الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

«ومنها : صلاة النيابة»

«بإجارةٍ» عن الميّت تبرّعاً أو بوصيّته النافذة «أو تحمُّل *» من الوليّ وهو أكبر الوُلْد الذكور «عن الأب» لما فاته من الصلاة في مرضه ، أو سهواً ، أو مطلقاً ، وسيأتي تحريره (١) «وهي بحسب ما يُلتزَم ** به» كيفيّةً وكمّيّةً.

«ومن المندوبات : صلاة الاستسقاء»

وهو طلب السُّقيا ، وهو أنواعٌ ، أدناه الدعاء بلا صلاةٍ ولا خَلْفَ صلاةٍ ، وأوسطه الدعاء خَلْفَ الصلاة ، وأفضله الاستسقاء بركعتين وخُطبتين.

«وهي كالعيدين» في الوقت والتكبيرات الزائدة في الركعتين والجهر والقراءة والخروج إلى الصحراء وغير ذلك ، إلّاأنّ القنوت هنا بطلب الغيث وتوفير المياه والرحمة.

«ويُحوِّل» الإمام وغيرُه «الرداء يميناً ويساراً» بعد الفراغ من الصلاة ، فيجعل يمينَه يسارَه وبالعكس؛ للاتّباع (٢) والتفؤّل (٣) ولو جعل مع ذلك

____________________

*) في (ق) : بحمل.

١) في قضاء الصلوات ، الفصل ٨ ، الصفحة ٢٩٠.

**) في (س) : ما يلزم.

٢) لما روي أنّه صلى الله عليه وآله فعل ذلك ، راجع الوسائل ٥ : ١٦٥ ، الباب ٣ من أبواب صلاة الاستسقاء.

٣) بانقلاب الجَدَب خصباً ، كما ورد في الخبر ، راجع المصدر السابق ، الحديث ٢ و ٣ و ٤.

٢٦١

أعلاه أسفله وظاهره باطنه كان حسناً. ويُترك محوّلاً حتى يُنزع.

«ولتكن» الصلاة «بعدَ صوم ثلاثة» أيّام ، أطلق بعديّتها عليها تغليباً؛ لأ نّها تكون في أوّل الثالث «آخرها الاثنين» وهو منصوصٌ (١) فلذا قدّمه «أو الجمعة» لأنّها وقتٌ لإجابة الدعاء ، حتّى رُوي : أنّ العبد ليسأل الحاجة فيُؤخَّر قضاؤها إلى الجمعة (٢) «و» بعدَ «التوبة» إلى اللّٰه تعالى من الذنوب وتطهير الأخلاق من الرذائل «وردِّ المظالم» لأنّ ذلك أرجى للإ جابة ، وقد يكون القحط بسبب هذه ، كما روي (٣).

والخروج من المظالم من جملة التوبة جزءاً أو شرطاً ، وخصّها اهتماماً بشأنها.

وليخرجوا حُفاةً ونِعالُهم بأيديهم في ثيابِ بِذْلَةٍ (٤) وتخشّعٍ ،. ويُخرجون الصبيان والشيوخَ والبهائمَ؛ لأنّهم مظنّة الرحمة على المذنبين. فإن سُقُوا وإلّا عادوا ثانياً وثالثاً من غير قُنوطٍ ، بانين على الصوم الأوّل إن لم يفطروا بعدَه ، وإلّا فبصومٍ مستأنفٍ.

«ومنها : نافلة شهر رمضان»

«وهي» في أشهر الروايات «ألف ركعة» موزَّعة على الشهر «غير

____________________

١) الوسائل ٥ : ١٦٤ ، الباب ٢ من أبواب صلاة الاستسقاء.

٢) الوسائل ٥ : ٦٨ ، الباب ٤١ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث الأوّل.

٣) الوسائل ٥ : ١٦٨ ، الباب ٧ من أبواب صلاة الاستسقاء.

٤) هي ما تُلبس وقت العمل ، خلاف لباس التجمّل.

٢٦٢

الرواتب» :

«في» الليالي «العشْرين» الاُوَل «عشرون ، كلّ ليلةٍ ثمان بعد المغرب واثنتا عشرة بعد العشاء» ويجوز العكس.

«وفي» كلّ ليلةٍ من «العَشر الأخير ثلاثون» ركعةً ، ثمان منها بعد المغرب والباقي بعد العشاء. ويجوز اثنتا عشرة بعد المغرب والباقي بعد العشاء (١).

«وفي ليالي الأفراد» الثلاث ـ وهي التاسعة عشرة والحادية والعشرين والثالثة والعشرين ـ «كلّ ليلة مئة» مضافةً إلى ما عُيّن لها سابقاً ، وذلك تمام الألف ، خمسمئة في العشرين ، وخمسمئة في العَشر.

«ويجوز الاقتصارُ عليها فيُفرَّق الثمانين» المتخلّفة ، وهي العشرون في التاسعة عشر والستّون في الليلتين بعدها «على الجُمع» الأربع ، فيصلّي في يوم كلّ جمعةٍ (٢) عشراً بصلاة عليٍّ وفاطمة وجعفر عليهم السلام ـ ولو اتّفق فيه خامسة تخيّر في الساقطة ، ويجوز أن يجعل لها قسطاً يتخيّر في كمّيته ـ وفي ليلة آخر جمعة عشرون بصلاة عليٍّ عليه السلام وفي ليلة آخر سبتٍ عشرون بصلاة فاطمة عليها السلام. وأطلق تفريق الثمانين على الجُمع مع وقوع عشرين منها ليلةَ السبت تغليباً ، ولأ نّها عشيّة جمعة تُنسب إليها في الجملة.

