الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

«الطفل» المتولّد من مؤمنَين «لأبويه» أو من مؤمنٍ له. ولو كانا غير مؤمنَين دعا عقيبها بما أحبّ ، والظاهر حينئذٍ عدم وجوبه أصلاً. والمراد بالطفل غير البالغ وإن وجبت الصلاة عليه.

«والمنافق» وهو هنا المخالف مطلقاً (١) «يقتصر» في الصلاة عليه «على أربع» تكبيرات «و* يلعنه» عقيب الرابعة. وفي وجوبه وجهان ، وظاهره هنا وفي البيان الوجوب (٢) ورجّح في الذكرى والدروس عدمه (٣).

والأركان من هذه الواجبات سبعة أو ستّة : النيّة ، والقيام للقادر ، والتكبيرات.

«ولا يشترط فيها الطهارة» من الحدث إجماعاً «ولا التسليم» عندنا إ جماعاً ، بل لا يُشرَع بخصوصه إلّامع التقيّة ، فيجب لو توقّفت عليه.

«ويستحبّ إعلام المؤمنين به» أي بموته ليتوفّروا على تشييعه وتجهيزه ، فيُكتب لهم الأجر وله المغفرة بدعائهم ، وليُجمع فيه بين وظيفتي التعجيل والإعلام ، فيُعلم منهم مَن لا ينافي التعجيل عرفاً ، ولو استلزم المُثلة (٤) حرم.

«ومشيُ المشيِّع خلفه أو إلى جانبيه» ويكره أن يتقدّمه لغير تقيّة «والتربيعُ» وهو حمله بأربعة رجالٍ من جوانب السرير الأربعة كيف اتّفق ، والأفضل التناوب ، وأفضله : أن يبدأ في الحمل بجانب السرير الأيمن ـ وهو الذي يلي يسار الميّت ـ فيحمله بكتفه الأيمن ، ثمّ ينتقل إلى مؤخّره الأيمن فيحمله

____________________

١) لم يرد «مطلقاً» في (ش) و (ف).

*) في (س) : أو.

٢) البيان : ٧٦.

٣) الذكرى ١ : ٤٣٩ ، الدروس ١ : ١١٣.

٤) المراد من المُثلة هنا تعفّن الجسد وتقطّعه.

١٢١

بالأيمن كذلك ، ثمّ ينتقل إلى مؤخّره الأيسر فيحمله بالكتف الأيسر ، ثمّ ينتقل إلى مقدّمه الأيسر فيحمله بالكتف الأيسر كذلك.

«والدعاء» حال الحمل بقوله : «بسم اللّٰه ، اللّهم صلّ على محمد وآل محمد ، اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات» (١) وعند مشاهدته بقوله : «اللّٰه أكبر ، هذا ما وعدنا اللّٰه (٢) ورسوله وصدق اللّٰه ورسوله ، اللّهم زدنا إيماناً وتسليماً ، الحمد للّٰه‌الذي تعزّز بالقدرة ، وقهر العباد بالموت (٣) الحمد للّٰه‌الذي لم يجعلني من السواد المخترم» (٤) وهو الهالك من الناس على غير بصيرة أو مطلقاً ، إشارة إلى الرضا بالواقع كيف كان والتفويض إلى اللّٰه تعالى بحسب الإمكان.

«والطهارة ولو تيمّماً * مع» القدرة على المائيّة مع «خوف الفوت» وكذا بدونه على المشهور.

«والوقوف» أي وقوف الإمام أو المصلّي وحده «عند وسط الرجل وصدر المرأة على الأشهر» ومقابل المشهور قول الشيخ في الخلاف : إنّه يقف عند رأس الرجل وصدر المرأة (٥) وقوله في الاستبصار : إنّه عند رأسها وصدره (٦) والخنثى هنا كالمرأة.

«والصلاة في» المواضع «المعتادة» لها للتبرّك بها بكثرة من صلّى

____________________

١) الوسائل ٢ : ٨٣١ ، الباب ٩ من أبواب الدفن ، الحديث ٤ مع اختلاف يسير.

٢) في (ع) و (ف) : وعد اللّٰه.

٣) و (٤) الوسائل ٢ : ٨٣٠ ـ ٨٣١ ، الباب ٩ من أبواب الدفن ، الحديث ٢ و ٣.

*) في (ق) : متيمّماً.

٥) الخلاف ١ : ٧٣١ ، المسألة ٥٦٢.

٦) الاستبصار ١ : ٤٧١ ، الحديث ١٨١٧.

١٢٢

فيها ، ولأنّ السامع بموته يقصدها.

«ورفع اليدين في التكبير كُلِّه على الأقوى» والأكثر على اختصاصه بالاُولى ، وكلاهما مرويٌّ (١) ولا منافاة فإنّ المندوب قد يترك أحياناً ، وبذلك يظهر وجه القوّة.

«ومن فاته بعض التكبيرات» مع الإمام «أتمّ الباقي» بعد فراغه «وَلاءً» من غير دعاء «ولو على القبر» على تقدير رفعها ووضعها فيه ، وإن بَعُد الفرض.

وقد أطلق المصنّف وجماعة جواز الوَلاء حينئذٍ (٢) عملاً بإطلاق النصّ (٣) وفي الذكرى : لو دعا كان جائزاً إذ هو نفي وجوب لا نفي جواز (٤) وقيّده بعضهم بخوف الفوت على تقدير الدعاء وإلّا وجب ما أمكن منه (٥) وهو أجود.

