معجم البلدان - ج ٤

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٤

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠١

باب الغين والياء وما يليهما

غَيّانَةُ : على وزن فعلانة ، بالفتح ثم التشديد ، ونون بعد الألف ، من الغي ضدّ الرشد : حصن بالأندلس من أعمال شنتبرية.

غَيَايَةُ : بفتح أوله ، وتخفيف ثانيه ، وبعد الألف ياء أخرى مفتوحة خفيفة ، والغياية : كل شيء أظلّك فوق رأسك مثل السحابة والغبرة والظل والطير ، وغياية : كثيب قرب اليمامة في ديار قيس بن ثعلبة.

غَيْدَانُ : بالفتح ثم السكون ، كأنه فعلان من الغيد ، وفتاة غيداء وغادة وهي الناعمة المائلة العنق الناعسة : وهو موضع باليمن ، ينسب إلى غيدان بن حجر بن ذي رعين بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل الحيري ، قال الأفوه الأودي :

جلبنا الخيل من غيدان حتى

وقعناهنّ أيمن من صناف

غِيزَانُ : بكسر الغين ، وسكون الياء ، وزاي ، وآخره نون : من قرى هراة فيما هو الغالب على الظن ، ينسب إليها محمد بن أحمد بن موسى بن عيسى الغيزاني ، سمع أبا سعد يحيى بن منصور الزاهد ، روى عنه القاضي أبو المظفر منصور بن إسماعيل الحنفي ، ومات فيما ذكره العرابة سنة ٣٩٥.

غِيشَتى : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ثم شين مفتوحة ، وتاء مثناة من فوق مفتوحة ، وألف مقصورة : وهي من قرى بخارى ، ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هشام الغيشتي الأمير ، روى عن أبي يعقوب إسرائيل بن السميدع وأبي سهيل سهل ابن بشر الكندي وغيرهما ، وتوفي سنة ٣٤٦.

الغَيْضُ : بالفتح ثم السكون ، يقال : غاض الماء يغيض غيضا إذا نقص وغار في أرض أو غيرها ، والغيض : موضع بين الكوفة والشام ، قال الأخطل :

فهو بها سيّء ظنّا وليس له

بالبيضتين ولا بالغيض مدّخر

الغَيْضَةُ : ناحية في شرقي الموصل من أعمال العقر الحميدي عليها عدة قرى وتأوي إليها الوحوش والطيور ، يحصل منها في كل عام ما يزيد على خمسة آلاف دينار من ثمن خشب وقصب ومستغلّ أراض ومزدرعات وأرحاء.

غيطلَةُ وذاتُ أَسلام : موضع بأرض اليمامة في رحبة الهدّار ، قال مخيس بن أرطاة :

تبدلت ذات أسلام فغيطلة

غَيْفَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفاء ثم هاء ، يقال : أغفت الشجرة فغافت وهي تغيف إذا تغيفت أغصانها يمينا وشمالا ، وشجرة غيفاء ، ويجوز أن يكون موضع ذلك غيفة ، قال أبو بكر محمد بن موسى : غيفة ضيعة تقارب بلبيس ، وهي بليدة من مصر إليها مرحلة ، ينزل فيها الحاجّ إذا خرجوا من مصر ، بغيفة مشهد ، يقال : فيه عرف صاع العزيز بران ، ينسب إليها أبو علي حسين بن إدريس الغيفي مولى آل عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، حدث عن سلمة بن شبيب وغيره.

غَيْقٌ : موضع في قول البعيث الجهني :

ونحن وقعنا في مزينة وقعة

غداة التقينا بين غيق وعيهما

وقد تقدم عيهم.

غَيْقَةُ : بالفتح ثم السكون ثم القاف ثم الهاء ، الغاقة والغاق : من طير الماء ، وغاق : حكاية صوت الغراب ،

٢٢١

فيجوز أن يسمى الموضع الذي يكثر ذلك فيه الغيقة ، قال أبو محمد الأسود : إذا أتاك عيقة في شعر هذيل فهو بالعين المهملة ، وإذا أتاك في شعر كثير فهو بالغين المعجمة : وهو موضع بظهر حرّة النار لبني ثعلبة بن سعد بن ذبيان ، قال كثيّر :

فلما بلغن المنتضى بين غيقة

ويليل مالت فاحزألّت صدورها

وقيل : غيقة بين مكة والمدينة في بلاد غفار ، وقيل : غيقة خبت في ساحل بحر الجار فيه أودية ولها شعبتان إحداهما ترجع فيها والأخرى في يليل وهو بوادي الصفراء ، قال ابن السكيت : غيقة حساء على شاطئ البحر فوق العذيبة ، وقال في موضع آخر : في غيقة مويهة عليها نخل بطرف جبل جهينة الأشعر. وغيقة أيضا : سرّة واد لبني ثعلبة ، وقال كثيّر :

عفت غيقة من أهلها فجنوبها

فروضة حسمى قاعها فكثيبها

منازل من أسماء لم يعف رسمها

رياح الثريّا خلفة فضريبها

 خلفة أي ريح تخلف الأخرى ، والضريب : الجليد.

غَيْلٌ : بالفتح ثم السكون ثم لام ، وهو الماء الذي يجري على وجه الأرض ، ومنه الحديث : ما يسقي الغيل ففيه الغيل ، والغيل في حديث آخر : لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ثم ذكرت أن فارس والروم يفعلونه فلا يضرّهم ، قالوا : الغيلة هو الغيل وهو أن يجامع المرأة وهي مرضع ، وقيل : أن ترضع الطفل أمّه وهي حامل ، والغيل أيضا : الساعد الممتلئ الريّان ، وغيل : موضع في صدر يلملم في قول غريب ابن بيئة بن لام :

لعمري لقد أبكت قريم وأوجعوا

بجزعة بطن الغيل من كان باكيا

وغيل أيضا : موضع قرب اليمامة ، قال بعضهم :

يبري لها من تحت أرواق الليل

غملّس ألزق من حمى الغيل

والغيل أيضا : واد لبني جعدة في جوف العارض يسير في الفلج وبينهما مسيرة يوم وليلة. والغيل غيل البرمكي : وهو نهر يشق صنعاء اليمن ، وفيه يقول شاعرهم :

وا عويلا! إذا غاب الحبيب

عن حبيبه إلى من يشتكي؟

يشتكي إلى والي البلد

ودموعه مثل غيل البرمكي

وهذا شعر غير موزون وهو مع ذلك ملحون أوردناه كما سمعناه من الشيخ أبي الربيع سليمان بن عبد الله الرّيحاني صديقنا ، أيده الله ، وأنشد أبو علي لأبي الجيّاش :

والغيل شطّان حلّ اللؤم بينهما ،

شطّ الموالي وشطّ حلّه العرب

تغلغل اللؤم في أبدان ساكنه

تغلغل الماء بين اللّيف والكرب

وقال أبو زياد : الغيل فلج من الأفلاج ، وقد مرّ الفلج في موضعه ، وقال نصر : الغيل واد لجعدة بين جبلين ملآن نخيلا وبأعلاه نفر من بني قشير وبه منبر ، وبينه وبين الفلج سبعة فراسخ أو ثمانية ، والفلج قرية عظيمة لجعدة ، وقال البحتري الجعدي :

ألا يا ليل قد برح النهار ،

وهاج الليل حزنا والنهار

٢٢٢

كأنك لم تجاوز آل ليلى ،

ولم يوقد لها بالغيل نار

وقال عثمان بن صمصامة الجعدي ومرّ به حمزة بن عبد الله بن قرّة يريد الغيل :

وقد قلت للقري : إن كنت رائحا

إلى الغيل فاعرض بالسلام على نعم

على نعمنا لا نعم قوم سوائنا ،

هي الهمّ والأحلام لو يقع الحلم

فإن غضب القرّيّ في أن بعثته

إليها ، فلا يبرح على أنفه الرّغم

والغيل : بلد بصعدة باليمن ، خرج منه بعض الشعراء ، منهم : محمد بن عبيد أبو عبد الله بن أبي الأسود الصعدي ، شاعر قديم وأصله من غيل صعدة.

الغِيلَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، مثل قولهم : قتل فلان غيلة أي في اغتيال وخفية : اسم موضع في شعر الأعشى.

الغَيْلَمُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح اللام ، وهو السّلحفاة ، والغيلم : المدرى في قول الليث ، وأنشد :

يشذّب بالسيف أقرانه

كما فرّق اللّمّة الغيلم

وردّه الأزهري وقال : الغيلم العظيم ، قال : ومن الرواية الصحيحة في البيت وهو للهذلي :

ويحمي المضاف إذا ما دعا ،

إذا فرّ ذو اللّمّة الغيلم

قال وقد أنشده غيره :

كما فرّق اللّمّة الفيلم

بالفاء ، قال ابن الأعرابي : الغيلم المرأة الحسناء ، والغيلم : الشابّ العريض المفرق الكثير الشعر ، والغيلم : اسم موضع في شعر عنترة :

كيف المزار وقد تربّع أهلها

بعنيزتين وأهلنا بالغيلم؟

غَيْنَاء : بالفتح ثم السكون ثم النون ، وألف ممدودة ، والغيناء : الشجرة الكثيرة الورق الملتفة الأغصان ، وغيناء : قنّة في أعلى ثبير الجبل المطلّ على مكة ، قال الباهلي : غينا ثبير قنّة ثبير التي في أعلاه تسمى غينا ، مقصور ، وهو حجر كأنه قبة ، قال ذلك في تفسير قول أبي جندب الهذلي :

لقد علمت هذيل أن جاري

لدى أطراف غينا من ثبير

أحضّ فلا أجير ، ومن أجره

فليس كمن يدلّى بالغرور

الغِينُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون ، وهو الشجر الملتف ، وغين : اسم موضع كثير الحمى.