ولو نقص الشهر سقطت وظيفة ليلة الثلاثين. ولو فات شيءٌ منها استُحبّ قضاؤه ولو نهاراً وفي غيره (٣) والأفضل قبل خروجه.

____________________

١) من قوله : ويجوز ... إلى هنا ، لم يرد في (ر).

٢) في (ع) و (ف) : في كلّ يوم جمعة.

٣) أي : غير شهر رمضان. المناهج السويّة : ٢٦٣.

٢٦٣

«ومنها» :

«نافلة الزيارة» للأنبياء والأئمة عليهم السلام ، وأقلّها ركعتان تُهدى للمزور. ووقتها بعد الدخول والسلام ، ومكانها مشهدُه وما قاربه. وأفضله عند الرأس ، بحيث يجعل القبر على يساره ولا يستقبل شيئاً منه.

«و» صلاة «الاستخارة» بالرقاع الستّ وغيرها.

«و» صلاة «الشكر» عند تجدّد نعمةٍ أو دفع نقمةٍ على ما رُسِّم في كتبٍ مطوّلةٍ أو مختصّةٍ به.

«وغير ذلك» من الصلوات المسنونة ، كصلاة النبيّ صلى الله عليه وآله يومَ الجمعة وعليٍّ وفاطمةَ وجعفرٍ وغيرهم عليهم السلام.

وأمّا النوافل المطلقة : فلا حصر لها ، فإنّها قربان كلِّ تقيٍّ (١) وخيرُ موضوعٍ ، فمن شاء استقلّ ومن شاء استكثر (٢).

____________________

١) كما نطق به أمير المؤمنين عليه السلام ، نهج البلاغة : ٤٩٤ ، قصار الحكم ١٣٦. وراجع الوسائل ٣ : ٣٠ ، الباب ١٢ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ١ و ٢.

٢) كما ورد عن الرسول الأمين صلى الله عليه وآله ، الوسائل ٣ : ٥١٨ ، الباب ٤٢ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث الأوّل.

٢٦٤

«الفصل السابع»

«في» بيان أحكام «الخلل»

الواقع «في الصلاة» الواجبة

«وهو» : أي الخلل «إمّا» أن يكون صادراً «عن عمدٍ» وقصدٍ إلى الخلل ، سواء كان عالماً بحكمه أم لا «أو سهوٍ» بعُزُوب (١) المعنى عن الذهن حتّى حصل بسببه إهمال بعض الأفعال «أو شكٍّ» وهو : تردّد الذهن بين طرفي النقيض حيث لا رجحانَ لأحدهما على الآخر.

والمراد بالخلل الواقع عن عمد وسهو : تركُ شيءٍ من أفعالها ، وبالواقع عن شكٍّ : النقصُ الحاصل للصلاة بنفس الشكّ ، لا أنّه كان سبباً للترك (٢) كقسيميه.

«ففي العمد تبطل» الصلاة «بالإخلال *» أي بسبب الإخلال «بالشرط» كالطهارة والستر «أو الجزء» وإن لم يكن ركناً ، كالقراءة وأجزائها حتّى الحرف الواحد. ومن الجزء الكيفيّة؛ لأنّها جزءٌ صوريّ «ولو كان» المخلُّ «جاهلاً» بالحكم الشرعي كالوجوب ، أو الوضعي كالبطلان «إلّاالجهر والإخفات» في مواضعهما فيُعذر الجاهل بحكمهما وإن علم به في

____________________

١) عَزَبَ عزوباً : بَعُد وغاب وخفي.

٢) في (ف) : لتركٍ ، وفي (ع) : لتركه.

*) كذا في (ق) ، وفي نسخ الروضة : للإخلال ، وفي (س) : يبطل الإخلال.

٢٦٥

محلّه ، كما لو ذكر الناسي.

«وفي السهو يبطل ما سلف (١)» من السهو عن أحد الأركان الخمسة إذا لم يذكره حتّى تجاوز محلَّه.

«وفي الشكّ» في شيء من ذلك «لا يلتفت إذا تجاوز محلَّه» والمراد بتجاوز محلّ الجزء المشكوك فيه : الانتقال إلى جزءٍ آخر بعدَه ، بأن شكّ في النيّة بعد أن كبّر ، أو في التكبير بعد أن قرأ ، أو شرع فيهما ، أو في القراءة و (٢) أبعاضها بعد الركوع ، أو فيه بعد السجود ، أو فيه أو في التشهّد بعد القيام. ولو كان الشكّ في السجود بعد التشهّد أو في أثنائه ولمّا يقم ففي العود إليه قولان ، أجودهما العدم. أمّا مقدّمات الجزء ـ كالهُويّ والأخذ في القيام قبل الإكمال ـ فلا يُعدّ انتقالاً إلى جزء ، وكذا الفعل المندوب كالقُنوت.

«ولو كان» الشكّ «فيه» أي في محلّه «أتى به» لأصالة عدم فعله «فلو ذكر فِعلَه» سابقاً بعد أن فَعَلَه ثانياً «بطلت» الصلاة «إن كان ركناً» لتحقّق زيادة الركن المبطلة وإن كان سهواً. ومنه ما لو شكّ في الركوع وهو قائمٌ فركع ثمّ ذكر فِعلَه قبل رفعه في أصحّ القولين (٣) لأنّ ذلك هو الركوع والرفع منه أمرٌ

____________________

١) المراد به ما سلف في الفصل الخامس في التروك ، من قوله : «أو أحد الأركان الخمسة ولو سهواً» راجع الصفحة ٢٣٣.

