الحقيقة المظلومة

محمد علي صالح المعلّم

الحقيقة المظلومة

المؤلف:

محمد علي صالح المعلّم


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

ونقل ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر الإسكافي أنّه ذكر أنّ معاوية وضع قوماً من الصّحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه‌السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير ١ .

وذكر ابن أبي الحديد نماذج كثيرة من الأكاذيب والإفتراءات على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله نكتفي بذكر اثنين منها الأوّل : قال : روى الزهري أنّ عروة بن الزبير حدّثه ، قال : حدثتني عائشة ، قالت : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل العبّاس وعليّ ، فقال : يا عائشة إنّ هذين يموتان على غير ملّتي ـ أو قال ديني ٢ .

الثاني : قال : وأمّا الحديث الثاني فهو أنّ عروة زعم أنّ عائشة حدثته ، قالت : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل العبّاس وعليّ فقال : يا عائشة إن سرّك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا فنظرت ، فإذا العبّاس وعليّ بن أبي طالب ٣ .

__________________

١) شرح نهج البلاغة : ج ٤ ص ٦٣ ، دار إحياء الكتب العربية .

٢) شرح نهج البلاغة : ج ٤ ص ٦٣ و ٦٤ ، دار إحياء الكتب العربية .

٣) شرح نهج البلاغة : ج ٤ ص ٦٤ .

١٢١
 &

فإذا كان الإفتراء على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ونسبة الأباطيل إلى ساحة قدسه صلى‌الله‌عليه‌وآله شائعاً في زمانه وبعد زمانه من بعض الصحابة والتابعين حيث ينسبون اليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وحاشاه ـ القدح في أقرب النّاس إليه كعمه وابن عمه ولا يتورعون في ذلك فما ظنّك بالاحكام ومؤنة الوضع فيها أسهل وأيسر ، فتنسب إلى النبيّ ويتلقّاه المتأخرون على أنها سنّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم إذا فرضنا أن أحداً دخل الإسلام واطّلع على هذه الرّواية المشتملة على لفظ وسنّتي ، وبحث عن السنة ليتمسّك بها لتحصيل الأمن من الضلال ، ووقف على هذا الإختلاف الكثير أتراه يطمئن إلى ذلك ؟ أم تراه حائراً لا يهتدي إلى شيء ؟ أم أنّ الضرورة تحتم وجود العترة إلى جانب الكتاب ، وهي العالمة بما صدر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قول أو فعل ؟

وخلاصة القول : إنّه بغض النظر عن سند الرّواية فإنّنا ننزّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونجلّ ساحة قدسه أن يقول وسنّتي وإنّه لفظ وضعه المفترون ( وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) ١ ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم .

قال الكاتب : تفرقت الشيعة بما هي الى أكثر من ٢٤ فرقة

__________________

١) سورة الأنبياء ، الآية ٧٠ .

١٢٢
 &

أكبرها الشيعة الاثنا عشرية حيث تتميز وتنفرد عن اُخراها باتباع اثني عشر إماماً الذين نصبهم الله تعالى حسب مدّعاهم ورغم وجود افتراق بين هذه الفرق فهي جميعاً تلتقي عند نقطة مشتركة هي الايمان والاعتقاد بوجود الامام والفرق بسيط جداً ، فالكلّ من هذه الفرق يؤمن بالامامة لأنها امتداد لنبوة وما تزال للنبوّة قائمة بواسطة الإمامة وبعبارة اُخرى الأئمة هم الأنبياء .

ونقول : ما أشدّ جرأة هذا الكاتب وأقل حياءه ليته لمّا لم يفهم سأل واستفهم ، ولو فعل لما بُخل عليه بالاجابة والتوضيح فمن اين قرأ أو سمع أن الأئمة هم الأنبياء ؟ وكيف ساغ له الصاق هذه التهمة بالشيعة ـ وهي بريئة مما نسب لها ـ زوراً وبهتاناً واعتقاد الشيعة بأنّ الامامة بالتنصيص لا يعني ذلك القول بالنبوّة وقد اوضحنا ذلك مراراً الا أن هذا الكاتب عوّدنا أن يجترّ ويعيد أقواله بمناسبة وبدون مناسبة ولا نملك ونحن في مقام ابطال أكاذيبه الّا أن نسايره في مكرّراته والاجابة عنها .