«ويُصلّي على من لم يُصلّ عليه يوماً وليلة» على أشهر القولين «أو دائماً» على القول الآخر (٦) وهو الأقوى.

____________________

١) راجع الوسائل ٢ : ٧٨٥ ، الباب ١٠ من أبواب صلاة الجنازة.

٢) كالشيخ في المبسوط ١ : ١٨٥ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٣٥٧ ، والعلّامة في بعض كتبه كالإرشاد ١ : ٢٦٣ ، والتحرير ١ : ١٣٠.

٣) قال في روض الجنان (٢ : ٨٣٣) : لقول الصادق عليه السلام : «فليقض ما بقي متتابعاً» راجع الوسائل ٢ : ٧٩٢ ، الباب ١٧ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث الأوّل.

٤) الذكرى ١ : ٤٦٢.

٥) كالعلّامة في بعض كتبه مثل التذكرة ٢ : ٨٥ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢٧٠ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٣٢.

٦) وهو قول ابني بابويه وأبي عقيل على ما حكاه عنهما في المختلف ، واختاره في المختلف أيضاً فيما إذا لم يصلّ على الميّت أصلاً ، اُنظر المختلف ٢ : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.

١٢٣

والأولى قراءة «يُصلّي» في الفعلين مبنيّاً للمعلوم ، أي يُصلّي مَن أراد الصلاة على الميّت إذا لم يكن هذا المريد قد صلّى عليه ولو بعد الدفن المدة المذكورة أو دائماً ، سواء كان قد صُلّي على الميّت أم لا. هذا هو الذي اختاره المصنّف في المسألة (١).

ويمكن قراءته مبنيّاً للمجهول ، فيكون الحكم مختصّاً بميّتٍ لم يُصلَّ عليه ، أمّا من صُلّي عليه فلا تُشرَع الصلاة عليه بعد دفنه. وهو قولٌ لبعض الأصحاب (٢) جمعاً بين الأخبار (٣) ومختار المصنّف أقوى.

«ولو حضرت جنازةٌ في الأثناء» أي في أثناء الصلاة على جنازةٍ اُخرى «أتمّها ثم استأنف» الصلاة «عليها» أي على الثانية ، وهو الأفضل مع عدم الخوف على الثانية. وربّما قيل : بتعيّنه إذا كانت الثانية مندوبةً؛ لاختلاف الوجه (٤). وليس بالوجه.

وذهب العلّامة (٥) وجماعةٌ من المتقدّمين (٦) والمتأخّرين (٧) إلى أنّه يتخيّر بين قطع الصلاة على الاُولى واستئنافها عليهما ، وبين إكمال الاُولى وإفراد الثانية

____________________

١) البيان : ٧٧ ، والذكرى ١ : ٤٠٧ ، والدروس ١ : ١١٢.

٢) وهو العلّامة في المختلف ٢ : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.

٣) الأخبار المانعة والمجوّزة ، راجع الوسائل ٢ : ٧٩٤ ، الباب ١٨ من أبواب صلاة الجنازة.

٤) قاله العلّامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢٧١ ، والتذكرة ٢ : ٨٦.

٥) في كتبه كالتذكرة ٢ : ٨٦ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢٧١ ، والقواعد ١ : ٢٣٢.

٦) كالصدوق في الفقيه ١ : ١٦٤ ، ذيل الحديث ٤٧٠ ، والشيخ في النهاية : ١٤٦ ، والحلّي في السرائر ١ : ٣٦١.

٧) كالمحقّق في الشرائع ١ : ١٠٧ ، والمعتبر ٢ : ٣٦٠.

١٢٤

بصلاةٍ ثانية ، محتجّين برواية عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام : «في قوم كبّروا على جنازةٍ تكبيرةً أو تكبيرتين ووضعت معها اُخرى ، قال عليه السلام : إن شاؤوا تركوا الاُولى حتّى يفرغوا من التكبيرة الأخيرة ، وإن شاؤوا رفعوا الاُولى وأتمّوا التكبير على الأخيرة ، كلّ ذلك لا بأس به» (١).

قال المصنّف في الذكرى : والرواية قاصرةٌ عن إفادة المدّعى؛ إذ ظاهرها أنّ ما بقي من تكبير الاُولى محسوبٌ للجنازتين ، فإذا فرغوا من تكبير الاُولى تخيّروا بين تركها بحالها حتى يُكملوا التكبير على الأخيرة ، وبين رفعها من مكانها والإتمام على الأخيرة ، وليس في هذا دلالةٌ على إبطال الصلاة على الاُولى بوجه ، هذا مع تحريم قطع الصلاة الواجبة. نعم ، لو خيف على الجنائز قُطعت الصلاة ثمّ استأنف عليها؛ لأنّه قطعٌ لضرورة (٢) وإلى ما ذكره أشار هنا بقوله :

«والحديث» الذي رواه عليّ بن جعفر عليه السلام «يدلّ على احتساب ما بقي من التكبير * لهما ثمّ يأتي بالباقي للثانية ، وقد حقّقناه في الذكرى» بما حكيناه عنها.

