولو نسي حصاة» واحدة واشتبه الناقص من الجمرات «رماها على الجميع» لحصول الترتيب بإكمال الأربع؛ وكذا لو نسي اثنتين وثلاثاً (٣). ولا يجب الترتيب هنا؛ لأنّ الفائت من واحدة ووجوب الباقي من باب المقدّمة ، كوجوب

____________________

١) لا يوجد في المقام نهي صريح ، ولذا قال في المدارك (٨ : ٢٣٤) : وهو جيّد إن ثبت التحريم. نعم يمكن أن يستفاد النهي من الأخبار الدالّة على وجوب الترتيب ، راجع الوسائل ١٠ : ٢١٥ ـ ٢١٦ ، الباب ٥ و ٦ من أبواب العود إلى منى.

٢) الدروس ١ : ٤٣٠.

٣) في (ر) : أو ثلاثاً.

٥٤٦

ثلاث فرائض عن واحدة مشتبهة من الخمس. نعم ، لو فاته من كلّ جمرة واحدة أو اثنتان أو ثلاث وجب الترتيب ، لتعدّد المرميّ (١) بالأصالة. ولو فاته ما دون أربع وشكّ في كونه من واحدة أو اثنتين أو ثلاث وجب رمي ما يحصل معه يقين البراءة مرتّباً ، لجواز التعدّد. ولو شكّ في‌أربع كذلك استأنف الجميع.

«ويستحبّ : رمي» الجمرة «الاُولى عن يمينه» أي يمين الرامي ويسارها بالإضافة إلى المستقبل.

«والدعاء» حالةَ الرمي وقبلَه بالمأثور (٢).

«والوقوف عندها» بعد الفراغ من الرمي مستقبلَ القبلة ، حامداً مصلّياً داعياً سائلاً القبول.

«وكذا الثانية» يستحبّ رميها عن يمينه ويسارها ، واقفاً بعده كذلك.

«ولا يقف عند الثالثة» وهي جمرة العقبة مستحبّاً ، ولو وقف لغرضٍ فلا بأس.

«وإذا بات بمنى ليلتين * جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال» لا قبلَه «إن كان قد اتّقى الصيد والنساء» في إحرام الحجّ قطعاً ، وإحرام العمرة أيضاً إن كان الحجّ تمتّعاً على الأقوى. والمراد باتّقاء الصيد : عدم قتله ، وباتّقاء النساء : عدم جماعهنّ. وفي إلحاق مقدّماته وباقي المحرّمات المتعلّقة بهنّ ـ كالعقد ـ وجه. وهل يفرق فيه بين العامد وغيره؟ أوجه ثالثها الفرق بين الصيد والنساء ،

____________________

١) في (ر) الرمي ، وفي نسخة بدله مثل ما أثبتناه.

٢) الوسائل ١٠ : ٧٥ ، الباب ١٠ من أبواب رمي جمرة العقبة ، الحديث ٢ ، وفيه : «قل : كما قلت يوم النحر» وراجع الباب ٣٧ من أبواب الذبح ، الحديث الأوّل.

*) في (ق) و (س) : ليلتين بمنى.

٥٤٧

لثبوت الكفّارة فيه مطلقاً ، دون غيره «ولم تغرب عليه الشمس ليلة الثالث عشر بمنى».

«وإلّا» يجتمع الأمران الاتّقاء وعدم الغروب ، سواء انتفيا أم أحدهما «وجب المبيت ليلة الثالث عشر» (١) ولا فرق مع غروبها عليه بين من تأهّب للخروج قبلَه فغربت عليه قبل أن يخرج وغيره ، ولا بين من خرج ولم يتجاوز حدودها حتى غربت وغيره. نعم لو خرج منها قبلَه ثم رجع بعده لغرضٍ ـ كأخذ شيء نسيه ـ لم يجب المبيت. وكذا لو عاد لتدارك واجبٍ بها. ولو رجع قبل الغروب لذلك فغربت عليه بها ففي وجوب المبيت قولان (٢) أجودهما ذلك.