الشيعة والتقية مرّة اُخرى

قال : التقيّة أو النفاق أصل وأساس من صميم اعتقاد الشيعة وهذا النفاق يصطلح عندهم بالتقيّة .

١٢٣
 &

ونقول : إنّ هذا الكاتب يرد على القرآن ـ كما ذكرنا ذلك سابقاً ـ فإنّ الذي شرّع التقية هو الله تعالى في القرآن الكريم وقد أوردنا الآيات في موضع سابق من هذا الكتاب . وليست التقية هي النفاق ، فهما شيئان مختلفان مفهوماً ومصداقاً ، وقد ذكرنا هذا أيضاً فيما مضى ، ونضيف هنا ان الكاتب وامثاله هم الذين يلجؤن الشيعة الى التقيّة ، فإن هؤلاء المغرضين الذين لا هدف لهم الّا إثارة الفتنة إذا كتبوا هذه الأباطيل والأراجيف ونسبوها زوراً وبهتاناً الى الشيعة وحرّكوا الناس ضدّهم فمن الطبيعي أنّهم يخافون على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ، فيضطرون الى التخفّي ظاهراً وقلوبهم مطمئنّة بالايمان واقعاً ، ولو أنّهم جاؤا وجادلوا بالتي هي أحسن لكان خيراً للجميع ، وهذه محنة الشيعة على مرّ التاريخ ، وقد ذكرنا بعض الوقائع التاريخية التي نالها الشيعة من جراء الحقد والعداوة ، ولا زال الشيعة يعانون الويلات من ملقحي الفتن والأحقاد .

قال الكاتب : انّهم يلصقون مثل هذا النفاق على سيّدنا علي على أنّه علم بخيانة أبي بكر وعمر على خلافته ، ولكنه لم يعترضهما لأجل التقية في الخلافة آنذاك ، فهذه الأكاذيب التي ألصقت على سيّدنا علي تكشف وضوح الانحراف في عقيدتهم

١٢٤
 &

وأنّهم ما كانوا يقصدون وراء افضاح صحابة الرسول الّا لأجل أن تتسنى لهم فرصة رفض ولايتهم وخلافتهم ، وعلى هذا الأساس لم يحبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونقول : لولا أن هذا الكاتب يذكر اسم الشيعة ويعنيهم بالكلام لقلنا إنّه يقصد غيرهم ؛ لأنّ هذه الاوصاف والافاعيل التي ينسبها اليهم لا تنطبق على الشيعة جملة وتفصيلاً إنّ الشيعة صريحون في عقيدتهم وآرائهم ، وقد بثّوها في كتبهم المنتشرة في بقاع الأرض ، يقارعون الحجة بالحجّة والبرهان بالبرهان ، وليس الشيعة من الفرق الباطنية التي تخفي عقائدها ، وإذا اضطرّ الشيعة لاخفاء فإنما هو للظروف العصيبة التي تمرّ بهم من الجائرين فتدفعهم الى التستر خوفاً على أرواحهم وأعراضهم ، وما ذكره هذا الكاتب لا يمتّ إلى الشيعة بصلة ، ولكن إذا علمنا أنّ هذا الكاتب يفتري ويرمي القول بلا خوف من الله ولا رادع يتبين لنا أنّه إنما ينسب هذه الأباطيل الى الشيعة من أجل إشاعة الفتنة بين المسلمين والّا فكيف يقول هذا الكاتب إنّ الشيعة تلصق النفاق بسيّدنا علي وهو الامام الأوّل للشيعة وهل يصدّق عاقل أن تنسب الشيعة إلى إمامها النفاق ؟ ولكن ماذا نصنع مع شخص لا يتقي الله ولا يخافه .