ثمّ استشكل بعد ذلك الحديث : بعدم تناول النيّة أوّلاً للثانية فكيف يُصرف باقي التكبيرات إليها ، مع توقّف العمل على النيّة؟ وأجاب : بإمكان حمله على إحداث نيّةٍ من الآن لتشريك باقي التكبير على الجنازتين (٣).

وهذا الجواب لا معْدل عنه ، وإن لم يصرّح بالنيّة في الرواية؛ لأنّها أمرٌ قلبيٌّ

____________________

١) الوسائل ٢ : ٨١١ ، الباب ٣٤ ، من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث الأوّل ، مع اختلاف يسير.

٢) و (٣) الذكرى ١ : ٤٦٣.

*) في (ق) : التكبيرات.

١٢٥

يكفي فيها مجرّد القصد إلى الصلاة على الثانية إلى آخر ما يُعتبر فيها. وقد حقّق المصنّف في مواضع : أنّ الصدر الأوّل ما كانوا يتعرّضون للنيّة (١) لذلك ، وإنّما أحدث البحث عنها المتأخّرون ، فيندفع الإشكال.

وقد ظهر من ذلك أن لا دليل على جواز القطع ، وبدونه يتّجه تحريمه.

وما ذكره المصنّف : من جواز القطع على تقدير الخوف على الجنائز ، غير واضح؛ لأنّ الخوف إن كان على الجميع أو على الاُولى فالقطع يزيد الضرر على الاُولى ولا يزيله؛ لانهدام ما قد مضى من صلاتها الموجب لزيادة مكثها ، وإن كان الخوف على الأخيرة فلا بدّ لها من المكث مقدار الصلاة عليها ، وهو يحصل مع التشريك الآن والاستئناف. نعم ، يمكن فرضه نادراً بالخوف على الثانية ، بالنظر إلى تعدّد الدعاء مع اختلافهما فيه ، بحيث يزيد ما يتكرّر منه على ما مضى من الصلاة.

وحيث يختار التشريك بينهما فيما بقي ينوي بقلبه على الثانية ، ويكبّر تكبيراً مشتركاً بينهما ـ كما لو حضرتا ابتداءً ـ ويدعو لكلّ واحدةٍ بوظيفتها من الدعاء مخيّراً في التقديم إلى أن يُكمل الاُولى ، ثمّ يُكمل ما بقي من الثانية.

ومثله ما لو اقتصر على صلاةٍ واحدةٍ على متعدّد ، فإنّه يُشرِّك بينهم فيما يتّحد لفظه ويُراعي في المختلف ـ كالدعاء لو كان فيهم مؤمن ومجهول ومنافق وطفل ـ وظيفة كلّ واحد ، ومع اتّحاد الصنف يُراعي تثنية الضمير وجمعه وتذكيره وتأنيثه ، أو يذكّر مطلقاً مؤوّلاً ب‍ «الميّت» أو يؤنّث مؤوّلاً ب‍ «الجنازة» والأوّل أولى.

____________________

١) اُنظر الذكرى ٢ : ١٠٤ ـ ١٠٥.

١٢٦

«الخامس : دفنه»

«والواجب مواراته في الأرض» على وجهٍ يحرس جثّته عن السباع ويُكتم رائحته عن الانتشار. واحترز ب‍ «الأرض» عن وضعه في بناءٍ ونحوه وإن حصل الوصفان «مستقبل القبلة» بوجهه ومقاديم بدنه «على جانبه الأيمن» مع الإمكان.

«ويستحبّ» أن يكون «عمقه *» أي الدفن مجازاً ، أو القبر المعلوم بالمقام «نحو قامةٍ» معتدلةٍ ، وأقلّ الفضل إلى الترقوة.

«ووضع الجنازة» عند قربها من القبر بذراعين أو ثلاثٍ عند رجليه «أوّلاً ونقل الرجُل» بعد ذلك «في ثلاث دفعات» حتى يتأهّب للقبر وإنزاله في الثالثة «والسبقُ برأسه» حالة الإنزال «والمرأة» توضع ممّا يلي القبلة وتُنقل دفعةً واحدةً وتُنزل «عَرْضاً» هذا هو المشهور ، والأخبار خالية عن الدفعات.

«ونزول الأجنبيّ» معه ، لا الرحم وإن كان ولداً «إلّافيها» فإنّ نزول الرحم معها أفضل ، والزوج أولى [بها] (١) منه ، ومع تعذّرهما فامرأةٌ صالحة ثمّ أجنبيٌّ صالح.

«وحَلّ عُقَد الأكفان» من قِبَل رأسه ورجليه «ووضع خدّه» الأيمن «على التراب» خارج الكفن.

____________________

*) في (ق) بدل «عمقه» : حفر.

١) في المخطوطات : به.

١٢٧

«وجعلُ» شيءٍ من «تربة *» الحسين عليه السلام «معه» تحت خدّه أو في مطلق الكفن أو تلقاء وجهه. ولا يقدح في مصاحبته لها احتمالُ وصول نجاسته إليها؛ لأصالة عدمه مع ظهور طهارته الآن.

«وتلقينه» الشهادتين والإقرار بالأئمّة عليهم السلام واحداً بعد واحد ممّن نزل معه إن كان وليّاً ، وإلّا استأذنه ، مُدنياً فاه إلى اُذنه قائلاً له : «اسمع» ثلاثاً قبله.