«و» حيث وجب مبيت ليلة الثالث عشر وجب «رمي الجمرات» الثلاث «فيه ، ثم ينفر في الثالث عشر ، ويجوز قبلَ الزوال بعد الرمي».

«ووقته» أي وقت الرمي «من طلوع الشمس إلى غروبها» في المشهور. وقيل : أوّله الفجر وأفضله عند الزوال (٣).

«ويرمي المعذور» كالخائف والمريض والمرأة والراعي «ليلاً. ويقضي الرمي لو فات» في بعض الأيّام «مقدّماً على الأداء» في تاليه ، حتّى لو فاته رمي يومين قدّم الأوّل على الثاني وختم بالأداء. وفي اعتبار وقت الرمي في القضاء قولان ، أجودهما ذلك (٤) وتجب نيّة القضاء فيه. والأولى الأداء فيه في

____________________

١) في (ر) زيادة : بمنى.

٢) لم نعثر على القائل بعدم وجوب المبيت.

٣) لم نعثر على من صرّح بكامل القول ، نعم في الوسيلة (١٨٨) : ووقت الرمي طول النهار ، والفضل في الرمي عند الزوال. وفي إشارة السبق (١٣٨) : ووقت الرمي في جميع أيّامه أوّل النهار.

٤) لم نظفر بالقائل بعدم اعتبار الوقت في القضاء.

٥٤٨

وقته. والفرق وقوع ما في ذمّته أوّلاً على وجهين ، دون الثاني.

«ولو رحل» من مِنى «قبله» أي قبل الرمي أداءً وقضاءً «رجع له» في أيّامه «فإن تعذّر» عليه العود «استناب فيه» في وقته ، فإن فات استناب «في القابل» وجوباً إن لم يحضر ، وإلّا وجبت المباشرة.

«ويستحبّ النفر في الأخير (١)» لمن لم يجب عليه «والعود إلى مكّة لطواف الوداع» استحباباً مؤكّداً ، وليس واجباً عندنا (٢) ووقته عند إرادة الخروج بحيث لا يمكث بعده إلّامشغولاً بأسبابه ، فلو زاد عنه أعاده. ولو نسيه حتى خرج استحبّ العود له وإن بلغ المسافة من غير إحرام ، إلّاأن يمضي له شهر. ولا وداع للمجاور.

ويُستحبّ : الغسل لدخولها ، والدخول من باب بني شيبة ، والدعاء كما مرّ (٣).

«ودخول الكعبة» فقد رُوي : أنّ دخولها دخول في رحمة اللّٰه ، والخروج منها خروج من الذنوب وعصمة فيما بقي من العمر ، وغفران لما سلف من الذنوب (٤) «وخصوصاً الصرورة» وليدخلها بالسكينة والوقار ، آخذاً بحلقتي الباب عند الدخول.

«والصلاة بين الاُسطوانتين» اللتين تليان الباب «على * الرخامة

____________________

١) أي اليوم الثالث عشر.

٢) وعند العامّة فيه قولان ، راجع المجموع ٨ : ٢٣٢.

٣) مرّ في الصفحة ٥٠٤.

٤) الوسائل ١٠ : ٢٣٠ ، الباب ١٦ من أبواب العود إلى منى ، الحديث الأوّل.

*) في (س) : وعلى.

٥٤٩

الحمراء».

ويستحبّ أن يقرأ في اُولى الركعتين «الحمد» و «حم السجدة» وفي الثانية بعدد آيها وهي ثلاث أو أربع وخمسون.

«و» الصلاة «في زواياها» الأربع (١) كلّ زاوية ركعتين ، تأسّياً بالنبي صلى الله عليه وآله (٢) «واستلامها» أي الزوايا والدعاء والقيام بين الركن (٣) الغربي واليماني رافعاً يديه ملصقاً به (٤) ثم كذلك في الركن اليماني ، ثم الغربي ، ثم الركنين الآخرين ، ثم يعود إلى الرخامة الحمراء فيقف عليها ويرفع رأسه إلى السماء ويطيل الدعاء ويبالغ في الخشوع وحضور القلب.

