الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

الكفّار لنفسه واختصّ به من الأموال المنقولة وغيرها غير المغصوبة من مسلمٍ أو مسالم.

«وميراث فاقد الوارث» الخاصّ ، وهو من عدا الإمام ، وإلّا فهو عليه السلام وارث من يكون كذلك.

«والغنيمة بغير إذنه» غائباً كان أم حاضراً على المشهور ، وبه روايةٌ مرسلة (١) إلّاأ نّه لا قائل بخلافها ظاهراً.

والمشهور أنّ هذه الأنفال مباحةٌ حال الغيبة ، فيصحّ التصرّف في الأرض المذكورة بالإحياء وأخذُ ما فيها من شجرٍ وغيره.

نعم ، يختصّ ميراث من لا وارث له بفقراء بلد الميّت وجيرانه؛ للرواية (٢). وقيل : بالفقراء مطلقاً (٣) ؛ لضعف المخصِّص. وهو قويٌّ. وقيل : مطلقاً كغيره (٤).

و «أمّا المعادن» الظاهرة والباطنة في غير أرضه عليه السلام «فالناس فيها شَرعٌ» على الأصحّ؛ لأصالة عدم الاختصاص. وقيل : هي من الأنفال أيضاً (٥).

____________________

١) الوسائل ٦ : ٣٦٩ ، الباب الأوّل من أبواب الأنفال ، الحديث ١٦.

٢) وهي ما رواه الشيخان في المقنعة : ٧٠٥ ، والنهاية : ٦٧١ ، وراجع الوسائل ١٧ : ٥٥٤ ، الباب ٤ من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ، الحديث ١٠ و ١١.

٣) قاله جماعة ، منهم المفيد في المقنعة : ٧٠٦ ، والكيدري في الإصباح : ٣٧٠ ، والمحقّق في الشرائع ٤ : ٤٠ ، وابن فهد في المهذّب البارع ٤ : ٤١٠.

٤) أي لا يختصّ بالفقراء ، بل يصحّ التصرّف فيه مطلقاً كغيره من الأنفال. ولم نقف على قائله.

٥) قاله المفيد في المقنعة : ٢٧٨ ، وسلّار في المراسم : ١٤٢ ، والعلّامة في التحرير ١ : ٤٤٣.

٣٨١

أمّا الأرض المختصّة به فما فيها من معدنٍ تابعٌ لها؛ لأنّه من جملتها. وأطلق جماعةٌ كون المعادن للناس من غير تفصيل (١) والتفصيل حسن.

هذا كلّه في غير المعادن المملوكة تبعاً للأرض أو بالإحياء؛ فإنّها مختصّةٌ بمالكها.

____________________

١) كالمصنّف هنا وفي الدروس ١ : ٢٦٤ ، والشيخ في المبسوط ٣ : ٢٧٤ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٨٣ ، والعلّامة في التحرير ٤ : ٤٩١ ـ ٤٩٢ ، والقواعد ٢ : ٢٧١ ـ ٢٧٢.

٣٨٢

كتاب الصوم

٣٨٣
٣٨٤

«كتاب الصوم»

«وهو الكفّ» نهاراً كما سيأتي التنبيه عليه (١) «عن الأكل والشرب مطلقاً» المعتاد منهما وغيره «والجماع كلّه» قُبُلاً ودُبراً ، لآدميّ وغيره على أصحّ القولين (٢) «والاستمناء» وهو طلب الإمناء بغير الجماع مع حصوله ، لا مطلق طلبه وإن كان محرّماً أيضاً ، إلّاأنّ الأحكام الآتية لا تجري فيه. وفي حكمه : النظر ، والاستمتاع بغير الجماع ، والتخيّل لمعتاده معه كما سيأتي (٣) «وإ يصال الغبار المتعدّي» إلى الحلق غليظاً كان أم لا ، بمحلَّلٍ كدقيق ، وغيره كتراب. وتقييده ب‍ «الغليظ» في بعض العبارات (٤) ـ ومنها الدروس (٥) ـ لا وجه له.

____________________

١) يأتي في الصفحة ٤٠٤.

٢) مال إليه الشيخ في المبسوط ١ : ٢٧٠ وقال به المحقّق في المعتبر ٢ : ٦٥٤ والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٣٥٧ ، وذهب ابن إدريس والعلّامة والمحقّق إلى عدم إفساد الصوم بوطء البهيمة مع عدم الإنزال ، اُنظر السرائر ١ : ٣٨٠ ، والشرائع ١ : ١٨٩ ، والتذكرة ٦ : ٢٤ ، والتحرير ١ : ٤٦٣.

٣) يأتي في الصفحة ٣٩٢.

٤) وهي الأكثر ، كالمبسوط ١ : ٢٧١ ، والمعتبر ٢ : ٦٥٤ ، والتذكرة ٦ : ٢٥.

٥) الدروس ١ : ٢٦٦.

