الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

بأن كان له بكلّ بلدٍ شاةٌ.

«وأمّا النقدان : فيشترط فيهما النصاب والسكّة» وهي النقش الموضوع للدلالة على المعاملة الخاصّة بكتابةٍ وغيرها وإن هجرت ، فلا زكاة في السبائك ، والممسوح وإن تُعومل به ، والحُليِّ ، وزكاته إعارته استحباباً. ولو اتُّخذ المضروب بالسكّة آلةً للزينة وغيرها لم يتغيّر الحكم وإن زاده أو نقصه ، ما دامت المعاملة به على وجهه ممكنة.

«والحول» وقد تقدّم (١).

«فنصاب الذهب» الأوّل «عشرون ديناراً» كلّ واحدٍ مثقالٌ ، وهو درهمٌ وثلاثة أسباع درهم «ثمّ أربعة دنانير» فلا شيء فيما دون العشرين ولا فيما دون أربعة بعدها ، بل يعتبر الزائد أربعةً أربعةً أبداً.

«ونصاب الفضّة» الأوّل «مئتا درهم» والدرهم نصف المثقال وخُمسه ، أو ثمانية وأربعون حبّة شعير متوسّطةً ، هي ستّة دوانيق (٢) «ثمّ أربعون درهماً» بالغاً ما بلغ ، فلا زكاة فيما نقص عنهما (٣).

«والمُخرَج» في النقدين «ربع العُشر» فمن عشرين مثقالاً نصف مثقال ، ومن الأربعة قيراطان ، ومن المئتين خمسة دراهم ، ومن الأربعين درهم. ولو أخرج ربع العشر من جملة ما عنده من غير أن يعتبر مقداره مع العلم باشتماله على النصاب الأوّل أجزأ ، وربّما زاد خيراً. والواجب الإخراج «من العين ، وتُجزئ القيمة» كغيرهما.

____________________

١) في الصفحة ٣٣٨.

٢) الدانَق والدانِق : سدس الدرهم. معرّب «دانگ» عن الفارسيّة.

٣) في (ع) : عنها.

٣٤١

«وأمّا الغلّات» الأربع : «فيشترط فيها التملّك بالزراعة» إن كان ممّا يُزرع «أو الانتقال» أي انتقال الزرع أو الثمرة مع الشجرة أو منفردةً إلى ملكه «قبل انعقاد الثمرة» في الكرم ، وبُدُوّ الصلاح ـ وهو الاحمرار أو الاصفرار ـ في النخل «و» انعقاد «الحَبّ» في الزرع ، فتجب الزكاة حينئذٍ على المنتقل إليه وإن لم يكن زارعاً. وربّما اُطلقت الزراعة على ملك الحبّ والثمرة على هذا الوجه.

وكان عليه أن يذكر بُدُوّ الصلاح في النخل لئلّا يدخل في الانعقاد ، مع أنّه لا قائل بتعلّق الوجوب فيه به ، وإن كان الحكم بكون الانتقال قبل الانعقاد مطلقاً يوجب الزكاة على المنتقَل إليه صحيحاً ، إلّاأ نّه في النخل خالٍ عن الفائدة؛ إذ هو كغيره من الحالات السابقة.

وقد استفيد من فحوى الشرط أنّ تعلّق الوجوب بالغلّات عند انعقاد الحبّ والثمرة وبدوّ صلاح النخل. وهذا هو المشهور بين الأصحاب. وذهب بعضهم إلى أنّ الوجوب لا يتعلّق بها إلى أن يصير أحدَ الأربعة حقيقةً (١) وهو بلوغها حدّ اليُبس الموجب للاسم. وظاهر النصوص دالٌّ عليه (٢).

«ونصابها» الذي لا تجب فيها بدون بلوغه ـ واكتفى عن اعتباره شرطاً بذكر مقداره تجوّزاً ـ «ألفان وسبعمئة رطلٍ بالعراقي» أصله خمسة أوسُق ،

____________________

١) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ١٨٢ ، وسلّار في المراسم : ١٢٨ ، واختاره المحقّق في الشرائع ١ : ١٥٣ ، وحكاه العلّامة عن ابن الجنيد في المختلف ٣ : ١٨٦ ، وعن والده في المنتهى ١ : ٤٩٩ (الحجريّة).

٢) لأنها علّقت بالأسماء الأربعة وهي لا تصدق قبل ذلك. المناهج السويّة : ٥٥ ، راجع الوسائل ٦ : ٣٢ ، الباب ٨ من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحبّ فيه.

٣٤٢

ومقدار الوَسْق ستّون صاعاً ، والصاع تسعة أرطالٍ بالعراقي ، ومضروب ستّين في خمسة ثمّ في تسعة تبلغ ذلك.

«وتجب» الزكاة «في الزائد» عن النصاب «مطلقاً» وإن قلّ ، بمعنى أن ليس له إلّانصابٌ واحد ، ولا عفو فيه.

«والمُخرَج» من النصاب وما زاد «العُشر إن سقي سَيحاً» بالماء الجاري على وجه الأرض ، سواءً كان قبل الزرع ـ كالنيل ـ أم بعده «أو بَعْلاً» وهو شربه بعروقه القريبة من الماء «أو عِذياً» بكسر العين ، وهو أن يُسقى بالمطر «ونصف العُشر بغيره» بأن سُقي بالدلو والناضح والدالية ، ونحوها.

