الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

وغيره (١).

وفي بعض الأخبار تقديم الأوّل مع التسليم المستحبّ والخروج بالثاني (٢) وعليه المصنّف في الذكرى والبيان (٣).

وأمّا جعل الثاني مستحبّاً كيف كان ـ كما اختاره المصنّف هنا ـ فليس عليه دليلٌ واضح ، وقد اختلف فيه كلام المصنّف :

فاختاره هنا وهو من (٤) آخر ما صنّفه ، وفي الرسالة الألفيّة وهي من أوّله (٥).

وفي البيان أنكره غاية الإنكار ، فقال ـ بعد البحث عن الصيغة الاُولى ـ : وأوجبها بعض المتأخّرين وخيّر بينها وبين «السلام عليكم» وجَعَل الثانية منهما مستحبّة ، وارتكب جواز «السلام علينا وعلى عباد اللّٰه الصالحين» بعد «السلام عليكم» ولم يُذكر ذلك في خبرٍ ولا مصنّفٍ ، بل القائلون بوجوب التسليم واستحبابه يجعلونها مقدّمة عليه (٦).

وفي الذكرى نقل وجوب الصيغتين تخييراً عن بعض المتأخّرين ، وقال : إنّه قويٌّ متين إلّاأ نّه لا قائل به من القدماء ، وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقّاً! ثمّ قال : إنّ الاحتياط للدين الإتيان بالصيغتين جميعاً بادئاً ب‍ «السلام علينا» لا بالعكس ، فإنّه لم يأت به خبرٌ منقول ولا مصنّفٌ مشهور سوى ما في بعض كتب

____________________

١) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٢٣٥.

٢) الوسائل ٤ : ٩٩٠ ، الباب ٣ من أبواب التشهّد ، ذيل الحديث ٢.

٣) سيأتي تخريجهما.

٤) لم ترد «من» في (ش).

٥) سيأتي تخريجه.

٦) البيان : ١٧٧.

٢٢١

المحقّق. ويعتقد ندبَ «السلام علينا» ووجوبَ الصيغة الاُخرى (١).

وما جعله احتياطاً قد أبطله في الرسالة الألفيّة ، فقال فيها : إنّ من الواجب جعل المُخرِج ما يقدّمه من إحدى العبارتين ، فلو جعله الثانية لم يجزئ (٢).

وبعد ذلك كلّه ، فالأقوى الاجتزاء في الخروج بكلّ واحدة منهما. والمشهور في الأخبار تقديم «السلام علينا ... الخ» مع التسليم المستحبّ ، إلّاأ نّه ليس احتياطاً كما ذكره في الذكرى؛ لما قد عرفت من حكمه بخلافه ، فضلاً عن غيره.

«ويُستحبّ فيه التورّك» كما مرّ.

«وإ يماء المنفرد» بالتسليم «إلى القبلة ، ثمّ» يومئ «بمؤخّر عينيه عن يمينه».

أمّا الأوّل : فلم نقف على مستنده ، وإنّما النصّ (٣) والفتوى على كونه إلى القبلة بغير إيماءٍ ، وفي الذكرى ادّعى الإجماع على نفي الإ يماء إلى القبلة بالصيغتين (٤) وقد أثبته هنا وفي الرسالة النفليّة (٥).

وأمّا الثاني : فذكره الشيخ (٦) وتبعه عليه الجماعة (٧) واستدلّوا عليه

____________________

١) الذكرى ٣ : ٤٣٢ ـ ٤٣٣.

٢) الألفية : ٦٢.

٣) الوسائل ٤ : ١٠٠٧ ، الباب ٢ من أبواب التسليم ، الحديث ٣.

٤) الذكرى ٣ : ٤٣٦.

٥) النفليّة : ١٢٤.

٦) النهاية : ٧٢ ـ ٧٣.

٧) في (ر) : جماعة. منهم المحقّق في الشرائع ١ : ٨٩ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٢٧٩ ، وابن فهد في الموجز (الرسائل العشر) : ٨٣.

٢٢٢

بما لا يفيده (١).

«والإمامُ» يومئ «بصفحة وجهه يميناً» بمعنى أنّه يبتدئ به إلى القبلة ثمّ يشير بباقيه إلى اليمين بوجهه.

«والمأموم كذلك» أي يومئ إلى يمينه بصفحة وجهه كالإمام مقتصراً على تسليمةٍ واحدةٍ إن لم يكن على يساره أحدٌ «وإن كان على يساره أحدٌ سلّم اُخرى» بصيغة «السلام عليكم» «مومئاً» بوجهه «إلى يساره» أيضاً. وجعل ابنا بابويه الحائط كافياً في استحباب التسليمتين للمأموم (٢) والكلام فيه وفي الإ يماء بالصفحة كالإ يماء بمؤخّرِ العين من عدم الدلالة عليه ظاهراً ، لكنّه مشهورٌ بين الأصحاب لا رادّ له.

«وليقصد المصلّي» بصيغة الخطاب في تسليمه «الأنبياءَ والملائكةَ والأئمّةَ والمسلمين من الإنس والجنّ» بأن يُحضرهم بباله ويخاطبهم به ، وإلّا كان تسليمه بصيغة الخطاب لغواً وإن كان مُخرِجاً عن العهدة.

