الحقيقة المظلومة

محمد علي صالح المعلّم

الحقيقة المظلومة

المؤلف:

محمد علي صالح المعلّم


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وذكر المفسّرون أنّ الآية نزلت في مباهلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لنصارى نجران .

ومنها : قوله تعالى : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ١ .

ومنها : قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ٢ .

وقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ٣ .

وقوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ٤ .

وقوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ٥ .

وقوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) ٦ .

وقوله تعالى : ( النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ

__________________

١) سورة الشعراء ، الآية ٢١٤ .

٢) سورة المائدة ، الآية ٦٧ .

٣) سورة المائدة ، الآية ٣ .

٤) سورة المائدة ، الآية ٤٤ .

٥) سورة الاحزاب ، الآية ٣٣ .

٦) سورة الصافات ، الآية ٢٤ .

٢١
 &

اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) ١ .

وقوله تعالى : ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ٢ .

وغيرها من الآيات ، وارجع الى ما ذكرنا من المصادر في الآيتين الأوليين لتقف وتعرف من المعنيّ بهذه الآيات وعلى ماذا تدلّ ؟

وأما ما ورد من أحاديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في شأن أهل البيت عليهم‌السلام فأكثر من أن يحصى ، وإليك طرفاً مما رواه الحفّاظ في كتبهم .

١ ـ « إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي » ٣ .

٢ ـ « مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجى ومن تخلّف عنها غرق وهوى » ٤ .

٣ ـ « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى الّا انّه لا نبي بعدي » ٥ .

__________________

١) سورة البقرة ، الآية ٢٠٧ .

٢) سورة الرعد ، الآية ٧ .

٣) راجع صحيح الترمذي : ج ٥ ص ٣٢٨ ، ط / بيروت .

٤) أخرجه الحاكم في مستدركه : ج ٣ ص ١٦٣ .

٥) صحيح مسلم : ج ٧ ص ١٢٠ ، مطبعة محمد بن علي صبحي بمصر .

٢٢
 &

٤ ـ « علي مع الحقّ والحقّ مع علي ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة » ١ .

٥ ـ « علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ٢ .

٦ ـ « انا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد البيت فليأت الباب » ٣ .

٧ ـ « من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي فليوال عليّاً من بعدي وليوال وليّه وليقتد بالأئمة من بعدي ، فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي رزقوا فهماً وعلماً ، وويل للمكذّبين بفضلهم من أمّتي القاطعين فيهم صلتي ،

__________________

١) راجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : ج ١ ص ٥٣ طبعة استانبول ، نشر (مؤسسة الاعلمي) بيروت ـ لبنان .

٢) كنز العمال في سنن الاقوال والافعال لعلاء الدين الهندي : ج ١١ ص ٦٥٣ ، الحديث ٣٢٩١٢ عن ام سلمة ، مؤسسة الرسالة بيروت ـ لبنان الطبعة الخامسة وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : ج ١ ص ٢٧٠ باب ٢٠ دار الاسوة للطباعة والنشر .

٣) شواهد التنزيل : ج ١ ص ٨١ و ٨٢ ح ١١٨ و ١٢١ والصواعق المحرقة : ص ٣٧ .

٢٣
 &

لا أنالهم الله شفاعتي » ١ .

٨ ـ « من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال علياً وليعاد عدوّه وليأتمّ بالأئمّة الهداة من ولده فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه من بعدي وسادات أمّتي وقوّاد الأتقياء إلى الجنّة حزبهم حزبي وحزبي حزب الله وحزب أعدائهم حزب الشيطان » ٢ .

٩ ـ « يا أمّ سلمة علي منّي وأنا من علي لحمه من لحمي ودمه من دمي » ٣ .

١٠ ـ « من كنت مولاه فعلي مولاه » ٤ .

١١ ـ « أعلم أُمّتي علي بن أبي طالب » ٥ .

١٢ ـ « أقضى اُمّتي علي » ٦ .

١٣ ـ « أنت أخي ووصيي وقاضي ديني وخليفتي من

__________________

١) الاصابة : ج ١ ص ٥٥٩ .

٢) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : ج ٢ ص ٨٣ ط / استانبول .

٣) فرائد السمطين لعلي بن محمد الجويني : ج ١ ص ١٥٠ ب ٢٩ ، مؤسسة المحمودي ، بيروت ـ لبنان .

٤) المناقب للخوارزمي : ص ٢٢٢ ، مكتبة نينوى .

