الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

«فإن عجز» عن الإ يماء به «غمّض عينيه لهما *» مُزيداً للسجود تغميضاً «وفتَحَهما» بالفتح «لرفعهما» وإن لم يكن مُبصراً مع إمكان الفتح قاصداً بالأبدال تلك الأفعال ، وإلّا أجرى الأفعال على قلبه ، كلّ واحدٍ في محلّه ، والأذكارَ على لسانه ، وإلّا أخطرها بالبال.

ويلحق البدلَ حكمُ المبدل في الركنيّة زيادةً ونقصاناً مع القصد ، وقيل : مطلقاً (١).

«والنيّة» وهي القصد إلى الصلاة المعيّنة ، ولمّا كان القصد متوقّفاً على تعيين المقصود بوجهٍ ليمكن توجّه القصد إليه اعتُبر فيها إحضارُ ذاتِ الصلاة وصفاتِها المميّزة لها حيث تكون مشتركة ، والقصدُ إلى هذا المعيَّن مُتقرّباً.

ويلزم من ذلك كونُها «معيّنة الفرض **» من ظهرٍ أو عصرٍ أو غيرهما «والأداء» إن كان فَعَلها في وقتها «أو القضاء» إن كان في غير وقتها «والوجوب» والظاهر أنّ المراد به المجعول غايةً؛ لأنّ قصد الفرض يستدعي تميّز (٢) الواجب. مع احتمال أن يريد به الواجب المميِّز ، ويكون الفرض إشارةً إلى نوع الصلاة؛ لأنّ الفرض قد يراد به ذلك ، إلّاأ نّه غير مصطلح شرعاً ، ولقد كان أولى (٣) بناءً على أنّ الوجوب الغائي لا دليل على وجوبه ، كما نبّه عليه المصنّف

____________________

*) في (س) و (ق) : بهما.

١) استظهره في مفتاح الكرامة (٢ : ٣١٣) من المقاصد العليّة للمؤلّف قدس سره ، والظاهر عدم عثوره على قائل به صريحاً.

**) في (س) : للفرض.

٢) في (ف) و (ر) : تمييز.

٣) يعني الاحتمال الثاني.

٢٠١

في الذكرى (١) ولكنّه مشهوريٌّ ، فجرى عليه هنا «أو الندب» إن كان مندوباً ، إمّا بالعارض كالمعادة لئلّا ينافي الفرض الأوّل؛ إذ يكفي في إطلاق الفرض عليه حينئذٍ كونه كذلك بالأصل ، أو ما هو أعمّ بأن يراد بالفرض أوّلاً ما هو أعمّ من الواجب ، كما ذكر في الاحتمال ، وهذا (٢) قرينةٌ اُخرى عليه.

وهذه الاُمور كلّها مميّزاتٌ للفعل المنويّ ، لا أجزاءٌ للنيّة؛ لأنّها أمرٌ واحدٌ بسيط وهو القصد ، وإنّما التركيب في متعلّقه ومعروضه ، وهو الصلاة الواجبة أو المندوبة المؤدّاة أو المقضاة.

وعلى اعتبار الوجوب المعلَّل يكون آخر المميِّزات ما قبل الواجب (٣) ويكون قصده لوجوبه إشارةً إلى ما يقوله المتكلّمون : من أنّه يجب فعل الواجب لوجوبه أو ندبه أو لوجههما من الشكر أو اللطف أو الأمر أو المركّب منها أو من بعضها على اختلاف الآراء (٤) ووجوب ذلك أمر مرغوبٌ عنه؛ إذ لم يحقّقه المحقّقون ، فكيف يُكلَّف به غيرهم!

«والقربة» وهي غاية الفعل المتعبَّد به ، (٥) قرب الشرف لا الزمان والمكان؛ لتنزّهه تعالى عنهما. وآثرها لورودها كثيراً في الكتاب (٦) والسنّة (٧)

____________________

١) راجع الذكرى ٣ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

٢) في (ش) : هذه.

٣) في (ر) : ما قبل الوجوب.

٤) راجع كشف المراد للعلّامة الحلّي : ٤٠٧ ـ ٤٠٨.

٥) في (ر) زيادة : وهو.

٦) كما في سورة البقرة : ١٨٦ ، ومريم : ٥٢ ، والتوبة : ٩٩ ، وسبأ : ٣٧.

٧) راجع معجم بحار الأنوار ٢٢ : ١٦٥٣٠ ، التقرّب ، القربة و...

٢٠٢

ولو جَعَلها للّٰه‌تعالى كفى.

وقد تلخّص من ذلك : أنّ المعتبر في النيّة أن يحضر بباله مثلاً صلاةَ الظهر الواجبة المؤدّاة ، ويقصد فعلها للّٰه‌تعالى. وهذا أمرٌ سهل وتكليفٌ يسير ، قلّ أن ينفكّ عن ذهن المكلّف عند إرادته الصلاة ، وكذا غيرها. وتجشّمها زيادةً على ذلك وسواسٌ شيطاني ، قد اُمرنا بالاستعاذة منه والبُعد عنه (١).

«وتكبيرة الإحرام» نسبت إليه؛ لأنّ بها يحصل الدخول في الصلاة ويحرم ما كان محلّلاً قبلها من الكلام وغيره.

ويجب التلفّظ بها باللفظ المشهور «بالعربيّة» تأسّياً بصاحب الشرع ـ عليه الصلاة والسلام ـ حيث فَعَل كذلك وأمرنا (٢) بالتأسّي به (٣).

