الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

«وجعلُ البيت على يساره» حالَ الطواف ، فلو استقبله بوجهه أو ظهره أو جَعَله على يمينه ولو في خطوة منه بطل.

«والطواف بينه وبين المقام» حيث هو الآن ، مراعياً لتلك النسبة من جميع الجهات ، فلو خرج عنها ولو قليلاً بطل ، وتُحتسب المسافة من جهة الحِجْر من خارجه وإن جعلناه خارجاً من البيت. والظاهر أنّ المراد بالمقام نفس الصخرة ، لا ما عليه من البناء ، ترجيحاً للاستعمال الشرعي على العرفي لو ثبت.

«وإدخال الحِجر» في الطواف للتأسّي (١) والأمر به (٢) لا لكونه من البيت ، بل قد رُوي أنّه ليس منه (٣) أو أنّ بعضه منه (٤) وأمّا الخروج عن شيء آخر خارجَ الحِجر فلا يعتبر (٥) إجماعاً.

«وخروجه بجميع بدنه عن البيت» فلو أدخل يده في بابه حالتَه أو مشى على شاذَروانه (٦) ولو خُطوة أو مسّ حائطه من جهته ماشياً بطل ، فلو أراد مسّه وقف حالته ، لئلّا يقطع جزءاً من الطواف غير خارج عنه.

____________________

١) لما ورد عن ابن عبّاس ، قال : «الحِجْر من البيت؛ لأنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه وآله طاف بالبيت من ورائه» السنن الكبرى للبيهقي ٥ : ٩٠.

٢) لم نجد في الروايات الأمر بإدخال الحجر في الطواف ، وإنّما ورد الأمر بالإعادة إذا اختصر في الحِجر ، راجع الوسائل ٩ : ٤٣١ ، الباب ٣١ من أبواب الطواف.

٣) الوسائل ٩ : ٤٢٩ ، الباب ٣٠ من أبواب الطواف ، الحديث ١ و ٦.

٤) رواه العلّامة في التذكرة (٨ : ٩١) عن النبيّ صلى الله عليه وآله. ولم نجده في المصادر الروائيّة.

٥) في (ش) و (ر) : فلا يشرع.

٦) المراد به القدر الباقي من الحائط خارجاً بعد عمارته أخيراً ويُسمّى «الشاذَروان» ، اُنظر المسالك ٢ : ٣٣٤.

٥٠١

«وإكمال السبع» من الحَجَر إليه شوطٌ «وعدم الزيادة عليها ، فيبطل إن تعمّده» ولو خطوةً. ولو زاد سهواً فإن لم يكمل الشوط الثامن تعيّن القطع ، فإن زاد فكالمتعمّد. وإن بلغه تخيّر بين القطع وإكمال اُسبوعين ، فيكون الثاني مستحبّاً. ويقدّم صلاةَ الفريضة على السعي ، ويؤخّر صلاة النافلة.

«والركعتان خلفَ المقام» حيث هو الآن ، أو إلى أحد جانبيه ، وإنّما أطلق فعلهما خلفَه تبعاً لبعض الأخبار (١) وقد اختلفت عبارته في ذلك فاعتبر هنا خلفه ، وأضاف إليه «أحد جانبيه» في الألفيّة (٢) وفي الدروس : فَعَلَهما في المقام ، ولو منعه زحام أو غيره صلّى خلفه أو إلى أحد جانبيه (٣) والأوسط أوسط. ويعتبر في نيّتهما قصد الصلاة للطواف المعيّن متقرّباً ، والأولى إضافة الأداء. ويجوز فعل صلاة الطواف المندوب حيث شاء من المسجد ، والمقام أفضل.

«وتواصُلُ أربعة أشواط ، فلو قطع» الطواف «لدونها بطل» مطلقاً «وإن كان لضرورة ، أو دخول البيت» أو صلاة فريضة ضاق وقتُها. وبعد الأربعة يباح القطع لضرورةٍ ، وصلاة فريضةٍ ونافلةٍ يخاف فوتها ، وقضاءِ حاجة مؤمن ، لا مطلقاً. وحيث يقطعه يجب أن يحفظ موضعه ليُكمل منه بعد العود ، حذراً من الزيادة أو النقصان. ولو شكّ أخذ بالاحتياط. هذا في طواف الفريضة ، أمّا النافلة فيبني فيها لعذرٍ مطلقاً ويستأنف قبل بلوغ الأربعة لا له مطلقاً (٤) وفي

____________________

١) الوسائل ٩ : ٤٧٨ ، الباب ٧١ من أبواب الطواف.

٢) الألفية والنفليّة : ٧٥.

٣) الدروس ١ : ٣٩٦.

٤) أي بدون جميع الأعذار المذكورة ، أو سواء كان الشوط واحداً أو اثنين أو ثلاثاً ، والأوّل أولى (هامش ر).