غِينَةُ : بالكسر ثم السكون ثم نون ، قال أبو العميثل : الغينة الأشجار الملتفة في الجبال وفي السهول بلا ماء ، فإذا كانت بماء فهي غيضة ، والغينة ، بالكسر : الأرض الشجراء ، عن أبي عبيدة ، وغينة : موضع باليمامة ، قال الأعشى :

حتى تحمّل منه الماء تكلفة

روض القطا فكثيب الغينة السّهل

غَيْنَةُ : بالفتح : موضع بالشام ، عن أبي الفتح ، والله أعلم بحقائق الأمور.

٢٢٣

ف

باب الفاء والألف وما يليهما

فابِجَانُ : بعد الألف باء موحدة مكسورة ، وجيم ، وآخره نون ، قال أبو سعد : قرية من قرى أصبهان ، وقال : لا أدري أهي الفابزان أم غيرها.

فابِزَانُ : بعد الألف باء موحدة ، وزاي ، وآخره نون : موضع ، وقيل : قرية ، وقيل : بليدة ، ينسب إليها أبو بكر محمد بن إبراهيم بن صالح العقيلي الأصبهاني الفابزاني ، سمع بدمشق إسماعيل بن عمّار ودحيما ومحمد بن مسلم ، روى عنه أحمد بن محمود بن صبيح وأبو عثمان إسحاق بن إبراهيم وأبو أحمد محمد بن إبراهيم الغسّال وأبو جعفر أحمد بن سليمان بن يوسف ابن صالح بن زياد بن عبد الله العقيلي الفابزاني ، روى عن أبيه ، روى عنه محمد بن أحمد بن يعقوب الأصبهاني ، وتوفي سنة ٣٠١.

فابستين : وجدته بخط بعض الفضلاء كما تراه ، وقال : هو اسم موضع.

فاثورٌ : بعد الألف ثاء مثلثة ، وواو ساكنة ، وآخره راء ، والفاثور عند العامة : هو الطشت خان ، وأهل الشام يتخذون خوانا من رخام يسمونه الفاثور والناجود ، والباطية يقال لها الفاثور أيضا ، والفاثور : اسم موضع أو واد بنجد ، قال لبيد :

ومقام ضيّق فرّجته

بمقامي ولساني وجدل

لو يقوم الفيل أو فيّاله

زلّ عن مثل مقامي وزحل

ولدى النّعمان مني موقف

بين فاثور أفاق فالدّحل

وقال ابن مقبل :

حيّ محاضرهم شتّى ومجمعهم

دوم الإياد وفاثور إذا اجتمعوا

لا يبعد الله أقواما تركتهم

لم أدر بعد غداة البين ما صنعوا

دوم الإياد : موضع ، وقال عديّ بن زيد :

سقى بطن العقيق إلى أفاق

ففاثور إلى لبب الكثيب

الفاخِرَةُ : بعد الألف خاء معجمة ، ومعناه معلوم : اسم سميت به بخارى بما وراء النهر في بعض الأخبار لأنه

٢٢٤

روي أنه بعث إليها أيوب النبي ، عليه السلام ، فدعا لها بالخير فصارت بذلك فاخرة على غيرها.

فاذَجان : بعد الألف ذال معجمة ثم جيم ، وآخره نون : من قرى أصبهان.

فارَابُ : بعد الألف راء ، وآخره باء موحدة : ولاية وراء نهر سيحون في تخوم بلاد الترك ، وهي أبعد من الشاش قريبة من بلاساغون ، ومقدارها في الطول والعرض أقل من يوم إلا أن بها منعة وبأسا ، وهي ناحية سبخة لها غياض ، ولهم مزارع في غربي الوادي تأخذ من نهر الشاش ، وقد خرج منها جماعة من الفضلاء ، منهم : إسماعيل بن حمّاد الجوهري مصنف الصحاح في اللغة ، وخاله أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم صاحب ديوان الأدب في اللغة وغيرهما ، وإليها ينسب أبو نصر محمد بن محمد الفارابي الحكيم الفيلسوف صاحب التصانيف في فنون الفلسفة ، مات بدمشق سنة ٣٣٩ ، وكان تلميذ يوحنا بن جيلان ، وكانت وفاة يوحنا قبله في زمان المقتدر ، وعبد الله بن محمد ابن سلمة بن حبيب بن عبد الوارث أبو محمد المقدسي الفارابي ، سمع بدمشق هشام بن عمّار وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان وعباس بن الوليد الخلّال وأبا محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدمشقي ودحيما ، روى عنه أبو بكر وأبو زرعة ابنا أبي دجّانة وأبو بكر بن المقرئ وأثنى عليه الحسن بن منير والحسن بن رشيق وأبو حاتم محمد بن حبّان البستي وأبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النّسوي وغيرهم.

فاران : بعد الألف راء ، وآخره نون ، كلمة عبرانية معربة : وهي من أسماء مكة ذكرها في التوراة ، قيل : هو اسم لجبال مكة ، قال ابن ماكولا : أبو بكر نصر بن القاسم بن قضاعة القضاعي الفاراني الإسكندراني سمعت أن ذلك نسبته إلى جبال فاران وهي جبال الحجاز ، وفي التوراة : جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من فاران ، مجيئه من سيناء تكليمه لموسى ، عليه السلام ، وإشراقه من ساعير ، وهي جبال فلسطين ، هو إنزاله الإنجيل على عيسى ، عليه السّلام ، واستعلانه من جبال فاران إنزاله القرآن على محمد ، صلّى الله عليه وسلّم ، قالوا : وفاران جبال مكة. وفاران أيضا : قرية من نواحي صغد من أعمال سمرقند ، نسب إليها أبو منصور محمد بن بكر ابن إسماعيل السمرقندي الفاراني ، روى عن محمد بن الفضل الكرماني ونصر بن أحمد الكندي الحافظ ، روى عنه أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الكاغدي السمرقندي ، وقال أبو عبد الله القضاعي : فاران والطور كورتان من كور مصر القبلية.

فارِجَك : باب فارجك ، بالراء المكسورة ، والجيم المفتوحة ، والكاف : محلة كبيرة ببخارى.

فار : بلفظ واحد الفيران : بلدة من نواحي أرمينية ، نسب إليها بعض المتأخرين. وذو فار : حصن من أعمال ذمار باليمن.

فارد : فاعل من الفرد وهو الواحد كأنه منفرد عن أمثاله : جبل بنجد.

فارِزَة : بتقديم الراء المكسورة على الزاي المفتوحة : محلة ببخارى.

فارِسْجِينُ : بالراء المكسورة ، وسين مهملة ساكنة ، وجيم مكسورة ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، ونون ، وربما قالوا فارسين ، بطرح الجيم من فارسجين : ليست من نواحي همذان إنما هي من أعمال قزوين ، بينها وبين قزوين مرحلتان وبين أبهر مرحلة ، وبينها وبين همذان نحو ثماني مراحل من رستاق الألمر التي يقال لها

٢٢٥

الأعلم ، ينسب إليها محمد بن أحمد بن محمد بن علي ابن مردين أبو منصور القومساني بن أبي علي الزاهد ، ذكرته في القومسان ، نزل هذه القرية فنسب إليها ، روى عن أبيه وعبد الرحمن بن حمدان الجلّاب وأبي جعفر محمد بن محمد الصّفّار وأبي الحسين أحمد بن محمد ابن صالح وأبي سعيد عمر بن الحسين الصرّام ، روى عنه أبو الحسن بن حميد وحميد بن المأمون ، قال شيرويه : وحدثنا عنه ابن ابنه أبو علي أحمد بن طاهر بن محمد القومساني وغيره ، وهو ثقة صدوق ، توفي عشية يوم الجمعة الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة ٤٢٣ ، وروى عنه أبو نعيم الحافظ الأصبهاني ، وأحمد بن طاهر بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مردين أبو علي القاضي بفارسجين ، سمع الحديث ورواه وكان صدوقا.