«والدعاء عند الحطيم» سُمّي به ، لإزدحام الناس عنده للدعاء واستلام الحجر فيحطم بعضهم بعضاً ، أو لانحطام الذنوب عنده ، فهو فعيل بمعنى فاعل ، أو لتوبة اللّٰه فيه على آدم فانحطمت ذنوبه «وهو أشرف البقاع» على وجه الأرض على ما ورد في الخبر عن زين العابدين وولده الباقر عليهما السلام (٥) وهو

____________________

١) في (ر) زيادة : في.

٢) راجع الوسائل ٩ : ٣٧٣ ، الباب ٣٦ من أبواب مقدّمات الطواف ، الحديث ٢.

٣) في (ر) : ركني.

٤) الضمير راجع إلى «الحائط» ففي الحديث : «رأيت العبد الصالح عليه السلام دخل الكعبة فصلّى ركعتين على الرخامة الحمراء ، ثمّ قام فاستقبل الحائط بين الركن اليماني والغربي فرفع يده عليه ولصق به ودعا ...» الوسائل ٩ : ٣٧٤ ، الباب ٣٦ من أبواب مقدّمات الطواف ، الحديث ٤.

٥) ما ظفرنا به في الروايات هو : «أفضل البقاع ما بين الركن والمقام» راجع الوسائل ١ : ٩٣ ، الباب ٢٩ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ١٢ ، وبحار الأنوار ٩٩ : ٢٣٠ ، باب الحطيم وفضله ، الحديث ٣.

٥٥٠

«ما بين الباب والحجر» الأسود * ويلي الحطيم في الفضل عند المقام ، ثم الحِجر ، ثم ما دنا من البيت.

«واستلام الأركان» كلِّها «والمستجار وإتيان زمزم والشرب منها» والامتلاء ، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله : «ماء زمزم لما شُرب له» (١) فينبغي شربه للمهمّات الدينيّة والدنيويّة. فقد فعله جماعة من الأعاظم لمطالب مهمّة فنالوها ، وأهمّها طلب رضى اللّٰه والقرب منه والزلفى لديه. ويستحبّ مع ذلك حمله وإهداؤه.

«والخروج من باب الحنّاطين» سمّي بذلك لبيع الحِنطة عنده أو الحنوط ، وهو باب بني جُمح با زاء الركن الشامي داخل في المسجد كغيره ، فيخرج من الباب المسامت له مارّاً من عند الأساطين إليه على الاستقامة ليظفر به.

«والصدقة بتمر يشتريه بدرهم» شرعي ، ويجعلها قبضة قبضة بالمعجمة وعُلّل في الأخبار بكونه كفّارة لما لعلّه دخل عليه في حجّه من حكّ أو قملةٍ سقطت ، أو نحو ذلك (٢) ثم إن استمرّ الاشتباه فهي صدقة مطلقة ، وإن ظهر له موجب يتأدّى بالصدقة فالأقوى إجزاؤها ، لظاهر التعليل كما في نظائره. ولا يقدح اختلاف الوجه ، لابتنائه على الظاهر؛ مع أنّا لا نعتبره.

«والعزم على العود» إلى الحجّ ، فإنّه من أعظم الطاعات ، ورُوي أنّه من المنسئات في العمر ، كما أنّ العزم على تركه مقرِّب للأجل والعذاب (٣) ويستحبّ

____________________

*) لفظ «الأسود» ورد في (ق) ، وعليه فهو من المتن.

١) المحاسن للبرقي ٢ : ٣٩٩ ، الحديث ٢٣٩٥ ، وفيه «دواء لما شُرب له» وروي في البحار ٩٩ : ٢٤٥ ، عن طبّ الأئمة مثل ما في المتن.

٢) الوسائل ١٠ : ٢٣٤ ، الباب ٢٠ من أبواب العود إلى منى ، الحديث ٢.

٣) راجع الوسائل ٨ : ١٠٧ ، الباب ٥٧ من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه.

٥٥١

أن يضمّ إلى العزم سؤال اللّٰه تعالى ذلك عند الانصراف.