٥٠٢

الدروس أطلق البناء فيها مطلقاً (١).

«ولو ذكر» نقصان الطواف «في أثناء السعي ترتّبت صحّته وبطلانه على الطواف» فإن كان نقصان الطواف قبلَ إكمال أربع استأنفهما ، وإن كان بعده بنى عليهما وإن لم يتجاوز نصف السعي ، فإنّه تابع للطواف في البناء والاستئناف.

«ولو شكّ في العدد» أي عدد الأشواط «بعده» أي بعد فراغه منه «لم يلتفت» مطلقاً «وفي الأثناء يبطل إن شكّ في النقيصة» كأن شكّ بين كونه تامّاً أو ناقصاً ، أو في عدد الأشواط مع تحقّقه عدم الإكمال «ويبني على الأقلّ إن شكّ في الزيادة على السبع» إذا تحقّق إكمالها إن كان على الركن (٢) ولو كان قبلَه بطل أيضاً مطلقاً كالنقصان ، لتردّده بين محذورين : الإكمال المحتمل للزيادة عمداً ، والقطع المحتمل للنقيصة. وإنّما اقتصر عليه بدون القيد ، لرجوعه إلى الشكّ في النقصان.

«وأمّا نفل الطواف فيبني» فيه «على الأقلّ مطلقاً» سواء شكّ في الزيادة أم النقصان ، وسواء بلغ الركن أم لا. هذا هو الأفضل ، ولو بنى على الأكثر حيث لا يستلزم الزيادة جاز أيضاً كالصلاة.

«وسننه : الغسل» قبل دخول مكّة «من بئر ميمون» بالأبطح ، «أو» بئر «فخّ» على فرسخ من مكّة بطريق المدينة «أو غيرهما».

«ومضغ الإذخر» بكسر الهمزة والخاء المعجمة.

«ودخول مكّة من أعلاها» من عقبة المدنيّين ، للتأسّي (٣) سواء في ذلك

____________________

١) لعذرٍ وغيره ، قبل الأربعة وبعدها ، راجع الدروس ١ : ٣٩٥.

٢) أي الركن العراقي الذي فيه الحجر الأسود.

٣) الوسائل ٨ : ١٥٣ ، الباب ٢ من أبواب أقسام الحجّ ، آخر الحديث ٤.

٥٠٣

المدني وغيره «حافياً» ونعلُه بيده «بسكينة» وهو الاعتدال في الحركة «ووقار» وهو الطمأنينة في النفس وإحضار البال والخشوع (١).

«والدخول من باب بني شيبة» ليطأ هُبل ـ وهو الآن في داخل المسجد بسبب توسعته ، بإزاء باب السلام عند الأساطين ـ «بعد الدعاء * بالمأثور» عند الباب (٢).

«والوقوف عند الحجر» الأسود.

«والدعاء فيه» أي في حالة الوقوف مستقبلاً رافعاً يديه «وفي حالات الطواف» بالمنقول (٣).

«وقراءة القدر ** وذكر اللّٰه تعالى».

«والسكينة في المشي» بمعنى الاقتصاد فيه مطلقاً في المشهور (٤) «والرَمَل» بفتح الميم ـ وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخُطى ، دون الوثوب والعدْو «ثلاثاً» وهي الاُولى (٥) «والمشي أربعاً» بقيّةَ الطواف «على قول» الشيخ في المبسوط في طواف القدوم خاصّة (٦) وإنّما أطلقه لأنّ

____________________

١) في (ش) بدل «والخشوع» : للخشوع.

*) في (ق) : والدعاء.

٢) راجع الوسائل ٩ : ٣٢١ ، الباب ٨ من أبواب مقدّمات الطواف.

٣) راجع الوسائل ٩ : ٤٠٠ ، الباب ١٢ من أبواب الطواف ، الحديث الأوّل ، والصفحة ٤١٥ ، الباب ٢٠.

**) في (ق) : قراءة القرآن.

٤) ويقابله قول الشيخ بالتفصيل الآتي.

٥) في (ش) و (ر) : الأوّل.

٦) المبسوط ١ : ٣٥٦.

٥٠٤

كلامه الآن فيه. وإنّما يستحبّ ـ على القول به ـ للرجل الصحيح دون المرأة والخنثى والعليل ، بشرط أن لا يؤذي غيره ولا يتأذّى به ، ولو كان راكباً حرّك دابّته. ولا فرق بين الركنين اليمانيّين (١) وغيرهما. ولو تركه في الأشواط أو بعضها لم يقضِه.

«واستلام الحجر» بما أمكن من بدنه. والاستلام بغير همزٍ : المسُّ ، من السِلام بالكسر وهي الحجارة بمعنى مسّ السِلام ، أو من السَلام وهو التحيّة ، وقيل : بالهمز من «اللأمة» وهي الدِرع ، كأ نّه اتّخذه جنّة وسلاحاً (٢).

