الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

أي يُفيض نفسَه «بعد غروب الشمس» المعلوم بذهاب الحمرة المشرقيّة بحيث لا يقطع حدود عرفة حتى تغرب «إلى المشعر» الحرام «مقتصداً» متوسّطاً «في سيره ، داعياً إذا بلغ الكثيب (١) الأحمر» عن يمين الطريق بقوله : «اللهمّ ارحم موقفي ، وزد في عملي ، وسلِّم لي ديني ، وتقبّل مناسكي. اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف ، وارزقنيه أبداً ما أبقيتني» (٢).

«ثمّ يقف به» أي يكون بالمشعر «ليلاً إلى طلوع الشمس. والواجب الكون» واقفاً كان ، أم نائماً ، أم غيرهما من الأحوال «بالنيّة» عند وصوله. والأولى تجديدها بعد طلوع الفجر ، لتغاير الواجبين ، فإنّ الواجب الركني منه اختياراً المسمّى فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، والباقي واجب لا غير ، كالوقوف بعرفة.

«ويستحبّ : إحياء تلك الليلة» بالعبادة «والدعاء والذكر والقراءة» فمن أحياها لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

«ووطء الصرورة المشعر برجله» ولو في نعل أو ببعيره. قال المصنّف في الدروس : والظاهر أنّه (٣) المسجد الموجود الآن (٤).

____________________

١) الكثيب : التلّ من الرمل.

٢) التهذيب ٥ : ١٨٧ ، باب الإفاضة من عرفات ، الحديث ٥ و ٦.

٣) الضمير راجع إلى المشعر ـ كما صرّح به في المسالك ٢ : ٢٨٧ ـ ولازمه أن يكون المشعر موضعاً خاصّاً من المزدلفة ، لكن عبارة الدروس هكذا : «وقال ابن الجنيد : يطأ برجله أو بعيره المشعر الحرام قرب المنارة ، والظاهر أنّه المسجد الموجود الآن» فمرجع الضمير في عبارة الدروس هو «المشعر الحرام قرب المنارة» لا المشعر مطلقاً.

٤) الدروس ١ : ٤٢٢.

٥٢١

«والصعود على قُزَح» بضمّ القاف وفتح الزاء المعجمة. قال الشيخ رحمه الله : هو المشعر الحرام ، وهو جبل هناك يستحبّ الصعود عليه (١) «وذكر اللّٰه عليه» وجَمْعٌ أعمّ منه (٢).

«مسائل» :

«كلٌّ من الموقفين ركن» وهو مسمّى الوقوف في كلّ منهما «يبطل الحجّ بتركه عمداً ، ولا يبطل» بتركه «سهواً» كما هو حكم أركان الحجّ أجمع «نعم لو سهى عنهما» معاً «بطل» وهذا الحكم مختصّ بالوقوفين ، وفواتهما أو أحدهما لعذر كالفوات سهواً.

ولكلٍّ من الموقفين (٣) اختياريٌّ واضطراريٌّ. فاختياريّ عرفة : ما بين الزوال والغروب. واختياريّ المشعر : ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس «واضطراريّ عرفة ليلة النحر» من الغروب إلى الفجر «واضطراريّ المشعر» من طلوع شمسه «إلى زواله».

وله (٤) اضطراريٌّ آخر أقوى منه؛ لأنّه مشوب بالاختياري ، وهو اضطراري عرفة ليلة النحر ، ووجه شوبه : اجتزاء المرأة به اختياراً والمضطرّ

____________________

١) المبسوط ١ : ٣٦٨ ، وعبارته هكذا : ويستحبّ للصرورة أن يطأ المشعر الحرام ولا يتركه مع الاختيار ، والمشعر الحرام جبل هناك مرتفع يسمّى قزح.

٢) يقال للمشعر : جمع ، بسكون الميم ، لاجتماع الناس فيه ، وهو أعمّ منه على رأي الشهيد الشارح ، راجع هامش (ر).

٣) في (ف) : الوقوفين.

٤) أي للمشعر.

٥٢٢

والمتعمّد مطلقاً مع جبره بشاة ، والاضطراري المحض ليس كذلك.

والواجب من الوقوف الاختياري : الكلّ ، ومن الاضطراري : الكلّي ، كالركن من الاختياري.

وأقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري والاضطراري ثمانية ، أربعة مفردة ، وهي كلّ واحد من الاختياريّين والاضطراريّين ، وأربعة مركّبة ، وهي الاختياريّان والاضطراريّان ، واختياريّ عرفة مع اضطراريّ المشعر وعكسه.

«وكلّ أقسامه يجزئ» في الجملة لا مطلقاً ، فإنّ العامد يبطل حجّه بفوات كلّ واحد من الاختياريّين «إلّاالاضطراريّ الواحد» فإنّه لا يجزئ مطلقاً على المشهور.

والأقوى إجزاء اضطراريّ المشعر وحده ، لصحيحة عبد اللّٰه بن مسكان (١) عن الكاظم عليه السلام (٢).

أمّا اضطراريّه السابق فمجزئ مطلقاً كما عرفت. ولم يستثنه هنا؛ لأنّه جعله من قسم الاختياري ، حيث خصّ الاضطراريّ بما بعد طلوع الشمس ، ونبّه على حكمه أيضاً بقوله : «ولو أفاض قبل الفجر عامداً فشاة» وناسياً لا شيء عليه. وفي إلحاق الجاهل بالعامد كما في نظائره ، أو الناسي قولان ، وكذا في ترك أحد الوقوفين (٣).