«ويستحبّ الإكثار من الصلاة بمسجد الخيف» لمن كان بمنى فقد رُوي : «أنّه من صلّى به مئة ركعة عدلت عبادة سبعين عاماً ، ومن سبّح اللّٰه فيه مئة تسبيحة كُتب له أجر عتق رقبة ، ومن هلّل اللّٰه فيه مئة عدلت إحياء نسمة ، ومن حمد اللّٰه فيه مئة عدلت خراج العراقين يُنفق في سبيل اللّٰه» (١) «وإنّما سُمِّي خيفاً؛ لأ نّه مرتفع عن الوادي ، وكلّ ما ارتفع عنه سُمّي خيفاً» (٢) «وخصوصاً عند المنارة» التي في وسطه «وفوقها إلى القبلة بنحو من ثلاثين ذراعاً» وكذا عن يمينها ويسارها وخلفها ، روى [تحديده] (٣) بذلك معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام وأنّ ذلك مسجد رسول اللّٰه صلى الله عليه وآله ، وأ نّه صلّى فيه ألف نبي (٤) والمصنّف اقتصر على الجهة الواحدة ، وفي الدروس أضاف يمينها ويسارها كذلك (٥) ولا وجه للتخصيص. وممّا يختصّ به من الصلوات صلاة ستّ ركعات في أصل الصومعة (٦).

«ويحرم إخراج من التجأ إلى الحرم بعد الجناية» بما يوجب حدّاً أو تعزيراً أو قصاصاً ، وكذا لا يُقام عليه فيه. «نعم يُضيَّق عليه في المطعم

____________________

١) الوسائل ٣ : ٥٣٥ ، الباب ٥١ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث الأوّل.

٢) المصدر السابق : ٥٣٤ ، الباب ٥٠ ، ذيل الحديث الأول.

٣) في المخطوطات : تحديدها. والأنسب تذكير الضمير ، لرجوعه إلى المسجد ، كما يظهر بالمراجعة إلى الرواية.

٤) الوسائل ٣ : ٥٣٤ ، الباب ٥٠ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث الأوّل.

٥) الدروس ١ : ٤٦٢.

٦) الوسائل ٣ : ٥٣٥ ، الباب ٥١ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث ٢.

٥٥٢

والمشرب» بأن لا يزاد منهما على ما يسدّ الرمق ببيع ولا غيره ولا يُمكَّن من ماله زيادة على ذلك «حتى يخرج» فيُستوفى منه.

«فلو جنى في الحرم قوبل» بمقتضى جنايته «فيه» لانتهاكه حرمة الحرم ، فلا حرمة له. وألحق بعضهم به مسجد النبي صلى الله عليه وآله ومشاهد الأئمة عليهم السلام (١) وهو ضعيف المستند (٢).

____________________

١) لم نظفر به.

٢) لعلّ مستند الحكم هو إطلاق اسم الحرم عليهما في بعض الأخبار ، مثل قوله عليه السلام : «إنّ للّٰه‌حرماً وهو مكّة ، وإن للرسول حرماً وهو المدينة ، وإنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة ، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم» بحار الأنوار ٦٠ : ٢١٦ ، الحديث ٤١.

٥٥٣
٥٥٤

«الفصل السادس»

«في كفّارات الإحرام»

اللاحقة بفعل شيء من محرّماته

«وفيه بحثان» :

«الأوّل في» كفّارة «الصيد»

«ففي النعامة بدنة» وهي من الإ بل الاُنثى التي كمل سنّها خمس سنين ، سواء في ذلك كبير النعامة وصغيرها ، ذَكَرُها واُنثاها. والأولى المماثلة بينهما في ذلك.

«ثمّ الفضّ (١)» أي فضّ ثمن البدنة لو تعذّرت «على البرّ وإطعام ستّين» مسكيناً «والفاضل» من قيمتها عن ذلك «له ، ولا يلزم * الإتمام لو أعوز» ولو فضل منه ما لا يبلغ مدّاً أو مدّين دفعه إلى مسكين آخر وإن قلّ.