«وتقبيله» مع الإمكان وإلّا استلمه بيده ثم قبَّلها «أو الإشارة إليه» إن تعذّرا. وليكن ذلك في كلّ شوط ، وأقلّه الفتح والختم.

«واستلام الأركان» كلّها كلّما مرّ بها خصوصاً اليماني والعراقي ، وتقبيلهما؛ للتأسّي (٣).

«و» استلام «المستجار في» الشوط «السابع» وهو بحذاء الباب دون الركن اليماني بقليل.

«وإلصاق البطن» ببشرته به في هذا الطواف لإمكانه ، وتتأدّى السنّة في غيره من طواف مجامع للُبس المخيط ولو من داخل الثياب «و» إلصاق

____________________

١) أي الركن اليماني والعراقي ، من باب التغليب ، وهذا إشارة إلى خلاف بعض العامّة حيث قالوا : يمشي بين الركنين في الأشواط الثلاثة ، راجع المسالك ٢ : ٣٤٤.

٢) القائل هو ثعلب على ما حكى عنه العلّامة في التذكرة ٨ : ١٠٦.

٣) روى جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : «كان رسول اللّٰه صلى الله عليه وآله لا يستلم إلّاالركن الأسود واليماني ثمّ يقبّلهما ويضع خدّه عليهما ورأيت أبي يفعله» ، راجع الوسائل ٩ : ٤١٨ ، الباب ٢٢ من أبواب الطواف ، الحديث (٢).

٥٠٥

بشرة «الخدّ به» أيضاً.

«والدعاء وعدّ ذنوبه عنده» مفصَّلة ، فليس من مؤمنٍ يُقرّ لربّه بذنوبه فيه إلّا غفرها له إن شاء اللّٰه تعالى ، رواه معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام (١).

ومتى استلم حفظ موضعه بأن يثبت رجليه فيه ولا يتقدّم بهما حالتَه ، حذراً من الزيادة في الطواف أو النقصان.

«والتداني من البيت» وإن قلّت الخُطى ، فجاز اشتمال القليلة على مزيّة وثواب زائد على (٢) الكثيرة وإن كان قد ورد «في كلّ خُطوةٍ من الطواف سبعون ألف حسنة» (٣) ويمكن الجمع بين تكثيرها والتداني ، بتكثير الطواف.

«ويكره الكلام في أثنائه بغير الذكر والقرآن» والدعاء والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله. وما ذكرناه يمكن دخوله في «الذكر».

«مسائل»

الاُولى :

«كلّ طواف» ‌واجبٍ «ركنٌ» يبطل النسك بتركه عمداً كغيره من الأركان «إلّاطواف النساء» والجاهل عامد. ولا يبطل بتركه نسياناً ، لكن يجب تداركه «فيعود» إليه «وجوباً مع المكنة» ولو من بلده «ومع

____________________

١) الوسائل ٩ : ٤٢٤ ، الباب ٢٦ من أبواب الطواف ، الحديث ٥.

٢) في غير (ف) : عن.

٣) الوسائل ٩ : ٣٩٥ ، الباب ٥ من أبواب الطواف.

٥٠٦

التعذّر» والظاهر أنّ المراد به المشقة الكثيرة وفاقاً للدروس (١) ويحتمل إرادة العجز عنه مطلقاً (٢) «يستنيب» فيه. ويتحقّق البطلان بتركه عمداً وجهلاً بخروج ذي الحجّة قبلَ فعله إن كان طواف الحجّ مطلقاً ، وفي عمرة التمتّع بضيق وقت الوقوف إلّاعن التلبّس بالحجّ قبلَه. وفي المفردة المجامعة للحجّ والمفردة عنه إشكال (٣) ويمكن اعتبار نيّة الإعراض عنه.

«ولو نسي طواف النساء» حتى خرج من مكة «جازت الاستنابة» فيه «اختياراً» وإن أمكن العود ، لكن لو اتّفق عوده لم يجز الاستنابة. أمّا لو تركه عمداً وجب العود إليه مع الإمكان ، ولا تحلّ النساء بدونه مطلقاً حتى العقد ، ولو كان امرأة حرم عليها تمكين الزوج على الأصحّ. والجاهل عامد كما مرّ ولو كان المنسيّ بعضاً من غير طواف النساء بعد إكمال الأربع جازت الاستنابة فيه كطواف النساء.

«الثانية» :

«يجوز تقديم طواف الحجّ وسعيه للمفرد» وكذا القارن «على الوقوف» بعرفة اختياراً ، لكن يجدّدان التلبية عقيب صلاة كلّ طواف كما مرّ (٤) «و» كذا يجوز تقديمهما «للمتمتّع عند الضرورة» كخوف الحيض والنفاس المتأخّرين ، وعليه تجديد التلبية أيضاً. «وطواف النساء لا يقدَّم لهما»

____________________

١) الدروس ١ : ٤٠٤.