«ويجوز» الإفاضة قبل الفجر «للمرأة والخائف» بل كلّ مضطرّ

____________________

١) كذا ، والظاهر أنّ المراد بها رواية عبد اللّٰه بن المغيرة ، فوقع السهو في ذكر الأب ، كما نبّه عليه السيّد العاملي في المدارك ٧ : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

٢) راجع الوسائل ١٠ : ٥٨ ، الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر ، الحديث ٦.

٣) لم نعثر عليهما.

٥٢٣

كالراعي والمريض والصبيّ مطلقاً ورفيق المرأة «من غير جبر» ولا يخفى أنّ ذلك مع نيّة الوقوف ليلاً كما نبّه عليه بإ يجابه النيّة له عند وصوله (١).

«وحدّ المشعر ما بين الحياض * والمأزِمين» ـ بالهمز الساكن ثمّ كسر الزاء المعجمة ـ وهو الطريق الضيّق بين الجبلين ، «ووادي مُحَسِّر» وهو طرف منى كما سبق (٢) فلا واسطة بين المشعر ومنى.

«ويستحبّ : التقاط حصى الجمار منه» لأنّ الرمي تحيّة لموضعه كما مرّ (٣) فينبغي التقاطه من المشعر ، لئلّا يشتغل عند قدومه بغيره «وهو ** سبعون» حصاة ، ذكّر الضمير ، لعوده على «الملقوط» المدلول عليه بالالتقاط ، ولو التقط أزيد منها احتياطاً حذراً من سقوط بعضها أو عدم إصابته فلا بأس.

«والهرولة» وهي الإسراع فوق المشي ودون العدو كالرَمَل «في وادي مَحَسِّر» للماشي والراكب فيحرِّك دابّته ، وقدرها مئة ذراع أو مئة خُطوة ، واستحبابها مؤكَّد حتى لو نسيها رجع إليها وإن وصل إلى مكّة «داعياً» حالةَ الهرولة «بالمرسوم» وهو : «اللهمّ سلِّم عهدي ، واقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني فيمن تركت بعدي» (٤).

____________________

١) نبّه عليه بقوله : «والواجب الكون بالنيّة» راجع الصفحة ٥٢١.

*) في (ق) : الحايط.

٢) سبق في الصفحة ٥١٩.

٣) مرّ في كتاب الصلاة ، مبحث مكان المصلّي ، الصفحة ١٧٤.

**) في (ق) و (س) : وهي.

٤) الوسائل ١٠ : ٤٦ ، الباب ١٣ من أبواب الوقوف بالمشعر ، الحديث الأوّل.

٥٢٤

«القول في مناسك منى»

جمع مَنسك ، وأصله موضع النُسك وهو العبادة ، ثم اُطلق اسم المحلّ على الحالّ. ولو عبَّر بالنُسك كان هو الحقيقة.

ومِنى بكسر الميم والقصر : اسم مذكّر منصرف ، قاله الجوهري (١) وجوّز غيره تأنيثه (٢) سُمّي به المكان المخصوص؛ لقول جبرائيل عليه السلام فيه لإبراهيم عليه السلام : «تمنّ على ربّك ما شئت» (٣).

ومناسكها «يومَ النحر» ثلاثة «وهي : رمي جمرة العقبة» التي هي أقرب الجمرات الثلاث إلى مكّة ، وهي حدّها من تلك الجهة «ثمّ الذبح ، ثم الحلق» مرتَّباً كما ذكر «فلو عكس عمداً أثم وأجزأ *».

«وتجب النيّة في الرمي» المشتملة على تعيينه ، وكونه في حجّ الإسلام أو غيره ، والقربة ، والمقارنة لأوّله. والأولى التعرّض للأداء والعدد ، ولو تداركه بعد وقته نوى القضاء.

«وإكمال السبع **» فلا يُجزي ما دونها ، ولو (٤) اقتصر عليه استأنف إن

____________________

١) اُنظر الصحاح ٦ : ٢٤٩٨ (منا).

٢) كالفيومي في المصباح المنير ، (منى) ، قال : والغالب عليه التذكير.

٣) علل الشرائع : ٤٣٥ ، الباب ١٧٢ ، الحديث ٢.

*) في (ق) : أجزأه.

**) في (ق) : سبعة ، وفي (س) : سبع.

٤) في (ش) و (ر) : فلو.

٥٢٥

أخلّ بالموالاة عرفاً ولم تبلغ الأربع ، ولو كان قد بلغها قبل القطع كفاه الإتمام.

«مصيبة للجمرة» وهي البناء المخصوص ، أو موضعه وما حوله ممّا يجتمع من الحصا ، كذا عرَّفها المصنّف في الدروس (١) وقيل : هي مجمع الحصا دون السائل (٢) وقيل : هي الأرض (٣) ولو (٤) لم يصب لم يحتسب ، ولو شكّ في الإصابة أعاد؛ لأصالة العدم.

ويُعتبر كون الإصابة «بفعله» فلا يُجزي الاستنابة فيه اختياراً ، وكذا لو حصلت الإصابة بمعونة غيره ولو حصاة اُخرى. ولو وثبت حصاة بها فأصابت لم يحتسب الواثبة ، بل المرميّة إن أصابت. ولو وقعت على ما هو أعلى من الجمرة ثم وقعت فأصابت كفى ، وكذا لو وقعت على غير أرض الجمرة ثم وثبت إليها بواسطة صدم الأرض وشبهها.