«والدعاءُ له» بقوله : «بسم اللّٰه وباللّٰه وعلى ملّة رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه وآله ، اللّهمّ عبدك نزل بك ، وأنت خير منزول به ، اللّهمّ افسح له في قبره ، وألحقه بنبيّه ، اللّهمّ إنّا لا نعلم منه إلّاخيراً وأنت أعلم به منّا» (١).

«والخروج من» قِبَل «الرجلين» لأنّه باب القبر ، وفيه احترامٌ للميّت «والإهالة» للتراب من الحاضرين غير الرحم «بظهور الأكُفّ مسترجعين» أي قائلين : «إنّا للّٰه‌وإنّا إليه راجعون» حالة الإهالة ، يقال : رجَّع واسترجع ، إذا قال ذلك (٢).

«ورفع القبر» عن وجه الأرض مقدار «أربع أصابع» مفرّجات إلى شبر لا أزيد ، ليُعرف فيزار ويُحترم ، ولو اختلفت سطوح الأرض اغتفر رفعه عن أعلاها وتأدّت السنّة بأدناها.

«وتسطيحه» لا يُجعل له في ظهره سنم؛ لأنّه من شعار الناصبة وبِدَعهم

____________________

*) في (س) : التربة.

١) راجع الوسائل ٢ : ٨٤٥ ، الباب ٢١ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

٢) اُنظر القاموس ٣ : ٢٨. وفي لسان العرب (٥ : ١٥٠) : ترجّع واسترجع.

١٢٨

المحدثة مع اعترافهم بأ نّه خلاف السنّة مراغمةً للفرقة المحقّة (١).

«وصبّ الماء عليه من قبل رأسه» إلى رجليه «دوراً» إلى أن ينتهي إليه «و» يُصبّ «الفاضل على وسطه» وليكن الصابّ مستقبلاً.

«ووضع اليد عليه» بعد نضحه بالماء مؤثّرةً في التراب مفرّجة الأصابع. وظاهر الأخبار أنّ الحكم مختصٌ بهذه الحالة ، فلا يستحبّ تأثيرها بعده ، روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إذا حُثي عليه التراب وسُوّي قبره فضع كفّك على قبره عند رأسه وفرِّج أصابعك واغمز كفّك عليه بعد ما ينضح بالماء» (٢) والأصل عدم الاستحباب في غيره. وأما تأثير اليد في غير التراب فليس بسنّة مطلقاً ، بل اعتقاده سنّةً بدعةٌ.

«مترحِّماً» عليه بما شاء من الألفاظ ، وأفضله «اللّهم جاف الأرض عن جنبيه وأصعِد إليك روحه ولقِّه منك رضواناً وأسكن قبره من رحمتك ما تُغنيه عن رحمة من سواك» (٣) وكذا يقوله كلّما زاره مستقبلاً.

«وتلقين الوليّ» أو من يأمره «بعد الانصراف» بصوتٍ عالٍ إلّامع التقيّة «ويتخيّر» الملقّن «في الاستقبال والاستدبار» لعدم ورود معيِّن.

«ويستحبّ التعزية» لأهل المصيبة ، وهي «تَفْعِلَة» من «العزاء» وهو الصبر ، ومنه «أحسن اللّٰه عزاءك» أي صبرك وسلوَك ، يُمدّ ويُقصّر. والمراد بها الحمل على الصبر والتسلية عن المصاب بإسناد الأمر إلى حكمة اللّٰه تعالى وعدله وتذكيره بما وعد اللّٰه الصابرين وما فعله الأكابر من المصابين ، فمن عزّى مصاباً

____________________

١) راجع المجموع للنووي ٥ : ٢٦٥.

٢) الوسائل ٢ : ٨٦٠ ، الباب ٣٣ من أبواب الدفن ، الحديث الأوّل.

٣) راجع الوسائل ٢ : ٨٥٥ ، الباب ٢٩ من أبواب الدفن ، الحديث ٣.

١٢٩

فله مثل أجره (١) ومن عزّى ثكلى كُسي بُرداً في الجنّة (٢).

وهي مشروعة «قبل الدفن» إجماعاً «وبعده» عندنا.

«وكلّ أحكامه» أي أحكام الميّت «من فروض * الكفاية» إن كانت واجبةً «أو ندبها» إن كانت مندوبةً.

ومعنى الفرض الكفائي : مخاطبة الكلّ به ابتداءً على وجهٍ يقتضي وقوعه من أيّهم كان وسقوطه بقيام من فيه الكفاية ، فمتى تلبّس به من يُمكنه القيام به سقط عن غيره سقوطاً مراعى بإكماله ، ومتى لم يتّفق ذلك أثم الجميع في التأخّر عنه ، سواء في ذلك الوليّ وغيره ممّن علم بموته من المكلّفين القادرين عليه.

____________________

١) كما ورد في الحديث ، راجع المستدرك ٢ : ٣٤٨ ، الباب ٤٠ من أبواب الدفن ، الحديث ٢.

٢) كما ورد في الحديث أيضاً ، راجع المستدرك ٢ : ٣٤٩ ، الباب ٤٠ من أبواب الدفن ، الحديث ٦.

*) في (ق) : فرض.

١٣٠

«الفصل الثالث»

«التيمّم»

«وشرطه عدمُ الماء» بأن لا يوجد مع طلبه على الوجه المعتبر.