فارِسُ : ولاية واسعة وإقليم فسيح ، أول حدودها من جهة العراق أرّجان ومن جهة كرمان السّيرجان ومن جهة ساحل بحر الهند سيراف ومن جهة السند مكران ، قال أبو علي في القصريات : فارس اسم البلد وليس باسم الرجل ولا ينصرف لأنه غلب عليه التأنيث كنعمان وليس أصله بعربي بل هو فارسيّ معرّب أصله بارس وهو غير مرتضى فعرّب فقيل فارس ، قال بطليموس في كتاب ملحمة البلاد : مدينة فارس طولها ثلاث وستون درجة ، وعرضها أربع وثلاثون درجة ، طالعها الحوت تسع درجات منه تحت عشر درج من السرطان من الإقليم الرابع ، لها شركة في سرّة الجوزاء ، يقابلها عشر درج من الجدي ، بيت عاقبتها مثلها من الميزان ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، وهي في هذه الولاية من أمهات المدن المشهورة غير قليل ، وقد ذكرت في مواضعها ، وقصبتها الآن شيراز ، سميت بفارس بن علم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وقال ابن الكلبي : فارس بن ماسور بن سام ابن نوح ، وقال أبو بكر أحمد بن أبي سهل الحلواني : الذي أحفظ فارس بن مدين بن إرم بن سام بن نوح ، وقيل : بل سميت بفارس بن طهمورث وإليه ينسب الفرس لأنهم من ولده ، وكان ملكا عادلا قديما قريب العهد من الطوفان ، وكان له عشرة بنين ، وهم : جم وشيراز وإصطخر وفسا وجنّابة وكسكر وكلواذى وقرقيسيا وعقرقوف ، فأقطع كل واحد منهم البلد الذي سمّي به ، ووافق من العربية أن يقال : رجل فارس بيّن الفروسية والفراسة من ركوب الفرس ، وفارس بيّن الفراسة إذا كان جيّد النظر والحدس ، هذا مصدره بالكسر ، ويقال : إنه لفارس بهذا الأمر إذا كان عالما به ، والفارس : الحاذق بما يمارس ، والعجم لا يقولون لهذا البلد إلا بارس ، بالباء الموحدة ، وقال الإصطخري : فارس على التربيع إلا من الزاوية التي تلي أصبهان والزاوية التي تلي كرمان مما يلي المفازة وفي الحد الذي يلي البحر تقويس قليل من أوله إلى آخره ، وإنما قلنا إن في زاويتها مما يلي كرمان وأصبهان زنقة لأن من شيراز وهي وسط فارس إليهما من المسافة نحوا من نصف ما بين شيراز وخوزستان وبين شيراز وجروم كرمان ، وليس بفارس بلد إلا وبه جبل أو يكون الجبل بحيث لا تراه إلا اليسير ، وكورها المشهورة خمس ، فأوسعها كورة إصطخر ثم أردشير خرّه ثم كورة دارابجرد ثم كورة سابور ثم قباذ خرّه ، ونحن نصف كل كورة من هذه في موضعها ، وبها خمسة رموم : أكبرها رمّ جيلويه ثم رمّ أحمد ابن الليث ثم رمّ أحمد بن الصالح ثم رمّ شهريار ثم رمّ أحمد بن الحسن ، فالرم منزل الأكراد ومحلتهم ، وقد روي في فارس فضائل كثيرة ، منها

٢٢٦

قال ابن لهيعة : فارس والروم قريش العجم ، وقد روي عن النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، أنه قال : أبعد الناس إلى الإسلام الروم ولو كان الإسلام معلقا بالثريّا لتناولته فارس ، وكانت أرض فارس قديما قبل الإسلام ما بين نهر بلخ إلى منقطع أذربيجان وأرمينية الفارسية إلى الفرات إلى برّية العرب إلى عمان ومكران وإلى كابل وطخارستان وهذا صفوة الأرض وأعدلها فيما زعموا ، وفارس خمس كور : إصطخر وسابور وأردشير خرّه ودارابجرد وأرّجان ، قالوا : وهي مائة وخمسون فرسخا طولا ومثلها عرضا ، وأما فتح فارس فكان بدؤه أن العلاء الحضرمي عامل أبي بكر ثم عامل عمر على البحرين وجّه عرفجة بن هرثمة البارقي في البحر فعبره إلى أرض فارس ففتح جزيرة مما يلي فارس فأنكر عمر ذلك لأنه لم يستأذنه وقال : غررت المسلمين ، وأمره أن يلحق بسعد بن أبي وقاص بالكوفة لأنه كان واحدا على سعد فأراد قمعه بتوجهه إليه على أكره الوجوه ، فسار نحوه ، فلما بلغ ذا قار مات العلاء الحضرمي وأمر عمر عرفجة بن هرثمة أن يلحق بعتبة بن فرقد السلمي بناحية الجزيرة ففتح الموصل وولّى عمر ، رضي الله عنه ، عثمان بن أبي العاصي الثقفي على البحرين وعمان فدوّخها واتسقت له طاعة أهلها ، فوجّه أخاه الحكم بن أبي العاصي في البحر إلى فارس في جيش عظيم ففتح جزيرة لافت وهي جزيرة بركاوان ثم سار إلى توّج ، ففتحها كما نذكره في توج ، واتسق فتح فارس كلها في أيام عثمان بن عفان كما نذكره متفرقا عند كل مدينة نذكرها ، وكان المستولي على فارس مرزبان يقال له سهرك فجمع جموعه والتقى المسلمين بريشهر فانهزم جيشه وقتل ، كما نذكره في ريشهر ، فضعفت فارس بعده ، وكتب عمر بن الخطّاب ، رضي الله عنه ، إلى عثمان بن أبي العاصي أن يعبر إلى فارس بنفسه ، فاستخلف أخاه المغيرة ، وقيل : إنه جاءه حفص بالبحرين وعمان وعبر إلى فارس ومدينة توج وجعل يغير على بلاد فارس وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري بمظاهرة عثمان بن أبي العاصي على أرض فارس ، فتتابعت إليه الجيوش حتى فتحت ، وكان أبو موسى يغزو فارس من البصرة ثم يعود إليها ، وخراج فارس ثلاثة وثلاثون ألف ألف درهم بالكفاية ، وذكر أن الفضل بن مروان وزير المتوكل قبلها بخمسة وثلاثين ألف ألف درهم بالكفاية على أنه لا مؤونة على السلطان ، وجباها الحجّاج بن يوسف مع الأهواز ثمانية عشر ألف ألف درهم ، وقال بعض شعراء الفرس يمدح هذه البلاد :

في بلدة لم تصل عكل بها طنبا

ولا خباء ولا عكّ وهمدان

ولا لجرم ولا الأتلاد من يمن ،

لكنها لبني الأحرار أوطان

أرض يبنّي بها كسرى مساكنه ،

فما بها من بني اللّخناء إنسان

وبنواحي فارس من أحياء الأكراد ما يزيد على خمسمائة ألف بيت شعر ينتجعون المراعي في الشتاء والصيف على مذاهب العرب ، وبفارس من الأنهار الكبار التي تحمل السفن نهر طاب ونهر سيرين ونهر الشاذكان ونهر درخيد ونهر الخوبذان ونهر سكان ونهر جرسق ونهر الإخشين ونهر كرّ ونهر فرواب ونهر بيرده ، ولها من البحار بحر فارس وبحيرة البجكان وبحيرة دشت أرزن وبحيرة التوز وبحيرة الجوذان وبحيرة جنكان ، قال : وأما القلاع فانه يقال فيما بلغني إن لفارس زيادة على خمسة آلاف قلعة مفردة في الجبال

٢٢٧

وبقرب المدن وفي المدن ولا يتهيأ تقصّيها إلا من الدواوين ، ومنها قلاع لا يمكن فتحها البتة بوجه من الوجوه ، منها قلعة ابن عمارة ، وهي قلعة الديكدان ، وقلعة الكاريان وقلعة سعيدآباذ وقلعة جوذرز وقلعة الجصّ وغير ذلك ، ونحن نصفها في مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

الفَارَسْكُر : من قرى مصر قرب دمياط من كورة الدقهلية.

الفَارِسِيّة : منسوبة إلى رجل اسمه فارس ، قرية غنّاء نزهة ذات بساتين مونقة ورياض مشرفة على ضفّة نهر عيسى بعد المحوّل من قرى بغداد بينهما فرسخان ، ينسب إليها الشيخ مسلم بن الحسن بن أبي الجود الفارسي ثم الحوري من حورى قرية من قرى دجيل ، انتقل منها إلى الفارسية واتخذ بها مليكا وخدم الفقراء فغلبت عليه ، ومات يوم الأحد حادي عشر المحرم سنة ٥٩٤ ودفن بها من الغد وعمل عليه قبة تهدى إليها النذور وتزار ، رأيتها.

فارِعٌ : قال أبو عدنان : الفارع المرتفع العالي الهيّئ الحسن ، وقال ابن الأعرابي : الفارع العالي ، والفارع : المستفلّ ، وفرعت إذا صعدت ، وفرعت إذا نزلت ، وفارع : اسم أطم وهو حصن بالمدينة ، قال ابن السكيت : وهو اليوم دار جعفر بن يحيى ، ذكر ذلك في قول كثيّر :

رسا بين سلع والعقيق وفارع

إلى أحد للمزن فيه غشامر

كلها بالمدينة ، قال عرام : وساية وادي الشراة ، بالشين المعجمة ، وفي أعلاه قرية يقال لها الفارع بها نخل كثير وسكانها من أفناء الناس ومياهها عيون تجري تحت الأرض وأسفل منها مهايع قرية ، كان رجل من الأنصار قتل هشام بن صبابة خطأ فقدم أخوه مقيس ابن صبابة على النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، مظهرا للإسلام وطلب دية أخيه فأعطاه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ولحق بمكة وقال :

شفى النفس أن قد مات بالقاع مسندا

تضرّج ثوبيه دماء الأخادع

وكانت هموم النفس من قبل قتله

تلمّ فتحميني وطاء المضاجع

حللت به وتري وأدركت ثؤرتي ،

وكنت إلى الأوثان أول راجع

ثأرت به قهرا وحمّلت عقله

سراة بني النجّار أرباب فارع

فَارِفَانُ : بعد الراء المكسورة فاء أخرى ، وآخره نون : من قرى أصبهان ، ينسب إليها القاضي أبو منصور شابور بن محمد بن محمود الفارفاني شيخ لأبي سعد ، وأبو بكر محمد بن محمود بن إبراهيم الفارفاني ، روى عنه أبو بكر أحمد بن عبد الله المستملي ، روى عن أبي الخير محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هارون بن داره.