١٢٥
 &

الشيعة والصحابة مرّة اُخرى

قال الكاتب : ولأجل تحقيقهم لهذه الأهداف الخطيرة أنّهم لم يتسامحوا ولم يتركوا حتى الأمر البسيط في افضاح الصحابة وانزال قيمهم ، ففي اعتقادهم يدّعون أنّ الصحابة الأجلّاء كأبي بكر وعمر وعثمان (رض) أنّهم لم يكونوا فاهمين لتعاليم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى انهم كانوا يختلفون ويفتعلون الاحاديث بينما كانوا خونة سرقة لا يعرفون شيئاً من أحكام الدين .

ونقول : عاد الكاتب إلى نفس النغمات التي كان يطلقها وإن دل هذا على شيء فإنّما يدل على افلاسه من العلم والمعرفة ، وقد تكلمنا عن هذه النقطة في أكثر من موضع وخلاصتها أنّ الصحابة بشر وليسوا هم أفضل البشر ، فإنّ الانبياء ـ لا شكّ ـ أفضل منهم ثمّ إنّ في الصحابة من بلغ الغاية العليا في الإيمان والتّقوى وفيهم من هو أقلّ إيماناً ، ومنهم من هو منافق كما تحدث القرآن عن ذلك وكلّ يجازى بحسب عمله . وسيأتي بعض التفصيل حول هذا الموضوع .

قال الكاتب : وربّما الأمر يثير زوبعة ويصاب الانسان بصدمة ودهشة بمجرّد أن يسمع الاتّهامات والافتراءات هذه ولكن

١٢٦
 &

ليس بعجب ، فالشيعة أو اتباعهم اُناس أكثر فرية وخيانة في الاسلام ناسبين ما تملي عليهم قلوبهم الى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونقول : وهذه نغمة اُخرى ليس فيها الّا السباب والشتائم والقول الزور ، والشيعة أجلّ وأسمى من هذه الاوصاف التي يحكي بها الكاتب عن حقيقة نفسه .

ولو يوفق هذا الكاتب وأمثاله ممّن هو على شاكلته ويجالس الشيعة وعلماءها لرأى صدق الحديث وأداء الامانة والاخلاص والتّقوى والورع والعبادة والترفع عن الدّنايا ، ولكن كيف يوفّق هذا الكاتب وقد امتلأ قلبه حقداً ، فأعمى بصره وبصيرته عن رؤية الحق فضلاً عن اتّباعه .

قال الكاتب : اتهموا الصّحابة على أنّهم تآمروا على الإسلام وخطّطوا لمحوه ليتأتّى لهم إعادة وإجراء عادات العرب الجاهلية التي كانت قبل الاسلام إن هذه الاتهامات وأمثالها ظاهرة يتسع نطاق وجودها في كتبهم ومواعظهم ، فهي ظاهرة تبرز وضوح انحرافهم وبغضهم للاسلام المحمدي .

ونقول : وهذه نغمة ثالثة لكيل الاتّهامات والافتراءات بلا حساب أو مراعات لابسط الآداب والتعاليم ، ولو كان هذا الكاتب يهدف الى الحق لجاء بالدليل والبرهان لا بالتهويل

١٢٧
 &

والفوضى والكلام البذيء ولكنّه يعلن عن عجزه بهذا الاسلوب ويفضح نفسه بهذه الطريقة من الكلام ، وكفى بذلك حجّة لنا عليه وعلى أمثاله ممّن هم على شاكلته ، فليس هذا أدب المناظرة والاحتجاج ، وليس بهذا الاسلوب يتوصل الناس الى معرفة الحقيقة التي يحاول هذا الكاتب اخفاءها بهذا التهويل وهذه الحملات المسعورة التي لا هدف وراءها الّا إثارة النعرات واضرام نار الفتنة بين المسلمين .

التهويل والأساليب الملتوية

قال الكاتب : بالرغم من انّ الشيعة يقذفون السموم ضدّ صحابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالصراحة ، فقد فتح بعض أهل السنة المناصرون لهم والذين لا يتمتّعون بمادة علميّة فتحوا باب التآلف والتفاهم مع الشيعة .