واشتراط كون الرمي بفعله أعمّ من مباشرته بيده ، وقد اقتصر هنا وفي الدروس عليه (٥) وفي رسالة الحجّ اعتبر كونه مع ذلك باليد (٦) وهو أجود.

«بما يُسمّى رمياً» فلو وضعها أو طرحها من غير رمي لم يُجز؛ لأنّ الواجب صدق اسمه. وفي الدروس نسب ذلك إلى قول (٧) وهو يدلّ

____________________

١) الدروس ١ : ٤٢٨.

٢) نسبه في الدروس إلى قول.

٣) نسبه في الدروس إلى علي بن بابويه.

٤) في (ع) و (ر) : فلو.

٥) الدروس ١ : ٤٣٠.

٦) لا توجد لدينا.

٧) الدروس ١ : ٤٢٩.

٥٢٦

على تمريضه.

«بما يسمّى حجراً» فلا يُجزي الرمي بغيره ولو بخروجه عنه بالاستحالة. ولا فرق فيه بين الصغير والكبير ولا بين الطاهر والنجس ، ولا بين المتّصل بغيره ـ كفصّ الخاتم لو كان حجراً حرميّاً ـ وغيره «حرمّياً» فلا يُجزئ من غيره ، ويعتبر فيه أن لا يكون مسجداً ، لتحريم إخراج الحصا منه المقتضي للفساد في العبادة «بِكراً» غير مرميّ بها رمياً صحيحاً ، فلو رُمي بها بغير نيّة أو لم يصب لم يخرج عن كونها بِكراً. ويعتبر مع ذلك كلِّه تلاحُق الرمي ، فلا يُجزئ الدفعة وإن تلاحقت الإصابة ، بل يحتسب منها واحدة. ولا يعتبر تَلاحق الإصابة.

«ويستحبّ : البُرْش (١)» المشتملة على ألوان مختلفة بينها وفي كلّ واحدة منها ، ومن ثمّ اجتزأ بها عن المنقّطة ، لا كما فعل في غيره (٢) وغيره (٣) ومن جمع بين الوصفين أراد بالبُرش المعنى الأوّل ، وبالمنقّطة الثاني «الملتقطة» بأن يكون كلّ واحدة منها مأخوذة من الأرض منفصلة ، واحترز بها عن المكسَّرة من حجر ، وفي الخبر «التقط الحصى ولا تكسرنّ منه شيئاً» (٤) «بقدر الأنمُلة» ـ بفتح الهمزة وضم الميم ـ رأس الأصبع.

«والطهارة» من الحدث حالة الرمي في المشهور ، جمعاً بين صحيحة

____________________

١) جمع أبرش.

٢) أي في غير هذا الكتاب ، كما في الدروس ١ : ٤٢٨.

٣) أي غير الماتن قدس سره ، كالشيخ في المبسوط ١ : ٣٦٩ ، والعلّامة في التحرير ١ : ٦١٦ ، والتذكرة ٨ : ٢١٨.

٤) الوسائل ١٠ : ٥٤ ، الباب ٢٠ من أبواب الوقوف بالمشعر ، الحديث ٣ ، وفيه بدل «منه» : «منهنّ» وهو المناسب.

٥٢٧

محمّد بن مسلم (١) الدالّة على النهي عنه بدونها ، ورواية أبي غسّان (٢) بجوازه على غير طهر ، كذا علّله المصنّف (٣) وغيره (٤). وفيه نظر؛ لأنّ المجوّزة مجهولة الراوي فكيف يُؤوّل الصحيح لأجلها ، ومن ثَمّ ذهب جماعة من الأصحاب ـ منهم المفيد والمرتضى (٥) ـ إلى اشتراطها والدليل معهم.

ويمكن أن يريد طهارة الحصى ، فإنّه مستحبّ أيضاً على المشهور ، وقيل بوجوبه (٦).

وإنّما كان الأوّل أرجح؛ لأنّ سياق أوصاف الحصى أن يقول : «الطاهرة» لينتظم مع ما سبق منها ، ولو اُريد الأعمّ منهما كان أولى.

«والدعاء» حالة الرمي وقبله وهي بيده بالمأثور (٧).

«والتكبير مع كلّ حصاة» ويمكن كون الظرف للتكبير والدعاء معاً.

«وتباعد» الرامي عن الجمرة «نحو خمس عشرة ذراعاً» إلى عشر.

«ورميها خَذْفاً» والمشهور في تفسيره : أن يضع الحصاة على بطن إبهام اليد اليمنى ويدفعها بظُفر السبّابة ، وأوجبه جماعة منهم ابن إدريس بهذا المعنى (٨)

____________________

١) الوسائل ١٠ : ٦٩ ، الباب ٢ من أبواب رمي جمرة العقبة ، الحديث الأوّل.

٢) المصدر السابق : ٧٠ ، الحديث ٥.

٣) الدروس ١ : ٤٣١.

٤) كالعلّامة في المختلف ٤ : ٢٦٢.

٥) المقنعة : ٤١٧ ، ورسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة) : ٦٨.

٦) قاله ابن حمزة في الوسيلة : ١٨١.

٧) راجع الوسائل ١٠ : ٧١ ، الباب ٣ من أبواب رمي جمرة العقبة ، الحديث الأوّل.

٨) السرائر ١ : ٥٩٠.