٢) في (ف) : أو.

٣) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : بل أصحّ الأقوال على وجهٍ ، فإنّ الكليني وعلم الهدى والمصنّف في الذكرى والدروس وأبا الصلاح وابن إدريس ذهبوا إلى أنّه يرسل نفسه إلى السجود ولا يبطل صلاته ، وذهب في النهاية إلى أنّه إن استوفى واجب الركوع بطلت الصلاة وإلّا أرسل نفسه ، فإن كان مراده بواجب الركوع الطمأنينة كان قولاً ثالثاً ، وإن كان مراده ما يجب فيه من الانحناء كان موافقاً لمختار الشارح. المناهج السويّة : ٢٧١.

٢٦٦

زائدٌ عليه كزيادة الذكر والطمأنينة «وإلّا» يكن ركناً «فلا» إبطال؛ لوقوع الزيادة سهواً.

«ولو نسي غير الركن» من الأفعال ولم يذكر حتّى تجاوز محلّه «فلا التفات» بمعنى أنّ الصلاة لا تبطل بذلك (١) ولكن قد يجب له شيء آخر من سجودٍ أو قضاءٍ أوهما ، كما سيأتي «ولو لم يتجاوز محلَّه أتى به».

والمراد بمحلّ المنسيّ : ما بينه وبين أن يصير في ركن ، أو يستلزم العودُ إلى المنسيّ زيادةَ ركن ، فمحلّ السجود والتشهّد المنسيّين ما لم يركع في الركعة اللاحقة له وإن قام؛ لأنّ القيامَ لا يتمحّض للركنيّة إلى أن يركع كما مرّ ، وكذا القراءة وأبعاضها وصفاتها بطريقٍ أولى. وأمّا ذكر السجود وواجباته غير وضع الجبهة فلا يعود إليها متى رفع رأسه وإن لم يدخل في ركن. وواجبات الركوع كذلك؛ لأنّ العود إليها يستلزم زيادة الركن وإن لم يدخل في ركن.

«وكذا الركن» المنسيّ يأتي به ما لم يدخل في ركنٍ آخر ، فيرجع إلى الركوع ما لم يصر ساجداً ، وإلى السجود ما لم يبلغ حدَّ الراكع (٢) وأمّا نسيان التحريمة إلى أن شرع في القراءة ، فإنّه وإن كان مبطلاً مع أنّه لم يدخل في ركن ، إلّا أنّ البطلان مستندٌ إلى عدم انعقاد الصلاة من حيث فوات المقارنة بينها وبين النيّة ـ ومن ثَمّ جعل بعض الأصحاب المقارنة ركناً (٣) ـ فلا يحتاج إلى الاحتراز عنه؛ لأنّ الكلام في الصلاة الصحيحة.

«ويُقضى» من الأجزاء المنسيّة التي فات محلُّها «بعد» إكمال

____________________

١) في سوى (ع) : لذلك.

٢) في (ر) و (ف) : الركوع.

٣) لم نظفر بجاعله.

٢٦٧

«الصلاة : السجدة» الواحدة «والتشهّدُ» أجمع ، ومنه الصلاة على محمّد وآله «والصلاةُ على النبيّ وآله» لو نسيها منفردة ، ومثله ما لو نسي أحد التشهّدين فإنّه أولى بإطلاق التشهّد عليه. أمّا لو نسي الصلاة على النبيّ خاصّةً أو على آله خاصّةً فالأجود أنّه لا يُقضى ، كما لا يُقضى غيرها (١) من أجزاء التشهّد على أصحّ القولين (٢).

بل أنكر بعضهم (٣) قضاءَ الصلاة على النبيّ وآله؛ لعدم النصّ ، وردّه المصنِّف في الذكرى بأنّ التشهّد يُقضى بالنصّ فكذا أبعاضه تسويةً بينهما (٤).

وفيه نظرٌ؛ لمنع كلّية الكبرى (٥) وبدونها لا يفيد ، وسند المنع أنّ الصلاة ممّا تُقضى ولا يقضى أكثر أجزائها ، وغير الصلاة من أجزاء التشهّد لا يقول هو بقضائه مع ورود دليله فيه. نعم ، قضاء أحد التشهّدين قويٌّ؛ لصدق اسم التشهّد عليه ، لا لكونه جزءاً ، إلّاأن يُحمل التشهّد على المعهود.

والمراد بقضاء هذه الأجزاء : الإتيان بها بعدها من باب (فَإِذٰا قُضِيَتِ اَلصَّلاٰةُ) (٦) لا القضاء المعهود ، إلّامع خروج الوقت قبلَه.

«ويسجد لهما» كذا في النسخ بتثنية الضمير جعلاً للتشهّد والصلاة بمنزلةِ

____________________

١) في (ف) : غيرهما.

٢) لم نعثر على قائلٍ آخر بالقول الأصحّ ، والقول الآخر هو وجوب القضاء ، ذهب إليه العلّامة في التذكرة ٣ : ٣٤٢.

٣) هو ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٥٧.

٤) الذكرى ٤ : ٤٥.