٣٨٥

وحدّ الحلق : مخرج الخاء المعجمة «والبقاء على الجنابة» مع علمه بها ليلاً ، سواء نوى الغسل أم لا «ومعاودة النوم جنباً بعد انتباهتين» متأخّرتين عن العلم بالجنابة وإن نوى الغسل إذا طلع الفجر عليه جنباً ، لا بمجرّد النوم كذلك.

«فيُكفِّر» من لم يكفّ عن أحد هذه السبعة اختياراً في صومٍ واجبٍ متعيّن ، أو في (١) شهر رمضان مع وجوبه؛ بقرينة المقام «ويقضي» الصوم مع الكفارة «لو تعمّد الإخلال» بالكفّ المؤدّي إلى فعل أحدها.

والحكم في الستّة السابقة قطعيٌّ. وفي‌السابع مشهوريٌّ ، ومستنده (٢) غير صالح (٣).

ودخل في «التعمّد» الجاهل بتحريمها وإفسادها. وفي وجوب الكفّارة عليه خلاف ، والذي قوّاه المصنّف في الدروس عدمه (٤) وهو المرويّ (٥) وخرج

____________________

١) في (ر) زيادة : صوم.

٢) راجع الوسائل ٧ : ٤٣ ، الباب ١٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٢ و ٣ و ٤.

٣) استدلّ الشيخ في التهذيب بثلاث روايات تضمّنت : أنّ من أجنب ليلاً وأصبح بها فعليه الكفّارة ، وفي بعضها تصريح ببقائه على الجنابة متعمّداً ، وليس فيها إشعار بتعدّد النوم أصلاً؛ ومع ذلك ففي طريقها ضعف ، وحملُ ما لم يصرّح منها بالتعمّد عليه لو احتيج إليه أولى. والشيخ حملها على من نام ثالثاً ، نظراً منه إلى أنّه جمع بين الروايات ، وتبعه الجماعة إلّاالمحقّق في الشرائع ، فإنّه نسب الحكم فيها إلى قولٍ مقتصراً عليه. وما أحسن ما قيل : ربّ مشهور لا أصل له. (منه رحمه الله).

٤) الدروس ١ : ٢٧٢.

٥) قال قدس سره في المسالك (٢ : ١٩) : «والأصحّ أنّه لا كفّارة عليه؛ لرواية زرارة وأبي بصير عن الصادق عليه السلام» وراجع الوسائل ٧ : ٣٥ ، الباب ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ١٢.

٣٨٦

الناسي فلا قضاء عليه ولا كفّارة ، والمكرَه عليه ولو بالتخويف فباشر بنفسه على الأقوى.

واعلم أنّ ظاهر العبارة كون ما ذكر تعريفاً للصوم كما هو عادتهم ، ولكنّه غير تامّ؛ إذ ليس مطلق الكفّ عن هذه الأشياء صوماً كما لا يخفى. ويمكن أن يكون تجوّز فيه ببيان أحكامه ، ويؤيّده أنّه لم يعرِّف غيره من العبادات ولا غيرها في الكتاب غالباً. وأمّا دخله من حيث جعله كفّاً وهو أمرٌ عدميٌّ ، فقابل للتأويل بإرادة العزم على الضدّ أو توطين النفس عليه ، وبه يتحقّق معنى الإخلال به؛ إذ لا يقع الإخلال إلّابفعلٍ ، فلا بدّ من ردّه إلى فعل القلب. وإنّما اقتصر على الكفّ مراعاةً لمعناه اللغوي.

«ويقضي» خاصّةً من غير كفّارةٍ «لو عاد» الجنب إلى النوم ناوياً للغسل ليلاً «بعد انتباهةٍ» واحدةٍ فأصبح جنباً. ولا بدّ مع ذلك من احتماله الانتباه عادةً ، فلو لم يكن من عادته ذلك ولا احتمله كان من أوّل نومه كمتعمّد البقاء عليها. وأمّا النومة الاُولى فلا شيء فيها وإن طلع الفجر بشرطيه.

«أو احتقن بالمائع» في قولٍ (١) والأقوى عدم القضاء بها وإن حرمت. أمّا بالجامد ـ كالفتائل ـ فلا على الأقوى.

«أو ارتمس» بأن غمس رأسه أجمع في الماء دفعةً واحدةً عرفيّة وإن بقي البدن «متعمّداً» والأقوى تحريمه من دون إفسادٍ أيضاً. وفي الدروس أوجب به القضاء والكفّارة (٢) وحيث يكون الارتماس في غسلٍ مشروعٍ يقع

____________________

١) وهو قول الأكثر ، كالشيخ في المبسوط ١ : ٢٧٢ ، والخلاف ٢ : ٢١٣ ، المسألة ٧٣ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٩٢ ، ويقتضيه إطلاق كلام المفيد في المقنعة : ٣٤٤ ، والسيّد في الناصريّات : ٢٩٤ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٩٢ ، والعلّامة في المختلف ٣ : ٤١٣.

٢) الدروس ١ : ٢٧٢.