«أو عدم الوصلة * إليه» مع كونه موجوداً : إمّا للعجزعن الحركة المحتاج إليها في تحصيله لكِبَر أو مرضٍ أو ضعف قوّةٍ ولم يجد معاوناً ولو باُجرةٍ مقدورة ، أو لضيق الوقت بحيث لا يُدرك منه معه بعد الطهارة ركعة ، أو لكونه في بئرٍ بعيد القعر يتعذّر الوصول إليه بدون الآلة وهو عاجز عن تحصيلها ولو بعوضٍ أو شقّ ثوبٍ نفيس أو إعارة ، أو لكونه موجوداً في محلٍّ يُخاف من السعي إليه على نفسٍ أو طَرَفٍ أو مالٍ محترمةٍ أو بُضعٍ أو عرض أو ذهاب عقلٍ ولو بمجرّد الجبن ، أو لوجوده بعوضٍ يعجز عن بذله لعُدمٍ أو حاجةٍ ولو في وقت مترقّب.

ولا فرق في المال المخوف ذهابه والواجب بذله عوضاً ـ حيث يجب حفظ الأوّل وبذل الثاني ـ بين القليل والكثير. والفارق النصّ (١) لا أنّ الحاصل بالأوّل العوض على الغاصب وهو منقطع وفي الثاني الثواب وهو دائم؛ لتحقّق الثواب

____________________

*) في (ق) : الوصول.

١) راجع الوسائل ٢ : ٩٦٤ ، الباب ٢ من أبواب التيمّم ، الحديث ٢. و ٩٩٧ ، الباب ٢٦ من أبواب التيمّم ، الحديث الأوّل.

١٣١

فيهما مع بذلهما اختياراً طلباً للعبادة لو اُبيح ذلك ، بل قد يجتمع في الأوّل العوض والثواب بخلاف الثاني.

«أو الخوف من استعماله» لمرضٍ حاصلٍ ـ يخاف زيادته أو بطؤه أو عُسر علاجه ـ أو متوقّعٍ ، أو بردٍ شديد يشقّ تحمّله ، أو خوف عطشٍ حاصلٍ أو متوقّعٍ في زمانٍ لا يحصل فيه الماء عادةً أو بقرائن الأحوال لنفسٍ محترمةٍ ولو حيواناً.

«ويجب طلبه» مع فقده في كلّ جانبٍ «من الجوانب الأربعة غلوة سهمٍ» ـ بفتح الغين ـ وهي : مقدار رمية من الرامي بالآلة معتدلين «في» الأرض «الحَزْنة» ـ بسكون الزاء المعجمة ـ خلاف السهْلة ، وهي : المشتملة على نحو الأشجار والأحجار والعلوّ والهبوط المانع من رؤية ما خلفه «و» غلوة «سهمين في السَّهْلة» ولو اختلفت في الحزونة والسهولة توُزّع بحسبهما.

وإنّما يجب الطلبُ كذلك مع احتمال وجوده فيها ، فلو علم عدمه مطلقاً أو في بعض الجهات سقط الطلب مطلقاً أو فيه ، كما أنّه لو علم وجوده في أزيد من النصاب وجب قصده مع الإمكان ما لم يخرج الوقت.

وتجوز الاستنابة فيه ، بل قد تجب ولو باُجرةٍ مع القدرة. ويشترط عدالة النائب إن كانت اختياريّة وإلّا فمع إمكانها ، ويُحتسب لهما على التقديرين. ويجب طلب التراب كذلك لو تعذّر مع وجوبه.

«ويجب» التيمّم «بالتراب الطاهر أو الحجر» لأنّه من جملة الأرض (١)

____________________

١) قال المحقّق في المعتبر [١ : ٣٧٦] : الإجماع على أنّ الحجر من جملة الأرض ، وقال المفسّرون [التبيان ٣ : ٢٠٧ ومجمع البيان ٢ : ٥١] : إنّ الصعيد هو وجه الأرض فيدخل الحجر ، وفسّره بعض أهل اللغة [الصحاح ٢ : ٤٩٨ ، (صعد)] بالتراب فلا يدخل ، لكنّ المثبت للزيادة مقدّم. (منه رحمه الله).

١٣٢

إجماعاً. و «الصعيد» المأمور به هو وجهها ، ولأ نّه ترابٌ اكتسب رطوبةً لزجة وعملت فيه الحرارة فأفادته استمساكاً. ولا فرق بين أنواعه : من رُخام وبرام (١) وغيرهما.

خلافاً للشيخ حيث اشترط في جواز استعماله فقدَ التراب (٢) أمّا المنع منه مطلقاً فلا قائل به.

ومن جوازه بالحجر يستفاد جوازه بالخَزَف بطريقٍ أولى؛ لعدم خروجه بالطبخ عن اسم «الأرض» وإن خرج عن اسم «التراب» كما لم يخرج الحجر مع أنّه أقوى استمساكاً منه. خلافاً للمعتبر محتجّاً بخروجه ، مع اعترافه بجواز السجود عليه. وما يخرج عنها بالاستحالة يمنع من السجود عليه وإن كانت دائرة السجود أوسع بالنسبة إلى غيره.

«لا بالمعادن» كالكُحل والزَرْنيخ وتراب الحديد ونحوه «و» لا «النورة» والجصّ بعد خروجهما عن اسم الأرض بالإحراق ، أمّا قبله فلا.