«و» كذا تعتبر العربيّة في «سائر الأذكار الواجبة» أمّا المندوبة فيصحّ بها وبغيرها في أشهر القولين (٤).

هذا مع القدرة عليها ، أمّا مع العجز وضيق الوقت عن التعلّم فيأتي بها حَسَب ما يعرفه من اللغات ، فإن تعدّد (٥) تخيّر مراعياً ما اشتملت عليه من المعنى ،

____________________

١) راجع الوسائل ١ : ٤٦ ، الباب ١٠ من أبواب مقدّمة العبادات.

٢) في (ع) و (ش) : أمر.

٣) كقوله صلى الله عليه وآله : «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي» عوالي اللآلي ١ : ١٩٨ ، الحديث ٨.

٤) اُنظر القواعد ١ : ٢٧٩ ، وقال السيّد العاملي : وخرج بالواجبة المندوبة ... والقول الآخر وهو عدم الجواز ـ خصوصاً في الدعاء ـ نُسب إلى سعد بن عبد اللّٰه ، مفتاح الكرامة ٢ : ٤٦٧. وانظر الفقيه ١ : ٣١٦ ، ذيل الحديث ٩٣٥ ، وجامع المقاصد ٢ : ٣٢٢

٥) في (ش) : تعدّدت.

٢٠٣

ومنه الأفضليّة (١).

«وتجب المقارنة للنيّة» بحيث يُكبِّر عند حضور القصد المذكور بالبال من غير أن يتخلّل بينهما زمانٌ وإن قلَّ على المشهور (٢) والمعتبر حضور القصد عند أوّل جزءٍ من التكبير ، وهو المفهوم من المقارنة بينهما في عبارة المصنّف ، لكنّه في غيره اعتبر استمراره إلى آخره إلّامع العسر (٣) والأوّل أقوى.

«واستدامة حكمها» بمعنى أن لا يحدث نيّة تنافيها ولو في بعض مميّزات المنويّ «إلى الفراغ» من الصلاة ، فلو نوى الخروج منها ولو في ثاني الحال قبلَه أو فَعَل بعضَ المنافيات كذلك أو الرياء ولو ببعض (٤) الأفعال ونحو ذلك بطلت.

«وقراءة الحمد وسورة كاملة» في أشهر القولين (٥) «إلّامع الضرورة» كضيق وقتٍ وحاجةٍ يضرّ فوتُها وجهالةٍ لها مع العجز عن التعلّم ، فتسقط السورة من غير تعويضٍ عنها.

هذا «في» الركعتين «الأوّلتين» سواء لم يكن غيرهما كالثنائيّة أم كان

____________________

١) أي ومن معناها التفضيل المفهوم من صيغته ، فيقال بالفارسيّة مثلاً : «خداى بزرگتر است» وهو ردّ على كثير من العامّة حيث عبّروا ب‍ «خداى بزرگ». المناهج السويّة : ٩٦.

٢) خلافه ما سينقله عن المصنّف ، وإلّا فعدم الفصل إجماعيُّ عندنا. المناهج السويّة : ٩٧.

٣) الذكرى ٣ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ، الدروس ١ : ١٦٦.

٤) في (ف) : في بعض.

٥) قال الشهيد الماتن قدس سره : وخالف فيه ابن الجنيد وسلّار والشيخ في النهاية والمحقّق في المعتبر ، فإنّهم ذهبوا إلى استحبابها ، فعندهم يجوز التبعيض كما يجوز تركها بالكليّة ، الذكرى ٣ : ٣٠٠ ، راجع المراسم : ٦٩ ، النهاية : ٧٥ ، المعتبر ٢ : ١٧٣.

٢٠٤

كغيرها «ويجزي في غيرهما» من الركعات «الحمد وحدها أو التسبيح» بالأربع المشهورة «أربعاً» بأن يقولها مرّةً «أو تسعاً» بإسقاط التكبير من الثلاث على ما دلّت عليه رواية حَريز (١) «أو عشراً» بإثباته في الأخيرة «أو اثني عشر *» بتكرير الأربع ثلاثاً.

ووجه الاجتزاء بالجميع ورودُ النصّ الصحيح بها (٢) ولا يقدح إسقاط التكبير في الثاني؛ لذلك ولقيام غيره مقامه وزيادة.

وحيث تأدّى (٣) الواجب بالأربع جاز ترك الزائد ، فيُحتمل كونه مستحبّاً نظراً إلى ذلك ، وواجباً مخيَّراً التفاتاً إلى أنّه أحد أفراد الواجب وجواز تركه إلى بدل وهو الأربع وإن كان جزؤه (٤) كالركعتين والأربع في مواضع التخيير. وظاهر النصّ (٥) والفتوى : الوجوب ، وبه صرّح المصنّف في الذكرى (٦) وهو ظاهر

____________________

١) رواها ابن إدريس في مستطرفات السرائر ٣ : ٥٨٥. وانظر الوسائل ٤ : ٧٩١ ـ ٧٩٢ ، الباب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث (١).

*) في (ق) : اثني عشرة.

٢) قال المحقّق الخوانساري : لا يذهب عليك أنّه لم يوجد في الكتب المتداولة نصّ دالّ على خصوص الثالث والرابع أصلاً فضلاً عن الصحيح ، وقد اعترف صاحب المدارك والمحقّق الأردبيلي وغيرهما أيضاً بعدم الوقوف على مستند لهذا القول. نعم رواية التسع صحيحة كما نقلنا ، وأمّا رواية الأربع فعلى ما أشرنا إليه. ويمكن أن يكون منظور الشارح أنّ نصّ الأربع يكفي الاجتزاء بالعشر والاثنتي عشرة أيضاً؛ لاشتماله عليهما مع زيادة ... راجع الحواشي : ٢٧٤.