٥) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : ج ١ ص ٢١٦ ، دار الاسوة .

٦) المصدر السابق : ص ٨٣ الطبعة الاولى ، ط / استانبول .

٢٤
 &

بعدي » ١ .

١٤ ـ « علي إمام البررة وقاتل الفجرة منصورٌ من نصره مخذولٌ من خذله » ٢ .

١٥ ـ « علي مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي » ٣ .

١٦ ـ « علي أخي في الدنيا والآخرة » ٤ .

١٧ ـ « عليّ باب حطّة ، من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً » ٥ .

١٨ ـ « علي عيبة علمي » ٦ .

١٩ ـ « عليّ منّي ، وأنا من عليّ ، ولا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو

__________________

١) المناقب للشافعي ابن المغازي : ص ٢٦١ .

٢) كنز العمال في سنن الاقوال والافعال لعلاء الدين الهندي : ج ١١ ص ٦٠٢ ح ٣٢٩٠٩ ط / الخامسة مؤسسة الرسالة ، بيروت ـ لبنان .

٣) الجامع الصغير : ج ٢ الحديث ٥٥٩٧ ص ١٧٧ الطبعة الاولى .

٤) الجامع الصغير : ج ٢ ص ١٧٦ الحديث ٥٥٨٩ الطبعة الاولى ١٤١٠ هـ ـ ١٩٨١ م .

٥) نفس المصدر ، الحديث ٥٥٩٢ ص / ١٧٧ .

٦) نفس المصدر ، الحديث ٥٥٩٣ ص ١٧٧ .

٢٥
 &

علي » ١ .

٢٠ ـ « عليّ منّي بمنزلة رأسي من بدني » ٢ .

٢١ ـ « علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه » ٣ .

٢٢ ـ « علي يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين » ٤ .

٢٣ ـ « علي يقضي ديني » ٥ .

٢٤ ـ « من آذى عليّاً فقد آذاني » ٦ .

٢٥ ـ « من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد ابغضني » ٧ .

٢٦ ـ « من كنت وليه فعلي وليه » ٨ .

٢٧ ـ « لولاك يا علي ما عرف المؤمنون من بعدي » ٩ .

__________________

١) نفس المصدر ، الحديث ٥٥٩٥ ص ١٧٧ .

٢) نفس المصدر ، الحديث ٥٥٩٦ ص ١١٧ .

٣) نفس المصدر ، الحديث ٥٥٩٨ ص ١٧٧ .

٤) نفس المصدر ، الحديث ٥٦٠٠ ص ١٧٨ .

٥) نفس المصدر ، الحديث ٥٦٠١ ص / ١٧٨ .

٦) نفس المصدر ، الحديث ٨٢٦٦ ص ٥٤٧ .

٧) نفس المصدر ، الحديث ٨٣١٩ ص ٥٥٤ .

٨) الجامع الصغير : ج ٢ ص ٦٤٢ الحديث ٩٠٠١ .

٩) كنز العمال : ج ١٣ ص ١٥٢ ، الحديث ٣٦٤٧٧ مؤسسة الرسالة .

٢٦
 &

٢٨ ـ « إنه لا ينبغي أن أذهب الا وأنت خليفتي » ١ .

٢٩ ـ « عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب » ٢ .

٣٠ ـ « النظر إلى وجه علي عبادة » ٣ .

٣١ ـ « حبّ علي يأكل الذنوب كما تأكل النّار الحطب » ٤ .

٣٢ ـ « الحق مع ذا ، الحق مع ذا ـ يعني علياً » ٥ .

٣٣ ـ « عادى الله من عادى عليّاً » ٦ .

٣٤ ـ « سيكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنّه الفاروق بين الحق والباطل » ٧ .

وارجع إلى ما ذكرنا من المصادر لتجد هذه الروايات وغيرها رويت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّما ذكرنا نماذج بسيطة والّا فالمروي أضعاف ما ذكرنا والاستقصاء يدعونا لخروج عن خطّة الكتاب ،

__________________

١) نفس المصدر : ج ١١ ، الحديث ٣٢٩٣١ ص ٦٠٦ .

٢) نفس المصدر ، الحديث ٣٢٩٠٠ ص ٦٠١ .

٣) نفس المصدر ، الحديث ٣٢٨٩٥ ص ٦٠١ .

٤) نفس المصدر ، الحديث ٣٣٠٢١ ص ٦٢١ .