«ولو سقي بهما فالأغلب» عدداً مع تساويهما في النفع ، أو نفعاً ونموّاً لو اختلفا ، وفاقاً للمصنّف (١) ويحتمل اعتبار العدد والزمان مطلقاً. «ومع التساوي» فيما اعتبر التفاضل فيه فالواجب «ثلاثة أرباع العُشر» لأنّ الواجب حينئذٍ في نصفه العشر ، وفي نصفه نصفُه ، وذلك ثلاثة أرباعه من الجميع.

ولو اُشكل الأغلب احتمل وجوب الأقلّ للأصل ، والعشر للاحتياط ، وإلحاقه بتساويهما لتحقّق تأثيرهما والأصل عدم التفاضل. وهو الأقوى.

واعلم أنّ إطلاقه الحكم بوجوب المقدّر فيما ذكر يؤذن بعدم اعتبار استثناء المؤونة ، وهو قول الشيخ رحمه الله محتجّاً بالإ جماع عليه منّا ومن العامّة (٢) ولكنّ المشهور بعد الشيخ استثناؤها ، وعليه المصنّف في سائر كتبه وفتاواه (٣) والنصوص

____________________

١) راجع البيان : ٢٩٦ ، والدروس ١ : ٢٣٧.

٢) الخلاف ٢ : ٦٧ ، المسألة ٧٨.

٣) الدروس ١ : ٢٣٧ ، والبيان : ٢٩٣.

٣٤٣

خاليةٌ من استثنائها مطلقاً. نعم ورد استثناء حصّة السلطان (١) وهو أمرٌ خارجٌ عن المؤونة وإن ذكرت منها في بعض العبارات (٢) تجوّزاً.

والمراد ب‍ «المؤونة» ما يغرمه المالك على الغلّة من ابتداء العمل لأجلها ـ وإن تقدّم على عامها ـ إلى تمام التصفية ويُبس الثمرة. ومنها البذر ، ولو اشتراه اعتبر المثل أو القيمة.

ويعتبر النصاب بعد ما تقدّم منها على تعلّق الوجوب ، وما تأخّر عنه يستثنى ولو من نفسه ويُزكّى الباقي وإن قلّ. وحصّة السلطان كالثاني.

ولو اشترى الزرع أو الثمرة فالثمن من المؤونة. ولو اشتراها مع الأصل وُزّع الثمن عليهما ، كما يوزّع المؤونة على الزكويّ وغيره لو جمعهما. ويُعتبر ما غَرَمه بعده ويسقط ما قبله ، كما يسقط اعتبار المتبرّع وإن كان غلامه أو ولده.

____________________

١) الوسائل ٦ : ١٢٩ ، الباب ٧ من أبواب زكاة الغلّات ، الحديث الأوّل.

٢) كما في الإرشاد ١ : ٢٨٣ ، والبيان : ٢٩٣.

٣٤٤

«الفصل الثاني»

«أنّما تستحبّ زكاة التجارة مع» مضيّ «الحول» السابق «وقيام رأس المال فصاعداً» طول الحول ، فلو طلب المتاع بأنقص منه وإن قلّ في بعض الحول فلا زكاة «ونصاب الماليّة» وهي النقدان بأ يّهما بلغ إن كان أصله عَروضاً ، وإلّا فنصاب أصله وإن نقص بالآخر.

وفهم من الحصر أنّ قصد الاكتساب عند التملّك ليس بشرطٍ. وهو قويٌّ ، وبه صرّح في الدروس (١) وإن كان المشهور خلافه ، وهو خيرة البيان (٢).

ولو كانت التجارة بيد عاملٍ فنصيب المالك من الربح يُضمّ إلى المال. ويعتبر بلوغ حصّة العامل نصاباً في ثبوتها عليه.

وحيث تجتمع الشرائط «فيُخرج ربع عُشر القيمة» كالنقدين.

«وحكم باقي أجناس الزرع» الذي يستحبّ فيه الزكاة «حكمُ الواجب» في اعتبار النصاب ، والزراعة وما في حكمها ، وقدرِ الواجب وغيرها.

____________________

١) الدروس ١ : ٢٣٨.

٢) البيان : ٣٠٤.

٣٤٥

«ولا يجوز تأخير الدفع» للزكاة «عن وقت الوجوب» إن جعلنا وقته ووقت الإخراج واحداً ، وهو التسمية بأحد الأربعة. وعلى المشهور فوقت الوجوب مغايرٌ لوقت الإخراج؛ لأنّه بعد التصفية ويُبس الثمرة. ويمكن أن يريد بوقت الوجوب وجوبَ الإخراج لا وجوب الزكاة ، ليناسب مذهبه؛ إذ يجوز على التفصيل تأخيره عن أوّل وقت الوجوب ـ إجماعاً ـ إلى وقت الإخراج. أمّا بعده فلا «مع الإمكان» فلو تعذّر ـ لعدم التمكّن من المال أو الخوف من التغلّب أو عدم المستحقّ ـ جاز التأخير إلى زوال العذر «فيضمن» بالتأخير لا لعذرٍ وإن تلف المال بغير تفريط «ويأثم *» للإخلال بالفوريّة الواجبة. وكذا الوكيل والوصيّ بالتفرقة لها ولغيرها.