«ويكره» التيمّم «بالسَّبخة» ـ بالتحريك فتحاً وكسراً والسكون ، وهي : الأرض المالحة النشّاشة ـ على أشهر القولين (٣) ، ما لم يَعلُها ملحٌ يمنع إصابة بعض الكفّ للأرض ، فلا بدّ من إزالته «والرمل» لشبههما بأرض المعدن ، ووجه الجواز بقاء اسم الأرض.

«ويستحبّ من العوالي» وهي ما ارتفع من الأرض؛ للنصّ (٤) ولبعدها

____________________

١) الرُخام : حجر أبيض رخو ، بالفارسيّة : «مرمر». والبِرام جمع البُرمة : القِدْر من الحجارة.

٢) في النهاية : ٤٩.

٣) والقول الآخر : المنع ، حكاه في المعتبر والمختلف عن ابن الجنيد ، اُنظر المعتبر ١ : ٣٧٤ ، والمختلف ١ : ٤٢٥ ، وراجع روض الجنان ١ : ٣٢٧.

٤) اُنظر الوسائل ٢ : ٩٦٩ ، الباب ٦ من أبواب التيمم ، الحديث ١ و ٢.

١٣٣

من النجاسة؛ لأنّ المهابط تُقصد للحدث ، ومنه سمّي «الغائط» لأنّ أصله المنخفض ، سُمّي الحالّ باسمه (١) لوقوعه فيه كثيراً.

«والواجب» في التيمّم «النيّة» وهي القصد إلى فعله ـ وسيأتي بقيّة ما يُعتبر فيها ـ مقارنةً لأوّل أفعاله «و» هو «الضرب على الأرض بيديه» معاً ، وهو وضعهما بمسمّى الاعتماد ، فلا يكفي مسمّى الوضع على الظاهر. خلافاً للمصنّف في الذكرى ، فإنّه جعل الظاهر الاكتفاء بالوضع (٢) ومنشأ الاختلاف تعبير النصوص بكلٍّ منهما (٣) وكذا عبارات الأصحاب (٤) فمن جوّزهما جعله دالّاً على أنّ المؤدّى واحد ، ومن عيّن الضرب حمل المطلق على المقيَّد.

وإنّما يعتبر اليدان معاً مع الاختيار ، فلو تعذّرت إحداهما ـ لقطعٍ أو مرضٍ أو ربطٍ ـ اقتصر على الميسور ومسح الجبهة به وسقط مسح اليد.

ويحتمل قوّياً مسحها بالأرض ، كما يمسح الجبهة بها لو كانتا مقطوعتين ، وليس كذلك لو كانتا نجستين ، بل يمسح بهما كذلك مع تعذّر التطهير ، إلّا أن تكون

____________________

١) في (ر) : باسم المحلّ.

٢) الذكرى ٢ : ٢٥٩.

٣) اُنظر الوسائل ٢ : ٩٧٥ ، الباب ١١ من أبواب التيمّم. والباب ١٣ ، الحديث ٣.

٤) فقد جاء في كثير من كتبهم كلمة «الضرب» كالهداية : ٨٧ ، والمقنع : ٢٦ ، والمقنعة : ٦٢ ، وجمل العلم والعمل (رسائل المرتضى) ٣ : ٢٥ ، والجمل والعقود (الرسائل العشر) : ١٦٩ ، والمهذّب ١ : ٤٧ ، والمراسم : ٥٤ ، والسرائر ١ : ١٣٦ ، والغنية : ٦٣ ، والوسيلة : ٧١ ، ونهاية الإحكام ١ : ٢٠٦. وورد في بعضها «الوضع» كالجامع للشرائع : ٤٦. وفي البعض الآخر ورد كلا التعبيرين ، كالمبسوط ١ : ٣٢ ـ ٣٣ ، والنهاية : ٤٩ ـ ٥٠ ، والشرائع ١ : ٤٨ ، وقواعد الأحكام ١ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، والدروس ١ : ١٣٢ ، والبيان : ٨٦ ـ ٨٧ ، والذكرى ٢ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

١٣٤

متعدّية أو حائلة فيجب التجفيف وإزالة الحائل مع الإمكان ، فإن تعذّر ضرب بالظهر إن خلا منها ، وإلّا ضرب بالجبهة في الأوّل وباليد النجسة في الثاني ، كما لو كان عليها جبيرة.

والضرب «مرّةً للوضوء» أي لتيمّمه الذي هو بدل منه «فيمسح بهما جَبهته من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى» بادئاً بالأعلى ، كما أشعر به «من» و «إلى» وإن احتمل غيره.

وهذا القدر من الجبهة متّفقٌ عليه. وزاد بعضهم مسحَ الحاجبين (١) ونفى عنه المصنّف في الذكرى البأس (٢). وآخرون مسح الجبينين (٣) وهما المحيطان بالجبهة يتّصلان بالصُّدْغَين. وفي الثاني قوّة؛ لوروده في بعض الأخبار الصحيحة (٤) أمّا الأوّل فما يتوقّف عليه منه من باب المقدّمة لا إشكال فيه وإلّا فلا دليل عليه.

«ثمّ» يمسح «ظهر يده اليمنى ببطن اليسرى من الزند» بفتح الزاي ، وهو موصل طرف الذراع في الكفّ «إلى أطراف الأصابع ، ثمّ» مسح ظهر «اليسرى» ببطن اليمنى «كذلك» مبتدئاً بالزند إلى الآخر ، كما أشعر به كلامه. «ومرّتين للغُسل» إحداهما يمسح بها جبهته والاُخرى يديه.