٥) نفس المصدر ، الحديث ٣٣٠١٨ ص ٦٢١ .

٦) نفس المصدر ، الحديث ٣٢٨٩٩ ص ٦٠١ .

٧) نفس المصدر ، الحديث ٣٢٩٦٤ ص ٦١٢ .

٢٧
 &

ونكتفي بهذا القدر (لمن ألقى السمع وهو شهيد) .

وإذا كان علماء السنّة وحفّاظهم قد رووا هذه الرّوايات ودوّنوها في كتبهم ونقلوها عن ثقاتهم ، فهل يلام الشيعة على الأخذ بها واتّباعها والإلتزام بمضامينها ؟!

وهل في اتّباع عترة أهل البيت عليهم‌السلام وهم عترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين أمرنا الله في كتابه العظيم بمحبّتهم والسير على خطاهم وحثّنا النبي على التمسّك بهم وهل في ذلك عيب ؟!

هل في ذلك انحراف عن الخطّ المستقيم الذي رسمه الله تعالى وبيّنه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟!

أليس من واجب كل المسلمين ان يسيروا على هذا المسلك وينهجوا هذا المنهج ؟

أليس القرآن يقول : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) ١ ؟

أليس القرآن يقول : ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) ٢ ؟

فنحن الشيعة على منهاج رسول الله نأتمر بأمره وننتهي بنهيه

__________________

١) سورة الحشر ، الآية ٨ .

٢) سورة السجدة ، الآية ٢١ .

٢٨
 &

لا نحيد عن ذلك وعلى ذلك عقيدتنا فإنّها مستمدّة من هدي القرآن الكريم وامتثال لأوامر نبيّه العظيم صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فليتق الله من يرمينا بالكفر والإنحراف فلسنا الّا تابعين للقرآن وللنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولأهل بيته عليهم‌السلام حيث قامت الادلّة والبراهين على ما نحن عليه .

٤ ـ عقيدة الشيعة الإماميّة

ونذكر هنا مجمل معتقدات الشّيعة دون الدخول في تفاصيلها ، فإن لذلك مجالاً آخر فنقول :

تعتقد الشّيعة الإماميّة الإثنا عشرية بأنّ الله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، لا شريك له في العبوديّة ، متّصف بصفات الجمال والإكرام من العلم والقدرة والإختيار والحياة والارادة والكراهة والإدراك والقدم والأزليّة والبقاء والسرمديّة والتكلّم والصّدق ، منزّه عن الكذب والإفتراء ، متعال عن الإتّصاف بنقائص الأشياء ، ومتّصف بصفات الجلال وهي نفي التركيب عنه ونفي الجسميّة والعرضية وكونه محلاً للحوادث ، ونفي الرؤية عنه ، ونفي الشّريك ، ونفي المعاني والأحوال ونفي الإحتياج ، وكلّ ذلك مبرهن عليه بالأدلّة العقليّة

٢٩
 &

في كتب الشيعة الكلاميّة .

وتعتقد الشيعة أنّه تعالى عدل لا يجور في قضائه ، ولا يتجاوز في حكمه ، يثيب المطيعين وينتقم بمقدار الذنب من العاصين ، ويكلّف الخلق بمقدورهم ، ويعاقبهم على تقصيرهم دون قصورهم ، ولا يأمر عباده إلّا بما فيه صلاحهم ، ولا يكلّفهم الّا بما فيه فوزهم ونجاحهم ، الخير منشأه منه ، والشرّ صادر عنهم لا عنه ، وهو تعالى غنيّ عن الظلم منزّه عن فعل القبيح ، وقد أمر بالعدل والإحسان وذمّ الظلم ولعن الظّالمين وقامت على ذلك الآيات والبراهين ١ .

وتعتقد الشيعة أنّ الله لطيف بعباده ، وأنّ من لطفه بهم أن فتح لهم باب التوبة ، ونهاهم عن القنوط من رحمته ، وقال : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) ٢ وقال تبارك وتعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) ٣ ومع ذلك فقد حذّر من المعصية وتوعّد بالعقاب كلّ من يخالف أوامره ونواهيه ، وهنا أبحاث كثيرة ومطالب مهمّة لا يسعنا عرضها بالتفصيل ،

__________________

١) العقائد الجعفرية : ص ١٧ بتصرف .

٢) سورة الزمر ، الآية ٥٣ .

٣) سورة النساء ، الآية ٤٨ .