«و» يقصد «المأموم» به مع ما ذكر «الردّ على الإمام» لأنّه داخلٌ فيمن حيّاه ، بل يُستحبّ للإمام قصد المأمومين به على الخصوص مضافاً إلى غيرهم. ولو كانت وظيفة المأموم التسليم مرّتين فليقصد بالاُولى الردّ على الإمام وبالثانية مقصده.

____________________

١) وهو رواية البزنطي ، راجع روض الجنان ٢ : ٧٤٥ ، والوسائل ٤ : ١٠٠٩ ، الباب ٢ من أبواب التسليم ، الحديث ١٢.

٢) راجع الفقيه ١ : ٣٢٠ ، ذيل الحديث ٩٤٤ ، والمقنع : ٩٦ ، ونقله عنهما في الذكرى ٣ : ٤٣٤.

٢٢٣

«ويُستحبّ السلام المشهور» قبلَ الواجب ، وهو : السلام عليك أيّها النبيّ ورَحمة اللّٰه وبركاته ، السلام على أنبياء اللّٰه ورسله ، السلام على جبرئيلَ وميكائيلَ والملائكة المقرّبين ، السلام على محمّد بن عبد اللّٰه خاتم النبيّين لا نبيَّ بعدَه (١).

____________________

١) راجع الوسائل ٤ : ٩٩٠ ، الباب ٣ من أبواب التشهّد ، ذيل الحديث ٢.

٢٢٤

«الفصل الرابع»

«في باقي مستحبّاتها»

قد ذكر في تضاعيفها (١) وقبلها جملةً منها ، وبقي جملةٌ اُخرى «وهي» :

«ترتيل التكبير» بتبيين حروفه وإظهارها شافياً.

«ورفعُ اليدين به» إلى حِذاء شَحمتي اُذُنيه «كما مرّ» في تكبير الركوع ، ولقد كان بيانه في تكبير الإحرام أولى منه فيه؛ لأنّه أوّلها ، والقول بوجوبه فيه (٢) زيادة «مستقبلَ القبلة ببطون اليدين» حالةَ الرفع «مجموعةَ الأصابع مبسوطةَ الإ بهامين» على أشهر القولين ، وقيل : يضمّهما إليها (٣)

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : يحتمل أن يكون المراد بالتضاعيف ما هو بحسب كلام المصنّف فيكون كلّ ما في الفصل الثالث داخلاً فيها ، حتى الأذان والإقامة وإن ذُكرا في أوّله ويكون ما قبلها منصرفاً إلى ما قبل ذلك الفصل لاستحباب الصلاة أوّل الوقت إلّافيما استُثني. ويحتمل أن يكون المراد به ما هو في الحقيقة كذلك ، فلا يدخل فيها إلّاما ذكر بعد قوله : «ثم يجب القيام» فيكون الأذان والإقامة ممّا قبلها ، المناهج السويّة : ١٣٥.

٢) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : يحتمل أن يكون مرجع ضمير «فيه» القول ، ويكون جملة «فيه زيادة» خبراً عنه ... ويحتمل أن يكون مرجعه التكبير والظرف متعلّقاً بالوجوب وخبر المبتدأ «زيادة» وحده ، بمعنى زايد متجاوز عن الحدّ ... المناهج السويّة : ١٣٥.

٣) قاله الشيخ والفاضلان ، راجع المبسوط ١ : ١٠٣ ، والمعتبر ٢ : ١٥٦ ، ونهاية الإحكام ١ : ٤٥٧.

٢٢٥

مبتدئاً به عند ابتداء الرفع وبالوضع عند انتهائه على أصحّ الأقوال (١).

«والتوجّهُ بستّ تكبيراتٍ» أوّل الصلاة قبل تكبيرة الإحرام ـ وهو الأفضل ـ أو بعدها أو بالتفريق في كلّ صلاةٍ فرضٍ أو (٢) نفلٍ على الأقوى ، سرّاً مطلقاً «يُكبِّر ثلاثاً» منها «ويدعو» بقوله : «اللّهمّ أنت الملك الحقّ لا إله إلّا أنت ...» (٣) «واثنتين ويدعو» بقوله : «لبّيك وسعديك ...» (٤) «وواحدةً ويدعو» بقوله : «يا محسنُ قد أتاك المسيءُ ...» (٥) ورُوي أنّه يجعل هذا الدعاء قبل التكبيرات (٦) ، فلا (٧) يدعو بعد السادسة ، وعليه المصنّف في الذكرى (٨) ـ مع نقله ما هنا ـ والدروس والنفليّة (٩) وفي البيان كما هنا (١٠) والكلّ حسنٌ. ورُوي جعلُها ولاءً من غير دعاءٍ بينها (١١) والاقتصار على خمس (١٢) وثلاث (١٣).

____________________

١) وهنا قولان آخران : الأوّل أن يكون كماله بعد قرار اليدين مرفوعتين ، والآخر أن يبتدئ به عند الابتداء بالإرسال ، المناهج السويّة : ١٣٥.

٢) في (ش) و (ر) : و.

٣) الوسائل ٤ : ٧٢٣ ، الباب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام ، الحديث الأوّل.

٤) الوسائل ٤ : ٧٢٣ ، الباب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام ، الحديث الأوّل.

٥) المستدرك ٤ : ١٤٣ ، الباب ٦ من أبواب تكبيرة الإحرام ، الحديث ٦.

٦) رواه السيّد ابن طاووس قدس سره في فلاح السائل : ١٥٥.

٧) في (ش) و (ر) : ولا.