ونقول : إنّ هذا الكاتب بهذه العبارة يكشف عن حقيقة نفسه المليئة بالحقد والحسد ويحاول ان يسدّ الباب في وجه اخوانه الذين عبّر عنهم بأنّهم لا يتمتّعون بمادة علمية وفي الحقيقة أنهم ليسوا كمثله في الحقد والبغضاء والّا فما المانع من فتح باب الحوار والتفاهم ليحمل عليهم هذه الحملة ويتّهمهم بقلّة العلم والمعرفة

١٢٨
 &

وهذا ما يؤكّد لنا ما استنتجناه من خلال كتابته عن نفسيته المضطربة القلقة ، فهو يخاف أن يتصل الناس بالشيعة لئلا يفتضح امام أعينهم لأنّهم سيرون من الشيعة عكس ما كان يشيعه هذا الكاتب عنهم ويفتريه عليهم .

قال الكاتب : انّ القليل من أهل السنّة نصبوا منبر الصداقة والاخوّة مع أعداء الرسول وأعداء أصحابه الكرام إنّه من يفعل ذلك (يعني التصادق مع الشيعة) لن يكون من أخوة أهل السنة أبداً . .

ونقول : هذا أسلوب آخر يتبعه هذا الكاتب ليخوف به هؤلاء الناس الذين تربطهم صلة بالشيعة فهو أولاً يصفهم بالقلة ليستصغروا في الاعين ، ولو ترك هذا الكاتب افتراءاته لازداد العدد لأن الطبيعة البشرية تدفع الانسان الى التفاهم والتساؤل ، والانسان يحب أن يطلع على أحوال الغير ويتعرف عليهم ، وما المانع من ذلك لولا هذه المعكّرات التي يمارسها هذا الكاتب ، وأمثاله .

وثانياً : يستخدم اسلوب التهديد بقوله لن يكون من أخوة أهل السنة أبداً ولماذا هذا الحجر على العقول والأفكار ولماذا هذه الطريقة في منع اتصال الشيعة بالسنة ، فالجميع مسلمون واختلاف

١٢٩
 &

الآراء والانظار أمر طبيعي بين البشر ، ولكن ماذا نصنع مع هذا التعجرف والتحجر والهمجيّة في عصر العلم والمعرفة والثقافة .

قال الكاتب : أي داع يجعلنا نذل أنفسنا بهذا الشكل وبكل بساطة في عقيدتنا بمثل هذه الامور ، فإذا كانت هناك حاجة إلى التضامن والوحدة فعليهم (يعني الشيعة) الاتحاد والتضامن مع الشيطان والقاديانية إنّ اناساً كمثل هؤلاء يتعاملون مع الشيعة ليسوا الّا مذبذبين مفضحين للاسلام .

ونقول : هذا أيضاً اسلوب آخر يتّخذه الكاتب لمنع هؤلاء من الاتصال بالشيعة وهو محاولة إظهار أنّ له مكانة سامية ولا داعي لأن يذل نفسه بهذه البساطة ، ولا ندري كيف توهّم هذا الكاتب أنّ في ذلك إذلالاً للنفس وتنازلاً عن عقيدته ورأيه ، ومتى كان في مثل هذه اللقاءات إذلال ومهانة بقدر ما فيها من بث روح الألفة والتوادد إنّ القرآن الكريم يأمر الانسان المسلم أن يعاشر أبويه المشركين بالتي هي أحسن قال تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا . . . ) ١ فإذا كان الأبوان مشركين فالآداب الاسلامية تفرض الصحابة بالمعروف فيها لا يسخط الخالق فكيف بالمعاشرة

__________________

١) سورة لقمان ، الآية ١٥ .

١٣٠
 &

مع المسلمين ممن يختلفون في الآراء ، ولكن هذا الكاتب يخرج على الآداب الاسلامية ليحقق اهدافه .