٣٠
 &

فليرجع إليها في كتب الشيعة الكلاميّة .

وتعتقد الشيعة أنّ النبوة وإرسال الأنبياء لطف من ألطاف الله بعباده ، ومهمّة هؤلاء الأنبياء إخراج الناس من الظّلمات إلى النور ، وتعريفهم الحلال والحرام ، وإرشادهم إلى طاعة الله وكيفيّتها ، وتحذيرهم من معصية الله وعاقبتها .

وتعتقد الشيعة بجميع الأنبياء والرّسل الذين بعثهم الله إلى الامم ، وانّ آخرهم وخاتمهم هو النبي محمّد بن عبدالله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء والمرسلين ولا نبيّ بعده ، وأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بلّغ الرسالة كاملة عن الله تعالى ، وأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله جاء بالقرآن معجزته الخالدة الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأنّ النبي وهو أفضل البشر على الإطلاق في صفاته ومناقبه وجميع الكمالات وكان المثل الأعلى للبشريّة جمعاء ، وأنّه معصوم عن الخطأ والسهو والنسيان في جميع أحواله قبل البعثة وبعدها حال التبليغ أو في سائر أحواله بلا فرق بينها ، وله من الخصائص في نفسه وبدنه وعبادته وجميع شؤنه ما لا يشاركه فيها أحد من الناس .

وتعتقد الشيعة بالإمامة وأنّها في أهل البيت بنصّ القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ الإمامة امتداد لمسيرة النبوّة وأنّها من الله لا من الناس ، فكما أنّ النبي لا يمكن تعيينه واختياره من

٣١
 &

قبل الناس فكذلك القائم مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الإمام لا يمكن أن يعيّنه البشر ، بل التعيين يكون من النبي بأمر من الله تعالى وأن الإمام القائم مقام النبي يشترط فيه العصمة من الخطأ والسهو والنسيان في جميع الأحوال ، وأنّ الأئمّة بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله هم اثنا عشر إماماً نصّ النبي على إمامتهم وسمّاهم بأسمائهم ، وأنّ الأوّل هو أمير المؤمنين علي بن أبي طاب عليه‌السلام ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي الباقر ، ثمّ جعفر ابن محمد الصادق ، ثمّ موسى بن جعفر الكاظم ، ثمّ علي بن موسى الرضا ، ثمّ محمد بن علي الجواد ، ثمّ علي بن محمد الهادي ، ثمّ الحسن بن علي العسكري ، ثمّ القائم المهدي المنتظر ، وهو حيّ موجود إلّا أنّه غائب عن الأنظار وسيظهر عندما يأذن الله له في الخروج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .

بذلك وردت النصوص عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورواها الثقات والحفّاظ .

ومسألة الإمامة هي نقطة الخلاف والإختلاف بين الشّيعة والسنّة ، فالشيعة تذهب إلى أنّ الإمامة بالتّعيين من الله على يد

٣٢
 &

النبي وليس للبشر حقّ الإختيار .

وأمّا السنّة ، فقالوا : إنّ الإمامة بالرأي والاختيار .

وقد أقام الشيعة الأدلّة العقليّة والنقليّة على أنّ الإمامة لا يمكن أن تكون بالرأي والاختيار ، وساقهم البرهان إلى الإعتقاد بما هم عليه واستدلّوا بروايات وردت في صحاح كتب السنة كصحيح البخاري ١ وصحيح مسلم ٢ ومسند أحمد ٣ وغيرها من كتب الحديث ، مضافاً إلى البراهين العقليّة التي أقاموها على ذلك .

ويمكن القول إنّ أساس الاختلاف بين السنّة والشيعة يرجع الى مسألة الخلافة والإمامة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى هذه المسألة يدور النزاع والصراع الفكري بين الطرفين . وأمّا بقيّة المسائل كالفقهيّة والأصوليّة والكلاميّة ، فهي وان كانت موارد للخلاف ، والخلاف فيها قد يصل الى حدّ التباين ، الّا أنّ الأساس في ذلك مسألة الإمامة وما يتفرّع عليها .

وتعتقد الشيعة بالمعاد يوم القيامة ، وأنّ المعاد جسماني

__________________

١) صحيح البخاري بحاشية السندي لأبي عبدالله محمد بن اسماعيل : ج ٣ ص ٨٦ ، دار المعرفة ، بيروت ـ لبنان .

٢) صحيح مسلم بشرح النوري : ج ٨ ص ١٧٤ و ١٧٥ و ١٧٦ و ١٧٧ .

