الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

ويجب فيهما : النيّة ، والعربيّةُ ، والترتيبُ بين الأجزاء كما ذُكر والموالاةُ ، وقيامُ الخطيب مع القدرة ، والجلوسُ بينهما ، وإسماعُه (١) العددَ المعتبر ، والطهارةُ من الحدث والخبثِ في أصحّ القولين (٢) والسترُ ـ كلّ ذلك للاتّباع ـ وإصغاءُ من يمكن سماعه من المأمومين ، وتركُ الكلام مطلقاً (٣).

«ويُستحبّ : بلاغةُ الخطيب» بمعنى جمعه بين الفصاحة التي هي : ملكةٌ يقتدر بها على التعبير عن مقصوده بلفظٍ فصيح ـ أي خالٍ عن ضعف التأليف وتنافر الكلمات والتعقيد وعن كونها غريبة وحشيّة ـ وبين البلاغة التي هي : ملكةٌ يقتدر بها على التعبير عن الكلام الفصيح المطابق لمقتضى الحال بحسب الزمان والمكان والسامع والحال.

«ونزاهتُه» عن الرذائل الخُلقيّة والذنوب الشرعيّة ، بحيث يكون مؤتمراً بما يأمر به ، منزجراً عمّا ينهي عنه؛ لتقع موعظته في القلوب ، فإنّ الموعظة إذا خرجت من القلب دخلت في القلب ، وإذا خرجت من مجرّد اللسان لم تتجاوز الآذان.

«ومحافظتُه على أوائل الأوقات» ليكون أوفق لقبول موعظته.

«والتعمّمُ» شتاءً وصيفاً ـ للتأسّي (٤) ـ مضيفاً إليها الحنكَ والرداءَ ، ولُبس

____________________

١) في (ف) و (ر) : إسماع.

٢) وهو الذي اختاره الشيخ في المبسوط ١ : ١٤٧ ، والخلاف ١ : ٦١٨ ، المسألة ٣٨٦. وأمّا القول الآخر وهو عدم اشتراط الطهارة فقد قاله ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٩١ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٢٨٥ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٢٨٥.

٣) على الخطيب والسامعين الداخلين في العدد وغيرهم من المأمومين وغير السامعين منهم لبُعدٍ أو صممٍ أو نحوهما. المناهج السويّة : ١٨٤.

٤) التأسّي برسول اللّٰه صلى الله عليه وآله ، راجع سنن البيهقي ٣ : ٢٤٦.

٢٤١

أفضل الثياب ، والتطيّبُ.

«والاعتمادُ على شيءٍ» حال الخطبة : من سيفٍ أو قوسٍ أو عصاً؛ للاتّباع (١).

«ولا تنعقد» الجمعةُ «إلّابالإمام» العادل عليه السلام «أو نائبه» خصوصاً أو عموماً «ولو» كان النائب «فقيهاً» جامعاً لشرائط الفتوى «مع إمكان الاجتماع في الغيبة» هذا قيد في الاجتزاء بالفقيه حالَ الغيبة؛ لأنّه منصوبٌ من الإمام عليه السلام عموماً بقوله : «انظروا إلى رجلٍ قد روى حديثنا ...» (٢) وغيره (٣).

والحاصل أنّه مع حضور الإمام عليه السلام لا تنعقد الجمعة إلّابه أو بنائبه الخاصّ ـ وهو المنصوب للجمعة أو لما هو أعمّ منها ـ وبدونه تسقط ، وهو موضع وفاق.

وأمّا في حال الغيبة ـ كهذا الزمان ـ فقد اختلف الأصحاب في وجوب الجمعة وتحريمها ، فالمصنّف هنا أوجبها مع كون الإمام فقيهاً؛ لتحقّق الشرط وهو إذن الإمام الذي هو شرطٌ في الجملة إجماعاً ، وبهذا القول صرّح في الدروس أيضاً (٤).

وربّما قيل بوجوبها حينئذٍ وإن لم يَجْمعها فقيهٌ (٥) عملاً بإطلاق الأدلّة ، واشتراطُ الإمام عليه السلام أو مَن نصبَه إن سلِّم فهو مختصّ بحالة الحضور أو بإمكانه ، فمع عدمه يبقى عموم الأدّلة من الكتاب والسُنّة خالياً عن المعارِض. وهو ظاهر

____________________

١) اتّباع الرسول صلى الله عليه وآله ، راجع سنن البيهقي ٣ : ٢٠٦.

٢) الوسائل ١٨ : ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.

٣) المصدر السابق ، الحديث ٩.

٤) الدروس ١ : ١٨٦.

٥) صرّح به أبو الصلاح في الكافي : ١٥١ ، وهو ظاهر المفيد في المقنعة : ١٦٣.

٢٤٢

الأكثر ومنهم المصنّف في البيان (١) فإنّهم يكتفون بإمكان الاجتماع مع باقي الشرائط.

وربّما عبّروا عن حكمها حال الغيبة بالجواز تارةً (٢) وبالاستحباب اُخرى (٣) نظراً إلى إجماعهم على عدم وجوبها حينئذٍ عيناً ، وإنّما تجب على تقديره تخييراً بينها وبين الظهر ، لكنّها عندهم أفضل من الظهر ، وهو معنى الاستحباب ، بمعنى أنّها واجبةٌ تخييراً مستحبّةٌ عيناً ، كما في جميع أفراد الواجب المخيَّر إذا كان بعضها راجحاً على الباقي ، وعلى هذا ينوي بها الوجوب وتُجزئ عن الظهر.