«ويتيمّم * غير الجنب» ممّن عليه حدثٌ يوجب الغُسل عند تعذّر

____________________

١) قال قدس سره في روض الجنان : «وزاد الصدوق مسح الحاجبين أيضاً» روض الجنان ١ : ٣٣٩ ، وانظر الفقيه ١ : ١٠٤ ، ذيل الحديث ٢١٣ ، والهداية : ٨٨ ، وفيهما زيادة «الجبينين» أيضاً.

٢) الذكرى ٢ : ٢٦٣.

٣) وهو المحقّق الثاني ، اُنظر جامع المقاصد ١ : ٤٩٠ ـ ٤٩١.

٤) اُنظر الوسائل ٢ : ٩٧٦ ـ ٩٧٧ ، الباب ١١ من أبواب التيمّم ، الأحاديث ٣ ، ٦ ، ٨ و ٩.

*) في نسختي المتن : تيمّم.

١٣٥

استعمال الماء مطلقاً «مرّتين» إحداهما بدلاً من الغُسل بضربتين ، والاُخرى بدلاً من الوضوء بضربة. ولو قدر على الوضوء خاصّةً وجب وتيمّم عن الغُسل كالعكس ، مع أنّه يصدق عليه أنّه محدثٌ غير جنب ، فلا بدّ في إخراجه من قيد ، وكأ نّه تركه اعتماداً على ظهوره.

«ويجب في النيّة» قصد «البدليّة» من الوضوء أو الغسل إن كان التيمّم بدلاً عن أحدهما كما هو الغالب ، فلو كان تيمّمه لصلاة الجنازة أو للنوم على طهارة أو لخروجه جنباً من أحد المسجدين ـ على القول باختصاص التيمّم بذلك كما هو أحد قولي المصنّف (١) ـ لم يكن بدلاً من أحدهما ، مع احتمال بقاء العموم بجعله فيها بدلاً اختياريّاً.

«و» يجب فيه نيّة «الاستباحة» لمشروطٍ بالطهارة «والوجه» من وجوب أو ندب ، والكلام فيهما كالمائيّة (٢) «والقربة» ولا ريب في اعتبارها في كلّ عبادةٍ مفتقرةٍ إلى نيّة ، ليتحقّق الإخلاص المأمور به في كلّ عبادة.

«وتجب» فيه «الموالاة» بمعنى المتابعة بين أفعاله بحيث لا يُعدّ مُفرِّقاً عرفاً. وظاهر الأصحاب الاتّفاق على وجوبها. وهل يبطل بالإخلال بها أو يأثم خاصّةً؟ وجهان. وعلى القول بمراعاة الضيق فيه مطلقاً (٣) يظهر قوّة الأوّل ، وإلّا فالأصل يقتضي الصحّة.

«ويستحبّ نفض اليدين» بعد كلّ ضربةٍ بنفخ ما عليهما من أثر الصعيد ، أو مسحهما ، أو ضرب إحداهما بالاُخرى.

____________________

١) قاله في الدروس ١ : ٨٦.

٢) راجع الصفحة ٧٦.

٣) مع رجاء زوال العذر وعدمه.

١٣٦

«وليكن» التيمّم «عند آخر الوقت» بحيث يكون قد بقي منه مقدار فعله مع باقي شرائط الصلاة المفقودة والصلاة تامّة الأفعال علماً أو ظنّاً ، ولا يؤثّر فيه ظهور الخلاف «وجوباً مع الطمع في الماء» ورجاء حصوله ولو بالاحتمال البعيد «وإلّا استحباباً» على أشهر الأقوال بين المتأخّرين (١).

والثاني ـ وهو الذي اختاره المصنّف في الذكرى (٢) وادّعى عليه المرتضى (٣) والشيخ الإ جماع (٤) ـ : مراعاة الضيق مطلقاً.

والثالث : جوازه مع السعة مطلقاً ، وهو قول الصدوق (٥).

والأخبار بعضها دالٌّ على اعتبار الضيق مطلقاً (٦) وبعضها غير منافٍ له (٧) فلا وجه للجمع بينها بالتفصيل. هذا في التيمّم المبتدأ.

أمّا المستدام ، كما لو تيمّم لعبادةٍ عند ضيق وقتها ولو بنذر ركعتين في وقتٍ معيّن يتعذّر فيه الماء ، أو عبادةٍ راجحةٍ بالطهارة ولو ذكراً ، جاز فعل

____________________

١) كالمحقّق والعلّامة وولده فخر الدين وابن فهد والصيمري والمحقّق الثاني ، اُنظر المعتبر ١ : ٣٨٤ وقواعد الأحكام ١ : ٢٣٩ ، وإ يضاح الفوائد ١ : ٧٠ ، والموجز (الرسائل العشر) : ٥٧ ، وكشف الالتباس ١ : ٣٧٧ ، وجامع المقاصد ١ : ٥٠١.

٢) الذكرى ٢ : ٢٥٤.

٣) اُنظر الناصريّات : ١٥٧ ، المسألة ٥١ ، والانتصار : ١٢٣.

٤) لم نعثر على ادّعاء الإجماع في كتبه.