٨) لعلّه استفاد ذلك من قوله : «وقد ورد الدعاء عقيب السادسة بقوله : يا محسن ...» ، راجع الذكرى ٣ : ٢٦٢.

٩) الدروس ١ : ١٦٧ ، النفليّة : ١١١.

١٠) البيان : ١٥٦.

١١) الوسائل ٤ : ٧٢١ ، الباب ٧ من أبواب تكبيرة الإحرام ، الحديث ٢.

١٢) المصدر السابق : الحديث ٣ و ٩.

١٣) المصدر السابق : الحديث ٣ و ٩.

٢٢٦

«ويتوجّه» أي : يدعو بدعاء التوجّه ، وهو : «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَاَلْأَرْضَ ... الخ» (١) «بعد التحريمة» حيث ما فعلها.

«وتربُّعُ المصلّي قاعداً» لعجزٍ أو لكونها نافلة ، بأن يجلس على ألييه وينصب ساقيه وركبتيه (٢) كما تجلس المرأة متشهّدةً «حال قراءته».

«وثَنْيُ رجليه حال ركوعه» جالساً بأن يَمُدَّهما ويُخرجَهما من ورائه ، رافعاً الييه عن عقبيه ، مُجافياً فخذيه عن طَيّة رُكبتيه ، منحنياًقدر ما يُحاذي وجهه ما قدّام رُكبتيه.

«وتورُّكُه حالَ تشهّده» بأن يجلس على وَرِكه الأيسر كما تقدّم ، فإنّه مشترك بين المصلّي قائماً وجالساً.

«والنظر قائماً إلى مسجده» بغير تحديق (٣) بل خاشعاً به «وراكعاً إلى ما بين رجليه ، وساجداً إلى» طرف «أنفه ، ومتشهّداً إلى حِجْره» كلُّ ذلك مرويّ (٤) إلّاالأخير (٥) فذكره الأصحاب (٦) ولم نقف على مستنده. نعم ، هو مانع مند

____________________

١) راجع الوسائل ٤ : ٧٢٣ ، الباب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام.

٢) في (ف) و (ر) : وَرِكيه.

٣) التحديق : شدّة النظر.

٤) راجع الوسائل ٤ : ٦٧٥ ، الباب الأوّل من أبواب أفعال الصلاة ، الحديث ٣ ، والصفحة ٧٠٣ ، الباب ١١ من أبواب القيام ، الحديث ٤ ، وفقه الرضا عليه السلام : ١٠٦.

٥) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : بل الأخيران كما في سائر كتبه وكتب غيره من الأصحاب ، فإنّهم اعترفوا بأ نّه لا نصّ فيهما ، ونحن لم نعثر عليه في شيءٍ منهما. المناهج السويّة : ١٣٨. نقول : كلّ ذلك منصوص في فقه الرضا عليه السلام.

٦) مثل المحقّق في الشرائع ١ : ٩٠ بلفظ «وفي التشهّد على فخذيه» ، والعلّامة في نهاية الإحكام ١ : ٥٠٢ بلفظ «وفي جلوسه إلى حجره».

٢٢٧

النظر إلى ما يشغل القلبَ ، ففيه مناسبةٌ كغيره.

«ووضعُ اليدين قائماً على فخذيه بحذاء رُكبتيه ، مضمومة الأصابع» ومنها الإ بهام «وراكعاً على عيني ركبتيه ، الأصابع والإ بهام مبسوطة» هنا «جُمَع» تأكيدٌ لبسط الإ بهام والأصابع ، وهي مؤنّثة سماعيّة ، فلذلك أكّدها بما يؤكّد به جمع المؤنّث. وذكر «الإ بهام» لدفع الإ بهام (١) وهو تخصيصٌ بعد التعميم؛ لأنّها إحدى الأصابع «وساجداً بحذاء اُذُنيه ، ومتشهّداً وجالساً» لغيره «على فخذيه كهيئة القيام» في كونها مضمومة الأصابع بحذاء الركبتين.

«ويستحبّ القنوت» استحباباً مؤكّداً ، بل قيل بوجوبه (٢) «عقيبَ قراءة الثانية» في اليوميّة مطلقاً وفي غيرها ، عدا الجمعة ففيها قنوتان : أحدهما في الاُولى قبلَ الركوع والآخر في الثانية بعده ، والوتر ففيها قنوتان : قبلَ الركوع وبعدَه. وقيل : يجوز فعل القنوت مطلقاً قبلَ الركوع وبعده (٣) وهو حسنٌ؛ للخبر (٤) وحملُهُ على التقيّة ضعيفٌ؛ لأنّ العامّة لا يقولون بالتخيير.

وليكن القنوت «بالمرسوم» على الأفضل ، ويجوز بغيره «وأفضله كلمات الفرج» (٥) وبعدها «اللّهمّ اغفر لنا وارحمنا وعافِنا واعفُ عنّا في الدنيا والآخرة إنّك على كلّ شيءٍ قدير» (٦) «وأقلّه سبحان اللّٰه ثلاثاً أو خمساً».

____________________

١) في (ر) : لرفع الإ بهام.

٢) قاله الصدوق في المقنع : ١١٥ ، والهداية : ١٢٧.

٣) يظهر ذلك من كلام المحقّق قدس سره حيث قال : ومحلّه الأفضل قبل الركوع ، المعتبر ٢ : ٢٤٢.

٤) الوسائل ٤ : ٩٠٠ ، الباب ٣ من أبواب القنوت ، الحديث ٤.