وكثيراً ما يحصل الالتباس في كلامهم بسبب ذلك حيث يشترطون الإمامَ أو نائبَه في الوجوب إجماعاً ، ثمّ يذكرون حال الغيبة ويختلفون في حكمها فيها ، فيوهم أنّ الإجماع المذكور يقتضي عدمَ جوازها حينئذٍ بدون الفقيه ، والحال أنّها في حال الغيبة لا تجب عندهم عيناً ، وذلك شرط الواجب العيني خاصّةً.

ومن هنا ذهب جماعةٌ من الأصحاب إلى عدم جوازها حال الغيبة (٤) لفقد الشرط المذكور.

ويُضعَّف بمنع عدم حصول الشرط أوّلاً؛ لإمكانه بحضور الفقيه ، ومنع اشتراطه ثانياً؛ لعدم الدليل عليه من جهة النصّ فيما علمناه.

____________________

١) البيان : ١٨٨.

٢) مثل الشيخ في النهاية : ٣٠٢ ، وفخر المحقّقين في الإيضاح ١ : ١١٩.

٣) مثل العلّامة في المختلف ٢ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، والشهيد في غاية المراد ١ : ١٦٤ ، ونسباه إلى المشهور.

٤) منهم السيّد المرتضى في مسائل الميّافارقيّات (رسائل الشريف المرتضى) ١ : ٢٧٢ ، وسلّار في المراسم : ٢٦٤ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ١٧٧.

٢٤٣

وما يظهر من جعل مستنده الإجماع فإنّما هو على تقدير الحضور ، أمّا في حال الغيبة فهو محلّ النزاع فلا يُجعل دليلاً فيه ، مع إطلاق القرآن الكريم (١) بالحثّ العظيم المؤكَّد بوجوهٍ كثيرة ، مضافاً إلى النصوص المتضافرة على وجوبها بغير الشرط المذكور ، بل في بعضها ما يدلّ على عدمه (٢) نعم ، يعتبر اجتماع باقي الشرائط ، ومنه الصلاة على الأئمة ولو إجمالاً ، ولا ينافيه ذكرُ غيرهم.

ولولا دعواهم الإجماع على عدم الوجوب العيني (٣) لكان القول به في غاية القوّة ، فلا أقلّ من التخييري مع رجحان الجمعة.

وتعبير المصنّف وغيره ب‍ «إمكان الاجتماع» يريد به الاجتماع على إمام عدل؛ لأنّ ذلك لم يتّفق في زمن ظهور الأئمة غالباً ، وهو السرُّ في عدم اجتزائهم بها عن الظهر مع ما نُقل من تمام محافظتهم عليها (٤) ومن ذلك سرى الوهم (٥).

____________________

١) الجمعة : ٩.

٢) هو صحيحة عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام قال : «يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد ، والجمعة واجبة على كلّ أحد ، لا يعذر الناس فيها إلّاخمسة : المرأة والمملوك والمسافر والمريض والصبيّ» وفي معناها أخبار كثيرة (منه رحمه الله). لكنّ الراوي في هذه الصحيحة عن الصادق عليه السلام هو منصور بن حازم ، راجع التهذيب ٣ : ٢٣٩ ، الحديث ٦٣٦ ، والوسائل ٥ : ٨ ، الباب ٢ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ٧ و ٥ ، الباب الأوّل من الأبواب ، الحديث ١٦.

٣) ادّعاه العلّامة في التحرير ١ : ٢٧٢ ومّمن ادّعاه صريحاً ـ ونسبه إلى علمائنا الإماميّة رضوان اللّٰه عليهم طبقةً بعد طبقة من عصر أئمّتنا عليهم السلام إلى عصرنا هذا ـ المحقّق الكركي في رسالة صلاة الجمعة ، رسائل المحقّق الكركي ١ : ١٤٧.

٤) أي بالحثّ والتحريض ، راجع الوسائل ٥ : ٥ ، الباب الأوّل من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ١٧ ـ ٢٨.

٥) إلى عدم وجوبها زمن الغيبة. المناهج السويّة : ١٩٤.

٢٤٤

«واجتماع خمسةٍ» فصاعداً أحدهم الإمام في الأصحّ (١) وهذا يشمل شرطين :

أحدهما : العدد وهو الخمسة في أصحّ القولين لصحّة مستنده (٢) وقيل : سبعة (٣) ويشترط كونهم ذكوراً أحراراً مكلَّفين مقيمين ، سالمين من المرضِ والبُعدِ المُسقِطَين. وسيأتي ما يدلّ عليه.

وثانيهما : الجماعة بأن يأتمّوا بإمام منهم ، فلا تصحّ فرادى.

وإنّما يُشترطان في الابتداء لا في الاستدامة ، فلو انفضّ العددُ بعدَ تحرّم (٤) الإمام أتمّ الباقون ولو فُرادى مع عدم حضور من ينعقد به الجماعة ، وقبلَه تسقط. ومع العود في أثناء الخطبة يُعاد ما فات من أركانها.

«وتسقط» الجمعةُ «عن المرأةِ» والخنثى ، للشكّ في ذكوريّته الذي هو (٥) شرط الوجوب.

«والعبدِ» وإن كان مبعَّضاً واتّفقت في نوبته ، مهاياً (٦) أم مدبَّراً أم مكاتَباً

____________________

١) متعلّق بالمتن ، لا بقوله : أحدهم الإمام. المناهج السويّة : ١٩٤.

٢) وهو رواية منصور عن الصادق عليه السلام ، الوسائل ٥ : ٨ ، الباب ٢ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ٧.

٣) قاله الشيخ في النهاية : ١٠٣ والمبسوط ١ : ١٤٣ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٠٠ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٠٣.