ثم إن هذا الكاتب يكرّ مرة اخرى على الشيعة ليقول فعليهم الاتحاد والتضامن مع الشيطان والقاديانية ، وليس هذا اسلوب المثقّفين أو المتعلّمين وإنّما هي أساليب بربرية همجيّة تكشف عن مرض في النفس واضطراب في التفكير .

ويبدو أن الكاتب شعر باليأس من جميع اساليبه وانها لا فائدة منها فأخذ يحمل على هؤلاء الذين يتصلون بالشيعة ليتّهمهم بالتذبذب وفضح الاسلام وليتنبه اتباع هذا الكاتب والذين يرتأون رأيه أنهم مهدّدون بأن ينقلب عليهم بمجرّد أن يخالفوه في الرأي والفكرة ، وسيكون مصيرهم في نظره مصير هؤلاء الذين اتّصلوا بالشيعة من التذبذب والانحراف ، وعليهم أن يتحلّوا بالشجاعة وينزعوا عن أنفسهم هذه القيود التي أحاطوا أنفسهم بها ، وليكونوا أحراراً في آرائهم وأفكارهم ، فانّ ذلك خير لهم من هذا القلق والاضطراب النظرة التشاؤميّة التي نظروا بها المسلمين وما استفادوا من ذلك غير العداوة والبغضاء .

قال الكاتب : إن أغلب المسلمين وبالأخص مسلمي أفريقيا يجهلون حقيقة الشيعة وأهدافهم نتيجة تلبس رواج هذا المذهب

١٣١
 &

بمظهر الاسلام فضلاً عن الدعايات الواردة من الشيعة أنفسهم ومن الاطراف الأخرى .

ونقول : إنّ حقيقة الشيعة هي نفس حقيقة الاسلام ، وأهدافهم هي أهداف الاسلام ، والشيعة عبر تاريخهم منذ زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كما بيّنا ذلك لا كما يدّعيه هذا الكاتب كانوا محافظين على تعاليم الاسلام وأحكامه وتطبيقها في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع شؤونهم ، وإن شئت البرهان على ذلك فاذهب إلى أيّ مسجد من مساجدهم في أوقات الصلاة وانظر هل يصلّون الى غير قبلة المسلمين ، واذهب إلى أسواقهم وانظر هل يتعاملون على خلاف الإسلام ، واذهب إلى أيّ مكان من أمكنة الشيعة هل تجد شيئاً فيه مخالفة للدين ؟ فلماذا هذه الدعاوى الكاذبة ؟ ولماذا هذا الزور والبهتان ؟

قال الكاتب : إنّ مروّجي مذهب الشيعة يحاولون الاستعانة بالإسلام والعمل به ظاهراً ليحملوا الناس على الاعتقاد أنّهم على الاسلام متمسكين له راسخاً في قلوبهم .

ونقول : إنّ هذا الكاتب قد جعل من نفسه عالماً بالغيب مطّلعاً على الضمائر ، والّا فكيف يحكم على أن هؤلاء يعملون بالاسلام ظاهراً هل اطّلع على قلوب الناس وعرف أنّهم يعملون

١٣٢
 &

بالظاهر دون الباطن ، أليست هذه دعوى كاذبة يدّعيها هذا الكاتب على غير هدى وبصيرة ؟

إنّ ما عبّر عنه بترويج مذهب الشيعة إنّما هو بيان للحق والحقيقة وتعريف الناس بالواقع الذي خفي عليهم نتيجة التشويه الاعلامي المتعمّد الذي يمارسه أمثال هذا الكاتب ومن يقتدي به ضدّ شيعة أهل البيت عليهم‌السلام وإن الكاتب يكشف عن حقيقة نفسه وما تنطوي عليه من حقد وعداء .

قال الكاتب : إنّ الذي يحمل الاسلام ويعمل بحقيقته لا بدّ وأن يكون مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أولاً لا القيام بالدعوة الى الأخوّة المفتعلة المشوهّة .

