الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5662-45-1
ISBN الدورة:
964-5662-44-3

الصفحات: ٥٩٢

«ويكره وطؤها» قُبُلاً «بعد الانقطاع قبل الغُسل على الأظهر» خلافاً للصدوق رحمه الله حيث حرّمه (١) ومستند القولين الأخبار المختلفة ظاهراً (٢) والحمل على الكراهة طريق الجمع. والآية (٣) ظاهرةٌ في التحريم قابلةٌ للتأويل.

«وتقضي كلَّ صلاةٍ تمكّنت من فعلها قبله» بأن مضى من أوّل الوقت مقدارُ فعلها وفعل ما يعتبر فيها ممّا ليس بحاصلٍ لها طاهرةً «أو * فعل ركعة مع الطهارة» وغيرها من الشرائط المفقودة «بعده».

«وأمّا الاستحاضة»

«فهي ما» أي الدم الخارج من الرَحِم الذي «زاد على العشرة» مطلقاً «أو العادة مستمرّاً» إلى أن تجاوز العشرة ، فيكون تجاوزها كاشفاً عن كون السابق عليها بعد العادة استحاضةً «أو بعد اليأس» ببلوغ الخمسين أو الستّين على التفصيل (٤) «أو بعد النفاس» كالموجود بعد العشرة أو فيها بعد أيّام العادة مع تجاوز العشرة ، إذا لم يتخلّله نقاءُ أقلّ الطهر أو يصادفْ أيّام العادة في الحيض

____________________

١) الهداية : ٩٩ ، والفقيه ١ : ٩٥ ، ذيل الحديث ١٩٩.

٢) اُنظر الأخبار ـ المجوّزة والمانعة ـ في الوسائل ٢ : ٥٧٢ ، الباب ٢٧ من أبواب الحيض. وراجع روض الجنان ١ : ٢١٧.

٣) وهو قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا اَلنِّسٰاءَ فِي اَلْمَحِيضِ وَلاٰ تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰى يَطْهُرْنَ فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اَللّٰهُ ...) سورة البقرة : ٢٢٢.

*) في (س) : و.

٤) المتقدّم في الصفحة ٩٤ ـ ٩٥.

١٠١

بعد مضيّ عشرةٍ فصاعداً من أيّام النفاس أو يحصلْ فيه تمييزٌ (١) بشرائطه.

«ودمُها» أي : دم (٢) الاستحاضة «أصفر بارد رقيق فاتر» أي يخرج بتثاقل وفتور لا بدفع «غالباً» ومقابل الغالب ما تجده في الوقت المذكور فإنّه يحكم بكونه استحاضةً وإن كان بصفة دم الحيض؛ لعدم إمكانه.

ثمّ الاستحاضة تنقسم إلى قليلة وكثيرة ومتوسّطة؛ لأنّها إمّا أن لا تَغمس القطنة أجمع ظاهراً وباطناً ، أو تغمسها كذلك ولا تسيل عنها بنفسه إلى غيرها ، أو تسيل عنها إلى الخرقة.

«فإذا لم يغمس القطنةَ تتوضّأ لكلّ صلاة مع تغييرها *» القطنةَ؛ لعدم العفو عن هذا الدم مطلقاً ، وغَسلِ ما ظهر من الفرج عند الجلوس على القدمين ، وإنّما تركه؛ لأنّه إزالة خبثٍ قد علم ممّا سلف.

«وما يغمسها بغير سيلٍ يزيد» على ما ذكر في الحالة الاُولى «الغُسلَ للصبح» إن كان الغمس قبلها ، ولو كانت صائمةً قدّمته على الفجر واجتزأت به للصلاة. ولو تأخّر الغمس عن الصلاة فكالأوّل.

«وما يسيل» يجب له جميع ما وجب في الحالتين ، وتزيد عنهما (٣) أنّها «تغتسل أيضاً للظهرين» تجمع بينهما به «ثمّ العشاءين **» كذلك «وتغيّر *** الخرقة فيهما» أي في الحالتين ـ الوسطى والأخيرة ـ لأنّ الغمس

____________________

١) في (ش) و (ع) : تميّز.

٢) لم يرد «دم» في (ع).

*) في صريح (س) وظاهر (ق) : تغيّرها.

٣) في (ر) : عليهما.

**) في (ق) ونسخة (ر) من الشرح : للعشاءين.

***) في (س) ونسخة (ش) و (ف) من الشرح : تغيير.

١٠٢

يوجب رطوبةَ ما لاصق الخرقة من القطنة وإن لم يسل إليها فتنجس ، ومع السيلان واضح. وفي حكم تغييرها تطهيرها.

وإنّما يجب الغسل في هذه الأحوال مع وجود الدم الموجب له قبل فعل الصلاة وإن كان في غير وقتها إذا لم تكن قد اغتسلت له بعده ، كما يدلّ عليه خبر الصحّاف (١) وربّما قيل : باعتبار وقت الصلاة (٢) ولا شاهد له (٣).

(وأمّا النِّفاس»

بكسر النون «فدم الولادة معها» بأن يقارن خروج جزءٍ ـ وإن كان منفصلاً ـ ممّا يُعدّ آدميّاً أو مبدأ نشوء آدميٍّ ، وإن كان مُضغةً مع اليقين. أمّا العَلَقَة ـ وهي القطعة من الدم الغليظ ـ فإن فرض العلم بكونها مبدأ نشوء إنسانٍ كان دمها نفاساً ، إلّاأ نّه بعيدٌ «أو بعدها» بأن يخرج الدم بعد خروجه أجمع.