٢) عجزاً عقليّاً أو شرعيّاً أو عرفيّاً.

٣) قال في المسالك (٢ : ٣٤٩) : إذ يحتمل حينئذٍ بطلانها بخروجه عن مكّة ولمّا يفعله.

٤) مرّ في الصفحة ٤٧٣.

٥٠٧

ولا للقارن «إلّالضرورة».

«وهو» أي طواف النساء «واجب في كلّ نُسُك» حجّاً كان أم عمرة «على كلّ فاعل» للنُسُك «إلّا * عمرة التمتّع» فلا يجب فيها «وأوجبه فيها بعض الأصحاب (١)» وهو ضعيف.

ويشمل قوله : «كلّ فاعل» الذكرَ والاُنثى ، الصغيرَ والكبير ، ومن يقدر على الجماع وغيره ، وهو كذلك ، إلّاأنّ إطلاق الوجوب على غير المكلَّف مجاز ، والمراد أنّه ثابت عليهم حتى لو تركه الصبيّ حرم عليه النساء بعد البلوغ حتى يفعله أو يُفعل عنه. «وهو متأخّر عن السعي» فلو قدّمه عليه عامداً أعاده بعده ، وناسياً يجزئ ، والجاهل عامد.

«الثالثة» :

«تحرم» لبس «البُرطُلَّة» بضمّ الباء والطاء وإسكان الراء وتشديد اللام المفتوحة ـ وهي قلنسوة طويلة كانت تُلبس قديماً ـ «في الطواف» لما روي من النهي عنها معلّلاً بأ نّها من زيّ اليهود (٢).

«وقيل» والقائل ابن إدريس واستقربه في الدروس : «يختصّ» التحريم «بموضع تحريم ستر الرأس (٣)» كطواف العمرة؛ لضعف مستند

____________________

*) في (ق) زيادة : في.

١) لم نظفر به ، كما اعترف به أيضاً صاحب الجواهر ١٩ : ٤٠٧.

٢) الوسائل ٩ : ٤٧٧ ، الباب ٦٧ من أبواب الطواف ، الحديث ٢.

٣) السرائر ١ : ٥٧٦ ، والدروس ١ : ٤٠٧.

٥٠٨

التحريم (١). وهو الأقوى. ويمكن حمل النهي على الكراهة بشاهد التعليل. وعلى تقدير التحريم لا يقدح في صحّة الطواف؛ لأنّ النهي عن وصفٍ خارجٍ عنه. وكذا لو طاف لابساً للمخيط.

«الرابعة» :

«رُوي عن عليّ عليه السلام بسند ضعيف «في امرأة نذرت الطواف على أربع» يديها ورجليها «أنّ عليها طوافين (٢)» بالمعهود ، وعمل بمضمونه الشيخ رحمه الله (٣) «وقيل» والقائل المحقّق (٤) : «يقتصر» بالحكم «على المرأة» وقوفاً فيما خالف الأصل على موضع النصّ «ويبطل في الرجل» لأنّ هذه الهيئة غير متعبَّد بها شرعاً ، فلا ينعقد في غير موضع النصّ (٥) «وقيل» والقائل ابن إدريس (٦) : «يبطل فيهما (٧)» لما ذكر ، واستضعافاً للرواية. «والأقرب الصحّة فيهما» للنصّ ، وضعف السند منجبر بالشهرة ، وإذا ثبت في

____________________

١) لعل ضعفه بيزيد بن خليفة وقيل إنّه واقفي ، اُنظر جامع الرواة ٢ : ٣٤٢.

٢) الوسائل ٩ : ٤٧٨ ، الباب ٧٠ من أبواب الطواف. وقد نقلت الرواية بسندين وضعفها في الأوّل بالسكوني ، فهارس المسالك ١٦ : ٣٠١. وفي الثاني بأبي جهم؛ فإنّه مجهول وموسى ابن عيسى؛ فإنّه مختلط. اُنظر جامع الرواة ٢ : ٢٧٩ ، ٣٧٤.

٣) النهاية : ٢٤٢ ، والمبسوط ١ : ٣٦٠ ، والتهذيب ٥ : ١٣٥ ، ذيل الحديث ٤٤٥.

٤) لم يقله بنفسه ، بل قال : «ربّما قيل» ، اُنظر الشرائع ١ : ٢٧١.

٥) في الدروس (١ : ٣٩٣) نسب الانعقاد إلى الرواية (راجع الهامش رقم ٢) وهو يدلّ على توقّفه فيه. (منه رحمه الله).

٦) السرائر ١ : ٥٧٦.

٧) في الرجل والمرأة.

٥٠٩

المرأة ففي الرجل بطريق أولى.