٣٨٧

فاسداً مع التعمّد للنهي (١) ولو نسي صحّ.

«أو تناول» المفطر «من دون مراعاةٍ ممكنةٍ» للفجر أو الليل ظانّاً حصوله «فأخطأ» بأن ظهر تناوله نهاراً «سواء كان مستصحب الليل» بأن تناول آخر الليل من غير مراعاةٍ بناءً على أصالة عدم طلوع الفجر «أو النهار» بأن أكل آخر النهار ظنّاً أنّ الليل دخل فظهر عدمه ، واكتفى عن قيد «ظنّ الليل» بظهور الخطأ ، فإنّه يقتضي اعتقاد خلافه. واحترز ب‍ «المراعاة الممكنة» عمّن تناول كذلك مع عدم إمكان المراعاة لغيمٍ أو حبسٍ أو عمىً حيث لا يجد من يقلّده فإنّه لا يقضي؛ لأنّه متعبّدٌ بظنّه. ويفهم من ذلك أنّه لو راعى فظنّ فلا قضاء فيهما وإن أخطأ ظنّه. وفي الدروس استقرب القضاء في الثاني دون الأوّل ، فارقاً بينها باعتضاد ظنّه بالأصل في الأوّل وبخلافه في الثاني (٢).

«وقيل» والقائل الشيخ (٣) والفاضلان (٤) : «لو أفطر لظلمةٍ موهِمةٍ» أي : موجِبةٍ لظنّ دخول الليل «ظانّاً» دخوله من غير مراعاةٍ بل استناداً إلى مجرّد الظلمة المثيرة للظنّ «فلا قضاء» استناداً إلى أخبار (٥) تقصر عن الدلالة مع تقصيره في المراعاة ، فلذلك نسبه إلى «القيل».

____________________

١) أي : عن جزئه ، وهو رمس الرأس ، قاله في المناهج السويّة : ١٨٤. راجع الوسائل ٧ : ٢٢ ، الباب ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الأحاديث ٢ و ٧ و ٨.

٢) الدروس ١ : ٢٧٣ ، قال في المناهج السويّة (١٨٦) : وعبارة الدروس ليس صريحة فيما ذكره ولكنّه نسب القضاء في الثاني إلى الشهرة ويفهم عدمه في الأوّل.

٣) اُنظر النهاية : ١٥٥ ، والاستبصار ٢ : ١١٦.

٤) اُنظر المختصر النافع : ٦٧ ، والشرائع ١ : ١٩٢ ، والقواعد ١ : ٣٧٣ ، والإرشاد ١ : ٢٩٧.

٥) وهي صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام وأخبار اُخر ، اُنظر المسالك ٢ : ٢٧ ، وراجع الوسائل ٧ : ٨٧ ، الباب ٥١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٣٨٨

واقتضى حكمه السابق وجوب القضاء مع عدم المراعاة وإن ظنّ. وبه صرّح في الدروس (١).

وظاهر القائلين : أنّه لا كفّارة مطلقاً ، ويشكل عدم الكفّارة مع إمكان المراعاة والقدرة على تحصيل العلم في القسم الثاني؛ لتحريم التناول على هذا الوجه ووقوعه في نهار يجب صومه عمداً ، وذلك يقتضي بحسب الاُصول الشرعيّة وجوب الكفّارة ، بل ينبغي وجوبها وإن لم يظهر الخطأ بل استمرّ الاشتباه؛ لأصالة عدم الدخول مع النهي عن الإفطار.

وأمّا في القسم الأوّل فوجوب القضاء خاصّةً مع ظهور الخطأ متوجّه؛ لتبيّن إفطاره في النهار ، وللأخبار (٢) لكن لا كفّارة عليه؛ لجواز تناوله حينئذٍ بناءً على أصالة عدم الدخول. ولولا النصّ على القضاء لأمكن القول بعدمه؛ للإذن المذكور. وأمّا وجوب (٣) الكفّارة على القول المحكيّ (٤) فأوضح. وقد اتّفق لكثير من الأصحاب في هذه المسألة عباراتٌ قاصرةٌ عن تحقيق الحال جدّاً ، فتأمّلها. وعبارة المصنّف هنا جيّدةٌ لولا إطلاق عدم الكفّارة.

واعلم أنّ المصنّف نقل القول المذكور جامعاً بين توهّم الدخول بالظلمة وظنّه ، مع أنّ المشهور ـ لغةً واصطلاحاً ـ أنّ الوهم اعتقادٌ مرجوح وراجحه الظنّ ، وعبارتهم وقعت أنّه : لو أفطر للظلمة الموهِمة وجب القضاء ولو ظنّ لم يفطر ، أي لم يفسد صومه ، فجعلوا الظنّ قسيماً للوهم.

____________________

١) الدروس ١ : ٢٧٣.

٢) اُنظر الوسائل ٧ : ٨١ ـ ٨٢ ، الباب ٤٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٣) كذا في النسخ ، والمقصود : عدم وجوب الكفّارة.