ولو تعدّد الجزء منفصلاً أو الولد فلكلٍّ نفاسٌ وإن اتّصلا. ويتداخل منه ما اتّفقا فيه.

واحترز بالقيدين عمّا يخرج قبل الولادة ، فلا يكون نفاساً بل استحاضة ، إلّا مع إمكان كونه حيضاً.

____________________

١) الوسائل ٢ : ٦٠٦ ، الباب الأوّل من أبواب الاستحاضة ، الحديث ٧.

٢) كابن فهد في الموجز (الرسائل العشر) : ٤٧ ، والشهيد في الدروس ١ : ٩٩.

٣) نبّه بقوله : «ولا شاهد له» على خلاف المصنّف في الاستدلال بخبر الصحّاف فإنّه استدلّ به في الدروس [١ : ١٠٠] والذكرى [١ : ٢٤٨] على اعتبار أوقات الصلاة ، ونحن اعتبرناه فوجدناه دالّاً على عدم اعتبارها صريحاً فتأمّله. (منه رحمه الله).

١٠٣

«وأقلّه مسمّاه» وهو وجوده في لحظةٍ ، فيجب الغُسل بانقطاعه بعدها. ولو لم ترَ دماً فلا نفاس عندنا.

«وأكثره قدْر العادة في الحيض» للمعتادة على تقدير تجاوزه العشرة ، وإلّا فالجميع نفاس وإن تجاوزها كالحيض «فإن لم تكن» لها عادة «فالعشرة» أكثره على المشهور.

وإنّما يُحكم به نفاساً في أيّام العادة وفي مجموع العشرة مع وجوده فيهما أو في طرفيهما. أمّا لو رأته في أحد الطرفين خاصّة أو فيه وفي الوسط فلا نفاس لها في الخالي عنه متقدّماً ومتأخّراً ، بل في وقت الدم أو الدمين فصاعداً وما بينهما ، فلو رأت أوّله لحظةً وآخر السبعة لمعتادتها فالجميع نفاس ، ولو رأته آخرها خاصّةً فهو النفاس. ومثله رؤية المبتدأة والمضطربة في العشرة ، بل المعتادة على تقدير انقطاعه عليها.

ولو تجاوز فما وُجد منه في العادة وما قبله إلى أوّل زمان الرؤية نفاسٌ خاصّةً ، كما لو رأت رابع الولادة مثلاً وسابعها لمعتادتها واستمرّ إلى أن تجاوز العشرة فنفاسها الأربعة الأخيرة من السبعة خاصّةً ، ولو رأته في السابع خاصّةً فتجاوزها فهو النفاس خاصّةً ، ولو رأته من أوّله والسابع وتجاوز العشرة ـ سواء كان بعد انقطاعه أم لا ـ فالعادة خاصّةً نفاس ، ولو رأته أوّلاً وبعد العادة وتجاوز فالأوّل خاصّةً نفاس ، وعلى هذا القياس.

«وحكمها كالحائض» في الأحكام الواجبة والمندوبة والمحرّمة والمكروهة.

وتفارقها في الأقلّ والأكثر ، والدلالة على البلوغ ، فإنّه مختصّ بالحائض لسبق دلالة النفساء (١) بالحمل ، وانقضاء العدّة بالحيض دون النفاس غالباً ،

____________________

١) في (ش) و (ر) : النفاس.

١٠٤

ورجوع الحائض إلى عادتها وعادة نسائها والروايات والتمييز دونها. ويختصّ النفاس بعدم اشتراط أقلّ الطُهر بين النفاسين ـ كالتوأمين ـ بخلاف الحيضتين.

«ويجب الوضوء مع غُسلهنّ» متقدّماً عليه أو متأخّراً «ويستحبّ قبله» وتتخيّر فيه بين نيّة الاستباحة والرفع مطلقاً ـ على أصحّ القولين (١) ـ إذا وقع بعد الانقطاع.

«وأمّا غُسل المسّ»

للميّت الآدمي النجس «فبعد البرد وقبل التطهير» بتمام الغُسل ، فلا غُسل بمسّه قبل البرد وبعد الموت. وفي وجوب غَسل العضو اللامس قولان (٢) أجودهما ذلك ، خلافاً للمصنّف (٣) وكذا لا غُسل بمسّه بعد الغُسل. وفي وجوبه بمسّ عضوٍ كَمُلَ غسله قولان ، اختار المصنّف عدمه (٤).

وفي حكم الميّت جزؤه المشتمل على عظمٍ ، والمبانُ منه من حيٍّ ، والعظم

____________________

١) ذهب إلى ذلك ابن حمزة في الوسيلة : ٥٦ ، والعلّامة في المختلف ١ : ٣٧٠ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٣٢٨. والقول الآخر : أنّه يتعيّن فيه نيّة الاستباحة ، ذهب إليه ابن إدريس في السرائر ١ : ١٥١.