٥) وهي : أنّ كلّ ما يُقضى كلّه يُقضى جزؤه.

٦) الجمعة : ١٠.

٢٦٨

واحدٍ؛ لأنّها جزؤه ، ولو جمعه كان أجود «سجدتي السهو».

والأولى تقديم الأجزاء على السجود لها ، كتقديمها عليه بسببٍ غيرها وإن تقدّم ، وتقديم سجودها على غيره وإن تقدّم سببه أيضاً. وأوجب المصنِّف ذلك كلَّه في الذكرى (١) لارتباط الأجزاء بالصلاة وسجودها بها.

«ويجبان أيضاً» مضافاً إلى ما ذُكر «للتكلّم ناسياً ، وللتسليم في الأوّلتين ناسياً» بل للتسليم في غير محلّه مطلقاً.

«و» الضابط : وجوبهما «للزيادة أو النقيصة غير المبطلة» للصلاة؛ لرواية سفيان بن السمط عن الصادق عليه السلام (٢) ويتناول ذلك زيادةَ المندوب ناسياً ونقصانَه حيث يكون قد عزم على فعله كالقُنوت. والأجود خروج الثاني؛ إذ لا يُسمّى ذلك نقصاناً. وفي دخول الأوّل نظرٌ؛ لأنّ السهو لا يزيد على العمد.

وفي الدروس : أنّ القول بوجوبهما لكلّ زيادةٍ ونقصانٍ لم نظفر بقائله ولا بمأخذه (٣) والمأخذ ما ذكرناه ، وهو من جملة القائلين به (٤) وقبلَه الفاضل (٥) وقبلَهما الصدوق (٦).

«وللقيام في موضع قعودٍ وعكسِه» ناسياً ، وقد كانا داخلين في الزيادة والنقصان ، وإنّما خصّهما تأكيداً؛ لأنّه قد قال بوجوبه لهما مَن لم يقل

____________________

١) الذكرى ٤ : ٩١.

٢) الوسائل ٥ : ٣٤٦ ، الباب ٣٢ من أبواب الخلل في الصلاة ، الحديث ٣.

٣) الدروس ١ : ٢٠٧.

٤) كما صرّح به في المتن.

٥) حكاه عن ابن بابويه عملاً برواية الحلبي ، ثم قال : وهو الأقوى عندي ، التحرير ١ : ٣٠٦.

٦) أوجبهما لمن لم يدرِ أو نقص ، راجع الفقيه ١ : ٣٤١ ، ذيل الحديث ٩٩٣.

٢٦٩

بوجوبه لهما مطلقاً (١).

«وللشكّ بين الأربع والخمس» حيث تصحّ معه الصلاة (٢).

«وتجب فيهما : النيّة» المشتملة على قصدهما وتعيين‌السبب إن تعدّد ، وإلّا فلا. واستقرب المصنّف في الذكرى اعتباره مطلقاً (٣) وفي غيرها (٤) عدمَه مطلقاً (٥).

واختلف أيضاً اختياره في اعتبار نيّة الأداء والقضاء فيهما (٦) وفي الوجه. واعتبارهما أولى. والنيّة مقارنةٌ لوضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه ، أو بعد الوضع على الأقوى.

«وما يجب في سجود الصلاة» من الطهارة وغيرها من الشرائط ، ووضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه ، والسجود على الأعضاء السبعة وغيرِهما من الواجبات والذكر ، إلّاأ نّه هنا مخصوص بما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام (٧).

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني : كعليّ بن بابويه والمرتضى والشيخ وابني زهرة وإدريس وسلّار وأبي الصلاح وابن حمزة. المناهج السويّة : ٢٨٣.

٢) قال الفاضل : وهو بعد السجدتين اتّفاقاً وقبلهما بعد الركوع على أصح القولين وكذا بينهما ، وأمّا قبل الركوع فينقلب إلى الشك بين الثلاث والأربع. المناهج السويّة : ٢٨٣.

٣) بمعنى أنّه أطلق ولم يقيّد بصورة تعدّده ، لا أنّه قيّد بالإطلاق ، المناهج السوية : ٢٨٤. راجع الذكرى ٤ : ٩٤.

٤) في (ع) و (ف) : غيره.

٥) قال الفاضل : بمعنى أنّه لم يتعرّض له في موضعٍ يجب التعرّض له لو كان واجباً ، لا أنّه تعرّض لعدمه ، وهذا إنّما يتمّ في عبارة الألفيّة فإنّه تعرّض لكيفيّة النيّة. المناهج السويّة : ٢٨٤.

٦) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : أي في السجدتين ، أو في الذكرى وغيرها ، والأوّل أولى؛ لأنّه لم يتعرّض في الذكرى والدروس لاعتبارها ولا لعدمه. المناهج السويّة : ٢٨٤.

٧) الوسائل ٥ : ٣٣٤ ، الباب ٢٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث الأوّل.

٢٧٠

«وذِكْرُهُما : بسم اللّٰه وباللّٰه وصلّى اللّٰه على محمّد وآل محمّد» وفي بعض النسخ (١) : وعلى آل محمّد ، وفي الدروس : اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد (٢) «أو بسم اللّٰه وباللّٰه والسلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّٰه وبركاته» أو بحذف واو العطف من السلام. والجميع مرويّ (٣) مجزئ.

«ثمّ يتشهّد» بعد رفع رأسه معتدلاً «ويُسلِّم».