٤) وهو عدم وجوب القضاء على المفطر للظلمة.

٣٨٩

فجمعه هنا بين الوهم والظنّ ـ في نقل كلامهم ـ إشارةٌ إلى أنّ المراد من «الوهم» في كلامهم أيضاً الظنّ؛ إذ لا يجوز الإفطار مع ظنّ عدم الدخول قطعاً ، واللازم منه وجوب الكفّارة ، وإنّما يقتصر على القضاء لو حصل الظنّ ثمّ ظهرت المخالفة ، وإطلاق الوهم على الظنّ صحيحٌ أيضاً؛ لأنّه أحد معانيه لغةً (١).

لكن يبقى في كلامهم سؤال الفرق بين المسألتين؛ حيث حكموا مع الظنّ بأ نّه لا إفساد ، إلّاأن يفرّق بين مراتب الظنّ ، فيراد من «الوهم» أوّل مراتبه ، ومن «الظنّ» قوّة الرجحان ، وبهذا المعنى صرّح بعضهم (٢).

وفي بعض تحقيقات المصنّف على كلامهم : أنّ المراد من «الوهم» ترجيح أحد الطرفين لأمارةٍ غير شرعيّة ، ومن «الظنّ» الترجيح لأمارةٍ شرعيّة (٣) فشرّك بينهما في الرجحان ، وفرّق بما ذَكَر. وهو ـ مع غرابته ـ لا يتمّ؛ لأنّ الظنّ المجوِّز للإفطار لا يفرق فيه بين الأسباب المثيرة له. وإنّما ذكرنا ذلك للتنبيه على فائدة جمعه هنا بين الوهم والظنّ تفسيراً لقولهم.

واعلم أنّ قوله : «سواء كان مستصحب الليل أو النهار» جرى فيه على قول الجوهري : «سواءٌ عليَّ قمتَ أو قعدتَ» (٤) وقد عدّه جماعةٌ من النحاة ـ منهم ابن هشام في المغني (٥) ـ من الأغاليط ، وأنّ الصواب العطف بعد سواء ب‍ «أم» بعد همزة التسوية ، فيقول : «سواء أكان كذا أم كذا» كما قال تعالى : (... سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ

____________________

١) اُنظر الصحاح والقاموس ، (وهم).

٢) وهو ابن إدريس في السرائر ١ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨.

٣) لم نقف عليه.

٤) الصحاح ٦ : ٢٣٨٦ ، (سوا).

٥) مغني اللبيب ١ : ٦٣.

٣٩٠

أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ ...) (١) (... سَوٰاءٌ عَلَيْنٰا أَجَزِعْنٰا أَمْ صَبَرْنٰا ... (٢) ... سَوٰاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صٰامِتُونَ) (٣) وقس عليه ما يأتي من نظائره في الكتاب وغيره ، وهو كثير.

«أو تعمّد القيء» مع عدم رجوع شيءٍ منه إلى حلقه اختياراً ، وإلّا وجبت الكفّارة أيضاً. واحترز ب‍ «التعمّد» عمّا لو سبقه بغير اختياره ، فإنّه لا قضاء مع تحفّظه كذلك.

«أو اُخبر بدخول الليل فأفطر» تعويلاً على قوله.

ويشكل : بأ نّه إن كان قادراً على المراعاة ينبغي وجوب الكفّارة ـ كما سبق ـ لتقصيره وإفطاره حيث يُنهى (٤) عنه ، وإن كان مع عدمه فينبغي عدم القضاء أيضاً إن كان ممّن يسوغ تقليده له كالعدل ، وإلّا فكالأوّل. والذي صرّح به جماعة : أنّ المراد هو الأوّل (٥).

«أو» اُخبر «ببقائه» أي : بقاء الليل «فتناول» تعويلاً على الخبر «ويظهر* الخلاف» حالٌ من الأمرين ، ووجوب القضاء خاصّةً هنا متّجهٌ مطلقاً؛ لاستناده إلى الأصل ، بخلاف السابق. وربّما فُرق في الثاني بين كون

____________________

١) البقرة : ٦.

٢) إبراهيم : ٢١.

٣) الأعراف : ١٩٣.

٤) في (ف) : نُهي.

٥) كالشيخ والفاضلين ، اُنظر المبسوط ١ : ٢٧١ ، والمختصر النافع : ٦٧ ، والمنتهى ٢ : ٥٧٨ (الحجرية).

*) في (س) : فيظهر.

٣٩١

المخبر بعدم الطلوع حجّةً شرعيّة ـ كعدلين ـ وغيره ، فلا يجب القضاء معهما؛ لحجيّة قولهما شرعاً.