٣) في (ف) و (ر) : يؤدّى.

٤) في (ش) : جزءاً.

٥) في (ف) : النصوص.

٦) الذكرى ٣ : ٣١٥.

٢٠٥

العبارة هنا.

وعليه فلو شرع في الزائد عن مرتبةٍ فهل يجب عليه البلوغ إلى اُخرى؟ يحتمله؛ قضيّة للوجوب وإن جاز تركه قبل الشروع ، والتخيير ثابتٌ قبل الشروع فيوقعه على وجهه أو يتركه حذراً من تغيير (١) الهيئة الواجبة. ووجهُ العدم : أصالةُ عدم وجوب الإكمال ، فينصرف إلى كونه ذكراً للّٰه‌تعالى إن لم يبلغ فرداً آخر.

«والحمد» في غير الاُوليين «أولى» من التسبيح مطلقاً؛ لرواية محمّد بن حكيم عن أبي الحسن عليه السلام (٢) وروي أفضليّة التسبيح مطلقاً (٣) ولغير الإمام (٤) وتساويهما (٥) وبحسبها اختلفت الأقوال (٦) واختلف اختيار المصنّف ، فهنا رجّح القراءة مطلقاً ، وفي الدروس للإمام والتسبيح للمنفرد (٧) وفي البيان جعلهما له سواء (٨) وتردّد في الذكرى (٩) والجمع بين الأخبار هنا لا يخلو من تعسّف.

____________________

١) في (ع) : تغيّر.

٢) الوسائل ٤ : ٧٩٤ ، الباب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ١٠.

٣) المصدر السابق ، الحديث ١ و ٣.

٤) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : وهو صحيحة منصور بن حازم ، المناهج السويّة : ١٠١. لكنّها لا تدلّ على الأفضليّة ، راجع المصدر السابق ، الحديث ١١.

٥) الوسائل ٤ : ٧٨١ ، الباب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ٣.

٦) راجع المختلف ٢ : ١٤٨.

٧) الدروس ١ : ١٧٥.

٨) البيان : ١٦٠.

٩) الذكرى ٣ : ٣١٧ ـ ٣١٨.

٢٠٦

«ويجب الجهر» بالقراءة على المشهور (١) «في الصبح واُوليي * العشاءين والإخفات في البواقي» للرجل.

والحقّ أنّ الجهر والإخفات كيفيّتان متضادّتان مطلقاً ، لا يجتمعان في مادّة ، فأقلّ الجهر : أن يسمعه من قرب منه صحيحاً مع اشتمالها على الصوت الموجب لتسميته جهراً عرفاً ، وأكثره : أن لا يبلغ العُلوّ المفرط. وأقلّ السرّ : أن يسمع نفسه خاصّةً صحيحاً أو تقديراً ، وأكثره : أن لا يبلغ أقلّ الجهر.

«ولا جهر على المرأة» وجوباً ، بل تتخيّر بينه وبين السرّ في مواضعه إذا لم يسمعها من يحرم استماعه صوتها. والسرّ أفضل لها مطلقاً.

«ويتخيّر الخنثى» بينهما في موضع الجهر إن لم يسمعها الأجنبيّ ، وإلّا تعيّن الإخفات. وربّما قيل : بوجوب الجهر عليها مراعيةً عدم سماع الأجنبيّ مع الإمكان ، وإلّا وجب الإخفات (٢) وهو أحوط.

«ثمّ الترتيل» للقراءة ، وهو لغةً : الترسّل فيها والتبيين بغير بَغْي (٣) وشرعاً ـ قال في الذكرى ـ : هو حفظ الوقوف وأداء الحروف (٤) وهو المرويّ عن ابن عبّاس (٥) وقريب منه عن عليّ عليه السلام ، إلّاأ نّه قال : «وبيان الحروف» (٦) بدل

____________________

١) ويقابله قول ابن الجنيد وعلم الهدى بالاستحباب ، راجع المختلف ٢ : ١٥٣.

*) في (س) أوّلتي.

٢) لم نعثر على قائله.

٣) أي : تعدٍّ. وفي مصحّحة (ف) : تغنٍّ.

٤) الذكرى ٣ : ٣٣٤.

٥) بحار الأنوار ٨٥ : ٨.

٦) بحار الأنوار ٨٤ : ١٨٨.

٢٠٧

«أدائها» «والوقوفُ» على مواضعه ، وهي : ما تمّ لفظه ومعناه أو أحدهما ، والأفضل : التامّ (١) ثمّ الحسن (٢) ثمّ الكافي (٣) على ما هو مقرّر في محلّه (٤) ولقد كان يُغني عنه ذكر الترتيل على ما فسّره به المصنّف (٥) فالجمع بينهما تأكيد. نعم ، يحسن الجمع بينهما لو فُسِّر الترتيلُ بأ نّه : «تبيين الحروف من غير مبالغة» كما فسّره به في المعتبر والمنتهى (٦) أو «بيان الحروف وإظهارُها من غير مَدٍّ يشبه الغناء» كما فسّره به في النهاية (٧) وهو الموافق لتعريف أهل اللغة (٨) «وتعمّد (٩) الإعراب» إمّا بإظهار حركاته وبيانها بياناً شافياً بحيث لا يندمج بعضها في بعض إلى حدٍّ لا يبلغ حدّ المنع ، أو بأن لا يكثر الوقوف الموجب للسكون خصوصاً في الموضع المرجوح ، ومثلُه حركة البناء. «وسؤال الرحمة والتعوّذ من النقمة» عند آيتيهما «مستحبٌّ» خبرُ «الترتيل» وما عُطف عليه. وعَطَفها ب‍ «ثمّ»

____________________

١) أي ما تمّ لفظه ومعناه واستقلّ ما بعده ولم يتعلّق به.