والأقوى ما اختاره ابن إدريس من البطلان مطلقاً. وربّما قيل : ينعقد النذر دون الوصف (١) ويُضعَّف بعدم قصد المطلق.

«الخامسة» :

«يستحبّ إكثار الطواف» لكلّ حاضر بمكّة «ما استطاع ، وهو أفضل من الصلاة» تطوّعاً «للوارد» مطلقاً ، وللمجاور في السنة الاُولى ، وفي الثانية يتساويان فيشرِّك بينهما ، وفي الثالثة تصير الصلاة أفضل كالمقيم.

«وليكن» الطواف «ثلاثمئة وستّين طوافاً ، فإن عجز» عنها «جعلها أشواطاً» فتكون أحداً وخمسين طوافاً. ويبقى ثلاثة أشواط تلحق بالطواف الأخير ، وهو مستثنى من كراهة القران في النافلة بالنصّ (٢) واستحبّ بعض الأصحاب إلحاقه بأربعة اُخرى لتصير مع الزيادة طوافاً كاملاً ، حذراً من القران (٣) واستحباب ذلك (٤) لا ينافي الزيادة. وأصل القران في العبادة مع صحّتها لا ينافي الاستحباب (٥) وهو حسن وإن استحبّ الأمران.

____________________

١) لم نظفر بقائله.

٢) الوسائل ٩ : ٣٩٦ ، الباب ٧ من أبواب الطواف ، الحديث الأوّل.

٣) وهو ابن زهرة في غنية النزوع [١٧٠]. (منه رحمه الله).

٤) أي ثلاثمئة وستّين طوافاً.

٥) العبارة لا تخلو من إغلاق ، والمراد أنّ القران في الطواف المندوب وإن كان في أصل الشرع مكروهاً لكنّه لا ينافي الاستحباب ، لصحّة العبادات المكروهة بمعنى كونها أقلّ ثواباً.

٥١٠

«السادسة» :

«القران» بين اُسبوعين بحيث لا يجعل بينهما تراخياً ـ وقد يطلق على الزيادة عن العدد مطلقاً ـ «مبطل في طواف الفريضة ، ولا بأس به في النافلة ، وإن كان تركه أفضل» ونبّه بأفضليّة تركه على بقاء فضل معه ، كما هو شأن كلّ عبادة مكروهة.

وهل تتعلّق الكراهة بمجموع الطواف أم بالزيادة؟ الأجود الثاني إن عرض قصدها بعد الإكمال ، وإلا فالأوّل ، وعلى التقديرين فالزيادة يستحقّ عليها ثواب في الجملة وإن قلّ.

٥١١

«القول في السعي والتقصير»

«ومقدّماته» كلّها مسنونة :

«استلام الحجر» عند إرادة الخروج إليه.

«والشرب من زمزم ، وصبّ الماء منه عليه» من الدلو المقابل للحَجَر ، وإلّا فمن غيره. والأفضل استقاؤه بنفسه. ويقول عند الشرب والصبّ : «اللهم اجعله علماً نافعاً ، ورزقاً واسعاً ، وشفاءً من كلّ داء وسُقم» (١).

«والطهارة» من الحدث على أصحّ القولين ـ وقيل يشترط ـ ومن الخبث أيضاً.

«والخروج من باب الصفا» وهو الآن داخل في المسجد كباب بني شيبة ، إلّا أنّه معلَّم باُسطوانتين ، فليخرج من بينهما. وفي الدروس : الظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما (٢) أيضاً.

«والوقوف على الصفا *» بعد الصعود إليه حتّى يرى البيت من بابه «مستقبلَ الكعبة».

«والدعاء والذكر» قبل الشروع بقدر قراءة البقرة مترسّلاً للتأسّي (٣) وليكن الذكر مئة تكبيرة وتسبيحة وتحميدة وتهليلة ، ثم الصلاة على النبيّ وآله صلى الله عليه وآله مئة.

____________________

١) دعاء مأثور ، أورده في الوسائل ٩ : ٥١٥ ، الباب ٢ من أبواب السعي ، الحديث ٢.

٢) الدروس ١ : ٤٠٩.

*) هذه الفقرة لم ترد في (ق).

٣) الوسائل ٩ : ٥١٧ ، الباب ٤ من أبواب السعي ، الحديث الأوّل.

٥١٢

«وواجبه : النيّة» المشتملة على قصد الفعل المخصوص متقرّباً مقارنة للحركة وللصفا بأن يصعد عليه ، فيجزئ من أي جزءٍ كان منه أو يُلصق عقبه به إن لم يصعد ، فإذا وصل إلى المروة ألصق أصابع رجليه بها إن لم يدخلها ليستوعب سلوك المسافة التي بينهما في كلّ شوط.

«والبدأة بالصفا والختم بالمروة ، فهذا شوط ، وعوده» من المروة إلى الصفا «آخر ، فالسابع» يتمّ «على المروة».