وجوَّز المصنّف في الدروس تأخيرها لانتظار الأفضل أو التعميم (١) وفي البيان كذلك ، وزاد تأخيرها لمعتاد الطلب منه بما لا يؤدّي إلى الإهمال (٢) وآخرون شهراً وشهرين مطلقاً (٣) خصوصاً مع المزيّة. وهو قويٌّ.

«ولا يُقدّم ** على وقت الوجوب» على أشهر القولين (٤) «إلّاقرضاً ،

____________________

*) في (ق) : فيأثم.

١) الدروس ١ : ٢٤٥.

٢) البيان : ٣٢٤.

٣) حكاه في التذكرة والبيان عن الشيخين ، ولكنّ الموجود في المقنعة خلاف ذلك ، اُنظر المبسوط ١ : ٢٣٤ ، والمقنعة : ٢٣٩ ، والتذكرة ٥ : ٢٩٢ ، والبيان : ٣٢٤.

**) في (ق) : ولا تُقدّم.

٤) ذهب إليه المفيد في المقنعة : ٢٤٠ ، واختاره العلّامة في المختلف ٣ : ٢٣٨ بعد أن نسبه إلى ابني بابويه. والقول الآخر : جواز التقديم بنيّة الزكاة ، وهو قول سلّار في المراسم : ١٢٨ واستشعره في المختلف من عبارة ابن أبي عقيل.

٣٤٦

فيحتسب *» بالنيّة «عند الوجوب بشرط بقاء القابض على الصفة» الموجبة للاستحقاق ، فلو خرج عنها ولو باستغنائه بنمائها ـ لا بأصلها ، ولا بهما ـ اُخرجت على غيره.

«ولا يجوز نقلها عن بلد المال إلّامع إعواز المستحقّ» فيه فيجوز إخراجها إلى غيره مقدّماً للأقرب إليه فالأقرب ، إلّاأن يختصّ الأبعد بالأمن. واُجرة النقل حينئذٍ على المالك «فيضمن» لو نقلها إلى غير بلد «لا معه» أي لا مع الإعواز «وفي الإثم قولان» أجودهما ـ وهو خيرة الدروس ـ العدم (١) لصحيحة هشام عن الصادق عليه السلام (٢) «ويجزئ» لو نقلها وأخرجها في غيره على القولين. مع احتمال العدم؛ للنهي (٣) على القول به.

وإنّما يتحقّق نقل الواجب مع عزله قبله بالنيّة ، وإلّا فالذاهب من ماله؛ لعدم تعيينه وإن عدم المستحقّ.

ثمّ إن كان المستحقّ معدوماً في البلد جاز العزل قطعاً ، وإلّا ففيه نظر : من أنّ الدين لا يتعيّن بدون قبض مالكه أو ما في حكمه مع الإمكان. واستقرب في الدروس صحّة العزل بالنيّة مطلقاً (٤) وعليه تبنى المسألة هنا. وأمّا نقل قدر الحقّ

____________________

*) في (س) : فتحتسب.

١) ذهب إليه الشيخ في الاقتصاد : ٤٢٢ ، والعلّامة في المختلف ٣ : ٢٤٧. وأمّا القول بثبوت الإثم فقد اختاره الشيخ في الخلاف ٢ : ٢٨ ، المسألة ٢٦ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٦٥ ، والعلّامة في التذكرة ٥ : ٣٤١.

٢) الوسائل ٦ : ١٩٥ ، الباب ٣٧ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث الأوّل.

٣) المصدر السابق : ١٩٧ ، الباب ٣٨ ، الحديث الأوّل.

٤) الدروس ١ : ٢٤٧.

٣٤٧

بدون النيّة فهو كنقل شيءٍ من ماله ، فلا شبهة في جوازه مطلقاً.

فإذا صار في بلدٍ آخر ففي جواز احتسابه على مستحقّيه مع وجودهم في بلده ـ على القول بالمنع ـ نظر : من عدم صدق النقل الموجب للتغرير بالمال ، وجواز كون الحكمة نفع المستحقّين بالبلد. وعليه‌يتفرّع ما لو احتسب القيمة في غير بلده أو المثل من غيره.

٣٤٨

«الفصل الثالث»

في المستحقّ»

اللام للجنس أو الاستغراق؛ فإنّ المستحقّين لها ثمانية أصناف «وهم * الفقراء والمساكين ، ويشملهما من لا يملك مؤونة سنة (١)» قوّة وفعلاً (٢) له ولعياله الواجبي النفقة بحسب حاله في الشرف وما دونه.

واختلف في [أنّ] (٣) أيّهما أسوأ حالاً (٤) مع اشتراكهما فيما ذكر ، ولا ثمرة مهمّة في تحقيق ذلك؛ للإ جماع على إرادة كلٍّ منهما من الآخر حيث يُفرد ، وعلى

____________________

*) في (ق) : هو.