هذا (٤) هو المشهور بين الأصحاب ، والرواية الصحيحة (٥) دالّة عليه. وفيه أقوالٌ اُخر (٦) ضعيفة المستند.

«والشاكّ في عدد الثنائيّة ، أو الثلاثيّة ، أو في الأوّلتين من الرباعيّة ، أو في عددٍ غير محصور» بأن لم يَدْرِ كم صلّى ركعةً «أو قبل إكمال السجدتين» المتحقّق بإتمام (٧) ذكر السجدة الثانية «فيما يتعلّق بالأوّلتين» وإن أدخل معهما

____________________

١) الظاهر : بعض نسخ المتن. ويحتمل : نسخ الرواية المشتملة على الذكر ، راجع التهذيب ٢ : ١٩٦ ، الحديث ٧٧٣.

٢) الدروس ١ : ٢٠٨.

٣) راجع الوسائل ٥ : ٣٣٤ ، الباب ٢٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة. والمستدرك ٦ : ٤١٥ ، الباب ١٨ من أبواب الخلل.

٤) أي ما ذكر من قوله : وتجب فيهما ... إلى هنا.

٥) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : أي جنسها؛ إذ ليس هنا رواية واحدة دالّة عليه. المناهج السويّة : ٢٨٦.

٦) من القول بعدم اشتراط ما يشترط في سجود الصلاة ، والقول بعدم وجوب الذكر مطلقاً ، والقول بوجوبه مطلقاً ، لا مخصوصاً بما ذكر ، والقول بعدم وجوب التشهّد ، والقول بعدم وجوب التسليم المعهود. المناهج السويّة : ٢٨٦. وراجع مفتاح الكرامة ٣ : ٣٧٢ ـ ٣٧٤.

٧) في (ع) و (ش) : بإكمال.

٢٧١

غيرَهما ، وبه يمتاز عن الثالث «يعيد» الصلاة ، لا بمجرّد الشكّ بل بعد استقراره بالتروّي عند عروضه ولم يحصل ظنٌّ بطرفٍ من متعلّقه ، وإلّا بنى عليه في الجميع ، وكذا في غيره من أقسام الشكّ.

«وإن أكمل» الركعتين «الأوّلتين» بما ذكرناه من ذكر الثانية وإن لم يرفع رأسَه منها «وشكّ في الزائد» بعد التروّي «فهنا صورٌ خمس» تعمّ بها البلوى أو أنّها منصوصة ، وإلّا فصور الشكّ أزيد من ذلك ، كما حرّره في رسالة الصلاة (١) وسيأتي أنّ الاُولى غير منصوصة :

«الشكّ بين الاثنتين والثلاث» بعد الإكمال.

«والشكّ بين الثلاث والأربع» مطلقاً «ويبني على الأكثر فيهما ثمّ يحتاط» بعد التسليم «بركعتين جالساً أو ركعةٍ قائماً».

«والشكّ بين الاثنتين والأربع ، يبني على الأربع ويحتاط بركعتين قائماً».

«والشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع يبني على الأربع ويحتاط بركعتين قائماً ثمّ بركعتين جالساً» على المشهور ، ورواه ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام عاطفاً لركعتي الجلوس ب‍ «ثُمّ» (٢) كما ذَكَر هنا ، فيجب الترتيب بينهما ، وفي الدروس جعله أولى (٣) وقيل : يجوز إبدال الركعتين جالساً بركعةٍ قائماً؛ لأنّها أقرب إلى المحتمل فواته (٤) وهو حسن.

«وقيل : يصلّي ركعةً قائماً وركعتين جالساً ، ذكره» الصدوق «ابن*

____________________

١) أي الألفيّة : ٧٠ ـ ٧١.

٢) الوسائل ٥ : ٣٢٦ ، الباب ١٣ من أبواب الخلل ، الحديث ٤.

٣) الدروس ١ : ٢٠٣.

٤) قاله العلّامة في المختلف ٢ : ٣٨٦ ، وقوّاه الماتن في الذكرى ٤ : ٧٧.

*) في (ق) و (س) : ابنا.

٢٧٢

بابويه» وأبوه وابن الجنيد (١) «وهو قريب» من حيث الاعتبار؛ لأنّهما ينضمّان حيث تكون الصلاة اثنتين ، ويجتزئ بإحداهما حيث تكون ثلاثاً ، إلّاأنّ الأخبار (٢) تدفعه.

«والشكّ بين الأربع والخمس ، وحكمه قبل الركوع كالشكّ بين الثلاث والأربع» فيهدم الركعة ويتشهّد ويسلِّم ويصير بذلك شاكّاً بين الثلاث والأربع ، فيلزمه حكمه. ويزيد عنه سجدتي السهو لما هدمه من القيام وصاحَبَه من الذكر.

«وبعدَه» أي بعد الركوع ـ سواء كان قد سجد أم لا ـ تجب «سجدتا السهو» لإطلاق النصّ بأنّ من لم يدرِ أربعاً صلّى أم خمساً يتشهّد ويسلّم ويسجد سجدتي السهو (٣).

«وقيل : تبطل الصلاة لو شكّ ولمّا يكمل السجود إذا كان قد ركع (٤)» لخروجِهِ عن المنصوص ـ فإنّه لم يكمل الركعة حتّى يصدق عليه أنّه شكّ بينهما ـ وتردِّده (٥) بين محذورين : الإكمال المُعرِّض للزيادة ، والهدم المُعرِّض للنقصان.