«وترك الزيادة على السبعة * فيبطل» لو زاد «عمداً» ولو خطوة «والنقيصة ، فيأتي بها» وإن طال الزمان إذ لا تجب الموالاة فيه ، أو كان دون الأربع (١) بل يبني ولو على شوط.

«وإن ** زاد سهواً تخيّر بين الإهدار» للزائد «وتكميل اُسبوعين» إن لم يذكر حتى أكمل الثامن ، وإلّا تعيّن إهداره «كالطواف» وهذا القيد (٢) يمكن استفادته من التشبيه. وأطلق في الدروس الحكم (٣) وجماعة (٤) والأقوى تقييده بما ذكر. وحينئذٍ فمع الإكمال يكون الثاني مستحبّاً. «ولم يُشرّع استحباب السعي إلّاهنا» ولا يُشرّع ابتداءً مطلقاً.

«وهو» أي السعي «ركن يبطل» النُسُك «بتعمّد تركه» وإن جهل

____________________

*) في (ق) و (س) : السبع.

١) عطف على قوله : وإن طال الزمان.

**) في (ق) و (س) : ولو.

٢) يعني قيد «إن لم يذكر حتّى أكمل الثامن».

٣) الدروس ١ : ٤١١.

٤) منهم ابن سعيد في الجامع : ٢٠٢ ، والعلّامة في التحرير ١ : ٥٩٥.

٥١٣

الحكم ، لا بنسيانه بل يأتي به مع الإمكان ، ومع التعذّر يستنيب كالطواف. ولا يحلّ له ما يتوقّف عليه من المحرّمات حتى يأتي به كَمَلاً أو نائبه.

«ولو ظنّ فعلَه فواقع» بعد ان أحلّ بالتقصير «أو قلّم» ظفره «فتبيّن الخطأ» وأ نّه لم يُتمّ السعي «أتمّه وكفّر ببقرة» في المشهور ، استناداً إلى روايات دلّت على الحكم (١) وموردها ظنّ إكمال السعي بعد أن سعى ستّة أشواط.

والحكم مخالف للأُصول الشرعيّة من وجوه كثيرة : وجوب الكفّارة على الناسي في غير الصيد ، والبقرة في تقليم الظفر أو الأظفار ، ووجوبها بالجماع مطلقاً ، ومساواته للقَلْم. ومن ثَمّ أسقط وجوبها بعضهم وحملها على الاستحباب (٢) وبعضهم أوجبها للظنّ وإن لم تجب على الناسي (٣) وآخرون تلقّوها بالقبول مطلقاً (٤).

ويمكن توجيهه بتقصيره هنا في ظنّ الإكمال ، فإنّ من سعى ستّة يكون على الصفا ، فظنّ الإكمال مع اعتبار كونه على المروة تقصير ، بل تفريط (٥) واضح. لكنّ المصنّف وجماعة فرضوها قبل إتمام السعي مطلقاً (٦) فيشمل ما يتحقّق فيه العذر

____________________

١) الوسائل ٩ : ٥٢٩ ، الباب ١٤ من أبواب السعي ، الحديث ١ و ٢.

٢) مثل الحلّي في تردّدات الشرائع ١ : ٢٠٤. وقد أسقط وجوبها الشيخ في المبسوط ١ : ٣٣٧ ، والنهاية ١ : ٤٩٦ ، لكنّه لم يذكر الاستحباب.

٣) مثل ابن إدريس في السرائر ١ : ٥٥١ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣٨٤.

٤) منهم العلّامة في التحرير ١ : ٥٩٥ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ٢٧٤ ، لكنّه قال : على رواية.

٥) في (ف) بدل «تفريط» : قصوره.

٦) مثل الفاضلين ، راجع التخريج ٤.

٥١٤

كالخمسة. وكيف كان فالإشكال واقع.

«ويجوز قطعه لحاجة وغيرها» قبل بلوغ الأربعة ، وبعدها على المشهور. وقيل : كالطواف (١) «والاستراحة في أثنائه» وإن لم يكن على رأس الشوط مع حفظ موضعه ، حذراً من الزيادة والنقصان.

«ويجب التقصير» وهو إبانة الشعر أو الظفر بحديدٍ ونتفٍ وقرضٍ وغيرها «بعدَه» أي بعد السعي «بمسمّاه» وهو ما يصدق عليه أنّه أخذ من شعر أو ظُفر. وإنّما يجب التقصير متعيّناً «إذا كان سعي العمرة *» أمّا في غيرها فيتخيّر بينه وبين الحلق. «من الشعر» متعلّق بالتقصير ـ ولا فرق فيه بين شعر الرأس واللحية وغيرهما ـ «أو الظفر» من اليد أو الرجل. ولو حلق بعض الشعر أجزأ ، وإنّما يحرم حلق جميع الرأس أو ما يصدق عليه عرفاً.