فارْمَذ : بالراء الساكنة يلتقي بسكونها ساكنان ، وفتح الميم ، وآخره ذال معجمة : من قرى طوس ، ينسب إليها أبو عليّ الفضل بن محمد بن عليّ الفارمذي الواعظ ، وابنه عبد الواحد بن الفضل أبو بكر الطوسي ، قال شيرويه : قدم علينا مرارا ، روى عنه ابنه وغيره ، وكان واعظا حسن الكلام ليّن الجانب ، وذكر في التحبير : الفضل بن عليّ بن الفضل ابن محمد بن عليّ الفارمذي أبو عليّ بن أبي المحاسن ابن أبي علىّ الطوسي من بيت العلم والتصوّف

٢٢٨

والتقدّم ، سمع أباه ، سمع منه أبو سعد وأبو القاسم وتوفي في الحادي عشر من ذي الحجة سنة ٥٣٧.

الفَارُوثُ : بضم الراء ثم واو ساكنة ، وآخره ثاء مثلثة : قرية كبيرة ذات سوق على شاطئ دجلة بين واسط والمذار أهلها كلهم روافض وربما نسبوا إلى الغلوّ ، واشتقاقه إما من الفرث وهو السّرجين ، أو من قولهم : أفرث الرجل أصحابه إفراثا إذا عرضهم للسلطان أو لأئمة الناس.

فارُوز : بعد الألف راء مضمومة ، وواو ساكنة ، وزاي : من قرى نسا ، نسب إليها بعض المحدثين.

فارُوقُ : بضم الراء بعدها واو ثم قاف : من قرى إصطخر فارس ، ينسب إليها جماعة من أهل العلم والفضل ، منهم : شارح المصابيح للبغوي الشرح المعروف بالفاروقي وآخرون.

فارُويَه : بالراء المضمومة ، وواو ساكنة ، وياء مثناة من تحت مفتوحة : محلة بنيسابور.

فارّة : بالراء المشدّدة ، والهاء ، بلفظ قولهم : امرأة فارّة أي هاربة : مدينة في شرقي الأندلس من أعمال تطيلة.

فارِيَابُ : بكسر الراء ثم ياء مثناة من تحت ، وآخره باء : مدينة مشهورة بخراسان من أعمال جوزجان قرب بلخ غربي جيحون ، وربما أميلت فقيل لها فيرياب ، ومن فارياب إلى شبورقان ثلاث مراحل ، ومن فارياب إلى طالقان ثلاث مراحل ، ومن فارياب إلى بلخ ست مراحل ، ينسب إليها جماعة من الأئمة ، منهم : محمد بن يوسف الفاريابي صاحب سفيان الثوري وغيره ، فأما عبد الرحمن بن حبيب الفاريابي فأصله بغداديّ سكنها ، روى عن بقية بن الوليد وإسحاق ابن نجيح وحكي أنه كان يضع الحديث على الثقات ، كذا قال أبو حاتم محمد بن حبان في كتاب الضعفاء.

فارِيَانَان : اسم قرية ، قال ابن مندة : محمد بن تميم السغدي من أهل فاريانان ، ولم يزد ، وأحمد بن عبد الله ابن حكيم الفارياناني المروزي عن النضر بن محمد المروزي والفضل بن موسى متروك الحديث ، مات سنة ٢٤٨.

فازِرُ : بتقديم الزاي المكسورة على الراء ، قال ابن شميل : الفازر الطريق يعلو الفزر فيفزرها كأنها تخدّ في رؤوسها خدودا ، تقول : أخذنا الفازر وأخذنا في طريق فازر ، وهو طريق في رؤوس الجبال ، وفازر : اسم رملة في أرض خثعم على سمت اليمامة وثم الأطهار قرية من نجران ، هكذا ضبطه نصر ، وقد ترى أنه لا جامع بين اشتقاقه والرمل ، وأخاف أن يكون بتقديم الراء على الزاي لأن الفارز طريقة تأخذ في رملة في دكادك لينة كأنها صدع من الأرض منقاد طويل خلقة ، حكاه الأزهري عن الليث.

فَازُ : بعد الألف زاي ، بلفظ قولهم : فاز الرجل يفوز فوزا وهو النجاة من الشرّ : بلدة بنواحي مرو ، ينسب إليها أبو العباس محمد بن الفضل بن العباس الفازي المروزي ، حدث عن علي بن حجر ، روى عنه أبو سوّار محمد بن أحمد بن عاصم المروزي ، ودخلت بمرو على شيخنا أبي المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن أبي بكر بن محمد بن أبي المظفر السمعاني للسماع منه وذلك في سنة ٦١٥ فأحضرنا بطيخا ثم قال : أخرجوا سكاكينكم ، فقال أكثرنا : ليس معنا سكاكين ، فقال : أنشدنا شيخنا فلان الفازي وقد حضر البطّيخ إما قال لنفسه أو لغيره :

أحقّ الورى بالحزن عندي ثلاثة :

فتى لان حينا فالتحى فامتحى لينه

وحاضر معشوق وقد نام عضوه ،

وحاضر بطّيخ وقد ضاع سكّينه

٢٢٩

وفاز أيضا : من قرى طوس ، ينسب إليها أبو بكر محمد بن وكيع بن دوّاس الفازي وأحمد بن عبد الله ابن أحمد بن محمد بن عمر بن أبي حامد الفازي الصوفي ، سمع أبا بكر عبد الله بن محمد الفازي الخطيب وأبا الفتيان عمر بن عبد الكريم بن سعدويه الرّوّاس ، ذكره في التحبير.

فَاسُ : بالسين المهملة ، بلفظ فاس النجّار : مدينة مشهورة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر ، وهي حاضرة البحر وأجلّ مدنه قبل أن تختطّ مرّاكش ، وفاس مختطّة بين ثنيّتين عظيمتين وقد تصاعدت العمارة في جنبيها على الجبل حتى بلغت مستواها من رأسه وقد تفجّرت كلها عيونا تسيل إلى قرارة واديها إلى نهر متوسط مستنبط على الأرض منبجس من عيون في غربيها على ثلثي فرسخ منها بجزيرة دوي ثم ينساب يمينا وشمالا في مروج خضر فإذا انتهى النهر إلى المدينة طلب قرارتها فيفترق منه ثمانية أنهار تشقّ المدينة عليها نحو ستمائة رحى في داخل المدينة كلها دائرة لا تبطل ليلا ولا نهارا ، تدخل من تلك الأنهار في كل دار ساقية ماء كبار وصغار ، وليس بالمغرب مدينة يتخللها الماء غيرها إلا غرناطة بالأندلس ، وبفاس يصبغ الأرجوان والأكسية القرمزيّة ، وقلعتها في أرفع موضع فيها يشقّها نهر يسمى الماء المفروش إذا تجاوز القلعة أدار رحى هناك ، وفيها ثلاثة جوامع يخطب يوم الجمعة في جميعها ، قال أبو عبيد البكري : مدينة فاس مدينتان مفترقتان مسوّرتان ، وهي مدينتان : عدوة القرويّين وعدوة الأندلسيين ، وعلى باب دار الرجل رحاه وبستانه بأنواع الثمر وجداول الماء تخترق في داره ، وبالمدينتين أكثر من ثلاثمائة رحى وبها نحو عشرين حماما ، وهي أكثر بلاد المغرب يهودا يختلفون منها إلى جميع الآفاق ، ومن أمثال أهل المغرب : فاس بلد بلا ناس ، وكلتا عدوتي فاس في سفح جبل ، والنهر الذي بينهما مخرجه من عين في وسط بلد من عسرة على مسيرة نصف يوم من فاس ، وأسست عدوة الأندلسيين في سنة ١٩٢ وعدوة القرويّين في سنة ١٩٣ في ولاية إدريس بن إدريس ، ومات إدريس بمدينة وليلى من أرض فاس على مسافة يوم من جانب الغرب في سنة ٢١٣ ، وبعدوة الأندلسيين تفّاح حلو يعرف بالأطرابلسي جليل حسن الطعم يصلح بها ولا يصلح بعدوة القرويّين ، وسميد عدوة الأندلسيين أطيب من سميد القرويين لحذقهم بصنعته ، وكذلك رجال عدوة الأندلسيين أشجع وأنجب وأنجد من القرويين ، ونساؤهم أجمل من نساء القرويين ، ورجال القرويين أجمل من رجال الأندلسيين ، وفي كل واحدة من العدوتين جامع مفرد ، وقال محمد بن إسحاق المعروف بالجليلي :