٥) اُنظر الهداية : ٨٧ ، وأمالي الصدوق : ٥١٥ ، حيث لم يذكر التأخير فيهما ، ولكن قال قدس سره في المقنع : «اعلم أنّه لا يتيمّم الرجل حتّى يكون في آخر الوقت» المقنع : ٢٥.

٦) اُنظر الوسائل ٢ : ٩٩٣ ـ ٩٩٤ ، الباب ٢٢ من أبواب التيمّم.

٧) مثل خبر زرارة وخبر معاوية بن ميسرة اللذين ذكرهما في روض الجنان ١ : ٣٢٩ ، ونقلهما في الوسائل ٢ : ٩٨٣ ـ ٩٨٤ ، الباب ١٤ من أبواب التيمّم ، الحديث ٩ و ١٣.

١٣٧

غيرها به مع السعة.

«ولو تمكّن من» استعمال «الماء انتقض» تيمّمه عن الطهارة التي تمكّن منها ، فلو تمكّن مَن عليه غير غسل الجنابة من الوضوء خاصّةً انتقض تيمّمه خاصّةً ، وكذا الغسل.

والحكم بانتقاضه بمجرّد التمكّن مبنيٌّ على الظاهر ، وأمّا انتقاضه مطلقاً فمشروطٌ بمضيّ زمانٍ يسع فعل المائيّة متمكّناً منها ، فلو طرأ بعد التمكّن مانعٌ قبله كشف عن عدم انتقاضه ـ سواء شرع فيها أم لا ـ كوجوب الصلاة بأوّل الوقت والحجّ للمستطيع بسير القافلة ، مع اشتراط استقرار الوجوب بمضيّ زمانٍ يسع الفعل؛ لاستحالة التكليف بعبادةٍ في وقت لا يسعها. مع احتمال انتقاضه مطلقاً كما يقتضيه ظاهر الأخبار (١) وكلام الأصحاب (٢).

وحيث كان التمكّن من الماء ناقضاً ، فإن اتّفق قبل دخوله في الصلاة انتقض إ جماعاً على الوجه المذكور ، وإن وجده بعد الفراغ صحّت وانتقض بالنسبة إلى غيرها.

«ولو وجده في أثناء الصلاة» ولو بعد التكبير «أتمّها» مطلقاً «على الأصحّ» عملاً بأشهر الروايات (٣) وأرجحها سنداً ، واعتضاداً بالنهي الوارد عن

____________________

١) قال في روض الجنان : «مثل قول الباقر عليه السلام : ما لم يحدث أو يصب ماءً» اُنظر روض الجنان ١ : ٣٤٧ ، وراجع الوسائل ٢ : ٩٨٩ ، الباب ١٩ من أبواب التيمّم ، الحديث الأوّل ، وكذا سائر أخبار الباب.

٢) حيث عبّروا ب‍ «التمكّن» أو «الوجدان» ولم يشترطوا استمراره. المناهج السوية : ٣٢٢.

٣) وهو ما رواه محمّد بن حمران عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام ، اُنظر روض الجنان ١ : ٣٤٨ ، وراجع الوسائل ٢ : ٩٩٢ ، الباب ٢١ من أبواب التيمّم ، الحديث (٣).

١٣٨

قطع الأعمال (١) ولا فرق في ذلك بين الفريضة والنافلة.

وحيث حُكم بالإتمام فهو للوجوب على تقدير وجوبها ، فيحرم قطعها والعدول بها إلى النافلة؛ لأنّ ذلك مشروطٌ بأسبابٍ مسوِّغة. والحمل على ناسي الأذان قياس. ولو ضاق الوقت فلا إشكال في التحريم.

وهل ينتقض التيمّم بالنسبة إلى غير هذه الصلاة على تقدير عدم التمكّن منه بعدها؟ الأقرب العدم؛ لما تقدّم : من أنّه مشروطٌ بالتمكّن ، ولم يحصل ، والمانع الشرعي كالعقلي.

ومقابل الأصحّ أقوالٌ :

منها : الرجوع ما لم يركع (٢).

ومنها : الرجوع ما لم يقرأ (٣).

ومنها : التفصيل بسعة الوقت وضيقه (٤).

والأخيران لا شاهد لهما ، والأوّل مستند إلى روايةٍ (٥) معارضةٍ بما هو أقوى منها (٦).

____________________

١) وهو قوله تعالى : (وَلاٰ تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ) سورة محمّد : ٣٣.

٢) وهو قول الصدوق والسيّد المرتضى والشيخ ، اُنظر المقنع : ٢٦ ، وجمل العلم والعمل (رسائل المرتضى) ٣ : ٢٦ ، والنهاية : ٤٨.

٣) وهو قول سلّار في المراسم : ٥٤.

٤) قاله الشيخ في التهذيب ١ : ٢٠٤ ، ذيل الحديث ٥٩٠ ، وهو ظاهر ابن زهرة في الغنية : ٦٤.

٥) وهي رواية ابن عاصم ، اُنظر روض الجنان ١ : ٣٤٨ ، وراجع الوسائل ٢ : ٩٩٢ ، الباب ٢١ من أبواب التيمّم ، الحديث (٢).

٦) وهو ما وراه محمّد بن حمران عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام ، اُنظر روض الجنان ١ : ٣٤٨ ، والوسائل ٢ : ٩٩٢ ، الباب ٢١ من أبواب التيمّم ، الحديث ٣.

١٣٩
١٤٠