٢) وهو ما تعلّق الموقوف عليه بما بعده لفظاً لا معنىً.

٣) وهو أن يتعلّق الموقوف بما بعده معنىً لا لفظاً.

٤) محلّه كتب القراءات والتجويد.

٥) الذكرى ٣ : ٣٣٤.

٦) المعتبر ٢ : ١٨١ ، المنتهى ٥ : ٩٦.

٧) نهاية الإحكام ١ : ٤٧٦.

٨) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : أي المعنى الأوّل الذي هو مختار المصنّف ، لا هذان المعنيان ، فإنّهما يجعلانه عبارة عن أحد جزئي المعنى اللغوي ـ إلى أن قال ـ : فالأخيران يوافقان ما قاله الراغب وأمثاله ، كما أنّ الأوّل يوافق ما قاله الجوهري والزمخشري وأضرابهما ، المناهج السويّة : ١٠٤.

٩) في (ش) ونسخة بدل (ر) : تعهّد.

٢٠٨

الدالّ (١) على التراخي؛ لما بين الواجب والندب من التغاير.

«وكذا» يُستحبّ «تطويل السورة في الصبح» ك‍ «هل أتىٰ» و «عمَّ» لا مطلق التطويل «وتوسّطها في الظهر والعشاء» ك‍ «هل أتاك» و «الأعلى» كذلك (٢) «وقصرُها في العصر والمغرب» بما دون ذلك.

وإنّما أطلق ولم يخصّ التفصيل بسُوَر المفصَّل؛ لعدم النصّ على تعيّنه (٣) بخصوصه عندنا ، وإنّما الوارد في نصوصنا هذه السور وأمثالها (٤) لكنّ المصنّف (٥) وغيره (٦) قيّدوا الأقسام بالمفصَّل ، والمراد به : ما بعد «محمّد» أو «الفتح» أو «الحجرات» أو «الصفّ» أو «الصافّات» إلى آخر القرآن. وفي مبدئه أقوالٌ اُخر (٧) أشهرها الأوّل. سُمّي مفصَّلاً؛ لكثرة فواصله بالبسملة بالإضافة إلى باقي القرآن ، أو لما فيه من الحُكم المفصَّل؛ لعدم المنسوخ منه.

«و» كذا يُستحبّ قصر السورة «مع خوف الضيق» بل قد يجب.

«واختيار «هل أتىٰ» و «هل أتاك» في صبح الاثنين ، و» صبح «الخميس» فمن قرأهما في اليومين وقاه اللّٰه شرّهما (٨).

____________________

١) في (ش) و (ف) : الدالّة.

٢) أي : لا مطلق التوسّط.

٣) في (ش) و (ر) : تعيينه.

٤) راجع الوسائل ٤ : ٧٨٧ ، الباب ٤٨ من أبواب القراءة في الصلاة.

٥) الدروس ١ : ١٧٤ ، البيان : ١٦١.

٦) مثل المحقّق في المعتبر ٢ : ١٨١ ، والعلّامة في القواعد ١ : ٢٧٤.

٧) راجع مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠١.

٨) كما ورد في الخبر ، راجع الوسائل ٤ : ٧٩١ ، الباب ٥٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث الأوّل.

٢٠٩

«و» سورة «الجمعة والمنافقين في ظهريها وجمعتها» على طريق الاستخدام (١) وروي أنّ «من تركهما فيها متعمّداً فلا صلاة له» (٢) حتّى قيل بوجوب قراءتهما في الجمعة وظهرها (٣) لذلك وحُملت الرواية على تأكّد الاستحباب جمعاً (٤).

«والجمعة والتوحيد في صبحها» وقيل : الجمعة والمنافقين (٥) وهو مرويٌّ أيضاً (٦).

«والجمعة والأعلى في عشاءيها» المغرب والعشاء. ورُوي في المغرب : الجمعة والتوحيد (٧) ولا مشاحّة في ذلك؛ لأنّه مقام استحباب.

«وتحرم» قراءة «العزيمة في الفريضة» على أشهر القولين (٨) فتبطل

____________________

١) لأنّ المراد من الضمير في «ظهريها وجمعتها» يوم الجمعة ، ومرجع الضميرين سورة الجمعة.

٢) الوسائل ٤ : ٨١٥ ، الباب ٧٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ٣.

٣) قاله الصدوق في الفقيه ١ : ٤١٥.

٤) أي : جمعاً بينها وبين صحيحة عليّ بن يقطين ونحوها ، راجع الوسائل ٤ : ٨١٧ ، الباب ٧١ من أبواب القراءة في الصلاة.

٥) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ١٦٦.

٦) الوسائل ٤ : ٧٨٩ ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ٣.

٧) المصدر السابق ، الحديث ٤.

٨) ذهب إليه السيّد في الانتصار : ١٤٥ ، والشيخ في الخلاف ١ : ٤٢٦ ، المسألة ١٧٤ ، والعلّامة في التذكرة ٣ : ١٤٦ ، المسألة ٢٣١. والقول الآخر الجواز ، وهو ظاهر كلام الإسكافي ، حكاه عنه المحقّق في المعتبر ٢ : ١٧٥.