«ثمّ صيام ستّين يوماً» إن لم يقدر على الفضّ ، لعدمه أو فقره. وظاهره عدم الفرق بين بلوغ القيمة على تقدير إمكان الفضّ الستّين وعدمه. وفي الدروس

____________________

١) الفضّ : التفريق والتقسيم.

*) كذا في نسختي اللمعة ، وفي نسخ الروضة : لا يلزمه.

٥٥٥

نسب ذلك إلى قولٍ (١) مشعراً بتمريضه. والأقوى جواز الاقتصار على صيام قدر ما وسعت من الإطعام ، ولو زاد ما لا يبلغ القدر صام عنه يوماً كاملاً.

«ثمّ صيام ثمانية عشر يوماً» لو عجز عن صوم الستّين وما في معناها (٢) وإن قدر على صوم أزيد من الثمانية عشر. نعم لو عجز عن صومها وجب المقدور. والفرق ورود النصّ بوجوب الثمانية عشر (٣) لمن عجز عن الستّين (٤) الشامل لمن قدر على الأزيد ، فلا يجب. وأمّا المقدور من الثمانية عشر فيدخل في عموم «فأتوا منه ما استطعتم» (٥) لعدم المعارض. ولو شرع في صوم الستّين قادراً عليها فتجدّد عجزه بعد تجاوز الثمانية عشر اقتصر على ما فعل وإن كان شهراً ، مع احتمال وجوب تسعة حينئذٍ؛ لأنّها بدل عن الشهر المعجوز عنه.

«والمدفوع إلى المسكين» على تقدير الفضّ «نصف صاع» مدّان في المشهور ، وقيل : مدّ (٦) وفيه قوّة.

«وفي بقرة الوحش وحماره بقرة أهليّة» مسنّة فصاعداً ، إلّاأن ينقص سنّ المقتول عن سنّها فيكفي مماثله فيه «ثمّ الفضّ» للقيمة على البرّ لو تعذّر «ونصف ما مضى» في الإطعام والصيام مع باقي الأحكام ، فيطعم ثلاثين ، ثم يصوم ثلاثين ، ومع العجز تسعة.

«وفي الظبي والثعلب والأرنب شاة ، ثمّ الفضّ» المذكور لو تعذّرت

____________________

١) الدروس ١ : ٣٥٤.

٢) وهو صيام قدر ما وسعت قيمة البدنة على تقدير الفضّ.

٣) في (ر) : على وجوب ثمانية عشر.

٤) الوسائل ٩ : ١٨٣ ، الباب ٢ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٣.

٥) عوالي اللآلئ : ٥٨ ، الحديث ٢٠٦.

٦) قاله عليّ بن بابويه وابن أبي عقيل ، كما عنهما في المختلف ٤ : ٩٢.

٥٥٦

الشاة «وسدس ما مضى» فيطعم عشرة ، ثم يصوم عشرة ، ثم ثلاثة. ومقتضى تساويها في الفضّ والصوم أنّ قيمتها لو نقصت عن عشرة لم يجب الإكمال ، ويتبعها الصوم. وهذا يتمّ في الظبي خاصّة؛ للنصّ (١) أمّا الآخران فألحقهما به جماعة (٢) تبعاً للشيخ (٣) ولا سند له ظاهراً. نعم ورد فيهما شاة (٤) فمع العجز عنها يرجع إلى الرواية العامّة با طعام عشرة مساكين لمن عجز عنها ثمّ صيام ثلاثة (٥) ، وهذا هو الأقوى. وفي الدروس نسب مشاركتهما له إلى الثلاثة (٦) وهو مشعر بالضعف. وتظهر فائدة القولين في وجوب إكمال إطعام العشرة وإن لم تبلغها القيمة على الثاني ، والاقتصار في الإطعام على مُدّ.