٤) في (ف) و (ر) : تحريم.

٥) في (ر) : التي هي.

٦) المهاياة في كسب العبد أن يقسمان الزمان بحسب ما يتّفقان عليه ، ويكون كسبه في كلّ وقتٍ لمن ظهر له بالقسمة ، مجمع البحرين ١ : ٤٨٥ (هيا).

٢٤٥

لم يؤدِّ جميع مال الكتابة (١).

«والمسافر» الذي يلزمه القصر في سفره ، فالعاصي به وكثيرُه وناوي إقامة عشرةٍ كالمقيم.

«والهِمِّ» وهو : الشيخ الكبير الذي يعجز عن حضورها أو يشقّ عليه مشقّة لا تُتحمّل عادة.

«والأعمى» وإن وجَدَ قائداً أو كان قريباً من المسجد.

«والأعرج» البالغِ عَرَجُه حدَّ الإقعاد أو الموجب لمشقّة الحضور كالهِمِّ.

«ومَن بَعُدَ» منزلُه عن موضعٍ تُقام فيه الجمعة ـ كالمسجد ـ «بأزيد من فرسخين» والحال أنّه يتعذّر عليه إقامتها عنده أو فيما دون فرسخ.

«ولا تنعقد جمعتان في أقلّ من فرسخ» بل يجب على من يشتمل عليه الفرسخ الاجتماع على جمعةٍ واحدة كفاية. ولا يختصّ الحضور بقومٍ إلّاأن يكون الإمام فيهم (٢) فمتى أخلّوا به أثموا جميعاً.

____________________

١) في سوى (ع) زيادة : «أم اُمّ ولد».

٢) الأولى أن يراد بالإمام هنا من تجب الجمعة معه عيناً أو كفايةً. هذا إذا اختصّ الإمام بأحد الأقوام المتفرّقين ، ووجوب حضور غيرهم عندهم حينئذٍ ظاهرٌ؛ لإمكان إقامة مَن عندهم الإمام الجمعة دون غيرهم ، فيجب على غيرهم الحضور عندهم؛ لوجوب الجمعة عليهم ولا يتمّ إلّابه ، فيجب من باب المقدّمة. ولو تعدّد الإمام مع الجميع وجب الاجتماع عليهم جميعاً كفايةً كما ذكر؛ لإمكان إقامة الجميع الصلاة عندهم من تلك الجهة ، لكن لمّا لم تنعقد في أقلّ من الفرسخ إلّاواحدة وجب عليهم كفايةً السعي على وجه يحصل معه صحّة الصلاة ، وهو الاجتماع على جمعة واحدة. ولو فرض أنّ الإمام لم يجتمع عنده من يكمل به الجمعة وجب عليه الاجتماع مع من يكمل به كفايةً ثمّ تسقط عنهم ويجب على غيرهم الاجتماع عيناً. (منه رحمه الله).

٢٤٦

ومحصَّل هذا الشرط وما قبله أنّ مَن بَعُد عنها بدون فرسخ يتعيّن عليه الحضور ، ومن زاد عنه إلى فرسخين يتخيّر بينه وبين إقامتها عنده ، ومن زاد عنهما يجب إقامتُها عنده أو فيما دون الفرسخ مع الإمكان ، وإلّا سقطت.

ولو صلّوا أزيدَ من جمعةٍ في ما دون الفرسخ صحّت السابقة خاصّة ، ويعيد اللاحقة ظهراً ، وكذا المشتبهة (١) مع العلم به في الجملة. أمّا لو اشتبه السبقُ والاقتران وجب إعادة الجمعة مع بقاء وقتها خاصّة ـ على الأصحّ ـ مجتمعين أو متفرّقين بالمعتبر (٢) والظهرِ مع خروجه.

«ويحرم السفر» إلى مسافةٍ أو الموجب تفويتَها «بعد الزوال على المكلّف بها» اختياراً؛ لتفويته الواجبَ وإن أمكنه إقامتُها في طريقه؛ لأنّ تجويزه على تقديره دوريٌّ (٣) نعم ، يكفي ذلك في سفرٍ قصيرٍ لا يُقصَّر فيه ، مع احتمال الجواز فيما لا قصرَ فيه مطلقاً؛ لعدم الفوات. وعلى تقدير المنع في السفر الطويل يكون عاصياً به إلى محلٍّ لا يمكنه فيه العود إليها ، فتُعتبر المسافة حينئذٍ.

ولو اضطرّ إليه شرعاً ـ كالحجّ حيث يفوت الرِفقَة ، أو الجهاد حيث لا يحتمل الحال تأخيره ـ أو عقلاً بأداء التخلّف إلى فوات غرضٍ يضرّ به فواتُه لم يحرم ، والتحريم على تقديره مؤكَّد. وقد روي : أنّ قوماً سافروا كذلك فخُسف بهم ، وآخرون اضطرم عليهم خباؤهم من غير أن يروا ناراً (٤).

____________________

١) يعني : يعيد المشتبهة الحال ظهراً مع العلم باللحوق ، لا بالسبق. المناهج السويّة : ٢٠٤.

٢) أي : بالمعتبر من المسافة.

٣) لأنّه إذا جاز السفر مع إمكانها في الطريق صار طاعة ، فيجب القصر فتسقط فيلزم تفويتها به فيحرم ، فيجب إتمام صلاته ، فلا تفوت فلا يحرم فتقصّر فتفوت ، وهو دور. (منه رحمه الله).

٤) لم نعثر عليه إلّاما نقله في البحار ٨٦ : ٢١٤ ، عن رسالة الجمعة المنسوبة إلى المؤلّف قدس سره ، راجع رسائل الشهيد الثاني ١ : ٢٧٩.