١) في (ع) و (ف) : سنته.

٢) في (ر) : فعلاً أو قوّةً.

٣) أثبتناه من (ر).

٤) فقال الشيخ في الجمل والمبسوط والخلاف : إنّ الفقير أسوأ ، واختاره ابن البرّاج وابن حمزة وابن ادريس. وقال في النهاية : إنّ المسكين أسوأ ، وهو اختيار المفيد وسلّار ، اُنظر الجمل والعقود (الرسائل العشر) : ٢٠٦ ، والمبسوط ١ : ٢٤٦ ، والخلاف ٤ : ٢٢٩ ، المسألة ١٠. والمهذّب ١ : ١٦٩ ، والوسيلة : ١٢٨ ، والسرائر ١ : ٤٥٦ ، والنهاية : ١٨٤ ، والمقنعة : ٢٤١ ، والمراسم : ١٣٢.

٣٤٩

استحقاقهما من الزكاة ، ولم يقعا مجتمعين إلّافيها ، وإنّما تظهر الفائدة في اُمورٍ نادرة.

«والمرويّ» في صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السلام «أنّ المسكين أسوأ حالاً» لأنّه قال : «الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه» (١) وهو موافقٌ لنصِّ أهل اللغة (٢) أيضاً.

«والدار والخادم» اللائقان بحال مالكهما كمّيةً وكيفيّةً «من المؤونة» ومثلهما : ثياب التجمّل وفرس الركوب وكتب العلم ، وثمنها لفاقدها. ويتحقّق مناسبة الحال في الخادم بالعادة أو الحاجة ولو إلى أزيد من واحد ، ولو زاد أحدها في إحداهما تعيّن الاقتصار على اللائق.

«ويُمنع ذو الصنعة» اللائقة بحاله «والضَّيعة» ونحوها من العَقار «إذا نهضت بحاجته» والمعتبر في الضيعة نماؤها لا أصلها في المشهور. وقيل : يعتبر الأصل (٣) ومستند المشهور ضعيف (٤) وكذا الصنعة بالنسبة إلى الآلات.

ولو اشتغل عن الكسب بطلبِ علمٍ دينيٍّ جاز له تناولها وإن قدر عليه لو ترك. نعم ، لو أمكن الجمع بما لا ينافيه تعيَّن.

«وإلّا» تنهضا بحاجته «تناول التتمّة» لمؤونة السنة «لا غير» إن أخذها دفعةً أو دفعات. أمّا لو اُعطي ما يزيد دفعةً صحّ ، كغير المكتسِب. وقيل :

____________________

١) الوسائل ٦ : ١٤٤ ، الباب الأوّل من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ٣.

٢) اُنظر المصباح المنير (سكن) ، والصحاح ، والقاموس (فقر).

٣) لم نقف على قائله ، كما لم يظفر به الفاضل الإصفهاني قدس سره ، المناهج السويّة : ٧٥.

٤) أي سنداً ، راجع الوسائل ٦ : ١٦١ ، الباب ٩ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ١ وفي سنده سماعة وزرعة والأوّل ضعيف والثاني واقفي (المسالك ١ : ٢٣٨ و ١١ : ٤٦٩).

٣٥٠

بالفرق (١) واستحسنه المصنّف في البيان (٢) وهو ظاهر إطلاقه هنا ، وتردّد في الدروس (٣).

ومَن تجب نفقته على غيره غنيٌّ مع بذل المنفق ، لا بدونه مع عجزه.

«والعاملون» عليها «وهم السعاة في تحصيلها» وتحصينها بجبايةٍ وولايةٍ وكتابةٍ وحفظٍ وحسابٍ وقسمةٍ وغيرها. ولا يشترط فقرهم؛ لأنّهم قسيمهم. ثمّ إن عُيّن لهم قدرٌ بجعالة أو إجارة تعيّن ، وإن قصر ما حصّلوه عنه فيُكمل لهم من بيت المال ، وإلّا اُعطوا بحسب ما يراه الإمام.

«والمؤلّفة قلوبهم ، وهم كفّارٌ يُستمالون إلى الجهاد» بالإسهام لهم منها «قيل» والقائل المفيد (٤) والفاضلان (٥) «ومسلمون أيضاً» وهم أربع فرق : قومٌ لهم نظراء من المشركين إذا اُعطي المسلمون رغب نظراؤهم في الإسلام ، وقومٌ نيّاتهم ضعيفةٌ في الدين يُرجى بإعطائهم قوّة نيّتهم ، وقومٌ بأطراف بلاد الإسلام إذا اُعطوا منعوا الكفّار من الدخول أو رغّبوهم في الإسلام ، وقومٌ جاوروا قوماً تجب عليهم الزكاة إذا اُعطوا منها جَبَوها منهم وأغنوا عن عامل. ونسبه

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : وقيل بالفرق بين المكتسب القاصر الكسب وغير المكتسب ، فلم يجوّز إعطاء الأوّل زيادة على التتمّة ، وجوّز إعطاء الثاني زيادة على مؤونة السنة ، ولو أضعافاً ، ولم نظفر بالقائل ، وكذا لم يظفر به السيّد العميد ، كما نصّ عليه في الكنز. المناهج السويّة : ٧٦.