٥) الوسائل ٤ : ٩٠٧ ، الباب ٧ من أبواب القنوت ، الحديث ٤.

٦) نفس المصدر : الحديث ٣.

٢٢٨

ويستحبّ رفعُ اليدين به موازياً لوجهه ، بطونهما إلى السماء مضمومتي الأصابع إلّاالإ بهامين ، والجهرُ به للإمام والمنفرد ، والسرُّ للمأموم.

ويفعله الناسي قبلَ الركوع بعدَه وإن قلنا بتعيّنه قبله اختياراً ، فإن لم يذكره حتّى تجاوز قضاه بعد الصلاة جالساً ، ثمّ في الطريق مستقبلاً. ويتابع المأمومُ إمامَه فيه وإن كان مسبوقاً.

«وليدعُ فيه وفي أحوال الصلاة لدينه ودُنياه من المباح» والمراد به هنا مطلق الجائز ، وهو غير الحرام «وتبطل» الصلاة «لو سأل المحرَّم» مع علمه بتحريمه وإن جهل الحكم الوضعي وهو البطلان. أمّا جاهلُ تحريمه ففي عذره وجهان ، أجودهما العدم ، صرّح به في الذكرى (١) وهو ظاهر الإطلاق هنا.

«والتعقيبُ» وهو الاشتغال عقيبَ الصلاة بدعاءٍ أو ذكر ، وهو غير منحصر لكثرة ما ورد منه عن أهل البيت عليهم السلام.

«وأفضله التكبير ثلاثاً رافعاً» بها يديه إلى حذاء اُذنيه ، واضعاً لهما على ركبتيه أو قريباً منهما مستقبلاً بباطنهما القبلة.

«ثمّ التهليل بالمرسوم» وهو : «لا إله إلّااللّٰه إلهاً واحداً ونحن له مسلمون ... الخ» (٢).

«ثمّ تسبيح الزهراء عليها السلام» وتعقيبها ب‍ «ثمّ» من حيث الرتبة لا الفضيلة ، وإلّا فهي أفضله مطلقاً ، بل روي أنّها (٣) أفضل من ألف ركعة (٤)

____________________

١) الذكرى ٤ : ١٥.

٢) راجع الوسائل ٤ : ١٠٣٠ ، الباب ١٤ من أبواب التعقيب ، الحديث ٢ ، والمستدرك ٦ : ٢٧٢ ، الباب ٢ من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ، الحديث الأوّل.

٣) في (ع) : أنّه.

٤) الوسائل ٤ : ١٠٢٤ ، الباب ٩ من أبواب التعقيب ، الحديث ٢.

٢٢٩

لا تسبيحَ عَقِبَها (١) ، وكيفيّتها أن «يكبّر أربعاً وثلاثين» مرّة «ويحمّد ثلاثاً وثلاثين ، ويسبّح ثلاثاً وثلاثين» (٢).

«ثمّ الدعاء» بعدَها بالمنقول (٣) ثمّ «بما سَنَح».

«ثمّ سجدتا الشكر ، ويعفِّر بينهما» جبينيه وخدّيه الأيمن منهما ثمّ الأيسر ، مفترشاً ذراعيه وصدره وبطنه ، واضعاً جبهته مكانها حالَ الصلاة ، قائلاً فيهما : «الحمد للّٰه‌شكراً شكراً» مئة مرّة ، وفي كلّ عاشرة «شكراً للمجيب» (٤) ودونَه «شكراً» مئة (٥) وأقلّه «شكراً» ثلاثاً (٦) «ويدعو» فيهما وبعدهما «بالمرسوم» (٧).

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني : هذه زيادة من الشارح لدفع إيهام العموم ، أفضليّته من ألف ركعة معقَّبة بالتسبيح ... المناهج السويّة : ١٤٥.

٢) الوسائل ٤ : ١٠٢٤ ، الباب ١٠ من أبواب التعقيب ، الحديث الأوّل.

٣) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : لتعقيب الصلاة ، لا بخصوصيّة البعديّة للتسبيح. المناهج السويّة : ١٤٥.

٤) الوسائل ٤ : ١٠٧٩ ، الباب ٦ من أبواب سجدتي الشكر ، الحديث ٤.

٥) نفس المصدر ، الحديث ٢.

٦) الوسائل ٤ : ١٠٧٠ ، الباب الأوّل من أبواب سجدتي الشكر ، الحديث ٢.

٧) راجع الوسائل ٤ : ١٠٧٧ ، الباب ٥ و ٦ من أبواب سجدتي الشكر.

٢٣٠

«الفصل الخامس»

«في التروك»

يمكن أن يريد بها ما يجب تركه ، فيكون «الالتفات» (١) إلى آخر الفصل مذكوراً بالتبع ، وأن يريد بها ما يُطلب تركه أعمّ من كون الطلب مانعاً من النقيض.

«وهي : ما سلف» في الشرط السادس (٢).

«والتأمين» في جميع أحوال الصلاة وإن كان عقيب الحمد أو دعاءً «إلّالتقيّةٍ» فيجوز حينئذٍ ، بل قد يجب «وتبطل الصلاة» بفعله لغيرها؛ للنهي عنه (٣) في الأخبار (٤) المقتضي للفساد في العبادة. ولا تبطل بقوله : «اللّهمّ

____________________

١) إشارة إلى ما يأتي من قول المصنّف قدس سره : ويكره الالتفات ...