٢١٠

بمجرّد الشروع فيها عمداً؛ للنهي (١) ولو شرع فيها ساهياً عدل عنها وإن تجاوز نصفها ما لم يتجاوز موضَع السجود ومعه ، ففي العدول أو كمالها والاجتزاء بها مع قضاء السجود بعدها وجهان ، في الثاني قوّة (٢) ومال المصنّف في الذكرى إلى الأوّل (٣).

واحترز ب‍ «الفريضة» عن النافلة ، فيجوز قراءتها فيها ، ويسجد لها في محلّه. وكذا لو استمع فيها إلى قارئٍ أو سمع على أجود القولين (٤).

ويحرم استماعها في الفريضة ، فإن فعل أو سمع اتّفاقاً وقلنا بوجوبه له أومَأ لها وقضاها بعد الصلاة. ولو صلّى مع مخالفٍ تقيّةً فقرأها تابعه في السجود ولم يعتدّ بها على الأقوى. والقائل بجوازها منّا لا يقول بالسجود لها في الصلاة ، فلا منع من الاقتداء به من هذه الجهة ، بل من حيث فعله ما يعتقد المأموم الإ بطال به.

«ويستحبّ الجهرُ» بالقراءة «في نوافل الليل ، والسرُّ في» نوافل «النهار» وكذا قيل في غيرها من الفرائض (٥) بمعنى استحباب الجهر بالليلية منها والسرّ في نظيرها نهاراً كالكسوفين. أمّا ما لا نظير له فالجهر مطلقاً ، كالجمعة

____________________

١) الوسائل ٤ : ٧٧٩ ، الباب ٤٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ١ و ٢.

٢) لم ترد عبارة «في الثاني قوّة» في (ف) ، وورد في هامش (ر) بزيادة خ ل.

٣) الذكرى ٣ : ٣٢٥.

٤) ذهب إليه ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٢٦ ، وادّعى عليه الإجماع. والقول الآخر هو الاستحباب للسامع ، قاله في الخلاف ١ : ٤٣١ ، المسألة ١٧٩ ، وقال في الذكرى ٣ : ٤٧٠ : ولا شكّ عندنا في استحبابه على تقدير عدم الوجوب.

٥) قاله العلّامة في النهاية ١ : ٤٧٢ ، والتذكرة ٣ : ١٥٤.

٢١١

والعيد (١) والزلزلة. والأقوى في الكسوفين ذلك؛ لعدم اختصاص الخسوف بالليل.

«وجاهل الحمد يجب عليه التعلّم» مع إمكانه وسعة الوقت «فإن ضاق الوقتُ قرأ ما يحسن منها» أي من الحمد. هذا إذا سُمّي قرآناً ، فإن لم يُسمّ لقلّته فهو كالجاهل بها أجمع.

وهل يقتصر عليه أو يعوّض عن الفائت؟ ظاهر العبارة : الأوّل ، والدروس : الثاني (٢) وهو الأشهر.

ثمّ إن لم يعلم غيرَها من القرآن كرّر ما يعلمه بقدر الفائت ، وإن علم ففي التعويض منها أو منه قولان (٣) مأخذهما : كون الأبعاض أقربَ إليها ، وأنّ الشيء الواحد لا يكون أصلاً وبدلاً. وعلى التقديرين فيجب مساواته له في الحروف ، وقيل : في الآيات (٤) والأوّل أشهر.

ويجب مراعاة الترتيب بين البدل والمبدل ، فإن علم الأوّل أخّر البدل ، أو الآخر قدّمه ، أو الطرفين وسّطه ، أو الوسطَ حفّه به ، وهكذا ...

ولو أمكنه الائتمام قدّم على ذلك؛ لأنّه في حكم القراءة التامّة (٥) ومثله

____________________

١) في (ر) : العيدين.

٢) الدروس ١ : ١٧٢.

٣) أمّا التعويض منها فلم نظفر به ، ونسبه في جامع المقاصد ٢ : ٢٥٠ وروض الجنان ٢ : ٦٩٦ إلى التذكرة ، ولكن لم نعثر عليه فيه. نعم ، احتمله العلّامة في النهاية ١ : ٤٧٥. وأمّا القول بالتعويض منه فاختاره العلّامة في النهاية ١ : ٤٧٥ ، والشهيد في غاية المراد ١ : ١٣٩ ، والدروس ١ : ١٧٢ ، والبيان : ١٥٨ ـ ١٥٩ وغيرهما.

٤) راجع التذكرة ٣ : ١٣٦.

٥) في (ع) و (ش) : تامّة.

٢١٢

ما لو أمكن متابعة قارى ٍ أو القراءة من المُصحف ، بل قيل بإجزائه اختياراً (١) والأولى اختصاصه بالنافلة.

«فإن لم يحسن» شيئاً منها «قرأ من غيرها بقدرها» أي بقدر الحمد حروفاً ، وحروفها مئة وخمسة وخمسون حرفاً بالبسملة ، إلّالمن قرأ «مالك» فإنّها تزيد حرفاً ، ويجوز الاقتصار على الأقلّ. ثم قرأ السورة إن كان يُحسن سورةً تامّةً ولو بتكرارها عنهما مراعياً في البدل المساواة.

«فإن تعذّر» ذلك كلّه ولم يحسن شيئاً من القراءة «ذكر اللّٰه تعالى بقدرها» أي بقدر الحمد خاصّةً. أمّا السورة فساقطةٌ كما مرّ (٢).