٢) البيان : ٣١١.

٣) الدروس ١ : ٢٤٠.

٤) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر ١ : ٤٥٧ ، وانظر الإشراف (مصنّفات الشيخ المفيد) ٩ : ٣٩.

٥) المعتبر ٢ : ٥٧٣ ، والقواعد ١ : ٣٤٨.

٣٥١

المصنّف إلى القيل؛ لعدم اقتضاء ذلك الاسمَ ، إذ يمكن ردّ ما عدا الأخير إلى سبيل اللّٰه ، والأخير إلى العِمالة. وحيث لا يُوجب البسط ويُجعل (١) الآية لبيان المصرف ـ كما هو المنصور ـ تقلّ فائدة الخلاف؛ لجواز إعطاء الجميع من الزكاة في الجملة.

«وفي الرقاب» جَعَل الرقاب ظرفاً للاستحقاق تبعاً للآية وتنبيهاً على أنّ استحقاقهم ليس على وجه الملك أو الاختصاص كغيرهم؛ إذ يتعيّن عليهم صرفها في الوجه الخاصّ بخلاف غيرهم. ومثلهم (٢) سبيل اللّٰه. والمناسب لبيان المستحقّ التعبير ب‍ «الرقاب» و «سبيل اللّٰه» بغير حرف الجرّ «وهم المكاتبون» مع قصور كسبهم عن أداء مال الكتابة «والعبيد تحت الشدّة» عند مولاهم أو من سلّطه عليهم. والمرجع فيها إلى العرف ، فيُشترون منها ويُعتقون بعد الشراء ، ونيّة الزكاة مقارنةٌ لدفع الثمن إلى البائع أو العتق. ويجوز شراء العبد وإن لم يكن في شدّةٍ مع تعذّر المستحقّ مطلقاً على الأقوى ، ومعه من سهم «سبيل اللّٰه» إن جعلناه كلّ قربة.

«والغارمون ، وهم المدينون في غير معصيةٍ» ولا يتمكّنون من القضاء ، فلو استدانوا وأنفقوه في معصيةٍ مُنعوا من سهم «الغارمين» ، وجاز من سهم «الفقراء» إن كانوا منهم بعد التوبة إن اشترطناها ، أو من سهم «سبيل اللّٰه» «والمرويّ» عن الرضا عليه السلام مرسلاً : «أنّه لا يُعطى مجهول الحال» فيما أنفق هل هو في طاعةٍ أو معصية؟ (٣) وللشكّ في الشرط. وأجازه

____________________

١) في (ش) و (ف) : لا نوجب البسط ونجعل.

٢) في (ر) زيادة : في.

٣) الوسائل ١٣ : ٩١ ، الباب ٩ من أبواب الدين والقرض ، الحديث ٣.

٣٥٢

جماعةٌ (١) حملاً لتصرّف المسلم على الجائز. وهو قويٌّ.

«ويُقاصّ الفقير بها» بأن يحتسبها صاحب الدين ـ إن كانت عليه ـ عليه ويأخذها مقاصّةً من دَينه وإن لم يقبضها المديون ولم يوكِّل في قبضها ، وكذا يجوز لمن هي عليه دفعها إلى ربّ الدين كذلك «وإن مات» المديون مع قصور تركته عن الوفاء أو جهل الوارث بالدين ، أو جحوده وعدم إمكان إثباته شرعاً والأخذ (٢) منه مقاصّةً. وقيل : يجوز مطلقاً (٣) بناءً على انتقال التركة إلى الوارث فيصير فقيراً ، وهو ضعيفٌ؛ لتوقّف تمكّنه منها على قضاء الدين لو قيل به «أو كان واجب النفقة» أي كان الدين على من تجب نفقته على ربّ الدين ، فإنّه يجوز مقاصّته به منها. ولا يمنع منها وجوب نفقته؛ لأنّ الواجب هو المؤونة لا وفاء الدين. وكذا يجوز له الدفع إليه منها ليقضيه إذا كان لغيره ، كما يجوز إعطاؤه غيره ممّا لا يجب بذله كنفقة الزوجة.

«وفي سبيل اللّٰه ، وهو القُرب كلّها» على أصحّ القولين (٤) لأنّ سبيل اللّٰه لغةً : الطريق إليه ، والمراد هنا الطريق إلى رضوانه وثوابه ، لاستحالة التحيّز عليه ،

____________________

١) كابن ادريس في السرائر ٢ : ٣٤ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٥٧٦ ، والعلّامة في المنتهى (الحجريّة) ١ : ٥٢١.

٢) في (ش) : أو الأخذ.

٣) قاله العلّامة في المختلف ٣ : ٢١٢ ، كما حكي ذلك عنه أيضاً في المسالك ١ : ٤١٧.

٤) قوّاه الشيخ في المبسوط ١ : ٢٥٢ ، وجزم به في الخلاف ٤ : ٢٣٦ في كتاب الصدقات ، المسألة ٢١ ، واختاره ابن حمزة في الوسيلة : ١٢٨ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٤٥٨ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٥٧٧ ، والعلّامة في المختلف ٣ : ٢٠٣ ، والقواعد ١ : ٣٥٠ ، والتحرير ١ : ٤٠٩ ، والسيوري في التنقيح ١ : ٣٢٢.