٥٢٨

والمرتضى (١) لكنّه جعل الدفع بظُفر الوسطى.

وفي الصحاح : الخذف بالحصى الرمي بها بالأصابع (٢) وهو غير منافٍ للمرويّ الذي فسّروه به بالمعنى الأوّل؛ لأنّه قال في رواية البزنطي عن الكاظم عليه السلام : «تخذفهنّ خذفاً ، وتضعها على الإ بهام وتدفعها بظفر السبابة» (٣) وظاهر العطف أنّ ذلك أمر زائد على الخذف ، فيكون فيه سنّتان : إحداهما رميها خذفاً بالإصابع لا بغيرها وإن كان باليد ، والاُخرى جعله بالهيئة المذكورة. وحينئذٍ فتتأدّى سنّة الخذف برميها بالأصابع كيف اتّفق. وفيه مناسبة اُخرى للتباعد بالقدر المذكور ، فإنّ الجمع بينه وبين الخذف بالمعنيين السابقين بعيد ، وينبغي مع التعارض ترجيح الخذف ، خروجاً من خلاف موجبه (٤).

«واستقبال الجمرة هنا» أي في جمرة العقبة ، والمراد باستقبالها كونه مقابلاً لها لا عالياً عليها ، كما يظهر من الرواية «ارمها من قِبَل وجهها ، ولا ترمها من أعلاها» (٥) وإلّا فليس لها وجه خاصّ يتحقّق به الاستقبال ، وليكن مع ذلك مستدبراً للقبلة (٦) «وفي الجمرتين الأخيرتين (٧) يستقبل القبلة».

____________________

١) الانتصار : ٢٦٠ ، المسألة ١٤٤.

٢) الصحاح ٤ : ١٣٤٧ (خذف).

٣) الوسائل ١٠ : ٧٣ ، الباب ٧ من أبواب رمي جمرة العقبة ، الحديث الأوّل ، وفي المسالك (٢ : ٢٩٤) فسّر «أبا الحسن» الوارد في الرواية بالرضا عليه السلام.

٤) مثل المرتضى وابن إدريس المذكورين آنفاً.

٥) الوسائل ١٠ : ٧٠ ، الباب ٣ من أبواب رمي جمرة العقبة ، الحديث الأوّل.

٦) في (ف) : القبلة.

٧) في (ش) : الاُخريين.

٥٢٩

«والرمي ماشياً» إليه من منزله ، لا راكباً. وقيل : الأفضل الرمي راكباً (١) تأسّياً بالنبيّ صلى الله عليه وآله (٢) ويضعّف بأ نّه صلى الله عليه وآله رمى ماشياً أيضاً ، رواه عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام (٣).

«ويجب في الذبح» لهدي التمتّع «جذع من الضأن» قد كمل سنّه سبعة أشهر. وقيل : ستّة (٤) «أو ثني من غيره» وهو من البقر والمعز ما دخل في الثانية ، ومن الإ بل في السادسة.

«تام الخلقة» فلا يُجزي الأعور ولو ببياض على عينه ، والأعرج ، والأجرب ، ومكسور القرن الداخل ، ومقطوع شيء من الاُذن ، والخصيّ ، والأبتر ، وساقط الأسنان لكبر وغيره ، والمريض. أمّا شقّ الاُذن من غير أن يذهب منها شيء وثقبها ووسمها وكسر القرن الظاهر وفقدان القرن والاُذن خلقةً ورضّ الخصيتين ، فليس بنقص وإن كره الأخير.

«غير مهزول» بأن يكون ذا شحم على الكليتين وإن قلّ.

«ويكفي فيه الظنّ» المستند إلى نظر أهل الخبرة ، لتعذّر العلم به غالباً ، فمتى ظنّه كذلك أجزأ وإن ظهر مهزولاً ، لتعبّده بظنّه «بخلاف ما لو ظهر ناقصاً ، فإنّه لا يُجزئ» لأنّ تمام الخلقة أمر ظاهر ، فتبيّن خلافِه مستند إلى تقصيره.

وظاهر العبارة : أنّ المراد ظهور المخالفة فيهما (٥) بعد الذبح؛ إذ لو ظهر

____________________

١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٦٩ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٥٩١.

٢) راجع الوسائل ١٠ : ٧٤ ، الباب ٨ من أبواب رمي جمرة العقبة ، الحديث ٢.

٣) المصدر السابق : الباب ٩ ، الحديث الأوّل.

٤) قاله العلّامة في المنتهى (الحجرية) ٢ : ٧٤٠ ، والتحرير ١ : ٦٢٤ ، المسألة ٢١٣٦.

٥) أي في المهزول وناقص الخلقة.

٥٣٠

التمام قبله أجزأ قطعاً (١). ولو ظهر الهزال قبله مع ظنّ سمنه عند الشراء ففي إجزائه قولان (٢) ، أجودهما الإجزاء؛ للنصّ (٣) وإن كان عدمه أحوط.

ولو اشتراه من غير اعتبار أو مع ظنّ نقصه أو هزاله لم يُجزِ ، إلّاأن تظهر الموافقة قبل الذبح. ويحتمل قويّاً الإجزاء لو ظهر سميناً بعده ، لصحيحة العيص بن القاسم عن الصادق عليه السلام (٤).

«ويستحبّ : أن يكون ممّا عُرّف به» أي حضر عرفات وقت الوقوف ، ويكفي قول بائعه فيه.