وهل يجتزى بمطلق الذكر أم يعتبر الواجب في الأخيرتين؟ قولان ، اختار ثانيهما المصنّف في الذكرى (٣) لثبوت بدليّته عنها في الجملة. وقيل : يُجزئ مطلق الذكر وإن لم يكن بقدرها (٤) عملاً بمطلق الأمر (٥) والأوّل أولى.

ولو لم يحسن الذكر ، قيل : وقف بقدرها (٦) لأنّه كان يلزمه عند القدرة على القراءة قيامٌ وقراءةٌ ، فإذا فات أحدهما بقي الآخر. وهو حسن.

____________________

١) قاله العلّامة في نهاية الإحكام ١ : ٤٧٩ ، والتذكرة ٣ : ١٥١.

٢) مرّ في الصفحة ١٩٣.

٣) الذكرى ٣ : ٣٠٦.

٤) قاله الشيخ في الخلاف ١ : ٣٤٣ ، المسألة ٩٤ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ١٦٩.

٥) قال في روض الجنان (٢ : ٦٩٧) : لأمر النبيّ صلى الله عليه وآله الأعرابي الجاهل بالقرآن بذلك ، راجع سنن أبي داود ١ : ٢٢٠. ويدلّ عليه أيضاً ما رواه في الوسائل ٤ : ٧٣٥ ، الباب ٣ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث الأوّل.

٦) قاله العلّامة ، التذكرة ٣ : ١٣٨.

٢١٣

«والضحى وألم نشرح سورةٌ» واحدة «والفيل ولإ يلاف سورةٌ» في المشهور (١) فلو قرأ إحداهما في ركعة وجبت الاُخرى على الترتيب. والأخبار خاليةٌ من الدلالة على وحدتهما ، وإنّما دلّت على عدم إجزاء إحداهما (٢) وفي بعضها تصريحٌ بالتعدّد مع الحكم المذكور (٣) والحكم من حيث الصلاة واحدٌ ، وإنّما تظهر الفائدة في غيرها.

«وتجب البسملة بينهما» على التقديرين في الأصحّ (٤) لثبوتها بينهما تواتراً ، وكِتْبَتِها (٥) في المصحف المجرَّد عن غير القرآن حتّى النُقَط (٦) والإعراب ، ولا ينافي ذلك الوحدة لو سلّمت كما في سورة النمل (٧).

«ثمّ يجب الركوع منحنياً إلى أن تصل كفّاه» معاً «ركبتيه» فلا يكفي وصولهما بغير انحناءٍ كالانخناس (٨) مع إخراج الركبتين ، أو بهما. والمراد بوصولهما بلوغهما قدراً لو أراد إيصالهما وصلتا؛ إذ لا يجب الملاصقة. والمعتبر

____________________

١) ليس قوله : «في المشهور» تنبيهاً على خلافه في الاجتزاء بأحدهما في الفريضة ، بل على ما نذكره بعدُ من أنّهما سورتان وإن وجبتا معاً فيها. (منه رحمه الله).

٢) راجع الوسائل ٤ : ٧٤٣ ، الباب ١٠ من أبواب القراءة في الصلاة.

٣) المصدر السابق : ٧٤٤ ، الحديث ٥.

٤) اختاره ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٢١ ، والقول الآخر عدم الوجوب ، اختاره الشيخ في الاستبصار ١ : ٣١٧ ، ذيل الحديث ١١٨٢ ، والتبيان ١٠ : ٣٧١ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٨١ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ٨٣.

٥) في (ف) و (ر) : كَتْبِها.

٦) في (ر) : النقطة.

٧) الآية ٣٠ منها.

٨) أي : الانقباض.

٢١٤

وصول جزء من باطنه لاجميعه ، ولا رؤوس الأصابع «مطمئنّاً» فيه بحيث تستقرّ الأعضاء «بقدر واجب الذكر» مع الإمكان.

«و» الذكر الواجب «هو «سبحان ربّي العظيم وبحمده» أو «سبحان اللّٰه» ثلاثاً» للمختار «أو مطلق الذكر للمضطرّ» وقيل : يكفي المطلق مطلقاً (١) وهو أقوى؛ لدلالة الأخبار الصحيحة عليه (٢) وما ورد في غيرها مُعّيناً (٣) غير منافٍ له؛ لأنّه بعض أفراد الواجب الكلّي تخييراً ، وبه يحصل الجمع بينهما (٤) بخلاف ما لو قيّدناه ، وعلى تقدير تعيّنه فلفظ «وبحمده» واجبٌ أيضاً تخييراً لا عيناً؛ لخُلُوّ كثيرٍ من الأخبار عنه (٥) ومثله القول في التسبيحة الكبرى مع كون بعضها ذكراً تامّاً.

ومعنى «سبحان ربّي» تنزيهاً له عن النقائص ، وهو منصوبٌ على المصدر بمحذوفٍ من جنسه ، ومتعلّق الجارّ في «وبحمده» هو العامل المحذوف ، والتقدير : سبَّحتُ اللّٰه تسبيحاً وسبحاناً وسبّحته بحمده ، أو بمعنى : والحمد له ، نظير (مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) (٦) أي : والنعمة له.

«ورفع الرأس منه» فلو هوى من غير رفعٍ بطل مع التعمّد ، واستدرَكَه مع النسيان «مطمئنّاً» ولا حدّ لها (٧) ، بل مسمّاها فما زاد ، بحيث لا يخرج بها عن

____________________

١) قاله ابن ادريس في السرائر ١ : ٢٢٤.

٢) الوسائل ٤ : ٩٢٩ ، الباب ٧ من أبواب الركوع.