ونقول : إنّ الشيعة لم تفارق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعاليمه بل سارت على هديه واقتفت أثره واتّبعت أوامره ونواهيه ، كما أمر القرآن الكريم بذلك قال تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) ١ وقد أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمة باتّباع أهل البيت ومحبتهم ومودّتهم وقد فعل الشيعة ذلك ولم يتخلّوا عن هذا الأمر مهما حاول أعداؤهم تشويه صورتهم ونسبة الأباطيل إليهم وهم أبرياء من ذلك الزور والبهتان .

__________________

١) سورة الحشر ، الآية ٧ .

١٣٣
 &

وإذا كان للشيعة دعوة للاخوة ، فهي دعوة صادقة على أساس الحق والدليل والبرهان والدعوة إلى الله والجدال بالتي هي أحسن ، وليس كما يدّعيه هذا الكاتب العجيب الذي لا يتورّع عن الافتراء ولا يدري ماذا يقول .

قال الكاتب : إن هذا المشروع لا يرتدي به الّا كطابع سياسي ليس الّا ، بينما يحاول هؤلاء أن يتخذوا المغريات المادية وسيلة وذريعة لكسب الودّ والإخفاء هنا وهناك .

ونقول : إن المذهب الشيعي لم يكن مذهباً سياسيّاً في يوم من الأيام قط ، بل هو منهج ديني رسمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسار عليه الشيعة ، وقد ذكرنا فيما سبق متى نشأ التشيّع ، وقلنا إنّه أسبق المذاهب في الظهور ؛ لأنه بدأ منذ زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بينما بقيّة المذاهب نشأت في القرن الثاني الهجري وبتأييد من الحكّام العباسيّين ، ولذا نستيطع أن نجزم بهذه الحقيقة وهي أن المذاهب الأربعة هي التي نشأت في ظروف سياسيّة معينة ، وانّ الحكّام هم الذين يقررون ذلك وارجع الى تاريخ المذاهب لتقف على هذه الحقيقة بينما المذهب الشيعي لم يكن على ارتباط بالسلطة مطلقاً ، وإنّما كان منشأه من زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورعايته وقد ذكرنا النصوص الدالّة على ذلك .

١٣٤
 &

وأمّا ما ذكره عن المغريات المادية ، فهذه فرية أخرى يضيفها هذا الكاتب إلى رصيده فما هذه المغريات المادية التي يتحدث عنها ومن أين وكيف ؟ (إن هذا الا اختلاق) .

قال الكاتب : إذا تعمّقنا في مبادىء الشيعة سوف نجد أنّها كانت لا ترتبط بالايمان .

ونقول : إن هذا الكاتب لم يتعمّق ولا يعرف كيفية التعمّق ، وإنما الذي يعرفه هو الافتراء وقول الزور ، والّا فهل الشيعة يعبدون غير الله ؟ وهل يصلون إلى غير قبلة المسلمين وهي الكعبة ؟ وهل يقرأون غير القرآن ؟ وهل يحجون إلى غير مكة ؟ وإذا كان ثمّة اختلاف بين الشيعة في بعض المسائل الاجتهادية مع غيرهم ، فهل أن جميع المذاهب متّفقة في كلّ مسألة أم إنّ بينهم اختلافاً كبيراً كما هو معلوم من فقههم ولو كانت المذاهب متّفقة ، فلماذا صارت أربعة مذاهب أو أكثر ؟ ولماذا لا تكون كلها مذهباً واحداً ، إن هذا الكاتب يبرهن على جهله في كل سطر يكتبه وانه لا يحسن الا كيفية السب والاتهام .

قال : فما عليه الشيعة ليس من الشريعة الاسلامية في شيء .

ونقول : إن الشيعة ـ بحمد الله ـ قادرة على اثبات جميع ما تعتقد به من مصادر السنة أنفسهم ، فإنّ علماء السنة دوّنوا ذلك

١٣٥
 &

في كتبهم ورواياتهم ونقله الشيعة من كتب السنة ، وهذا الكاتب لم يطلع على ما كتبه علماء مذهبه ليعرف ما ورد في هذه الكتب . والذي يبدو أنّ هذا الكاتب يحوم حول قضية واحدة وقد ذكرنا أنها المنشأ للخلاف وهي قضية الخلافة وقد مرّ الحديث عنّا وسيأتي أيضاً بعض ما يتعلّق بها .