ويفهم من القيد أنّه لو لم يظهر الخلاف فيهما لا قضاء. وهو يتمّ في الثاني دون الأوّل؛ للنهي (١) والذي يناسب الأصل فيه وجوب القضاء والكفّارة ما لم تظهر الموافقة ، وإلّا (٢) فالإثم خاصّةً. نعم ، لو كان في هذه الصور جاهلاً بجواز التعويل على ذلك جاء فيه الخلاف في تكفير الجاهل ، وهو حكمٌ آخر.

«أو نظر إلى امرأةٍ» محرّمةٍ؛ بقرينة قوله : «أو غلامٍ فأمنى» مع عدم قصده الإمناء ولا اعتياده «ولو قصد فالأقرب الكفّارة ، وخصوصاً مع الاعتياد؛ إذ لا ينقص عن الاستمناء بيده أو ملاعبه *» وما قرّبه حسنٌ ، لكن يفهم منه : أنّ الاعتياد بغيرِ قصد الإمناء غير كافٍ. والأقوى الاكتفاء به ، وهو ظاهره في الدروس (٣).

وإنّما وجب القضاء مع النظر إلى المحرّم مع عدم الوصفين؛ للنهي عنه (٤) فأقلّ مراتبه الفساد ، كغيره من المنهيّات في الصوم : من الارتماس والحقنة وغيرهما. والأقوى عدم القضاء بدونهما كغيره من المنهيّات وإن أثم؛ إذ لا دلالة للتحريم على الفساد؛ لأنّه أعمّ ، فلا يفسد إلّامع النصّ عليه ، كالتناول والجماع

____________________

١) لم يرد «للنهي» في (ع).

٢) لم يرد «وإلّا» في (ش) و (ف).

*) في (س) : ملاعبة ، وفي نسختي (ش) و (ر) من الشرح : ملاعبته.

٣) الدروس ١ : ٢٧٣.

٤) لم نقف على نهيٍ مختصٍّ بالصائم. وإن كان المراد النهي العامّ عن النظر إلى المحرّم ، فلا يقاس بمثل الارتماس والحقنة ، كما لا يخفى.

٣٩٢

ونظائرهما. ولا فرق حينئذٍ بين المحلّلة والمحرّمة إلّافي الإثم وعدمه.

«وتتكرّر الكفّارة» مع فعل موجبها «بتكرّر الوطء» مطلقاً ولو في اليوم الواحد ، ويتحقّق تكرّره بالعود بعد النزع «أو تغاير الجنس» بأن وطئ وأكل ، والأكل والشرب غيران «أو تخلّل التكفير» بين الفعلين وإن اتّحد الجنس والوقت «أو اختلاف الأيّام» وإن اتّحد الجنس أيضاً.

«وإلّا» يكن كذلك ، بأن اتّحد الجنس ـ في غير الجماع ـ والوقت ولم يتخلّل التكفير «فواحدةٌ» على المشهور ، وفي الدروس : قطعاً (١) وفي المهذّب : إجماعاً (٢) وقيل : تتكرّر مطلقاً (٣) وهو متّجهٌ ـ إن لم يثبت الإجماع على خلافه ـ لتعدّد السبب الموجب لتعدّد المسبّب ، إلّاما نصّ فيه على التداخل ، وهو منفيٌّ هنا. ولو لوحظ زوال الصوم بفساده بالسبب الأوّل لزم عدم تكرّرها في اليوم الواحد مطلقاً ، وله وجهٌ ، والواسطة (٤) ضعيفة.

ويتحقّق تعدّد الأكل والشرب بالازدراد وإن قلّ ، ويتّجه في الشرب اتّحاده مع اتّصاله وإن طال؛ للعرف (٥).

«ويتحمّل عن الزوجة المكرَهة» على الجماع «الكفّارة والتعزير» المقدّر على الواطئ «بخمسةٍ وعشرين سوطاً فيعزّر خمسين» ولا تحمّل في

____________________

١) الدروس ١ : ٢٧٥.

٢) المهذّب البارع ٢ : ٤٦.

٣) نقله الشيخ في المبسوط (١ : ٢٧٤) عن بعض الأصحاب ، واختاره المحقّق الثاني في حاشيته على الشرائع (مخطوط) : الورقة ٥٧.

٤) وهي التكرار في بعضٍ دون بعض.

٥) في (ر) : في العرف.

٣٩٣

غير ذلك كإكراه الأمة ، والأجنبيّة ، والأجنبيّ لهما ، والزوجة له ، والإكراه على غير الجماع ولو للزوجة ، وقوفاً مع النصّ (١) وكون الحكم في الأجنبيّة أفحش لا يفيد أولويّة التحمّل؛ لأنّ الكفّارة مخفِّفة للذنب ، فقد لا يثبت في الأقوى ، كتكرار الصيد عمداً. نعم ، لا فرق في الزوجة بين الدائم والمستمتع بها.

وقد يجتمع في حالةٍ واحدة الإكراه والمطاوعة ابتداءً واستدامةً ، فيلزمه حكمه ويلزمها حكمها.

ولا فرق في الإكراه بين المجبورة والمضروبة ضرباً مضرّاً حتّى مكّنت على الأقوى. وكما ينتفي عنها الكفّارة ينتفي القضاء مطلقاً (٢).