٣) راجع الوسائل ٤ : ٩٢٣ ، الباب ٤ من أبواب الركوع.

٤) في (ع) و (ف) : بينها.

٥) مثل الحديث الأوّل من الباب ٤.

٦) القلم : ٢.

٧) أي : للطمأنينة.

٢١٥

كونه مصلّياً.

«ويُستحبّ : التثليث في الذكر» الأكبر «فصاعداً» إلى ما لا يبلغ السأم ، فقد عُدّ على الصادق عليه السلام ستّون تسبيحةً كبرى (١) إلّاأن يكون إماماً ، فلا يزيد على الثلاث إلّامع حُبّ المأمومين الإطالة. وفي كون الواجب مع الزيادة على مرّةٍ الجميع أو الأولى ، ما مرّ في تسبيح الأخيرتين.

وأن يكون العدد «وتراً» خمساً ، أو سبعاً ، أو ما زاد منه. وعَدُّ الستّين لا ينافيه؛ لجواز الزيادة من غير عدّ ، أو بيان جواز المزدوج.

«والدعاءُ أمامَه» أي أمامَ الذكر بالمنقول ، وهو «اللّهمّ لك ركعت ... إلخ» (٢).

«وتسويةُ الظَّهر» حتّى (٣) لو صُبَّ عليه ماءٌ لم يزل لاستوائه.

«ومدُّ العُنُق» مستحضراً فيه : آمنت بك ولو ضَرَبتَ عُنُقي (٤).

«والتجنيحُ» بالعضدين والمرفقين بأن يُخرجهما عن ملاصقة جنبيه فاتحاً إبطيه كالجناحين.

«ووضعُ اليدين على» عيني «الرُّكبتين» حالةَ الذكر أجمع مالئاً كفّيه منهما «والبَدءةُ» في الوضع «باليمين» (٥) حالةَ كونهما «مُفرَّجتين» غيرَ

____________________

١) راجع الوسائل ٤ : ٩٢٦ ، الباب ٦ من أبواب الركوع ، الحديث الأوّل.

٢) الوسائل ٤ : ٩٢٠ ، الباب ١ من أبواب الركوع ، الحديث الأوّل.

٣) في (ش) بدل «حتى» : بحيث.

٤) كما ورد هذا التأويل عن أمير المؤمنين عليه السلام ، راجع الوسائل ٤ : ٩٤٢ ، الباب ١٩ من أبواب الركوع ، الحديث ٢.

٥) في (ش) و (ر) : باليمنى.

٢١٦

مضمومتي الأصابع.

«والتكبيرُ له» قائماً قبلَ الهُويّ «رافعاً يديه إلى حِذاء شَحْمَتي اُذُنيه» كغيره من التكبيرات.

«وقولُ «سمع اللّٰه لمن حمده» و* «الحمد للّٰه‌ربّ العالمين»» ... (١) «في» حالة «رفعه» منه مطمئنّاً. ومعنى «سمع» هنا : «استجاب» تضميناً ، ومن ثَمّ عدّاه ب‍ «اللام» ، كما عدّاه ب‍ «إلى» في قوله تعالى : (لاٰ يَسَّمَّعُونَ إِلَى اَلْمَلَإِ اَلْأَعْلىٰ) (٢) لمّا ضمّنه معنى «يُصغون» وإلّا فأصل السماع متعدٍّ بنفسه ، هو خبرٌ معناه الدعاء ، لا ثناء على الحامد.

«ويُكره أن يركع ويداه تحت ثيابه» بل تكونان بارزتين أو في كُمَّيه ، نسبه المصنِّف في الذكرى إلى الأصحاب (٣) ؛ لعدم وقوفه على نصٍّ فيه (٤).

«ثمّ تجب سجدتان ** على الأعضاء السبعة» : الجبهة والكفّين والركبتين وإ بهامي الرجلين. ويكفي من كلٍّ منها مسمّاه حتى الجبهة على

____________________

*) لم يرد «و» في (س) ونسخة (ش) من الشرح.

١) للدعاء تتمّة ، راجع الوسائل ٤ : ٩٤٠ ، الباب ١٧ من أبواب الركوع ، الحديث ٣.

٢) الصافّات : ٨.

٣) الذكرى ٣ : ٣٧٢.

٤) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : وأمّا رواية عمّار عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام «في الرجل يُدخِل يديه تحت ثوبه؟ قال : إن كان عليه ثوب آخر إزار أو سراويل فلا بأس ، وإن لم يكن فلا يجوز له ذلك ...» فليس نصّاً في كون الحكم حين الركوع. المناهج السويّة : ١١٧ وراجع الوسائل ٣ : ٣١٤ ، الباب ٤٠ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٤.

**) في (س) : ثم يجب أن يسجد سجدتين.

٢١٧

الأقوى. ولا بدّ مع ذلك من الانحناء إلى ما يساوي موقفه أو يزيد عليه أو ينقص عنه بما لا يزيد عن مقدار أربع أصابع مضمومةً.

«قائلاً فيهما : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» أو ما مرّ» من الثلاثة الصغرى اختياراً ، أو مطلق الذكر اضطراراً ، أو مطلقاً على المختار «مطمئنّاً بقدره» اختياراً.

«ثمّ رفع رأسه» بحيث يصير جالساً ، لا مطلق رفعه «مطمئنّاً» حال الرفع بمسمّاه.

«ويستحبّ : الطُمأنينة» بضمّ الطاء «عقيبَ» السجدة «الثانية» وهي المسمّاة بجلسة الاستراحة ، استحباباً مؤكّداً ، بل قيل بوجوبها (١).