٢) فقيل بوجوب الغَسل مطلقاً ، كالعلّامة في القواعد ١ : ١٩٣ ، والشهيد في البيان : ٨٢ ، والصيمري في كشف الالتباس ١ : ٣١٩. وقيل بعدم وجوب الغَسل إلّامع الرطوبة ، كالشيخ في المبسوط ١ : ٣٨ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١٧٤.

٣) في الذكرى ١ : ١٣٣.

٤) اُنظر الذكرى ٢ : ١٠٠ ، والدروس ١ : ١١٧ ، والبيان : ٨٢ ، وفي جامع المقاصد (١ : ٤٦٣) : لا ريب أنّ الوجوب أحوط.

١٠٥

المجرّد عند المصنّف ، استناداً إلى دوران الغسل معه وجوداً وعدماً (١) وهو (٢) ضعيف.

«ويجب فيه» أي في غُسل المسّ «الوضوء» قبله أو بعده ، كغيره من أغسال الحيّ غير الجنابة.

و «في» في قوله : «فيه» للمصاحبة ، كقوله تعالى : (اُدْخُلُوا فِي أُمَمٍ) (٣) و (فَخَرَجَ عَلىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) (٤) إن عاد ضميره إلى «الغُسل» وإن عاد إلى «المس» فسببيّة.

____________________

١) اُنظر الذكرى ٢ : ١٠٠.

٢) ضمير «هو» يجوز عوده إلى القول وإلى الدوران؛ لأنّه دليل ضعيف ، كما حقّق في الاُصول ، ويلزم منه ضعف القول وهو لطيف. (منه رحمه الله).

٣) الأعراف : ٣٨.

٤) القصص : ٧٩.

١٠٦

«القول في أحكام الأموات»

«وهي خمسة» :

«الأوّل : الاحتضار»

وهو السوق ، أعاننا اللّٰه عليه وثبّتنا بالقول الثابت لديه. سُمّي به؛ لحضور الموت أو الملائكة الموكَّلة به أو إخوانه وأهله عنده.

«ويجب» كفايةً «توجيهه» أي المحتضر ـ المدلول عليه بالمصدر ـ «إلى القبلة» في المشهور بأن يُجعل على ظهره ويُجعل باطن قدميه إليها «بحيث لو جلس استقبل» ولا فرق في ذلك بين الصغير والكبير. ولا يختصّ الوجوب بوليّه ، بل بمن علم باحتضاره ، وإن تأكّد فيه وفي الحاضرين.

«ويستحبّ نقله إلى مصلّاه» وهو ما كان أعدّه للصلاة فيه أو عليه ، إن تعسّر عليه الموت واشتدّ به النزع ، كما ورد به النصّ (١) وقيّده به المصنّف في غيره (٢).

____________________

١) الوسائل ٢ : ٦٦٨ ، الباب ٤٠ من أبواب الاحتضار.

٢) اُنظر البيان : ٦٨ ، والذكرى ١ : ٢٩٦ ، والدروس ١ : ١٠٢.

١٠٧

«وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمّة * عليهم السلام» والمراد ب‍ «التلقين» التفهيم ، يقال : «غلامٌ لَقِنٌ» أي : سريع الفهم ، فيعتبر إفهامه ذلك ، وينبغي للمريض متابعته باللسان والقلب ، فإن تعذّر اللسان اقتصر على القلب «وكلمات الفرج» وهي : «لَاإلهَ إلّااللّٰهُ الحَليمُ الكَرِيمُ ـ إلى قوله ـ وَسَلامٌ عَلى المُرْسَلينَ وَالحَمْدُ للّٰهِ رَبِّ العَالَمِينَ» وينبغي أن يُجعل خاتمة تلقينه «لا إلهَ إلّااللّٰهُ» ، فمن كان آخر كلامه «لا إله إلّااللّٰه» دخل الجنّة (١).

«وقراءة القرآن عنده» قبل خروج روحه وبعده؛ للبركة والاستدفاع ، خصوصاً «يس» و «الصافّات» قبله لتعجيل راحته.

«والمصباحُ إن مات ليلاً» في المشهور ، ولا شاهد له بخصوصه ، وروي ضعيفاً : دوام الإسراج (٢).

«ولتُغمض عيناه» بعد موته معجّلاً لئلّا يقبح منظره «ويُطبَق فُوه» كذلك. وكذا يستحبّ شدّ لَحييه بعِصابةٍ ، لئلّا يسترخي «وتمدّ يداه إلى جنبيه» وساقاه إن كانتا منقبضتين ، ليكون أطوع للغسل وأسهل للدرج في الكفن «ويُغطّى بثوب» للتأسّي (٣) ولما فيه من الستر والصيانة.

____________________

*) في (ق) : بالاثني عشر.

١) كما ورد في الحديث ، اُنظر الوسائل ٢ : ٦٦٤ ، الباب ٣٦ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٦.

٢) الوسائل ٢ : ٦٧٣ ، الباب ٤٥ من أبواب الاحتضار ، الحديث الأوّل. والظاهر أنّ ضعفه ب‍ «سهل بن زياد» الواقع في طريقه. راجع المسالك ٧ : ٤٠٢.

٣) في روض الجنان (١ : ٢٥٧) : لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله سُجّي بحبرة ، وغطّى الصادق عليه السلام ابنه إسماعيل بملحفة ، راجع الوسائل ٢ : ٦٧٢ ، الباب ٤٤ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٢ و ٣.