يا عدوة القرويين التي كرمت ،

لا زال جانبك المحبوب ممطورا

ولا سرى الله عنها ثوب نعمته ،

أرض تجنبت الآثام والزورا

وقال إبراهيم بن محمد الأصيلي والد الفقيه أبي محمد عبد الله :

دخلت فاسا وبي شوق إلى فاس ،

والحين يأخذ بالعينين والراس

فلست أدخل فاسا ما حييت ولو

أعطيت فاسا بما فيها من الناس

وقال أحمد بن فتح قاضي تاهرت في قصيدة طويلة :

اسلح على كلّ فاسيّ مررت به

بالعدوتين معا ، لا تبقين أحدا

قوم غذوا اللّؤم حتى قال قائلهم :

من لا يكون لئيما لم يعش رغدا

٢٣٠

ومنها إلى سبتة عشرة أيام ، وسبتة أقرب منها إلى الشرق ، وقال البكّي يهجو أهل فاس :

فراق الهمّ عند خروج فاس

لكلّ ملمّة تخشى وباس

فأما أرضها فأجلّ أرض ،

وأما أهلها فأخسّ ناس

بلاد لم تكن وطنا لحرّ ،

ولا اشتملت على رجل مواسي

وله فيهم أيضا :

اطعن بأيرك من تلقى من الناس

من أرض مصر إلى أقصى قرى فاس

قوم يمصون ما في الأرض من نطف

مصّ الخليع زمان الورد للكاس

وله أيضا فيهم :

دخلت بلدة فاس

أسترزق الله فيهم

فما تيسر منهم

أنفقته في بنيهم

وقد نسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو عمر عمران بن موسى بن عيسى بن نجح الفاسي فقيه أهل القيروان في وقته ، نزل بها وكان قد سمع بالمغرب من جماعة ورحل وسمع بالمشرق جماعة من العلماء ، وكان من أهل الفضل والطلب وغيره.

فَاشَانُ : بالشين المعجمة ، وآخره نون : قرية من نواحي مرو رأيتها ، وقد نسب إليها طائفة من أهل العلم ، منهم : موسى بن حاتم الفاشاني ، حدث عن المقري وأبي الوزير ، حدث عنه محمود بن والان وغيره ، وينسب إلى المروزية أيضا أبو زيد محمد ابن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد الفاشاني الفقيه الشافعي المنقطع القرين في وقته ، تفقّه على أبي إسحاق المروزي ، وكان من أحفظ الناس لمذهب الشافعي وأحسنهم نظرا فيه وأزهدهم في الدنيا ، سمع الحديث من جماعة من أصحاب علي بن حجر وغيرهم وسمع صحيح البخاري من الفربري ، وروى عنه الحاكم أبو عبد الله والدارقطني ، ومات سنة ٣٧١ ثالث عشر رجب.

فَاشوق : بالقاف في آخره وشين معجمة ، من قرى بخارى ، عن السمعاني.

فَاشون : بالنون : موضع ببخارى ، عن العمراني.

فاضِجَةُ : بالضاد المعجمة ، والجيم ، كذا ضبطه أبو الفتح وقال : هي أرض في جبال ضرية ، بينها وبين ضرية تسعة أميال ، قال : وقيل بالحاء ، وهو أيضا أطم لبني النضير بالمدينة.

فَاضِحٌ : موضع قرب مكة عند أبي قبيس كان الناس يخرجون إليه لحاجاتهم ، سمّي بذلك لأن بني جرهم وبني قطوراء تحاربوا عنده فافتضحت قطوراء يومئذ وقتل رئيسهم السميدع فسمي بذلك ، وقال ابن الكلبي : إنما سمي فاضحا لأن جرهما والعماليق التقوا به فهزمت العماليق وقتلوا به فقال الناس افتضحوا به فسمي بذلك ، وهو عند سوق الرقيق إلى أسفل من ذلك. وفاضح : واد بالشريف شريف بني نمير بنجد ، قال الشاعر :

فإن لا تكن سيفا فإن هراوة

مقطّطة عجراء من طلح فاضح

قال ذلك رجل رأى قومه وقد جمعوا سلاحا فقالوا له : أين سيفك؟ فقال : هذا ، وأشار إلى عصاه ، وقال نصر : فاضح جبل قرب رئم وهو واد قرب المدينة.

٢٣١

فاطِمَابَاذ : من قرى همذان ، قال شيرويه : قيل إن مسجد جامع همذان كان بفاطماباذ وإنه كان بجنب المسجد الجامع اليوم كروم وزروع.

فاغ : بالغين معجمة : من قرى سمرقند.

فَافَانُ : بفاءين ، وآخره نون : موضع على دجلة تحت ميّافارقين يصبّ في دجلة عنده وادي الرّزم.

فَاقِرٌ : بالقاف مكسورة ، وراء ، وهو فاقر من الفقر أو من الفقار ، وهو خرز الظهر ، والفاقرة : الداهية التي تكسر الفقار ، ويوم فاقر : من أيام العرب ، ويجوز أن يكون افتقر فيه قوم أو كسر فيه فقار قوم فسمي بذلك.

فَاقُ : بالقاف ، هو في الأصل الجفنة المملوءة طعاما من قوله :

ترى الأضياف ينتجعون فاقي

وقيل : الفاق الزيت المطبوخ في قول الشمّاخ :

قامت تريك أثيث النبت منسدلا

مثل الأساود قد مسّحن بالفاق

وقال أبو عمرو : الفاق الصحراء ، وقال مرّة : هي أرض ، هذا اسم صريح ويجوز أن يكون مأخوذا من الفعل من فاق غيره يفوقهم إذا فضلهم ، وفاق : أرض في شعر أبي نجيد.

فَاقُوسُ : بالقاف ، وآخره سين مهملة ، يجوز أن يكون من قولهم : فقس الرجل إذا مات ، أو من تفقّس الفخّ على العصفور إذا انقلب على عنقه ، وفاقوس : اسم مدينة في حوف مصر الشرقي ، من مصر إلى مشتول ثمانية عشر ميلا ومن مشتول إلى سفط طرابية ثمانية عشر ميلا ومنها إلى مدينة فاقوس ثمانية عشر ميلا ، وهي في آخر ديار مصر من جهة الشام في الحوف الأقصى.

فَالِقٌ : قالوا : الفلق الصبح ، وقيل : الفلق الخلق في قوله تعالى : فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ، والفلق : المطمئنّ من الأرض بين المرتفعين ، والفلق : الفطرة ، والفلق : الشقّ ، ونخلة فالق إذا انشقّت عن الكافور وهو الطلع ، وفالق : اسم موضع بعينه ، قال الأصمعي : ومن منازل أبي بكر بن كلاب بنجد الفالق ، وهو مكان مطمئنّ بين حزمين به مويهة يقال لها ماء الفالق وجويّ جبل لبني أبي بكر بن كلاب ، ويقال : خليته بفالق الوركاء ، وهي رملة ، عن الأزهري والخارزنجي.

فَالُ : بعد الألف الساكنة لام : وهي قرية كبيرة شبيهة بالمدينة في آخر نواحي فارس من جهة الجنوب قرب سواحل البحر يمرّ بها القاصد إلى هرمز وإلى كيش على طريق هزو ، فهي على هذا فارسية وحظها من العربية ، يقال : رجل فال الرأي وفيله وفائله إذا كان ضعيفا ، قال جرير :

رأيتك يا أخيطل إن جرينا

وجرّبت الفراسة كنت فالا

والفال : عرق يستبطن الفخذين في قول امرئ القيس :

له حجبات مشرفات على الفال

وقيل : أراد الفائل لأنه أحد الفائلين ، والفأل ، بالهمز ، ضدّ الطيرة منهم من يجعله بمعناه.

فَالَةُ : بزيادة الهاء عن الذي قبله : بلدة قريبة من أيذج من بلاد خوزستان ، ينسب إليها أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عليّ بن سلّك الفالي المؤدّب ، سمع بالبصرة من القاضي أبي عمرو أحمد بن إسحاق بن جربان وحدث بشيء يسير ، ورأيت بالعراق خشبة في رأسها حديدة ذات ثلاثة شعب كالأصابع إلا أنها

٢٣٢

أطول يصطاد بها الدّرّاج يقال لها فالة وبالة ، وأظنها فارسيّة.