٢) من الفصل الثاني في الصفحة ١٨٤.

٣) هذا النهي يرجع إلى الأفعال الخارجة عن الصلاة ، فيبطل منها ما تضمّن حرفين فصاعداً كما سلف ، وهو المشهور في ضابط الخارج القولي. أمّا الفعلي فالمعتبر في المفسد منه الكثرة ، ومن ثَمّ اختُلف في الإبطال بالتكفير ، من حيث إنّه من الأفعال ولا يوصف بالكثرة. هذا هو المراد من قوله : «المقتضى للفساد في العبادة» لا النهي المتعارف المتعلّق بنفس العبادة ، فإنّه وإن دلّ على الفساد ، إلّاأنّ هذا ليس منه. وإلى هذا المعنى أشار بقوله فيما يأتي : «والإبطال في الفعل لاشتماله على الكلام المنهيّ عنه». (منه رحمه الله).

٤) راجع الوسائل ٤ : ٧٥٢ ، الباب ١٧ من أبواب القراءة في الصلاة.

٢٣١

استجب» وإن كان بمعناه ، وبالغ من أبطل به (١) كما ضعف قولُ من كرّه التأمين (٢) بناءً على أنّه دعاءٌ باستجابة ما يدعو به وأنّ الفاتحة تشتمل على الدعاء ، لا لأنّ قصد الدعاء بها يوجب استعمال المشترك في معنييه على تقدير قصد الدعاء بالقرآن ، وعدم فائدة التأمين مع انتفاء الأوّل ، وانتفاء القرآن مع انتفاء الثاني (٣) لأنّ قصد الدعاء بالمنزَّل منه قرآناً لا ينافيه ، ولا يوجب الاشتراك؛ لاتّحاد المعنى ، ولاشتماله على طلب الاستجابة لما يدعو به أعمَّ من الحاضر ، وإنّما الوجه النهي.

ولا تبطل بتركه في موضع التقيّة؛ لأنّه خارجٌ عنها. والإ بطال في الفعل مع كونه كذلك؛ لاشتماله على الكلام المنهيّ عنه.

«وكذا تركُ الواجب عمداً» ركناً كان أم غيره. وفي إطلاق الترك على ترك الترك (٤) ـ الذي هو فعل الضدّ وهو الواجب ـ نوعٌ من التجوّز.

____________________

١) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ١٨٥ ، والعلّامة في نهاية الإحكام ١ : ٤٦٦.

٢) قال الفاضل الآبي قدس سره : القول بالتحريم مذهب الثلاثة وأتباعهم ، وما أعرف فيه مخالفاً إلّاما حكى شيخنا ـ دام ظلّه ـ في الدرس عن أبي الصلاح الكراهية ، وما وجدته في مصنَّفه. كشف الرموز ١ : ١٥٦.

٣) الأوّل هو قصد الدعاء ، والثاني قصد القرآن ، فإذا لم يقصد الدعاء انتفت فائدة التأمين ، وإذا لم يقصد القرآن بل محض الدعاء انتفى القرآن ، فبطلت الصلاة. هذا خلاصة تقرير علّة البطلان بالتأمين على ما ادّعاه الشيخ رحمه الله في التبيان [١ : ٤٦] وهي ضعيفة ، لما أشار إليه بقوله : «لأنّ قصد الدعاء ... إلخ». (منه رحمه الله).

٤) لمّا فسّر التروك بما يجب تركه وأدرج هنا فيها ترك الواجب ، كان ترك الواجب ممّا يجب تركه ، ولمّا كان الترك أمراً عدميّاً كان تركه وجوديّاً ، وهو إيجاد ضدّه ، وهو فعل الواجب ، على نحو ما قيل : إنّ التكليف بترك الفعل يراد به فعل الضدّ هرباً من تعلّق التكليف بالمعدوم. (منه رحمه الله).

٢٣٢

«أو» ترك «أحد الأركان الخمسة ولو سهواً ، وهي : النيّة والقيام والتحريمة والركوع والسجدتان معاً» أمّا إحداهما فليست ركناً على المشهور ، مع أنّ الركن بهما يكون مركّباً ، وهو يستدعي فواته بفواتها (١).

واعتذار المصنّف عنه في الذكرى : بأنّ الركن مسمّى السجود ولا يتحقّق الإخلال به إلّابتركهما معاً (٢) خروجٌ عن المتنازع؛ لموافقته على كونهما معاً هو الركن ، وهو يستلزم الفوات بإحداهما ، فكيف يدّعي أنّه مسمّاه؟ ومع ذلك يستلزم بطلانها بزيادة واحدة لتحقّق المسمّى ، ولا قائل به. وبأنّ انتفاء الماهيّة هنا غير مؤثّرٍ مطلقاً وإلّا لكان الإخلال بعضوٍ من أعضاء السجود مبطلاً بل المؤثّر انتفاؤها رأساً (٣) فيه ما مرّ (٤) والفرق بين الأعضاء غير الجبهة وبينها : بأ نّها واجبات خارجة عن حقيقته ـ كالذكر والطمأنينة ـ دونها.