٣) مسند أحمد بن حنبل : ج ١ ص ١٧٤ و ١٧٥ و ١٧٧ .

٣٣
 &

ويوقف الناس في المحشر ويجمعهم الله ليحاسبهم على أعمالهم ، فيثاب أناس ويعاقب آخرون ، وأنّ هناك جنّة ونار وميزان وصراط وأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة يشفع لبعض العصاة من أمته ويشفّعه الله في ذلك . كما أن الأئمة عليهم‌السلام كذلك أيضاً فإنهم يشفعون ويُيشفّعون .

هذه هي أصول الاعتقاد عند الشيعة على الإجمال وما عداها من سائر المعتقدات يرجع إليها .

ونكتفي بعرض هذا القدر للتعريف الإجمالي بعقيدة الشيعة . وأمّا تفاصيلها والأدلّة عليها ، فقد ذكرت في كتبهم الكلاميّة فليرجع الباحث الى كتبهم ويقف بنفسه على أقوالهم وأدلّتهم ولا يعتمد على كتب خصومهم أو السماع من أعدائهم ، ثم يحكم عليهم بالزيغ والضلال من دون بيّنة وبرهان .

( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ١ .

والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين .

محمد علي المعلم

__________________

١) سورة يوسف ، الاية ١٠٨ .

٣٤
 &



مع الكاتب حول المذهب الشيعي

كلّ ما ذكرناه ممّا تقدّم كان مقدّمة تمهيديّة للدخول في الردّ على هذه المقالة التي ملئت فحشاً وسباباً ورمياً بالتكفير لفئة آمنت بالله وأسلمت أمرها إلى الله تعالى ودلّها البرهان وساندها القرآن على ما تعتقد ، ولندع ما ذكره في مقدمة المقالة لانّه ذكر فهرساً لما سيذكره بعد ذلك ونبدأ معه من قوله : ما هو المذهب الشيعي ؟

ونقول : ذكرنا في مقدّمة هذا الكتاب التعريف الاجمالي بالشيعة من حيث المبدأ والمعتقد ، وأنّه أسبق المذاهب الاسلاميّة وجوداً ، وأنّ واضع بذرته وغارس شجرته هو نبيّ الاسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثمّ افتتح حديثه برواية نقلها وهي : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه ، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله .

ونقول : إنّ الإستشهاد بالرّواية في غير محلّه ؛ لأنّ البدعة

٣٥
 &

كما جاء في تعريفها : البدعة ١ بالكسر فالسكون الحدث في الدين وما ليس له أصل في كتاب ولا سنّة ، وإنّما سمّيت بدعة لأنّ قائلها ابتدعها هو نفسه .

فماذا يريد الكاتب إن كان يريد أنّ مذهب الشيعة بدعة ، فهذا غير صحيح ، لأنّ علماء السنّة رووا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الشيعة كانوا معروفين في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ النبي مدح الشيعة وأنّهم الفائزون يوم القيامة ، ارجع الى مقدمة هذا الكتاب .

وان كان مراده شيئاً آخر فلم يبيّنه ، فالإستشهاد بالرواية ليس صحيحاً .

قال الكاتب : يوجد في أوساط أكثر مسلمي أهل السنة وهم الأكثريّة السّاحقة حاجة ماسّة إلى المعرفة عن هويّة الشيعة وحقيقتهم . . . الخ .

ونقول : لا مانع من التعرّف على هويّة الشّيعة وحقيقة التشيّع ، ولكن لا يمكن التّعرّف عليهم من خلال ما يكتبه خصومهم وأعداؤهم ، بل مقتضى العدل والإنصاف أن تؤخذ الأشياء من مصادرها ونحيلك على بعض الكتب بأقلام شيعية

__________________

١) البدعة بالكسر الحدث في الدين بعد الاكمال أو ما استحدث بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الاهواء والاعمال ، راجع القاموس المحيط للفيروزآبادي : ج ٣ ص ٧ .

٣٦
 &

ومن خلالها يمكنك التعرّف على هويّة التشيع ، وإليك أسماء بعض الكتب مع ذكر مؤلّفيها .

١ ـ الشافي في الامامة ، تأليف السيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي .

٢ ـ المراجعات ، تأليف السيّد عبدالحسين شرف الدين .

٣ ـ الغدير ، تأليف الشيخ عبدالحسين الأميني .