٣٥٣

فيدخل فيه ما كان وصلةً إلى ذلك ، كعمارة المساجد ومعونة المحتاجين وإصلاح ذات البين وإقامة نظام العلم والدين. وينبغي تقييده ب‍ «ما لا يكون فيه معونة لغنيّ لا يدخل في الأصناف». وقيل : يختصّ بالجهاد السائغ (١) والمرويّ الأوّل (٢).

«وابن السبيل ، وهو المنقطع به» في غير بلده «ولا يمنع غناه في بلده مع عدم تمكّنه من الاعتياض عنه» ببيع أو اقتراضٍ أو غيرهما ، وحينئذٍ فيُعطى ما يليق بحاله من المأكول والملبوس والمركوب إلى أن يصل إلى بلده بعد قضاء الوَطَر أو إلى محلٍّ يمكنه الاعتياض فيه ، فيُمنع حينئذٍ. ويجب ردّ الموجود منه وإن كان مأكولاً على مالكه أو وكيله ، فإن تعذّر فإلى الحاكم ، فإن تعذّر صَرفَه بنفسه إلى مستحقّ الزكاة.

ومنشئ السفر مع حاجته إليه ولا يقدر على مال يُبلغه ابنُ سبيلٍ على الأقوى.

«ومنه» أي من ابن السبيل «الضيف» بل قيل : بانحصاره فيه (٣) إذا كان نائياً عن بلده وإن كان غنيّاً فيها مع حاجته إلى الضيافة. والنيّة عند شروعه في الأكل ، ولا يُحتسب عليه إلّاما أكل وإن كان مجهولاً.

____________________

١) قاله المفيد في المقنعة : ٢٤١ ، والشيخ في النهاية : ١٨٤ ، وسلّار في المراسم : ١٣٢ ، وأبو المجد في إشارة السبق : ١١٢.

٢) مثل قوله عليه السلام : «أو في جميع سبل الخير» راجع الوسائل ٦ : ١٤٦ ، الباب الأوّل من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ٧.

٣) لم نعثر على من أفتى بالانحصار ، قال المفيد : «وقد جاءت رواية أنّهم الأضياف» المقنعة : ٢٤١.

٣٥٤

«وتشترط العدالة في من عدا المؤلّفة» قلوبهم من أصناف المستحقّين. أمّا المؤلّفة فلا؛ لأنّ كفرهم مانعٌ من العدالة ، والغرض منهم يحصل بدونها. أمّا اعتبار عدالة العامل فموضع وفاق. وأمّا غيره فاشتراط عدالته أحد الأقوال في المسألة (١) بل ادّعى المرتضى فيه الإ جماع (٢) «فلو كان السفر» من ابن السبيل «معصيةً مُنع» كما يُمنع الفاسق في غيره.

«و» لا تعتبر العدالة في الطفل؛ لعدم إمكانها فيه ، بل «يُعطى الطفل ولو كان أبواه فاسقين» اتّفاقاً.

«وقيل : المعتبر» في المستحقّ ـ غير من استثني باشتراط العدالة أو بعدمها ـ «تجنّب الكبائر (٣)» دون غيرها من الذنوب وإن أوجبت فسقاً؛ لأنّ النصّ ورد على منع شارب الخمر (٤) وهو من الكبائر ، ولم يدلّ على منع الفاسق مطلقاً ، واُلحق به غيره من الكبائر للمساواة.

وفيه نظر؛ لمنع المساواة وبطلان القياس ، والصغائر إن أصرّ عليها لحقت (٥) بالكبائر ، وإلّا لم توجب الفسق ، والمروءة غير معتبرةٍ في العدالة هنا ـ على

____________________

١) قاله الشيخ في الخلاف ٤ : ٢٢٤ ، المسألة ٣ ، وابن زهرة فى الغنية : ١٢٤ ، والحلبي في الكافي : ١٧٢ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٢٩ ، وابن البرّاج في المهذّب ١ : ١٦٩. ومن القائلين بعدم اشتراطها المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٨٠ ، والعلّامة في المختلف ٣ : ٢٠٨. واشترط سلّار الولاية ولم يذكر العدالة ، وكذا الصدوق ، اُنظر المراسم : ١٣٢ ، والمقنع : ١٦٥.

٢) اُنظر الانتصار : ٢١٨.

٣) حكاه العلّامة عن ابن الجنيد في المختلف ٣ : ٢٠٧.

٤) الوسائل ٦ : ١٧١ ، الباب ١٧ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث الأوّل.

٥) في (ر) و (ش) : اُلحقت.

٣٥٥

ما صرّح به المصنّف في شرح الإرشاد (١) ـ فلزم من اشتراط تجنّب الكبائر اشتراط العدالة.

ومع ذلك لا دليل على اعتبارها ، والإ جماع ممنوع. والمصنّف لم يرجّح اعتبارها (٢) إلّافي هذا الكتاب. ولو اعتبرت لزم منع الطفل؛ لتعذّرها منه ، وتعذّر الشرط غير كافٍ في سقوطه ، وخروجه بالإ جماع موضع تأمّلٍ.