٢٤٧

«ويزاد في نافلتها» عن غيرها من الأيّام «أربع ركعات» مضافةً إلى نافلة الظهرين يصير الجميع عشرين ، كلّها للجمعة فيها (١).

«والأفضل جعلُها» أي العشرين «سُداس» متفرّقة (٢) ستّاً ستّاً «في الأوقات الثلاثة» المعهودة ، وهي : انبساط الشمس بمقدار ما يذهب شعاعها ، وارتفاعُها وقيامها وسطَ النهار قبل الزوال «وركعتان» وهما الباقيتان من العشرين عن الأوقات الثلاثة تُفعل «عند الزوال» بعدَه على الأفضل ، أو قبلَه بيسيرٍ على رواية (٣) ودون بسطها كذلك جعلُ ستّ الانبساط بين الفرضين ، ودونَه فعلُها أجمع يومَ الجمعة كيف اتّفق.

«والمُزاحَم» في الجمعة «عن السجود» في الركعة الاُولى يسجد بعد قيامهم عنه و «يلتحق» ولو بعد الركوع «فإن» لم يتمكّن منه إلى أن سجد الإمام في الثانية و «سجد مع ثانية الإمام نوى بهما» الركعةَ «الاُولى» لأنّه لم يسجد لها بعدُ ، أو يُطلق فتنصرفان إلى ما في ذمّته. ولو نوى بهما الثانية بطلت الصلاة؛ لزيادة الركن في غير محلّه.

وكذا لو زُوحم عن ركوع الاُولى وسجودها ، فإن لم يدركهما مع ثانية الإمام فاتت الجمعة ـ لاشتراط إدراك ركعةٍ منها معه ـ واستأنف الظهر. مع احتمال العدول؛ لانعقادها صحيحةً والنهي عن قطعها مع إمكان صحّتها.

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : قوله : «كلّها للجمعة» أي يوم الجمعة ، لا صلاتها ، وإلّا لأشعر بعدم استحباب الأربع إذا لم يصلّ الجمعة ، وليس ، كما عرفت. «فيها» هذا القيد وإن لم يكن به حاجة ، إلّاأنّ ذكره يفيد أنّ كونها لليوم مخصوص بهذا اليوم. المناهج السويّة : ٢٠٧.

٢) في (ف) : مفرَّقة.

٣) الوسائل ٥ : ٢٤ ، الباب ١١ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ١١ ، وراجع الحديث ٢.

٢٤٨

«صلاة : صلاة العيدين»

واحدهما «عيد» مشتقٌّ من «العود» لكثرة عوائد اللّٰه تعالى فيه على عباده وعود السرور والرحمة بعوده ، وياؤه منقلبة عن واو. وجمعُه على «أعياد» غير قياس؛ لأنّ الجمع يُردّ إلى الأصل ، والتزموه كذلك ، للزوم الياء في مفرده وتميّزه عن جمع «العود».

«وتجب» صلاة العيدين وجوباً عينيّاً «بشروط الجمعة» العينيّة. أمّا التخييريّة فكاختلال الشرائط؛ لعدم إمكان التخيير هنا «والخطبتان (١) بعدها» بخلاف الجمعة. ولم يذكر وقتَها ، وهو ما بين طلوع الشمس والزوال.

وهي ركعتان كالجمعة.

«ويجب فيها التكبير زائداً عن المعتاد» من تكبيرة الإحرام وتكبير الركوع والسجود «خمساً في» الركعة «الاُولى وأربعاً في الثانية» بعد القراءة فيهما في المشهور (٢) «والقنوت بينها» على وجه التجوّز وإلّا فهو بعد كلّ تكبير. وهذا التكبير والقنوت جزءان منها ، فيجب حيث تجب ، ويُسنّ حيث تُسنّ ، فتبطل بالإخلال بهما عمداً على التقديرين.

«ويستحبّ» القنوت «بالمرسوم» وهو : «اللهمّ أهل الكبرياء

____________________

١) في (ع) زيادة : هنا.

٢) خلافاً لابن الجنيد ، فإنّه جعل التكبير في الاُولى قبلها وفي الثانية بعدها [المختلف ٢ : ٢٥٢] ولعليّ بن بابويه ـ على ما نُقل عنه ـ فإنّه جعلها فيهما قبلها. المناهج السويّة : ٢١٤.

٢٤٩

والعظمة ... الخ» (١) ويجوز بغيره وبما سنح.

«ومع اختلال الشروط» الموجبة «تُصلّى جماعةً وفُرادى مستحبّاً» ولا يعتبر حينئذٍ تباعد العيدين بفرسخ. وقيل : مع استحبابها تصلّى فرادى خاصّةً (٢) وتسقط الخطبة في الفرادى.

«ولو فاتت» في وقتها لعذرٍ وغيره «لم تُقضَ» في أشهر القولين؛ للنصّ (٣) وقيل : تُقضى كما فاتت (٤) وقيل : أربعاً مفصولة (٥) وقيل : موصولةً (٦) وهو ضعيف المأخذ (٧).

____________________

١) راجع الوسائل ٥ : ١٣١ ، الباب ٢٦ من أبواب صلاة العيد.

٢) قاله المفيد في المقنعة : ١٩٤ ، والسيّد المرتضى في الناصريّات : ٢٦٥ ، والشيخ في مصباح المتهجّد : ٥٩٨. وصرّح أبو الصلاح بقبح الجمع فيها حين الاختلال ، راجع الكافي في الفقه : ١٥٤.