«والزيادةُ على» الذكر «الواجب» بعددٍ وترٍ ، ودونه غيره.

«والدعاءُ» أمامَ الذكر «اللهمّ لك سجدت ... الخ» (٢).

«والتكبيرات الأربع» للسجدتين ، إحداها بعد رفعه من الركوع مطمئنّاً فيه ، وثانيتها بعد رفعه من السجدة الاُولى جالساً مطمئنّاً ، وثالثتها قبل الهُويّ إلى الثانية كذلك ، ورابعتها بعد رفعه منه معتدلاً.

«والتخويةُ للرجل» بل مطلق الذَكَر ، إمّا في الهُويّ إليه بأن يسبق بيديه ثمّ يهوي بركبتيه؛ لما روي : «أنّ عليّاً عليه السلام كان إذا سجد يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر ، يعني بروكه» (٣) أو بمعنى تجافي الأعضاء حالةَ السجود بأن يجنح

____________________

١) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ١٥٠.

٢) الوسائل ٤ : ٩٥١ ، الباب ٢ من أبواب السجود ، الحديث الأوّل.

٣) المصدر السابق : ٩٥٣ ، الباب ٣ ، الحديث الأوّل.

٢١٨

بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ولا يفترشهما كافتراش الأسد ، ويُسمّى هذا «تخوية» لأنّه إلقاء الخُويّ بين الأعضاء. وكلاهما مستحبٌّ للرجل ، دون المرأة ، بل تسبق في هُويّها بركبتيها وتبدأ بالقعود وتفترش ذراعيها حالتَه لأنّه أستر. وكذا الخنثى؛ لأنّه أحوط. وفي الذكرى سمّاهما تخوية (١) كما ذكرناه.

«والتورّك بين السجدتين» بأن يجلس على وركه الأيسر ويُخرجَ رجليه جميعاً من تحته جاعلاً رجله اليُسرى على الأرض وظاهرَ قدمِه اليُمنى على باطن اليسرى ويفضي بمقعدته إلى الأرض ، هذا في الذكَر. أمّا الاُنثى فترفع ركبتيها وتضع باطنَ كفّيها على فخذيها مضمومتي الأصابع.

«ثمّ يجب التشهّد عقيبَ» الركعة «الثانية» التي تمامها القيام من السجدة الثانية «و» كذا يجب «آخر الصلاة» إذا كانت ثلاثيّةً أو رباعيّةً.

«وهو : أشهد أن لا إله إلّااللّٰه وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد».

وإطلاق التشهّد على ما يشمل الصلاة على محمّدٍ وآله إمّا تغليبٌ أو حقيقةٌ شرعيّة.

وما اختاره من صيغته أكملُها ، وهي مجزئة بالإجماع ، إلّاأ نّه غير متعيّنٍ عند المصنّف ، بل يجوز عنده حذف «وحده لا شريك له» ولفظة «عبده» مطلقاً ، أو مع إضافة الرسول إلى المُظهَر (٢).

وعلى هذا فما ذكر هنا يجب تخييراً ، كزيادة التسبيح. ويمكن أن يريد

____________________

١) الذكرى ٣ : ٣٩٥.

٢) راجع الذكرى ٣ : ٤١٢.

٢١٩

انحصاره فيه؛ لدلالة النصّ الصحيح عليه (١) وفي البيان تردّد في وجوب ما حذفناه ، ثمّ اختار وجوبه تخييراً (٢).

ويجب التشهّد «جالساً مطمئنّاً بقدره».

«ويستحبّ التورّك» حالَته كما مرّ «والزيادة في الثناء والدعاء» قبلَه وفي أثنائه وبعده بالمنقول (٣).

«ثم يجب التسليم» على أجود القولين عنده (٤) وأحوطهما عندنا «وله عبارتان : السلام علينا وعلى عباد اللّٰه الصالحين ، أو السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته» مخيّراً فيهما «وبأ يّهما بدأ» كان هو الواجب وخرج به من الصلاة و «استُحبّ الآخر».

أمّا العبارة الاُولى : فعلى الاجتزاء بها والخروج [بها] (٥) من الصلاة دلّت الأخبار الكثيرة (٦) وأمّا الثانية : فمخرِجةٌ بالإجماع ، نقله المصنّف (٧)

____________________

١) قال الفاضل الإصفهاني قدس سره : وهو رواية محمّد بن مسلم. المناهج السويّة : ١٢٢ ، راجع الوسائل ٤ : ٩٩٢ ، الباب ٤ من أبواب التشهّد ، الحديث ٤.

٢) البيان : ١٧٥.

٣) راجع الوسائل ٤ : ٩٨٩ ، الباب ٣ من أبواب التشهّد.

٤) اختاره الحلبي في الكافي : ١٢٤ ، وابن أبي عقيل على ما نقل عنه في المختلف ٢ : ١٧٤ ، وسلّار في المراسم : ٦٩ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٢٣٣ ، والقول الآخر الاستحباب وهو للمفيد في المقنعة : ١٣٩ ، والشيخ في النهاية : ٨٩ ، والقاضي في المهذّب ١ : ٩٩ ، والحلّي في السرائر ١ : ٢٤١.

٥) أثبتناه من (ر).

٦) الوسائل ٤ : ١٠٠٧ و ١٠١٢ ، الأبواب ٢ و ٤ من أبواب التسليم.

٧) راجع الذكرى ٣ : ٤٣٢.

٢٢٠