ولم يذكر المصنّف حكم زيادة الركن مع كون المشهور أنّ زيادته على حدّ نقيصته؛ تنبيهاً على فساد الكلّية في طرف الزيادة ، لتخلّفه في مواضع كثيرة لا تبطل بزيادته سهواً ، كالنيّةِ فإنّ زيادتها موكِّدةٌ لنيابة الاستدامة الحكميّة عنها تخفيفاً ، فإذا حصلت كان أولى ، وهي مع التكبير فيما لو تبيّن للمحتاط الحاجةُ إليه أو سلّم على نقصٍ وشرع في اُخرى قبل فعل المنافي مطلقاً (٥) والقيام إن جعلناه

____________________

١) في نسخة بدل (ر) : بفوات إحداهما.

٢) و (٣) الذكرى ٣ : ٣٨٧.

٤) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : من أنّه إذا اعترف بكون الركن هو المهيّة المركّبة ولا شك أنّها ينتفي بانتفاء جزئها ، فيلزم انتفاء الركن ، فكيف لا يكون مؤثّراً؟ المناهج السويّة : ١٥٢.

٥) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : قيد للمنافي ، أي سواء كان المنافي منافياً للصلاة عمداً وسهواً معاً كالحدث ، أو لم يكن منافياً إلّاعمداً كالكلام. المناهج السوية : ١٥٤.

٢٣٣

مطلقاً ركناً كما أطلقه ، والركوعِ فيما لو سبق به المأمومُ إمامَه سهواً ثمّ عاد إلى المتابعة ، والسجود فيما لو زاد واحدةً إن جعلنا الركن مسمّاه ، وزيادة جملة الأركان غير النيّة والتحريمة فيما إذا زاد ركعةً آخر الصلاة وقد جلس بقدر واجب التشهّد أو أتمّ المسافر ناسياً إلى أن خرج الوقت.

واعلم أنّ الحكم بركنيّة النيّة هو أحد الأقوال فيها (١) ، وإن كان التحقيق يقتضي كونها بالشرط أشبه.

وأمّا القيام : فهو ركنٌ في الجملة إجماعاً على ما نقله العلّامة (٢) ولولاه لأمكن القدح في ركنيّته؛ لأنّ زيادته ونقصانه لا يُبطلان إلّامع اقترانه بالركوع ، ومعه يُستغنى عن القيام؛ لأنّ الركوع كافٍ في البطلان. وحينئذٍ فالركن منه إمّا ما اتّصل بالركوع ويكون إسناد الإ بطال إليه بسبب كونه أحدَ المعرّفين له ، أو يُجعل ركناً كيف اتّفق ، وفي موضعٍ لا تبطل بزيادته ونقصانه يكون مستثنىً كغيره. وعلى الأوّل ليس مجموع القيام المتّصل بالركوع ركناً ، بل الأمر الكلّي منه؛ ومن ثَمّ لو نسي القراءة أو أبعاضَها لم تبطل الصلاة. أو يُجعل الركن منه ما اشتمل على ركنٍ كالتحريمة ، ويُجعل من قبيل المعرِّفات السابقة (٣).

وأمّا التحريمة : فهي التكبير المنوّي به الدخول في الصلاة ، فمرجع ركنيّتها

____________________

١) قال الفاضل قدس سره : والمشهور في ذلك ثلاثة أقوال : الركنيّة ، والشرطيّة ، وكونها متردّدة بينهما مع كونه بالشرط أشبه ، المناهج السويّة : ١٦٢. القول الأوّل للشيخ في المبسوط ١ : ١٠٠ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ٧٨ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٢٦٩. والثاني للمحقّق في المعتبر ٢ : ١٤٩. والثالث للمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٢١٧.

٢) المنتهى ٥ : ٨ ، نسبه إلى كلّ علماء الإسلام.

٣) أي : السابقة في الوجه الأوّل بقوله : «أحد المعرّفين له».

٢٣٤

إلى القصد؛ لأنّها ذكر لا تُبطل بمجرّده.

وأمّا الركوع : فلا إشكال في ركنيّته ، ويتحقّق بالانحناء إلى حدّه ، وما زاد عليه ـ من الطمأنينة والذكر والرفع منه ـ واجباتٌ زائدةٌ عليه ، ويتفرّع عليه بطلانها بزيادته كذلك وإن لم يصحبه غيره. وفيه بحث (١).

وأمّا السجود : ففي تحقّق (٢) ركنيّته ما قد عرفته.

«وكذا الحدث» المبطل للطهارة من جملة التروك التي يجب اجتنابها. ولا فرق في بطلان الصلاة به بين وقوعه عمداً وسهواً على أشهر القولين (٣).

«ويحرم قطعُها» أي قطع الصلاة الواجبة «اختياراً» للنهي عن إبطال العمل (٤) المقتضي له إلّاما أخرجه الدليل. واحترز ب‍ «الاختيار» عن قطعها لضرورةٍ ، كقبض غريم ، وحِفظ نفس محترمة من تلفٍ أو ضررٍ ، وقتل حيّة يخافها على نفس محترمة ، وإحراز مال يخاف ضياعَه ، أو لحدثٍ يخاف ضررَ إمساكه ولو بسريان النجاسة إلى ثوبه أو بدنه ، فيجوز القطع في جميع ذلك.

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : فإنّ جماعة من الأصحاب ـ منهم الكليني والشيخ وعلم الهدى والمصنّف في الذكرى والدروس وأبو الصلاح وابن إدريس ـ ذهبوا إلى أنّ من شكّ في الركوع وهو في محلّه فركع ثم ذكر وهو في الركوع أنّه قد فعله أرسل نفسه إلى السجود ولا يرفع رأسه ، فلا يبطل صلاته ... المناهج السويّة : ١٦٧.