١٠٨

«ويُعجّل تجهيزه» فإنّه من إكرامه «إلّامع الاشتباه» فلا يجوز التعجيل فضلاً عن رجحانه «فيُصبر عليه ثلاث أيّام» إلّاأن يُعلم قبلها لتغيّرٍ وغيره من أمارات الموت ، كانخساف صُدْغَيْه وميل أنفه وامتداد جلدة وجهه وانخلاع كفّه من ذراعه واسترخاء قدميه وتقلّص اُنثييه إلى فوق مع تدلّي الجلدة (١).

«ويكره حضور الجنب و* الحائض عنده» لتأذّي الملائكة بهما (٢) وغاية الكراهة تحقّق الموت وانصراف الملائكة «وطرح حديدٍ على بطنه» في المشهور ، ولا شاهد له من الأخبار. ولا كراهة في وضع غيره للأصل. وقيل : يكره أيضاً (٣).

«الثاني : الغُسل»

«ويجب ** تغسيل كلّ» ميّتٍ «مسلمٍ أو بحكمه» كالطفل والمجنون المتولّدين من مسلم ، ولقيطِ دار الإسلام أو دار الكفر وفيها مسلمٌ يمكن تولّده منه ، والمسبيِّ بيد المسلم على القول بتبعيّته في الإسلام ـ كما هو مختار المصنّف (٤) ـ وإن كان المسبيّ ولد زنا. وفي المتخلّق من ماء الزاني المسلم نظرٌ :

____________________

١) في (ر) زيادة : ونحو ذلك.

*) في (ق) : أو.

٢) كما ورد في الروايات ، راجع الوسائل ٢ : ٦٧١ ، الباب ٤٣ من أبواب الاحتضار.

٣) القائل هو العلّامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢١٦.

**) في (س) : فيجب.

٤) اُنظر الدروس ٢ : ٣٩.

١٠٩

من انتفاء التبعيّة شرعاً ، ومن تولّده منه حقيقةً وكونه ولداً لغةً فيتبعه في الإسلام ، كما يحرم نكاحه.

ويستثنى من المسلم من حكم بكفره من الفرق كالخارجيّ والناصب والمجسِّم ، وإنّما ترك استثناءه؛ لخروجه عن الإسلام حقيقةً وإن اُطلق عليه ظاهراً.

ويدخل في حكم المسلم الطفل «ولو سقطاً إذا كان له أربعة أشهر». ولو كان دونها لُفّ في خرقةٍ ودُفن بغير غُسل.

«بالسِّدر» ـ أي بماءٍ مصاحبٍ لشيءٍ من السدر ، وأقلّه ما يطلق عليه اسمه ، وأكثره أن لا يخرج به الماء عن الإطلاق ـ في الغَسلة الاُولى «ثمّ» بماءٍ مصاحبٍ لشيءٍ من «الكافور» كذلك «ثّم» يُغسل ثالثاً بالماء «القَراح» وهو : المطلق الخالص (١) من الخليط ، بمعنى كونه غير معتبرٍ فيه ، لا أنّ سلبه عنه معتبرٌ ، وإنّما المعتبر كونه ماءً مطلقاً.

وكلّ واحدٍ من هذه الأغسال «كالجنابة» يُبدأ بغَسل رأسه ورقبته أوّلاً ، ثمّ بميامنه ، ثمّ مياسره ، أو يغمسه في الماء دفعةً واحدةً عرفيّة ، مقترناً في أوّله «بالنيّة» وظاهر العبارة ـ وهو الذي صرّح به في غيره (٢) ـ الاكتفاء بنيّةٍ واحدة للأغسال الثلاثة ، والأجود التعدّد بتعدّدها.

ثمّ إن اتّحد الغاسل تولّى هو النيّة ، ولا تُجزي من غيره. وإن تعدّد واشتركوا في الصبّ نووا جميعاً. ولو كان البعضُ يَصُبّ والآخر يُقلِّب نوى الصابّ؛

____________________

١) في (ف) : الخالي.

٢) وهو الألفيّة : ٤٩.

١١٠

لأ نّه الغاسل حقيقةً ، واستحبّت من الآخر. واكتفى المصنّف في الذكرى بها منه أيضاً (١) ولو ترتّبوا ـ بأن غسل كلّ واحدٍ منهم بعضاً ـ اعتبرت من كلّ واحدٍ عند ابتداء فعله.

«والأولى بميراثه أولى بأحكامه» بمعنى أنّ الوارث أولى ممّن ليس بوارثٍ وإن كان قريباً. ثمّ إن اتّحد الوارث اختصّ ، وإن تعدّد فالذكر أولى من الاُنثى ، والمكلّف من غيره ، والأب من الولد والجد.

«والزوج أولى» بزوجته «مطلقاً» في جميع أحكام الميّت ، ولا فرق بين الدائم والمنقطع.

«ويجب المساواةُ» بين الغاسل والميّت «في الرجوليّة والاُنوثيّة» فإذا كان الوليّ مخالفاً للميّت أذن للمماثل لا أنّ ولايته تسقط؛ إذ لا منافاة بين الأولويّة وعدم المباشرة. وقيّد ب‍ «الرجوليّة» لئلّا يخرج تغسيل كلٍّ من الرجل والمرأة ابن ثلاث سنين وبنته ، لانتفاء وصف الرجوليّة في المغَسَّل الصغير ، ومع ذلك لا يخلو من القصور (٢) كما لا يخفى.