٣) النصّ هو صحيح زرارة : «من لم يصلّ مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه». (منه رحمه الله). راجع الوسائل ٥ : ٩٧ ، الباب ٢ من أبواب صلاة العيد ، الحديث ١٠.

٤) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : هذا القائل غير معلوم لنا إلّاابن إدريس على احتمال. المناهج السويّة : ٢١٧ ، لكن نسبه الشهيد إلى ابن إدريس باتّاً ، راجع الذكرى ٤ : ١٦٢ ، والسرائر ١ : ٣١٨ و ٣٢٠.

٥) قاله ابن الجنيد ، كما عنه في المختلف ٢ : ٢٦٧.

٦) قاله عليّ بن بابويه ، راجع المصدر السابق.

٧) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : وهو أي القول بالأربع مفصولة أو موصولة ضعيف المأخذ سنداً ودلالة ، فإنّه رواية أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن عليّ صلوات اللّٰه عليهم. المناهج السويّة : ٢١٧ ، وراجع الوسائل ٥ : ٩٩ ، الباب ٥ من أبواب صلاة العيد ، الحديث ٢.

٢٥٠

«ويستحبّ : الإصحار بها» مع الاختيار للاتّباع (١) «إلّابمكّة» فمسجدها أفضل.

«وأن يَطْعَمَ» بفتح حرف المضارعة فسكون الطاء ففتح العين ، مضارع «طَعِم» بكسرها كعَلِم ، أي يأكل «في» عيد «الفطر قبل خروجه» إلى الصلاة «وفي الأضحى بعد عوده من اُضحيّته» بضمّ الهمزة وتشديد الياء؛ للاتّباع (٢) والفرق لائح. وليكن الفَطرُ في الفطر على الحُلو؛ للاتّباع (٣) وما روي شاذّاً : من الإفطار فيه على التربة المشرّفة (٤) محمولٌ على العلّة جمعاً.

«ويُكرَه التنفّل قبلها» بخصوص القبليّة (٥) «وبعدَها» إلى الزوال بخصوصه للإمام والمأموم «إلّابمسجد النبيّ صلى الله عليه وآله» فإنّه يُستحبّ أن يقصده الخارج إليها ويُصلّي به ركعتين قبل خروجه؛ للاتّباع (٦) نعم ، لو صلّيت في المساجد لعذرٍ أو غيره استُحبّ صلاة التحيّة للداخل وإن كان مسبوقاً والإمام يخطب؛ لفوات الصلاة المُسقط للمتابعة.

____________________

١) اتّباعاً لرسول اللّٰه صلى الله عليه وآله ، راجع الوسائل ٥ : ١١٧ ، الباب ١٧ من أبواب صلاة العيد.

٢) اتّباعاً لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، راجع الوسائل ٥ : ١١٣ ، الباب ١٢ من أبواب صلاة العيد ، الحديث ٢ و ٣.

٣) اتّباعاً للنبيّ الكريم صلى الله عليه وآله ، راجع مستدرك الوسائل ٦ : ١٣٠ ، الباب ١٠ من أبواب صلاة العيد ، الحديث الأوّل.

٤) المصدر السابق ، الحديث ٢.

٥) نبّه بالخصوص على أنّ قبلها ربما كره بوجه آخر ، ككونه بعد الطلوع قبل ذهاب الشعاع أو بعد الارتفاع ، وكذا بعدها ، وذلك وجه آخر للكراهة غير ما ذكر هنا. (منه رحمه الله).

٦) اتّباعاً لنبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله ، راجع الوسائل ٥ : ١٠٢ ، الباب ٧ من أبواب صلاة العيد ، الحديث ١٠.

٢٥١

«ويستحبّ التكبير» في المشهور ، وقيل : يجب (١) للأمر به (٢) «في الفِطر عقيبَ أربع» صلوات «أوّلها المغرب ليلَتَه ، وفي الأضحى عقيبَ خمس عشرة» صلاةً للناسك «بمنى ، و» عقيبَ «عشرٍ بغيرها» وبها لغيره «أوّلها ظهر النحر *» وآخرها صبح آخر التشريق ، أو ثانيه. ولو فات بعضُ هذه الصلوات كبَّر مع قضائها ، ولو نسي التكبير خاصّة أتى به حيث ذكر.

«وصورته : «اللّٰه أكبر ، اللّٰه أكبر لا إله إلّااللّٰه واللّٰه أكبر ، اللّٰه أكبرُ ** على ما هدانا» ويزيد في» تكبير «الأضحى» على ذلك «اللّٰه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام» ورُوي فيهما غيرُ ذلك بزيادةٍ ونقصان (٣) وفي الدروس اختار «اللّٰه أكبر ـ ثلاثاً ـ لا إله إلّااللّٰه واللّٰه أكبر ، الحمد للّٰه‌على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا» (٤) والكلّ جائزٌ ، وذكر اللّٰه حسنٌ على كلّ حال.

«ولو اتّفق عيدٌ وجمعةٌ تخيّر القرويُّ» الذي حضرها (٥) في البلد من قريته قريبةً كانت أم بعيدةً «بعد حضور العيد في» حضور «الجمعة» فيصلّيها واجباً ، وعدمه فتسقط ويصلّي الظهر ، فيكون وجوبها عليه تخييريّاً.

والأقوى عموم التخيير لغير الإمام ، وهو الذي اختاره المصنّف في غيره (٦)

____________________

١) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ١٧١ ، وحكاه في المختلف (٢ : ٢٧٤) عن ابن الجنيد.

٢) وهو قوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا اَلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اَللّٰهَ عَلىٰ مٰا هَدٰاكُمْ) سورة البقرة : ١٨٥.