فَامِيَةُ : بعد الألف ميم ثم ياء مثناة من تحت خفيفة : مدينة كبيرة وكورة من سواحل حمص ، وقد يقال لها أفامية ، بالهمزة في أوله ، وقد ذكرت في موضعها ، وذكر قوم أن الأصل في فامية ثانية بالثاء المثلثة والنون ، وذاك أنها ثاني مدينة بنيت في الأرض بعد الطوفان ، قال البلاذري : سار أبو عبيدة في سنة ١٧ بعد افتتاح شيزر إلى فامية فتلقّاه أهلها بالصلح فصالحهم على الجزية والخراج ، وقال العساكريّ : عبد القدّوس بن الريّان بن إسماعيل البهراني قاضي فامية سمع بدمشق محمد بن عائذ وبغيرها عبيد بن جنّاد ، روى عنه أبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان الرّسعني الورّاق ، وفامية أيضا : قرية من قرى واسط بناحية فم الصّلح ، ينسب إليها أبو عبد الله عمر بن إدريس الصلحي ثم الفامي ، حدث عن أبي مسلم الكجّي ، روى عنه أبو العلاء محمد بن يعقوب الواسطي ، سكن بغداد وحدث بها ، وذكر أحمد ابن أبي طاهر أنه رفع إلى المأمون أن رجلا من الرعية لزم بلجام رجل من الجند يطالبه بحقّ له فقنّعه بالسوط فصاح الفاميّ : وا عمراه ذهب العدل منذ ذهبت! فرفع ذلك إلى المأمون فأمر بإحضارهما ، فقال للجنديّ : ما لك وله؟ فقال : إن هذا رجل كنت أعامله وفضل له عليّ شيء من النفقة فلقيني على الجسر فطالبني فقلت إني أريد دار السلطان فإذا رجعت وفيتك ، فقال : لو جاء السلطان ما تركتك ، فلما ذكر الخلافة يا أمير المؤمنين لم أتمالك أن فعلت ما فعلت ، فقال للرجل : ما تقول فيما يقول؟ فقال : كذب عليّ وقال الباطل ، فقال الجنديّ : إن لي جماعة يشهدون إن أمر أمير المؤمنين بإحضارهم أحضرتهم ، فقال المأمون : ممن أنت؟ قال : من أهل فامية ، فقال : أما عمر بن الخطاب فكان يقول من كان جاره نبطيّا واحتاج إلى ثمنه فليبعه ، فان كنت انما طلبت سيرة عمر فهذا حكمه في أهل فامية ، ثم أمر له بألف درهم وأطلقه ، وهذه فامية التي عند واسط بغير شكّ ، قال عيسى بن سعدان الحلبي شاعر معاصر يذكر فامية :

يا دار علوة ما جيدي بمنعطف

إلى سواك ، ولا قلبي بمنجذب

ويا قرى الشام من ليلون لا بخلت

على بلادكم هطّالة السّحب

ما مرّ برقك مجتازا على بصري

إلّا وذكّرني الدارين من حلب

ليت العواصم من شرقيّ فامية

أهدت إليّ نسيم البان والغرب

ما كان أطيب أيّامي بقربهم

حتى رمتني عوادي الدهر من كشب

وقد اختلف في أبي جعفر أحمد بن محمد بن حميد المقرئي الفامي الملقّب بالفيل فقيل هو منسوب إلى الصنعة وقيل إلى البلدة ، أخذ عرضا عن أبي جعفر عمرو بن الصّبّاح بن صبيح الضرير الكوفي عن أبي عمر حفص بن سليمان بن المغيرة البزّاز الأسدي عن عاصم بن أبي النّجود الأسدي ، وأخذ أيضا عن يحيى ابن هاشم بن أبي كبير الغسّاني السمسار عن حمزة بن حبيب الزّيّات ، وسمع عليّ بن عاصم بن عليّ بن عاصم وآخرين ، روى عنه أبو بكر محمد بن خلف ابن حيّان ووكيع القاضي البغدادي خليفة عبدان على قضاء الأهواز وأبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد البغدادي وأبو عبد الله محمد بن جعفر بن أبي

٢٣٣

أميّة الكوفي وأحمد بن عبد الرحمن بن البحتري الدّقّاق المعروف بالوليّ ، وقال : الوليّ هذا هو من فامية وكان يلقّب فيلا لعظم خلقته ، توفي سنة ٢٨٧ ، وقرأ على عمرو بن الصّبّاح في سنة ٢١٨ ، وقال غيره : ٢٢٠ ، ومات عمرو هذا سنة ٢٢١ ، وكان يتولى فامية رجل كرديّ يقال له أبو الحجر المؤمل بن المصبّح نحو أربعين سنة من قبل الخليفة ، فلما حضر القرمطيّ في سنة ٢٩٠ بالشام مال إليه وأغراه بأهل المعرّة حتى قتلهم قتلا ذريعا ، فلما قتل القرمطيّ أسرى إلى هذا الكردي إبراهيم وأنجو ابنا يوسف القصصي فأوقعا به فهرب منهما حتى ألقى نفسه في بحيرة أفامية فأقام بها أيّاما وقتل ابنه ، فقال فيه بعض شعراء المعرّة :

توهّم الحرب شطرنجا يقلّبها

للقمر ينقل منه الرّخّ والشّاها

جازت هزيمته أنهار فامية

إلى البحيرة حتى غطّ في ماها

فامِينُ : بالميم مكسورة ، وياء مثناة من تحت ، ونون : من قرى بخارى.

فَأوٌ : بعد الفاء همزة ساكنة ثم واو صحيحة ، قال أبو عبيد : الفأو ما بين الجبلين ، قال ذو الرّمّة :

حتى انفأ الفأو عن أعناقها سحّرا

انفأ : انكشف ، قال الأزهري : الفأو في بيت ذي الرّمّة طريق بين قارتين بناحية الدّوّ بينهما فجّ واسع يقال له فأو الرّيّان ، وقد مررت به ،

فَاوُ : بسكون الألف ، والواو صحيحة معرّبه ، كلمة قبطية : قرية بالصعيد شرقي النيل في البرّ تعرف بابن شاكر أمير من أمراء العرب ، وفيها دير أبي بخوم ، وبالصعيد أخرى يقال لها قاو ، بالقاف ، ذكرت في موضعها.

فَاوَةُ : من مخاليف الطائف.

فَايَا : كورة بين منبج وحلب كبيرة وهي من أعمال منبج في جهة قبلتها قرب وادي بطنان ولها قرى عامرة فيها بساتين ومياه جارية ، ينسب إليها القاضي أبو المعالي رافع بن عبد الله بن نصر بن سلمان الحنفي الفايائي ، سمع البرهان أبا الحسن عليّ بن محمد البلخي الحنفي ، سمع منه عبد القادر الرّهاوي وروى عنه.

الفائحَةُ : من نواحي اليمامة ، وهو سهل حزن.

فَائِدٌ : بعد الألف ياء مهموزة ، ودال مهملة ، يجوز أن يكون من قولهم : فأدت الصيد أفأده فأدا إذا أصبت فؤاده فأنا فائده ، وفأدت الخبز أفأده إذا خبزته في الملّة وأنا فائد ، وفائد : اسم جبل في طريق مكة سمي باسم رجل يقال له فائد ، ذكرت قصّته في أجإ من هذا الكتاب.

فائِشٌ : بعد الألف ياء مهموزة ، يقال : جاءوا يتفايشون أي يتفاخرون ، وفائش : واد في أرض اليمن وبه سمي سلامة بن يزيد بن عريب بن تريم بن مرثد الحميري ذا فائش ، وكان هذا الوادي له أو لأبيه ، والله الموفق للصواب.

باب الفاء والباء وما يليهما

فُبٌّ : بالضم ثم التشديد : موضع بالكوفة ، وقيل : بطن من همدان ، ينسب إليها سعدان بن بشر الفبّيّ ، وقيل : اسمه سعيد وسعدان لقب ، والله أعلم.

باب الفاء والتاء وما يليهما

الفُتَاتُ : من نواحي مراد ، قال كعب بن الحارث المرادي : ألم تربع على طلل الفتات فتقضي ما استطعت من البتات؟

٢٣٤

عداني أن أزورك حرب قوم

وأنباء طرقن مشمّرات

فِتَاخٌ : بالكسر ، وآخره خاء معجمة ، يجوز أن يكون جمع فتخ مثل زند وزناد وهو اللين ، ويقال للبراجم إذا كان فيها لين فتخ ، ويجوز أن يكون جمع فتخ مثل جمل وجمال ، والفتخ في الرّجلين : طول العظم وقلّة اللحم ، وقيل غير ذلك ، وفتاخ : أرض بالدهناء ذات رمال كأنها للينها سميت بذلك ، قال ذو الرمة :

لميّة ، إذ ميّ ، مغان تحلّها

فتاخ وحزوى في الخليط المجاور

وقال أيضا :

رأيتهم وقد جعلوا فتاخا

وأجرعه المقابلة الشّمالا

فِتَاقٌ : بالكسر ، وآخره قاف ، وهو جمع فتق ، وهو الموضع الذي لم يمطر وقد مطر ما حوله ، والفتاق : انفتاق الغيم عن الشمس ، والفتاق : أصل الليف الأبيض يشبه الوجه لنقائه ، والفتاق : خميرة ضخمة لا يلبث العجين إذا نزلت فيه أن يدرك ، والفتاق : أدوية مدقوقة تفتق وتخلط بدهن الزّنبق كي تفوح ريحه ، وفتاق : موضع في شعر الحارث بن حلّزة ، وفي قول الأعشى :

أتاني ، وغور الحوش بيني وبينه ،

كرانس من جنبي فتاق فأبلقا

وقال الراعي :

تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن

تحمّلن من جنبي فتاق فثهمد؟

فُتُقُ : بضم أوله وثانيه ، وآخره قاف ، كأنه جمع لشيء من الذي قبله مثل جدار وجدر وحمار وحمر : قرية بالطائف ، وفي كتب المغازي : أن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، سيّر قطبة بن عامر بن حديدة إلى تبالة ليغير على خثعم في سنة تسع فسلك على موضع يقال له فتق ، وقرأت بخط بعض الفضلاء : الفتق من مخاليف الطائف ، بفتح الفاء وسكون التاء ، وفي كتاب الأصمعي في ذكر نواحي الطائف فقال : وقرية الفتق.