وإنّما يعتبر المماثلة «في غير الزوجين» فيجوز لكلٍّ منهما تغسيل صاحبه اختياراً ، فالزوج بالولاية ، والزوجة معها أو بإذن الوليّ. والمشهور أنّه من وراء الثياب وإن جاز النظر. ويغتفر العصر هنا في الثوب كما يغتفر في الخرقة الساترة للعورة مطلقاً ، إجراءً لهما مجرى ما لا يمكن عصره.

ولا فرق في الزوجة بين الحرّة والأمة ، والمدخول بها وغيرها. والمطلّقة رجعيّةً زوجةٌ بخلاف البائن. ولا يقدح انقضاء العدّة (٣) في جواز التغسيل عندنا ،

____________________

١) الذكرى ١ : ٣٤٣.

٢) في (ش) : قصور.

٣) يعني عدّة الوفاة.

١١١

بل لو تزوّجت جاز لها تغسيله وإن بَعُد الفرض.

وكذا يجوز للرجل تغسيل مملوكته غير المزوّجة وإن كانت اُمّ ولد ، دون المكاتبة وإن كانت مشروطةً. دون العكس؛ لزوال ملكه عنها. نعم ، لو كانت اُمّ ولدٍ غير منكوحةٍ لغيره عند الموت جاز.

«ومع التعذّر» للمساوي في الذكورة والاُنوثة «فالمَحرَم» ـ وهو : من يحرم نكاحُه مؤبّداً بنسبٍ أو رضاعٍ أو مصاهرة ـ يُغَسِّل مَحرمَه الذي يزيد سنّه عن ثلاث سنين «من وراء الثياب».

«فإن تعذّر» المحرَم والمماثل «فالكافر» يُغسِّل المسلم «والكافرة» تغسِّل المسلمة «بتعليم المسلم» على المشهور. والمراد هنا صورة الغُسل ، ولا يعتبر فيه النيّة ، ويمكن اعتبار نيّة الكافر كما يعتبر نيّته في العتق. ونفاه المحقّق في المعتبر؛ لضعف المستند (١) وكونه ليس بغسلٍ حقيقي لعدم النيّة (٢) وعذره واضح.

«ويجوز تغسيل الرجل ابنة ثلاث سنين مجرّدةً. وكذا المرأة» يجوز لها تغسيل ابن ثلاث سنين مجرّداً وإن وجد المماثل. ومنتهى تحديد السنّ الموتُ ، فلا اعتبار بما بعده وإن طال. وبهذا يمكن وقوع الغُسل لولد الثلاث تامّةً من غير زيادة ، فلا يَرد ما قيل : إنّه يعتبر نقصانها ليقع الغُسل قبل تمامها (٣).

«والشهيد» وهو المسلم ـ ومن بحكمه ـ الميّتُ في معركة قتالٍ أمر به

____________________

١) راجع الوسائل ٢ : ٧٠٤ ، الباب ١٩ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١ و ٢.

٢) المعتبر ١ : ٣٢٦ ، قال في ضعف المستند ـ بعد أن نقل الحديثين ـ : السند في الأوّل كلّه فطحيّة ، والثاني رجاله زيديّة ، وحديثهم مطرَّح بين الأصحاب.

٣) قاله المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٣٦٤.

١١٢

النبيّ صلى الله عليه وآله أو الإمامُ أو نائبهما الخاصّ وهو في حزبهما بسببه (١) أو قُتل في جهادٍ مأمورٍ به حال الغَيبة ، كما لو دَهَم على المسلمين من يُخاف منه على بيضة الإسلام فاضطرّوا إلى جهادهم بدون الإمام أو نائبه ، على خلافٍ في هذا القسم (٢) سُمّي بذلك؛ لأنّه مشهودٌ له بالمغفرة والجنّة «لا يُغَسَّل ولا يُكفَّن بل يُصلّى عليه» ويدفن بثيابه ودمائه ، ويُنزع عنه الفَرو والجلود كالخفّين وإن أصابهما الدم.

ومن خرج عمّا ذكرناه يجب تغسيله وتكفينه وإن اُطلق عليه اسم «الشهيد» في بعض الأخبار ، كالمطعون والمبطون والغريق والمهدوم عليه والنفساء والمقتول دون ماله وأهله من قطّاع الطريق وغيرهم (٣).

«وتجب إزالة النجاسة» العَرَضيّة «عن بدنه أوّلاً» قبل الشروع في غُسله.

«ويستحبّ فتق قميصه» من الوارث أو من يأذن له «ونزعه من تحته» لأنّه مظنّة النجاسة ، ويجوز غُسله فيه بل هو أفضل عند الأكثر ، ويَطهر بطُهره من غير عصر. وعلى تقدير نزعه تُستر عورته وجوباً به أو بخرقة ، وهو أمكن للغسل ، إلّاأن يكون الغاسل غير مبصرٍ أو واثقاً من نفسه بكفّ البصر فيستحبّ استظهاراً.

____________________

١) يعني بسبب القتال.

٢) أشار بذلك إلى ما ذكره الشيخان من اعتبار القتل بين يدي النبيّ والإمام عليهم السلام وما أفاده المحقّق في المعتبر : من أنّ هذا الشرط زيادة لم تُعلم من النصّ ، راجع روض الجنان ١ : ٢٩٩.