*) في (س) : الظهر يوم النحر.

**) في (ق) بدل «اللّٰه أكبر» : للّٰه‌الحمد.

٣) راجع الوسائل ٥ : ١٢١ ، الباب ٢٠ و ٢١ من أبواب صلاة العيد.

٤) الدروس ١ : ١٩٤.

٥) في (ع) : حضرهما.

٦) الدروس ١ : ١٩٤ ، الذكرى ٤ : ١٩٣ ، البيان ٢٠٣.

٢٥٢

أمّا هو فيجب عليه الحضور ، فإن تمّت الشرائط صلّاها ، وإلّا سقطت عنه. ويُستحبّ له إعلام الناس بذلك في خطبة العيد.

«ومنها» صلاة «الآيات»

جمع «آية» وهي العلامة ، سُمّيت بذلك الأسباب المذكورة؛ لأنّها علامات على أهوال الساعة وأخاويفها وزلازلها وتكوير الشمس والقمر.

«و» الآيات التي تجب لها الصلاة «هي : الكسوفان» كسوفُ الشمس وخسوفُ القمر ، ثنّاهما (١) باسم أحدهما تغليباً ، أو لإطلاق الكسوف عليهما حقيقةً ، كما يُطلق الخسوف على الشمس أيضاً ، و «اللام» للعهد الذهني ، وهو الشائع من كسوف النيّرين دون باقي الكواكب أو انكساف الشمس بها.

«والزلزلة» وهي رجفة الأرض «والريحُ السوداء أو الصفراء ، وكلُّ مخوّفٍ سماويّ» كالظلمة السوداء [أو] (٢) الصفراء المنفكّة عن الريح ، والريح العاصفة زيادةً على المعهود وإن انفكّت عن اللونين أو اتّصفت بلونٍ ثالث. وضابطه : ما أخاف معظمَ الناس. ونسبة الأخاويف إلى السماء باعتبار كون بعضها فيها ، أو أراد بالسماء مطلق العلوّ ، أو المنسوبة إلى خالق السماء ونحوه؛ لإطلاق نسبته إلى اللّٰه تعالى كثيراً.

ووجه وجوبها للجميع صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام (٣) المفيدةُ للكلّ ، وبها

____________________

١) في (ع) : سمّاهما.

٢) في المخطوطات : و.

٣) الوسائل ٥ : ١٤٤ ، الباب ٢ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ، الحديث الأوّل.

٢٥٣

يُضعَّف قول من خصّها بالكسوفين (١) أو أضاف إليهما شيئاً مخصوصاً كالمصنِّف في الألفيّة (٢).

وهذه الصلاة ركعتان في كلّ ركعة سجدتان وخمس ركوعات وقيامات وقراءات.

«وتجب فيها : النيّة والتحريمة وقراءة الحمد وسورة ، ثمّ الركوع ، ثمّ يرفع» رأسه منه إلى أن يصير قائماً مطمئنّاً ، «ويقرأهما هكذا خمساً ، ثمّ يسجد سجدتين ، ثمّ يقوم إلى الثانية ويصنع كما صنع أوّلاً» هذا هو الأفضل.

«ويجوز له» الاقتصار على «قراءة بعض السورة» ولو آيةً «لكلّ ركوعٍ ، ولا يحتاج إلى» قراءة «الفاتحة إلّافي» القيام «الأوّل» ومتى اختار التبعيض «فيجب إكمال سورةٍ في كلّ ركعةٍ مع الحمد مرّةً» بأن يقرأ في الأوّل (٣) الحمد وآية ، ثمّ يفرِّق الآيات على باقي القيامات بحيث يُكملها في آخرها.

«ولو أتمّ مع الحمد في ركعةٍ سورةً» أي قرأ في كلّ قيام منها الحمدَ وسورةً تامّة «وبعّض في» الركعة «الاُخرى» كما ذكر «جاز ، بل لو أتمّ السورةَ في‌بعض الركوعات وبعّض في آخر جاز».

والضابط : أنّه متى ركع عن سورةٍ تامّةٍ وجب في القيام عنه الحمد ويتخيَّر بين إكمال سورة معها وتبعيضها ، ومتى ركع عن بعض سورةٍ تخيّر في القيام بعده بين القراءة من موضع القطع ومن غيره من السورة متقدّماً ومتأخّراً ، ومن غيرها ،

____________________

١) وهو أبو الصلاح ، لكنّه لم ينصّ على الاختصاص ، بل لم يتعرّض لغيرهما ، راجع الكافي في الفقه : ١٥٥. انظر المناهج السوية : ٢٢٦.

٢) الألفيّة : ٧٤.

٣) في (ش) و (ف) : الاُولى.

٢٥٤

وتجب إعادة الحمد فيما عدا الأوّل ، مع احتمال عدم الوجوب في الجميع. ويجب مراعاة سورةٍ فصاعداً في الخمس.

ومتى سجد وجب إعادة الحمد سواء كان سجوده عن سورةٍ تامّةٍ أم بعضِ سورة كما لو كان قد أتمّ سورةً قبلَها في الركعة ، ثمّ له أن يبني على ما مضى أو يشرع في غيرها ، فإن بنى عليها وجب سورة غيرها كاملةً في جملة الخمس.

«ويستحبّ : القنوت عقيب كلّ زوجٍ *» من القيامات تنزيلاً لها منزلة الركعات ، فَيَقْنت قبل الركوع الثاني والرابع ، وهكذا.

«والتكبيرُ للرفع من الركوع» في الجميع ـ عدا الخامس والعاشر ـ من غير تسميع ، وهو قرينة كونها غير (١) ركعات.