«وفي كسر بيض النعام لكلّ بيضة بَكْرَة من الإ بل» وهي الفتيّة منها ، بنت المخاض فصاعداً مع صدق اسم الفتيّ. والأقوى إجزاء البَكر؛ لأنّ مورد النصّ البكارة (٧) وهي جمع ل‍ «بَكر» و «بَكرة» «إن تحرّك الفرخ» في البيضة «وإلّا» يتحرّك «أرسل فحولة الإ بل في إناث» منها «بعدد البيض ، فالناتج هدي» بالغ الكعبة ، لا كغيره من الكفّارات. ويعتبر في الاُنثى صلاحيّة الحمل ، ومشاهدة الطَرْق وكفاية الفحل للاُناث عادة. ولا فرق بين كسر البيضة بنفسه

____________________

١) الوسائل ٩ : ١٨٨ ، الباب ٣ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٢.

٢) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ١٦٧ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٥٥٧ ، وابن سعيد في الجامع : ١٨٩.

٣) المبسوط ١ : ٣٤٠.

٤) الوسائل ٩ : ١٨٩ ، الباب ٤ من أبواب كفّارات الصيد.

٥) المصدر السابق : ١٨٦ ، الباب ٢ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ١١.

٦) وهم : المفيد والمرتضى والشيخ الطوسي ، الدروس ١ : ٣٥٥.

٧) الوسائل ٩ : ٢١٧ ، الباب ١٤ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٤.

٥٥٧

ودابّته ، ولو ظهرت فاسدةً أو الفرخ ميّتاً فلا شيء. ولا يجب تربية الناتج بل يجوز صرفه من حينه ، ويتخيّر بين صرفه في مصالح الكعبة ومعونة الحاجّ ، كغيره من مال الكعبة.

«فإن عجز» عن الإرسال «فشاة عن البيضة» الصحيحة «ثمّ» مع العجز عن الشاة «إطعام عشرة مساكين» لكلّ مسكين مُدّ ، وإنّما أطلق؛ لأنّ ذلك ضابطه حيث لا نصّ على الزائد ، ومصرف الشاة والصدقة كغيرهما (١) لا كالمبدل (٢) «ثم صيام ثلاثة» أيّام لو عجز عن الإطعام.

«وفي كسر كلّ بيضة من القطا والقَبج» ـ بسكون الباء ـ وهو الحَجَل «والدرّاج من صغار الغنم إن تحرّك الفرخ» في البيضة. وكذا أطلق المصنّف هنا وجماعة (٣) وفي الدروس جعل في الأوّلين مخاضاً من الغنم (٤) أي من شأنها الحمل ، ولم يذكر الثالث. والنصوص خالية عن ذكر الصغير.

والموجود في الصحيح منها : أنّ في بيض القطاة بكارة من الغنم (٥) وأمّا المخاض فمذكور في مقطوعة (٦) والعمل على الصحيح. وقد تقدّم أنّ المراد بالبكر الفتيّ ، وسيأتي أنّ في قتل القطا والقَبْج والدرّاج حمل مفطوم (٧) والفتيّ أعظم منه ،

____________________

١) يعني كغيرهما من الكفّارات فتصرفان على الفقراء والمساكين.

٢) في وجوب الصرف على مصالح الكعبة.

٣) منهم ابن سعيد في الجامع : ١٩٢ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٤٥٩.

٤) الدروس ١ : ٣٥٥.

٥) الوسائل ٩ : ٢١٧ ، الباب ٢٤ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٤.

٦) بل هي مضمرة لكن الشارح قد أطلق في غير مورد من كتبه المقطوعة على المضمرة راجع المسالك ٣ / ١٣٧. راجع الوسائل ٩ : ٢١٨ ، الباب ٢٥ من أبواب كفّارات الصيد ، الحديث ٤.

٧) يأتي في الصفحة ٥٦٢.

٥٥٨

فيلزم وجوب الفداء للبيض أزيد ممّا يجب في الأصل ، إلّاأن يحمل الفتيّ على الحمل فصاعداً ، وغايته حينئذٍ تساويهما في الفداء ، وهو سهل.

وأما بيض القبج والدرّاج فخالٍ عن النصّ ، ومن ثَمّ اختلفت العبارات فيها ، ففي بعضها (١) اختصاص موضع النصّ وهو بيض القطا ، وفي بعض (٢) ـ ومنه الدروس (٣) ـ إلحاق القبج ، وفي ثالثٍ (٤) إلحاق الدرّاج بهما. ويمكن إلحاق القبج بالحمام في البيض؛ لأنّه صنف منه.