«والأصحّ الصحّة؛ لقولهم عليهم السلام : ما أعاد الصَلاة فقيهٌ» يحتال فيها ويُدبّرها حتّى لا يعيدها (٦) ولأصالة عدم الزيادة ، واحتمالُها لو أثّر لأثّر في جميع صورها ، والمحذور إنّما هو زيادة الركن ، لا الركن المحتمل زيادته.

____________________

١) كما عنهم في المختلف ٢ : ٣٨٤ ـ ٣٨٥.

٢) مثل خبر ابن أبي عمير المتقدّم ذكره آنفاً.

٣) راجع الوسائل ٥ : ٣٢٦ ، الباب ١٤ من أبواب الخلل.

٤) قاله العلّامة في التذكرة ٣ : ٣٤٧.

٥) في (ف) : لتردّده.

٦) الوسائل ٥ : ٣٤٤ ، الباب ٢٩ من أبواب الخلل ، الحديث الأوّل ، وفيه : ما أعاد الصلاة فقيه قطُّ ، يحتال لها ...

٢٧٣

«مسائل» سبع

الاُولى :

«لو غلب على ظنّه» بعد التروّي «أحدُ طرفي ما شكّ فيه» أو أطرافِه «بنى عليه» أي على الطرف الذي غلب عليه ظنُّه.

والمراد أنّه غلب ظنُّه عليه ثانياً بعد أن شكّ فيه أوّلاً؛ لأنّ الشكّ لا يجامع غلبةَ الظنّ؛ لما عرفت من اقتضاء الشكّ تساوي الطرفين والظنّ رجحانَ أحدهما. ولا فرق في البناء على الطرف الراجح بين الاُوليين وغيرهما ، ولا بين الرباعيّة وغيرها.

ومعنى البناء عليه : فرضُه واقعاً والتزام حكمه من صحّةٍ وبطلان وزيادةٍ ونقصان ، فإن كان في الأفعال وغلب الفعلُ بنى على وقوعه ، أو عدمُهُ فَعَله إن كان في محلّه ، وفي عدد الركعات يجعل الواقعَ ما ظنَّه من غير احتياط ، فإن غلب الأقلُّ بنى عليه وأكمل ، وإن غلب الأكثرُ من غير زيادةٍ في عدد الصلاة ـ كالأربع ـ تشهَّدَ وسلَّم ، وإن كان زيادة ـ كما لو غلب ظنّه على الخمس ـ صار كأ نّه زاد ركعةً آخر الصلاة ، فتبطل إن لم يكن جلس عقيب الرابعة بقدر التشهّد ، وهكذا ...

«ولو أحدث قبل الاحتياط أو الأجزاء المنسيّة» التي تُتلافى بعد الصلاة «تطهّر وأتى بها *» من غير أن تبطل الصلاة «على الأقوى» لأنّه صلاةٌ منفردة ، ومن ثَمّ وجب فيها النيّة والتحريمة والفاتحة ، ولا صلاة إلّابها ، وكونُها جبراً لما يُحتمل نقصه من الفريضة ـ ومن ثمّ وجبت المطابقة بينهما ـ لا يقتضي

____________________

*) في محتمل (ق) : بهما.

٢٧٤

الجزئيّة ، بل يحتمل ذلك والبدليّة؛ إذ لا يقتضي المساواة من كلّ وجه ، ولأصالة الصحّة (١) وعليه المصنِّف في مختصراته (٢).

واستضعفه في الذكرى ، بناءً على أنّ شرعيّته ليكون استدراكاً للفائت منها ، فهو على تقدير وجوبه جزءٌ ، فيكون الحدث واقعاً في الصلاة (٣) ولدلالة ظاهر الأخبار (٤) عليه.

وقد عرفت دلالةَ البدليّة (٥) والأخبار إنّما دلّت على الفوريّة ولا نزاع فيها ، إنّما الكلام في أنّه بمخالفتها هل يأثم خاصّة ـ كما هو مقتضى كلّ واجب ـ أم يبطلها؟

وأمّا الأجزاء المنسيّة فقد خرجت عن كونها جزءاً محضاً ، وتلافيها بعد الصلاة فعلٌ آخر ، ولو بقيت على محض الجزئيّة كما كانت لبطلت بتخلّل الأركان بين محلّها وتلافيها.

«ولو ذكر ما فعل فلا إعادة إلّاأن يكون قد أحدث» أي : ذكر نقصانَ الصلاة بحيث يحتاج إلى إكمالها بمثل ما فعل صحّت الصلاةُ وكان الاحتياط متمّماً

____________________

١) عطف على قوله : لأنّه صلاة منفردة.

٢) الدروس ١ : ٢٠٥ ، البيان : ٢٥٥ ، الألفية : ٧٣.

٣) الذكرى ٤ : ٨٢.

٤) منها : رواية ابن أبي يعفور الدالّة على وجوب سجدتي السهو بالتكلّم قبل الاحتياط ، ومنها : الروايات الظاهرة في وجوب الفوريّة كرواية أبي بصير وصحيحة زرارة ، راجع الوسائل ٥ : ٣٢٣ ، الباب ١١ من أبواب الخلل ، الحديث ٢ و ٨. والباب ١٠ ، الحديث ٣. نصّ بتلك الروايات الفاضل في المناهج السويّة : ٣٠٠ ـ ٣٠١.

٥) عند قوله : بل يحتمل ذلك والبدليّة.