«والتسميعُ» وهو قول «سمع اللّٰه لمن حمده» «في الخامس والعاشر» خاصّةً ، تنزيلاً (٢) للصلاة منزلة ركعتين. هكذا ورد النصّ بما يوجب اشتباه حالها (٣) ومن ثَمّ حصل الاشتباه لو شُكّ في عددها نظراً إلى أنّها ثنائيّة أو أزيد. والأقوى أنّها في ذلك ثنائيّة وأنّ الركوعات أفعال ، فالشكّ فيها في محلّها يوجب فعلَها ، وفي عددها يوجب البناء على الأقلّ ، وفي عدد الركعات مبطل.

____________________

*) في (ق) : مزدوج.

١) في (ف) ونسخة بدل (ر) : عشر.

٢) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : إمّا متعلّق بخاصّة أو بالتسميع أو به وبالتكبير جميعاً. والأوسط أضعف من الطرفين. المناهج السويّة : ٢٣٠.

٣) من كونها ثنائيّة أو عشاريّة. وقد وردت في روايات كثيرة أنّها «عشر ركعات وأربع سجدات» وفي روايةٍ «أنّ عليّاً عليه السلام صلّى في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات وأربع ركعات ...» راجع الوسائل ٥ : ١٤٩ ، الباب ٧ من أبواب صلاة الكسوف والآيات.

٢٥٥

«وقراءة» السُّور «الطُّوال» كالأنبياء والكهف «مع السعة» ويُعلم ذلك بالإرصاد وإخبار مَنْ يفيد قولُه الظنَّ الغالب من أهله أو العدلين ، وإلّا فالتخفيف أولى حذراً من خروج الوقت ، خصوصاً على القول بأ نّه الأخذ في الانجلاء. نعم ، لو جعلناه إلى تمامه اتّجه التطويل ، نظراً إلى المحسوس.

«والجهرُ فيها» وإن كانت نهاريّةً على الأصحّ (١).

«وكذا يجهر * في الجمعة والعيدين» استحباباً إجماعاً.

«ولو جامعت» صلاةُ الآيات «الحاضرةَ» اليوميّة «قدَّم ما شاء» منهما مع سعة وقتهما «ولو تضيّقت إحداهما» خاصّةً «قدّمها» أي المضيَّقة؛ جمعاً بين الحقّين «ولو تضيّقتا» معاً «فالحاضرة» مقدّمةٌ؛ لأنّ الوقت لها بالأصالة. ثمّ إن بقي وقت الآيات صلّاها أداءً ، وإلّا سقطت إن لم يكن فرّط في تأخير إحداهما ، وإلّا فالأقوى وجوب القضاء.

«ولا تصلّى» هذه الصلاة «على الراحلة» وإن كانت معقولة «إلّا لعذرٍ» كمرضٍ وزَمَنٍ يشقُّ معهما النزول مشقّةً لا تتحمّل عادة ، فتُصلّى على الراحلة حينئذٍ «كغيرها من الفرائض».

«وتُقضى» هذه الصلاةُ «مع الفوات وجوباً مع تعمّد الترك أو نسيانه» بعد العلم بالسبب مطلقاً «و**» مع «استيعاب الاحتراق» للقرص أجمع «مطلقاً» سواءٌ علم به أم لم يعلم حتّى خرج الوقت. أمّا لو لم يعلم به ولا استوعب الاحتراق فلا قضاء ـ وإن ثبت بعد ذلك وقوعُه بالبيّنة أو التواتر ـ في المشهور.

____________________

١) ويقابله قول العلّامة باستحباب الإسرار في كسوف الشمس ، راجع التذكرة ٣ : ١٥٤.

*) في (س) : الجهر.

**) في (ق) بدل «و» : أو.

٢٥٦

وقيل : يجب القضاءُ مطلقاً (١) وقيل : لا يجب مطلقاً وإن تعمّد ما لم يستوعب (٢) وقيل : لا يقضي الناسي ما لم يستوعب (٣).

ولو قيل بالوجوب مطلقاً في غير الكسوفين وفيهما مع الاستيعاب (٤) كان قويّاً ، عملاً بالنصّ في الكسوفين (٥) وبالعمومات في غيرهما (٦).

«ويُستحبّ الغسل» للقضاء «مع التعمّد والاستيعاب» وإن تركها جهلاً ، بل قيل بوجوبه (٧).

«وكذا يُستحبّ الغسل : للجمعة» استطرد هنا ذكر الأغسال المسنونة لمناسبةٍ ما. ووقته ما بين طلوع الفجر يومَها إلى الزوال ، وأفضله ما قَرُب إلى الآخر ، ويُقضى بعدَه إلى آخر السبت ، كما يعجّله خائفُ عدم التمكّن منه في وقته من الخميس.

«و» يومي «العيدين».

____________________

١) قال به الصدوقان (كما في المختلف ٢ : ٢٨١) وقال به المفيد في احتراق القمر (المقنعة : ٢١١) وهو ظاهر إطلاق السيّد في الانتصار : ١٧٣.

٢) قاله السيّد المرتضى في جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ٤٦ ، والشيخ في التهذيب ٣ : ١٥٧ ، ذيل الحديث ٣٣٨.

٣) قاله الشيخ في النهاية : ١٣٦ ـ ١٣٧ والمبسوط ١ : ١٧٢ ، وابن البرّاج في المهذّب ١ : ١٢٤ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١١٢.

٤) في (ش) و (ع) : الإ يعاب.

٥) الوسائل ٥ : ١٥٥ ، الباب ١٠ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ، الحديث ٧ و ١١.