٣) اُنظر البحار ٨١ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، الحديث ٣٠ ، والوسائل ١١ : ٩٢ ، الباب ٤٦ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ٥ و ٩.

١١٣

«وتغسيله على ساجةٍ» وهي : لوحٌ من خشبٍ مخصوص ، والمراد وضعه عليها أو على غيرها ممّا يؤدّي فائدتها حفظاً لجسده من التلطّخ. وليكن على مرتفعٍ ومكان الرِجلين منحدراً «مستقبلَ القبلة». وفي الدروس : يجب الاستقبال به (١) ومال إليه في الذكرى (٢) واستقرب عدمه في البيان (٣) [وهو قويّ] (٤).

«وتثليث الغسلات» بأن يغسل كلّ عضوٍ من الأعضاء الثلاثة ثلاثاً ثلاثاً في كلّ غَسلة «وغسل يديه» أي يدي الميّت إلى نصف الذراع ثلاثاً «مع كلّ غسلة» وكذا يستحبّ غسل الغاسل يديه مع كلّ غَسلةٍ إلى المرفقين «ومسحُ بطنه في» الغسلتين «الأوّلتين» قبلهما تحفّظاً من خروج شيءٍ بعد الغُسل لعدم القوّة الماسكة ، إلّاالحامل التي مات ولدها فإنّها لا تمسح حذراً من الإ جهاض «وتنشيفه» بعد الفراغ من الغُسل «بثوبٍ» صوناً للكفن من البلل «وإرسال الماء في غير الكنيف» المعدّ للنجاسة ، والأفضل أن يُجعل في حفيرةٍ خاصّةٍ به «وترك ركوبه» بأن يجعله الغاسل بين رجليه «وإقعاده وقَلْمِ ظفره (٥) وترجيل شعره» وهو تسريحه ، ولو فعل ذلك دُفن ما ينفصل من شعره وظفره معه وجوباً.

____________________

١) الدروس ١ : ١٠٥.

٢) الذكرى ١ : ٣٤٠.

٣) البيان : ٧٠.

٤) أثبتناه من (ر) ومصحّحة (ع).

٥) في (ق) : أظفاره.

١١٤

«الثالث : الكفن»

«والواجب» منه ثلاثة أثواب : «مِئزَر» بكسر الميم ثمّ الهمزة الساكنة ، يَستر ما بين السرّة والركبة ، ويستحبّ أن يستر ما بين صدره وقدمه «وقميص» يصل إلى نصف الساق ، وإلى القدم أفضل ، ويجزئ مكانه ثوبٌ ساتر لجميع البدن على الأقوى «وإزار» بكسر الهمزة ، وهو : ثوبٌ شاملٌ لجميع البدن.

ويستحبّ زيادته (١) على ذلك طولاً بما يمكن شدّه من قِبَل رأسه ورجليه ، وعرضاً بحيث يمكن جعل أحد جانبيه على الآخر. ويراعى في جنسها القصد بحسب حال الميّت. ولا يجب الاقتصار على الأدون ، وإن ماكس الوارث أو كان غير مكلَّف.

ويعتبر في كلّ واحدٍ منها أن يستر البدن بحيث لا يحكي ما تحته ، وكونه من جنس ما يصلّي فيه الرجل. وأفضله القطن الأبيض.

وفي الجلد وجهٌ بالمنع ، مال إليه المصنّف في البيان (٢) وقطع به في الذكرى؛ لعدم فهمه من إطلاق الثوب ، ولنزعه عن الشهيد (٣) وفي الدروس اكتفى بجواز الصلاة فيه للرجل (٤) كما ذكرناه.

____________________

١) في (ع) : زيادةً.

٢) البيان : ٧٢.

٣) الذكرى ١ : ٣٥٥.

٤) الدروس ١ : ١٠٧.

١١٥

هذا كلّه «مع القدرة» أمّا مع العجز فيجزئ من العدد ما أمكن ولو ثوباً واحداً. وفي الجنس يُجزئ كلّ مباح ، لكن يقدّم الجلد على الحرير ، وهو على غير المأكول : من وَبَرٍ وشعرٍ وجلد. ثمّ النجس ، ويحتمل تقديمه (١) على الحرير وما بعده ، وعلى غير المأكول خاصّةً ، والمنع من غير جلد المأكول مطلقاً.

«ويستحبّ» أن يزاد للميّت «الحِبَرة» بكسر الحاء وفتح الباء الموحّدة ، وهو ثوبٌ يمنيٌّ ، وكونها عبْريّةً ـ بكسر العين نسبة إلى بلد باليمن ـ حمراء. ولو تعذّرت الأوصاف أو بعضها سقطت واقتصر على الباقي ولو لفافة بدلها.

«والعِمامة» للرجل ، وقدْرها ما يؤدّي هيئتها المطلوبة شرعاً ، بأن تشتمل على حَنَكٍ وذؤابتين من الجانبين تُلقيان على صدره على خلاف الجانب الذي خرجتا منه. هذا بحسب الطول ، وأمّا العرض فيعتبر فيه إطلاق اسمها.