٥ ـ مناهج اليقين في اصول الدين ، تأليف الحسن بن يوسف ابن مطهّر العلّامة الحلّي .

٦ ـ هويّة التشيّع ، تأليف الشيخ أحمد الوائلي .

٧ ـ عقائد الإمامية ، تأليف الشيخ محمد رضا المظفّر .

٨ ـ دليل المتحيّرين في بيان الناجين ، تأليف الشيخ علي آل محسن .

٩ ـ العقائد الجعفريّة ، تأليف الشيخ جعفر كاشف الغطاء .

١٠ ـ كشف الغمّة في معرفة الأئمة ، تأليف أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي .

١١ ـ إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ، تأليف السيّد نورالله الحسيني المرعشي .

١٢ ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تأليف الحسن بن

٣٧
 &

يوسف بن مطهّر الحلّي .

١٣ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، تأليف رضي الدين علي بن موسى ابن طاووس .

١٤ ـ أوائل المقالات في المذاهب المختارات ، تأليف محمد بن محمد بن النعمان الملقّب بالشيخ المفيد .

١٥ ـ تاريخ الشيعة ، تأليف الشيخ محمد حسين المظفّر .

١٦ ـ مناقب آل أبي طالب ، تأليف أبي جعفر محمد بن علي ابن شهر آشوب المازندراني .

١٧ ـ الثاقب في المناقب ، تأليف عمادالدين أبي جعفر محمد بن علي الطوسي المعروف اببن حمزة .

١٨ ـ الارشاد ، تأليف الشيخ المفيد .

١٩ ـ النكت الاعتقادية ، تأليف الشيخ المفيد .

٢٠ ـ الإفصاح في الإمامة ، تأليف الشيخ المفيد .

٢١ ـ مسارّ الشيعة ، تأليف الشيخ المفيد .

٢٢ ـ تفضيل أمير المؤمنين ، تأليف الشيخ المفيد .

٢٣ ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة ، تأليف أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي .

٢٤ ـ الفصول المهمة في تأليف الأمّة ، تأليف السيد

٣٨
 &

عبدالحسين شرف الدين .

٢٥ ـ إعلام المؤمنين في صفات المؤمنين ، تأليف الحسن بن أبي الحسن الديلمي .

٢٦ ـ كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ، تأليف أبي القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز .

٢٧ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى ، تأليف أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي .

٢٨ ـ الاقتصاد الهادي الى طريق الرشاد ، تأليف أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي .

٢٩ ـ النصب والنواصب ، تأليف الشيخ محسن المعلم .

٣٠ ـ الاربعون حديثاً في اثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، تأليف الشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي البحراني .

٣١ ـ الألفين في إمامة أمير المؤمنين ، تأليف الحسن بن يوسف بن مطهر الحلّي .

٣٢ ـ الاربعون في إمامة الأئمة الطاهرين ، تأليف محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي النجفي القمي .

٣٣ ـ التشيّع لماذا ؟ ، تأليف الشيخ محسن المعلم .

٣٤ ـ رسالة في الولاية ، تأليف السيد محمد حسين الطباطبائي .

٣٩
 &

وهذه الكتب كلها مطبوعة منتشرة في الآفاق .

وهناك مؤلّفات أخرى أيضاً تكفلت ببيان التشيّع وحقيقته وفي ما ذكرناه كفاية ، وليس من الإنصاف أن يقول الكاتب : الشّيعة الفرقة الباطلة ، وهو يجعل من هم الشيعة وما هي حقيقتهم معتمداً في ذلك على ما كتبه خصومهم (ما هكذا يا سعد تورد الإبل) ١ .

قال الكاتب : بدأت الشيعة كفرقة صغيرة سياسيّة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان .

ونقول : ليس الأمر كما ذكر هذا الكاتب إنّ التشيع بدأ برعاية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وقلنا إنّه غارس بذرته ، وأوردنا جملة من الروايات رواها علماء السنّة في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) وأحلنا على جملة أخرى من المصادر .

قال : وعند ظهور هذه الفرقة لم يكن لها ارتباط بالدين . . .

ونقول : إنّ ما ذكر هذا الكاتب محض افتراء لا أساس له من الصحّة ، فإنّ أبرز صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا من الشيعة فإنّ أبا ذر الغفاري وهو رابع الإسلام أو سادسهم وسلمان الفارسي

__________________

١) مجمع الأمثال : ج ٢ ص ٣٦٤ .

٤٠