٢) في (ش) و (ر) : تحقيق.

٣) ذهب إليه المحقّق في الشرائع ١ : ٩١ ، والعلّامة في التذكرة ٢ : ٢٢٢ ، والقواعد ١ : ٢٨٠ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٣٤٠. والقول الآخر للشيخين وغيرهما : إنّ المتيمّم إذا أحدث في الصلاة ناسياً ثمّ وجد الماء تطهّر وبنى على ما مضى من الصلاة ، راجع المقنعة : ٦١ ، والنهاية : ٤٨.

٤) كما في قوله تعالى : (وَلاٰ تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ ...) سورة محمّد : ٣٣.

٢٣٥

وقد يجب لكثيرٍ من هذه الأسباب ، ويُباح لبعضها ، كحفظ المال اليسير الذي لا يضرّ فوتُه وقتلِ الحيّة التي لا يخاف أذاها. ويُكره لإحراز يسير المال الذي لا يبالى بفواته. وقد يُستحبّ لاستدراك الأذان المنسيّ وقراءة الجمعتين (١) في ظهريها ونحوهما ، فهو ينقسم بانقسام الأحكام الخمسة.

«ويجوز قتلُ الحيّة» والعقرب في أثناء الصلاة من غير إبطالٍ إذا لم يستلزم فعلاً كثيراً؛ للإذن فيه نصّاً (٢) «وعدُّ الركعات بالحصى» وشبهها خصوصاً لكثير السهو «والتبسّم» وهو : ما لا صوت فيه من الضحك ، على كراهيّة.

«ويُكره : الالتفات يميناً وشمالاً» بالبصر أو الوجه ، ففي الخبر : «إنّه لا صلاة لملتفتٍ» (٣) وحُمل على نفي الكمال جمعاً ، وفي خبرٍ آخر عنه صلى الله عليه وآله : «أما يخاف الذي يحوّل وجهه في الصلاة أن يحوّل اللّٰه وجهه وجه حمار» (٤) والمراد تحويل وجه قلبه كوجه قلب الحمار : في عدم اطّلاعه على الاُمور العلْويّة وعدم إكرامه بالكمالات العَليّة.

«والتثاؤب» بالهمز ، يقال : تثاءَبتُ ، ولا يقال : تثاوَبْتُ قاله الجوهري (٥).

«والتمطّي» وهو : مدّ اليدين ، فعن الصادق عليه السلام : أنّهما من الشيطان (٦).

«والعبثُ» بشيءٍ من أعضائه؛ لمنافاته الخشوعَ المأمورَ به ، وقد رأى

____________________

١) أي سورة الجمعة والمنافقين.

٢) راجع الوسائل ٤ : ١٢٦٩ ، الباب ١٩ من أبواب قواطع الصلاة.

٣) كنز العمّال ٧ : ٥٠٥ ، الحديث ١٩٩٨٧.

٤) بحار الأنوار ٨٤ : ٢٥٩ ، الحديث ٥٨.

٥) الصحاح ١ : ٩٢ (ثأب).

٦) الوسائل ٤ : ١٢٥٩ ، الباب ١١ من أبواب قواطع الصلاة.

٢٣٦

النبيّ صلى الله عليه وآله رجلاً يعبث في الصلاة ، فقال : «لو خشع قلبُ هذا لخشعت جوارحُه» (١).

«والتنخّمُ» ومثلُه البصاق ، وخصوصاً إلى القبلةِ واليمين وبين يديه.

«والفَرْقَعة» بالأصابع.

«والتأوّه بحرفٍ» واحد ، وأصله قوله : «أوَّهْ» عند الشكاية والتوجّع ، والمراد هنا النطق به على وجهٍ لا يظهر منه حرفان «والأنينُ به» أي بالحرف الواحد ، وهو مثل التأوّه ، وقد يخصّ «الأنين» بالمريض.

«ومدافعةُ الأخبثين» البولِ والغائطِ «أو الريح» لما فيه من سلب الخشوع والإقبال بالقلب الذي هو روح العبادة ، وكذا مدافعةُ النوم. وإنّما يُكره إذا وقع ذلك قبل التلبّس بها مع سعة الوقت ، وإلّا حرُم القطع إلّاأن يخاف ضرراً.

قال المصنّف في البيان : ولا يُجبره فضيلة الائتمام أو شرف البقعة ، وفي نفي الكراهة باحتياجه إلى التيمّم نظرٌ (٢).

«تتمّة» :

المرأة كالرجل في جميع ما سلف إلّاما استُثني ، وتختصّ عنه أنّه :

«يستحبّ للمرأة» حُرّةً كانت أم أمةً «أن تجمع بين قدميها في القيام ، والرجل يفرِّق بينهما بشبرٍ إلى فِتر*» ودونه قدر ثلاث أصابع مُفرَّجات «وتضُمّ ثَدْييها إلى صدرها» بيديها.

____________________

١) المستدرك ٥ : ٤١٧ ، الباب ١١ من أبواب قواطع الصلاة ، الحديث ٣.

٢) البيان : ١٨٥.

*) كذا في نسخ الروضة ، وفي (ق) : إلى شبر أو فتر. وفي (س) : بشبر أو فتر. والفتر ـ بالكسر ـ : ما بين طرف الإ بهام وطرف السبّابة بالتفريج المعتاد.