«وإلّا» يتحرّك الفرخ «أرسل في الغنم بالعدد» كما تقدّم في النعام. «فإن عجز» عن الإرسال «فكبيض النعام» كذا أطلق الشيخ (٥) تبعاً لظاهر الرواية (٦) وتبعه الجماعة (٧) وظاهره : أنّ في كلّ بيضة شاة ، فإن عجز أطعم عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

ويشكل بأنّ الشاة لا تجب في البيضة ابتداءً ، بل إنّما يجب نتاجها حين تولد على تقدير حصوله ، وهو أقلّ من الشاة بكثير ، فكيف يجب مع العجز؟

____________________

١) مثل عبارة الصدوقين على ما حكاه العلّامة عنهما في المختلف ٤ : ١١٥ ، وسلّار في المراسم : ١٢٠.

٢) مثل عبارة الشيخ في النهاية : ٢٢٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٦٩ ، والعلّامة في التحرير ٢ : ٤٢.

٣) الدروس ١ : ٣٣٥.

٤) كعبارة ابن إدريس في السرائر ١ : ٥٦٥.

٥) المبسوط ١ : ٣٤٥.

٦) قال في المدارك (٨ : ٣٣٦) : هذا الحكم ذكره الشيخ في جملة من كتبه ، وتبعه عليه المصنّف والجماعة ولم نقف له على مستندٍ.

٧) منهم المحقّق في الشرائع ١ : ٢٨٦ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٤٥٩.

٥٥٩

وفسّره جماعة من المتأخّرين (١) ـ منهم المصنّف (٢) ـ بأنّ المراد وجوب الأمرين الأخيرين (٣) دون الشاة.

وهذا الحكم هو الأجود ، لا لما ذكروه ـ لمنع كون الشاة أشقّ من الإرسال ، بل هي أسهل على أكثر الناس؛ لتوقّفه على تحصيل الإناث والذكور ، وتحرّي زمن الحمل ومراجعتها إلى حين النتاج ، وصرفه هدياً للكعبة ، وهذه اُمور تعسر على الحاجّ غالباً أضعاف الشاة ـ بل لأنّ الشاة يجب أن تكون مجزئة هنا بطريق أولى؛ لأ نّها أعلى قيمة وأكثر منفعة من النتاج ، فيكون كبعض أفراد الواجب ، والإرسال أقلّه. ومتى تعذّر الواجب انتقل إلى بدله ، وهو هنا الأمران الآخران (٤) من حيث البدل العامّ لا الخاصّ ، لقصوره عن الدلالة؛ لأنّ بدليّتهما عن الشاة يقتضي بدليتهما عما هو دونها قيمةً بطريقٍ أولى.

«وفي الحمامة وهي المطوَّقة أو ما تَعُبُّ الماء» بالمهملة أي تشربه من غير مصّ كما تَعُبُّ الدوابّ ولا يأخذه بمنقاره قطرة قطرة كالدجاج والعصافير.

و «أو» هنا يمكن كونُه للتقسيم بمعنى كون كلّ واحد من النوعين حماماً ، وكونُه للترديد ، لاختلاف الفقهاء وأهل اللغة في اختيار كلّ منهما ، والمصنّف في الدروس اختار الأوّل خاصّة (٥) واختار المحقّق والعلّامة الثاني خاصّة (٦) والظاهر

____________________

١) منهم العلّامة في التذكرة ٧ : ٤١٥ ، والصيمري في غاية المرام ١ : ٤٧٩ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٣ : ٣٠٩.

٢) الدروس ١ : ٣٥٦.

٣) أي إطعام عشرة مساكين وصيام ثلاثة أيّام.

٤) في (ش) و (ف) : الأخيران.

٥) الدروس ١ : ٣٥٦.

٦) الشرائع ١ : ٢٨٦ ، والتذكرة ٧ : ٤١٦.

٥٦٠