٢٧٥

لها ، وإن اشتمل على زيادة الأركان من النيّة والتكبير ، ونقصان بعضٍ كالقيام لو احتاط جالساً ، وزيادةِ الركوع والسجودِ في الركعات المتعدّدة (١) للامتثال المقتضي للإجزاء. ولو اعتبرت المطابقة محضاً لم يَسْلُم احتياطٌ ذكر فاعِلُه الحاجة إليه؛ لتحقّق الزيادة إن لم تحصل المخالفة. وشمل ذلك (٢) ما لو أوجب الشكُّ احتياطين.

وهو ظاهرٌ مع المطابقة ، كما لو تذكّر أنّها اثنتان بعد أن قدَّم ركعتي القيام. ولو ذكر أنّها ثلاث احتُمل كونُه كذلك ـ وهو ظاهر الفتوى (٣) لما ذكر (٤) ـ وإلحاقُه بمن زاد ركعةً آخر الصلاة سهواً. وكذا لو ظهر الأوّل بعد تقديم صلاة الجلوس أو الركعة قائماً إن جوّزناه. ولعلّه السرّ في تقديم ركعتي القيام.

وعلى ما اخترناه لا تظهر المخالفة إلّافي الفرض الأوّل من فروضها ، وأمره سهلٌ مع إطلاق النصّ وتحقّق الامتثال الموجب للإجزاء. وكيف كان ، فهو أسهل (٥) من قيام ركعتين من جلوسٍ مقام ركعةٍ من قيام إذا ظهرت الحاجة إليه في جميع الصور.

____________________

١) كما في صورة الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع.

٢) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : أي الحكم المذكور في المتن ، لا الدليل ، ولا الحكم مع الدليل؛ إذ يأتي عنه ما يأتي من التفصيل بين صورتي المطابقة والمخالفة. المناهج السويّة : ٣٠٥.

٣) أي : فتوى المصنّف وغيره ، أو غيره حسبُ ، وهو أولى؛ لما سنذكره من أنّ فتوى المصنّف على المعنى الّذي فهمه الشارح من كلامه لا يشمل هذه الصورة ، المناهج السويّة : ٣٠٥.

٤) إشارة إلى ما ذكره سابقاً بقوله : للامتثال المقتضي للإجزاء.

٥) وجه الأسهليّة أنّ الجلوس في التشهّد ليس بركنٍ إجماعاً ، وما تحصل به الزيادة في الاحتياط على كلّ حال من النيّة والتكبير أعظم من الجلوس ، فاغتفار الأركان يوجب اغتفار الفعل الذي ليس بركن إجماعاً بطريق أولى. (منه رحمه الله).

٢٧٦

هذا إذا ذكر بعد تمامه. ولو كان في أثنائه فكذلك مع المطابقة أو لم يتجاوز القدر المطابق ، فيسلّم عليه. ويشكل مع المخالفة ، خصوصاً مع الجلوس إذا كان قد ركع للاُولى؛ لاختلال نظم الصلاة. أمّا قبله فيُكمِل الركعة قائماً ، ويغتفر ما زاده من النيّة والتحريمة كالسابق. وظاهرُ الفتوى اغتفارُ الجميع.

أمّا لو كان قد أحدث أعاد؛ لظهوره في أثناء الصلاة ، مع احتمال الصحّة. ولو ذكر بعد الفراغ تمامَ الصلاة فأولى بالصحّة ، ولكنّ العبارة لا تتناوله وإن دخل في «ذَكَر ما فعل» إلّاأنّ استثناءَه الحدَثَ ينافيه؛ إذ لا فرق في الصحّة بين الحالين. ولو ذكر التمام في الأثناء تخيّر بين قطعه وإتمامه ، وهو الأفضل.

«الثانية» :

«حكم الصدوق» أبو جعفر محمّد «بن بابويه بالبطلان» بطلانِ الصلاة «في» صورة «الشكّ بين الاثنتين والأربع» (١) استناداً إلى مقطوعة محمّد بن مسلم ، قال : «سألته عن الرجل لا يدري أصلّى ركعتين أم أربعاً؟ قال : يعيد الصلاة» (٢).

«والرواية مجهولة المسؤول» فيُحتمل كونُه غيرَ إمام ، مع معارضتها بصحيحة محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السلام في من لا يدري أركعتان صلاته أو أربع؟ قال : «يسلِّم ويُصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهّد وينصرف» (٣) وفي معناها غيرها (٤) ويمكن حمل المقطوعة على من شكّ قبل إكمال السجود ، أو

____________________

١) المقنع : ١٠٢.

٢) الوسائل ٥ : ٣٢٤ ، الباب ١١ من أبواب الخلل ، الحديث ٧.

٣) المصدر السابق : الحديث ٦.

٤) المصدر السابق : الحديث ٤ و ٨ و ٩.

٢٧٧

على الشكّ في غير الرباعيّة.

«الثالثة» :

«أوجب» الصدوق «أيضاً الاحتياط بركعتين جالساً لو شكّ في المغرب بين الاثنتين والثلاث وذهب وهمه» أي ظنّه «إلى الثالثة (١) عملاً برواية عمّار» ابن موسى «الساباطي عن الصادق عليه السلام (٢) وهو» أي عمّار «فَطَحيّ» المذهب ، منسوبٌ إلى الفَطَحيّة ـ وهم القائلون بإمامة عبد اللّٰه بن جعفر الأفطح ـ فلا يُعتدّ بروايته ، مع كونها شاذّة والقول بها نادرٌ. والحكم ما تقدّم : من أنّه مع ظنّ أحد الطرفين يبني عليه من غير أن يلزمه شيء (٣).