«ولو طاوعته فعليها» الكفّارة والتعزير مثله.

«القول في شروطه»

أي : شروط وجوب الصوم وشروط صحّته.

«ويعتبر في الوجوب البلوغ والعقل» فلا يجب على الصبيّ والمجنون والمغمى عليه ، وأمّا السكران فبحكم العاقل في الوجوب لا الصحّة «والخلوّ من الحيض والنفاس والسفر» الموجب للقصر ، فيجب على كثيره والعاصي به ونحوهما. وأمّا ناوي الإقامة عشراً ومن مضى عليه ثلاثون يوماً متردّداً ففي معنى المقيم.

____________________

١) الوسائل ٧ : ٣٧ ، الباب ١٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث الأوّل.

٢) نبّه بالإطلاق على خلاف الشيخ حيث أوجب القضاء على المضروبة دون المجبورة (منه رحمه الله). راجع الخلاف ٢ : ١٨٣ ، المسألة ٢٧.

٣٩٤

«و» يعتبر «في الصحّة التمييز» وإن لم يكن مكلّفاً. ويعلم منه : أنّ صوم المميّز صحيحٌ ، فيكون شرعيّاً ، وبه صرّح في الدروس (١) ويمكن الفرق بأنّ الصحّة من أحكام الوضع فلا يقتضي الشرعيّة. والأولى كونه تمرينيّاً لا شرعيّاً ، ويمكن معه الوصف بالصحّة كما ذكرناه. خلافاً لبعضهم (٢) حيث نفى الأمرين. أمّا المجنون فينتفيان في حقّه؛ لانتفاء التمييز ، والتمرين فرعه. ويشكل ذلك في بعض المجانين لوجود التمييز فيهم.

«والخلوّ منهما» من الحيض والنفاس ، وكذا يعتبر فيهما الغسل بعده عند المصنّف (٣) فكان عليه أن يذكره؛ إذ الخلوّ منهما لا يقتضيه ، كما لم يقتضه في شرط الوجوب؛ إذ المراد بهما فيه نفس الدم ، لوجوبه على المنقطعة وإن لم تغتسل «ومن الكفر» فإنّ الكافر يجب عليه الصوم كغيره ، ولكن لا يصحّ منه معه.

«ويصحّ من المستحاضة إذا فعلت الواجب من الغسل» النهاريّ ـ وإن كان واحداً ـ بالنسبة إلى الصوم الحاضر ، أو مطلق الغسل بالنسبة إلى المقبل. ويمكن أن يريد كونه مطلقاً شرطاً فيه مطلقاً؛ نظراً إلى إطلاق النصّ (٤) والأوّل أجود؛ لأنّ غسل العشاءين لا يجب إلّابعد انقضاء اليوم ، فلا يكون شرطاً في صحّته. نعم ، هو شرطٌ في اليوم الآتي ، ويدخل في غسل الصبح لو اجتمعا.

____________________

١) الدروس ١ : ٢٦٨.

٢) كالمحقّق الثاني ، حيث نفى الصحّة ولازمه نفي الشرعيّة ، اُنظر الحاشية على الشرائع (مخطوط) : الورقة ٥٨ ، وجامع المقاصد ٣ : ٨٢.

٣) اُنظر الدروس ١ : ٢٧١ ، والبيان : ٦١.

٤) وهو صحيحة عليّ بن مهزيار ، الوسائل ٧ : ٤٥ ، الباب ١٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث الأوّل.

٣٩٥

«ومن المسافر في دم المتعة» بالنسبة إلى الثلاثة لا السبعة «وبدل البَدَنة» وهو ثمانية عشر يوماً للمفيض من عرفات قبل الغروب عامداً «والنذر المقيّد به» أي : بالسفر ، إمّا بأن نذره سفراً أو سفراً وحضراً وإن كان النذر في حال السفر ، لا إذا أطلق وإن كان الإطلاق يتناول السفر ، إلّاأ نّه لا بدّ من تخصيصه بالقصد منفرداً أو منضمّاً. خلافاً للمرتضى رحمه الله حيث اكتفى بالإطلاق (١) لذلك ، وللمفيد حيث جوّز صوم الواجب مطلقاً عدا شهر رمضان (٢) «قيل» والقائل ابنا بابويه (٣) : «وجزاء الصيد» وهو ضعيف؛ لعموم النهي (٤) وعدم ما يصلح للتخصيص.

«ويُمرَّن الصبيّ» وكذا الصبيّة على الصوم «لسبع» ليعتاده فلا يثقل عليه عند البلوغ. وأطلق جماعةٌ (٥) تمرينه قبل السبع وجعلوه بعد السبع مشدّداً.

«وقال ابنا بابويه (٦) والشيخ في النهاية (٧) :» يمرّن «لتسعٍ» والأوّل أجود ، ولكن يشدّد للتسع.