«والخامسة» وهي خرقةٌ طولها ثلاثة أذرع ونصف في عرض نصف ذراعٍ إلى ذراع ، يُثفِر (٢) بها الميّتَ ذكراً أو اُنثى ، ويَلفّ بالباقي حَقويه وفخذيه (٣) إلى حيث ينتهي ، ثمّ يدخل طرفها تحت الجزء الذي ينتهي إليه. سُمّيت «خامسة» نظراً إلى أنّها منتهى عدد الكفن الواجب ـ وهو الثلاث ـ والندب وهو الحبرة والخامسة. وأمّا العمامة فلا تُعدّ من أجزاء الكفن اصطلاحاً وان استحبّت.

«وللمرأة القناع» يُستر به رأسها بدلاً «عن العمامة و» يزاد عنه لها

____________________

١) في (ع) : تقدّمه.

٢) قال في الصحاح (٢ : ٦٠٥ ـ ثفر) : «استثفر الرجل بثوبه ، إذا لوّى بطرفه بين رجليه إلى حُجزته» وقال في القاموس (١ : ٣٨٣) : «الاستثفار أن يُدخل إزاره بين فخذيه ملوّياً».

٣) كذا ، ولعلّ الأنسب : حقواه وفخذاه ، وقراءة «يثفر» و «يلفّ» بصيغة المجهول.

١١٦

«النَّمَط» وهو ثوبٌ من صوفٍ فيه خُططٌ تخالف لونه شاملٌ لجميع البدن فوق الجميع. وكذا تزاد عنه خرقةٌ اُخرى يُلفّ بها ثدياها وتُشدّ إلى ظهرها على المشهور ، ولم يذكرها المصنّف هنا ولا في البيان (١) ولعلّه لضعف المستند ، فإنّه خبرٌ مرسلٌ مقطوع ، وراويه سهل بن زياد (٢).

«ويجب إمساس مساجده السبعة بالكافور» وأقلّه مسمّاه على مسمّاها.

«ويستحبّ كونه ثلاثة عشر درهماً وثُلثاً» ودونه في الفضل أربعة دراهم ، ودونه مثقال وثُلث ، ودونه مثقال «ووضع الفاضل» منه عن المساجد «على صدره» لأنّه مسجد في بعض الأحوال.

«وكتابة اسمه وأ نّه يشهد الشهادتين وأسماء الأئمة عليهم السلام» بالتربة الحسينيّة ، ثمّ بالتراب الأبيض «على العمامة والقميص والإزار والحبرة * والجريدتين» المعمولتين «من سَعَف النخل» أو من السِّدْر أو من الخلاف أو من الرُّمّان «أو» من «شجرٍ رطبٍ» مرتّباً في الفضل كما ذكر ، يُجعل إحداهما من جانبه الأيمن والاُخرى من الأيسر «فاليمنى عند التَّرقوة **» واحدة التّراقي ، وهي العظام المكتنفة لثغرة النحر «بين القميص وبشرته ، والاُخرى بين القميص والإزار من جانبه الأيسر» فوق الترقوة ، ولتكونا خضراويّتين ليستدفع عنه بهما العذاب ما دامتا كذلك. والمشهورُ أنّ قدْر كلّ واحدةٍ طول عظم ذراع الميّت ، ثمّ قدر شبر ، ثمّ أربع أصابع.

____________________

١) نعم ، ذكرها في الذكرى والدروس ، اُنظر الذكرى ١ : ٣٦٣ ، والدروس ١ : ١٠٨.

٢) الوسائل ٢ : ٧٢٩ ، الباب ٢ من أبواب التكفين ، الحديث ١٦.

*) شطب على «والحبرة» في (ق).

**) في (س) : ترقوته.

١١٧

واعلم أنّ الوارد في الخبر من الكتابة ما روي : أنّ الصادق عليه السلام كتب على حاشية كفن ابنه إسماعيل : «إسماعيل يشهد أن لا إله إلّااللّٰه» (١) وزاد الأصحاب الباقي كتابةً ومكتوباً عليه ومكتوباً به؛ للتبرّك ، ولأ نّه خيرٌ محض مع ثبوت أصل الشرعيّة ، ولهذا (٢) اختلفت عباراتهم فيما يُكتب عليه من أقطاع الكفن (٣). وعلى ما ذُكر لا يختصّ الحكم بالمذكور ، بل جميع أقطاع الكفن في ذلك سواء ، بل هي أولى من الجريدتين؛ لدخولها في إطلاق النصّ بخلافهما.

«وليخط» الكفن إن احتاج إلى الخياطة «بخيوطه» مستحبّاً «ولاتبلّ بالريق» على المشهور فيهما ، ولم نقف فيهما على أثر.

«وتكره الأكمام المبتدأة» للقميص ، واحترز به عمّا لو كُفّن في قميصه ، فإنّه لا كراهة في كُمّه بل تقطع منه الأزرار «وقطعُ الكفن بالحديد» قال الشيخ : سمعناه مذاكرةً من الشيوخ وعليه كان عملهم (٤) «وجعل الكافور في سمعه وبصره على الأشهر» خلافاً للصدوق ، حيث استحبّه (٥) استناداً إلى روايةٍ

____________________

١) الوسائل ٢ : ٧٥٧ ، الباب ٢٩ من أبواب التكفين ، الحديث ١ و ٢.

٢) في (ع) و (ر) : وبهذا.