فَتْكٌ : بالفتح ثم السكون ، وآخره كاف ، وهو أن يأتي الرجل صاحبه وهو غارّ غافل فيقتله ، وفتك : ماء بأجإ أحد جبلي طيّء ، قال زيد الخيل :

منعنا بين شرق إلى المطالي

بحيّ ذي مكابرة عنود

نزلنا بين فتك والخلاقى

بحيّ ذي مدارأة شديد

وحلّت سنبس طلح الغبارى

وقد رغبت بنصر بني لبيد

الفَتِينُ : في نوادر أبي عمرو الشيباني :

وما شنّ من وادي الفتين مشرّقا

فهيمانه لم ترعه أمّ كاسب

أمّ كاسب : امرأة ، وهيمانه : جباله ، وما شنّ : ما انفرد.

باب الفاء والجيم وما يليهما

فَجٌّ : موضع أو جبل في ديار سليم بن منصور ، عن أبي الفتح.

فَجُّ حَيْوَةَ : فجّ ، بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وحيوة ، بفتح الحاء ، وسكون الياء ، وفتح الواو ، والفجّ : الطريق الواسع بين الجبلين ، وجمعه فجاج ثم كلّ طريق فجّ ، والفجّ : الذي لم يبلغ من

٢٣٥

البطيخ والفواكه وغيرها ، وأما حيوة فشاذ في بابه لأن الياء والواو إذا التقتا وسبقت إحداهما بالسكون وجب إدغامها وأظهرت ههنا لئلا يلتبس بالحية ، وحيوة : اسم رجل ، وفجّ حيوة : موضع بالأندلس من أعمال طليطلة.

فَجُّ الرَّوْحاء : قد تقدم اشتقاقهما في موضعهما ، وفجّ الروحاء : بين مكة والمدينة كان طريق رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، إلى بدر وإلى مكة عام الفتح وعام الحجّ.

فَجّ زَيْدَانَ : بلد مطلّ على مدينة طبنة بإفريقية ، وإياه عنى عبد الله السبيعي بقوله :

من كان مغتبطا بلين حشيّة

فحشيّتي وأريكتي سرجي

من كان يعجبه ويبهجه

نقر الدّفوف ورنّة الصّنج

فأنا الذي لا شيء يعجبني

إلّا اقتحامي لجّة الرّهج

سل عن جيوشي إذ طلعت بها

يوم الخميس ضحى من الفجّ

الفُجَيْرَةُ : بضم أوله ، بلفظ تصغير فجرة للواحدة من الفجور : اسم موضع.

فَجْكَشُ : قرية بربع الرّيوند من أرباع نواحي نيسابور ، منها محمد بن الحسن بن عليّ بن عبد الرحمن ابن التّيلويه أبو الفضائل المعيني الريوندي الفجكشي الضرير الأديب ، شيخ فاضل عارف باللغة والأدب يقرأ الناس عليه ، سمع أبا الفتيان عمر بن عبد الكريم الرّوّاس ، كتب عنه أبو سعد وأبو القاسم الدمشقي وكانت ولادته بفجكش ، ومات بنيسابور في شوّال سنة ٥٣٧.

باب الفاء والحاء وما يليهما

الفَحْصُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره صاد مهملة : بالمغرب من أرض الأندلس مواضع عدة تسمى الفحص ، وسألت بعض أهل الأندلس : ما تعنون به؟ فقال : كل موضع يسكن سهلا كان أو جبلا بشرط أن يزرع نسميه فحصا ثم صار علما لعدة مواضع ، فأما في لغة العرب فالفحص شدة الطلب خلال كل شيء ، ومفحص القطاة : موضع بيضها ، والدجاجة تفحص برجلها لتتخذ أفحوصة تبيض فيها أو تجثم ، والفحص : ناحية كبيرة من أعمال طليطلة ثم عمل طلبيرة. والفحص أيضا : إقليم من أقاليم أكشونية. والفحص أيضا : إقليم بإشبيلية.

وفحص البلوط ذكر في البلوط. وفحص الأجم : حصن منيع من نواحي إفريقية. وفحص سورنجين : بطرابلس ، ذكر في سورنجين.

الفَحْفَاحُ : بفتح أوله ، وتكرير الفاء والحاء أيضا ، الفحفاح : الأبحّ من الرجال ، لا أعرف فيه غيره : وهو اسم نهر في الجنة ، وذكره ههنا بارد إلا أنه خير من مكانه بياض.

فَحْفَح : قال أبو موسى في مشيخته : سألت عبد الحكيم الفحفحي عن نسبه فقال : ننسب إلى فحفح ناحية من الكرخ في طريق بغداد كان أبي منها.

الفَحْلاء : بالفتح ثم السكون ، والمدّ ، والفحل من صفة الذكور ، وفحلاء من صفات الإناث ، فإن لم يكن أريد به تأنيث الأرض فلا أدري ما هو : وهو اسم موضع.

فَحِلٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، لعله منقول عن الفعل الماضي من فحل يفحل إذا صار فحلا : وهو اسم

٢٣٦

موضع ، حكاه أبو الحسن الخوارزمي.

فَحْلٌ : بالفتح ثم السكون ، واللام ، بلفظ فحل الإبل وفحل النخل ، وفحل : جبل بتهامة يصبّ منه واد يسمى شجوة ، وقيل : فحل جبل لهذيل ، وقال الأصمعي وهو يعد جبال هذيل فقال : ولهم جبل يقال له فحل يصب منه واد يقال له شجوة وأسفله لقوم من بني أمية بالأردنّ قرب طبرية.

فِحْلٌ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره لام : اسم موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم ، ويوم فحل مذكور في الفتوح وأظنه عجميّا لم أره في كلام العرب ، قتل فيه ثمانون ألفا من الروم وكان بعد فتح دمشق في عام واحد ، قال القعقاع بن عمرو التميمي.

كم من أب لي قد ورثت فعاله

جمّ المكارم بحره تيّار

وغداة فحل قد رأوني معلما ،

والخيل تنحط والبلا أطوار

ما زالت الخيل العراب تدوسهم

في حوم فحل والهبا موّار

حتى رمين سراتهم عن أسرهم

في روعة ما بعدها استمرار

وكان يوم فحل يسمى يوم الرّدغة أيضا ويوم بيسان.

الفَحْلان : جبلان من أجإ مشتهبان إلى الحمرة.

فَحْلَين : بلفظ تثنية الذي قبله : موضع في جبل أحد ، قال القتال الكلابي :

عبد السلام تأمّل هل ترى ظعنا؟

إني كبرت وأنت اليوم ذو بصر

لا يبعد الله فتيانا أقول لهم

بالأبرق الفرد لما فاتهم نظري :

يا هل تراءى بأعلى عاسم ظعن

نكّبن فحلين واستقبلن ذا بقر؟

صلّى على عمرة الرحمن وابنتها

ليلى وصلى على جاراتها الأخر

هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة ،

سود المحاجر لا يقرأن بالسّور

الفَحْلَتانِ : في غزاة زيد بن حارثة إلى بني جذام : قدم رفاعة بن زيد الى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فشكا ما صنع بهم زيد بن حارثة وكان رفاعة ابن زيد قد أسلم ورجع إلى قومه ، فأنفذ رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، عليّا إلى زيد ينزع ما في يده ويد أصحابه ويرده إلى أربابه ، فسار فلقي الجيش بفيفاء الفحلتين فأخذ ما في أيديهم حتى كانوا ينزعون لبد الرحل من تحت المرأة.

باب الفاء والخاء وما يليهما

فَخٌّ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، والفخ : الذي يصاد به الطير معرّب وليس بعربي واسمه بالعربية طرق : وهو واد بمكة ، وقال السيد عليّ : الفخ وادي الزاهر ، ويروى قول بلال :

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

بفخ وعندي إذخر وجليل؟

ويوم فخّ كان أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، خرج يدعو إلى نفسه في ذي القعدة سنة ١٦٩ وبايعه جماعة من العلويين بالخلافة بالمدينة وخرج إلى مكة فلما كان بفخ لقيته جيوش بني العباس وعليهم العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وغيره فالتقوا يوم التروية سنة ١٦٩ فبذلوا الأمان له ، فقال : الأمان أريد ،

٢٣٧

فيقال إن مباركا التركي رشقه بسهم فمات وحمل رأسه إلى الهادي وقتلوا جماعة من عسكره وأهل بيته فبقي قتلاهم ثلاثة أيام حتى أكلتهم السباع ، ولهذا يقال لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشدّ وأفجع من فخ ، قال عيسى بن عبد الله يرثي أصحاب فخ :

فلأبكينّ على الحسي

ن بعولة وعلى الحسن

وعلى ابن عاتكة الذي

واروه ليس بذي كفن

تركوا بفخّ غدوة

في غير منزلة الوطن

كانوا كراما هيّجوا ،

لا طائشين ولا جبن

غسلوا المذلّة عنهم

غسل الثياب من الدّرن

هدي العباد بجدّهم ،

فلهم على الناس المنن

وأنشد موسى بن داود بن سلم لأبيه في أصحاب فخ :

يا عين بكّي بدمع منك منهمر ،

فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن

صرعى بفخ تجرّ الريح فوقهم

أذيالها وغوادي دلّح المزن

حتى عفت أعظم لو كان شاهدها

محمد ذبّ عنها ثم لم تهن

وفي هذا الموضع دفن عبد الله بن عمر ونفر من الصحابة الكرام. وفخ أيضا : ماء أقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عظيم بن الحارث المحاربي ، حكى ذلك الحازمي.