قال الكاتب : من خلال تتبعنا هذا ، تظهر الخطورة الموجودة عند الشيعة وانّه لا يمكن التصالح والتوافق معهم الّا إذا استتيبوا ورجعوا إلى الدين الاسلامي واعتنقوه .

ونقول : أوّلاً : أنّه لم يتتبّع شيئاً قطّ وإنما يزداد في تكرار الاتهامات بلا مبرر ولا دليل ويعيد ما قاله بلا روية مما يضطرّنا الى التكرار في جوابه .

وثانياً : أنّ الخطورة التي يتشدق بها إنّما هي من الحق ، فإنّه لو نظر أو ناظر الشيعة واطّلع على أفكارهم وكان متجرّداً عن حقده وعصبيته لاعترف بأنّ الشيعة على الحق وأنّهم هم الذين يجسدون تعاليم الاسلام ، فهذا التهويل والاغراق يكشف عن خوفه من ظهور الحقيقة للناس .

وثالثاً : ماذا يريد هذا الكاتب من التوافق والتصالح والاستتابة واعتناق الدين هل يقصد من ذلك أن نصبح على

١٣٦
 &

مذهبه ونعتنق أفكاره ؟ وكان من اللائق به أن يدعو الشيعة للمناظرة والحوار العلمي الهادف لبيان ما هو الحق واظهار الحقيقة ، فإن الشيعة على استعداد لذلك وليس من اللائق به أن يبادر الى التكفير والافتراء .

قال الكاتب : تتّسم خطورة الشيعة بدرجة عالية إلى حدّ يحملنا على الاعتقاد بكونهم أعدائنا ؛ لأنّهم اعداء الرسول بينما يحسبون أصحاب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله حطب من حطب نيران جهنّم .

ونقول : إن خطورة الشيعة في شيء واحد وهو أنهم صريحون في اظهار الحقيقة ويملكون الأدلّة العقليّة والنقليّة على جميع معتقداتهم ولا يتلاعبون بالدين وأحكامه ، بل يتبعون الدليل والبرهان . وأمّا قوله عن الشيعة بأنّهم أعداء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فهذا محض افتراء فإنّ الشيعة هم الذين عظموا حرمة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزهوه عما لا يليق بمقامه وشأنه واتبعوا أوامره ونواهيه .

وأما عن اصحاب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد تقدّم الكلام في ذلك ، ولا حاجة إلى التكرار ، وسيأتي بعض ما يتعلق به أيضاً .

قال الكاتب : فعلى جميع المسلمين أن يعلموا جيداً أن تأييد الشيعة ونصرتهم عمل محرّم . . الخ .

ونقول : إن مذهب الشيعة مذهب قائم بذات في أفكاره

١٣٧
 &

وعقائده ، وليس بحاجة الى اصدار الفتاوى المظللة في حرمة تأييدهم لأنهم في غنى عن هذا التأييد ، وليعلم هذا الكاتب وأمثاله أن من يؤيد الشيعة إنّما يؤيدهم لأنه رأى أحقّية مذهبهم وصحّة اعتقادهم وافكارهم ، وهذه الدعاوى الفارغة والدعوات الزائفة التي لا محصّل لها الّا إثارة الفتنة بين الناس .

قال الكاتب : يجب أن توضع هذه الحقيقة على بساط معرفة الجميع ليتسنّى لهم شنّ الحملة المضادة لهذه الدعايات الفاسدة التي تأتي وترد من مصادرها المختلفة .