«ويعيد المخالف الزكاة لو أعطاها مثله» بل غير المستحقّ مطلقاً «ولا يعيد باقي العبادات» التي أوقعها على وجهها بحسب معتقده. والفرق أنّ الزكاة دينٌ وقد دفعه إلى غير مستحقّه ، والعبادات حقٌّ اللّٰه تعالى وقد أسقطها عنه رحمةً ، كما أسقطها عن الكافر إذا أسلم. ولو كان المخالف قد تركها أو فعلها على غير الوجه قضاها. والفرق بينه وبين الكافر قدومه على المعصية بذلك والمخالفة للّٰه تعالى ، بخلاف ما لو فعلها على الوجه ، كالكافر إذا تركها.

«ويشترط» في المستحقّ «أن لا يكون واجب النفقة على المعطي» من حيث الفقر ، أمّا من جهة الغُرم والعَمولة (٣) وابن السبيل ونحوه إذا اتّصف بموجبه فلا ، فيدفع إليه ما يوفي دينه والزائد عن نفقة الحَضَر. والضابط : أنّ واجب النفقة إنّما يُمنع من سهم الفقراء لقوت نفسه مستقرّاً في وطنه.

«ولا هاشميّاً إلّامن قبيله» وهو هاشميٌّ مثله وإن خالفه في النسب «أو

____________________

١) غاية المراد ١ : ٢٦١.

٢) في (ف) و (ر) : اعتبار العدالة.

٣) قال الفاضل الإصفهاني : لم أسمع بهذه اللفظة مصدراً ولا اسم مصدر ، ولا رأيت لها ذكراً في كتاب يعتمد عليه ، ومراد الشارح بها إمّا المصدر أو اسمه أو جمع «عامل» أو اسمه. المناهج السويّة : ٩١.

٣٥٦

تعذّر» كفايته من «الخمس» فيجوز تناول قدر الكفاية منها حينئذٍ ، ويتخيّر بين زكاة مثله والخمس مع وجودهما ، والأفضل الخمس؛ لأنّ الزكاة أوساخٌ في الجملة (١).

وقيل : لا يتجاوز من زكاة غير قبيله قوت يومٍ وليلة ، إلّامع عدم اندفاع الضرورة به (٢) ، كأن لا يجد في اليوم الثاني ما يدفعها به.

هذا كلّه في الواجبة ، أمّا المندوبة فلا يُمنع منها ، وكذا غيرها من الواجبات على الأقوى.

«ويجب دفعها إلى الإمام مع الطلب بنفسه أو بساعيه» لوجوب طاعته مطلقاً «قيل : و» كذا يجب دفعها إلى «الفقيه» الشرعي «في» حال «الغيبة» (٣) لو طلبها بنفسه أو وكيله؛ لأنّه نائبٌ للإمام كالساعي ، بل أقوى. ولو خالف المالك وفرّقها بنفسه لم يُجز؛ للنهي المفسد للعبادة. وللمالك استعادة العين مع بقائها أو علم القابض.

«ودفعها إليهم ابتداءً» من غير طلبٍ «أفضل» من تفريقها بنفسه؛ لأ نّهم أبصر بمواقعها وأخبر بمواضعها «وقيل» والقائل المفيد والتقيّ (٤)

____________________

١) كما ورد في الحديث ، اُنظر الوسائل ٦ : ١٨٦ ، الباب ٢٩ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ٢.

٢) قاله المحقّق الثاني في حواشي الشرائع والإرشاد. اُنظر حاشية الشرائع (مخطوط) الورقة ٤٩ ، وحاشية الإرشاد (مخطوط) : ٩١.

٣) قال الفاضل الإصفهاني : ولم أظفر بقائلٍ بذلك ، وبقيد «لو طلبها بنفسه أو وكيله» وإنّما عثرت على القول الآتي من وجوب الدفع إليه أو وكيله في الغيبة ابتداءً ، المناهج السويّة : ٩٦.

٤) المقنعة : ٢٥٢ ، الكافي في الفقه : ١٧٢.

٣٥٧

«يجب» دفعها ابتداءً إلى الإمام أو نائبه ، ومع الغيبة إلى الفقيه المأمون ـ وألحق التقيّ الخمس ـ محتجّين (١) بقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً) (٢) والإ يجاب عليه يستلزم الإ يجاب عليهم ، والنائب كالمنوب. والأشهر الاستحباب.

«ويُصدَّق المالك في الإخراج بغير يمين» لأنّ ذلك حقٌّ له كما هو عليه ولا يعلم إلّامن قبله. وجاز احتسابها من دينٍ وغيره ممّا يتعذّر الإشهاد عليه. وكذا تُقبل دعواه عدمَ الحول وتلفَ المال وما يُنقِص النصاب ما لم يُعلم كذبه. ولا تقبل الشهادة عليه في ذلك إلّامع الحصر؛ لأنّه نفيٌ.

«ويستحبّ قسمتها على الأصناف» الثمانية؛ لما فيه من فضيلة التسوية بين المستحقّين ، وعملاً بظاهر الاشتراك «وإعطاء جماعةٍ من كلّ صنفٍ» اعتباراً بصيغة الجمع. ولا يجب التسوية بينهم ، بل الأفضل التفضيل بالمرجِّح.