فَخْرَابَاذ : كان فخر الدولة بن ركن الدولة بن بويه الديلمي قد استأنف عمارة قلعة الريّ القديمة وأحكم بناءها وعظّم قصورها وخزائنها وحصّنها وشحنها بالأسلحة والذخائر وسماها فخراباذ ، وهي مشرفة على البساتين والمياه الجارية أنزه شيء يكون ، وأظنها قلعة طبرك ، والله أعلم. وفخراباذ أيضا : من قرى نيسابور

باب الفاء والدال وما يليهما

فَدّانُ : قرية من أعمال حرّان بالجزيرة ، يقال بها ولد إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، والصحيح أن مولده بأرض بابل ، وتل فدّان : بحرّان أظنه منسوبا إلى هذه القرية.

فَدَكُ : بالتحريك ، وآخره كاف ، قال ابن دريد : فدّكت القطن تفديكا إذا نفشته ، وفدك : قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان ، وقيل ثلاثة ، أفاءها الله على رسوله ، صلّى الله عليه وسلّم ، في سنة سبع صلحا ، وذلك أن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا ثلث واشتد بهم الحصار راسلوا رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل ، وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك ، فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وفيها عين فوّارة ونخيل كثيرة ، وهي التي قالت فاطمة ، رضي الله عنها : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، نحلنيها ، فقال أبو بكر ، رضي الله عنه : أريد لذلك شهودا ، ولها قصة ، ثم أدى اجتهاد عمر ابن الخطاب بعده لما ولي الخلافة وفتحت الفتوح واتسعت على المسلمين أن يردّها إلى ورثة رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، فكان علي بن أبي طالب ، رضي

٢٣٨

الله عنه ، والعباس بن عبد المطلب يتنازعان فيها ، فكان عليّ يقول : إن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، جعلها في حياته لفاطمة ، وكان العباس يأبى ذلك ويقول : هي ملك لرسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وأنا وارثه ، فكانا يتخاصمان إلى عمر ، رضي الله عنه ، فيأبى أن يحكم بينهما ويقول : أنتما أعرف بشأنكما أما أنا فقد سلمتها إليكما فاقتصدا فيما يؤتى واحد منكما من قلة معرفة ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إلى عامله بالمدينة يأمره بردّ فدك إلى ولد فاطمة ، رضي الله عنها ، فكانت في أيديهم في أيام عمر بن عبد العزيز ، فلما ولي يزيد بن عبد الملك قبضها فلم تزل في أيدي بني أمية حتى ولي أبو العباس السفّاح الخلافة فدفعها إلى الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فكان هو القيّم عليها يفرّقها في بني علي بن أبي طالب ، فلما ولي المنصور وخرج عليه بنو الحسن قبضها عنهم ، فلما ولي المهدي بن المنصور الخلافة أعادها عليهم ثم قبضها موسى الهادي ومن بعده إلى أيام المأمون فجاءه رسول بني علي بن أبي طالب فطالب بها فأمر أن يسجّل لهم بها ، فكتب السجلّ وقرئ على المأمون ، فقام دعبل الشاعر وأنشد :

أصبح وجه الزمان قد ضحكا

بردّ مأمون هاشم فدكا

وفي فدك اختلاف كثير في أمره بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وآل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ومن رواة خبرها من رواه بحسب الأهواء وشدة المراء ، وأصح ما ورد عندي في ذلك ما ذكره أحمد بن جابر البلاذري في كتاب الفتوح له فانه قال : بعث رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، بعد منصرفه من خيبر إلى أرض فدك محيّصة بن مسعود ورئيس فدك يومئذ يوشع بن نون اليهودي يدعوهم إلى الإسلام فوجدهم مرعوبين خائفين لما بلغهم من أخذ خيبر فصالحوه على نصف الأرض بتربتها فقبل ذلك منهم وأمضاه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وصار خالصا له ، صلّى الله عليه وسلّم ، لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكان يصرف ما يأتيه منها في أبناء السبيل ، ولم يزل أهلها بها حتى أجلى عمر ، رضي الله عنه ، اليهود فوجّه إليهم من قوّم نصف التربة بقيمة عدل فدفعها إلى اليهود وأجلاهم إلى الشام ، وكان لما قبض رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قالت فاطمة ، رضي الله عنها ، لأبي بكر ، رضي الله عنه : إن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، جعل لي فدك فأعطني إياها ، وشهد لها علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فسألها شاهدا آخر فشهدت لها أمّ أيمن مولاة النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا يجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، فانصرفت ، وروي عن أمّ هانئ أن فاطمة أتت أبا بكر ، رضي الله عنه ، فقالت له : من يرثك؟ فقال : ولدي وأهلي ، فقالت له : فما بالك ورثت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، دوننا؟ فقال : يا بنت رسول الله ما ورثت ذهبا ولا فضة ولا كذا ولا كذا ولا كذا ، فقالت : سهمنا بخيبر وصدقتنا بفدك! فقال : يا بنت رسول الله سمعت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، يقول : إنما هي طعمة أطعمنيها الله تعالى حياتي فإذا متّ فهي بين المسلمين. وعن عروة بن الزبير : أن أزواج رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، أرسلن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألن مواريثهن من سهم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، يقول : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة ، إنما هذا المال لآل

٢٣٩

محمد لنائبتهم وضيفهم فإذا متّ فهو إلى والي الأمر من بعدي ، فأمسكن ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز خطب الناس وقصّ قصة فدك وخلوصها لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأنه كان ينفق منها ويضع فضلها في أبناء السبيل ، وذكر أن فاطمة سألته أن يهبها لها فأبى وقال : ما كان لك أن تسأليني وما كان لي أن أعطيك ، وكان يضع ما يأتيه منها في أبناء السبيل ، وإنه ، عليه الصلاة والسلام ، لما قبض فعل أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ مثله ، فلما ولي معاوية أقطعها مروان بن الحكم ، وإن مروان وهبها لعبد العزيز ولعبد الملك ابنيه ثم إنها صارت لي وللوليد وسليمان ، وإنه لما ولي الوليد سألته فوهبها لي وسألت سليمان حصته فوهبها لي أيضا فاستجمعتها ، وإنه ما كان لي مال أحبّ إليّ منها ، وإنني أشهدكم أنني رددتها على ما كانت عليه في أيام النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، وأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ، فكان يأخذ مالها هو ومن بعده فيخرجه في أبناء السبيل ، فلما كانت سنة ٢١٠ أمر المأمون بدفعها إلى ولد فاطمة وكتب إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة أنه كان رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، أعطى ابنته فاطمة ، رضي الله عنها ، فدك وتصدّق عليها بها وأن ذلك كان أمرا ظاهرا معروفا عند آله ، عليه الصلاة والسلام ، ثم لم تزل فاطمة تدعي منه بما هي أولى من صدّق عليه ، وأنه قد رأى ردّها إلى ورثتها وتسليمها إلى محمد بن يحيى ابن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ومحمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، ليقوما بها لأهلهما ، فلما استخلف جعفر المتوكل ردّها إلى ما كانت عليه في عهد رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعمر بن عبد العزيز ومن بعده من الخلفاء ، وقال الزجاجي : سميت بفدك ابن حام وكان أول من نزلها ، وقد ذكر غير ذلك وهو في ترجمة أجإ ، وينسب إليها أبو عبد الله محمد بن صدقة الفدكي ، سمع مالك بن أنس ، روى عنه إبراهيم بن المنذر الحزامي وكان مدنّسا ، وقال زهير :

لئن حللت بجوّ في بني أسد

في دين عمرو وحالت بيننا فدك

ليأتينّك منّي منطق قذع

باق كما دنّس القبطيّة الودك

فُدَيْكٌ : تصغير الذي قبله ، قال العمراني : هو موضع.

الفُدَيْنُ : تصغير الفدن ، وهو القصر المشيّد : وهو قرية على شاطئ الخابور ما بين ماكسين وقرقيسيا كانت بها وقعة.

الفَدَّيْنُ : استوفد الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان فقهاء من أهل المدينة فيهم عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، يستفتيهم عن الطلاق قبل النكاح فمات عبد الرحمن بالفدّين من أرض حوران ودفن بها ، وسعيد بن خالد ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية الأموي العثماني الفدّيني خرج في أيام المأمون وادعى الخلافة بعد أبي العميطر علي بن يحيى ، خرج وأغار على ضياع بني شرنبث السعدي وجعل يطلب القيسيّة ويقتلهم ويتعصب لأهل اليمن فوجّه إليه يحيى بن صالح في جيش فلما كان بالقرب من حصنه المعروف بالفدّين هرب منه العثماني فوقف يحيى بن صالح على الحصن حتى هدمه وخرّب زيزاء وتحصن العثماني في عمان في قرية يقال لها ماسوح وصار يحيى بن صالح إلى عمان واستمدّ العثماني بزيوندية

٢٤٠