«سميناً» زيادةً على ما يعتبر فيه «ينظر ويمشي ويبرك في سواد» الجارّ متعلّق (٥) بالثلاثة على وجه التنازع ، وفي رواية «ويبعر في سواد» (٦) إمّا بكون هذه المواضع وهي العين والقوائم والبطن والمبعر سوداً ، أو بكونه ذا ظلّ عظيم لسمنه وعظم جثّته بحيث ينظر فيه ويبرك ويمشي مجازاً في السمن ، أو بكونه رعى ومشى ونظر وبرك وبعر في السواد ، وهو الخُضرة والمرعى زماناً طويلاً فسمن لذلك. قيل : والتفسيرات الثلاثة مرويّة عن أهل البيت عليهم السلام (٧).

____________________

١) في هامش (ع) «هذه العبارة ممّا اشتهر بالإشكال في هذا الكتاب» وفي هامش (ر) عن سلطان العلماء «العبارة لا تخلو من قصور ، فتأمّل».

٢) لم نعثر عليهما.

٣) الوسائل ١٠ : ١١٠ ، الباب ١٦ من أبواب الذبح ، الحديث ١ و ٢.

٤) نفس المصدر : الحديث ٦.

٥) في (ش) و (ع) : يتعلّق.

٦) دعائم الإسلام ١ : ٣٢٦.

٧) قاله الراوندي ، كما عنه في الدروس ١ : ٤٣٩.

٥٣١

«إناثاً من الإ بل والبقر ، ذُكراناً من الغنم» وأفضله الكبش والتيس من الضأن والمَعز.

«وتجب النيّة» قبل الذبح مقارنةً له. ولو تعذّر الجمع بينها وبين الذكر في أوّله قدّمها عليه ، مقتصراً منه على أقلّه جمعاً بين الحقّين «ويتولّاها الذابح» سواء كان هو الحاجّ أم غيره؛ إذ يجوز الاستنابة فيهما (١) اختياراً. ويستحبّ نيّتهما ، ولا يكفي نيّة المالك وحده «ويستحبّ جعل يده» أي الناسك «معه» مع الذابح لو تغايرا «و» يجب «قسمته بين الإهداء» إلى مؤمن «والصدقة» عليه مع فقره «والأكل» ولا ترتيب بينها. ولا يجب التسوية ، بل يكفي من الأكل مسمّاه ، ويعتبر فيهما (٢) أن لا ينقص كلّ منهما عن ثلثه. وتجب النيّة لكلّ منها مقارنةً للتناول أو التسليم إلى المستحقّ أو وكيله. ولو أخلّ بالصدقة ضمن الثلث ، وكذا الإهداء إلّاأن يجعله صدقة. وبالأكل يأثم خاصّة.

«ويستحبّ نحر الإ بل قائمة قد ربطت» يداها مجتمعتين «بين الخفّ والركبة» لتمتنع من الاضطراب ، أو تُعقل يدها اليسرى من الخفّ إلى الركبة ويوقفها على اليمنى ، وكلاهما مرويّ (٣). «وطعنها من» الجانب «الأيمن» بأن يقف الذابح على ذلك الجانب ويطعَنها في موضع النحر ، فإنّه متّحد «والدعاء عنده» بالمأثور (٤).

«ولو عجز عن السمين فالأقرب إجزاء المهزول ، وكذا الناقص» لو عجز

____________________

١) أي في النيّة والذبح. وفي هامش (ف) : النيّة والذكر.

٢) أي في الإهداء والصدقة.

٣) الوسائل ١٠ : ١٣٤ ، الباب ٣٥ من أبواب الذبح ، الحديث ١ و ٢.

٤) الوسائل ١٠ : ١٣٧ ، الباب ٣٧ من أبواب الذبح ، الحديث الأوّل.

٥٣٢

عن التامّ ، للأمر بالإتيان بالمستطاع (١) المقتضي امتثاله للإجزاء ، ولحسنة معاوية ابن عمّار «إن لم تجد فما تيسّر لك» (٢) وقيل : ينتقل إلى الصوم (٣) لأنّ المأمور به هو الكامل ، فإذا تعذّر انتقل إلى بدله وهو الصوم.

«ولو وجد الثمن دونه» مطلقاً «خلّفه عند من يشتريه ويهديه» عنه من الثِقات إن لم يُقِم بمكّة «طولَ ذي الحجّة» فإن تعذّر فيه فمن القابل فيه ، ويسقط هنا الأكل فيصرف الثلثين في وجههما ، ويتخيّر في الثلث الآخر بين الأمرين (٤) مع احتمال قيام النائب مقامه فيه (٥) ولم يتعرّضوا لهذا الحكم.

«ولو عجز» عن تحصيل الثقة أو «عن الثمن» في محلّه ولو بالاستدانة على ما في بلده والاكتساب اللائق بحاله وبيع ما عدا المستثنيات في الدين «صام» بدله عشرة أيّام «ثلاثة» أيّام «في الحجّ متوالية» إلّاما استثني «بعد التلبّس بالحجّ» ولو من أوّل ذي الحجّة ، ويستحبّ السابع وتالياه ، وآخر وقتها آخر ذي الحجّة «وسبعة إذا رجع إلى أهله» حقيقة أو حكماً ، كمن لم يرجع فينتظر مدّة لو ذهب لوصل إلى (٦) أهله عادةً ، أو مُضيّ شهر. ويفهم من تقييد الثلاثة بالموالاة دون السبعة عدم اعتبارها فيها. وهو أجود

____________________

١) وهو قوله صلى الله عليه وآله : «إذا اُمرتم بأمرٍ فأتوا منه بما استطعتم» عوالي اللئالي ٤ : ٥٨ ، الحديث ٢٠٦.