ولو أطاق بعض النهار خاصّةً فعل. ويتخيّر بين نيّة الوجوب والندب؛ لأنّ

____________________

١) نقله عنه العلّامة في المختلف ٣ : ٤٦١ ـ ٤٦٢ ، وراجع جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٥٦ فإنّ العبارة هناك لا تفي بالمقصود ، وراجع الانتصار : ١٩٢.

٢) المقنعة : ٣٦١ ـ ٣٦٢.

٣) حكاه عنهما العلّامة في المختلف ٣ : ٤٦٢ ، وراجع المقنع : ١٩٩.

٤) راجع الوسائل ٧ : ١٢٣ ، الباب الأوّل من أبواب من يصحّ منه الصوم ، والصفحة ١٤٢ ، الباب ١١ من الأبواب.

٥) منهم المحقّق في الشرائع ١ : ١٩٨ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٣٨٣ ، والتحرير ١ : ٤٨٥.

٦) حكاه عنهما العلّامة في المختلف ٣ : ٤٨٦ ، وانظر الفقيه ٢ : ١٢٢ ، ذيل الحديث ١٩٠٧.

٧) النهاية : ١٤٩.

٣٩٦

الغرض التمرين على فعل الواجب ، ذكره (١) المصنّف (٢) وغيره (٣) وإن كان الندب أولى.

«والمريض يتبع ظنّه» فإن ظنّ الضرر به أفطر وإلّا صام. وإنّما يتبع ظنّه في الإفطار ، أمّا الصوم فيكفي فيه اشتباه الحال.

والمرجع في الظنّ إلى ما يجده ولو بالتجربة في مثله سابقاً ، أو بقول من يفيد قوله الظنّ ولو كان كافراً. ولا فرق في الضرر بين كونه لزيادة المرض وشدّة الألم ـ بحيث لا يحتمل (٤) عادةً ـ وبطء برئه.

وحيث يحصل الضرر ولو بالظنّ لا يصحّ الصوم؛ للنهي عنه (٥) «فلو تكلّفه مع ظنّ الضرر قضى».

«وتجب فيه النيّة»

وهي القصد إلى فعله «المشتملة على الوجه» من وجوبٍ أو ندب «والقربة» أمّا القربة فلا شبهة في وجوبها ، وأمّا الوجه ففيه ما مرّ (٦) خصوصاً

____________________

١) أي : التخيير.

٢) الذكرى ٢ : ١١٨ و ٣١٦ ، والدروس ١ : ١٣٨ ، والبيان : ١٤٩.

٣) كالمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٨٤.

٤) في (ر) : لا يتحمّل.

٥) في قوله تعالى : (فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدّة من أيّام اُخر ...) البقرة : ١٨٤ ، وراجع الوسائل ٧ : ١٥٦ ، الباب ١٨ و ١٩ و ٢٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

٦) مرّ في نيّة الوضوء والصلاة في الصفحة ٧٦ و ٢٠٢.

٣٩٧

في شهر رمضان؛ لعدم وقوعه على وجهين.

وتعتبر النيّة «لكلّ ليلةٍ» أي فيها «والمقارنة» بها لطلوع الفجر «مجزئة» على الأقوى إن اتّفقت؛ لأنّ الأصل في النيّة مقارنتها للعبادة المنويّة ، وإنّما اغتفرت هنا للعسر.

وظاهر جماعةٍ تحتّم إيقاعها ليلاً (١) ولعلّه لتعذّر المقارنة ، فإنّ الطلوع لا يعلم إلّابعد الوقوع ، فتقع النيّة بعده ، وذلك غير المقارنة المعتبرة فيها.

وظاهر الأصحاب أنّ النيّة للفعل المستغرق للزمان المعيّن يكون بعد تحقّقه لا قبله؛ لتعذّره كما ذكرناه. وممّن صرّح به المصنّف في الدروس في نيّات أعمال الحجّ ، كالوقوف بعرفة ، فإنّه جعلها مقارنةً لما بعد الزوال (٢) فيكون هنا كذلك ، وإن كان الأحوط جعلها ليلاً؛ للاتّفاق على جوازها فيه.

«والناسي» لها ليلاً «يجدّدها إلى الزوال» بمعنى أنّ وقتها يمتدّ إليه ، ولكن يجب الفور بها عند ذكرها ، فلو أخّرها عنه عامداً بطل الصوم.

هذا في شهر رمضان والصوم المعيّن. أمّا غيره ـ كالقضاء والكفّارة والنذر المطلق ـ فيجوز تجديدها قبل الزوال وإن تركها قبله عمداً ، بل ولو نوى الإفطار. وأمّا صوم النافلة فالمشهور أنّه كذلك. وقيل : بامتدادها فيه إلى الغروب (٣)

____________________

١) كالمفيد في المقنعة : ٣٠٢ ، والمحقّق في المختصر النافع : ٦٥ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٣٧٠ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٣٥٠ ، وحكاه العلّامة عن ابن أبي عقيل في المختلف ٣ : ٣٦٥.