«وبه يتحلّل من إحرامها» فيحلّ له جميع ما حرم بالإحرام حتى الوقاع.

«ولو حلق» جميع رأسه عامداً عالماً «فشاة» ولا يجزئ عن التقصير؛ للنهي (٢) وقيل : يجزئ (٣) لحصوله بالشروع والمحرّم متأخّر. وهو متّجه مع تجدّد القصد. وناسياً أو جاهلاً لا شيء عليه. ويحرم الحلق ولو بعد التقصير.

«ولو جامع قبل التقصير عمداً فبدنة للموسر ، وبقرة للمتوسط ، وشاة للمعسر» والمرجع في الثلاثة إلى العرف بحسب حالهم ومحلّهم. ولو كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه.

____________________

١) قاله المفيد في المقنعة : ٤٤١ ، والحلبي في الكافي : ١٩٥ ، وسلّار في المراسم : ١٢٣.

*) في (س) : سعى للعمرة.

٢) راجع الوسائل ٩ : ٥٤١ ، الباب ٤ من أبواب التقصير.

٣) قاله الشهيد في الدروس ١ : ٤١٥.

٥١٥

«ويستحبّ التشبّه * بالمحرمين بعده» أي بعد التقصير بترك لُبس المخيط وغيره كما يقتضيه إطلاق النصّ (١) والعبارة وفي الدروس اقتصر على التشبّه بترك المخيط (٢) «وكذا» يستحبّ ذلك «لأهل مكّة في الموسم» أجمع ، أي موسم الحجّ ، أوّلُه وصول الوفود إليهم محرمين ، وآخره العيد عند إحلالهم.

____________________

*) في (ق) و (س) : التشبيه.

١) الوسائل ٩ : ٥٤٥ ، الباب ٧ من أبواب التقصير.

٢) الدروس ١ : ٤١٥.

٥١٦

«الفصل الخامس»

«في أفعال الحجّ»

«وهي : الإحرام ، والوقوفان ، ومناسك منى ، وطواف الحجّ ، وسعيه ، وطواف النساء ، ورمي الجمرات ، والمبيت بمنى» والأركان منها خمسة : الثلاثة الاُوَل ، والطواف الأوّل ، والسعي.

«القول في الإحرام والوقوفين»

«يجب بعد التقصير الإحرام بالحجّ على المتمتّع» وجوباً موسَّعاً ، إلى أن يبقى للوقوف مقدار ما يمكن إدراكه بعد الإحرام من محلّه.

«ويستحبّ» إيقاعه «يومَ التروية» وهو الثامن من ذي الحجّة ، سُمِّي بذلك؛ لأنّ الحاجّ كان يتروّى الماء لعرفة من مكّة ، ـ إذ لم يكن بها ماءٌ كاليوم ـ فكان بعضهم يقول لبعض : تروّيتم لتخرجوا «بعد صلاة الظهر» وفي الدروس : بعد الظهرين المتعقّبتين لسنّة الإحرام (١) الماضية (٢) والحكم مختصّ بغير الإمام والمضطرّ ، وسيأتي استثناؤهما.

____________________

١) يعني صلاة سنّة الإحرام.

٢) الدروس ١ : ٤١٥. وفيه : السالفة ، بدل : الماضية.

٥١٧

«وصفته كما مرّ (١)» في الواجبات والمندوبات والمكروهات.

«ثمّ الوقوف» بمعنى الكون «بعرفة من زوال التاسع إلى غروب الشمس مقروناً بالنيّة» المشتملة على قصد الفعل المخصوص متقرّباً بعد تحقّق الزوال بغير فصل. والركن من ذلك أمرٌ كلّي وهو جزءٌ من مجموع الوقت بعد النيّة ولو سائراً. والواجب الكلّ.

«وحدّ عرفة : من بطن عُرَنَة» بضمّ العين المهملة وفتح الراء والنون «وثَوِيَّة» بفتح المثلّثة وكسر الواو وتشديد الياء المثنّاة من تحت المفتوحة «ونَمِرَة» بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء ، وهي بطن عُرَنة ، فكان يستغني عن التحديد بها «إلى الأراك» بفتح الهمزة «إلى ذي المجاز» وهذه المذكورات حدود لا محدود ، فلا يصحّ الوقوف بها.

«ولو أفاض» من عرفة «قبل الغروب عامداً ولم يَعُدْ فبدنة ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوماً» سفراً أو حضراً ، متتابعة أو غير متتابعة في أصحّ القولين (٢) وفي الدروس أوجب فيها المتابعة هنا وجعلها في الصوم أحوط (٣) وهو أولى.