«ويجوز» الدفع إلى الصنف «الواحد*» والفرد الواحد منه؛ لما ذكرناه من كونه لبيان المصرف ، فلا يجب التشريك.

«و» يجوز «الإغناء» وهو إعطاء فوق الكفاية «إذا كان دفعةً» واحدة؛ لاستحقاقه حال الدفع ، والغَناء متأخّرٌ عن الملك فلا ينافيه. ولو أعطاه دفعات امتنعت المتأخّرة عن الكفاية.

«وأقلّ ما يُعطى» المستحقّ «استحباباً ما يجب في أوّل» نُصُب «النقدين» إن كان المدفوع منهما وأمكن بلوغ القدر. فلو تعذّر ، كما لو اُعطي

____________________

١) الاحتجاج من المفيد ، ولم يرد في كافي الحلبي.

٢) سورة التوبة : ١٠٣.

*) في (ق) : للواحد.

٣٥٨

ما في الأوّل لواحدٍ سقط الاستحباب في الثاني (١) إذا لم يجتمع منه نُصُبٌ كثيرةٌ تبلغ الأوّل.

ولو كان المدفوع من غير النقدين ، ففي تقديره بأحدهما مع الإمكان وجهان ، ومع تعذّره ـ كما لو وجب عليه شاةٌ واحدة لا تبلغه ـ يسقط قطعاً. وقيل : إنّ ذلك على سبيل الوجوب مع إمكانه (٢) وهو ضعيف.

«ويستحبّ دعاء الإمام أو نائبه للمالك» عند قبضها منه؛ للأمر به في قوله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) (٣) بعدأمره بأخذها منهم ، والنائب كالمنوب. وقيل : يجب (٤) لدلالة الأمر عليه. وهو قويٌّ ، وبه قطع المصنّف في الدروس (٥) ويجوز بصيغة «الصلاة» للاتّباع (٦) ودلالة الأمر ، وبغيرها؛ لأنّه معناها لغةً ، والأصل هنا عدم النقل. وقيل : يتعيّن لفظ «الصلاة» (٧) لذلك.

والمراد ب‍ «النائب» هنا ما يشمل الساعي والفقيه ، فيجب عليهما أو

____________________

١) في (ف) بدل «الثاني» : الباقي.

٢) وهو ظاهر كلام جماعة ، وصريح آخرين ، راجع المقنعة : ٢٤٣ ، والنهاية : ١٨٩ ، والانتصار : ٢١٨ ، والمقنع : ١٦٢ ، والكافي : ١٧٢ ، والغنية : ١٢٥ ، والمراسم : ١٣٣ ، والوسيلة : ١٣٠.

٣) سورة التوبة : ١٠٣.

٤) قاله الشيخ في الخلاف ٢ : ١٢٥ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٥٩٢.

٥) الدروس ١ : ٢٤٦.

٦) فإنّ المنقول عن النبيّ صلى الله عليه وآله في صحاح العامّة الدعاء لهم بلفظ «الصلاة» ، اُنظر سنن أبي داود ٢ : ١٠٦ ، الحديث ١٥٩٠.

٧) قال الفاضل الإصفهاني : لم أظفر بقائل على القطع ، نعم احتمله جماعة ، منهم : المصنّف في الشرح (غاية المراد ١ : ٢٦٩) ... ونحوه في التنقيح (١ : ٣٢٩) ، المناهج السويّة : ١٠٢.

٣٥٩

يستحبّ. أمّا المستحقّ فيستحبّ له بغير خلاف.

«ومع الغيبة لا ساعي ولا مؤلّفة * إلّالمن ** يحتاج إليه» وهو الفقيه إذا تمكّن من نصب الساعي وجبايتها. وإذا وجب الجهاد في حال الغيبة واحتيج إلى التأليف فيجوز بالفقيه وغيره. وكذا سهم «سبيل اللّٰه» لو قصرناه على الجهاد.

وأسقط الشيخ رحمه الله (١) سهم «المؤلّفة» بعد موت النبي صلى الله عليه وآله؛ لبطلان التأليف بعده. وهو ضعيف.

«وليخصّ بزكاة النعم المتجمّل» وزكاة النقدين والغلّات غيرهم ، رواه عبد اللّٰه بن سنان عن الصادق عليه السلام (٢) معلّلاً بأنّ أهل التجمّل يستحيون من الناس ، فيدفع إليهم أجلّ (٣) الأمرين عند الناس «وإ يصالها إلى المستحيي *** من قبولها هديةً» واحتسابها عليه بعد وصولها إلى يده أو يد وكيله مع بقاء عينها.

____________________

*) في (ق) و (س) : لا مؤلّف.

**) في (س) بدل «لمن» : أن.

١) الخلاف ٤ : ٢٣٣ ، المسألة ١٦.

٢) الوسائل ٦ : ١٨٢ ، الباب ٢٦ من أبواب المستحقين للزكاة ، الحديث الأوّل.

٣) في المصدر : أجمل.

***) في (ق) : المستحيين. وفي نسخة (ف) من الشرح : المستحي.

٣٦٠