٢) الدروس ١ : ٤١٩.

٣) والقائل السيّد المرتضى وبنو زهرة وحمزة وإدريس وفهد ، اُنظر الانتصار : ١٨٠ ، والغنية : ١٣٧ ، والوسيلة : ١٤٠ ، والسرائر ١ : ٣٧٣ ، والمقتصر : ١١٠.

٣٩٨

وهو حسنٌ وخيرة المصنّف في الدروس (١).

«والمشهور بين القدماء الاكتفاء بنيّةٍ واحدةٍ للشهر (٢)» شهر رمضان ، «وادّعى المرتضى في» المسائل «الرسّيّة فيه الإجماع (٣)» وكذا ادّعاه الشيخ رحمه الله (٤) ووافقهم من المتأخّرين المحقّق في المعتبر (٥) والعلّامة في المختلف (٦) استناداً إلى أنّه عبادةٌ واحدة.

«والأوّل» وهوإ يقاعها لكلّ ليلةٍ «أولى» وهذا يدلّ على اختياره الاجتزاء بالواحدة ، وبه صرّح أيضاً في شرح الإرشاد (٧) وفي الكتابين اختار التعدّد (٨).

وفي أولويّة تعدّدها عند المجتزئ بالواحدة نظرٌ؛ لأنّ جعله عبادةً واحدةً يقتضي عدم جواز تفريق النيّة على أجزائها ، خصوصاً عند المصنّف ، فإنّه قطع بعدم جواز تفريقها على أعضاء الوضوء وإن نوى الاستباحة المطلقة ، فضلاً عن نيّتها لذلك العضو (٩). نعم ، من فرّق بين العبادات وجعل بعضها ممّا يقبل الاتّحاد

____________________

١) الدروس ١ : ٢٦٦.

٢) كالشيخين وسلّار والحلبي ، اُنظر المقنعة : ٣٠٢ ، والنهاية : ١٥١ ، والمراسم : ٩٤ ، والكافي في الفقه : ١٨١.

٣) أجوبة المسائل الرسّيّة (رسائل الشريف المرتضى) ٢ : ٣٥٥.

٤) الخلاف ٢ : ١٦٣ ـ ١٦٤.

٥) اُنظر المعتبر ٢ : ٦٤٩.

٦) لم يوافقهم فيه ، بل قرّب المنع ، راجع المختلف ٣ : ٣٧٣.

٧) غاية المراد ١ : ٣٢٠.

٨) الدروس ١ : ٢٦٧ ، والبيان : ٣٦١.

٩) اُنظر البيان : ٤٤.

٣٩٩

والتعدّد ـ كمجوِّز تفريقها في الوضوء (١) ـ يأتي عنده هنا الجواز من غير أولويّة؛ لأ نّها تناسب الاحتياط ، وهو منفيٌّ ، وإنّما الاحتياط هنا الجمع بين نيّة المجموع والنيّة لكلّ يوم. ومثله يأتي عند المصنّف في غسل الأموات ، حيث اجتزأ في الثلاثة بنيّةٍ (٢) لو أراد الاحتياط بتعدّدها لكلّ غسل ، فإنّه لا يتم إلّابجمعها ابتداءً ثمّ النيّة للآخرين.

«ويشترط في ما عدا» شهر «رمضان التعيين» لصلاحيّة الزمان ولو بحسب الأصل له ولغيره ، بخلاف شهر رمضان؛ لتعيّنه شرعاً للصوم ، فلا اشتراك فيه حتّى يميّز بتعيينه.

وشمل «ما عداه» النذر المعيّن ، ووجه دخوله ما أشرنا إليه : من عدم تعيّنه بحسب الأصل. والأقوى إلحاقه بشهر رمضان ، إلحاقاً للمتعيّن (٣) العرضي بالأصلي؛ لاشتراكهما في حكم الشارع به. ورجّحه في البيان (٤) وألحق به الندب المعيّن كأيّام البيض. وفي بعض تحقيقاته مطلق المندوب ، لتعيّنه شرعاً في جميع الأيّام إلّاما استثني ، فيكفي نيّة القربة (٥) وهو حسن.

وإنّما يكتفى في شهر رمضان بعدم تعيّنه بشرط ألّا يعيّن غيره ، وإلّا بطل فيهما على الأقوى؛ لعدم نيّة المطلوب شرعاً وعدم وقوع غيره فيه. هذا مع العلم ،

____________________

١) لم نقف على المجوّز ، والماتن قدس سره صرّح بإمكان الصحّة في بعض صور التفريق ، راجع الذكرى ٢ : ١١٦.

٢) في (ر) زيادة : واحدة.

٣) في (ع) : للتعيّن.

٤) الموجود فيه خلاف ذلك ، نعم ألحق بصوم رمضان الندبَ المعيَّن ، راجع البيان : ٣٥٧.

٥) لم نقف عليه.

٤٠٠