ولو عاد قبل الغروب فالأقوى سقوطها وإن أثم. ولو كان ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه إن لم يعلم بالحكم قبل الغروب ، وإلّا وجب العود مع الإمكان ، فإن أخلّ به فهو عامد. وأمّا العود بعد الغروب فلا أثر له.

«ويكره الوقوف على الجبل» بل في أسفله بالسفح «وقاعداً» أي

____________________

١) مرّ في الإحرام ، الصفحة ٤٨٦.

٢) ذهب إلى ذلك المحقّق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٢٢٢.

٣) الدروس ١ : ٤١٩ و ٢٩٦.

٥١٨

الكون بها قاعداً «وراكباً» بل واقفاً ، وهو الأصل في إطلاق الوقوف على الكون ، إطلاقاً لأفضل أفراده عليه.

«والمستحبّ : المبيت بمنى ليلة التاسع إلى الفجر» احترز بالغاية عن توهّم سقوط الوظيفة بعد نصف الليل كمبيتها ليالي التشريق.

«ولا يقطع مُحسِّراً» بكسر السين ، وهو حدّ منى إلى جهة عرفة «حتّى تطلع الشمس».

«والإمام يخرج» من مكّة «إلى منى قبل الصلاتين» الظهرين يوم التروية ليصلّيهما بمنى. وهذا كالتقييد لما أطلقه سابقاً من استحباب إيقاع الإحرام بعد الصلاة المستلزم لتأخّر (١) الخروج عنها «وكذا ذو العذر» كالهِمّ (٢) والعليل والمرأة وخائف الزحام ، ولا يتقيّد خروجه بمقدار الإمام كما سلف ، بل له التقدّم بيومين وثلاثة.

«والدعاء عند الخروج إليها» أي إلى منى في ابتدائه «و» عند الخروج «منها» إلى عرفة «وفيها» بالمأثور (٣).

«والدعاء بعرفة» بالأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام (٤) خصوصاً دعاء الحسين (٥) وولده زين العابدين عليهما السلام (٦) «وإكثار الذكر» للّٰه‌تعالى بها.

____________________

١) في (ف) : لتأخير.

٢) أي الشيخ الفاني.

٣) راجع الوسائل ١٠ : ٧ ، الباب ٦ من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة ، والباب ٨ منها.

٤) راجع الوسائل ١٠ : ١٥ ، الباب ١٤ من أبواب إحرام الحجّ.

٥) إقبال الأعمال : ٣٣٩ ، البلد الأمين : ٢٥١.

٦) الصحيفة السجّاديّة ، الدعاء ٤٧.

٥١٩

«وليذكر إخوانه بالدعاء ، وأقلّهم أربعون». روى الكليني عن عليّ ابن إبراهيم عن أبيه ، قال : رأيت عبد اللّٰه بن جندب بالموقف فلم أر موقفاً كان أحسنَ من موقفه ، ما زال مادّاً يده إلى السماء ودموعه تسيل على خدّيه حتى تبلغ الأرض ، فلمّا [انصرف] (١) الناس قلت : يا أبا محمّد ما رأيت موقفاً قطّ أحسن من موقفك! قال : واللّٰه ما دعوت فيه إلّالإخواني ، وذلك لأنّ أبا الحسن موسى عليه السلام أخبرني أنّه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش «ولك مئة ألف ضعف مثله» وكرهت أن أدَعَ مئة ألف ضعف لواحدة لا أدري تستجاب أم لا (٢).

وعن عبد اللّٰه بن جندب قال : كنت في الموقف ، فلمّا أفضت أتيت إبراهيم ابن شعيب فسلّمت عليه وكان مصاباً با حدى عينيه وإذا عينه الصحيحة حمراء كأ نّها عَلَقةُ دم. فقلت له : قد اُصبت با حدى عينيك وأنا واللّٰه مشفق على الاُخرى ، فلو قصرت من البكاء قليلاً ، قال : لا واللّٰه يا أبا محمّد ما دعوت لنفسي اليوم دعوة ، قلت : فلمن دعوت؟ قال : دعوت لإخواني؛ لأنّي سمعت أبا عبد اللّٰه عليه السلام يقول : من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل اللّٰه به ملكاً يقول : «ولك مثلاه» فأردت أن أكون أنا أدعو لإخواني ، والملك يدعو لي؛ لأني في شكّ من دعائي لنفسي ، ولست في شكّ من دعاء الملك لي (٣).

«ثمّ يُفيض» أي ينصرف ، وأصله الاندفاع بكثرةٍ اُطلق على الخروج من عرفة لما يتّفق فيه من اندفاع الجمع الكثير منه كإفاضة الماء ، وهو متعدٍّ ، لا لازم ،

____________________

١) في المخطوطات : صرف.

٢) الوسائل ١٠ : ٢٠ ، الباب ١٧ من أبواب إحرام الحجّ ، الحديث الأوّل.

٣) نفس المصدر : الحديث ٣.

٥٢٠