«وأوجب» الصدوق «أيضاً ركعتين جلوساً * للشكّ بين الأربع والخمس (٤) وهو» قول «متروك» وإنّما الحقّ فيه ما سبق من التفصيل (٥) من غير احتياط ، ولأنّ الاحتياط جبرٌ لما يُحتمل نقصُه ، وهو هنا منفيٌّ قطعاً.

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : نُسب ذلك إلى مقنعه ، وما رأيناه من عبارة المقنع هكذا : إذا لم تدرِ واحدةً صلّيت أم اثنتين فأعد الصلاة. المناهج السويّة : ٣٠٨ وراجع المقنع : ١٠١.

٢) لم نظفر برواية صرّح فيها بذهاب الظنّ إلى الثالثة وبالركعتين من جلوس ، ومفاد رواية عمّار الاحتياط بركعة قائماً ، راجع الوسائل ٥ : ٣٠٥ ، الباب ٢ من أبواب الخلل ، الحديث ١١ و ١٢.

٣) تقدّم في الصفحة ٢٧٤.

*) في (س) : جالساً.

٤) المقنع : ١٠٣.

٥) سبق في الصفحة ٢٧٣.

٢٧٨

وربّما حُمل على الشكّ فيهما قبل الركوع ، فإنّه يوجب الاحتياط بهما ، كما مرّ (١).

«الرابعة» :

«خيّر ابن الجنيد (٢)» رحمه الله «الشاكَّ بين الثلاث والأربع بين البناء على الأقلّ ولا احتياط * أو على الأكثر ويحتاط بركعةٍ» قائماً «أو ركعتين» جالساً «وهو خِيَرة الصدوق (٣)» ابن بابويه ، جمعاً بين الأخبار الدالّة على الاحتياط المذكور (٤) وروايةِ سهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام أنّه قال : «يبني على يقينه ويسجد للسهو» (٥) بحملها على التخيير ، ولتساويهما في تحصيل الغرض من فعل ما يُحتمل فواته ، ولأصالة عدم فعله ، فيتخيّر بين فعله وبدله.

«وتردّه» هذا القول «الرواياتُ المشهورة» الدالّةُ على البناء على الأكثر :

إمّا مطلقاً كرواية عمّار عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام ، قال : «إذا سهوتَ فابنِ على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنّك نقصت ، فإن كنتَ أتممت لم يكن عليك شيءٌ ، وإن ذكرت أنّك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت» (٦) وغيرها (٧).

____________________

١) مرّ في الصفحة ٢٧٣.

٢) و (٣) راجع المختلف ٢ : ٣٨٢.

*) في (س) : فلا احتياط.

٤) المصدر السابق: ٣٢٠ ، الباب ١٠ من أبواب الخلل.

٥) المصدر السابق : ٣٢٥ ، الباب ١٣ من أبواب الخلل ، الحديث ٢.

٦) الوسائل ٥ : ٣١٨ ، الباب ٨ من أبواب الخلل ، الحديث ٣.

٧) نفس المصدر ، الحديث ١ و ٤.

٢٧٩

وإمّا بخصوص المسألة كرواية عبد الرحمن بن سيابة وأبي العبّاس عنه عليه السلام : «إذا لم تدرِ ثلاثاً صلّيت أو أربعاً ووقع رأيك على الثلاث فابنِ على الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فسلِّم وانصرف ، وإن اعتدل وهمُك فانصرف وصلّ ركعتين وأنت جالس» (١) وفي خبرٍ آخر عنه عليه السلام : «هو بالخيار إن شاء صلّى ركعةً قائماً أو ركعتين جالساً» (٢).

وروايةُ ابن اليسع مُطرَّحةٌ لموافقتها لمذهب العامّة ، أو محمولةٌ على غلبة الظنّ بالنقيصة.

«والخامسة» :

«قال عليّ بن بابويه (٣) رحمه الله في الشكّ بين الاثنتين والثلاث : إن ذهب الوهم» وهو الظنّ «إلى الثالثة أتمّها رابعةً ثم احتاط بركعة ، وإن ذهب الوهم إلى الاثنتين بنى عليه وتشهّد في كلّ ركعة» تبقى عليه ، أي بعدها. أمّا على الثانية فظاهر ، وأمّا على الثالثة فلجواز أن تكون رابعةً بأن تكون صلاته عند شكّه ثلاثاً ، وعلى الرابعة ظاهر «وسَجَدَ للسهو ، وإن اعتدل الوهم تخيّر بين البناء على الأقلّ والتشهّد في كلّ ركعة ، وبين البناء على الأكثر والاحتياط».

وهذا القول مع ندوره لم نقف على مستنده «والشهرة» بين الأصحاب في أنّ حكم هذا الشاكّ مع اعتدال وهمه البناء على الأكثر والاحتياط المذكور «تدفعه».

____________________

١) الوسائل ٥ : ٣١٦ ، الباب ٧ من أبواب الخلل ، الحديث الأوّل.

٢) المصدر السابق : ٣٢٠ ، الباب ١٠ من أبواب الخلل ، الحديث ٢.

٣) حكاه عنه العلّامة في المختلف ٢ : ٣٨٣.

٢٨٠