٣) قال الفاضل الإصفهاني في الشرح : «فهنا كماترى ، ونحوه في الذكرى والبيان والمبسوط والنهاية والوسيلة ، وزاد في الدروس اللفافة ... وأسقط الصدوق وسلّار والفاضلان في غير التحرير العمامة ، وأسقط في التحرير الجريدتين دون العمامة ، وفي الاقتصاد والمصباح ومختصره والسرائر : أنّه يكتب على الأكفان والجريدتين ... وأسقط المفيد الإزار والعمامة ، وابن زهرة وصاحب الإشارة الحبرة والعمامة» اُنظر المناهج السويّة : ٢٨٢.

٤) التهذيب ١ : ٢٩٤ ، ذيل الحديث ٨٦١.

٥) الفقيه ١ : ١٤٩ ، ذيل الحديث ٤١٦.

١١٨

معارَضةٍ بأصحّ منها وأشهر (١).

«ويستحبّ اغتسال الغاسل قبل تكفينه» غُسل المسّ إن أراد هو التكفين «أو الوضوء» الذي يجامع غُسل المسّ للصلاة ، فينوي فيه الاستباحة أو الرفع أو إيقاع التكفين على الوجه الأكمل ، فإنّه من جملة الغايات المتوقّفة على الطهارة. ولو اضطرّ لخوفٍ على الميّت أو تعذّرت الطهارة غسل يديه من المَنكِبين ثلاثاً ثمّ كفّنه. ولو كفّنه غير الغاسل فالأقرب استحباب كونه متطهّراً؛ لفحوى اغتسال الغاسل أو وضوئه.

«الرابع : الصلاة عليه *»

«وتجب» الصلاة «على» كلّ «من بَلَغ» أي أكمل «ستّاً ممّن له‌حكم الإسلام» من الأقسام المذكورة في غُسله ، عدا الفرق المحكوم بكفرها من المسلمين.

«وواجبها : القيام» مع القدرة ، فلو عجز عنه صلّى بحسب المكنة كاليوميّة. وهل يسقط فرض الكفاية عن القادر بصلاة العاجز؟ نظرٌ : من صدق الصلاة الصحيحة عليه ، ومن نقصها مع القدرة على الكاملة. وتوقّف في الذكرى (٢) لذلك.

____________________

١) اُنظر الروايات الآمرة والناهية في الوسائل ٢ : ٧٤٥ ـ ٧٤٨ ، الباب ١٤ من أبواب التكفين ، الحديث ٤ ، والباب ١٥ من الأبواب ، الحديث ٢ ، والباب ١٦ من الأبواب. ولا يوجد فيها ما يدلّ على استحباب جعل الكافور في بصر الميّت. نعم هو موجود في عبارة الفقيه ١ : ١٤٩ ، الحديث ٤١٦ ، والفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام : ١٨٢.

*) كلمة «عليه» لم ترد في (س).

٢) الذكرى ١ : ٤٢٨.

١١٩

«و» استقبال المصلّي «القبلة ، وجعل رأس الميّت إلى يمين المصلّي» مستلقياً على ظهره بين يديه ، إلّاأن يكون مأموماً فيكفي كونه بين يدي الإمام ومشاهدته له ، وتُغتفر الحيلولة بمأمومٍ مثله ، وعدم (١) تباعده عنه بالمعتدّ به عرفاً. وفي اعتبار ستر عورة المصلّي وطهارته من الخبث في ثوبه وبدنه وجهان.

«والنيّة» المشتملة على قصد الفعل ، وهو الصلاة على الميّت المتّحد أو المتعدّد وإن لم يعرفه ، حتى لو جهل ذكوريّته واُنوثيّته جاز تذكير الضمير وتأنيثه مؤوّلاً ب‍ «الميّت» و «الجنازة» متقرّباً ـ وفي اعتبار نيّة الوجه من وجوبٍ وندبٍ كغيرها من العبادات قولان للمصنّف في الذكرى (٢) ـ مقارنةً للتكبير ، مستدامة الحكم إلى آخرها.

«وتكبيراتٌ خمس» إحداها تكبيرة الإحرام في غير المخالف «يتشهّد الشهادتين عقيب الاُولى ، ويصلّي على النبيّ وآله عقيب الثانية» ويستحبّ أن يضيف إليها الصلاة على باقي الأنبياء عليهم السلام «ويدعو للمؤمنين والمؤمنات» بأيّ دعاء اتّفق ـ وإن كان المنقول أفضل ـ «عقيب الثالثة ، و» يدعو «للميّت» المكلّف المؤمن «عقيب الرابعة ، وفي المستضعفين *» وهو الذي لا يعرف الحقّ ولا يعاند فيه ولا يوالي أحداً بعينه «بدعائه» وهو : «اللّهم اغفر للذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم» (٣) «و» يدعو في الصلاة على

____________________

١) يحتمل كونه معطوفاً على «جعل رأس الميّت» ... أو على فاعل «يكفي» راجع المناهج السويّة : ٢٨٥.

٢) فإنّه حكم هنا باشتمال النيّة عليه ، ويظهر منه في بحث نيّة الوضوء الميل إلى عدم اعتباره ، اُنظر الذكرى ١ : ٤٢٧ و ٢ : ١٠٨.

*) كذا في نسختي المتن ، ولكن في نسخ الشرح : المستضعف.

٣) الوسائل ٢ : ٧٦٨ ، الباب ٣ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث الأوّل.

١٢٠