ونقول : انظر الى هذه الأساليب الغوغائية لاثارة الفتن بين الناس ، فهذا الكاتب قرر ودعا وأفتى وحكم ، ولكن على غير هدى وبصيرة ، أليس من الأفضل أن يدعو للحوار العلمي الموضوعي ويناقش مختلف الاُمور المرتبطة بالشيعة والسنة ؟ أليس من الأفضل أن يقوم بزيارة إلى مراكز الشيعة العلميّة ليتعرّف على الشيعة من قرب ويطلع على آرائهم من خلال علمائهم وكتبهم ؟ وليعلم هذا الكاتب أنّنا لسنا خائفين ، فإنّ من كان مع الله فالله معه وغرضنا اثبات حماقة هذا الكاتب وسطحيّة تفكيره ، فما هكذا تعالج الامور ولا هكذا يكون التفكير السليم .

قال الكاتب : من المؤسف حقّاً ومن بواعث القلق والضعف

١٣٨
 &

أن نجد أهل السنة قد ربطوا عرى التضامن والإخاء مع الشيعة بظنّ أنّهم مسلمون حقيقة .

ونقول : قد ذكرنا سبب تأسف هذا الكاتب وقلقه ونكرر هنا إن الحقّ نور يضيء القلوب المهيئة والنفوس المستعدّة لتلقي الحقائق ، وأمّا تلك القلوب السوداء والنفوس المظلمة الحاقدة ، فهي تتأسف وتقلق على ظهور الحقيقة وانتشارها ويبدو أن هذا الكاتب قد فشل في محاولاته اليائسة لصدّ الناس عن معرفة الحق . ويقيناً أنّ هؤلاء الذين ربطوا عرى التضامن والاخاء مع الشيعة وجدوا أنّ جميع ما قيل عنهم واتّهموا به إنما هو افتراء محض ودعوى زائفة ، ولذلك لم يستمعوا إلى أقوال هذا الكاتب وأمثاله لأنهم عرفوا وتيقّنوا أنّ الدعايات ضدّ الشيعة لا حقيقة لها وإنما هي ناشئة عن حقد وبغضاء وعصبيّة .

قال الكاتب : لا يوجد شكّ أنه لا يجوز اطلاق الكفر على من نطق بالشهادتين ، وهذا ما كان يحتاط فيه علماء الاسلام .

ونقول : عجباً لهذا الكاتب أنّه يتناقض في كلّ ما يكتب فتارة تجده يقول لا يجوز اطلاق الكفر على من نطق بالشهادتين وانه لا يوجد شك في ذلك وتارة تجده ينسب الشيعة الى الكفر ويرميهم بأقبح الالفاظ ، وهو يخالف في ذلك علماء مذهبه ، فإذا

١٣٩
 &

كان علماء الاسلام يحتاطون كما يدّعي ، فكيف ينسب إليهم أنّهم يقولون بكفر الشيعة في الوقت الذي يشهد الشيعة بالشهادتين ، ويصلّون الصلوات الخمس ، ويحجون البيت الحرام من استطاع إليه سبيلاً ، ويؤدّون الزّكاة ، ويصومون شهر رمضان ويعملون على طبق تعاليم الاسلام .

وإذا كان أبو حنيفة ـ كما قال الكاتب ـ يذهب الى التحذير من أطلاق الكفر على كلّ من اتّجه الى قبلة الاسلام ، فكيف لا يقتدي به هذا الكاتب وأمثاله في التورّع والخوف من الله تعالى من اتّهام فئة من الناس ـ تتّجه إلى القبلة وتصلّي وتصوم وتحجّ ـ بالكفر والخروج عن الدين .

إنّ الذي يظهر أنّ هذا الكاتب لا يدري ماذا يقول ، وانه مجرّد كاتب تُملى عليه الأفكار الخاطئة ويكتبها وهو لا يعلم مضمونها وهذه هي احدى الطامات التي ابتلت الشيعة بهم حيث ينبري مجموعة من الجهال لا يفقهون شيئاً وينسبون الى الشيعة كلّ زور وبهتان على غير هدى وبصيرة .

قال الكاتب : فلا خلاف بين جميع العلماء في كفرهم ؛ لأنّ كلّ من يؤمن بالتحريف في القرآن يحكم عليه بالكفر عند جميع علماء أهل السنة .

١٤٠