٢) الوسائل ١٠ : ١٠٦ ، الباب ١٢ من أبواب الذبح ، الحديث ٧.

٣) قاله المحقّق الكركي فيما لو عجز عن التامّ ، جامع المقاصد ٣ : ٢٤١.

٤) أي الإهداء والصدقة.

٥) أي في الأكل.

٦) لم يرد «إلى» في (ع) و (ف).

٥٣٣

القولين ، وقد تقدّم (١).

«ويتخيّر مولى» المملوك «المأذون» له في الحجّ «بين الإهداء عنه ، وبين أمره بالصوم» لأنّه عاجز عنه ففرضه الصوم ، لكن لو تبرّع المولى بالإخراج أجزأ ، كما يُجزئ عن غيره لو تبرّع عليه متبرّع ، والنصّ ورد بهذا التخيير (٢) وهو دليل على أنّه لا يملك شيئاً ، وإلّا اتّجه وجوب الهدي مع قدرته عليه. والحجر عليه غير مانع منه ، كالسفيه.

«ولا يجزئ» الهدي «الواحد إلّاعن واحد ، ولو عند الضرورة» على أصحّ الأقوال (٣) وقيل : يُجزئ عن سبعة وعن سبعين (٤) اُولي خوان واحد. وقيل : مطلقاً (٥) وبه رواياتٌ (٦) محمولةٌ على المندوب جمعاً ، كهدي القران قبل تعيّنه والاُضحية ، فإنّه يطلق عليها الهدي. أمّا الواجب ولو بالشروع في الحجّ المندوب فلا يُجزئ إلّاعن واحد ، فينتقل مع العجز ولو بتعذّره إلى الصوم.

«ولو مات» من وجب عليه الهدي قبل إخراجه «اُخرج» عنه «من صلب المال» أي من أصله وإن لم يوصَ به ، كغيره من الحقوق الماليّة الواجبة.

«ولو مات» فاقده «قبل الصوم صام الوليّ» وقد تقدّم بيانه

____________________

١) في كتاب الصوم ، المسألة الثامنة.

٢) الوسائل ١٠ : ٨٨ ، الباب ٢ من أبواب الذبح ، الحديث ١ و ٢.

٣) وهو مختار المحقّق في الشرائع ١ : ٢٦٠.

٤) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٧٢ ، والنهاية : ٢٥٨ ، وفيهما : «عن خمسةٍ وعن سبعة وعن سبعين».

٥) قال سلّار : «وتجزئ بقرة عن خمسة نفر ، والإ بل تجزئ عن سبعة وعن سبعين» المراسم : ١١٣.

٦) راجع الوسائل ١٠ : ١١٣ ، الباب ١٨ من أبواب الذبح.

٥٣٤

في الصوم (١) «عنه العشرة على قول (٢)» لعموم الأدلّة بوجوب قضائه ما فاته من الصوم (٣).

«ويقوى مراعاة تمكّنه منها» في الوجوب. فلو لم يتمكّن لم يجب كغيره من الصوم الواجب. ويتحقّق التمكّن في الثلاثة بإمكان فعلها في الحجّ ، وفي السبعة بوصوله إلى أهله ، أو مضيّ المدّة المشترطة إن أقام بغيره ومضيّ مدّة يمكنه فيها الصوم ، ولو تمكّن من البعض قضاه خاصّة. والقول الآخر وجوب قضاء الثلاثة خاصّةً (٤) وهو ضعيف.

«ومحلّ الذبح» لهدي التمتّع «والحلقِ مِنى. وحدُّها : من العقبة» وهي خارجة عنها «إلى وادي مُحَسِّر» ويظهر من جعله حدّاً (٥) خروجُه عنها أيضاً. والظاهر من كثير أنّه منها (٦).

«ويجب ذبح هدي القران متى ساقه وعقد به إحرامه» بأن أشعره أو قلَّده ، وهذا هو سياقه شرعاً ، فالعطف تفسيري وإن كان ظاهر العبارة تغايرهما. ولا يخرج عن ملك سائقه بذلك وإن تعيّن ذبحه ، فله ركوبه وشرب لبنه ما لم يضرّ به أو بولده ، وليس له إبداله بعد سياقه المتحقّق بأحد الأمرين.

____________________

١) راجع كتاب الصوم ، الصفحة ٤١٠.

٢) قاله ابن إدريس على الأولويّة والاحتياط في السرائر ١ : ٥٩٢ ، والمحقّق على الأشبه في الشرائع ١ : ٢٦٢ ، والعلّامة على رأيٍ في القواعد ١ : ٤٤٠.

٣) راجع الوسائل ٧ : ٢٤٠ ، الباب ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٤) قاله الشيخ في النهاية : ٢٥٥.

٥) في (ش) بدل «جعله حدّاً» : هذا.

٦) صرّح في جامع المقاصد ٣ : ٢٣١. ولم نستظهر ذلك من غيره.

٥٣٥

«ولو هلك» قبل ذبحه أو نحره بغير تفريط «لم يجب» إقامة «بدله» ولو فرَّط فيه ضمنه.