٦) مثل قوله عليه السلام : «من فاتته فريضة ، فليقضها» عوالي اللآلئ ٢ : ٥٤ ، الحديث ١٤٣.

٧) قاله المفيد في المقنعة : ٢١١.

٢٥٧

«و (١) فرادى» شهر «رمضان» الخمس عشرة ، وهي العدد الفرد من أوّله إلى آخره.

«وليلةِ الفطر» أوّلها.

«وليلتي نصف رجب وشعبان» على المشهور في الأوّل ، والمروّي في الثاني (٢).

«و» يوم «المبعث» وهو السابع والعشرين من رجب ، على المشهور (٣).

«والغدير» وهو الثامن عشر من ذي الحجّة.

«و» يوم «المباهلة» وهو رابع عشري (٤) ذي الحجّة على الأصحّ ، وقيل : خامس عشريه (٥).

«و» يومِ «عرفة» وإن لم يكن بها.

«ونيروزِ الفرس» والمشهور الآن أنّه يوم نزول الشمس (٦) الحَمَلَ ، وهو الاعتدال الربيعي.

«والإحرام» للحجّ أو العمرة.

____________________

١) في (ر) زيادة : ليالي.

٢) الوسائل ٢ : ٩٥٩ ، الباب ٢٣ من أبواب الأغسال المسنونة.

٣) أي الحكم باستحباب الغسل في يوم المبعث مشهور.

٤) كذا في (ش) ومصحّحة (ف) ـ وكذا نقله في المناهج السويّة : ٢٤٠ أيضاً ـ وفي (ع) : رابع عشرين من ذي الحجّة ، وفي (ر) : رابع والعشرون من ذي الحجّة.

٥) قاله المحقّق في المعتبر ١ : ٣٥٧.

٦) في (ر) زيادة : في.

٢٥٨

«والطوافِ» واجباً كان أم ندباً.

«وزيارةِ» أحد «المعصومين» ولو اجتمعوا في مكانٍ واحدٍ تداخل كما يتداخل باجتماع أسبابه مطلقاً (١).

«و» ل‍ «السعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة» أيّامٍ من صَلْبه مع الرؤية ، سواء في ذلك مصلوب الشرع وغيره.

«والتوبة عن فسقٍ أو كفرٍ» بل عن مطلق الذنب وإن لم يوجب الفسق ، كالصغيرة النادرة. ونبّه (٢) بالتسوية على خلاف المفيد حيث خصّه بالكبائر (٣).

«وصلاة الحاجة و» صلاة «الاستخارة» لا مطلقهما ، بل في موارد مخصوصةٍ من أصنافهما ، فإنّ منهما ما يُفعل بغُسل وما يفعل بغيره ، على ما فُصّل في محلّه.

«ودخول الحرم» بمكّة مطلقاً.

«و» لدخول «مكّة والمدينة» ـ شرّفهما اللّٰه تعالى ـ مطلقاً ، وقيّد المفيدُ دخولَ المدينة بأداء فرضٍ أو نفلٍ(٤).

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : يحتمل أن يكون الإطلاق في مقابلة خصوص هذه المادّة ، وأن يكون بمعنى التسوية بين اتّفاقها واختلافها ، وأن يكون بمعنى التسوية بين اتّفاقها في الإ يجاب والندب واختلافها فيهما. المناهج السويّة : ٢٤٢.

٢) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : الظاهر أنّ «نبّه» على صيغة المعلوم والضمير عائد إلى المصنّف ، وحينئذٍ ففي التنبيه نظر ظاهر ... وغاية ما يمكن في توجيهه أن يُقرأ «نبّه» على صيغة المجهول ويكون المنبِّه نفسه حيث عمّم الذنب ، ويكون هو المراد بالتسوية أي التسوية بين أفراد الذنب. المناهج السويّة : ٢٤٨.

٣) و (٤) المقنعة : ٥١.

٢٥٩

«و» دخول «المسجدين» الحرمين. وكذا لدخول الكعبة ـ أعزّها اللّٰه تعالى ـ وإن كانت جزءاً من المسجد إلّاأ نّه يُستحبّ لخصوص دخولها. وتظهر الفائدة فيما لو لم ينو دخولها عند الغسل السابق ، فإنّه لا يدخل فيه ، كما لا يدخل غسل المسجد في غسل دخول مكّة إلّابنيّته عنده ، وهكذا ... ولو جمع المقاصد تداخلت.

«ومنها» : الصلاة «المنذورة وشبهها»

من المُعاهَد والمحلوف عليه.

«وهي تابعةٌ للنذر المشروع» وشبهه ، فمتى نذر هيئةً مشروعةً في وقت إ يقاعها أو عدداً مشروعاً انعقدت.

واحترز ب‍ «المشروع» عمّا لو نذرها عند ترك واجبٍ أو فعلِ محرَّمٍ شكراً ، أو عكسه زجراً ، أو ركعتين بركوعٍ واحد أو سجدتين ، ونحو ذلك. ومنه نذر صلاة العيد في غيره ، ونحوها (١).

وضابط المشروع : ما كان فعله جائزاً قبل النذر في ذلك الوقت ، فلو نذر ركعتين جالساً أو ماشياً ، أو بغير سورة ، أو إلى غير القبلة ماشياً أو راكباً ونحو ذلك انعقد. ولو أطلق فشرطُها شرط الواجبة في أجود القولين (٢).

____________________

١) كصلاة الكسوف أو الاستسقاء في غير وقتهما.

٢) اختاره العلّامة في القواعد ١ : ٢٩٣. ويقابله القول بكون شرطها شرط المندوبة ، ولم نعثر على قائله.

٢٦٠