٢٣٧

«وتضعُ يديها فوق رُكبتيها راكعةً» ظاهره أنّها تنحني قدر انحناء الرجل وتخالفه في الوضع. وظاهر الرواية أنّه يجزئها من الانحناء أن تبلغ كفّاها ما فوق (١) رُكبتيها؛ لأنّه علّله فيها بقوله : «لئلّا تطأطأ كثيراً فترتفع عجيزتُها» (٢) وذلك لا يختلف باختلاف وضعهما ، بل باختلاف الانحناء.

«وتجلس» حال تشهّدها وغيره «على ألييها» بالياءين من دون تاءٍ بينهما على غير قياس ، تثنية «ألية» بفتح الهمزة فيهما والتاء في الواحدة.

«وتبدأ بالقعود» على تلك الحالة «قبلَ السجود» ثمّ تسجد.

«فإذا تشهّدت ضمّت فخذيها ورفعت رُكبتيها من الأرض ، فإذا نهضت انسلّت» انسلالاً معتمدة على جنبيها بيديها من غير أن ترفع عجيزَتها.

ويتخيّر الخنثى بين هيئة (٣) الرجل والمرأة.

____________________

١) في (ر) : فوق.

٢) الوسائل ٤ : ٩٤١ ، الباب ١٨ من أبواب الركوع ، الحديث ٢.

٣) في (ر) : هيئتي.

٢٣٨

«الفصل السادس»

«في بقيّة الصلوات» الواجبة

وما يختاره من المندوبة

«فمنها : الجمعة»

«وهي : ركعتان كالصبح عوضَ الظهر» فلا يُجمع بينهما ، فحيث تقع الجمعة صحيحةً تُجزئ عنها. وربّما استفيد من حكمه بكونها عوضها مع عدم تعرّضه لوقتها : أنّ وقتها وقت الظهر فضيلةً وإجزاءً ، وبه قطع في الدروس والبيان (١) وظاهر النصوص يدلّ عليه (٢) وذهب جماعةٌ إلى امتداد وقتها إلى المثل خاصّة (٣) ومال إليه المصنّفُ في الألفيّة (٤) ولا شاهد له ، إلّاأن يقال بأنّه

____________________

١) الدروس ١ : ١٨٨ ، البيان : ١٨٦.

٢) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : «أمّا ما يدلّ على أنّ أوّل وقتها الزوال فلا يحصى كثرةً ـ إلى أن قال ـ وأمّا ما يدلّ على امتداده بامتداد وقت الظهر فلعلّه الروايات الواردة في وقت الظهر ، فإنّها لم يفرّق بين يوم الجمعة وغيره ، وصلاة الجمعة ليست إلّاصلاة الظهر ...» ، راجع المناهج السويّة : ١٧٤.

٣) قال المحقّق في المعتبر (٢ : ٢٧٥) : وبه قال أكثر أهل العلم. وقال العلّامة في المنتهى (١٣١٨) : إنّه مذهب علمائنا أجمع.

٤) الألفيّة : ٧٣.

٢٣٩

وقتٌ للظهر أيضاً.

«ويجب فيها تقديمُ الخُطبتين المشتملتين على حمدِ اللّٰه» تعالى بصيغة «الحمد للّٰه» «والثناء عليه» (١) بما سنح. وفي وجوب الثناء زيادةً على الحمد نظرٌ ، وعبارة كثير ـ ومنهم المصنّف في الذكرى (٢) ـ خاليةٌ عنه. نعم ، هو موجودٌ في الخُطَب المنقولة عن النبيّ وآله عليه وعليهم السلام (٣) إلّاأ نّها تشتمل على زيادةٍ على أقلّ الواجب «والصلاةِ على النبيّ وآله عليهم السلام» بلفظ «الصلاة» أيضاً ، ويُقرنها بما شاء من النِسَب (٤) «والوعظِ» من الوصيّة بتقوى اللّٰه ، والحثّ على الطاعة ، والتحذير من المعصية والاغترار بالدنيا ، وما شاكل ذلك ، ولا يتعيّن له لفظ ، ويُجزي مسمّاه ، فيكفي «أطيعوا اللّٰه» أو (٥) «اتّقوا اللّٰه» ونحوه. ويحتمل وجوب الحثّ على الطاعة والزجر عن المعصية؛ للتأسّي (٦) «وقراءة سورةٍ خفيفةٍ» قصيرةٍ ، أو آيةٍ تامّة الفائدة بأن تجمع معنىً مستقلّاً يُعتدّ به : من وعدٍ أو وعيد أو حُكمٍ أو قصّةٍ تدخل في مقتضى الحال ، فلا يُجزي مثل (مُدْهٰامَّتٰانِ) (٧) و (أُلْقِيَ اَلسَّحَرَةُ سٰاجِدِينَ) (٨).

____________________

١) في الدروس [١ : ١٨٧] والبيان [١٨٩] أوجب الثناء كما هنا (منه رحمه الله).

٢) الذكرى ٤ : ١٣٧.

٣) راجع الوسائل ٥ : ٣٨ ، الباب ٢٥ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.

٤) بأن يُنسب إليهم عليهم السلام ما يقتضي عُلوَّ شأنهم وسُموَّ مقامهم من الفضائل والمناقب.

٥) في غير (ع) : و.

٦) التأسّي بأمير المؤمنين عليه السلام ، راجع المستدرك ٦ : ٢٩ ، الباب ١٩ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث الأوّل.

٧) الرحمن : ٦٤.

٨) الأعراف : ١٢٠.

٢٤٠