«ولو عجز» عن الوصول إلى محلّه الذي يجب ذبحه فيه «ذبحه» أو نحره وصرفه في وجوهه في موضع عجزه «و» لو لم يوجد فيه مستحقّ «أعلمه علامة الصدقة» بأن يغمسَ نعله في دمه ويضربَ بها صفحة سنامه ، أو يكتبَ رقعةً ويضعها عنده يؤذن بأ نّه هدي. ويجوز التعويل عليها هنا في الحكم بالتذكية وإ باحة الأكل؛ للنصّ (١) وتسقط النيّة المقارنة لتناول المستحقّ. ولا تجب الإقامة عنده إلى أن يوجد وإن أمكنت.

«ويجوز بيعه لو انكسر» كسراً يمنع وصوله «والصدقة بثمنه» ووجوب ذبحه في محلّه مشروطٌ بإمكانه وقد تعذّر فيسقط. والفارق بين عجزه وكسره في وجوب ذبحه وبيعه النصّ (٢).

«ولو ضلّ فذبحه الواجد» عن صاحبه في محلّه «أجزأ» عنه للنصّ (٣) أمّا لو ذبحه في غيره أو عن غيره أو لابنيّته لم يُجزِ.

«ولا يجزئ ذبح هدي التمتّع» من غير صاحبه لو ضلّ «لعدم التعيين *» للذبح ، إذ يجوز لصاحبه إبداله قبل الذبح ، بخلاف هدي القران فإنّه يتعيّن ذبحه بالإشعار أو التقليد ، هذا هو المشهور.

____________________

١) راجع الوسائل ١٠ : ١٣٠ ، الباب ٣١ من أبواب الذبح.

٢) راجع المصدر السابق : الباب ٢٧ و ٣١.

٣) المصدر السابق : الباب ٢٨.

*) في (ق) : التعيّن.

٥٣٦

والأقوى ـ وهو الذي اختاره في الدروس (١) ـ الإجزاء؛ لدلالة الأخبار الصحيحة عليه (٢) وحينئذٍ فيسقط الأكل منه ويصرف في الجهتين الاُخريين.

ويستحبّ لواجده تعريفه قبل الذبح وبعده ما دام وقت الذبح باقياً ، ليدفع عن صاحبه غرامة الإ بدال.

«ومحلّه» أي محلّ ذبح هدي القران «مكّة إن قرنه ب‍» إحرام «العمرة ، ومِنى إن قرنه بالحجّ» ويجب فيه ما يجب في هدي التمتّع على الأقوى. وقيل : الواجب ذبحه خاصّة إن لم يكن منذور الصدقة (٣) وجزم به المصنّف في الدروس (٤) ثمّ جعل الأوّل قريباً ، وعبارته هنا تشعر بالثاني؛ لأنّه جعل الواجب الذبح وأطلق (٥).

«ويجزئ الهدي الواجب عن الاُضحيّة» بضمّ الهمزة وكسرها وتشديد الياء المفتوحة فيهما وهي ما يُذبح يوم عيد الأضحى تبرّعاً وهي مستحبّة استحباباً مؤكّداً ، بل قيل : بوجوبها على القادر (٦) وروي استحباب الاقتراض لها وأ نّه دين مقضيّ (٧) فإن وجب على المكلَّف هدي أجزأ عنها «والجمع» بينهما «أفضل» وشرائطها وسننها كالهَدْي.

____________________

١) الدروس ١ : ٤٤٤.

٢) الوسائل ١٠ : ١٢٧ ، الباب ٢٨ من أبواب الذبح ، الحديث ١ و ٢ و ٣.

٣) نسبه في المسالك (٢ : ٣١٣) إلى مقتضى عبارة الشرائع وكلام الأكثر.

٤) الدروس ١ : ٤٤٣.

٥) راجع قوله في الصفحة ٥٣٥ : «ويجب ذبح هدي القران».

٦) حكاه العلّامة عن ابن الجنيد في المختلف ٤ : ٢٩١.

٧) الوسائل ١٠ : ١٧٧ ، الباب ٦٤ من أبواب الذبح ، الحديث ١ و ٢.

٥٣٧

«ويستحبّ التضحية بما يشتريه» وما في حكمه (١) «ويُكره بما يربّيه» للنهي عنه (٢) ولأ نّه يورث القسوة.

«وأيّامها» أي أيّام الاُضحيّة «بمنى أربعة ، أوّلها النحر ، وبالأمصار» وإن كان بمكّة «ثلاثة» أوّلها النحر كذلك. وأوّل وقتها من يوم النحر طلوع الشمس ومضيّ قدر صلاة العيد والخطبتين بعده (٣) ولو فاتت لم تُقضَ ، إلّاأن تكون واجبة بنذر وشبهه.

«ولو تعذّرت تصدّق بثمنها» إن اتّفق في الأثمان ما يجزئ منها أو ما يريد إخراجه «فإن اختلفت ، فثمن موزَّع عليها (٤)» بمعنى إخراج قيمة منسوبة إلى القيم المختلفة بالسويّة ، فمن الاثنين النصف ، ومن الثلاث الثلث ، وهكذا ... فلو كان قيمة بعضها مئة وبعضها مئة وخمسين ، تصدَّق بمئة وخمسة وعشرين ، ولو كانت ثالثة بخمسين تصدق بمئة. ولا يبعد قيام مجموع القيمة مقام بعضها لو كانت موجودة (٥) وروي استحباب الصدقة بأكثرها (٦) وقيل : الصدقة

____________________

١) مثل الإرث والهبة.

٢) راجع الوسائل ١٠ : ١٧٥ ، الباب ٦١ من أبواب الذبح.

٣) أرجعه بعض المحشّين إلى «طلوع الشمس».

٤) الظاهر رجوع الضمير إلى «القِيَم» المستفاد من السياق.

٥) جواب عن سؤال يرد على الحكم بالصدقة بجميع القيمة مع أنّها لو كانت موجودة فالمستحبّ التصدّق بثلثها وإهداء ثلث أو بأكثرها على قول ، فكيف يستحبّ هنا الصدقة بالجميع؟ والجواب أنّه لا بُعد في قيام مجموع القيمة مقام بعض العين للاختلاف ، وعلى استحباب الصدقة بالعين أجمع لا إشكال في الصدقة بالقيمة (منه رحمه الله).

٦) لم نعثر عليها.

٥٣٨

بالجميع أفضل (١) فلا إشكال حينئذٍ في القيمة.

«ويكره أخذ شيءٍ من جلودها وإعطاؤها الجزّار» أجرةً ، أمّا صدقةً إذا اتّصف بها فلا بأس. وكذا حكم جِلالها (٢) وقلائدها تأسّياً بالنبيّ صلى الله عليه وآله (٣) وكذا يكره بيعها وشبهه «بل يتصدّق بها» وروي جعلُه مصلّى ينتفع به في البيت (٤).

«وأمّا الحلق : فيتخيّر بينه وبين التقصير ، والحلق أفضل» الفردين الواجبين تخييراً «خصوصاً للملبِّد» شَعرَه ، وتلبيده هو أن يأخذ عسلاً وصمغاً ويجعله في رأسه ، لئلّا يَقْمَل أو يتّسخ «والصرورة» وقيل : لا يجزئهما إلّا الحلق (٥) للأخبار الدالّة عليه (٦) وحملت على الندب جمعاً.

«ويتعيّن على المرأة التقصير» فلا يجزئها الحلق ، حتى لو نذرته لغا ، كما لا يجزئ الرجل في عمرة التمتّع وإن نذره.

ويجب فيه النيّة المشتملة على قصد التحلّل من النُسك المخصوص متقرّباً ، ويجزئ مسمّاه كما مرّ (٧).

«ولو تعذّر» فعلُه «في منى» في وقته «فعل بغيرها» وجوباً «وبعث بالشعر إليها ليُدفن» فيها «مستحبّاً» فيهما (٨) من غير تلازم ،

____________________

١) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٩٣.

٢) الجِلال (بكسر الجيم) : جمع «جُلّ» بالضمّ.

٣) الوسائل ١٠ : ١٥١ ، الباب ٤٣ من أبواب الذبح ، الحديث٣.

٤) المصدر السابق : الحديث ٥.

٥) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٣٧٦ ، وابن حمزة في الوسيلة ١٨٦ ، وغيرهما.

٦) راجع الوسائل ١٠ : ١٨٥ ، الباب ٧ من أبواب الحلق.

٧) مرّ في الصفحة ٥١٥.

٨) أي البعث والدفن.

٥٣٩

فلو اقتصر على أحدهما تأدّت سنّته خاصّة.

«ويُمرّ فاقد الشعر الموسى على رأسه» مستحبّاً إن وجد ما يُقصّر منه غيره (١) وإلّا وجوباً ، ولا يجزئ الإمرار مع إمكان التقصير؛ لأنّه بدل عن الحلق اضطراري والتقصير قسيم اختياري ، ولا يعقل إجزاء الاضطراري مع القدرة على الاختياري. وربما قيل بوجوب الإمرار على من حلق في إحرام العمرة وإن وجب عليه التقصير من غيره لتقصيره بفعل المحرَّم (٢).

«ويجب تقديم مناسك منى» الثلاثة «على طواف الحجّ فلو أخّرها» عنه «عامداً فشاة ، ولا شيء على الناسي. ويعيد الطواف» كلّ منهما ، العامد اتّفاقاً والناسي على الأقوى. وفي إلحاق الجاهل بالعامد أو الناسي قولان ، أجودهما الثاني في نفي الكفّارة ووجوب الإعادة (٣) وإن فارقه (٤) في التقصير.

ولو قدّم السعي أعاده أيضاً على الأقوى. ولو قدّم الطواف أو هما على التقصير فكذلك. ولو قدّمه على الذبح أو الرمي ففي إلحاقه بتقديمه على التقصير خاصّة وجهان ، أجودهما ذلك. هذا كلّه في غير ما استثني سابقاً من تقديم المتمتّع لهما اضطراراً ، وقسيميه مطلقاً.

____________________

١) أي غير رأسه.

٢) لم نظفر بقائله ، وتردّد الشهيد في الدروس في وجود القائل ، حيث قال : وفي وجوبه مطلقاً أو لمن حلق في إحرام العمرة وجهان أو قولان ، الدروس ١ : ٤٥٤.

٣) أمّا القول بوجوب الإعادة فلم نعثر على قائل به في من تقدّم على الشارح ، وأمّا عدم وجوب الإعادة فهو ظاهر المفيد في المقنع : ٢٨١ ، وأمّا نفي الكفّارة عن الجاهل فلا يعلم فيه الخلاف. راجع المستند ١٢ : ٣٨٧.

٤) يعني فارق الجاهلُ الناسي في الإثم.

٥٤٠